تفسير سورة سورة هود من كتاب الجامع لأحكام القرآن
.
لمؤلفه
القرطبي
.
المتوفي سنة 671 هـ
ﰡ
الر
سُورَة هُود : مَكِّيَّة إِلَّا الْآيَات
١١٤ -
١٧ - ١٢ فَمَدَنِيَّة وَآيَاتهَا ١٢٣ نَزَلَتْ بَعْد يُونُس
مَكِّيَّة فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَجَابِر.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة ; وَهِيَ قَوْله تَعَالَى :" وَأَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار " [ هُود : ١١٤ ].
وَأَسْنَدَ أَبُو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ فِي مُسْنَده عَنْ كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اِقْرَءُوا سُورَة هُود يَوْم الْجُمُعَة ).
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : يَا رَسُول اللَّه قَدْ شِبْت ! قَالَ :( شَيَّبَتْنِي هُود وَالْوَاقِعَة وَالْمُرْسَلَات وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ ).
قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب، وَقَدْ رُوِيَ شَيْء مِنْ هَذَا مُرْسَلًا.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم أَبُو عَبْد اللَّه فِي " نَوَادِر الْأُصُول " : حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بِشْر عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي جُحَيْفَة قَالَ : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه نَرَاك قَدْ شِبْت ! قَالَ :( شَيَّبَتْنِي هُود وَأَخَوَاتهَا ).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : فَالْفَزَع يُورِث الشَّيْب وَذَلِكَ أَنَّ الْفَزَع يُذْهِل النَّفْس فَيُنَشِّف رُطُوبَة الْجَسَد، وَتَحْت كُلّ شَعْرَة مَنْبَع، وَمِنْهُ يَعْرَق، فَإِذَا اِنْتَشَفَ الْفَزَع رُطُوبَته يَبِسَتْ الْمَنَابِع فَيَبِسَ الشَّعْر وَابْيَضَّ ; كَمَا تَرَى الزَّرْع الْأَخْضَر بِسِقَائِهِ، فَإِذَا ذَهَبَ سِقَاؤُهُ يَبِسَ فَابْيَضَّ ; وَإِنَّمَا يَبْيَضّ شَعْر الشَّيْخ لِذَهَابِ رُطُوبَته وَيُبْس جِلْده، فَالنَّفْس تَذْهَل بِوَعِيدِ اللَّه، وَأَهْوَال مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَر عَنْ اللَّه، فَتَذْبُل، وَيُنَشِّف مَاءَهَا ذَلِكَ الْوَعِيد وَالْهَوْل الَّذِي جَاءَ بِهِ ; فَمِنْهُ تَشِيب.
وَقَالَ اللَّه تَعَالَى :" يَوْمًا يَجْعَل الْوِلْدَان شِيبًا " [ الْمُزَّمِّل : ١٧ ] فَإِنَّمَا شَابُوا مِنْ الْفَزَع.
وَأَمَّا سُورَة " هُود " فَلَمَّا ذَكَرَ الْأُمَم، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَاجِل بَأْس اللَّه تَعَالَى، فَأَهْل الْيَقِين إِذَا تَلَوْهَا تَرَاءَى عَلَى قُلُوبهمْ مِنْ مُلْكه وَسُلْطَانه وَلَحَظَاته الْبَطْش بِأَعْدَائِهِ، فَلَوْ مَاتُوا مِنْ الْفَزَع لَحَقَّ لَهُمْ ; وَلَكِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى اِسْمه يَلْطُف بِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَحَايِين حَتَّى يَقْرَءُوا كَلَامه.
وَأَمَّا أَخَوَاتهَا فَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ السُّوَر ; مِثْل " الْحَاقَّة " [ الْحَاقَّة : ١ ] و " سَأَلَ سَائِل " [ الْمَعَارِج : ١ ] و " إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ " [ التَّكْوِير : ١ ] و " الْقَارِعَة " [ الْقَارِعَة : ١ ]، فَفِي تِلَاوَة هَذِهِ السُّوَر مَا يَكْشِف لِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ سُلْطَانه وَبَطْشه فَتَذْهَل مِنْهُ النُّفُوس، وَتَشِيب مِنْهُ الرُّءُوس.
[ قُلْت ] وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الَّذِي شَيَّبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُورَة " هُود " قَوْله :" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت " [ هُود : ١١٢ ] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
سُورَة هُود : مَكِّيَّة إِلَّا الْآيَات
١١٤ -
١٧ - ١٢ فَمَدَنِيَّة وَآيَاتهَا ١٢٣ نَزَلَتْ بَعْد يُونُس
مَكِّيَّة فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَجَابِر.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة ; وَهِيَ قَوْله تَعَالَى :" وَأَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار " [ هُود : ١١٤ ].
وَأَسْنَدَ أَبُو مُحَمَّد الدَّارِمِيّ فِي مُسْنَده عَنْ كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اِقْرَءُوا سُورَة هُود يَوْم الْجُمُعَة ).
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : يَا رَسُول اللَّه قَدْ شِبْت ! قَالَ :( شَيَّبَتْنِي هُود وَالْوَاقِعَة وَالْمُرْسَلَات وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ ).
قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب، وَقَدْ رُوِيَ شَيْء مِنْ هَذَا مُرْسَلًا.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم أَبُو عَبْد اللَّه فِي " نَوَادِر الْأُصُول " : حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بِشْر عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي جُحَيْفَة قَالَ : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه نَرَاك قَدْ شِبْت ! قَالَ :( شَيَّبَتْنِي هُود وَأَخَوَاتهَا ).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه : فَالْفَزَع يُورِث الشَّيْب وَذَلِكَ أَنَّ الْفَزَع يُذْهِل النَّفْس فَيُنَشِّف رُطُوبَة الْجَسَد، وَتَحْت كُلّ شَعْرَة مَنْبَع، وَمِنْهُ يَعْرَق، فَإِذَا اِنْتَشَفَ الْفَزَع رُطُوبَته يَبِسَتْ الْمَنَابِع فَيَبِسَ الشَّعْر وَابْيَضَّ ; كَمَا تَرَى الزَّرْع الْأَخْضَر بِسِقَائِهِ، فَإِذَا ذَهَبَ سِقَاؤُهُ يَبِسَ فَابْيَضَّ ; وَإِنَّمَا يَبْيَضّ شَعْر الشَّيْخ لِذَهَابِ رُطُوبَته وَيُبْس جِلْده، فَالنَّفْس تَذْهَل بِوَعِيدِ اللَّه، وَأَهْوَال مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَر عَنْ اللَّه، فَتَذْبُل، وَيُنَشِّف مَاءَهَا ذَلِكَ الْوَعِيد وَالْهَوْل الَّذِي جَاءَ بِهِ ; فَمِنْهُ تَشِيب.
وَقَالَ اللَّه تَعَالَى :" يَوْمًا يَجْعَل الْوِلْدَان شِيبًا " [ الْمُزَّمِّل : ١٧ ] فَإِنَّمَا شَابُوا مِنْ الْفَزَع.
وَأَمَّا سُورَة " هُود " فَلَمَّا ذَكَرَ الْأُمَم، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَاجِل بَأْس اللَّه تَعَالَى، فَأَهْل الْيَقِين إِذَا تَلَوْهَا تَرَاءَى عَلَى قُلُوبهمْ مِنْ مُلْكه وَسُلْطَانه وَلَحَظَاته الْبَطْش بِأَعْدَائِهِ، فَلَوْ مَاتُوا مِنْ الْفَزَع لَحَقَّ لَهُمْ ; وَلَكِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى اِسْمه يَلْطُف بِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَحَايِين حَتَّى يَقْرَءُوا كَلَامه.
وَأَمَّا أَخَوَاتهَا فَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ السُّوَر ; مِثْل " الْحَاقَّة " [ الْحَاقَّة : ١ ] و " سَأَلَ سَائِل " [ الْمَعَارِج : ١ ] و " إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ " [ التَّكْوِير : ١ ] و " الْقَارِعَة " [ الْقَارِعَة : ١ ]، فَفِي تِلَاوَة هَذِهِ السُّوَر مَا يَكْشِف لِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ سُلْطَانه وَبَطْشه فَتَذْهَل مِنْهُ النُّفُوس، وَتَشِيب مِنْهُ الرُّءُوس.
[ قُلْت ] وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الَّذِي شَيَّبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُورَة " هُود " قَوْله :" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت " [ هُود : ١١٢ ] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَقَالَ يَزِيد بْن أَبَان : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي فَقَرَأْت عَلَيْهِ سُورَة " هُود " فَلَمَّا خَتَمْتهَا قَالَ :( يَا يَزِيد هَذِهِ الْقِرَاءَة فَأَيْنَ الْبُكَاء ).
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : قَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحَّاس : يُقَال هَذِهِ هُود فَاعْلَمْ بِغَيْرِ تَنْوِين عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; لِأَنَّك لَوْ سَمَّيْت اِمْرَأَة بِزَيْدٍ.
لَمْ تُصْرَف ; وَهَذَا قَوْل الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ.
وَعِيسَى بْن عُمَر يَقُول : هَذِهِ هُود بِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; وَكَذَا إِنْ سَمَّى اِمْرَأَة بِزَيْدٍ ; لِأَنَّهُ لَمَّا سَكَنَ وَسَطه خَفَّ فَصُرِفَ، فَإِنْ أَرَدْت الْحَذْف صَرَفْت عَلَى قَوْل الْجَمِيع، فَقُلْت : هَذِهِ هُود وَأَنْتَ تُرِيد سُورَة هُود ; قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا أَنَّك تَقُول هَذِهِ الرَّحْمَن، فَلَوْلَا أَنَّك تُرِيد هَذِهِ سُورَة الرَّحْمَن مَا قُلْت هَذِهِ.
قَالَ النَّحَّاس : قُرِئَ عَلَى اِبْن جَعْفَر أَحْمَد بْن شُعَيْب بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن حُرَيْث قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد أَنَّ عِكْرِمَة حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : الر، وحم، وَنُون، حُرُوف الرَّحْمَن مُفَرَّقَة ; فَحَدَّثْت بِهِ الْأَعْمَش فَقَالَ : عِنْدك أَشْبَاه هَذَا وَلَا تُخْبِرنِي بِهِ ؟ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ :" الر " أَنَا اللَّه أَرَى.
قَالَ النَّحَّاس : وَرَأَيْت أَبَا إِسْحَاق يَمِيل إِلَى هَذَا الْقَوْل ; لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى عَنْ الْعَرَب وَأَنْشَدَ :
وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة " الر " قَسَم.
وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة :" الر " اِسْم السُّورَة ; قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ هِجَاء فِي الْقُرْآن.
وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ فَوَاتِح السُّوَر.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن يَزِيد : هِيَ تَنْبِيه، وَكَذَا حُرُوف التَّهَجِّي.
وَقُرِئَ " الر " مِنْ غَيْر إِمَالَة.
وَقُرِئَ بِالْإِمَالَةِ لِئَلَّا تُشْبِه مَا وَلَا مِنْ الْحُرُوف.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : قَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحَّاس : يُقَال هَذِهِ هُود فَاعْلَمْ بِغَيْرِ تَنْوِين عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; لِأَنَّك لَوْ سَمَّيْت اِمْرَأَة بِزَيْدٍ.
لَمْ تُصْرَف ; وَهَذَا قَوْل الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ.
وَعِيسَى بْن عُمَر يَقُول : هَذِهِ هُود بِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلسُّورَةِ ; وَكَذَا إِنْ سَمَّى اِمْرَأَة بِزَيْدٍ ; لِأَنَّهُ لَمَّا سَكَنَ وَسَطه خَفَّ فَصُرِفَ، فَإِنْ أَرَدْت الْحَذْف صَرَفْت عَلَى قَوْل الْجَمِيع، فَقُلْت : هَذِهِ هُود وَأَنْتَ تُرِيد سُورَة هُود ; قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا أَنَّك تَقُول هَذِهِ الرَّحْمَن، فَلَوْلَا أَنَّك تُرِيد هَذِهِ سُورَة الرَّحْمَن مَا قُلْت هَذِهِ.
قَالَ النَّحَّاس : قُرِئَ عَلَى اِبْن جَعْفَر أَحْمَد بْن شُعَيْب بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن حُرَيْث قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيد أَنَّ عِكْرِمَة حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : الر، وحم، وَنُون، حُرُوف الرَّحْمَن مُفَرَّقَة ; فَحَدَّثْت بِهِ الْأَعْمَش فَقَالَ : عِنْدك أَشْبَاه هَذَا وَلَا تُخْبِرنِي بِهِ ؟ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ :" الر " أَنَا اللَّه أَرَى.
قَالَ النَّحَّاس : وَرَأَيْت أَبَا إِسْحَاق يَمِيل إِلَى هَذَا الْقَوْل ; لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى عَنْ الْعَرَب وَأَنْشَدَ :
بِالْخَيْرِ خَيْرَات إِنْ شَرًّا فَا | وَلَا أُرِيد الشَّرّ إِلَّا أَنْ تَا |
وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة :" الر " اِسْم السُّورَة ; قَالَ : وَكَذَلِكَ كُلّ هِجَاء فِي الْقُرْآن.
وَقَالَ مُجَاهِد : هِيَ فَوَاتِح السُّوَر.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن يَزِيد : هِيَ تَنْبِيه، وَكَذَا حُرُوف التَّهَجِّي.
وَقُرِئَ " الر " مِنْ غَيْر إِمَالَة.
وَقُرِئَ بِالْإِمَالَةِ لِئَلَّا تُشْبِه مَا وَلَا مِنْ الْحُرُوف.
كِتَابٌ
بِمَعْنَى هَذَا كِتَاب.
بِمَعْنَى هَذَا كِتَاب.
أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ
فِي مَوْضِع رَفْع نَعْت لِ" كِتَاب ".
وَأَحْسَن مَا قِيلَ فِي مَعْنَى " أُحْكِمَتْ آيَاته " قَوْل قَتَادَة أَيْ جُعِلَتْ مُحْكَمَة كُلّهَا لَا خَلَل فِيهَا وَلَا بَاطِل.
وَالْإِحْكَام مَنْع الْقَوْل مِنْ الْفَسَاد، أَيْ نُظِمَتْ نَظْمًا مُحْكَمًا لَا يَلْحَقهَا تَنَاقُض وَلَا خَلَل.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ لَمْ يَنْسَخهَا كِتَاب، بِخِلَافِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى : أَحْكَمَ بَعْض آيَاته بِأَنْ جَعَلَ نَاسِخًا غَيْر مَنْسُوخ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ.
وَقَدْ يَقَع اِسْم الْجِنْس عَلَى النَّوْع ; فَيُقَال : أَكَلْت طَعَام زَيْد ; أَيْ بَعْض طَعَامه.
وَقَالَ الْحَسَن وَأَبُو الْعَالِيَة :" أُحْكِمَتْ آيَاته " بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي.
فِي مَوْضِع رَفْع نَعْت لِ" كِتَاب ".
وَأَحْسَن مَا قِيلَ فِي مَعْنَى " أُحْكِمَتْ آيَاته " قَوْل قَتَادَة أَيْ جُعِلَتْ مُحْكَمَة كُلّهَا لَا خَلَل فِيهَا وَلَا بَاطِل.
وَالْإِحْكَام مَنْع الْقَوْل مِنْ الْفَسَاد، أَيْ نُظِمَتْ نَظْمًا مُحْكَمًا لَا يَلْحَقهَا تَنَاقُض وَلَا خَلَل.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ لَمْ يَنْسَخهَا كِتَاب، بِخِلَافِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى : أَحْكَمَ بَعْض آيَاته بِأَنْ جَعَلَ نَاسِخًا غَيْر مَنْسُوخ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ.
وَقَدْ يَقَع اِسْم الْجِنْس عَلَى النَّوْع ; فَيُقَال : أَكَلْت طَعَام زَيْد ; أَيْ بَعْض طَعَامه.
وَقَالَ الْحَسَن وَأَبُو الْعَالِيَة :" أُحْكِمَتْ آيَاته " بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي.
ثُمَّ فُصِّلَتْ
بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيد وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب.
وَقَالَ قَتَادَة : أَحْكَمَهَا اللَّه مِنْ الْبَاطِل، ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام.
مُجَاهِد : أُحْكِمَتْ جُمْلَة، ثُمَّ بُيِّنَتْ بِذِكْرِ آيَة آيَة بِجَمِيعِ مَا يُحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ الدَّلِيل عَلَى التَّوْحِيد وَالنُّبُوَّة وَالْبَعْث وَغَيْرهَا.
وَقِيلَ : جُمِعَتْ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، ثُمَّ فُصِّلَتْ فِي التَّنْزِيل.
وَقِيلَ :" فُصِّلَتْ " أُنْزِلَتْ نَجْمًا نَجْمًا لِتُتَدَبَّر.
وَقَرَأَ عِكْرِمَة " فُصِلَتْ " مُخَفَّفًا أَيْ حُكِمَتْ بِالْحَقِّ.
بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيد وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب.
وَقَالَ قَتَادَة : أَحْكَمَهَا اللَّه مِنْ الْبَاطِل، ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام.
مُجَاهِد : أُحْكِمَتْ جُمْلَة، ثُمَّ بُيِّنَتْ بِذِكْرِ آيَة آيَة بِجَمِيعِ مَا يُحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ الدَّلِيل عَلَى التَّوْحِيد وَالنُّبُوَّة وَالْبَعْث وَغَيْرهَا.
وَقِيلَ : جُمِعَتْ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، ثُمَّ فُصِّلَتْ فِي التَّنْزِيل.
وَقِيلَ :" فُصِّلَتْ " أُنْزِلَتْ نَجْمًا نَجْمًا لِتُتَدَبَّر.
وَقَرَأَ عِكْرِمَة " فُصِلَتْ " مُخَفَّفًا أَيْ حُكِمَتْ بِالْحَقِّ.
مِنْ لَدُنْ
أَيْ مِنْ عِنْد.
أَيْ مِنْ عِنْد.
حَكِيمٍ
أَيْ مُحْكِم لِلْأُمُورِ.
أَيْ مُحْكِم لِلْأُمُورِ.
خَبِيرٍ
بِكُلِّ كَائِن وَغَيْر كَائِن.
بِكُلِّ كَائِن وَغَيْر كَائِن.
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ
قَالَ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء : أَيْ بِأَلَّا ; أَيْ أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِأَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه.
قَالَ الزَّجَّاج : لِئَلَّا ; أَيْ أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصِّلَتْ لِئَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه.
قِيلَ : أَمَرَ رَسُوله أَنْ يَقُول لِلنَّاسِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه.
قَالَ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء : أَيْ بِأَلَّا ; أَيْ أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِأَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه.
قَالَ الزَّجَّاج : لِئَلَّا ; أَيْ أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصِّلَتْ لِئَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه.
قِيلَ : أَمَرَ رَسُوله أَنْ يَقُول لِلنَّاسِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه.
إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ
أَيْ مِنْ اللَّه.
أَيْ مِنْ اللَّه.
نَذِيرٌ
أَيْ مُخَوِّف مِنْ عَذَابه وَسَطْوَته لِمَنْ عَصَاهُ.
أَيْ مُخَوِّف مِنْ عَذَابه وَسَطْوَته لِمَنْ عَصَاهُ.
وَبَشِيرٌ
بِالرِّضْوَانِ وَالْجَنَّة لِمَنْ أَطَاعَهُ.
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل اللَّه أَوَّلًا وَآخِرًا ; أَيْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِير ; أَيْ اللَّه، نَذِير لَكُمْ مِنْ عِبَادَة غَيْره، كَمَا قَالَ :" وَيُحَذِّركُمْ اللَّه نَفْسه " [ آل عِمْرَان : ٢٨ ].
بِالرِّضْوَانِ وَالْجَنَّة لِمَنْ أَطَاعَهُ.
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل اللَّه أَوَّلًا وَآخِرًا ; أَيْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّه إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِير ; أَيْ اللَّه، نَذِير لَكُمْ مِنْ عِبَادَة غَيْره، كَمَا قَالَ :" وَيُحَذِّركُمْ اللَّه نَفْسه " [ آل عِمْرَان : ٢٨ ].
وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ
عَطْف عَلَى الْأَوَّل.
عَطْف عَلَى الْأَوَّل.
ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ
أَيْ اِرْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَة.
قَالَ الْفَرَّاء :" ثُمَّ " هُنَا بِمَعْنَى الْوَاو ; أَيْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الِاسْتِغْفَار هُوَ التَّوْبَة، وَالتَّوْبَة هِيَ الِاسْتِغْفَار.
وَقِيلَ : اِسْتَغْفِرُوهُ مِنْ سَالِف ذُنُوبكُمْ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ الْمُسْتَأْنَف مَتَى وَقَعَتْ مِنْكُمْ.
قَالَ بَعْض الصُّلَحَاء : الِاسْتِغْفَار بِلَا إِقْلَاع تَوْبَة الْكَذَّابِينَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي " آل عِمْرَان " مُسْتَوْفًى.
وَفِي " الْبَقَرَة " عِنْد قَوْله :" وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " [ الْبَقَرَة : ٢٣١ ].
وَقِيلَ : إِنَّمَا قَدَّمَ ذِكْر الِاسْتِغْفَار لِأَنَّ الْمَغْفِرَة هِيَ الْغَرَض الْمَطْلُوب، وَالتَّوْبَة هِيَ السَّبَب إِلَيْهَا ; فَالْمَغْفِرَة أَوَّل فِي الْمَطْلُوب وَآخِر فِي السَّبَب.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى اِسْتَغْفِرُوهُ مِنْ الصَّغَائِر، وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ الْكَبَائِر.
أَيْ اِرْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَة.
قَالَ الْفَرَّاء :" ثُمَّ " هُنَا بِمَعْنَى الْوَاو ; أَيْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الِاسْتِغْفَار هُوَ التَّوْبَة، وَالتَّوْبَة هِيَ الِاسْتِغْفَار.
وَقِيلَ : اِسْتَغْفِرُوهُ مِنْ سَالِف ذُنُوبكُمْ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ الْمُسْتَأْنَف مَتَى وَقَعَتْ مِنْكُمْ.
قَالَ بَعْض الصُّلَحَاء : الِاسْتِغْفَار بِلَا إِقْلَاع تَوْبَة الْكَذَّابِينَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي " آل عِمْرَان " مُسْتَوْفًى.
وَفِي " الْبَقَرَة " عِنْد قَوْله :" وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " [ الْبَقَرَة : ٢٣١ ].
وَقِيلَ : إِنَّمَا قَدَّمَ ذِكْر الِاسْتِغْفَار لِأَنَّ الْمَغْفِرَة هِيَ الْغَرَض الْمَطْلُوب، وَالتَّوْبَة هِيَ السَّبَب إِلَيْهَا ; فَالْمَغْفِرَة أَوَّل فِي الْمَطْلُوب وَآخِر فِي السَّبَب.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى اِسْتَغْفِرُوهُ مِنْ الصَّغَائِر، وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ الْكَبَائِر.
يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا
هَذِهِ ثَمَرَة الِاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة، أَيْ يُمَتِّعكُمْ بِالْمَنَافِعِ ثُمَّ سَعَة الرِّزْق وَرَغَد الْعَيْش، وَلَا يَسْتَأْصِلكُمْ بِالْعَذَابِ كَمَا فَعَلَ بِمَنْ أَهْلَكَ قَبْلكُمْ.
وَقِيلَ : يُمَتِّعكُمْ يُعَمِّركُمْ ; وَأَصْل الْإِمْتَاع الْإِطَالَة، وَمِنْهُ أَمْتَعَ اللَّه بِك وَمَتَّعَ.
وَقَالَ سَهْل بْن عَبْد اللَّه : الْمَتَاع الْحَسَن تَرْك الْخَلْق وَالْإِقْبَال عَلَى الْحَقّ.
وَقِيلَ : هُوَ الْقَنَاعَة بِالْمَوْجُودِ، وَتَرْك الْحُزْن عَلَى الْمَفْقُود.
هَذِهِ ثَمَرَة الِاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة، أَيْ يُمَتِّعكُمْ بِالْمَنَافِعِ ثُمَّ سَعَة الرِّزْق وَرَغَد الْعَيْش، وَلَا يَسْتَأْصِلكُمْ بِالْعَذَابِ كَمَا فَعَلَ بِمَنْ أَهْلَكَ قَبْلكُمْ.
وَقِيلَ : يُمَتِّعكُمْ يُعَمِّركُمْ ; وَأَصْل الْإِمْتَاع الْإِطَالَة، وَمِنْهُ أَمْتَعَ اللَّه بِك وَمَتَّعَ.
وَقَالَ سَهْل بْن عَبْد اللَّه : الْمَتَاع الْحَسَن تَرْك الْخَلْق وَالْإِقْبَال عَلَى الْحَقّ.
وَقِيلَ : هُوَ الْقَنَاعَة بِالْمَوْجُودِ، وَتَرْك الْحُزْن عَلَى الْمَفْقُود.
إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
قِيلَ : هُوَ الْمَوْت.
وَقِيلَ : الْقِيَامَة.
وَقِيلَ : دُخُول الْجَنَّة.
وَالْمَتَاع الْحَسَن عَلَى هَذَا وِقَايَة كُلّ مَكْرُوه وَأَمْر مَخُوف، مِمَّا يَكُون فِي الْقَبْر وَغَيْره مِنْ أَهْوَال الْقِيَامَة وَكَرْبهَا ; وَالْأَوَّل أَظْهَر ; لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ السُّورَة :" وَيَا قَوْم اِسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ " [ هُود : ٥٢ ] وَهَذَا يَنْقَطِع بِالْمَوْتِ وَهُوَ الْأَجَل الْمُسَمَّى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ مُقَاتِل : فَأَبَوْا فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتُلُوا بِالْقَحْطِ سَبْع سِنِينَ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَام الْمُحْرِقَة وَالْقَذَر وَالْجِيَف وَالْكِلَاب.
قِيلَ : هُوَ الْمَوْت.
وَقِيلَ : الْقِيَامَة.
وَقِيلَ : دُخُول الْجَنَّة.
وَالْمَتَاع الْحَسَن عَلَى هَذَا وِقَايَة كُلّ مَكْرُوه وَأَمْر مَخُوف، مِمَّا يَكُون فِي الْقَبْر وَغَيْره مِنْ أَهْوَال الْقِيَامَة وَكَرْبهَا ; وَالْأَوَّل أَظْهَر ; لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ السُّورَة :" وَيَا قَوْم اِسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ " [ هُود : ٥٢ ] وَهَذَا يَنْقَطِع بِالْمَوْتِ وَهُوَ الْأَجَل الْمُسَمَّى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ مُقَاتِل : فَأَبَوْا فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتُلُوا بِالْقَحْطِ سَبْع سِنِينَ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَام الْمُحْرِقَة وَالْقَذَر وَالْجِيَف وَالْكِلَاب.
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ
أَيْ يُؤْتِ كُلّ ذِي عَمَل مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَات جَزَاء عَمَله.
وَقِيلَ : وَيُؤْتِ كُلّ مَنْ فَضُلَتْ حَسَنَاته عَلَى سَيِّئَاته " فَضْله " أَيْ الْجَنَّة، وَهِيَ فَضْل اللَّه ; فَالْكِنَايَة فِي قَوْله :" فَضْله " تَرْجِع إِلَى اللَّه تَعَالَى.
وَقَالَ مُجَاهِد : هُوَ مَا يَحْتَسِبهُ الْإِنْسَان مِنْ كَلَام يَقُولهُ بِلِسَانِهِ، أَوْ عَمَل يَعْمَلهُ بِيَدِهِ أَوْ رِجْله، أَوْ مَا تَطَوَّعَ بِهِ مِنْ مَاله فَهُوَ فَضْل اللَّه، يُؤْتِيه ذَلِكَ إِذَا آمَنَ، وَلَا يَتَقَبَّلهُ مِنْهُ إِنْ كَانَ كَافِرًا.
أَيْ يُؤْتِ كُلّ ذِي عَمَل مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَات جَزَاء عَمَله.
وَقِيلَ : وَيُؤْتِ كُلّ مَنْ فَضُلَتْ حَسَنَاته عَلَى سَيِّئَاته " فَضْله " أَيْ الْجَنَّة، وَهِيَ فَضْل اللَّه ; فَالْكِنَايَة فِي قَوْله :" فَضْله " تَرْجِع إِلَى اللَّه تَعَالَى.
وَقَالَ مُجَاهِد : هُوَ مَا يَحْتَسِبهُ الْإِنْسَان مِنْ كَلَام يَقُولهُ بِلِسَانِهِ، أَوْ عَمَل يَعْمَلهُ بِيَدِهِ أَوْ رِجْله، أَوْ مَا تَطَوَّعَ بِهِ مِنْ مَاله فَهُوَ فَضْل اللَّه، يُؤْتِيه ذَلِكَ إِذَا آمَنَ، وَلَا يَتَقَبَّلهُ مِنْهُ إِنْ كَانَ كَافِرًا.
وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ
أَيْ يَوْم الْقِيَامَة، وَهُوَ كَبِير لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَهْوَال.
وَقِيلَ : الْيَوْم الْكَبِير هُوَ يَوْم بَدْر وَغَيْره : و " تَوَلَّوْا " يَجُوز أَنْ يَكُون مَاضِيًا وَيَكُون الْمَعْنَى : وَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون مُسْتَقْبَلًا حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَالْمَعْنَى : قُلْ لَهُمْ إِنْ تَتَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ.
أَيْ يَوْم الْقِيَامَة، وَهُوَ كَبِير لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَهْوَال.
وَقِيلَ : الْيَوْم الْكَبِير هُوَ يَوْم بَدْر وَغَيْره : و " تَوَلَّوْا " يَجُوز أَنْ يَكُون مَاضِيًا وَيَكُون الْمَعْنَى : وَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون مُسْتَقْبَلًا حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَالْمَعْنَى : قُلْ لَهُمْ إِنْ تَتَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ.
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ
أَيْ بَعْد الْمَوْت.
أَيْ بَعْد الْمَوْت.
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
مِنْ ثَوَاب وَعِقَاب.
مِنْ ثَوَاب وَعِقَاب.
أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ
أَخْبَرَ عَنْ مُعَادَاة الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ تَخْفَى عَلَى اللَّه أَحْوَالهمْ.
" يَثْنُونَ صُدُورهمْ " أَيْ يَطْوُونَهَا عَلَى عَدَاوَة الْمُسْلِمِينَ فَفِيهِ هَذَا الْحَذْف، قَالَ اِبْن عَبَّاس : يُخْفُونَ مَا فِي صُدُورهمْ مِنْ الشَّحْنَاء وَالْعَدَاوَة، وَيُظْهِرُونَ خِلَافه.
نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَس بْن شَرِيق، وَكَانَ رَجُلًا حُلْو الْكَلَام حُلْو الْمَنْطِق، يَلْقَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَجِب، وَيَنْطَوِي لَهُ بِقَلْبِهِ عَلَى مَا يَسُوء.
وَقَالَ مُجَاهِد :" يَثْنُونَ صُدُورهمْ " شَكًّا وَامْتِرَاء.
وَقَالَ الْحَسَن : يَثْنُونَهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْكُفْر.
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي بَعْض الْمُنَافِقِينَ، كَانَ إِذَا مَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنَى صَدْره وَظَهْره، وَطَأْطَأَ رَأْسه وَغَطَّى وَجْهه، لِكَيْلَا يَرَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْعُوهُ إِلَى الْإِيمَان ; حُكِيَ مَعْنَاهُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد فَالْهَاء فِي " مِنْهُ " تَعُود عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيلَ : قَالَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا غَلَقْنَا أَبْوَابنَا، وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابنَا، وَثَنَيْنَا صُدُورنَا عَلَى عَدَاوَة مُحَمَّد فَمَنْ يَعْلَم بِنَا ؟ فَنَزَلَتْ الْآيَة.
وَقِيلَ : إِنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَتَنَسَّكُونَ بِسَتْرِ أَبْدَانهمْ وَلَا يَكْشِفُونَهَا تَحْت السَّمَاء، فَبَيَّنَ اللَّه تَعَالَى أَنَّ التَّنَسُّك مَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ قُلُوبهمْ مِنْ مُعْتَقَد، وَأَظْهَرُوهُ مِنْ قَوْل وَعَمَل.
وَرَوَى اِبْن جَرِير عَنْ مُحَمَّد بْن عَبَّاد بْن جَعْفَر قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا يَقُول :" أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوِي صُدُورهمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ " قَالَ : كَانُوا لَا يُجَامِعُونَ النِّسَاء، وَلَا يَأْتُونَ الْغَائِط وَهُمْ يُفْضُونَ إِلَى السَّمَاء، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة.
وَرَوَى غَيْر مُحَمَّد بْن عَبَّاد عَنْ اِبْن عَبَّاس :" أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوِي صُدُورهمْ " بِغَيْرِ نُون بَعْد الْوَاو، فِي وَزْن تَنْطَوِي ; وَمَعْنَى " تَثْنَوِي " وَالْقِرَاءَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مُتَقَارِب ; لِأَنَّهَا لَا تَثْنَوِي حَتَّى يَثْنُوهَا.
وَقِيلَ : كَانَ بَعْضهمْ يَنْحَنِي عَلَى بَعْض يَسَاره فِي الطَّعْن عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبَلَغَ مِنْ جَهْلهمْ أَنْ تَوَهَّمُوا أَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَى اللَّه تَعَالَى :" لِيَسْتَخْفُوا " أَيْ لِيَتَوَارَوْا عَنْهُ ; أَيْ عَنْ مُحَمَّد أَوْ عَنْ اللَّه.
أَخْبَرَ عَنْ مُعَادَاة الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ تَخْفَى عَلَى اللَّه أَحْوَالهمْ.
" يَثْنُونَ صُدُورهمْ " أَيْ يَطْوُونَهَا عَلَى عَدَاوَة الْمُسْلِمِينَ فَفِيهِ هَذَا الْحَذْف، قَالَ اِبْن عَبَّاس : يُخْفُونَ مَا فِي صُدُورهمْ مِنْ الشَّحْنَاء وَالْعَدَاوَة، وَيُظْهِرُونَ خِلَافه.
نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَس بْن شَرِيق، وَكَانَ رَجُلًا حُلْو الْكَلَام حُلْو الْمَنْطِق، يَلْقَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَجِب، وَيَنْطَوِي لَهُ بِقَلْبِهِ عَلَى مَا يَسُوء.
وَقَالَ مُجَاهِد :" يَثْنُونَ صُدُورهمْ " شَكًّا وَامْتِرَاء.
وَقَالَ الْحَسَن : يَثْنُونَهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْكُفْر.
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي بَعْض الْمُنَافِقِينَ، كَانَ إِذَا مَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنَى صَدْره وَظَهْره، وَطَأْطَأَ رَأْسه وَغَطَّى وَجْهه، لِكَيْلَا يَرَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْعُوهُ إِلَى الْإِيمَان ; حُكِيَ مَعْنَاهُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد فَالْهَاء فِي " مِنْهُ " تَعُود عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيلَ : قَالَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا غَلَقْنَا أَبْوَابنَا، وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابنَا، وَثَنَيْنَا صُدُورنَا عَلَى عَدَاوَة مُحَمَّد فَمَنْ يَعْلَم بِنَا ؟ فَنَزَلَتْ الْآيَة.
وَقِيلَ : إِنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَتَنَسَّكُونَ بِسَتْرِ أَبْدَانهمْ وَلَا يَكْشِفُونَهَا تَحْت السَّمَاء، فَبَيَّنَ اللَّه تَعَالَى أَنَّ التَّنَسُّك مَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ قُلُوبهمْ مِنْ مُعْتَقَد، وَأَظْهَرُوهُ مِنْ قَوْل وَعَمَل.
وَرَوَى اِبْن جَرِير عَنْ مُحَمَّد بْن عَبَّاد بْن جَعْفَر قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا يَقُول :" أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوِي صُدُورهمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ " قَالَ : كَانُوا لَا يُجَامِعُونَ النِّسَاء، وَلَا يَأْتُونَ الْغَائِط وَهُمْ يُفْضُونَ إِلَى السَّمَاء، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة.
وَرَوَى غَيْر مُحَمَّد بْن عَبَّاد عَنْ اِبْن عَبَّاس :" أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوِي صُدُورهمْ " بِغَيْرِ نُون بَعْد الْوَاو، فِي وَزْن تَنْطَوِي ; وَمَعْنَى " تَثْنَوِي " وَالْقِرَاءَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مُتَقَارِب ; لِأَنَّهَا لَا تَثْنَوِي حَتَّى يَثْنُوهَا.
وَقِيلَ : كَانَ بَعْضهمْ يَنْحَنِي عَلَى بَعْض يَسَاره فِي الطَّعْن عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبَلَغَ مِنْ جَهْلهمْ أَنْ تَوَهَّمُوا أَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَى اللَّه تَعَالَى :" لِيَسْتَخْفُوا " أَيْ لِيَتَوَارَوْا عَنْهُ ; أَيْ عَنْ مُحَمَّد أَوْ عَنْ اللَّه.
أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ
أَيْ يُغَطُّونَ رُءُوسهمْ بِثِيَابِهِمْ.
قَالَ قَتَادَة : أَخْفَى مَا يَكُون الْعَبْد إِذَا حَنَى ظَهْره، وَاسْتَغْشَى ثَوْبه، وَأَضْمَرَ فِي نَفْسه هَمّهُ.
أَيْ يُغَطُّونَ رُءُوسهمْ بِثِيَابِهِمْ.
قَالَ قَتَادَة : أَخْفَى مَا يَكُون الْعَبْد إِذَا حَنَى ظَهْره، وَاسْتَغْشَى ثَوْبه، وَأَضْمَرَ فِي نَفْسه هَمّهُ.
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
" مَا " نَفْي و " مِنْ " زَائِدَة و " دَابَّة " فِي مَوْضِع رَفْع ; التَّقْدِير : وَمَا دَابَّة.
" إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا " " عَلَى " بِمَعْنَى " مِنْ "، أَيْ مِنْ اللَّه رِزْقهَا ; يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْل مُجَاهِد : كُلّ مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْق فَمِنْ اللَّه.
وَقِيلَ :" عَلَى اللَّه " أَيْ فَضْلًا لَا وُجُوبًا.
وَقِيلَ : وَعْدًا مِنْهُ حَقًّا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان هَذَا الْمَعْنَى فِي " النِّسَاء " وَأَنَّهُ سُبْحَانه لَا يَجِب عَلَيْهِ شَيْء.
" رِزْقهَا " رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَعِنْد الْكُوفِيِّينَ بِالصِّفَةِ ; وَظَاهِر الْآيَة الْعُمُوم وَمَعْنَاهَا الْخُصُوص ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الدَّوَابّ هَلَكَ قَبْل أَنْ يُرْزَق.
وَقِيلَ : هِيَ عَامَّة فِي كُلّ دَابَّة وَكُلّ دَابَّة لَمْ تُرْزَق رِزْقًا تَعِيش بِهِ فَقَدْ رُزِقَتْ رُوحهَا ; وَوَجْه النَّظْم بِمَا قَبْل : أَنَّهُ سُبْحَانه أَخْبَرَ بِرِزْقِ الْجَمِيع، وَأَنَّهُ لَا يَغْفُل عَنْ تَرْبِيَته، فَكَيْف تَخْفَى عَلَيْهِ أَحْوَالكُمْ يَا مَعْشَر الْكُفَّار وَهُوَ يَرْزُقكُمْ ؟ ! وَالدَّابَّة كُلّ حَيَوَان يَدِبّ.
وَالرِّزْق حَقِيقَته مَا يَتَغَذَّى بِهِ الْحَيّ، وَيَكُون فِيهِ بَقَاء رُوحه وَنَمَاء جَسَده.
وَلَا يَجُوز أَنْ يَكُون الرِّزْق بِمَعْنَى الْمِلْك ; لِأَنَّ الْبَهَائِم تُرْزَق وَلَيْسَ يَصِحّ وَصْفهَا بِأَنَّهَا مَالِكَة لِعَلَفِهَا ; وَهَكَذَا الْأَطْفَال تُرْزَق اللَّبَن وَلَا يُقَال : إِنَّ اللَّبَن الَّذِي فِي الثَّدْي مِلْك لِلطِّفْلِ.
وَقَالَ تَعَالَى :" وَفِي السَّمَاء رِزْقكُمْ " [ الذَّارِيَات : ٢٢ ] وَلَيْسَ لَنَا فِي السَّمَاء مِلْك ; وَلِأَنَّ الرِّزْق لَوْ كَانَ مِلْكًا لَكَانَ إِذَا أَكَلَ الْإِنْسَان مِنْ مِلْك غَيْره أَنْ يَكُون قَدْ أَكَلَ مِنْ رِزْق غَيْره، وَذَلِكَ مُحَال ; لِأَنَّ الْعَبْد لَا يَأْكُل إِلَّا رِزْق نَفْسه.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " هَذَا الْمَعْنَى وَالْحَمْد لِلَّهِ.
وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ وَقَالَ : الَّذِي خَلَقَ الرَّحَى يَأْتِيهَا بِالطَّحِينِ، وَاَلَّذِي شَدَّقَ الْأَشْدَاق هُوَ خَالِق الْأَرْزَاق.
وَقِيلَ لِأَبِي أُسَيْد : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ فَقَالَ : سُبْحَانه اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر ! إِنَّ اللَّه يَرْزُق الْكَلْب أَفَلَا يَرْزُق أَبَا أُسَيْد !.
وَقِيلَ لِحَاتِمٍ الْأَصَمّ : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ فَقَالَ : مِنْ عِنْد اللَّه ; فَقِيلَ لَهُ : اللَّه يُنْزِل لَك دَنَانِير وَدَرَاهِم مِنْ السَّمَاء ؟ فَقَالَ : كَأَنَّ مَا لَهُ إِلَّا السَّمَاء ! يَا هَذَا الْأَرْض لَهُ وَالسَّمَاء لَهُ ; فَإِنْ لَمْ يُؤْتِنِي رِزْقِي مِنْ السَّمَاء سَاقَهُ لِي مِنْ الْأَرْض ; وَأَنْشَدَ :
" مَا " نَفْي و " مِنْ " زَائِدَة و " دَابَّة " فِي مَوْضِع رَفْع ; التَّقْدِير : وَمَا دَابَّة.
" إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا " " عَلَى " بِمَعْنَى " مِنْ "، أَيْ مِنْ اللَّه رِزْقهَا ; يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْل مُجَاهِد : كُلّ مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْق فَمِنْ اللَّه.
وَقِيلَ :" عَلَى اللَّه " أَيْ فَضْلًا لَا وُجُوبًا.
وَقِيلَ : وَعْدًا مِنْهُ حَقًّا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان هَذَا الْمَعْنَى فِي " النِّسَاء " وَأَنَّهُ سُبْحَانه لَا يَجِب عَلَيْهِ شَيْء.
" رِزْقهَا " رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَعِنْد الْكُوفِيِّينَ بِالصِّفَةِ ; وَظَاهِر الْآيَة الْعُمُوم وَمَعْنَاهَا الْخُصُوص ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الدَّوَابّ هَلَكَ قَبْل أَنْ يُرْزَق.
وَقِيلَ : هِيَ عَامَّة فِي كُلّ دَابَّة وَكُلّ دَابَّة لَمْ تُرْزَق رِزْقًا تَعِيش بِهِ فَقَدْ رُزِقَتْ رُوحهَا ; وَوَجْه النَّظْم بِمَا قَبْل : أَنَّهُ سُبْحَانه أَخْبَرَ بِرِزْقِ الْجَمِيع، وَأَنَّهُ لَا يَغْفُل عَنْ تَرْبِيَته، فَكَيْف تَخْفَى عَلَيْهِ أَحْوَالكُمْ يَا مَعْشَر الْكُفَّار وَهُوَ يَرْزُقكُمْ ؟ ! وَالدَّابَّة كُلّ حَيَوَان يَدِبّ.
وَالرِّزْق حَقِيقَته مَا يَتَغَذَّى بِهِ الْحَيّ، وَيَكُون فِيهِ بَقَاء رُوحه وَنَمَاء جَسَده.
وَلَا يَجُوز أَنْ يَكُون الرِّزْق بِمَعْنَى الْمِلْك ; لِأَنَّ الْبَهَائِم تُرْزَق وَلَيْسَ يَصِحّ وَصْفهَا بِأَنَّهَا مَالِكَة لِعَلَفِهَا ; وَهَكَذَا الْأَطْفَال تُرْزَق اللَّبَن وَلَا يُقَال : إِنَّ اللَّبَن الَّذِي فِي الثَّدْي مِلْك لِلطِّفْلِ.
وَقَالَ تَعَالَى :" وَفِي السَّمَاء رِزْقكُمْ " [ الذَّارِيَات : ٢٢ ] وَلَيْسَ لَنَا فِي السَّمَاء مِلْك ; وَلِأَنَّ الرِّزْق لَوْ كَانَ مِلْكًا لَكَانَ إِذَا أَكَلَ الْإِنْسَان مِنْ مِلْك غَيْره أَنْ يَكُون قَدْ أَكَلَ مِنْ رِزْق غَيْره، وَذَلِكَ مُحَال ; لِأَنَّ الْعَبْد لَا يَأْكُل إِلَّا رِزْق نَفْسه.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " هَذَا الْمَعْنَى وَالْحَمْد لِلَّهِ.
وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ وَقَالَ : الَّذِي خَلَقَ الرَّحَى يَأْتِيهَا بِالطَّحِينِ، وَاَلَّذِي شَدَّقَ الْأَشْدَاق هُوَ خَالِق الْأَرْزَاق.
وَقِيلَ لِأَبِي أُسَيْد : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ فَقَالَ : سُبْحَانه اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر ! إِنَّ اللَّه يَرْزُق الْكَلْب أَفَلَا يَرْزُق أَبَا أُسَيْد !.
وَقِيلَ لِحَاتِمٍ الْأَصَمّ : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ فَقَالَ : مِنْ عِنْد اللَّه ; فَقِيلَ لَهُ : اللَّه يُنْزِل لَك دَنَانِير وَدَرَاهِم مِنْ السَّمَاء ؟ فَقَالَ : كَأَنَّ مَا لَهُ إِلَّا السَّمَاء ! يَا هَذَا الْأَرْض لَهُ وَالسَّمَاء لَهُ ; فَإِنْ لَمْ يُؤْتِنِي رِزْقِي مِنْ السَّمَاء سَاقَهُ لِي مِنْ الْأَرْض ; وَأَنْشَدَ :