تفسير سورة سورة الروم من كتاب صفوة التفاسير
المعروف بـصفوة التفاسير
.
لمؤلفه
محمد علي الصابوني
.
ﰡ
ﮫ
ﰀ
ﮭﮮ
ﰁ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ
ﰂ
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ
ﰃ
ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ
ﰄ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ
ﰅ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ
ﰆ
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ
ﰇ
ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ
ﰈ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ
ﰉ
ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ
ﰊ
ﯝﯞﯟﯠﯡ
ﰋ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ
ﰌ
ﯭﯮﯯﯰﯱ
ﰍ
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ
ﰎ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ
ﰏ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢ
ﰐ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ
ﰑ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ
ﰒ
اللغّة: ﴿يَغْلِبُونَ﴾ يهزمون ويُقهرون ﴿أَثَارُواْ الأرض﴾ حرثوها وقلبوها للزراعة ﴿السواءى﴾ تأنيث الأسوء وهو الأقبح كما أن الحُسنى تأنيث الأحسن، والسُّوءى: العقوبة المتناهية في السوء ﴿يُحْبَرُونَ﴾ يُسرون يقال: حبره إِذا سرَّه سروراً تهلَّل له وجهه وظهر عليه أثره قال الجوهري: الحبور: السرور، ويحُبرون: يُنعمون ويُسرون ﴿عَشِيّاً﴾ العشي: من صلاة المغرب إِلى العتمة ﴿تُظْهِرُونَ﴾ تدخلون وقت الظهيرة.
التفسِير: ﴿الم﴾ الحروف المقطعة للتنبيه على إِعجاز القرآن ﴿غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض﴾ أي هُزم جيش الروم في أقرب أرضهم إلى فارس ﴿وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ أي وهم من بعد انهزامهم وغلبة فارس لهم سيغلبون الفرس وينتصرون عليهم ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ أي في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام، والبضع: ما بين الثلاث إلى التسع قال المفسرون: كان بين فارس والروم حربٌ، فغلبت فارس الروم، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأصحابه فشقَّ ذلك عليهم، وفرح المشركون بذلك لأن أهل فارس كانوا مجوساً ولم يكن لهم كتاب، والرومُ أصحاب كتاب فقال المشركون
التفسِير: ﴿الم﴾ الحروف المقطعة للتنبيه على إِعجاز القرآن ﴿غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض﴾ أي هُزم جيش الروم في أقرب أرضهم إلى فارس ﴿وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ أي وهم من بعد انهزامهم وغلبة فارس لهم سيغلبون الفرس وينتصرون عليهم ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ أي في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام، والبضع: ما بين الثلاث إلى التسع قال المفسرون: كان بين فارس والروم حربٌ، فغلبت فارس الروم، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأصحابه فشقَّ ذلك عليهم، وفرح المشركون بذلك لأن أهل فارس كانوا مجوساً ولم يكن لهم كتاب، والرومُ أصحاب كتاب فقال المشركون
433
لأصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنكم أهل كتاب، والروم أهل كتاب، ونحن أُميون، وقد ظهر إِخواننا من أهل فارس على إِخوانكم من الروم، فلنظهرنَّ عليكم فقال أبو بكر: لا يقرُّ الله أعينكم فأنزل الله ﴿وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ وقد التفى الجسيشان في السنة السابعة من الحرب، وغلبت الرومُ فارس وهزمتهم، وفرح المسلمون بذلك قال أبو السعود: وهذه الآياتُ من البينات الباهرة، الشاهدة بصحة النبوة، وكون القرآن من عند الله عَزَّ وَجَلَّ حيث أخبر عن الغيب الذي لا يعلمه إِلا العليم الخبير، ووقع كما أخبر، وقال البيضاوي: والآية من دلائل النبوة لأنها إِخبارٌ عن الغيب ﴿لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ﴾ أي لله عَزَّ وَجَلَّ الأمر أولاً وآخراً، من قبل الغلبة ومن بعد الغلبة، فكل ذلك بأمر الله وإرادته، ليس شيء منهما إِلا بقضائه قال ابن الجوزي: المعنى إِن غلبة الغالب، وخذلان المغلوب، بأمر الله وقضائه ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بِنَصْرِ الله﴾ أي ويوم يهزم الروم الفرس ويتغلبون عليهم، ويحل ما وعده الله من غلبتهم يفرح المؤمنون بنصر الله لأهل الكتاب على المجوس، لأن أهل الكتاب أقرب إلى المؤمنين من المجوس، وقد صادف ذلك اليوم يوم غزوة بدر قال ابن عباس: كان يوم بدر هزيمة عبدة الأوثان، وعبدة النيران ﴿يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ العزيز الرحيم﴾ أي ينصر من يشاء من عبادة، وهو العزيز بانتقامه من أعدائه، الرحيمُ بأوليائه وأحبابه ﴿وَعْدَ الله لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ﴾ أي ذلك وعدٌ مؤكد وعد الله به فلا يمكن أن يتخلف، لأنه وعده حق وكلامه صدق ﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي لا يعلمون ذلك لجهلهم وعدم تفكرهم ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا﴾ أي يعلمون أمور الدنيا ومصالحها وما يحتاجون إِليه فيها من أمور الحياة كالزارعة والتجارة والبناء ونحو ذلك قال ابن عباس: يعلمون أمر معايشهم متى يزرعون، ومتى يحصدون، وكيف يغرسون، وكيف يبنون ﴿وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غَافِلُونَ﴾ أي وهم عميٌ عن أمر الآخرة، ساهون غافلون عن التفكر فيها والعمل لها قال الإِمام الفخر: ومعنى الآية أن علمهم منحصرٌ في الدنيا، وهم مع ذلك لا يعلمون الدنيا كما هي وإِنما يعلمون ظاهرها، وهي ملاذها وملاعبها، ولا يعلمون باطنها وهي مضارُّها ومتاعبها، ويعلمون وجودها الظاهر ولا يعلمون فناءها وهم عن الآخرة غافلون، ولعل في التعبير بقوله ﴿ظَاهِراً﴾ إِشارة إلى أنهم عرفوا القشور، ولم يعرفوا اللباب فكأن علومهم إِنما هي علوم البهائم ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ في أَنفُسِهِمْ مَّا خَلَقَ الله السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق وَأَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ أي أولم يتفكروا بعقولهم فيعلموا أن الله العظيم الجليل ما خلق السماوات والأرض عبثاً، وإِنما خلقهما بالحكمة البالغة لإِقامة الحق لوقتٍ ينتهيان إِليه وهو يوم القيامة؟ قال القرطبي: وفي هذا تنبيه على الفناء، وعلى أن لكل مخلوقٍ أجلاً، وعلى ثواب المحسن وعقاب المسيء ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الناس بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾ أي وأكثر الناس منكرون جاحدون للبعث والجزاء ﴿أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي أولم يسافروا فينظروا مصارع الأمم قبلهم كيف أُهلكوا بتكذيبهم رسلهم فيعتبروا!! ﴿كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ أي كانوا أقوى
434
منهم أجساداً، وأكثر أموالاً وأولاداً ﴿وَأَثَارُواْ الأرض وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ أي وحرثوا الأرضَ للزراعة، وحفروها لاستخراج المعادن، وعمروها بالأبنية المشيدة، والصناعات الفريدة أكثر مما عمرها هؤلاء قال البيضاوي: وفي الآية تهكم بأهل مكة من حيث إِنهم مغترون بالدنيا، مفتخرون بها، وهم أضعف حالاً فيها، إِذ مدار أمرها على السعة في البلاد، والتسلط على العباد، والتصرف في أقطار الأرض بأنواع العمارة، وهم ضعفاء ملجئون إلى دار لا نفع فيها ﴿وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات﴾ أي وجاءتهم الرسل بالمعجزات الواضحات والآيات البينات فكذبوهم ﴿فَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ﴾ أي فما كان الله ليهلكهم بغير جُرم ﴿ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ أي ولكن ظلموا أنفسهم بالكفر والتكذيب فاستحقوا الهلاك والدمار ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السواءى﴾ أي ثم كان عاقبة المجرمين العقوبة التي هي أسوأ العقوبات وهي نار جهنم ﴿أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أي لأجل أنهم كذبوا بآياتنا المنزلة على رسلنا واستهزءوا بها ﴿الله يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أي الله جل وعلا بقدرته ينشئ خلق الناس ثم يعيد خلقهم بعد موتهم ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي ثم إِليه مرجعكم للحساب والجزاء ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُبْلِسُ المجرمون﴾ أي ويوم تقوم القيامة ويُحْشر الناس للحساب يسكت المجرمون وتنقطع حجتهم، فلا يستطيعون أن ينسبوا ببنت شفة قال ابن عباس: ﴿يُبْلِسُ المجرمون﴾ ييأس المجرمون، وقال مجاهد: يفتضح المجرمون قال القرطبي: والمعروف في اللغة: أبلس الرجل إِذا سكت وانقطعت حجته ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ﴾ أي ولم يكن لهم من الأصنام التي عبدوها شفعاء يشفعون لهم ﴿وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ﴾ أي تبرءوا منها وتبرأت منهم ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ كرر لفظ قيام الساعة للتهويل والتخويف لأن قيام الساعة أمر هائل أي ويوم تقوم القيامة يومئذٍ يتفرق المؤمنون والكافرون، ويصبحون فريقين: فريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السعير، ولهذا قال ﴿فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ أي فأما المؤمنون المتقون الذين جمعوا بين الإِيمان والعمل الصالح ﴿فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ أي فهم في رياض الجنة يُسرون وينعمون ﴿وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ الآخرة﴾ أي وأما الذين جحدوا بالقرآن وكذبوا بالبعث بعد الموت ﴿فأولئك فِي العذاب مُحْضَرُونَ﴾ أي فأوؤئك في عذاب جهنم مقيمون على الدوام ﴿فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ أي سبحوا الله ونزّهوه عما لا يليق به من صفات النقص، حين تدخلون في المساء، وحين تدخلون في الصباح ﴿وَلَهُ الحمد فِي السماوات والأرض وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ أي وهو جل وعلا المحمود في السماوات والأرض قال ابن عباس: يحمده أهل السماوات وأهلُ الأرض ويُصلون له، قال المفسرون: ﴿وَلَهُ الحمد فِي السماوات والأرض﴾ جملة اعتراضية وأصل الكلام: ﴿فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ والحكمة في ذلك الإِشارة إلى أن التوفيق للعبادة نعمةٌ ينبغي أن يحمد عليها، والعشي: من صلاة المغرب إلى العتمة، ﴿تُظْهِرُونَ﴾ أي تدخلون وقت الظهر ﴿يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي﴾ أي يخرج المؤمن من الكافر، والكافرون من المؤمن، والنبات من
435
الحب، والحبّ من النبات، والحيوان من النطفة، والنطفة من الحيوان ﴿وَيُحْي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ أي ويحيي الأرض بالنبات بعد يبسها وجدبها ﴿وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ أي كما يخرج الله النبات من الأرض كذلك يخرجكم من قبوركم للبعث يوم القيامة، قال القرطبي: بيَّن تعالى كمال قدرته، فكما يحيي الأرض بإِخراج النبات بعد همودها كذلك يحييكم بالبعث.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين ﴿غُلِبَتِ.. يَغْلِبُونَ﴾ وبين ﴿قَبْلُ.. وبَعْدُ﴾.
٢ - طباق السلب ﴿لاَ يَعْلَمُونَ.. يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا﴾.
٣ - صيغة المبالغة ﴿وَهُوَ العزيز الرحيم﴾ أي المبالغ في العز، والمبالغ في الرحمة.
٤ - تكرير الضمير لإِفادة الحصر ﴿وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غَافِلُونَ﴾ ووردوها اسمية للدلالة على استمرار غفلتهم ودوامها.
٥ - الإِنكار والتوبيخ ﴿أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ﴾ الآية.
٦ - جناس الاشتقاق ﴿أَسَاءُواْ السواءى﴾.
٧ - الطباق بين ﴿يَبْدَأُ.. ويُعِيدُهُ﴾ وبين ﴿تُمْسُونَ.
. وتُصْبِحُونَ﴾.
٨ - المقابلة بين حال السعداء والأشقياء ﴿فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ الآخرة فأولئك فِي العذاب مُحْضَرُونَ﴾.
٩ - الاستعارة اللطيفة ﴿يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت﴾ استعار الحيَّ للمؤمن، والميت للكافر، وهي استعارة في غاية الحسن الإِبداع والجمال.
١٠ - مراعاة الفواصل في الحرف الأخير لما له من أجمل الوقع على السمع مثل ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ﴿فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ ﴿فِي العذاب مُحْضَرُونَ﴾.
لطيفَة: قال الزمخشري: دلَّ قوله تعالى ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا﴾ على أن للدنيا ظاهراً وباطناً، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها، والتنعم بملاذها، وباطنها وحقيقتها أنها معبرٌ للآخرة، يتزود منها إِليها بالطاعة والأعمال الصالحة. ولقد أحسن من قال:
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين ﴿غُلِبَتِ.. يَغْلِبُونَ﴾ وبين ﴿قَبْلُ.. وبَعْدُ﴾.
٢ - طباق السلب ﴿لاَ يَعْلَمُونَ.. يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا﴾.
٣ - صيغة المبالغة ﴿وَهُوَ العزيز الرحيم﴾ أي المبالغ في العز، والمبالغ في الرحمة.
٤ - تكرير الضمير لإِفادة الحصر ﴿وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غَافِلُونَ﴾ ووردوها اسمية للدلالة على استمرار غفلتهم ودوامها.
٥ - الإِنكار والتوبيخ ﴿أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ﴾ الآية.
٦ - جناس الاشتقاق ﴿أَسَاءُواْ السواءى﴾.
٧ - الطباق بين ﴿يَبْدَأُ.. ويُعِيدُهُ﴾ وبين ﴿تُمْسُونَ.
. وتُصْبِحُونَ﴾.
٨ - المقابلة بين حال السعداء والأشقياء ﴿فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ الآخرة فأولئك فِي العذاب مُحْضَرُونَ﴾.
٩ - الاستعارة اللطيفة ﴿يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت﴾ استعار الحيَّ للمؤمن، والميت للكافر، وهي استعارة في غاية الحسن الإِبداع والجمال.
١٠ - مراعاة الفواصل في الحرف الأخير لما له من أجمل الوقع على السمع مثل ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ﴿فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ ﴿فِي العذاب مُحْضَرُونَ﴾.
لطيفَة: قال الزمخشري: دلَّ قوله تعالى ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا﴾ على أن للدنيا ظاهراً وباطناً، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها، والتنعم بملاذها، وباطنها وحقيقتها أنها معبرٌ للآخرة، يتزود منها إِليها بالطاعة والأعمال الصالحة. ولقد أحسن من قال:
أبنيَّ إِن من الرجال بهيمةً | في صورة الرجل السميع المبصر |
فطِنٌ بكل مصيبةٍ في ماله | فإِذا أُصيب بدينة لم يشعر |