تفسير سورة البلد

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
تفسير سورة سورة البلد من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور .
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ

سورة البلد
قوله تعالى ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ قال : مكة.
قوله تعالى ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾.
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال : إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال :( اقتلوه ). [ الصحيح ٤/ ٧٠-٧١ ح ١٨٤٦-ك جزاء الصيد، ب دخول الحرام ومكة بغير إحرام ]، وأخرجه مسلم [ الصحيح ٢/ ٩٨٩-٩٩٠ ح ٤٥٠- ك الحج، ب جواز دخول مكة بغير إحرام ].
قال البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم افتتح مكة :( لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا، فإن هذا بلد حرّم الله يوم خلق السماوات والأرض، وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعضد شوكه، ولا ينفّر صيده، ولا يتلقط لُقطته إلا من عرّفها، ولا يُختلى خلاها ) قال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم. قال : قال :( إلا الإذخر ).
[ الصحيح ٤/ ٦٥- ك جزاء الصيد، ب لا يحل القتال بمكة ح ١٨٣٤ ]، وأخرجه مسلم [ الصحيح ٢/ ٩٨٦ ح ١٣٥٣ ].
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : لا تؤاخذ بما علمت فيه، وليس عليك فيه ما على الناس.
قوله تعالى ﴿ ووالد وما ولد ﴾.
قال الطبري : حدثنا أبو كريب، ثنا وكيع، عن النضر بن عربي، عن عكرمة ﴿ ووالد وما ولد ﴾ قال : العاقر، والتي لا تلد.
ورجاله ثقات إلا النضر بن عربي لا بأس به، فالإسناد حسن.
قوله تعالى :﴿ لقد خلقنا الإنسان في كبد ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ لقد خلقنا الإنسان في كبد ﴾ يقول : في نصب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ لقد خلقنا الإنسان في كبد ﴾ حين خلق في مشقة لا يلفى ابن آدم إلا مكابدا أمر الدنيا والآخرة.
قوله تعالى ﴿ يقول أهلكت مالا لّبدا ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ مالا لبدا ﴾ قال : كثيرا.
قوله تعالى ﴿ أيحسب أن لم يره أحد ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن ﴿ أيحسب أن لم يره أحد ﴾ ابن آدم إنك مسؤول عن هذا المال، من أين اكتسبته، وأين أنفقته.
قوله تعالى :﴿ ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين ﴾.
قال : نعم من الله متظاهرة يقررك بها كيما تشكره.
قوله تعالى :﴿ وهديناه النجدين ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ وهديناه النجدين ﴾ قال : الهدى والضلالة.
قال الحافظ ابن حجر : أخرج الطبراني بإسناد حسن عن ابن مسعود قال :﴿ النجدين ﴾ سبيل الخير والشر.
وصححه الحاكم، [ فتح الباري ٨/ ٧٠٤ ]
قوله تعالى ﴿ فلا اقتحم العقبة ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ فلا اقتحم العقبة ﴾ قال : للنار عقبة دون الجسر.
قوله تعالى ﴿ وما أدراك ما العقبة فك رقبة ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وما أدراك ما العقبة ﴾ ثم أخبر عن اقتحامها فقال ﴿ فك رقبة أو إطعام ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:قوله تعالى ﴿ وما أدراك ما العقبة فك رقبة ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وما أدراك ما العقبة ﴾ ثم أخبر عن اقتحامها فقال ﴿ فك رقبة أو إطعام ﴾.


قال البخاري : حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عاصم بن محمد قال : حدثني واقد بن محمد قال : حدثني سعيد بن مرجانة صاحب علي بن الحسين قال : قال لي أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم :( أيّما رجل أعتق امرءا مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار ) قال سعيد بن مرجانة : فانطلقت به إلى عليّ بن الحسين، فعمد علي بن الحسين رضي الله عنهما إلى عبد له قد أعطاه به عبد الله ابن جعفر عشرة آلاف درهم –أو ألف دينار- فأعتقه.
[ الصحيح ٥/ ١٧٤- ك العتق، ب في العتق وفضله ح ٢٥١٧ ].
قال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مُراوح عن أبي ذر رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله وجهاد في سبيله قلت : فأي الرقاب أفضل ؟ قال : أعلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها، قلت : فإن لم أفعل ؟ قال : تُعين ضائعا، أو تصنع لأخرق قال : فإن لم أفعل ؟ قال : تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدّق بها على نفسك ).
[ الصحيح ٥/ ١٧٦ ح ٢٥١٨-ك العتق، ب أي الرقاب أفضل ]، أخرجه مسلم [ الصحيح ١/ ٨٩ ح ٨٤- ك الإيمان، ب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال ].
قال أبو داود : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بقية : ثنا صفوان بن عمرو : حدثني سليم بن عامر، شرحبيل بن السمط، أنه قال لعمرو بن عبسة : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار ).
[ السنن ٤/ ٣٠ ح ٣٩٦٦ – ك العتق، ب أي الرقاب أفضل ؟ ]، وأخرجه أحمد [ ٤/ ٣٨٦ ] من طريق كثير بن مرة من عمرو بزيادة فيه. قال ابن كثير في أسانيد عمر بن عبسة : هذه أسانيد جيدة قوية ولله الحمد [ التفسير ٨/٤٢٩ ]، وصححه الألباني [ صحيح الجامع رقم ٦٠٥٠ ].
قوله تعالى ﴿ أو إطعام في يوم ذي مسغبة ﴾
قال الحاكم : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، ثنا حامد بن أبي حامد المقري، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال : سمعت طلحة بن عمرو وسئل عن قول الله عز وجل ﴿ أو إطعام في يوم ذي مسغبة ﴾ ؟ فقال : ثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان ).
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه [ المستدرك ٢/٥٢٤- ك التفسير ] وصححه الذهبي وابن الملقن.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ في يوم ذي مسغبة ﴾ قال : الجوع.
قوله تعالى ﴿ يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ﴾.
انظر سورة البقرة آية [ ٨٣ ] لبيان ﴿ اليتيم ﴾
قال ابن كثير :﴿ ذا مقربة ﴾ أي : ذا قرابة منه، قاله ابن عباس وعكرمة والحسن والضحاك والسدي، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا يزيد، أخبرنا هشام عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة ) وقد رواه الترمذي والنسائي، وهذا إسناد صحيح.
وهو كما قال فالحديث في [ المسند ٤/٢١٤ ]، وفي سنن الترمذي [ الزكاة، ب ما جاء في الصدقة على ذي القربى ح ٦٥٣ ] كما في [ تحفة الأحوذي ٣/ ٣٣٤-٣٣٥ ] وسنن النسائي [ الزكاة، ب الصدقة على الأقارب ٥/ ٩٢ ].
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ أو مسكينا ذا متربة ﴾ قال : شديد الحاجة.
قوله تعالى :﴿ ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ﴾.
قال البخاري : حدثنا محمد بن سلام، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب وأبي ظبيان، عن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا يرحم الله إلا من لا يرحم الناس ).
[ الصحيح ١٣/ ٣٧٠ ح ٧٣٧٦-ك التوحيد، ب قول الله تبارك وتعالى :﴿ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان ﴾ أخرجه مسلم [ الصحيح ٤/ ١٨٠٩ ح ٢٣١٩ ] من طريق أبي معاوية وغيره عن الأعمش به.
قال أبو داود : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومسدد، المعنى، قالا : ثنا سفيان، عن عمرو، عن أبي قابوس مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم :( الراحمون يرحمهم الرحمان، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء ).
[ السنن ٤/ ٢٨٥ ح ٤٩٤١-ك الأدب، ب في الرحمة ]، وأخرجه الترمذي [ ٤/٣٢٣ ح ١٩٢٤-ك البر والصلة، ب ما جاء في رحمة المسلمين ] عن ابن أبي عمر، والحاكم [ المستدرك ٤/ ١٥٩- ك البر والصلة ] من طريق علي بن المديني، كلاهما عن سفيان به، قال الترمذي : حديث حسن صحيح، وقال الحاكم- وقد ذكره ضمن أحاديث : وهذه الأحاديث كلها صحيحة، وقال الألباني : صحيح [ صحيح أبي داود ح ٣٢ ].
قال أبو داود : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن السرح قالا : ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن ابن عامر، عن عبد الله بن عمرو يرويه، قال ابن السرح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا ).
[ السنن ٤/٢٨٦ ح ٤٩٤٣-ك الأدب، ب في الرحمة ] وأخرجه أحمد [ المسند ٢/ ٢٢٢ ] عن علي بن عبد الله عن سفيان به، والترمذي [ ٤/ ٣٢٢ ح ١٩٢٠-ك البر والصلة، ب ما جاء في رحمة الصبيان ] من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به، وعنده : " ويعرف شرف كبيرنا " وقال الترمذي : حسن صحيح، وقال الألباني : صحيح [ صحيح أبي داود ح ٤١٤٣ ]، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي [ المستدرك ٤/ ١٧٨ ].
قوله تعالى ﴿ أولئك أصحاب الميمنة والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ﴾.
انظر سورة الواقعة آية [ ٩ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:قوله تعالى ﴿ أولئك أصحاب الميمنة والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ﴾.
انظر سورة الواقعة آية [ ٩ ].

قوله تعالى :﴿ عليهم نار مؤصدة ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ عليهم نار مؤصدة ﴾ قال : مطبقة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ عليهم نار مؤصدة ﴾ قال : أي مطبقة، أطبقها الله عليهم، فلا ضوء فيها ولا فرج، ولا خروج منها آخر الأبد.
Icon