وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة النساء.
وأخرج البخاري عن عائشة قالت : ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده.
وأخرج أحمد وابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في الصلاة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أخذ السبع فهو حبر ".
وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت مكان التوراة السبع الطول والمئين، كل سورة بلغت مائة فصاعدا. والمثاني كل سورة دون المئين، وفوق المفصل ".
وأخرج أبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أنس قال : وجد رسول الله ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل : يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبين : قال : أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت السبع الطوال.
وأخرج أحمد عن حذيفة قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات.
وأخرج عبد الرزاق عن بعض أهل النبي صلى الله عليه وسلم أنه بات معه فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فقضى حاجته، ثم جاء القربة فاستكب ماء فغسل كفيه ثلاثا، ثم توضأ وقرأ بالطوال السبع في ركعة واحدة.
وأخرج الحاكم عن أبي مليكة، سمع ابن عباس يقول : سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال : من قرأ سورة النساء فعلم ما يحجب مما لا يحجب علم الفرائض. والله أعلم.
ﰡ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿خَلقكُم من نفس وَاحِدَة﴾ قَالَ: آدم ﴿وَخلق مِنْهَا زَوجهَا﴾ قَالَ: حوّاء من قصيراء آدم وَهُوَ نَائِم فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أأنا
بالنبطية امْرَأَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ خلقت حوّاء من خلف آدم الْأَيْسَر وخلقت امْرَأَة إِبْلِيس من خَلفه الْأَيْسَر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿وَخلق مِنْهَا زَوجهَا﴾ قَالَ: خلق حَوَّاء من آدم من ضلع الْخلف وَهُوَ أَسْفَل الأضلاع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلقت الْمَرْأَة من الرجل فَجعلت نهمتها فِي الرِّجَال فاحبسوا نساءكم
وَخلق الرجل من الأَرْض فَجعل نهمته فِي الأَرْض
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَبث مِنْهُمَا رجَالًا﴾ الْآيَة
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد لآدَم أَرْبَعُونَ ولدا: عشرُون غُلَاما وَعِشْرُونَ جَارِيَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أَرْطَاة بن الْمُنْذر قَالَ: بَلغنِي أَن حوّاء حملت بشيث حَتَّى نَبتَت أَسْنَانه وَكَانَت تنظر إِلَى وَجهه من صفاء فِي بَطنهَا وَهُوَ الثَّالِث من وِلْد آدم وَإنَّهُ لما حضرها الطلق أَخذهَا عَلَيْهِ شدَّة شَدِيدَة فَلَمَّا وَضعته أَخَذته الْمَلَائِكَة فَمَكثَ مَعهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فعلموه الرَّمْز ثمَّ رد إِلَيْهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ﴾ قَالَ: تعاطون بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة يَقُول: اتَّقوا الله الَّذِي بِهِ تعاقدون وتعاهدون
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ قَول الرجل: أنْشدك بِاللَّه وَالرحم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم ﴿تساءلون بِهِ والأرحام﴾ خفض
قَالَ: هُوَ قَول الرجل: أَسأَلك بِاللَّه وبالرحم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه تَلا هَذِه الْآيَة قَالَ: إِذا سُئِلت بِاللَّه فأعطه وَإِذا سُئِلت بالرحم فأعطه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام﴾ يَقُول: اتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ وَاتَّقوا الْأَرْحَام وصلوها
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام﴾ قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله تَعَالَى: صلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَخير لكم فِي آخرتكم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: اتَّقوا الله وصلوا الْأَرْحَام
فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الدُّنْيَا وَخير لكم فِي الْآخِرَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الله وصلوا الْأَرْحَام
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك إِن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ ﴿والأرحام﴾ يَقُول: اتَّقوا الله لَا تقطعوها
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: اتَّقوا الْأَرْحَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام﴾ قَالَ: اتَّقوا الله وَاتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها نصب الْأَرْحَام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿والأرحام﴾ قَالَ: اتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيباً﴾ قَالَ: حفيظاً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: علمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة الصَّلَاة وخطبة الْحَاجة
فَأَما خطْبَة الصَّلَاة فالتشهد
وَأما خطْبَة الْحَاجة فَإِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا من يهد الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله
ثمَّ يقْرَأ ثَلَاث آيَات من كتاب الله (اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ) (آل عمرَان الْآيَة ١٠٢) ﴿وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيباً﴾ ﴿اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم﴾ الْأَحْزَاب الآيه ٧٠ ثمَّ تعمد حَاجَتك
الْآيَة ٢
فَنزلت ﴿وَآتوا الْيَتَامَى أَمْوَالهم﴾ يَعْنِي الأوصياء يَقُول: أعْطوا الْيَتَامَى أَمْوَالهم ﴿وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب﴾ يَقُول: لَا تتبدلوا الْحَرَام من أَمْوَال النَّاس بالحلال من أَمْوَالكُم
يَقُول: لَا تبذروا أَمْوَالكُم الْحَلَال وتأكلوا أَمْوَالهم الْحَرَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد ﴿وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب﴾ قَالَ: الْحَرَام بالحلال
لَا تعجل بالرزق الْحَرَام قبل أَن يَأْتِيك الْحَلَال الَّذِي قدر لَك ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم﴾ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم مَعَ أَمْوَالكُم تخلطونها فتأكلونها جَمِيعًا ﴿إِنَّه كَانَ حوباً كَبِيرا﴾ قَالَ: إِثْمًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب ﴿وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب﴾ قَالَ: لَا تعط مهزولاً وَتَأْخُذ سميناً
وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أحدهم يَأْخُذ الشَّاة السمينة من غنم الْيَتِيم وَيجْعَل فِيهَا مَكَانهَا الشَّاة المهزولة وَيَقُول: شَاة بِشَاة
وَيَأْخُذ الدِّرْهَم الْجيد ويطرح مَكَانَهُ الزيف وَيَقُول: دِرْهَم بدرهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون النِّسَاء وَلَا يورثون الصغار
يَأْخُذهُ الْأَكْبَر فَنصِيبه من الْخيرَات طيب وَهَذَا الَّذِي يَأْخُذهُ خَبِيث
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم﴾ قَالَ: مَعَ أَمْوَالكُم
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَمْوَال الْيَتَامَى كَرهُوا أَن يخالطوهم وَجعل ولي الْيَتِيم يعْزل مَال الْيَتِيم عَن مَاله
فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿ويسألونك عَن الْيَتَامَى قل إصْلَاح لَهُم خير وَإِن تخالطوهم فإخوانكم﴾ قَالَ: فخالطوهم وَاتَّقوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿حوباً كَبِيرا﴾ قَالَ: إِثْمًا عَظِيما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس حوباً قَالَ: ظلما
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله ﴿حوباً﴾ قَالَ: إِثْمًا بلغَة الْحَبَشَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الْأَعْشَى الشَّاعِر: فَإِنِّي وَمَا كلفتموني من أَمركُم ليعلم من أَمْسَى أعق وأحوبا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرَأ حوباً بِرَفْع الْحَاء
وَأخرج عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرؤهَا ﴿حوبا﴾ بِنصب الْحَاء
الْآيَة ٣
فنهوا عَن أَن ينكحوهن إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ ويبلغوا بِهن أَعلَى سنتهن فِي الصَدَاق وَأمرُوا أَن ينكحوا مَا طَابَ لَهُم من النِّسَاء سواهن وَإِن النَّاس استفتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة
فَأنْزل الله (ويستفتونك فِي النِّسَاء) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢٠) قَالَت عَائِشَة: وَقَول الله فِي الْآيَة الْأُخْرَى (وترغبون أَن تنكحوهن) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٧) رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته حِين تكون قَليلَة المَال وَالْجمال
فنهوا أَن ينكحوا من رَغِبُوا فِي مَاله وجماله من بَاقِي النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ من أجل رغبتهم عَنْهُن إِذا كن قليلات المَال وَالْجمال
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن رجلا كَانَت لَهُ يتيمة فنكحها وَكَانَ لَهَا عذق فَكَانَ يمْسِكهَا عَلَيْهِ وَلم يكن لَهَا من نَفسه شَيْء
فَنزلت فِيهِ ﴿وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى﴾ أَحْسبهُ قَالَ كَانَت شريكته فِي ذَلِك العذق وَفِي مَاله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْيَتِيمَة تكون عِنْد الرجل وَهِي ذَات مَال فَلَعَلَّهُ ينْكِحهَا لمالها وَهِي لَا تعجبه ثمَّ يضْربهَا ويسيء صحبتهَا
فوعظ فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الرجل من قُرَيْش يكون عِنْد النسْوَة وَيكون عِنْد الْأَيْتَام فَيذْهب مَاله فيميل على مَال الْأَيْتَام
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتزوّج الْأَرْبَع وَالْخمس والست وَالْعشر فَيَقُول الرجل: مَا يَمْنعنِي أَن أتزوّج كَمَا تزوّج فلَان فَيَأْخُذ مَال يتيمة فيتزوّج بِهِ فنهوا أَن يتزوّجوا فَوق الْأَرْبَع
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتَزَوَّج بِمَال الْيَتِيم مَا شَاءَ الله تَعَالَى فَنهى الله عَن ذَلِك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس على أَمر جاهليتهم إِلَّا أَن يؤمروا بِشَيْء وينهوا عَنهُ فَكَانُوا يسْأَلُون عَن الْيَتَامَى وَلم يكن للنِّسَاء عدد وَلَا ذكر فَأنْزل الله ﴿وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم﴾ الْآيَة
وَكَانَ الرجل يتَزَوَّج مَا شَاءَ فَقَالَ: كَمَا تخافون أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا فِي النِّسَاء أَن لَا تعدلوا فِيهِنَّ
فقصرهم على الْأَرْبَع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء الْأَيَامَى وَكَانُوا يعظمون شَأْن الْيَتِيم فتفقدوا من دينهم شَأْن الْيَتَامَى وَتركُوا مَا كَانُوا ينْكحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَمَا خِفْتُمْ أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا أَن لَا تعدلوا فِي النِّسَاء إِذا جمعتموهن عنْدكُمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يرزؤن من مَال الْيَتِيم شَيْئا وهم ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء وَيَنْكِحُونَ نسَاء آبَائِهِم فتفقدوا من دينهم شَأْن النِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: فَإِن خِفْتُمْ الزِّنَا فانكحوهن يَقُول: كَمَا خِفْتُمْ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى أَن لَا تقسطوا فِيهَا كَذَلِك فخافوا على أَنفسكُم مَا لم تنْكِحُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة يَقُول: إِن تحرجتم فِي ولَايَة الْيَتَامَى وَأكل أَمْوَالهم إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا فَكَذَلِك فتحرجوا من الزِّنَا وَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحا طيبا مثنى وَثَلَاث وَربَاع
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن إِدْرِيس قَالَ أَعْطَانِي الْأسود بن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود مصحف عَلْقَمَة فَقَرَأت ﴿فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء﴾ بِالْألف فَحدثت بِهِ الْأَعْمَش فأعجبه وَكَانَ الْأَعْمَش لَا يكسرها
لَا يقْرَأ طيب بِمَال وَهِي فِي بعض الْمَصَاحِف بِالْيَاءِ / طيب لكم /
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير ﴿مَا طَابَ لكم﴾ قَالَ: مَا حل لكم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة ﴿مَا طَابَ لكم﴾ يَقُول: مَا أحللت لكم
قَوْله تَعَالَى: ﴿مثنى وَثَلَاث وَربَاع﴾
أخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة والنحاس فِي ناسخه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ أسلم وَتَحْته عشر نسْوَة فال لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اختر مِنْهُنَّ - وَفِي لفظ - أمسك أَرْبعا وَفَارق سائرهن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه عَن قيس بن الْحَارِث قَالَ: أسلمت وَكَانَ تحتي ثَمَان نسْوَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: اختر مِنْهُنَّ أَرْبعا وخل سائرهن فَفعلت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قَالَ عمر: من يعلم مَا يحل للمملوك من النِّسَاء قَالَ رجل: أَنا
امْرَأتَيْنِ فَسكت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الحكم قَالَ: أجمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ أَن الْمَمْلُوك لَا يجمع من النِّسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي ﴿فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا﴾ الْآيَة يَقُول إِن خفت أَن لَا تعدل فِي أَربع فَثَلَاث وَإِلَّا فاثنتين وَإِلَّا فَوَاحِدَة فَإِن خفت أَن لَا تعدل فِي وَاحِدَة فَمَا ملكت يَمِينك
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك ﴿فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا﴾ قَالَ: فِي المجامعة وَالْحب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: السراري
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ فَكَانُوا فِي حَلَال مِمَّا
ثمَّ أنزل الله بعد هَذَا تَحْرِيم نِكَاح الْمَرْأَة وَأمّهَا وَنِكَاح مَا نكح الْآبَاء وَالْأَبْنَاء وَأَن يجمع بَين الْأُخْت وَالْأُخْت من الرضَاعَة وَالأُم من الرضَاعَة وَالْمَرْأَة لَهَا زوج حرم الله ذَلِك حر من حرةٍ أَو أمة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تَجُورُوا قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أبي: هَذَا حَدِيث خطأ وَالصَّحِيح عَن عَائِشَة مَوْقُوف
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تميلوا
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله ﴿ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَجْدَر أَن لَا تميلوا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: إِنَّا تبعنا رَسُول الله واطرحوا قَول النَّبِي وعالوا فِي الموازين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تميلوا
ثمَّ قَالَ: أما سَمِعت قَول أبي طَالب: بميزان قسط لَا تخيس سعيرة ووازن صدق وَزنه غير عائل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق الْكُوفِي قَالَ: كتب عُثْمَان بن عَفَّان إِلَى أهل الْكُوفَة فِي شَيْء عاتبوه فِيهِ: إِنِّي لست بميزان لَا أعول
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّحْمَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تميلوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين وَأبي مَالك وَالضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: ﴿ذَلِك أدنى﴾ أَن لَا يكثر من تعولُوا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك أقل لنفقتك
الْوَاحِدَة أقل من عدد وجاريتك أَهْون نَفَقَة من حرَّة أَهْون عَلَيْك فِي الْعِيَال
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تفتقروا
وَالله تَعَالَى أعلم
وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن نَاسا كَانُوا يُعْطي هَذَا الرجل أُخْته وَيَأْخُذ أُخْت الرجل وَلَا يَأْخُذُونَ كَبِير مهر
فَقَالَ الله ﴿وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ﴿وَآتوا النِّسَاء﴾ يَقُول: أعْطوا النِّسَاء ﴿صدقاتهن﴾ يَقُول: مهورهن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿نحلة﴾ قَالَ: يَعْنِي بالنحلة الْمهْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة ﴿نحلة﴾ قَالَت وَاجِبَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج ﴿وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة﴾ قَالَ: فَرِيضَة مُسَمَّاة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ النحلة فِي كَلَام الْوَاجِب يَقُول: لَا تنكحها إِلَّا بِشَيْء وَاجِب لَهَا وَلَيْسَ يَنْبَغِي لأحد أَن ينْكح امْرَأَة بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِصَدَاق وَاجِب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿نحلة﴾ قَالَ: فَرِيضَة
وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن رجلا أعْطى امْرَأَة صَدَاقهَا ملْء يَدَيْهِ طَعَاما كَانَت لَهُ حَلَالا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن أبي لَبِيبَة عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسْتحلَّ بدرهم فقد اسْتحلَّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر بن ربيعَة أَن رجلا تزوج على نَعْلَيْنِ فَأجَاز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِكَاحه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نكح امْرَأَة وَهُوَ يُرِيد أَن يذهب بمهرها فَهُوَ عِنْد الله زَان يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جيبر ﴿فَإِن طبن لكم﴾ قَالَ: هِيَ للأزواج
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة ﴿فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ﴾ قَالَ: من الصَدَاق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً﴾ يَقُول: إِذا كَانَ من غير إِضْرَار وَلَا خديعة فَهُوَ هنيء مريء كَمَا قَالَ الله
وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن نَاسا كَانُوا يتأثمون أَن يُرَاجع أحدهم فِي شَيْء مِمَّا سَاق إِلَى امْرَأَته فَقَالَ الله ﴿فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا اشْتَكَى أحدكُم فليسأل امْرَأَته ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو نَحْوهَا فليشتر بهَا عسلاً وليأخذ من مَاء السَّمَاء فَيجمع هَنِيئًا مريئاً وشفاء ومباركاً
وَأخرج ابْن سعد عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يَقُول لامْرَأَته: أطعمينا من ذَلِك الهنيء المريء يتأوّل هَذِه الْآيَة
الْآيَة ٥
أَن رجلا عمد فَدفع مَاله إِلَى امْرَأَته فَوَضَعته فِي غير الْحق فَقَالَ الله ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم﴾ الْآيَة
يَقُول: لَا تعمد إِلَى مَالك وَمَا خولك الله وَجعله لَك معيشة فتعطيه امْرَأَتك أَو بنيك ثمَّ تضطر إِلَى مَا فِي أَيْديهم وَلَكِن أمسك مَالك وَأَصْلحهُ وَكن أَنْت الَّذِي تنْفق عَلَيْهِم فِي كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم
قَالَ: وَقَوله ﴿قيَاما﴾ يَعْنِي قوامكم من معائشكم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء﴾ قَالَ: هم بنوك وَالنِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن النِّسَاء السُّفَهَاء إِلَّا الَّتِي أطاعت قيمها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء﴾ قَالَ: الخدم وهم شياطين الْأنس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عنابن مسعد ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء﴾ قَالَ: النِّسَاء وَالصبيان
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: الصغار وَالنِّسَاء هم السُّفَهَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نهى الرِّجَال أَن يُعْطوا النِّسَاء أَمْوَالهم وَهن سُفَهَاء من كن أَزْوَاجًا أَو بَنَات أَو أُمَّهَات وَأمرُوا أَن يرزقوهن فِيهِ ويقولوا لَهُنَّ قولا مَعْرُوفا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء﴾ قَالَ: الْيَتَامَى وَالنِّسَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم﴾ قَالَ: هُوَ مَال الْيَتِيم يكون عنْدك يَقُول: لَا تؤته إِيَّاه وَأنْفق عَلَيْهِ حَتَّى يبلغ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء﴾ قَالَ: هم الْيَتَامَى ﴿أَمْوَالكُم﴾ قَالَ: أَمْوَالهم بِمَنْزِلَة قَوْله (وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٧)
وَأخرج ابْن جرير عَن مُورق قَالَ: مرت امْرَأَة بِعَبْد الله بن عمر لَهَا شارة وهيئة فَقَالَ لَهَا ابْن عمر ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما﴾
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاثَة يدعونَ الله فَلَا يستجيب لَهُم: رجل كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق فَلم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: أَمر الله بِهَذَا المَال أَن يخزن فتحسن خزانته وَلَا تملكه الْمَرْأَة السفيهة والغلام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿قيَاما﴾ قَالَ: قيام عيشك
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد
أَنه قَرَأَ ﴿الَّتِي جعل الله لكم قيَاما﴾ بِالْألف يَقُول: قيام عيشك
وَأخرج ابْن أبي حام عَن الضَّحَّاك ﴿جعل الله لكم قيَاما﴾ قَالَ: عصمَة لدينكم وقياماً لكم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿وارزقوهم﴾ يَقُول: أَنْفقُوا عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا﴾ قَالَ: أمروا أَن يَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا فِي الْبر والصلة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج ﴿وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا﴾ قَالَ: عدَّة تعدونهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد ﴿وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا﴾ قَالَ: إِن كَانَ لَيْسَ من ولدك وَلَا مِمَّن يجب عَلَيْك أَن تنْفق عَلَيْهِ فَقل لَهُ قولا مَعْرُوفا قل لَهُ عَافَانَا الله وَإِيَّاك وَبَارك الله فِيك
الْآيَة ٦
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿وابتلوا الْيَتَامَى﴾ قَالَ: عُقُولهمْ ﴿حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح﴾ يَقُول: الْحلم ﴿فَإِن آنستم﴾ قَالَ: أحسستم ﴿مِنْهُم رشدا﴾ قَالَ: الْعقل
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ ﴿وابتلوا الْيَتَامَى﴾ قَالَ: جربوا عُقُولهمْ ﴿فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا﴾ قَالَ: عقولاً وصلاحاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل ﴿وابتلوا الْيَتَامَى﴾ يَعْنِي الْأَوْلِيَاء والأوصياء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن قيس ﴿حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح﴾ قَالَ: خمس عشرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن ﴿فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا﴾ قَالَ: صلاحاً فِي دينه وحفظاً لمَاله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا﴾ قَالَ: صلاحاً فِي دينهم وحفظا لأموالهم
وَخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أدْرك الْيَتِيم بحلم وعقل ووقار دفع إِلَيْهِ مَاله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا تدفع إِلَى الْيَتِيم مَاله وَإِن شمط مَا لم يؤنس مِنْهُ رشد
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً وبداراً﴾ وَيَقُول: لَا تسرف فِيهَا وَلَا تبادر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً﴾ يَعْنِي فِي غير حق ﴿وبداراً أَن يكبروا﴾ قَالَ: خشيَة أَن يبلغ الْحلم فَيَأْخُذ مَاله
وَأخرج البُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي ولي الْيَتِيم ﴿وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ﴾ بِقدر قِيَامه عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي يحيى عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف﴾ قَالَ: يستعف بِمَالِه حَتَّى لَا يُفْضِي إِلَى مَال الْيَتِيم
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ﴾ قَالَ: هُوَ الْقَرْض
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ﴾ يَعْنِي الْقَرْض
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ولي الْيَتِيم إِن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَإِن كَانَ فَقِيرا أَخذ من فضل اللَّبن وَأخذ بالقوت لَا يُجَاوِزهُ وَمَا يستر عَوْرَته من الثِّيَاب فَإِن أيسر قَضَاهُ وَإِن أعْسر فَهُوَ فِي حل
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: إِن كَانَ غَنِيا فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْكُل من مَال الْيَتِيم شَيْئا وَإِن كَانَ فَقِيرا فليستقرض مِنْهُ فَإِذا وجد ميسرَة فليعطه مَا اسْتقْرض مِنْهُ فَذَلِك أكله بِالْمَعْرُوفِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِنِّي أنزلت نَفسِي من مَال الله بِمَنْزِلَة ولي الْيَتِيم إِن اسْتَغْنَيْت اسْتَعْفَفْت وَإِن احتجت أخذت مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ
فَإِذا أَيسَرت قضيت
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ﴾ قَالَ: إِذا احْتَاجَ ولي الْيَتِيم وضع يَده فَأكل من طعامهم وَلَا يلبس مِنْهُ ثوبا وَلَا عِمَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ﴾ قَالَ:
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَأْكُل الْفَقِير إِذا ولي مَال الْيَتِيم بِقدر قِيَامه على مَاله ومنفعته لَهُ وَمَا لم يسرف أَو يبذر
وَأخرج مَالك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِن فِي حجري أيتاماً وَإِن لَهُم إبِلا فَمَاذَا يحل لي من أَلْبَانهَا فَقَالَ: إِن كنت تبغي ضَالَّتهَا وتهنا جَرْبَاهَا وَتَلوط حَوْضهَا وتسعى عَلَيْهَا فَاشْرَبْ غير مُضر بِنَسْل وَلَا نَاهِك فِي الْحَلب
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَمْرو أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَيْسَ لي مَال ولي يَتِيم فَقَالَ كل من مَال يَتِيمك غير مُسْرِف وَلَا مبذر وَلَا متأثل مَالا وَمن غير أَن تَقِيّ مَالك بِمَالِه
وَأخرج ابْن حبَان عَن جَابر أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مِم أضْرب يَتِيمِي قَالَ: مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك غير واق مَالك بِمَالِه وَلَا متأثل مِنْهُ مَالا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه عَن الْحسن العرني أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مِم أضْرب يَتِيمِي قَالَ: مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك قَالَ: فأصيب من مَاله قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ غير متأثل مَالا وَلَا واق مَالك بِمَالِه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن عَم ثَابت بن ودَاعَة - وثابت يَوْمئِذٍ يَتِيم فِي حجره من الْأَنْصَار - أَتَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن ابْن أخي يَتِيم فِي حجري فَمَاذَا يحل لي من مَاله قَالَ: أَن تَأْكُل من مَاله بِالْمَعْرُوفِ من غير أَن تَقِيّ مَالك بِمَالِه وَلَا تَأْخُذ من مَاله وفراً
قَالَ: وَكَانَ الْيَتِيم يكون لَهُ الْحَائِط من النّخل فَيقوم وليه على صَلَاحه وسقيه فَيُصِيب من ثمره وَيكون لَهُ الْمَاشِيَة فَيقوم وليه على صَلَاحهَا ومؤنتها وعلاجها فَيُصِيب من جزارها ورسلها وعوارضها فَأَما رِقَاب المَال فَلَيْسَ لَهُم أَن يَأْكُلُوا وَلَا يستهلكوه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: خمس فِي كتاب الله رخصَة وَلَيْسَت بعزيمة قَوْله ﴿وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ﴾ إِن شَاءَ أكل وَإِن شَاءَ لم يَأْكُل
وَأخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن
) (النِّسَاء الْآيَة ١٠) الْآيَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن الضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي الزِّنَاد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أَبُو الزِّنَاد يَقُول: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي أهل البدو وأشباههم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نَافِع بن أبي نعيم الْقَارِي قَالَ: سَأَلت يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة عَن قَوْله ﴿فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ﴾ قَالَا: ذَلِك فِي الْيَتِيم إِن كَانَ فَقِيرا أنْفق عَلَيْهِ بِقدر فقره وَلم يكن للْوَلِيّ مِنْهُ شَيْء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم﴾ يَقُول: إِذا دفع إِلَى الْيَتِيم مَاله فليدفعه إِلَيْهِ بالشهود كَمَا أمره الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة يَقُول للأوصياء: إِذا دفعتم إِلَى الْيَتَامَى أَمْوَالهم إِذا بلغُوا الْحلم فأشهدوا عَلَيْهِم بِالدفع إِلَيْهِم أَمْوَالهم ﴿وَكفى بِاللَّه حسيباً﴾ يَعْنِي لَا شَاهد أفضل من الله فِيمَا بَيْنكُم وَبينهمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ ﴿وَكفى بِاللَّه حسيبا﴾ يَقُول: شَهِيدا
الْآيَة ٧
فَمَاتَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَوْس بن ثَابت وَترك ابْنَتَيْن وابناً صَغِيرا فجَاء ابْنا عَمه وهما عصبته فأخذا مِيرَاثه كُله فَقَالَت امْرَأَته لَهما: تزوجا بهما وَكَانَ بهما دمامة فأبيا
فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله توفّي أَوْس وَترك ابْنا صَغِيرا وابنتين فجَاء ابْنا عَمه خَالِد وَعرْفطَة فأخذا مِيرَاثه فَقلت لَهما: تزوّجا ابْنَتَيْهِ فأبيا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَدْرِي مَا أَقُول فَنزلت ﴿للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ﴾ الْآيَة
فَأرْسل إِلَى خَالِد وَعرْفطَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أم كُلْثُوم وَابْنَة أم كحلة أَو أم كحة وثعلبة بن أَوْس وسُويد وهم من الْأَنْصَار
كَانَ أحدهم زَوجهَا وَالْآخر عَم وَلَدهَا فَقَالَت: يَا رَسُول الله توفّي زَوجي وَتَرَكَنِي وَابْنَته فَلم نورث من مَاله فَقَالَ عَم وَلَدهَا: يَا رَسُول الله لَا تركب فرسا وَلَا تنكأ عدوا ويكسب عَلَيْهَا وَلَا تكتسب
فَنزلت ﴿للرِّجَال نصيب﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الْولدَان الصغار شَيْئا يجْعَلُونَ الْمِيرَاث لذِي الْأَسْنَان من الرِّجَال
فَنزلت ﴿للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ﴾ إِلَى قَوْله ﴿مِمَّا قلَّ مِنْهُ أَو كثر﴾ يَعْنِي من الْمِيرَاث ﴿نَصِيبا﴾ يَعْنِي حظاً ﴿مَفْرُوضًا﴾ يَعْنِي مَعْلُوما
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿نَصِيبا مَفْرُوضًا﴾ قَالَ: وَقفا مَعْلُوما
الْآيَة ٨
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذا حضر الْقِسْمَة﴾ الْآيَة
قَالَ: هِيَ قَائِمَة يعْمل بهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حطَّان بن عبد الله فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: قضى بهَا أَبُو مُوسَى
) (الحجرات الْآيَة ١٣) الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن هَذِه الْآيَة نسخت ﴿وَإِذا حضر الْقِسْمَة﴾ الْآيَة
وَلَا وَالله مَا نسخت وَلكنه مِمَّا تهاون بِهِ النَّاس هما واليان: وَال يَرث فَذَاك الَّذِي يرْزق ويكسو ووال لَيْسَ بوارث فَذَاك الَّذِي يَقُول قولا مَعْرُوفا
يَقُول: إِنَّه مَال يَتِيم وَمَاله فِيهِ شَيْء
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق من عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى﴾ قَالَ: يرْضخ لَهُم فَإِن كَانَ فِي المَال تَقْصِير اعتذر إِلَيْهِم فَهُوَ قولا مَعْرُوفا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عمْرَة ابْنة عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر حِين قسم مِيرَاث أَبِيه أَمر بِشَاة فاشتريت من المَال وبطعام فَصنعَ
فَذكرت ذَلِك لعَائِشَة فَقَالَت: عمل بِالْكتاب هِيَ لم تنسخ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ عِنْد قسْمَة مواريثهم أَن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكينهم من الْوَصِيَّة إِن كَانَ أوصى لَهُم فَإِن لم يكن لَهُم وَصِيَّة وصل إِلَيْهِم من مواريثهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك قبل أَن تنزل الْفَرَائِض فَأنْزل الله بعد ذَلِك الْفَرَائِض فَأعْطى كل ذِي حق حَقه فَجعلت الصَّدَقَة فِيمَا سمى الْمُتَوفَّى
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذا حضر الْقِسْمَة﴾ الْآيَة
قَالَ: نسختها آيَة الْمِيرَاث فَجعل لكل إِنْسَان نصِيبه مِمَّا ترك مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر
قَالَا: فَلم يدع فِي الدَّار مِسْكينا وَلَا ذَا قرَابَة إِلَّا أعطَاهُ من مِيرَاث أَبِيه
وتلا ﴿وَإِذا حضر الْقِسْمَة﴾ الْآيَة
قَالَ الْقَاسِم: فَذكرت ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ: مَا أصَاب لَيْسَ ذَلِك لَهُ إِنَّمَا ذَلِك للْوَصِيَّة وَإِنَّمَا هَذِه الْآيَة فِي الْوَصِيَّة يُرِيد الْمَيِّت أَن يُوصي لَهُم
وَأخرج النّحاس فِي ناسخه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا حضر الْقِسْمَة﴾ الْآيَة
قَالَ: نسختها (يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم
) (النِّسَاء الْآيَة ١١) الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة كَانَت قبل الْفَرَائِض كَانَ مَا ترك الرجل من مَال أعْطى مِنْهُ الْيَتِيم وَالْفَقِير والمسكين وذوو الْقُرْبَى إِذا حَضَرُوا الْقِسْمَة ثمَّ نسخ بعد ذَلِك نسختها الْمَوَارِيث فَألْحق الله بِكُل ذِي حق حَقه وَصَارَت الْوَصِيَّة من مَاله يُوصي بهَا لِذَوي قرَابَته حَيْثُ يَشَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن كَانُوا كبارًا يرضخوا وَإِن كَانُوا صغَارًا اعتذروا إِلَيْهِم
فَذَلِك قَوْله ﴿قولا مَعْرُوفا﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يرضخون لِذَوي الْقَرَابَة حَتَّى نزلت الْفَرَائِض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مَالك قَالَ: نسختها آيَة الْمِيرَاث
الْآيَة ٩
قَالَ: هَذَا فِي الرجل يحضر الرجل عِنْد مَوته فيسمعه يُوصي وَصِيَّة يضر بورثته فَأمر الله الَّذِي يسمعهُ أَن يَتَّقِي الله ويوفقه ويسدده للصَّوَاب ولينظر لوَرثَته كَمَا يحب أَن يصنع بورثته إِذا خشِي عَلَيْهِم الضَّيْعَة
يَعْنِي أَن من حضر مِنْكُم مَرِيضا عِنْد الْمَوْت فَلَا يَأْمُرهُ أَن ينْفق مَاله فِي الْعتْق أَو فِي الصَّدَقَة أَو فِي سَبِيل الله وَلَكِن يَأْمُرهُ أَن يبين مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ من دين ويوصي من مَاله لِذَوي قرَابَته الَّذين لَا يَرِثُونَ يُوصي لَهُم بالخمس أَو الرّبع
يَقُول: لَيْسَ لأحدكم إِذا مَاتَ وَله ولد ضِعَاف - يَعْنِي صغَارًا - أَن يتركهم بِغَيْر مَال فيكونون عيالاً على النَّاس وَلَا يَنْبَغِي لكم أَن تأمروه بِمَا لَا ترْضونَ بِهِ لأنفسكم ولأولادكم وَلَكِن قُولُوا الْحق فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَعْنِي بذلك الرجل يَمُوت وَله أَوْلَاد صغَار ضِعَاف يخَاف عَلَيْهِم الْعيلَة والضيعة وَيخَاف بعده أَن لَا يحسن إِلَيْهِم من يليهم يَقُول: فَإِن ولي مثل ذُريَّته ضعافاً يتامى فليحسن إِلَيْهِم وَلَا يَأْكُل أَمْوَالهم إسرافاً وبداراً أَن يكبروا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِذا حضر الرجل عِنْد الْوَصِيَّة فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: أوص بِمَالك فَإِن الله رَازِق ولدك وَلَكِن يُقَال لَهُ: قدم لنَفسك واترك لولدك
فَذَلِك القَوْل السديد فَإِن الَّذِي يَأْمر بِهَذَا يخَاف على نَفسه الْعيلَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وآدَم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا حضر يُقَال لَهُ: أوص لفُلَان أوص لفُلَان وَافْعل كَذَا وَافْعل كَذَا حَتَّى يضر ذَلِك بورثته
فَقَالَ الله ﴿وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً خَافُوا عَلَيْهِم﴾ قَالَ: لينظروا لوَرَثَة هَذَا كَمَا ينظر هَذَا لوَرَثَة نَفسه فليتقوا الله وليأمروه بِالْعَدْلِ وَالْحق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم﴾ يَعْنِي من بعد مَوْتهمْ ﴿ذُرِّيَّة ضعافاً﴾ يَعْنِي عجزة لَا حِيلَة لَهُم ﴿خَافُوا عَلَيْهِم﴾ يَعْنِي على ولد الْمَيِّت الضَّيْعَة كَمَا يخَافُونَ على ولد أنفسهم ﴿فليتقوا الله وليقولوا﴾ للْمَيت إِذا جَلَسُوا إِلَيْهِ ﴿قولا سديداً﴾ يَعْنِي عدلا فِي وَصيته فَلَا يجور
وَأخرج ابْن جرير عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَيَّام مسلمة بن عبد الْملك وَفينَا ابْن محيريز وَابْن الديلمي وهانىء بن كُلْثُوم فَجعلنَا نتذاكر مَا يكون
فَضرب بِيَدِهِ على مَنْكِبي وَقَالَ: يَا ابْن أخي لَا تفعل فَإِنَّهُ لَيست من نسمَة كتب الله لَهَا أَن تخرج من صلب رجل وَهِي خَارِجَة إِن شَاءَ وَإِن أَبى
قَالَ: أَلا أدلك على أَمر إِن أَنْت أَدْرَكته نجاك الله مِنْهُ وَإِن تركت ولدك من بعْدك حفظهم الله فِيك قلت: بلَى
فَتلا عليّ هَذِه الْآيَة ﴿وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الله فِي الضعيفين: الْيَتِيم وَالْمَرْأَة أيتمه ثمَّ أوصى بِهِ وابتلاه وابتلى بِهِ
الْآيَة ١٠
فَقيل: يَا رَسُول الله من هم قَالَ: ألم تَرَ إِن الله يَقُول ﴿إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ حَدثنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ قَالَ: نظرت فَإِذا أَنا بِقوم لَهُم مشافر كمشافر الْإِبِل وَقد وكِّل بهم من يَأْخُذ بمشافرهم ثمَّ يَجْعَل فِي أَفْوَاههم صخرا من نَار فتقذف فِي فِي أحدهم حَتَّى تخرج من أسافلهم وَلَهُم خوار وصراخ فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ ﴿الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيراً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِذا قَامَ الرجل يَأْكُل مَال الْيَتِيم ظلما يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَلَهَب النَّار يخرج من فِيهِ وَمن مسامعه وَمن أُذُنَيْهِ وَأَنْفه وَعَيْنَيْهِ يعرفهُ من رَآهُ بآكل مَال الْيَتِيم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر قَالَ: من أكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه لأهل الشّرك حِين كَانُوا لَا يورثونهم ويأكلون أَمْوَالهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿سعيراً﴾ يَعْنِي وقوداً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ السعير وَاد من فيح فِي جَهَنَّم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع حق على الله أَن لَا يدخلهم الْجنَّة وَلَا يذيقهم نعيماً: مدمن الْخمر وآكل رَبًّا وآكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق والعاق لوَالِديهِ
الْآيَة ١١
وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم عَن جَابر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودنِي وَأَنا
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة ومسدد وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي عمر وَابْن منيع وَابْن أبي أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر قَالَ جَاءَت امْرَأَة سعد بن الرّبيع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله هَاتَانِ ابنتا سعد بن الرّبيع قتل أَبوهُمَا مَعَك فِي أحد شَهِيدا وَأَن عَمهمَا أَخذ مَالهمَا فَلم يدع لَهما مَالا وَلَا ينكحان إِلَّا وَلَهُمَا مَال فَقَالَ: يقْضِي الله فِي ذَلِك
فَنزلت آيَة الْمِيرَاث ﴿يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم﴾ الْآيَة
فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَمهمَا فَقَالَ: أعْط ابْنَتي سعد الثُّلثَيْنِ وأمهما الثّمن وَمَا بَقِي فَهُوَ لَك
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ المَال للْوَلَد وَكَانَت الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين فنسخ الله من ذَلِك مَا أحب فَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَجعل لِلْأَبَوَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مَعَ الْوَلَد وَجعل للزَّوْجَة الثّمن وَالرّبع وَللزَّوْج الشّطْر وَالرّبع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت آيَة الْفَرَائِض الَّتِي فرض الله فِيهَا مَا فرض للْوَلَد الذّكر وَالْأُنْثَى والأبوين كرهها النَّاس أَو بَعضهم وَقَالُوا: نعطي الْمَرْأَة الرّبع أَو الثّمن ونعطي الإبنة النّصْف ونعطي الْغُلَام الصَّغِير وَلَيْسَ من هَؤُلَاءِ أحد يُقَاتل الْقَوْم وَلَا يحوز الْغَنِيمَة وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يُعْطون الْمِيرَاث إِلَّا لمن قَاتل الْقَوْم ويعطونه الْأَكْبَر فالأكبر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ قَالَ: صَغِيرا أَو كَبِيرا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْجَوَارِي وَلَا الضُّعَفَاء من الغلمان لَا يَرث الرجل من وَالِده إِلَّا من أطَاق الْقِتَال
فَمَاتَ عبد الرَّحْمَن أَخُو حسان الشَّاعِر وَترك امْرَأَة لَهُ يُقَال لَهَا أم كحة
وَترك خمس جوَار فَجَاءَت الْوَرَثَة فَأخذُوا مَاله فشكت أم كحة ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿فَإِن كن نسَاء﴾ يَعْنِي بَنَات ﴿فَوق اثْنَتَيْنِ﴾ يَعْنِي أَكثر من اثْنَتَيْنِ أَو كن اثْنَتَيْنِ لَيْسَ مَعَهُنَّ ذكر ﴿فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك﴾ الْمَيِّت والبقية للْعصبَةِ ﴿وَإِن كَانَت وَاحِدَة﴾ يَعْنِي ابْنة وَاحِدَة فلهَا النّصْف ﴿ولأبويه﴾ يَعْنِي أَبَوي الْمَيِّت ﴿لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد﴾ يَعْنِي ذكرا كَانَ أوكانتا اثْنَتَيْنِ فَوق ذَلِك وَلم يكن مَعَهُنَّ ذكر فَإِن كَانَ الْوَلَد ابْنة وَاحِدَة فلهَا نصف المَال ثَلَاثَة أَسْدَاس وَللْأَب سدس وَيبقى سدس وَاحِد فَيرد ذَلِك على الْأَب لِأَنَّهُ هُوَ الْعصبَة ﴿فَإِن لم يكن لَهُ ولد﴾ قَالَ: ذكر وَلَا أُنْثَى ﴿وورَّثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث﴾ وَبَقِيَّة المَال للْأَب ﴿فَإِن كَانَ لَهُ﴾ يَعْنِي للْمَيت ﴿إخْوَة﴾ قَالَ: أَخَوان فَصَاعِدا أَو أختَان أَو أَخ أَو أُخْت ﴿فلأمه السُّدس﴾ وَمَا بَقِي فللأب وَلَيْسَ للإخوة مَعَ الْأَب شَيْء وَلَكنهُمْ حجبوا الْأُم عَن الثُّلُث ﴿من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا﴾ فِيمَا بَينه وَبَين الثُّلُث لغير الْوَرَثَة وَلَا تجوز وَصِيَّة لوَارث ﴿أَو دين﴾ يَعْنِي يحم الْمِيرَاث للْوَرَثَة من بعد دين على الْمَيِّت ﴿فَرِيضَة من الله﴾ يَعْنِي مَا ذكر من قسْمَة الْمِيرَاث ﴿إِن الله كَانَ عليماً حكيماً﴾ حكم قسمه
وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت قَالَ: توفّي الرجل أَو الْمَرْأَة وَترك بِنْتا فلهَا النّصْف فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَأكْثر فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَإِن كَانَ مَعَهُنَّ ذكر فَلَا فَرِيضَة لأحد مِنْهُم وَيبدأ بِأحد إِن شركهن بفريضة فَيعْطى فريضته
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب إِذا سلك بِنَا طَرِيقا فاتبعناه وَجَدْنَاهُ سهلاً وَإنَّهُ سُئِلَ عَن امْرَأَة وأبوين فَقَالَ: للْمَرْأَة الرّبع وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَمَا بَقِي فللأب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَرْسلنِي ابْن عَبَّاس إِلَى زيد بن ثَابت أسأله عَن زوج وأبوين فَقَالَ زيد: للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَللْأَب بَقِيَّة المَال
فَأرْسل إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس: أَفِي كتاب الله تَجِد هَذَا قَالَ: لَا
وَلَكِن أكره أَن أفضل أما على أَب
قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يُعْطي الْأُم الثُّلُث من جَمِيع المَال
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت أَنه كَانَ يحجب الْأُم بالأخوين فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا سعيد إِن الله يَقُول ﴿فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة﴾ وَأَنت تحجبها بأخوين فَقَالَ: إِن الْعَرَب تسمي الْأَخَوَيْنِ إخْوَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس﴾ قَالَ: أضروا بِالْأُمِّ وَلَا يَرِثُونَ وَلَا يحجبها الْأَخ الْوَاحِد من الثُّلُث ويحجبها مَا فَوق ذَلِك وَكَانَ أهل الْعلم يرَوْنَ أَنهم إِنَّمَا حجبوا أمّهم من الثُّلُث لِأَن أباهم يَلِي نكاحهم وَالنَّفقَة عَلَيْهِم دون أمّهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السُّدس الَّذِي حَجَبته الْإِخْوَة الْأُم لَهُم إِنَّمَا حجبوا أمّهم عَنهُ ليَكُون لَهُم دون أمّهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ قَالَ: إِنَّكُم تقرؤون هَذِه الْآيَة ﴿من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين﴾ وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة وَإِن أَعْيَان بني الْأُم يتوارثون دون بني العلات
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين﴾ قَالَ: يبْدَأ بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿آباؤكم وأبناؤكم لَا تَدْرُونَ أَيهمْ أقرب لكم نفعا﴾ يَقُول: أطوعكم لله من الْآبَاء وَالْأَبْنَاء أرفعكم دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة لِأَن الله شفع الْمُؤمنِينَ بَعضهم فِي بعض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أَيهمْ أقرب لكم نفعا﴾ قَالَ: فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿أَيهمْ أقرب لكم نفعا﴾ قَالَ بَعضهم: فِي نفع الْآخِرَة
وَقَالَ بَعضهم: فِي نفع الدُّنْيَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمِيرَاث للْوَلَد فَانْتزع الله مِنْهُ للزَّوْج وَالْوَالِد
يَقُول: للرجل نصف مَا تركت امْرَأَته إِذا مَاتَت إِن لم يكن لَهَا ولد من زَوجهَا الَّذِي مَاتَت عَنهُ أَو من غَيره فَإِن كَانَ لَهَا ولد ذكر أَو أُنْثَى فَللزَّوْج الرّبع مِمَّا تركت من المَال من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا النِّسَاء أَو دين عَلَيْهِنَّ - والدّين قبل الْوَصِيَّة فِيهَا تَقْدِيم - ﴿ولهن الرّبع﴾ الْآيَة
يَعْنِي للْمَرْأَة الرّبع مِمَّا ترك زَوجهَا من الْمِيرَاث إِن لم يكن لزَوجهَا الَّذِي مَاتَ عَنْهَا ولد مِنْهَا وَلَا من غَيرهَا فَإِن كَانَ للرجل ولد ذكر أَو أُنْثَى فلهَا الثّمن مِمَّا ترك الزَّوْج من المَال وَإِن كَانَ رجل أَو امْرَأَة يُورث كَلَالَة - والكلالة الْمَيِّت الَّذِي لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد - ﴿فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك﴾ يَعْنِي أَكثر من وَاحِد إثنين إِلَى عشرَة فَصَاعِدا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد والدرامي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه كَانَ يقْرَأ / وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة وَله أَخ أَو أُخْت من أم /
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: مَا ورث أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِخْوَة من الْأُم مَعَ الْجد شَيْئا قطّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَله أَخ أَو أُخْت﴾ قَالَ:
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: قضى عمر بن الْخطاب أَن مِيرَاث الْإِخْوَة من الْأُم بَينهم الذّكر فِيهِ مثل الْأُنْثَى
قَالَ: وَلَا أرى عمر بن الْخطاب قضى بذلك حَتَّى علمه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولهذه الْآيَة الَّتِي قَالَ الله ﴿فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث﴾
وَأخرج الْحَاكِم عَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَزيد فِي أم وَزوج وإخوة لأَب وَأم وإخوة لأم إِن الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم شُرَكَاء الْإِخْوَة من الْأُم فِي ثلثهم وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: هم بَنو أم كلهم وَلم تزدهم الْأُم إِلَّا قرباً فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث
وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت فِي المشركة قَالَ: هبوا أَن أباهم كَانَ حمارا مَا زادهم الْأَب إِلَّا قرباً وأشرك بَينهم فِي الثُّلُث
ذكر الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْفَرَائِض أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموه النَّاس فَإِنَّهُ نصف الْعلم وَإنَّهُ ينسى وَهُوَ أول مَا ينْزع من أمتِي
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموها النَّاس فَإِنِّي امْرُؤ مَقْبُوض وَإِن الْعلم سيقبض وَتظهر الْفِتَن حَتَّى يخْتَلف الإثنان فِي الْفَرَائِض لَا يجدان من يقْضِي بهَا
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن الْمسيب قَالَ: كتب عمر إِلَى أبي مُوسَى: إِذا لهوتم فالهوا بِالرَّمْي وَإِذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض واللحن وَالسّنة كَمَا تعلمُونَ الْقُرْآن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض فَإِنَّهَا من دينكُمْ
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ مِنْكُم الْقُرْآن فليتعلم الْفَرَائِض فَإِن لقِيه أَعْرَابِي قَالَ: يَا مهَاجر أَتَقْرَأُ الْقُرْآن فَيَقُول: نعم
فَيَقُول: وَأَنا أَقرَأ
فَيَقُول الْأَعرَابِي: أتفرض يَا مهَاجر فَإِن قَالَ: نعم
قَالَ: زِيَادَة خير
وَإِن قَالَ: لَا
قَالَ: فَمَا فضلك عليَّ يَا مهَاجر
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَفْرَضُ أمتِي زيد بن ثَابت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَوْلَا أَن زيد بن ثَابت كتب الْفَرَائِض لرأيت أَنَّهَا ستذهب من النَّاس
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب إِلَى قبَاء يستخير فِي مِيرَاث الْعمة وَالْخَالَة
فَأنْزل الله عَلَيْهِ لَا مِيرَاث لَهما
وَأخرجه الْحَاكِم مَوْصُولا من طَرِيق عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ يَقُول: عجبا للعمة تورِث وَلَا تَرث
وَأخرج الْحَاكِم عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ: جَاءَت الْجدّة إِلَى أبي بكر فَقَالَت: إِن لي حَقًا فِي ابْن ابْن
أَو ابْن ابْنة لي مَاتَ
قَالَ: مَا علمت لَك حَقًا فِي كتاب الله وَلَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ شَيْئا وسأسأل
فَشهد الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَاهَا السُّدس قَالَ: من شهد ذَلِك مَعَك فَشهد مُحَمَّد بن مسلمة فَأَعْطَاهَا أَبُو بكر السُّدس
وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت أَن عمر لما استشارهم فِي مِيرَاث الْجد وَالإِخْوَة قَالَ زيد: كَانَ رَأْيِي أَن الْإِخْوَة أولى بِالْمِيرَاثِ وَكَانَ عمر يرى يَوْمئِذٍ أَن الْجد أولى من الْإِخْوَة فحاورته وَضربت لَهُ مثلا وَضرب عَليّ وَابْن عَبَّاس لَهُ مثلا يَوْمئِذٍ
السَّيْل يَضْرِبَانِهِ ويصرفانه على نَحْو تصريف زيد
وَأخرج الْحَاكِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: إِن من قَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للجدتين من الْمِيرَاث السُّدس بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول من أعال الْفَرَائِض عمر تدافعت عَلَيْهِ وَركب بَعْضهَا بَعْضًا قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع بكم وَالله مَا أَدْرِي أَيّكُم قدَّم الله وَلَا أَيّكُم أخَّر وَمَا أجد فِي هَذَا المَال شَيْئا أحسن من أَن أقسمه عَلَيْكُم بِالْحِصَصِ
ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس: وأيم الله لَو قدَّم من قدَّم الله وأخَّر من أخر الله مَا عالت فريضته
فَقيل لَهُ: وأيها قدَّم الله قَالَ: كل فَرِيضَة لم يهبطها الله من
فَإِذا اجْتمع من قدم الله وَأخر بدىء بِمن قدَّم فَأعْطى حَقه كَامِلا فَإِن بَقِي شَيْء كَانَ لَهُنَّ وَإِن لم يبْق شَيْء فَلَا شَيْء لَهُنَّ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَرَوْنَ الَّذِي أحصى رمل عالج عددا جعل فِي المَال نصفا وَثلثا وربعاً إِنَّمَا هُوَ نِصْفَانِ وَثَلَاثَة أَثلَاث وَأَرْبَعَة أَربَاع
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَطاء قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن النَّاس لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِي وَلَا بِقَوْلِك وَلَو متُّ أَنا وَأَنت مَا اقتسموا مِيرَاثا على مَا تَقول: قَالَ: فليجتمعوا فلنضع أَيْدِينَا على الرُّكْن ثمَّ نبتهل فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين
مَا حكم الله بِمَا قَالُوا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت
أَنه أول من أعال الْفَرَائِض وَأكْثر مَا بلغ الْعَوْل مثل ثُلثي رَأس الْفَرِيضَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: من شَاءَ لَاعَنته عِنْد الْحجر الْأسود إِن الله لم يذكر فِي الْقُرْآن جدا وَلَا جدة إِن هم إِلَّا الْآبَاء ثمَّ تَلا (وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب) (يُوسُف الْآيَة ٣٨)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجرؤكم على قسم الْجد أجرؤكم على النَّار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر قَالَ: أجرؤكم على جراثيم جَهَنَّم أجرؤكم على الْجد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن عَليّ قَالَ: من سرَّه أَن يتقحَّم جراثيم جَهَنَّم فليقض بَين الْجد وَالإِخْوَة
وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم وَلَا الْمُسلم الْكَافِر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: مَا أحدث فِي الْإِسْلَام قَضَاء بعد قَضَاء أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ أعجب إليَّ من قَضَاء مُعَاوِيَة إِنَّا نرثهم وَلَا يرثونا كَمَا أَن النِّكَاح يحل لنا فيهم وَلَا يحلُّ لَهُم فِينَا
قَوْله تَعَالَى: ﴿غير مضار﴾ الْآيَة
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين غير مضار﴾ يَعْنِي من غير ضرار لَا يقر بِحَق لَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا يُوصي بِأَكْثَرَ من الثُّلُث مضار للْوَرَثَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿غير مضار﴾ قَالَ: فِي الْمِيرَاث لأَهله
وَأخرج النَّسَائِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر ثمَّ قَرَأَ ﴿غير مضار﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الأضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر
وَأخرج مَالك وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْجَارُود وَابْن حبَان عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه مرض مَرضا أشفي مِنْهُ فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا كثيرا وَلَيْسَ يَرِثنِي إِلَّا ابْنة أفأتصدق بالثلثين قَالَ: لَا
قَالَ: فَالشَّطْر
قَالَ: لَا
قَالَ: فَالثُّلُث
قَالَ: الثُّلُث وَالثلث إِنَّك أَن تذر وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تذرهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: إِن الله تصدق عَلَيْكُم بِثلث أَمْوَالكُم زِيَادَة فِي حَيَاتكُم يَعْنِي الْوَصِيَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وددت أَن النَّاس غضوا من الثُّلُث إِلَى الرّبع لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الثُّلُث كثير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: ذكر عِنْد عمر الثُّلُث فِي الْوَصِيَّة قَالَ: الثُّلُث وسط لَا بخس وَلَا شطط
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الَّذِي يُوصي بالخمس أفضل من الَّذِي يُوصي بِالربعِ وَالَّذِي يُوصي بِالربعِ أفضل من الَّذِي يُوصي بِالثُّلثِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ يُقَال: السُّدس خير من الثُّلُث فِي الْوَصِيَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: من أوصى بِوَصِيَّة لم يحف فِيهَا وَلم يضار أحدا كَانَ لَهُ من الْأجر مَا لَو تصدق فِي حَيَاته فِي صِحَّته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يَمُوت الرجل قبل أَن يُوصي قبل أَن تنزل الْمَوَارِيث
آيَة ١٣ - ١٤
وَقَوله ﴿ويتعدَّ حُدُوده﴾ يَعْنِي من لم يرض بقسم الله وتعدَّى مَا قَالَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿تِلْكَ حُدُود الله﴾ بقول: شُرُوط الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿تِلْكَ حُدُود الله﴾ يَعْنِي سنة الله وَأمره فِي قسْمَة الْمِيرَاث ﴿وَمن يطع الله وَرَسُوله﴾ فَيقسم الْمِيرَاث كَمَا أمره الله ﴿وَمن يعْص الله وَرَسُوله﴾ قَالَ: يُخَالف أمره فِي قسْمَة الْمَوَارِيث ﴿يدْخلهُ نَارا خَالِدا فِيهَا﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿وَمن يطع الله وَرَسُوله﴾ قَالَ: فِي شَأْن الْمَوَارِيث الَّتِي ذكر قبل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿تِلْكَ حُدُود الله﴾ الَّتِي حد لخلقه وفرائضه بَينهم فِي الْمِيرَاث وَالْقِسْمَة فَانْتَهوا إِلَيْهَا وَلَا تعدوها إِلَى غَيرهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿وَمن يطع الله وَرَسُوله﴾ قَالَ: من يُؤمن بِهَذِهِ الْفَرَائِض
وَفِي قَوْله ﴿وَمن يعْص الله وَرَسُوله﴾ قَالَ من لَا يُؤمن بهَا
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الْخَيْر سبعين سنة فَإِذا أوصى حاف فِي وَصيته فيختم لَهُ بشر عمله فَيدْخل النَّار وَإِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الشَّرّ سبعين سنة فيعدل فِي وَصيته فيختم لَهُ بِخَير عمله فَيدْخل الْجنَّة
ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقرأوا إِن شِئْتُم ﴿تِلْكَ حُدُود الله﴾ إِلَى قَوْله ﴿عَذَاب مهين﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قطع مِيرَاثا فَرْضه الله قطع الله مِيرَاثه من الْجنَّة
وَأخرج ابْن مَاجَه من وَجه آخر عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قطع مِيرَاث وَارثه قطع الله مِيرَاثه من الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من وَجه ثَالِث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قطع مِيرَاثا فَرْضه الله وَرَسُوله قطع الله بِهِ مِيرَاثه من الْجنَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى لَا يقسم مِيرَاث وَلَا يفرح بغنيمة عَدو
الْآيَة ١٥
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وسعيد بن منصور عن سليمان بن موسى قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قطع ميراثا فرضه الله قطع الله ميراثه من الجنة ".
وأخرج ابن ماجه من وجه آخر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من قطع ميراث وارثه قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة ".
وأخرج البيهقي في البعث من وجه ثالث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من قطع ميراثا فرضه الله ورسوله قطع الله به ميراثه من الجنة ".
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة عدو.
قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا فجرت حبست فِي الْبيُوت فَإِن مَاتَت مَاتَت وَإِن عاشت عاشت حَتَّى نزلت الْآيَة فِي سُورَة النُّور (الزَّانِيَة وَالزَّانِي) (النُّور الْآيَة ٢) فَجعل الله لهنَّ سَبِيلا فَمن عمل شَيْئا جلد وَأرْسل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا زنت حبست فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت ثمَّ أنزل الله بعد ذَلِك (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة) (النُّور الْآيَة ٢) فَإِن كَانَا محصنين رجما
فَهَذَا السَّبِيل الَّذِي جعله الله لَهما
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم﴾ وَقَوله ﴿لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة﴾ الطَّلَاق الْآيَة ١ وَقَوله ﴿وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة﴾ النِّسَاء الْآيَة ١٩ قَالَ: كَانَ ذكر الْفَاحِشَة فِي هَؤُلَاءِ الْآيَات قبل أَن تنزل سُورَة النُّور بِالْجلدِ وَالرَّجم فَإِن جَاءَت الْيَوْم بِفَاحِشَة مبينَة فَإِنَّهَا تخرج فترجم فنسختها هَذِه الْآيَة ﴿الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة﴾ النُّور الْآيَة ٢ والسبيل الَّذِي جعل الله لَهُنَّ الْجلد وَالرَّجم
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿سَبِيلا﴾ وَذكر الرجل بعد الْمَرْأَة ثمَّ جَمعهمَا جَمِيعًا فَقَالَ (واللذان يأتيانهما مِنْكُم فآذوهما
) (النِّسَاء الْآيَة ١٦) الْآيَة
ثمَّ نسخ ذَلِك بِآيَة الْجلد فَقَالَ: (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة) (النُّور الْآيَة ٢)
وَأخرج آدم الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم﴾
وَأخرج آدم وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ السَّبِيل الْحَد
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة﴾ الْآيَة
قَالَ: كَانَ هَذَا بَدْء عُقُوبَة الزِّنَا كَانَت الْمَرْأَة تحبس ويؤذيان جَمِيعًا ويعيران بالْقَوْل وبالسب
ثمَّ إِن الله أنزل بعد ذَلِك فِي سُورَة النُّور جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا فَصَارَت السّنة فِيمَن أحصن بِالرَّجمِ بِالْحِجَارَةِ وفيمن لم يحصن جلد مائَة وَنفي سنة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والنحاس عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نسختها الْحُدُود
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة﴾ الْآيَة
قَالَ: كَانَ أول حُدُود النِّسَاء أَن يحبسن فِي بيُوت لَهُنَّ حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي النُّور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة﴾ يَعْنِي الزِّنَا ﴿من نِسَائِكُم﴾ يَعْنِي الْمَرْأَة الثّيّب من الْمُسلمين ﴿فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُم﴾ يَعْنِي من الْمُسلمين الْأَحْرَار ﴿فَإِن شهدُوا﴾ يَعْنِي بِالزِّنَا ﴿فأمسكوهن﴾ يَعْنِي احبسوهن ﴿فِي الْبيُوت﴾ يَعْنِي فِي السجون
وَكَانَ هَذَا فِي أول الْإِسْلَام كَانَت الْمَرْأَة إِذا شهد عَلَيْهَا أَرْبَعَة من الْمُسلمين عدُول بِالزِّنَا حبست فِي السجْن فَإِن كَانَ لَهَا زوج أَخذ الْمهْر مِنْهَا وَلكنه ينْفق عَلَيْهَا من غير طَلَاق وَلَيْسَ عَلَيْهَا حد وَلَا يُجَامِعهَا وَلَكِن يحبسها فِي السجْن ﴿حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت﴾ يَعْنِي حَتَّى تَمُوت الْمَرْأَة وَهِي على تِلْكَ الْحَال ﴿أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا﴾ يَعْنِي مخرجا من الْحَبْس والمخرج الْحَد
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ اللَّاتِي قد أنكحن وَأحْصن إِذا زنت الْمَرْأَة كَانَت تحبس فِي الْبيُوت وَيَأْخُذ زَوجهَا مهرهَا فَهُوَ لَهُ
وَذَلِكَ قَوْله (وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا أتيتموهن شَيْئا) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢٩) (إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة) الزِّنَا حَتَّى جَاءَت الْحُدُود فنسختها فجلدت ورجمت وَكَانَ مهرهَا مِيرَاثا فَكَانَ السَّبِيل هُوَ الْحَد
وَفِي لفظ لِابْنِ جرير: يَأْخُذهُ كَهَيئَةِ الغشي لما يجد من ثقل ذَلِك
فَأنْزل الله عَلَيْهِ ذَات يَوْم فَلَمَّا سري عَنهُ قَالَ: خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الثّيّب جلد مائَة ورجم بِالْحِجَارَةِ وَالْبكْر جلد مائَة ثمَّ نفي سنة
وَأخرج أَحْمد عَن سَلمَة بن المحبق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا عني خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد مائَة وَنفي سنة وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت الْفَرَائِض فِي سُورَة النِّسَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حبس بعد سُورَة النِّسَاء
الْآيَة ١٦
قَالَ: كَانَ الرجل إِذا زنى أوذي بالتعيير وَضرب بالنعال
فَأنْزل الله بعد هَذِه الْآيَة (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة) (النُّور الْآيَة ٢) وَإِن كَانَا غير محصنين رجما فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿واللذان يأتيانها مِنْكُم﴾ قَالَ: الرّجلَانِ الفاعلان
وَأخرج آدم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فآذوهما﴾ يَعْنِي سبأ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿واللذان﴾ يَعْنِي البكرين اللَّذين لم يحصنا ﴿يأتيانها﴾ يَعْنِي الْفَاحِشَة وَهِي الزِّنَا ﴿مِنْكُم﴾ يَعْنِي من الْمُسلمين ﴿فآذوهما﴾ يَعْنِي بِاللِّسَانِ بالتعيير وَالْكَلَام الْقَبِيح لَهما بِمَا عملا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا
) (النُّور الْآيَة ٢)
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء ﴿واللذان يأتيانها مِنْكُم﴾ قَالَ: الرجل وَالْمَرْأَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: ثمَّ ذكر الْجَوَارِي والفتيان الَّذين لم ينكحوا فَقَالَ ﴿واللذان يأتيانها مِنْكُم﴾ الْآيَة
فَكَانَت الْجَارِيَة والفتى إِذا زَنَيَا يعنفان ويعيران حَتَّى يتركا ذَلِك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك ﴿فَإِن تابا وأصلحا فأعرضوا عَنْهُمَا﴾ قَالَ: عَن تعييرهما
الْآيَة ١٧ - ١٨
قَالَ: هَذِه للْمُؤْمِنين
وَفِي قَوْله ﴿وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات﴾ قَالَ: هَذِه لأهل النِّفَاق ﴿وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار﴾ قَالَ: هَذِه لأهل الشّرك
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: نزلت الأولى فِي الْمُؤمنِينَ وَنزلت الْوُسْطَى فِي الْمُنَافِقين وَالْأُخْرَى فِي الْكفَّار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَوْا أَن كل شَيْء عصي بِهِ فَهُوَ جَهَالَة عمدا كَانَ أَو غَيره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد فِي قَوْله جَهَالَة قَالَ: كل من عصى ربه فَهُوَ جَاهِل حَتَّى ينْزع عَن مَعْصِيَته
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا التَّوْبَة على الله﴾ الْآيَة
قَالَ: من عمل السوء فَهُوَ جَاهِل من جهالته عمل السوء ﴿ثمَّ يتوبون من قريب﴾ قَالَ: فِي الْحَيَاة وَالصِّحَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ثمَّ يتوبون من قريب﴾ قَالَ الْقَرِيب مَا بَينه وَبَين أَن ينظر إِلَى ملك الْمَوْت
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مجلز قَالَ: لَا يزَال الرجل فِي تَوْبَة حَتَّى يعاين الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ الْقَرِيب مَا لم تنزل بِهِ آيَة من آيَات الله أَو ينزل بِهِ الْمَوْت
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كل شَيْء قبل الْمَوْت فَهُوَ قريب لَهُ التَّوْبَة مَا بَينه وَبَين أَن يعاين ملك الْمَوْت فَإِذا تَابَ حِين ينظر إِلَى ملك الْمَوْت فَلَيْسَ لَهُ ذَاك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: الدُّنْيَا كلهَا قريب والمعاصي كلهَا جَهَالَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن ﴿ثمَّ يتوبون من قريب﴾ قَالَ: مَا لم يُغَرْغر
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر فِي الْآيَة قَالَ: لَو غرغر بهَا - يَعْنِي الْمُشرك بِالْإِسْلَامِ - لرجوت لَهُ خيرا كثيرا
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن إِبْلِيس لما رأى آدم أجوف قَالَ: وَعزَّتك لَا أخرج من جَوْفه مَا دَامَ فِيهِ الرّوح
فَقَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا أَحول بَينه وَبَين التَّوْبَة مَا دَامَ الرّوح فِيهِ
فأنظره إِلَى يَوْم الدّين فَقَالَ: وَعزَّتك لَا أخرج من قلب ابْن آدم مَا دَامَ فِيهِ الرّوح
قَالَ: وَعِزَّتِي لَا أحجب عَنهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرّوح
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لَا أخْبركُم إِلَّا مَا سَمِعت من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمعته أذناي ووعاه قلبِي أَن عبدا قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا ثمَّ عرضت لَهُ التَّوْبَة فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض فَدلَّ على رجل فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قتلت تِسْعَة وَتِسْعين نفسا فَهَل لي من تَوْبَة قَالَ بعد قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا
قَالَ: فانتضى سَيْفه فَقتله فأكمل بِهِ مائَة
ثمَّ عرضت لَهُ التَّوْبَة فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض فَدلَّ على رجل فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قتلت مائَة نفس فَهَل لي من تَوْبَة فَقَالَ: وَمن يحول بَيْنك وَبَين التَّوْبَة أخرج من الْقرْيَة الخبيثة الَّتِي أَنْت فِيهَا إِلَى الْقرْيَة الصَّالِحَة قَرْيَة كَذَا وَكَذَا
فاعبد رَبك فِيهَا
فَخرج يُرِيد الْقرْيَة الصَّالِحَة فَعرض لَهُ أَجله فِي الطَّرِيق فاختصم فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب فَقَالَ إِبْلِيس أَنا أولى بِهِ إِنَّه لم يعصيني سَاعَة قطّ
فَقَالَت الْمَلَائِكَة: إِنَّه خرج تَائِبًا
فَبعث الله ملكا فاختصموا إِلَيْهِ فَقَالَ: انْظُرُوا أَي القريتين كَانَت أقرب إِلَيْهِ فألحقوه بهَا
فَقرب الله مِنْهُ الْقرْيَة الصَّالِحَة وباعد مِنْهُ الْقرْيَة الخبيثة فألحقه بِأَهْل الْقرْيَة الصَّالِحَة
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن رجل من الصَّحَابَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا مَا إِنْسَان يَتُوب إِلَى الله عز وَجل قبل أَن تغرغر نَفسه فِي شدقه إِلَّا قبل الله تَوْبَته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: التَّوْبَة مبسوطة للْعَبد مَا لم يسق
ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن﴾ ثمَّ قَالَ: وَهل الْحُضُور إِلَّا السُّوق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات﴾ الْآيَة
قَالَ هم أهل الشّرك
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات﴾ الْآيَة
قَالَ هم أهل الشّرك
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن﴾ فَلَيْسَ لهَذَا عِنْد الله تَوْبَة ﴿وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار﴾ أُولَئِكَ أبعد من التَّوْبَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَيْسَت التَّوْبَة﴾ الْآيَة
قَالَ: فَأنْزل الله بعد ذَلِك (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء الْآيَة ٤٨) فَحرم الله الْمَغْفِرَة على من مَاتَ وَهُوَ كَافِر وأرجأ أهل التَّوْحِيد إِلَى مَشِيئَته فَلم يؤيسهم من الْمَغْفِرَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: مَا من ذَنْب مِمَّا يعْمل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يَتُوب مِنْهُ العَبْد قبل أَن يَمُوت إِلَّا تَابَ الله عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: التَّوْبَة مبسوطة مَا لم يُؤْخَذ بكظمه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو قَالَ: من تَابَ قبل مَوته بفواق تيب عَلَيْهِ
قيل: ألم يقل الله ﴿وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن﴾ فَقَالَ: إِنَّمَا أحَدثك مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يقبل تَوْبَة عَبده
أَو يغْفر لعَبْدِهِ مَا لم يَقع الْحجاب
قيل: وَمَا وُقُوع الْحجاب قَالَ: تخرج النَّفس وَهِي مُشركَة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله ﴿ حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ﴾ قال : لا يقبل ذلك منه.
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله ﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات. . . ﴾ الآية. قال هم أهل الشرك.
وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله ﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات. . . ﴾ الآية. قال : هم أهل الشرك.
وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ﴾ فليس لهذا عند الله توبة ﴿ ولا الذين يموتون وهم كفار ﴾ أولئك أبعد من التوبة.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ﴿ وليست التوبة ﴾ الآية. قال : فأنزل الله بعد ذلك ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ( النساء الآية ٤٨ ) فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال : ما من ذنب مما يعمل بين السماء والأرض يتوب منه العبد قبل أن يموت إلا تاب الله عليه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كان يقال : التوبة مبسوطة ما لم يؤخذ بكظمه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو قال : من تاب قبل موته بفواق تيب عليه. قيل : ألم يقل الله ﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن. . . ﴾ فقال : إنما أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ والحاكم وابن مردويه عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله يقبل توبة عبده. أو يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب. قيل : وما وقوع الحجاب ؟ قال : تخرج النفس وهي مشركة ".
فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي ذَلِك
وَأخرج أَبُو دَاوُد من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يَرث امْرَأَة ذِي قرَابَته فيعضلها حَتَّى تَمُوت أَو ترد إِلَيْهِ صَدَاقهَا فاحكم الله عَن ذَلِك
أَي نهى عَن ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا مَاتَ وَترك جَارِيَة ألْقى عَلَيْهَا حميمه ثَوْبه فَمنعهَا من النَّاس فَإِن كَانَت جميلَة تزَوجهَا وَإِن كَانَت دَمِيمَة حَبسهَا حَتَّى تَمُوت فيرثها
وَهِي قَوْله ﴿وَلَا تعضلوهن﴾ يَعْنِي لَا تقهروهن ﴿لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ يَعْنِي الرجل تكون لَهُ الْمَرْأَة وَهُوَ كَارِه لصحبتها وَلها عَلَيْهِ مهر فَيضر بهَا لتفتدي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل إِذا مَاتَ أَبوهُ أَو حميمه كَانَ أَحَق بِامْرَأَة الْمَيِّت إِن شَاءَ أمْسكهَا أَو يحبسها حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بصداقها أَو تَمُوت فَيذْهب بمالها
قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح: وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا هلك الرجل فَترك امْرَأَة يحبسها أَهله على الصَّبِي تكون فيهم فَنزلت ﴿لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها﴾
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: لما توفّي أَبُو قيس بن الأسلت أَرَادَ ابْنه أَن يتزوّج امْرَأَته - وَكَانَ لَهُم ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة - فَأنْزل الله ﴿لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها﴾
فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجَالًا من أهل الْمَدِينَة كَانَ إِذا مَاتَ حميم أحدهم ألْقى ثَوْبه على امْرَأَته فورث نِكَاحهَا فَلم ينْكِحهَا أحد غَيره وحبسها عِنْده لتفتدي مِنْهُ بفدية
فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا مَاتَ زَوجهَا جَاءَ وليُّه فَألْقى عَلَيْهَا ثوبا فَإِن كَانَ لَهُ ابْن صَغِير أَو أَخ حَبسهَا عَلَيْهِ حَتَّى يشب أَو تَمُوت فيرثها فَإِن هِيَ انفلتت فَأَتَت أَهلهَا وَلم يلق عَلَيْهَا ثوبا نجت
فَأنْزل الله ﴿لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي نَاس من الْأَنْصَار كَانُوا إِذا مَاتَ الرجل مِنْهُم فأملك النَّاس بامرأته وليه فيمسكها حَتَّى تَمُوت فيرثها
فَنزلت فيهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل يثرب إِذا مَاتَ الرجل مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة ورث امْرَأَته من يَرث مَاله فَكَانَ يعضلها حَتَّى يتزوّجها أَو يُزَوّجهَا من أَرَادَ وَكَانَ أهل تهَامَة يسيء الرجل صُحْبَة الْمَرْأَة حَتَّى يطلقهَا وَيشْتَرط عَلَيْهَا أَن لَا تنْكح إِلَّا من أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بِبَعْض مَا أَعْطَاهَا
فَنهى الله الْمُؤمنِينَ عَن ذَلِك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن السَّلمَانِي فِي قَوْله ﴿لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها وَلَا تعضلوهن﴾ قَالَ: نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ إِحْدَاهمَا فِي أَمر الْجَاهِلِيَّة وَالْأُخْرَى فِي أَمر الْإِسْلَام قَالَ ابْن الْمُبَارك ﴿أَن ترثوا النِّسَاء كرها﴾ فِي الْجَاهِلِيَّة ﴿وَلَا تعضلوهن﴾ فِي الإِسلام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿وَلَا تعضلوهن﴾ قَالَ: لَا تضر بامرأتك لتفتدي مِنْك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ العضل فِي قُرَيْش بِمَكَّة ينْكح الرجل الْمَرْأَة الشَّرِيفَة فلعلها لَا توافقه فيفارقها على أَن لَا تتَزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهِ فَيَأْتِي بالشهود فَيكْتب ذَلِك عَلَيْهَا وَيشْهد فَإِذا خطبهَا خَاطب فَإِن أَعطَتْهُ وأرضته أذن لَهَا وَإِلَّا عضلها
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبيِّنة﴾ قَالَ: البغض والنشوز
فَإِذا فعلت ذَلِك فقد حلَّ لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مقسم وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يفحشن فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَقَالَ: إِذا آذتك فقد حل لَك أَخذ مَا أخذت مِنْك
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبيِّنة﴾ يَقُول: إِلَّا أَن ينشزن
وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب إِلَّا أَن يفحشن
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْفَاحِشَة هُنَا النُّشُوز
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي الرجل إِذا أَصَابَت امْرَأَته فَاحِشَة أَخذ مَا سَاق إِلَيْهَا وأخرجها فنسخ ذَلِك الْحُدُود
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن ﴿إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة﴾ قَالَ: الزِّنَا
فَإِذا فعلت حلَّ لزَوجهَا أَن يكون هُوَ يسْأَلهَا الْخلْع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي أُمَامَة قلَابَة وَابْن سِيرِين قَالَا: لَا يحل الْخلْع حَتَّى يُوجد رجل على بَطنهَا لِأَن الله يَقُول ﴿إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَإِن لكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فَإِن فعلن ذَلِك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن النِّسَاء عنْدكُمْ عوان أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَلكم عَلَيْهِنَّ حق وَمن حقكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا وَلَا يعصينكم فِي مَعْرُوف وَإِذا فعلن ذَلِك فَلَهُنَّ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ
قَالَ ابْن جرير: صحفه بعض الروَاة
وَإِنَّمَا هُوَ خالقوهن
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: حَقّهَا عَلَيْك الصُّحْبَة الْحَسَنَة وَالْكِسْوَة والرزق الْمَعْرُوف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ﴿وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ﴾ يَعْنِي صحبتهن بِالْمَعْرُوفِ ﴿فَإِن كرهتموهن فَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا﴾ فيطلقها فتتزوج من بعده رجلا فَيجْعَل الله لَهُ مِنْهَا ولدا وَيجْعَل الله فِي تَزْوِيجهَا خيرا كثيرا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا﴾ قَالَ: الْخَيْر الْكثير
أَن يعْطف عَلَيْهَا فيرزق الرجل وَلَدهَا وَيجْعَل الله فِي وَلَدهَا خيرا كثيرا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: فَعَسَى الله أَن يَجْعَل فِي الْكَرَاهِيَة خيرا كثيرا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا﴾ قَالَ: الْوَلَد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِذا وَقع بَين الرجل وَبَين امْرَأَته كَلَام فَلَا يعجل بِطَلَاقِهَا وليتأن بهَا وليصبر فَلَعَلَّ الله سيريه مِنْهَا مَا يحب
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: عَسى أَن يمْسِكهَا وَهُوَ لَهَا كَارِه فَيجْعَل الله فِيهَا خيرا كثيرا قَالَ: وَكَانَ الْحسن يَقُول: عَسى أَن يطلقهَا فتتزوج غَيره فَيجْعَل الله لَهُ فِيهَا خيرا كثيرا
الْآيَة ٢٠ - ٢١
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج﴾ قَالَ: طَلَاق امْرَأَة وَنِكَاح أُخْرَى فَلَا يحل لَهُ من مَال الْمُطلقَة شَيْء وَإِن كثر
وَأخرج ابْن جرير عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ قَالَ: ألفا وَمِائَتَيْنِ يَعْنِي أَلفَيْنِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى بِسَنَد جيد عَن مَسْرُوق قَالَ: ركب عمر بن الْخطاب الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس مَا إكْثَاركُمْ فِي صدَاق النِّسَاء وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَإِنَّمَا الصَّدقَات فِيمَا بَينهم أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمَا دون ذَلِك وَلَو كَانَ الْإِكْثَار فِي ذَلِك تقوى عِنْد الله أَو مكرمَة لم تَسْبِقُوهُمْ إِلَيْهَا فَلَا أَعرفن مَا زَاد رجل فِي صدَاق امْرَأَة على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم
ثمَّ نزل فاعترضه امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَت لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نهيت النَّاس أَن يزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم قَالَ: نعم
فَقَالَت أما سَمِعت مَا أنزل الله يَقُول ﴿وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ فَقَالَ: اللَّهُمَّ غفرانك
كل النَّاس أفقه من عمر
ثمَّ رَجَعَ فَركب الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ أَن تَزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمن شَاءَ أَن يُعْطي من مَاله مَا أحب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: لَا تغَالوا فِي مُهُور النِّسَاء
فَقَالَت امْرَأَة لَيْسَ ذَلِك لَك يَا عمر إِن يَقُول ﴿وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ من ذهب
قَالَ: وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود فَقَالَ عمر: إِن امْرَأَة خَاصَمت عمر فَخَصمته
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عبد الله بن مُصعب قَالَ: قَالَ عمر: لَا تَزِيدُوا فِي مُهُور النِّسَاء على أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة فَمن زَاد ألقيت الزِّيَادَة فِي بَيت المَال
فَقَالَت امْرَأَة: مَا ذَاك لَك
قَالَ: وَلم
قَالَت: لِأَن الله يَقُول ﴿وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ الْآيَة
فَقَالَ عمر: امْرَأَة أَصَابَت وَرجل أَخطَأ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: قَالَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿بهتاناً﴾ قَالَ: إِثْمًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿مُبينًا﴾ قَالَ: الْبَين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْإِفْضَاء الْجِمَاع وَلَكِن الله يكني
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض﴾ قَالَ: مجامعة النِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً﴾ قَالَ: الْمِيثَاق الغليظ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أوتسريح بِإِحْسَان) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢٩)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿ميثاقاً غليظاً﴾ قَالَ: هُوَ مَا أَخذ الله تَعَالَى للنِّسَاء على الرِّجَال فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان قَالَ: وَقد كَانَ ذَلِك يُؤْخَذ عِنْد عقد النِّكَاح آللَّهُ عَلَيْك لتمسكن بِمَعْرُوف أَو لتسرحن بِإِحْسَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي ملكية أَن ابْن عمر كَانَ إِذا أنكح قَالَ: أنكحك على مَا أَمر الله بِهِ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَوْف قَالَ: كَانَ أنس بن مَالك إِذا زوّج امْرَأَة من بَنَاته أَو امْرَأَة من بعض أَهله قَالَ لزَوجهَا: أُزَوِّجُك تمْسِكْ بِمَعْرُوف أَو تُسَرِّحَ بِإِحْسَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبيب بن أبي ثَابت أَن ابْن عَبَّاس كَانَ إِذا زَوَّجَ اشتَرط (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك ﴿وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً﴾ قَالَ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن أبي كثير
مثله
قَالَ: قد أنكحتك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة وَمُجاهد ﴿وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً﴾ قَالَ: أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً﴾ قَالَ: هُوَ قَول الرجل ملَّكت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿ميثاقاً غليظاً﴾ قَالَ: كلمة النِّكَاح الَّتِي تستحل بهَا فروجهن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك ﴿ميثاقاً غليظاً﴾ يَعْنِي شَدِيدا
وَأخرج ابْن جرير عَن بكير أَنه سُئِلَ عَن المختلعة أنأخذ مِنْهَا شَيْئا قَالَ: لَا ﴿وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً﴾
وَأخرج عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: ثمَّ رخص بعد (فَإِن خِفْتُمْ أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢٩) قَالَ: فنسخت هَذِه تِلْكَ
الْآيَة ٢٢
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ وقد أفضى بعضكم إلى بعض ﴾ قال : مجامعة النساء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ وأخذن منكم ميثاقا غليظا ﴾ قال : الميثاق الغليظ ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ( البقرة الآية ٢٢٩ ).
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ ميثاقا غليظا ﴾ قال : هو ما أخذ الله تعالى للنساء على الرجال فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان قال : وقد كان ذلك يؤخذ عند عقد النكاح " آلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرحن بإحسان ".
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن أبي مليكة أن ابن عمر كان إذا أنكح قال : أنكحك على ما أمر الله به ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ).
وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف قال : كان أنس بن مالك إذا زوج امرأة من بناته أو امرأة من بعض أهله قال لزوجها : أزوجك تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت أن ابن عباس كان إذا زوج اشترط ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ).
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك ﴿ وأخذن منكم ميثاقا غليظا ﴾ قال ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ).
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن أبي كثير. مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد ﴿ وأخذن منكم ميثاقا غليظا ﴾ قال : عقدة النكاح. قال : قد أنكحتك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة ومجاهد ﴿ وأخذن منكم ميثاقا غليظا ﴾ قال : أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ وأخذن منك ميثاقا غليظا ﴾ قال : هو قول الرجل ملكت.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ميثاقا غليظا ﴾ قال : كلمة النكاح التي تستحل بها فروجهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك ﴿ ميثاقا غليظا ﴾ يعني شديدا.
وأخرج ابن جرير عن بكير أنه سئل عن المختلعة أنأخذ منها شيئا ؟ قال : لا ﴿ وأخذن منكم ميثاقا غليظا ﴾.
وأخرج عن ابن زيد في الآية قال : ثم رخص بعد ( فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) ( البقرة الآية ٢٢٩ ) قال : فنسخت هذه تلك.
فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن أَبَا قيس توفّي فَقَالَ لَهَا: خيرا
قَالَت وَإِن ابْنه قيسا خطبني وَهُوَ من صالحي قومه وَإِنَّمَا كنت أعدُّه ولدا فَمَا ترى قَالَ: ارجعي إِلَى بَيْتك
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء﴾ قَالَ: الْبَيْهَقِيّ مُرْسل
قلت: فَمن رِوَايَة ابْن أبي حَاتِم عَن عدي بن ثَابت عَن رجل من الْأَنْصَار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ إِذا توفّي الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة عمد حميم الْمَيِّت إِلَى امْرَأَته فَألْقى عَلَيْهَا ثوبا فيرث نِكَاحهَا فَلَمَّا توفّي أَبُو قيس بن الأسلت عمد ابْنه قيس إِلَى امْرَأَته فتزوّجها وَلم يدْخل بهَا
فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله فِي قيس ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف﴾ قبل التَّحْرِيم حَتَّى ذكر تَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات حَتَّى ذكر ﴿وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف﴾ قبل التَّحْرِيم (إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما) (النِّسَاء الْآيَة ٢٣) فِيمَا مضى قبل التَّحْرِيم
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ الرجل إِذا توفّي عَن امْرَأَته كَانَ ابْنه أَحَق بهَا أَن ينْكِحهَا إِن شَاءَ إِن لم تكن أمه أَو ينْكِحهَا من شَاءَ
فَلَمَّا مَاتَ أَبُو قيس بن الأسلت قَامَ ابْنه مُحصن فورث نِكَاح امْرَأَته وَلم ينْفق عَلَيْهَا وَلم يُورثهَا من المَال شَيْئا
فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: ارجعي لَعَلَّ الله ينزل فِيك شَيْئا
فَنزلت ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء﴾ الْآيَة
وَنزلت (لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها) (النِّسَاء الْآيَة ١٩)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قل: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ مَا حرم الله إِلَّا امْرَأَة الْأَب وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء﴾
﴿وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ﴾ النِّسَاء الْآيَة ٢٣
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء بن أبي رَبَاح: الرجل ينْكح الْمَرْأَة ثمَّ لَا يَرَاهَا حَتَّى يطلقهَا أتحل لِابْنِهِ قَالَ: لَا
هِيَ مُرْسلَة قَالَ الله ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء﴾ قلت لعطاء: مَا قَوْله ﴿إِلَّا مَا قد سلف﴾ قَالَ: كَانَ الْأَبْنَاء ينْكحُونَ نسَاء آبَائِهِم فِي الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء﴾ قَالَ: هُوَ أَن يملك عقدَة النِّكَاح وَلَيْسَ بِالدُّخُولِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن مشيخة قَالَ: لَا ينْكح الرجل امْرَأَة جده أبي أمه لِأَنَّهُ من الْآبَاء يَقُول الله ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك ﴿إِلَّا مَا قد سلف﴾ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا قد سلف﴾ قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة ينْكح امْرَأَة أَبِيه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب أَنه كَانَ يقْرؤهَا وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف إِلَّا من مَاتَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح ﴿أَنه كَانَ فَاحِشَة ومقتاً﴾ قَالَ: يمقت الله عَلَيْهِ ﴿وساء سَبِيلا﴾ قَالَ: طَرِيقا لمن عمل بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء قَالَ: لقِيت خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَة قلت: أَيْن تُرِيدُ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه من بعده فَأمرنِي أَن أضْرب عُنُقه وآخذ مَاله
الْآيَة ٢٣
وَالسَّابِعَة (وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سبع صهر وَسبع نسب وَيحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب
أما قَوْله تَعَالَى ﴿وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة﴾
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الرضَاعَة تحرم مَا تحرم الْولادَة
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ فِيمَا أنزل من الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات فَنُسِخْنَ بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهن فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة قَالَت: لقد كَانَت فِي كتاب الله عشر رَضعَات ثمَّ رُدَّ ذَلِك إِلَى خمس وَلَكِن من كتاب الله مَا قبض مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن مَاجَه وَابْن الضريس عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ مِمَّا نزل من الْقُرْآن سقط لَا يحرم إِلَّا عشر رَضعَات أَو خمس مَعْلُومَات
وَأخرج ابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَت: لقد نزلت آيَة الرَّجْم ورضاعة الْكَبِير
فَلَمَّا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتشاغلنا بِمَوْتِهِ دخل دَاجِن فَأكلهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر أَنه بلغه عَن ابْن الزبير أَنه يأثر عَن عَائِشَة فِي الرضَاعَة لَا يحرم مِنْهَا دون سبع رَضعَات
قَالَ: الله خير من عَائِشَة إِنَّمَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿وأخواتكم من الرضَاعَة﴾ وَلم يقل رضعة وَلَا رضعتين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس أَنه قيل لَهُ: إِنَّهُم يَزْعمُونَ أَنه لَا يحرم من الرضَاعَة دون سبع رَضعَات ثمَّ صَار ذَلِك إِلَى خمس
قَالَ: قد كَانَ ذَلِك فَحدث بعد ذَلِك أَمر جَاءَ التَّحْرِيم الْمرة الْوَاحِدَة تحرم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمرة الْوَاحِدَة تحرم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: المصة الْوَاحِدَة تحرم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم أَنه سُئِلَ عَن الرَّضَاع فَقَالَ: إِن عليا وَعبد الله بن مَسْعُود كَانَا يَقُولَانِ: قَلِيله وَكَثِيره حرَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: اشْترط عشر رَضعَات
ثمَّ قيل: إِن الرضعة الْوَاحِدَة تحرم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة
أما قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُمَّهَات نِسَائِكُم﴾
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيقين عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا نكح الرجل الْمَرْأَة فَلَا يحل لَهُ أَن يتزوّج أمهَا دخل بالإبنة أم لم يدْخل وَإِذا تزوج الْأُم فَلم يدْخل بهَا ثمَّ طَلقهَا فَإِن شَاءَ تزوج الإبنة
وَأخرج مَالك عَن زيد بن ثَابت أَنه سُئِلَ عَن رجل تزوج امْرَأَة ففارقها قبل أَن يَمَسهَا هَل تحل لَهُ أمهَا فَقَالَ: لَا
الْأُم مُبْهمَة لَيْسَ فِيهَا شَرط إِنَّمَا الشَّرْط فِي الربائب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَأُمَّهَات نِسَائِكُم﴾ قَالَ: هِيَ مُبْهمَة إِذا طلق الرجل امْرَأَته قبل أَن يدْخل بهَا أَو مَاتَت لم تحل لَهُ أمهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن فِي ((أُمَّهَات نِسَائِكُم)) قَالَ: هِيَ مُبْهمَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَن رجلا من بني شمخ تزوج امْرَأَة وَلم يدْخل بهَا ثمَّ رأى أمهَا فَأَعْجَبتهُ فاستفتى ابْن مَسْعُود فَأمره أَن يفارقها ثمَّ يتَزَوَّج أمهَا فَفعل وَولدت لَهُ أَوْلَادًا ثمَّ أَتَى ابْن مَسْعُود الْمَدِينَة فَسَأَلَ عمر وَفِي لفظ فَسَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لَا تصلح
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة قَالَ للرجل: إِنَّهَا عَلَيْك حرَام ففارقها
وَأخرج مَالك عَن ابْن مَسْعُود أَنه استفتي وَهُوَ بِالْكُوفَةِ عَن نِكَاح الْأُم بعد الْبِنْت إِذا لم تكن الْبِنْت مُسَّتْ فارخص ابْن مَسْعُود فِي ذَلِك ثمَّ إِن ابْن مَسْعُود قدم الْمَدِينَة فَسَأَلَ عَن ذَلِك فَأخْبر أَنه لَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِن الشَّرْط فِي الربائب فَرجع ابْن مَسْعُود إِلَى الْكُوفَة قلم يصل إِلَى بَيته حَتَّى أَتَى الرجل الَّذِي أفتاه بذلك فَأمره أَن يفارقها
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَسْرُوق أَنه سُئِلَ عَن أُمَّهَات نِسَائِكُم قَالَ هِيَ مُبْهمَة فأرسلوا مَا أرسل الله وَاتبعُوا مَا بَين ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة ثمَّ يطلقهَا أَو مَاتَت قبل أَن يدْخل بهَا هَل تحل لَهُ أمهَا قَالَ هِيَ بِمَنْزِلَة الربيبة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
أَنه قَالَ: فِي قَوْله ﴿وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم﴾ أُرِيد بهما الدُّخُول جَمِيعًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُسلم بن عُوَيْمِر الأجدع قَالَ: نكحت امْرَأَة فَلم أَدخل بهَا حَتَّى توفّي عمي عَن أمهَا فَسَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أنكح أمهَا
فَسَأَلت ابْن عمر فَقَالَ: لَا تنكحها
فَكتب أبي إِلَى مُعَاوِيَة فَلم يمنعي وَلم يَأْذَن لي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير فَقَالَ: الربيبة وَالأُم سَوَاء لَا بَأْس بهما إِذا لم يدْخل بِالْمَرْأَةِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هانىء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من نظر إِلَى فرج امْرَأَة لم تحل لَهُ أمهَا وَلَا ابْنَتهَا
قَوْله تَعَالَى: ﴿وربائبكم﴾ : أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن دَاوُد أَنه قَرَأَ فِي مصحف ابْن مَسْعُود وربائبكم اللَّاتِي دخلتن بأمهاتهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد صَحِيح عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: قَالَ كَانَت عِنْدِي امْرَأَة فَتُوُفِّيَتْ وَقد ولدت لي فَوجدت عَلَيْهَا فلقيني عليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: مَا لَك
فَقلت توفيت الْمَرْأَة فَقَالَ عَليّ: لَهَا ابْنة قلت نعم وَهِي بِالطَّائِف
قَالَ: كَانَت فِي حجرك قلت: لَا
قَالَ: فَأَنْكحهَا
قلت: فَأَيْنَ قَول الله ﴿وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم﴾ قَالَ: إِنَّهَا لم تكن فِي حجرك إِنَّمَا ذَلِك إِذا كَانَت فِي حجرك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الدُّخُول: الْجِمَاع
وَأخرج عبد لرزاق وَعبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: الدُّخُول: الْجِمَاع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: بنت الربيبة وَبنت ابْنَتهَا لَا تصلح وَإِن كَانَت أَسْفَل لسَبْعين بَطنا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نكح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة زيد قَالَت قُرَيْش: نكح امْرَأَة ابْنه فَنزلت ﴿وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ئبي حَاتِم عَن الْحسن وَمُحَمّد قَالَا: إِن هَؤُلَاءِ الْآيَات مبهمات ﴿وحلائل أَبْنَائِكُم﴾ و (مَا نكح آباؤكم) (النِّسَاء الْآيَة ٢٢) ﴿وَأُمَّهَات نِسَائِكُم﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: الرجل ينْكح الْمَرْأَة لَا يَرَاهَا حَتَّى يطلقهَا تحل لِأَبِيهِ قَالَ: هِيَ مُرْسلَة ﴿وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم﴾
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ﴾ أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن فَيْرُوز الديلمي أَنه أدْركهُ الْإِسْلَام وَتَحْته أختَان فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلق أَيَّتهمَا شِئْت
وَأخرج عَن قيس قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أيقع الرجل على الْمَرْأَة وابنتها مملوكتين لَهُ فَقَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَلم أكن لأفعله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ﴾ قَالَ: يَعْنِي فِي النِّكَاح
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يجمع بَين الْأُخْتَيْنِ المملوكتين
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ﴾ قَالَ: ذَلِك فِي الْحَرَائِر فَأَما فِي المماليك فَلَا بَأْس
فَخرج من عِنْده فلقي رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرَاهُ عَليّ بن أبي طَالب فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: لَو كَانَ لي من الْأَمر شَيْء ثمَّ وجدت أحدا فعل ذَلِك لجعلته نكالاً
وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي الاستذكار عَن اياس بن عَامر قَالَ: سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب فَقلت: إِن لي أُخْتَيْنِ مِمَّا ملكت يَمِيني اتَّخذت إِحْدَاهمَا سَرِيَّة وَولدت لي أَوْلَادًا ثمَّ رغبت فِي الْأُخْرَى فَمَا أصنع قَالَ: تعْتق الَّتِي كنت تطَأ ثمَّ تطَأ الْأُخْرَى ثمَّ قَالَ: إِنَّه يحرم عَلَيْك مِمَّا ملكت يَمِينك مَا يحرم عَلَيْك فِي كتاب الله من الْحَرَائِر إِلَّا الْعدَد
أَو قَالَ إِلَّا الْأَرْبَع وَيحرم عَلَيْك من الرَّضَاع مَا يحرم عَلَيْك فِي كتاب الله من النّسَب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن رجل لَهُ أمتان أختَان وطىء إِحْدَاهمَا ثمَّ أَرَادَ أَن يطَأ الْأُخْرَى
قَالَ: لَا
حَتَّى يُخرجهَا من ملكه قيل فَإِن زَوجهَا عَبده قَالَ: لَا
حَتَّى يُخرجهَا من ملكه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الرجل يجمع بَين الْأُخْتَيْنِ الأمتين فكرهه
فَقيل: يَقُول الله (إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم) (النِّسَاء الْآيَة ٢٤) فَقَالَ: وبعيرك أَيْضا مِمَّا ملكت يَمِينك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ يحرم من الْإِمَاء مَا يحرم من الْحَرَائِر إِلَّا الْعدَد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن عمار بن يَاسر قَالَ: مَا حرم الله من الْحَرَائِر شَيْئا إِلَّا قد حرمه من الْإِمَاء إِلَّا الْعدَد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي صَالح عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ فِي الْأُخْتَيْنِ المملوكتين: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَلَا آمُر وَلَا أنهى وَلَا أحل وَلَا أحرم وَلَا أَفعلهُ أَنا وَلَا أهل بَيْتِي
قَالَ ابْن عَبَّاس عِنْد ذَلِك: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة إِنَّمَا يحرمهن عَليّ قَرَابَتي مِنْهُنَّ وَلَا يحرمهن عليّ قرَابَة بَعضهنَّ من بعض لقَوْل الله (وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم) (النِّسَاء الْآيَة ٢٤)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا كَانَ للرجل جاريتان أختَان فَغشيَ إِحْدَاهمَا فَلَا يقرب الْأُخْرَى حَتَّى يخرج الَّذِي غشي عَن ملكه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن حَيا سَأَلُوا مُعَاوِيَة عَن الْأُخْتَيْنِ مِمَّا ملكت الْيَمين يكونَانِ عِنْد الرجل يطؤهما قَالَ: لَيْسَ بذلك بَأْس
فَسمع بذلك النُّعْمَان بن بشير فَقَالَ: أَفْتيت بِكَذَا وَكَذَا
قَالَ: نعم
قَالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ عِنْد الرجل أُخْته مَمْلُوكَة يجوز لَهُ أَن يَطَأهَا قَالَ: أما وَالله لربما وددتني أدْرك فَقل لَهُم اجتنبوا ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُم فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ الرَّحِم من الْعتَاقَة وَغَيرهَا
وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَلَا بَين الْمَرْأَة وخالتها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم فتح مَكَّة: لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وَلَا على خَالَتهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله فِي نسَاء الْآبَاء ﴿إِلَّا مَا قد سلف﴾ لِأَن الْعَرَب كَانُوا ينْكحُونَ نسَاء الْآبَاء ثمَّ حرَّم النّسَب والصهر فَلم يقل ﴿إِلَّا مَا قد سلف﴾ لِأَن الْعَرَب كَانَت لَا تنْكح النّسَب والصهر
وَقَالَ فِي الْأُخْتَيْنِ ﴿إِلَّا مَا قد سلف﴾ لأَنهم كَانُوا يجمعُونَ بَينهمَا فَحرم جَمعهمَا جَمِيعًا إِلَّا مَا قد سلف قبل التَّحْرِيم ﴿إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما﴾ لما كَانَ من جماع الْأُخْتَيْنِ قبل التَّحْرِيم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن وَطْء الْأُخْتَيْنِ الأمتين فَقَالَ: أشهد أَنه فِيمَا أنزل الله على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه مَلْعُون من جمع بَين الْأُخْتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَقع على الْجَارِيَة وابنتها يكونَانِ عِنْده مملوكتين فَقَالَ: حرمتهما آيَة وأحلتهما آيَة وَلم أكن لأفعله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: إِذا أحلّت لَك آيَة وَحرمت عَلَيْك أُخْرَى فَإِن أملكهما آيَة الْحَرَام مَا فصل لنا حرتين وَلَا مملوكتين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: فِي التَّوْرَاة مَلْعُون من نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها مَا فصل لنا حرَّة وَلَا مَمْلُوكَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: من نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَا ينظر الله إِلَى رجل نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها
الْآيَة ٢٤
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نزلت يَوْم حنين لما فتح الله حنيناً أصَاب الْمُسلمُونَ نسَاء لَهُنَّ أَزوَاج وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي الْمَرْأَة قَالَت: إِن لي زوجا فَسئلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك
فأنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ يَعْنِي السبية من الْمُشْركين تصاب لَا بَأْس فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي نسَاء أهل حنين لما افْتتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنيناً أصَاب الْمُسلمُونَ سَبَايَا فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي الْمَرْأَة مِنْهُنَّ قَالَت: إِن لي زوجا
فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: السبايا من ذَوَات الْأزْوَاج
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: كل ذَات زوج إتيانها زنا إِلَّا مَا سبيت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: كل امْرَأَة لَهَا زوج فَهِيَ عَلَيْك حرَام إِلَّا أمة ملكتها وَلها زوج بِأَرْض الْحَرْب فَهِيَ لَك حَلَال إِذا استبرأتها
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ عَليّ: المشركات إِذا سبين حلت لَهُ وَقَالَ ابْن مَسْعُود: المشركات وَالْمُسلمَات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: كل ذَات زوج عَلَيْك حرَام إِلَّا مَا اشْتريت بِمَالك وَكَانَ يَقُول بيع الْأمة طَلاقهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ طَلَاق الْأمة سِتّ بيعهَا طَلاقهَا وعتقها طَلاقهَا وهبتها طَلاقهَا وبراءتها طَلاقهَا وَطَلَاق زَوجهَا طَلاقهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا بِيعَتْ الْأمة وَلها زوج فسيدها أَحَق ببضعها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج الْحَرَائِر حرَام إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ قَالَ: هن ذَوَات الْأزْوَاج ومرجع ذَلِك إِلَى أَن حرَّم الله الزِّنَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ قَالَ: نهين عَن الزِّنَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت يَوْم أَوْطَاس
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ النِّسَاء يأتيننا ثمَّ يُهَاجر أَزوَاجهنَّ فمنعناهن بقوله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ يَعْنِي بذلك ذَوَات الْأزْوَاج من النِّسَاء لَا يحل نِكَاحهنَّ يَقُول: لَا تحلب وَلَا تعد فتنشز على بَعْلهَا وكل امْرَأَة لَا تنْكح إِلَّا بِبَيِّنَة وَمهر فَهِيَ من الْمُحْصنَات الَّتِي حرم ﴿إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ يَعْنِي الَّتِي أحل الله من النِّسَاء وَهُوَ مَا أحلَّ من حرائر النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ قَالَ: لَا يحل لَهُ أَن يتزوّج فَوق أَربع فَمَا زَاد فَهُوَ عَلَيْهِ حرَام كَأُمِّهِ وَأُخْته
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: يَقُول (فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع) (النِّسَاء الْآيَة ٣) ثمَّ حرَّم مَا حرَّم من النّسَب والصهر ثمَّ قَالَ ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ فَرجع إِلَى أول السُّورَة إِلَى أَربع فَقَالَ: هن حرَام أَيْضا إِلَّا لمن نكح بِصَدَاق وسنَّة وشهود
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ فَقَالَ: حرم مَا فرق الْأَرْبَع مِنْهُنَّ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات﴾ قَالَ: العفيفة الْعَاقِلَة من مسلمة أَو من أهل الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: إِلَّا الْأَرْبَع اللَّاتِي ينكحن بِالْبَيِّنَةِ وَالْمهْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: ينْزع الرجل وليدته امْرَأَة عَبده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ هِيَ حل للرجل إِلَّا مَا أنكح مِمَّا ملكت يَمِينه فَإِنَّهَا لَا تحل لَهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: قَالَ رجل لسَعِيد بن جُبَير: أما رَأَيْت ابْن عَبَّاس حِين سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ فَلم يقل فِيهَا شَيْئا فَقَالَ: كَانَ لَا يعلمهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لَو أعلم من يُفَسر لي هَذِه الْآيَة لضَرَبْت إِلَيْهِ أكباد الْإِبِل قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي السَّوْدَاء قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة عَن هَذِه الْآيَة ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ فَقَالَ: لَا أَدْرِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْأَزْهَرِي عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِحْصَان إحصانان إِحْصَان نِكَاح وإحصان عفاف قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أبي: هَذَا حَدِيث مُنكر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ قَالَ: نرى أَنه حرم فِي هَذِه الْآيَة ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ ذَوَات الْأزْوَاج أَن ينكحن مَعَ أَزوَاجهنَّ وَالْمُحصنَات العفائف وَلَا يحللن إِلَّا بِنِكَاح أوملك يَمِين والإحصان إحصانان: إِحْصَان تَزْوِيج وإحصان عفاف فِي الْحَرَائِر والمملوكات كل ذَلِك حرم الله إِلَّا بِنِكَاح أوملك يَمِين
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء﴾ بِنصب الصَّاد وَكَانَ يحيى بن وثاب يقْرَأ ﴿وَالْمُحصنَات﴾ بِكَسْر الصَّاد
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأسود أَنه كَانَ رُبمَا قَرَأَ ﴿وَالْمُحصنَات﴾ وَالْمُحصنَات
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ﴿وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ نزلت فِي امْرَأَة يُقَال لَهَا: معَاذَة وَكَانَت تَحت شيخ من بني سدوس يُقَال لَهُ: شُجَاع بن الْحَرْث
وَكَانَ مَعهَا ضرَّة لَهَا قد ولدت لشجاع أَوْلَادًا رجَالًا وَإِن شجاعاً انْطلق يُمَيّز أَهله من هجر فَمر بمعاذة ابْن عَم لَهَا فَقَالَت لَهُ: احملني إِلَى أَهلِي فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْد هَذَا الشَّيْخ خير
فاحتملها فَانْطَلق بهَا فَوَافَقَ ذَلِك جيئة الشَّيْخ فَانْطَلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَأفضل الْعَرَب إِنِّي خرجت أبغيها الطَّعَام فِي رَجَب فتولت والطت بالذنب وَهِي شَرّ غَالب لمن غلب رَأَتْ غُلَاما واركاً على قتب لَهَا وَله أرب
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عليّ عليّ فَإِن كَانَ الرجل كشف بهَا ثوبا فارجموها وَإِلَّا فَردُّوا على الشَّيْخ امْرَأَته فَانْطَلق مَالك بن شُجَاع وَابْن ضَرَّتهَا فطلبها فجَاء بهَا وَنزلت بَيتهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي قَوْله ﴿كتاب الله عَلَيْكُم﴾ قَالَ: الْأَرْبَع
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عُبَيْدَة عَن عمر بن الْخطاب
مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس ﴿كتاب الله عَلَيْكُم﴾ قَالَ: وَاحِدَة إِلَى أَربع فِي النِّكَاح
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم ﴿كتاب الله عَلَيْكُم﴾ قَالَ: مَا حرم عَلَيْكُم
وَأخرج عَن عَاصِم
أَنه قَرَأَ ﴿وَأحل لكم﴾ بِالنّصب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ ﴿وَرَاء﴾ أَمَام فِي الْقُرْآن كُله غير حرفين ﴿وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم﴾ يَعْنِي سوى ذَلِكُم (فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك) يَعْنِي سوى ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم﴾ قَالَ: مَا دون الْأَرْبَع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ﴿كتاب الله عَلَيْكُم﴾ قَالَ: هَذَا النّسَب ﴿وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم﴾ قَالَ: مَا وَرَاء هَذَا النّسَب
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء ﴿وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم﴾ قَالَ: مَا وَرَاء ذَات الْقَرَابَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم﴾ قَالَ: مَا ملكت أَيْمَانكُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي ﴿وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم﴾ قَالَ: من الْإِمَاء يَعْنِي السراري
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿محصنين﴾ قَالَ: متناكحين ﴿غير مسافحين﴾ قَالَ: غير زانين بِكُل زَانِيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن السفاح قَالَ: الزِّنَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة﴾ يَقُول: إِذا تزوّج الرجل مِنْكُم الْمَرْأَة ثمَّ نَكَحَهَا مرّة وَاحِدَة فقد وَجب صَدَاقهَا كُله والاستمتاع هُوَ النِّكَاح
وَهُوَ قَوْله (وآتو النِّسَاء صدقاتهن نحلة) (النِّسَاء الْآيَة ٤)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ مُتْعَة النِّسَاء فِي أوّل الْإِسْلَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْمُتْعَة فِي أول الْإِسْلَام وَكَانُوا يقرأون هَذِه الْآيَة ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى
)) الْآيَة
فَكَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ لَهُ بهَا معرفَة فَيَتَزَوَّج بِقدر مَا يرى أَنه يفرغ من حَاجته لتحفظ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ شَأْنه حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة (حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم) (النِّسَاء الْآيَة ٢٣) إِلَى آخر الْآيَة فنسخ الأولى فَحرمت الْمُتْعَة وتصديقها من الْقُرْآن (إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ٦) وَمَا سوى هَذَا الْفرج فَهُوَ حرَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن أبي نَضرة قَالَ: قَرَأت على ابْن عَبَّاس ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: (فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى)
فَقلت مَا نقرؤها كَذَلِك فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لأنزلها الله كَذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى))
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى))
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء أَنه سمع ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ وَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِي حرف أبي ((إِلَى أجل مُسَمّى))
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ﴾ قَالَ: يَعْنِي نِكَاح الْمُتْعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه الْمُتْعَة الرجل ينْكح الْمَرْأَة بِشَرْط إِلَى أجل مُسَمّى فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل وَهِي مِنْهُ بريئة
لَيْسَ يَرث وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ مَعنا نساؤنا فَقُلْنَا أَلا نستخصي فنهانا عَن ذَلِك وَرخّص لنا أَن نتزوّج الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أجل ثمَّ قَرَأَ عبد الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم) (الْمَائِدَة الْآيَة ٨٧)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم عَن سُبْرَة الْجُهَنِيّ قَالَ: أذن لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام فتح مَكَّة فِي مُتْعَة النِّسَاء فَخرجت أَنا وَرجل من قومِي - ولي عَلَيْهِ فضل فِي الْجمال وَهُوَ قريب من الدمامة - مَعَ كل وَاحِد منا برد أما بردي فخلق وَأما برد ابْن عمي فبرد جَدِيد غض حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فَقُلْنَا: هَل لَك أَن يسْتَمْتع مِنْك أَحَدنَا قَالَت وَمَا تبذلان فنشر كل وَاحِد منا برده فَجعلت تنظر إِلَى الرجلَيْن فَإِذا رَآهَا صَاحِبي قَالَ: إِن برد هَذَا خلق وبردي جَدِيد غض
فَتَقول: وَبرد هَذَا لَا بَأْس بِهِ
ثمَّ استمتعت مِنْهَا فَلم تخرج حَتَّى حرمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن سُبْرَة قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما بَين الرُّكْن وَالْبَاب وَهُوَ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت أَذِنت لكم فِي الِاسْتِمْتَاع أَلا وَإِن الله حرمهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء فَلْيخل سَبِيلهَا وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: رخص لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُتْعَة النِّسَاء عَام أَوْطَاس ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ نهى عَنْهَا بعْدهَا
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر والنحاس من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة﴾ قَالَ: نسختها (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن) (الطَّلَاق الْآيَة ١)
(والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢٨)
(واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر) (الطَّلَاق الْآيَة ٤)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْمُتْعَة مَنْسُوخَة نسخهَا الطَّلَاق وَالصَّدَََقَة وَالْعدة وَالْمِيرَاث
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: نسخ رَمَضَان كل صَوْم وَنسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة وَنسخ الْمُتْعَة الطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث وَنسخت الضحية كل ذَبِيحَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن الحكم أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة أمنسوخة قَالَ: لَا
وَقَالَ عليّ: لَوْلَا أَن عمر نهى عَن الْمُتْعَة مَا زنا إِلَّا شقي
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي جَمْرَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن مُتْعَة النِّسَاء فَرخص فِيهَا
فَقَالَ لَهُ مولى لَهُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك وَفِي النِّسَاء قلَّة وَالْحَال شَدِيد فَقَالَ ابْن عَبَّاس: نعم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمُتْعَة وَإِنَّمَا كَانَت لمن لم يجد
فَلَمَّا نزل النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث بَين الزَّوْج وَالْمَرْأَة نسخت
وَأخرج النّحاس عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: إِنَّك رجل تائه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُتْعَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: إِنَّمَا أحلّت لأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتْعَة النِّسَاء ثَلَاثَة أَيَّام نهى عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر أَنه خطب فَقَالَ: مَا بَال رجال ينْكحُونَ هَذِه الْمُتْعَة وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهَا لَا أُوتِيَ بِأحد نَكَحَهَا إِلَّا رَجَمْته
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن مُتْعَة النِّسَاء يَوْم خَيْبَر وَعَن أكل لُحُوم الْحمر الإنسية
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن عُرْوَة بن الزبير أَن خَوْلَة بنت حَكِيم دخلت على عمر بن الْخطاب فَقَالَت: إِن ربيعَة بن أُميَّة استمتع بِامْرَأَة مولدة فَحملت مِنْهُ
فَخرج عمر بن الْخطاب يجر رِدَاءَهُ فَزعًا فَقَالَ: هَذِه الْمُتْعَة وَلَو كنت تقدّمت فِيهَا لرجمت
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فعلت مَعَ إِمَام الْمُتَّقِينَ فَقَالَ ابْن أبي عمْرَة: اللَّهُمَّ غفرا
إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة رخصَة كالضرورة إِلَى الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير ثمَّ أحكم الله الدّين بعد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: وَالله مَا كَانَت الْمُتْعَة إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام أذن لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا مَا كَانَت قبل ذَلِك وَلَا بعد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: نهى عمر عَن متعتين: مُتْعَة النِّسَاء ومتعة الْحَج
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن نَافِع أَن عمر سُئِلَ عَن الْمُتْعَة فَقَالَ: حرَام
فَقيل لَهُ: إِن ابْن عَبَّاس يُفْتِي بهَا قَالَ: فَهَلا ترمرم بهَا فِي زمَان عمر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يحل لرجل أَن ينْكح امْرَأَة إِلَّا نِكَاح الْإِسْلَام بمهرها ويرثها وترثه وَلَا يقاضيها على أجل إِنَّهَا امْرَأَته فَإِن مَاتَ أَحدهمَا لم يتوارثا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: مَاذَا صنعت ذهب الركاب بفتياك وَقَالَت فِيهِ الشُّعَرَاء قَالَ: وَمَا قَالُوا قلت: قَالُوا: أَقُول للشَّيْخ لما طَال مَجْلِسه يَا صَاح هَل لَك فِي فتيا ابْن عَبَّاس هَل لَك رخصَة الْأَطْرَاف آنسة تكون مثواك حَتَّى مصدر النَّاس
فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون لَا وَالله مَا بِهَذَا أَفْتيت وَلَا هَذَا أردْت وَلَا أحللتها إِلَّا للْمُضْطَر وَلَا أحللت مِنْهَا إِلَّا مَا أحل الله من الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يرحم الله عمر مَا كَانَت الْمُتْعَة إِلَّا رَحْمَة من الله رحم بهَا أمة مُحَمَّد وَلَوْلَا نَهْيه عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا إِلَّا شقي قَالَ: وَهِي الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ﴾ إِلَى كَذَا وَكَذَا من الْأَجَل على كَذَا وَكَذَا
قَالَ: وَلَيْسَ بَينهمَا وراثة فَإِن بدا لَهما أَن يتراضيا بعد الْأَجَل فَنعم وَإِن تفَرقا فَنعم
وَلَيْسَ بَينهمَا نِكَاح
وَأخْبر أَنه سمع ابْن عَبَّاس يَرَاهَا الْآن حَلَالا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عمار مولى الشريد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْمُتْعَة
قلت: فَمَا هِيَ قَالَ: هِيَ الْمُتْعَة كَمَا قَالَ الله
قلت هَل لَهَا من عدَّة قَالَ: نعم
عدتهَا حَيْضَة
قلت: هَل يتوارثان قَالَ: لَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة﴾ قَالَ: مَا تراضوا عَلَيْهِ من قَلِيل أَو كثير
وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن رجَالًا كَانُوا يفرضون الْمهْر ثمَّ عَسى أَن يدْرك أحدهم الْعسرَة فَقَالَ الله ﴿وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا تراضيتم بِهِ من بعد الْفَرِيضَة﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا تراضيتم بِهِ من بعد الْفَرِيضَة﴾ قَالَ: التَّرَاضِي أَن يُوفي لَهَا صَدَاقهَا ثمَّ يخيرها
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن شهَاب فِي الْآيَة قَالَ: نزل ذَلِك فِي النِّكَاح فَإِذا فرض الصَدَاق فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا تَرَاضيا بِهِ من بعد الْفَرِيضَة من إنجاز صَدَاقهَا قَلِيل أَو كثير
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن ربيعَة فِي الْآيَة قَالَ: إِن أَعْطَتْ زَوجهَا من بعد الْفَرِيضَة أَو وضعت إِلَيْهِ فَذَلِك الَّذِي قَالَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: إِن وضعت لَك مِنْهُ شَيْئا فَهُوَ سَائِغ
وَأخرج عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن شَاءَ أرضاها من بعد الْفَرِيضَة الأولى الَّتِي تمتّع بهَا فَقَالَ: أتمتع مِنْك أَيْضا بِكَذَا وَكَذَا
قبل أَن يستبرىء رَحمهَا وَالله أعلم
الْآيَة ٢٥
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن تنْكح الْأمة على الْحرَّة وَتنْكح الْحرَّة على الْأمة وَمن وجد طولا لحرة فَلَا ينْكح أمة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد ﴿وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا﴾ يَعْنِي من لم يجد مِنْكُم غنى ﴿أَن ينْكح الْمُحْصنَات﴾ يَعْنِي الْحَرَائِر فَلْيَنْكِح الْأمة المؤمنة ﴿وَأَن تصبروا﴾ عَن نِكَاح الْإِمَاء ﴿خير لكم﴾ وَهُوَ حَلَال
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله أَنه سُئِلَ عَن الْحر يتزوّج الْأمة فَقَالَ إِذا كَانَ ذَا طول فَلَا
قيل إِن وَقع حب الْأمة فِي نَفسه قَالَ: إِن خشِي الْعَنَت فليتزوجها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنَّمَا أحل الله نِكَاح الْإِمَاء إِن لم يسْتَطع طولا وخشي الْعَنَت على نَفسه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مِمَّا وسع الله بِهِ على هَذِه الْأمة نِكَاح الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَإِن كَانَ مُوسِرًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يصلح نِكَاح إِمَاء أهل الْكتاب إِن الله يَقُول ﴿من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا رخص فِي الْأمة الْمسلمَة لمن لم يجد طولا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا رخص لهَذِهِ الْأمة فِي نِكَاح نسَاء أهل الْكتاب وَلم يرخص لَهُم فِي الْإِمَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يتَزَوَّج الْحر من الْإِمَاء إِلَّا وَاحِدَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا أحل الله وَاحِدَة لمن خشِي الْعَنَت على نَفسه وَلَا يجد طولا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ثمَّ قَالَ فِي التَّقْدِيم: ﴿وَالله أعلم بإيمانكم بَعْضكُم من بعض﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ ﴿فانكحوهن بِإِذن أهلهن﴾ قَالَ: بِإِذن مواليهن ﴿وآتوهن أُجُورهنَّ﴾ قَالَ: مهورهن
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المسافحات: المعلنات بِالزِّنَا والمتخذات أخدان ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ مَا ظهر من الزِّنَا ويستحلون مَا خَفِي يَقُولُونَ: أما مَا ظهر مِنْهُ فَهُوَ لؤم وَأما مَا خَفِي فَلَا بَأْس بذلك
فَأنْزل الله (وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن) (الْأَنْعَام الْآيَة ١٥١)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فَإِذا أحصن﴾ قَالَ: إحصانها إسْلَامهَا
وَقَالَ عَليّ: اجلدوهن
قَالَ ابْن أبي حَاتِم حَدِيث مُنكر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن أمة زنت وَلَيْسَ لَهَا زوج فَقَالَ: اجلدوها خمسين جلدَة قَالَ: إِنَّهَا لم تحصن
قَالَ: إسْلَامهَا إحصانها
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَرَأَ ﴿فَإِذا أَحْصَنَّ﴾ بِفَتْح الْألف وَقَالَ: إحصانها إسْلَامهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم ﴿فَإِذا أحصن﴾ قَالَ: إِذا أسلمن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿فَإِذا أحصن﴾ قَالَ: إِذا أسلمن وَكَانَ مُجَاهِد يقْرَأ ﴿فَإِذا أحصن﴾ يَقُول: إِذا تَزَوَّجن مَا لم تزوّج فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا ﴿فَإِذا أحصن﴾ يَعْنِي بِرَفْع الْألف يَقُول: أحصن بالأزواج
يَقُول: لَا تجلد أمة حَتَّى تزوّج
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله ﴿فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة فعليهن﴾ فَلَيْسَ يكون عَلَيْهَا حد حَتَّى تحصن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ على الْأمة حد حَتَّى تحصن بِزَوْج فَإِذا أحصنت بِزَوْج فعلَيْهَا نصف مَا على الْمُحْصنَات
قَالَ ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ: رَفعه خطأ
وَالصَّوَاب وَقفه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿فَإِذا أحصنَّ﴾ يَقُول: فَإِذا تَزَوَّجن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى على الْأمة حدا حَتَّى تُزوَّج زوجا حرا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت وَلم تحصن قَالَ اجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ بيعوها وَلَو بضفير
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ يضْرب إماءَهُ الْحَد إِذا زنين تزوّجن أَو لم يتزوجن
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة فَإِن أَتَوا أَو أتين بِفَاحِشَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حد العَبْد يفتري على الْحر أَرْبَعُونَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعَنَت الزِّنَا
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن الْعَنَت قَالَ: الْإِثْم
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: رَأَيْتُك تبتغي عنتي وتسعى على السَّاعِي عليّ بِغَيْر دخل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وَأَن تصبروا خير لكم﴾ قَالَ: عَن نِكَاح الْإِمَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود ﴿وَأَن تصبروا خير لكم﴾ قَالَ: عَن نِكَاح الْإِمَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة ﴿وَأَن تصبروا﴾ عَن نِكَاح الْأمة خير وَهُوَ حل لكم إسترقاق أَوْلَادهنَّ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أَن تصبر وَلَا تنْكح الْأمة فَيكون أولادك مملوكين فَهُوَ خير لَك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا تزحف ناكح الْإِمَاء عَن الزِّنَا إِلَّا قَلِيلا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن سعيد بن جُبَير
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِذا نكح العَبْد الْحرَّة فقد أعتق نصفه وَإِذا نكح الْحر الْأمة فقد أرق نصفه
وأخرد ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ نِكَاح الْأمة كالميتة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير لَا يحل إِلَّا للْمُضْطَر
الْآيَات ٢٦ - ٢٨
) (النِّسَاء الْآيَة ٤٠) الْآيَة
وَالسَّادِسَة (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله
) (النِّسَاء الْآيَة ١١٠) الْآيَة
وَالسَّابِعَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر
) (النِّسَاء الْآيَة ٤٨) الْآيَة
وَالثَّامِنَة (وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَلم يفرقُوا بَين أحد مِنْهُم أُولَئِكَ سَوف يؤيتهم أُجُورهم وَكَانَ الله) للَّذين عمِلُوا من الذُّنُوب (غَفُورًا رحِيما) (النِّسَاء الْآيَة ١٥٢)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ﴿يُرِيد الله ليبين لكم وَيهْدِيكُمْ سنَن الَّذين من قبلكُمْ﴾ من تَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات كَذَلِك كَانَ سنة الَّذين من قبلكُمْ وَفِي قَوْله ﴿أَن تميلوا ميلًا عَظِيما﴾ قَالَ: الْميل الْعَظِيم أَن الْيَهُود يَزْعمُونَ أَن نِكَاح الْأُخْت من الْأَب حَلَال من الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات﴾ قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات﴾ قَالَ: الزِّنَا ﴿أَن تميلوا ميلًا عَظِيما﴾ قَالَ: يُرِيدُونَ أَن تَكُونُوا مثلهم تزنون كَمَا يزنون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات﴾ قَالَ: الزِّنَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس ﴿وَخلق الإِنسان ضَعِيفا﴾ قَالَ: فِي أَمر النِّسَاء لَيْسَ يكون الْإِنْسَان فِي شَيْء أَضْعَف مِنْهُ فِي النِّسَاء
قَالَ وَكِيع: يذهب عقله عِنْدهن
وَأخرج الخرائطي فِي اعتلال الْقُلُوب عَن طَاوس فِي قَوْله ﴿وَخلق الإِنسان ضَعِيفا﴾ قَالَ: إِذا نظر إِلَى النِّسَاء لم يصبر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد ﴿يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم﴾ قَالَ: رخص لكم فِي نِكَاح الْإِمَاء حِين تضطرون إلَيْهِنَّ ﴿وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا﴾ قَالَ: لَو لم يرخص لَهُ فِيهَا لم يكن إِلَّا الْأَمر الأول إِذا لم يجد حرَّة
الْآيَتَانِ ٢٩ - ٣٠
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ﴿ ويريد الذين يتبعون الشهوات ﴾ قال : هم اليهود والنصارى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ويريد الذين يتبعون الشهوات ﴾ قال : الزنا ﴿ أن تميلوا ميلا عظيما ﴾ قال : يريدون أن تكونوا مثلهم، تزنون، كما يزنون.
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس ﴿ ويريد الذين يتبعون الشهوات ﴾ قال : الزنا.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طاوس ﴿ وخلق الإنسان ضعيفا ﴾ قال : في أمر النساء، ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في النساء. قال وكيع : يذهب عقله عندهن.
وأخرج الخرائطي في اعتلال القلوب عن طاوس في قوله ﴿ وخلق الإنسان ضعيفا ﴾ قال : إذا نظر إلى النساء لم يصبر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ﴿ يريد الله أن يخفف عنكم ﴾ قال : رخص لكم في نكاح الإماء حين تضطرون إليهن ﴿ وخلق الإنسان ضعيفا ﴾ قال : لو لم يرخص له فيها لم يكن إلا الأمر الأول، إذا لم يجد حرة.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أما أكلهم أَمْوَالهم بَينهم بِالْبَاطِلِ فالزنا والقمار والبخس وَالظُّلم ﴿إِلَّا أَن تكون تِجَارَة﴾ فليرب الدِّرْهَم ألفا إِن اسْتَطَاعَ
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتحرَّج أَن يَأْكُل عِنْد أحد من النَّاس بعد مَا نزلت هَذِه الْآيَة فنسخ ذَلِك بِالْآيَةِ الَّتِي فِي النُّور (وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ
) (النورالآية ٦١) الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: التِّجَارَة رزق من رزق الله وحلال من حَلَال الله لمن طلبَهَا بصدقها وبرها وَقد كُنَّا نُحدث أَن التَّاجِر الْأمين الصدوق مَعَ السَّبْعَة فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه الْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التَّاجِر الصدوق الْأمين مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء
وَأخرج ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا قَالَ: التَّاجِر الصدوق الْأمين الْمُسلم مَعَ الشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْحَاكِم عَن رَافع بن خديج قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله أَي الْكسْب أطيب قَالَ: كسب الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بردة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْكسْب أطيب أوأفضل قَالَ: عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن نعيم بن عبد الرَّحْمَن الْأَزْدِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِسْعَة أعشار الرزق فِي التِّجَارَة وَالْعشر فِي الْمَوَاشِي
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن صَفْوَان بن أُميَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعلم أَن عون الله مَعَ صالحي التُّجَّار
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التَّاجِر الصدوق فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أطيب الْكسْب كسب التُّجَّار الَّذين إِذا حدثوا لم يكذبوا وَإِذا وعدوا لم يخلفوا وَإِذا ائتمنوا لم يخونوا وَإِذا اشْتَروا لم يذموا وَإِذا باعوا لم يمدحوا وَإِذا كَانَ عَلَيْهِم لم يمطلوا وَإِذا كَانَ لَهُم لم يعسروا
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا أَن التَّاجِر إِذا كَانَ فِيهِ أَربع خِصَال طَابَ كَسبه: إِذا اشْترى لم يذم وَإِذا بَاعَ لم يمدح وَلم يُدَلس فِي البيع وَلم يحلف فِيمَا بَين ذَلِك
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن التُّجَّار هم الْفجار
قَالُوا: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ قد أحل الله البيع قَالَ: بلَى وَلَكنهُمْ يحلفُونَ فيأثمون ويحدثون فيكذبون
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن تغلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يفِيض المَال وَيكثر الْجَهْل وَتظهر الْفِتَن وتفشو التِّجَارَة
أخرج ابْن مَاجَه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سعيد فِي قَوْله تَعَالَى ﴿عَن تراضٍ مِنْكُم﴾ قَالَ: قَالَ رَسُول الله: إِنَّمَا البيع عَن ترَاض
وَأخرج ابْن جرير عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: البيع عَن ترَاض وَالْخيَار بعد الصَّفْقَة وَلَا يحل لمُسلم أَن يغش مُسلما
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي زرْعَة أَنه بَاعَ فرسا لَهُ فَقَالَ لصَاحبه: اختر فخيره ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَهُ: خيرني
فخيره ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: هَذَا البيع عَن ترَاض
وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: اشْترى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رجل من الْأَعْرَاب حمل خبط فَلَمَّا وَجب البيع قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اختر
فَقَالَ الْأَعرَابِي: عمرك الله بيعا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَاعَ رجلا ثمَّ قَالَ لَهُ: اختر
فَقَالَ: قد اخْتَرْت
فَقَالَ: هَكَذَا البيع
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زرْعَة أَنه كَانَ إِذا بَايع رجلا يَقُول لَهُ: خيرني
ثمَّ يَقُول: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يفْتَرق اثْنَان إِلَّا عَن رضَا
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي قلَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أهل البقيع لَا يتفرقن بيعان إِلَّا عَن رضَا
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا أَو يَقُول أَحدهمَا للْآخر: اختر
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح وَعِكْرِمَة ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم﴾ قَالَا: نَهَاهُم عَن قتل بَعضهم بَعْضًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم﴾ لَا يقتل بَعْضكُم قَالَ: بَعْضًا
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم﴾ قَالَ: أهل دينكُمْ
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام ذَات السلَاسِل احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد فَأَشْفَقت إِن اغْتَسَلت أَن أهلك فَتَيَمَّمت بِهِ ثمَّ صليت بِأَصْحَابِي صَلَاة الصُّبْح فَلَمَّا قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: يَا عَمْرو صليت بِأَصْحَابِك وَأَنت جنب قلت: نعم يَا رَسُول الله إِنِّي احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد فَأَشْفَقت إِن اغستلت أَن أهلك وَذكرت قَول الله ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم﴾ فَتَيَمَّمت ثمَّ صليت
فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يقل شَيْئا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن عَمْرو بن الْعَاصِ صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا ذَلِك لَهُ فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: يَا رَسُول الله خشيت أَن يقتلني الْبرد وَقد قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما﴾ فَسكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة أَن مسروقاً أَتَى صفّين فَقَامَ بَين الصفين فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَنْصتُوا أَرَأَيْتُم لَو أَن منادياً ناداكم من السَّمَاء فرأيتموه وسمعتم كَلَامه فَقَالَ: إِن الله يَنْهَاكُم عَمَّا أَنْتُم فِيهِ أَكُنْتُم منتهين قَالُوا: سُبْحَانَ الله
قَالَ: فوَاللَّه لقد نزل بذلك جِبْرِيل على مُحَمَّد وَمَا ذَاك بأبين عِنْدِي مِنْهُ إِن الله قَالَ ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما﴾ ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَمن يفعل ذَلِك﴾ يَعْنِي الْأَمْوَال والدماء جَمِيعًا ﴿عُدْوانًا وظلماً﴾ يَعْنِي مُتَعَمدا إعتداء بِغَيْر حق ﴿وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا﴾ يَقُول: كَانَ عَذَابه على الله هيناً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى ﴿وَمن يفعل ذَلِك عُدْوانًا وظلماً فَسَوف نصليه نَارا﴾ فِي كل ذَلِك أم فِي قَوْله تَعَالَى
الْآيَة ٣١
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جرير قال : قلت لعطاء : أرأيت قوله تعالى ﴿ ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا ﴾ في كل ذلك أم في قوله ﴿ ولا تقتلوا أنفسكم ﴾ ؟ قال : بل في قوله ﴿ ولا تقتلوا أنفسكم ﴾.
أخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن فِي سُورَة النِّسَاء خمس آيَات مَا يسرني أَن لي بهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَد علمت أَن الْعلمَاء إِذا مروا بهَا يعرفونها قَوْله تَعَالَى ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ﴾ الْآيَة
وَقَوله (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة
) (النِّسَاء الْآيَة ٤٠) الْآيَة
وَقَوله (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ
) (النِّسَاء الْآيَة ٤٨) الْآيَة
وَقَوله (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك
) (النِّسَاء الْآيَة ٦٤) الْآيَة
وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه
) (النِّسَاء الْآيَة ١١٠) الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أنس بن مَالك قَالَ: لم نر مثل الَّذِي بلغنَا عَن رَبنَا عز وَجل ثمَّ لم نخرج لَهُ عَن كل أهل وَمَال أَن تجَاوز لنا عَمَّا دون الْكَبَائِر فَمَا لنا وَلها
يَقُول الله ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: هان مَا سألكم ربكُم ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أنس سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَلا إِن شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾ الْآيَة
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس على الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من عبد يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخمس ويصوم رَمَضَان وَيُؤَدِّي الزَّكَاة ويجتنب الْكَبَائِر السَّبع إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى أَنَّهَا لتصطفق ثمَّ تَلا ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس قَالَ: مَا لكم والكبائر وَقد وعدتم الْمَغْفِرَة فِيمَا دون الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد حسن عَن الْحسن أَن نَاسا لقوا عبد الله بن عَمْرو بِمصْر
فَجَمعهُمْ لَهُ فَأخذ أَدْنَاهُم رجلا فَقَالَ: أنْشدك بِاللَّه وبحق الْإِسْلَام عَلَيْك أَقرَأت الْقُرْآن كُله قَالَ: نعم
قَالَ: فَهَل أحصيته فِي نَفسك قَالَ: لَا
قَالَ: فَهَل أحصيته فِي بَصرك هَل أحصيته فِي لفظك هَل أحصيته فِي أثرك ثمَّ تتبعهم حَتَّى أَتَى على آخِرهم قَالَ: فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أَن يُقيم النَّاس على كتاب الله قد علم رَبنَا أَنه سَتَكُون لنا سيئات وتلا ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا﴾ هَل علم أهل الْمَدِينَة فِيمَا قدمتم قَالَ: لَا
قَالَ: لَو علمُوا لوعظت بكم
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا وعد الله الْمَغْفِرَة لمن اجْتنب الْكَبَائِر وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اجتنبوا الْكَبَائِر وسددوا وابشروا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا نهى الله عَنهُ فَهُوَ كَبِيرَة وَقد ذكرت الطرفة يَعْنِي النظرة
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْوَلِيد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: كل شَيْء عُصِيَ الله فِيهِ فَهُوَ كَبِيرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا وعد الله عَلَيْهِ النَّار كَبِيرَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَبَائِر كل ذَنْب خَتمه الله بِنَار أَو غضب أَو لعنة أَو عَذَاب
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كل ذَنْب نسبه الله إِلَى النَّار فَهُوَ من الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْكَبَائِر كل مُوجبَة أوجب الله لأَهْلهَا النَّار وكل عمل يُقَام بِهِ الحدُّ فَهُوَ من الْكَبَائِر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر أَسَبْعٌ هِيَ قَالَ: هِيَ إِلَى السّبْعين أقرب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق قيس بن سعد قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: كل ذَنْب أصر عَلَيْهِ العَبْد كَبِير وَلَيْسَ بكبير مَا تَابَ مِنْهُ العَبْد
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجتنبوا السَّبع الموبقات
قَالُوا: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَالسحر وَأكل الرِّبَا وَمَال الْيَتِيم والتولي يَوْم الزَّحْف وَقذف الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْكَبَائِر سبع: أَولهَا الْإِشْرَاك بِاللَّه ثمَّ قتل النَّفس بِغَيْر حَقّهَا وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم إِلَى أَن يكبر والفرار من الزَّحْف وَرمي الْمُحْصنَات والإنقلاب على الْأَعْرَاب بعد الْهِجْرَة
وَأخرج عَليّ بن الْجَعْد فِي الجعديات عَن طَيْسَلَة قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هن تسع: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقذف المحصنة وَقتل النَّفس المؤمنة والفرار من الزَّحْف وَالسحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وعقوق الْوَالِدين والإلحاد بِالْبَيْتِ الْحَرَام قبلتكم أَحيَاء وأمواتاً
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد حسن من طَرِيق طَيْسَلَة عَن ابْن عمر قَالَ: الْكَبَائِر تسع: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّسمَة يَعْنِي بِغَيْر حق وَقذف المحصنة والفرار من الزَّحْف وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وَالَّذِي يستسحر وإلحاد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وإنكاء الْوَالِدين من العقوق
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَوْلِيَاء الله المصلون وَمن يُقيم الصَّلَوَات الْخمس الَّتِي كتبهَا الله على عباده وَمن يُؤَدِّي زَكَاة مَاله طيبَة بهَا نَفسه وَمن يَصُوم رَمَضَان يحْتَسب صَوْمه ويجتنب الْكَبَائِر
فَقَالَ رجل من الصَّحَابَة: يَا رَسُول الله وَكم الْكَبَائِر قَالَ: هن تسع: أعظمهن الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل الْمُؤمن بِغَيْر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صلى الصَّلَوَات الْخمس واجتنب الْكَبَائِر السَّبع نُودي من أَبْوَاب الْجنَّة ادخل بِسَلام
قيل أسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرهن قَالَ: نعم عقوق الْوَالِدين والإشراك بِاللَّه وَقتل النَّفس وَقذف الْمُحْصنَات وَأكل مَال الْيَتِيم والفرار من الزَّحْف وَأكل الرِّبَا
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من عبد الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَصَامَ رَمَضَان واجتنب الْكَبَائِر فَلهُ الْجنَّة
فَسَأَلَهُ رجل مَا الْكَبَائِر قَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل نفس مسلمة والفرار يَوْم الزَّحْف
وَأخرج ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل الْيمن كتابا فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث بِهِ مَعَ عَمْرو بن حزم قَالَ: وَكَانَ فِي الْكتاب: إِن أكبر الْكَبَائِر عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس المؤمنة بِغَيْر حق والفرار يَوْم الزَّحْف وعقوق الْوَالِدين وَرمي المحصنة وَتعلم السحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَبَائِر فَقَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس وعقوق الْوَالِدين وَقَالَ: أَلا أنبئكم بأكبرالكبائر قَول الزُّور أَو شَهَادَة الزُّور
وَأخرج الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَكَانَ مُتكئا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور
أَلا وَشَهَادَة الزُّور فَمَا زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا ليته سكت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو أَنه سُئِلَ عَن الْخمر فَقَالَ: سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هِيَ أكبر الْكَبَائِر وَأم الْفَوَاحِش من شرب الْخمر ترك الصَّلَاة وَوَقع على أمه وخالته وَعَمَّته
وَأخرج عبد بن حميد فِي كتاب الْإِيمَان عَن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن الْحسن بن عَليّ سُئِلَ عَن الْخمر أَمن الْكَبَائِر هِيَ فَقَالَ: لَا
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قد قَالَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا شرب سكر وزنى وَترك الصَّلَاة فَهِيَ من الْكَبَائِر
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْكَبَائِر: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين أَو قتل النَّفس - شكّ شُعْبَة - وَالْيَمِين الْغمُوس
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن من أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَالْيَمِين الْغمُوس وَمَا حلف حَالف بِاللَّه يَمِين صَبر فَأدْخل فِيهَا مثل جنَاح بعوضة إِلَّا جعلت نُكْتَة فِي قلبه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أكبر الْكَبَائِر أَن يلعن الرجل وَالِديهِ
قَالُوا: وَكَيف يلعن الرجل وَالِديهِ قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ ويَسُبُّ أمه فيسب أمه
وَأخرج أَو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أكبر الْكَبَائِر استطالة الْمَرْء فِي عرض رجل مُسلم بِغَيْر حق وَمن الْكَبَائِر السبتان بالسبة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من غير عذر فقد أَتَى بَابا من أَبْوَاب الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من غير عذر من الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قَتَادَة الْعَدوي قَالَ: قرىء علينا كتاب عمر من الْكَبَائِر جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ
يَعْنِي بِغَيْر عذر والفرار من الزَّحْف والنميمة
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه والإياس من روح الله والقنوط من رَحْمَة الله والآمن من مكر الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ أَنه سُئِلَ مَا أكبر الْكَبَائِر فَقَالَ: الْأَمْن لمكر الله والإياس من روح الله والقنوط من رَحْمَة الله
وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا الْكَبَائِر وَهُوَ متكىء فَقَالُوا: الشّرك بِاللَّه وَأكل مَال الْيَتِيم وفرار يَوْم الزَّحْف وَقذف المحصنة وعقوق الْوَالِدين وَقَول الزُّور والغلول وَالسحر وَأكل الرِّبَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا) (آل عمرَان الْآيَة ٧٧) إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: الْكَبَائِر: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس وَأكل مَال الْيَتِيم وَقذف المحصنة والفرار من الزَّحْف وَالتَّعَرُّب بعد الْهِجْرَة وَالسحر وعقوق الْوَالِدين وَأكل الرِّبَا وفراق الْجَمَاعَة ونكث الصَّفْقَة
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد ضَعِيف عَن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَن أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَمنع فضل المَاء وَمنع الْفَحْل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بُرَيْدَة قَالَ: إِن أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَمنع فضول المَاء بعد الرّيّ وَمنع طروق الْفَحْل إِلَّا بِجعْل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: مَا أَخذ على النِّسَاء فَمن الْكَبَائِر
يَعْنِي قَوْله (أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين
) (المتحنة الْآيَة ١٢) الْآيَة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْتُم الزَّانِي وَالسَّارِق وشارب الْخمر مَا تَقولُونَ فيهم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: هن فواحش وفيهن عُقُوبَة أَلا أنبئكم
وَأخرج عبدُ بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن من أكبر الذَّنب عِنْد الله أَن يَقُول لصَاحبه اتَّقِ الله فَيَقُول: عَلَيْك نَفسك من أَنْت تَأْمُرنِي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سَالم بن عبد الله التمار عَن أَبِيه أَن أَبَا بكر وَعمر وأناساً من الصَّحَابَة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا أعظم الْكَبَائِر فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا علم ينتهون إِلَيْهِ فأرسلوني إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أسأله عَن ذَلِك فَأَخْبرنِي أَن أعظم الْكَبَائِر شرب الْخمر فأتيتهم فَأَخْبَرتهمْ فأنكروا ذَلِك وتواثبوا إِلَيْهِ جَمِيعًا حَتَّى أَتَوْهُ فِي دَاره فَأخْبرهُم أَنهم تحدثُوا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن ملكا من بني إِسْرَائِيل أَخذ رجلا فخيره أَن يشرب الْخمر أَو يقتل نفسا أَو يَزْنِي أَو يَأْكُل لحم خِنْزِير أَو يقْتله إِن أَبى
فَاخْتَارَ شرب الْخمر وَإنَّهُ لما شربهَا لم يمْتَنع من شَيْء أَرَادَهُ مِنْهُ وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أحد يشْربهَا فَيقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلَا يَمُوت وَفِي مثانته مِنْهَا شَيْء إِلَّا حرمت عَلَيْهِ الْجنَّة وَإِن مَاتَ فِي الْأَرْبَعين مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه لِأَن الله يَقُول (لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ) (يُوسُف الْآيَة ٨٧) والأمن لمكر الله لِأَن الله يَقُول (فَلَا يَأْمَن مكر الله إِلَّا الْقَوْم الخاسرون) (الْأَعْرَاف الْآيَة ٩٩) وعقوق الْوَالِدين لِأَن الله جعل الْعَاق جباراً عصياً وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله لِأَن الله يَقُول (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم
) (النِّسَاء الْآيَة ٩٣) إِلَى آخر الْآيَة وَقذف الْمُحْصنَات لِأَن الله يَقُول (لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم) (النُّور الْآيَة ٢٣) وَأكل
) إِلَى قَوْله (وَبئسَ الْمصير) (الْأَنْفَال الْآيَة ١٦) وَأكل الرِّبَا لِأَن الله يَقُول (الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ
) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٧٥) الْآيَة وَالسحر لِأَن الله يَقُول (وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق) (الْبَقَرَة الْآيَة ١٠٢) وَالزِّنَا لِأَن الله يَقُول (يلق أثاما) (الْفرْقَان الْآيَة ٦٨) الْآيَة وَالْيَمِين الْغمُوس الْفَاجِرَة لِأَن الله يَقُول (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ
) (آل عمرَان الْآيَة ٧٧) الْآيَة والغلول لِأَن الله يَقُول (وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة) (آل عمرَان الْآيَة ١٦١) وَمنع الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة لِأَن الله يَقُول (فتكوى بهَا جباههم
) (التَّوْبَة الْآيَة ٣٥) الْآيَة وَشَهَادَة الزُّور وكتمان الشَّهَادَة لِأَن الله يَقُول (وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٣) وَشرب الْخمر لِأَن الله عدل بهَا الْأَوْثَان وَترك الصَّلَاة مُتَعَمدا لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد برىء من ذمَّة الله وَرَسُوله وَنقض الْعَهْد وَقَطِيعَة الرَّحِم لِأَن الله يَقُول (لَهُم اللَّعْنَة وَلَهُم سوء الدَّار) (الرَّعْد الْآيَة ٢٥)
وأخرد عبد بن حميد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر قَالَ: مَا بَين أول سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأس ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْكَبَائِر من أول سُورَة النِّسَاء إِلَى قَوْله ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: افتتحوا سُورَة النِّسَاء فَكل شَيْء نهى الله عَنهُ حَتَّى تَأْتُوا ثَلَاثِينَ آيَة فَهُوَ كَبِيرَة ثمَّ قَرَأَ مصداق ذَلِك ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْكَبَائِر فِيمَا بَين أول هَذِه السُّورَة سُورَة النِّسَاء إِلَى هَذِه الْموضع ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله بِغَيْر حَقّهَا وفرار يَوْم الزَّحْف وَأكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حَقه وَأكل الرِّبَا والبهتان وَيَقُولُونَ اعرابية بعد الْهِجْرَة
قيل لِابْنِ سِيرِين: فالسحر
قَالَ: إِن الْبُهْتَان يجمع شرا كثيرا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُغيرَة قَالَ: كَانَ يُقَال: شتم أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا من الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: من الْكَبَائِر أَن يعْمل الرجل الذَّنب فيحتقره
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا كَبِيرَة بكبيرة مَعَ الاسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة بصغيرة مَعَ الْإِصْرَار
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس
أَنه قَرَأَ تكفر بِالتَّاءِ وَنصب الْفَاء
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾ قَالَ: إِنَّمَا وعد الله الْمَغْفِرَة لمن اجْتنب الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ﴾ قَالَ: الصغار ﴿وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا﴾ قَالَ: الْكَرِيم: هُوَ الْحسن فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يَقُول: الْمدْخل الْكَرِيم
هُوَ الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ ﴿مدخلًا﴾ بِضَم الْمِيم
الْآيَة ٣٢
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض﴾ وَأنزل فِيهَا (إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات) (الْأَحْزَاب الْآيَة ٣٥)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا نَبِي الله للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَشَهَادَة امْرَأتَيْنِ بِرَجُل أفنحن فِي الْعَمَل هَكَذَا إِن عملت امْرَأَة حَسَنَة كتبت لَهَا نصف حَسَنَة فَأنْزل الله ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا﴾ فَإِنَّهُ عدل مني وَإِن صَنعته
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن النِّسَاء سألن الْجِهَاد فَقُلْنَ وَدِدْنَا أَن الله جعل لنا الْغَزْو فنصيب من الْأجر مَا يُصِيب الرِّجَال
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض﴾
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَا: نزلت فِي أم سَلمَة بنت أبي أُميَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ أَن الرِّجَال قَالُوا: نُرِيد أَن يكون لنا من الْأجر الضعْف على أجر النِّسَاء كَمَا لنا فِي السِّهَام سَهْمَان فنريد أَن يكون لنا فِي الْأجر أَجْرَانِ
وَقَالَت النِّسَاء: نُرِيد أَن يكون لنا أجر مثل أجر الرِّجَال الشُّهَدَاء فَإنَّا لَا نستطيع أَن نُقَاتِل وَلَو كتب علينا الْقِتَال لقاتلنا
فَأنْزل الله الْآيَة وَقَالَ لَهُم سلوا الله من فَضله يرزقكم الْأَعْمَال وَهُوَ خير لكم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض﴾ يَقُول: لَا يتمنّ الرجل فَيَقُول لَيْت لي مَال فلَان وَأَهله
فَنهى الله سُبْحَانَهُ عَن ذَلِك وَلَكِن ليسأل الله من فَضله ﴿للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا﴾ يَعْنِي مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: لَا تتمن مَال فلَان وَلَا مَال فلَان وَمَا يدْريك لَعَلَّ هَلَاكه فِي ذَلِك المَال
فَلَمَّا لحق للْمَرْأَة نصِيبهَا وللصبي نصِيبه وَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَت النِّسَاء لَو كَانَ جعل أنصباءنا فِي الْمِيرَاث كأنصباء الرِّجَال
وَقَالَ الرِّجَال: إِنَّا لنَرْجُو أَن نفضل على النِّسَاء بحسنات فِي الْآخِرَة كَمَا فضلنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاث
فَأنْزل الله ﴿للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مِمَّا اكتسبن﴾ يَقُول: الْمَرْأَة تجزى بحسنتها عشر أَمْثَالهَا كَمَا يجزى الرجل
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي حريز قَالَ: لما نزل (للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ) (النِّسَاء الْآيَة ١١) قَالَت النِّسَاء: كَذَلِك عَلَيْهِم نصيبان من الذُّنُوب كَمَا لَهُم نصيبان من الْمِيرَاث
فَأنْزل الله ﴿للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مِمَّا اكتسبن﴾ يَعْنِي الذُّنُوب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ﴿للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا﴾ قَالَ: من الْإِثْم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا سمع الرجل يتَمَنَّى فِي الدُّنْيَا قَالَ: قد نهاكم الله عَن هَذَا ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض﴾ ودلكم على خير مِنْهُ ﴿واسألوا الله من فَضله﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿واسألوا الله من فَضله﴾ قَالَ: لَيْسَ بِعرْض الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿واسألوا الله من فَضله﴾ قَالَ: الْعِبَادَة لَيْسَ من أَمر الدُّنْيَا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله من فَضله فَإِن الله يحب أَن يسْأَل
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق حَكِيم بن جُبَير عَن رجل لم يسمه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله من فَضله فَإِن الله يحب أَن يسْأَل وَإِن من أفضل الْعِبَادَة انْتِظَار الْفرج
وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا سَأَلَ رجل مُسلم الله
الْآيَة ٣٣
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلكُل جعلنَا موَالِي﴾ قَالَ: عصبَة ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل أَيهمَا مَاتَ وَرثهُ الآخر فَأنْزل الله (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا) (الْأَحْزَاب الْآيَة ٦) يَقُول: إِلَّا أَن يوصوا إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ الَّذين عقدوا وَصِيَّة فَهُوَ لَهُم جَائِز من ثلث مَال الْمَيِّت وَهُوَ الْمَعْرُوف
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَلكُل جعلنَا موَالِي﴾ قَالَ: الموَالِي
الْعصبَة هم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة الموَالِي فَلَمَّا دخلت الْعَجم على الْعَرَب لم يَجدوا لَهُم اسْما
فَقَالَ الله (فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم) (الْأَحْزَاب الْآيَة ٥) فسموا الموَالِي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: كَانَ الرجل قبل الْإِسْلَام يعاقد الرجل يَقُول: ترثني وأرثك
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة أَو عقد أدْركهُ الْإِسْلَام فَلَا يزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا عقد وَلَا حلف فِي الْإِسْلَام نسختها هَذِه الْآيَة (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض) (الْأَحْزَاب الْآيَة ٦)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل فيرث كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَكَانَ أَبُو يكر عَاقد رجلا فورثه
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: كَانَ الرجل يحالف الرجل لَيْسَ بَينهمَا نسب فيرث أَحدهمَا الآخر فنسخ فِي ذَلِك فِي الْأَنْفَال فَقَالَ: (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله) (الْأَحْزَاب الْآيَة ٦)
وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة فَيَقُول: دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بِي وأطلب بك
فَجعل لَهُ السُّدس من جَمِيع المَال فِي الْإِسْلَام ثمَّ يقسم أهل الْمِيرَاث ميراثهم
فنسخ ذَلِك بعد فِي سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ: (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض) فقذف مَا كَانَ من عهد يتوارث بِهِ وَصَارَت الْمَوَارِيث لِذَوي الْأَرْحَام
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة قد كَانَ يلْحق بِهِ الرجل فَيكون تَابعه فَإِذا مَاتَ الرجل صَار لأَهله وأقاربه الْمِيرَاث وَبَقِي تَابعا لَيْسَ لَهُ شَيْء
فَأنْزل الله ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم﴾ فَكَانَ يُعْطي من مِيرَاثه فَأنْزل الله بعد ذَلِك (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم﴾ الَّذين عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فآتوهم نصِيبهم﴾ إِذا لم يَأْتِ رحم يحول بَينهم
قَالَ: وَهُوَ لَا يكون
وَأخرج ابْن جرير والنحاس عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الحلفاء وَالَّذين كَانُوا يتبنون رجَالًا غير أبنائهم ويورثونهم
فَأنْزل الله فيهم فَجعل لَهُم نَصِيبا فِي الْوَصِيَّة ورد الْمِيرَاث إِلَى الموَالِي فِي ذِي الرَّحِم والعصبة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس عَن مُجَاهِد ﴿وَلكُل جعلنَا موَالِي﴾ قَالَ: الْعصبَة ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: الحلفاء ﴿فآتوهم نصِيبهم﴾ قَالَ: من الْعقل والنصر والرفادة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم عَن دَاوُد بن الْحصين قَالَ: كنت أَقرَأ على أم سعد ابْنة الرّبيع وَكَانَت يتيمة فِي حجر أبي فَقَرَأت عَلَيْهَا ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم﴾ فَقَالَت: لَا وَلَكِن ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم﴾ إِنَّمَا نزلت فِي أبي بكر وَابْنه عبد الرَّحْمَن حِين أَبى أَن يسلم فَحلف أَبُو بكر أَن لَا يورثه فَلَمَّا أسلم أمره الله أَن يورثه نصِيبه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ عقدت أَيْمَانكُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم
أَنه قَرَأَ ﴿وَالَّذين عقدت﴾ خَفِيفَة بِغَيْر ألف
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يَأْتِي الْقَوْم فيعقدون لَهُ أَنه مِنْهُم إِن كَانَ ضراً أَو نفعا أَو دَمًا فَإِنَّهُ فيهم مثلهم وَيَأْخُذُونَ لَهُ من أنفسهم مثل الَّذِي يَأْخُذُونَ مِنْهُ فَكَانُوا إِذا كَانَ قتال قَالُوا: يَا فلَان أَنْت منا فَانْصُرْنَا وَإِن كَانَت مَنْفَعَة قَالُوا: أعطنا أَنْت منا وَلم ينصروه كنصرة بَعضهم بَعْضًا إِن اسنتصر وَإِن نزل بِهِ أَمر أعطَاهُ بَعضهم وَمنعه بَعضهم وَلم يعطوه مثل الَّذين يَأْخُذُونَ مِنْهُ
فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ وتحرجوا من ذَلِك وَقَالُوا: قد عاقدناهم فِي الْجَاهِلِيَّة
فَأنْزل الله ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم﴾ قَالَ: أعطوهم مثل الَّذِي تأخذون مِنْهُم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي مَالك ﴿وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم﴾ قَالَ: هُوَ حَلِيف الْقَوْم يَقُول: أشهدوه أَمركُم ومشورتكم
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن جرير والنحاس عَن جُبَير بن مطعم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا حلف فِي الْإِسْلَام وَأَيّمَا حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حلف فِي الْإِسْلَام وتمسكوا بِحلف الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَفعه كل حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لم يزده الْإِسْلَام إِلَّا جدة وَشدَّة
الْآيَة ٣٤
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْقصاص
فَأنْزل الله ﴿الرِّجَال قوامون على النِّسَاء﴾ الْآيَة
فَرَجَعت بِغَيْر قصاص
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن أَن رجلا لطم امْرَأَته فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَرَادَ أَن يقصها مِنْهُ
فَنزلت ﴿الرِّجَال قوامون على النِّسَاء﴾ فَدَعَاهُ فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَقَالَ أردْت أمرا وَأَرَادَ الله غَيره
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن
فَنزلت (وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه) (طه الْآيَة ١١٤) فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل الْقُرْآن ﴿الرِّجَال قوامون على النِّسَاء﴾ إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أردنَا أمرا وَأَرَادَ الله غَيره
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من الْأَنْصَار بِامْرَأَة لَهُ فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن زَوجهَا فلَان بن فلَان الْأنْصَارِيّ وَأَنه ضربهَا فأثر فِي وَجههَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ ذَلِك لَهُ
فَأنْزل الله ﴿الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض﴾ أَي قوامون على النِّسَاء فِي الْأَدَب
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أردْت أمرا وَأَرَادَ الله غَيره
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: لطم رجل امْرَأَته فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقصاص فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك نزلت الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ
نَحوه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء﴾ قَالَ: بالتأديب والتعليم ﴿وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم﴾ قَالَ: بِالْمهْرِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَا تقص الْمَرْأَة من زَوجهَا إِلَّا فِي النَّفس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان قَالَ: نَحن نقص مِنْهُ إِلَّا فِي الْأَدَب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء﴾ يَعْنِي أُمَرَاء عَلَيْهِنَّ أَن تُطِيعهُ فِيمَا أمرهَا الله بِهِ من طَاعَته وطاعته أَن تكون محسنة إِلَى أَهله حافظة لمَاله ﴿بِمَا فضل الله﴾ وفضله عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وسعيه ﴿فالصالحات قانتات﴾ قَالَ: مطعيات ﴿حافظات للغيب﴾ يَعْنِي إِذا كن كَذَا فَأحْسنُوا إلَيْهِنَّ
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الرجل قَائِم على الْمَرْأَة يأمرها بِطَاعَة الله فَإِن أَبَت فَلهُ أَن يضْربهَا ضربا غير مبرح وَله عَلَيْهَا الْفضل بِنَفَقَتِهِ وسعيه
وَأخرج عَن سُفْيَان ﴿بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض﴾ قَالَ: بتفضيل الله الرِّجَال على النِّسَاء ﴿وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم﴾ بِمَا ساقوا من الْمهْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ ﴿وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم﴾ قَالَ: الصَدَاق الَّذِي أَعْطَاهَا أَلا ترى أَنه لَو قَذفهَا لاعنها وَلَو قَذَفته جُلِدَتْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿فالصالحات قانتات﴾ أَي مطيعات لله ولأزواجهن ﴿حافظات للغيب﴾ قَالَ: حافظات لما استودعهن الله من حَقه وحافظات لغيب أَزوَاجهنَّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿حافظات للغيب﴾ للأزواج
وأخرح ابْن جرير عَن السّديّ ﴿حافظات للغيب بِمَا حفظ الله﴾ يَقُول تحفظ على زَوجهَا مَاله وفرجها حَتَّى يرجع كَمَا أمرهَا الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: حافظات لِأَزْوَاجِهِنَّ فِي أَنْفسهنَّ بِمَا استحفظهن الله
وَأخرج عَن مقَاتل قَالَ: حافظات لفروجهن لغيب أَزوَاجهنَّ حافظات بِحِفْظ الله لَا يخن أَزوَاجهنَّ بِالْغَيْبِ
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: حافظات للأزواج بِمَا حفظ الله يَقُول: حفظهن الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿حافظات للغيب﴾ قَالَ: يحفظن على أَزوَاجهنَّ مَا غَابُوا عَنْهُن من شأنهن ﴿بِمَا حفظ الله﴾ قَالَ: بِحِفْظ الله إِيَّاهَا أَن يَجْعَلهَا كَذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير النِّسَاء الَّتِي إِذا نظرت إِلَيْهَا سرتك وَإِذا أَمَرتهَا أَطَاعَتك وَإِذا غبت عَنْهَا حفظتك فِي مَالك ونفسها
ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿الرِّجَال قوامون على النِّسَاء﴾ إِلَى قَوْله ﴿قانتات حافظات للغيب﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن طَلْحَة بن مصرف قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله فالصالحات قانتات حافظات للغيب بِمَا حفظ الله فأصلحوا إلَيْهِنَّ واللاتي تخافون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن جعدة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير فَائِدَة أفادها الْمُسلم بعد الْإِسْلَام امْرَأَة جميلَة تسرهُ إِذا نظر إِلَيْهَا وَتُطِيعهُ إِذا أمرهَا وَتَحفظه إِذا غَابَ فِي مَاله ونفسها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: مَا اسْتَفَادَ رجل بعد إِيمَان بِاللَّه خيرا من امْرَأَة حَسَنَة الْخلق ودود ولود وَمَا اسْتَفَادَ رجل بعد الْكفْر بِاللَّه شرا من امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق حَدِيدَة السان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: مثل الْمَرْأَة الصَّالِحَة عِنْد الرجل الصَّالح مثل التَّاج المخوص بِالذَّهَب على رَأس الْملك وَمثل الْمَرْأَة السوء عِنْد الرجل الصَّالح مثل الْحمل الثقيل على الرجل الْكَبِير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أَلا أخْبركُم بِالثلَاثِ الفواقر قيل: وَمَا هن قَالَ: إِمَام جَائِر إِن أَحْسَنت لم يشْكر وَإِن أَسَأْت لم يغْفر وجار سوء إِن رأى حَسَنَة غطاها وَإِن رأى سَيِّئَة أفشاها وَامْرَأَة السوء إِن شهدتها غاظتك وَإِن غبت عَنْهَا خانتك
وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من السَّعَادَة: الْمَرْأَة ترَاهَا فتعجبك وتغيب فتأمنها على نَفسهَا وَمَالك وَالدَّابَّة تكون وطيئة فلتحقك بِأَصْحَابِك وَالدَّار تكون وَاسِعَة كَثِيرَة الْمرَافِق
وَثَلَاث من الشَّقَاء: الْمَرْأَة ترَاهَا فتسوءك وَتحمل لسانها عَلَيْك وَإِن غبت عَنْهَا لم تأمنها على نَفسهَا وَمَالك وَالدَّابَّة تكون قطوفاً فَإِن ضربتها أتعبتك وَإِن تركتهَا لم تلحقك بِأَصْحَابِك وَالدَّار تكون ضيقَة قَليلَة الْمرَافِق
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حُصَيْن بن مُحصن قَالَ: حَدَّثتنِي عَمَّتي قَالَت: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض الْحَاجة فَقَالَ: أَي هَذِه أذات بعل أَنْت قلت: نعم
قَالَ: كَيفَ أَنْت لَهُ قَالَت: مَا آلوه إِلَّا مَا عجزت عَنهُ
قَالَ: انظري أَيْن أَنْت مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جنتك ونارك
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة قَالَ: من
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه أَن تَأذن فِي بَيت زَوجهَا وَهُوَ كَارِه وَلَا تخرج وَهُوَ كَارِه وَلَا تطيع فِيهِ أحدا وَلَا تخشن بصدره وَلَا تَعْتَزِل فرَاشه وَلَا تضر بِهِ فَإِن كَانَ هُوَ أظلم فلتأته حَتَّى ترضيه فَإِن قبل مِنْهَا فبها ونعمت وَقبل الله عذرها وَإِن هُوَ لم يرض فقد أبلغت عِنْد الله عذرها
وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا ينظر الله إِلَى امْرَأَة لَا تشكر لزَوجهَا وَهِي لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْفُسَّاق أهل النَّار
قيل: يَا رَسُول الله وَمن الْفُسَّاق قَالَ: النِّسَاء
قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وَأَزْوَاجنَا قَالَ: بلَى
ولكنهن إِذا أعطين لم يشكرن وَإِذا ابتلين لم يصبرن
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَصُوم الْمَرْأَة وبعلها شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأذن فِي بَيته وَهُوَ شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَنا وافدة النِّسَاء إِلَيْك هَذَا الْجِهَاد كتبه الله على الرِّجَال فَإِن يُصِيبُوا أُجرُوا وَإِن قتلوا كَانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَنحن معشر النِّسَاء نقوم عَلَيْهِم فَمَا لنا من ذَلِك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبلغي من لقِيت من النِّسَاء أَن طَاعَة الزَّوْج واعترافها بِحقِّهِ تعدل ذَلِك وَقَلِيل مِنْكُن من يَفْعَله
وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجهَا وأطاعت زَوجهَا دخلت الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة من خثعم أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة فَإِنِّي امْرَأَة أيم فَإِن اسْتَطَعْت وَإِلَّا جَلَست أَيّمَا قَالَ: فَإِن حق الزَّوْج على زَوجته إِن سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر بعير أَن لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَمن حق الزَّوْج على زَوجته أَن لَا تَصُوم تَطَوّعا إِلَّا
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي النَّاس أعظم حَقًا على الْمَرْأَة قَالَ: زَوجهَا
قلت: فَأَي النَّاس أعظم حَقًا على الرجل قَالَ: أمه
وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا معشر النِّسَاء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فَإِن الْمَرْأَة لَو تعلم مَا حق زَوجهَا لم تزل قَائِمَة مَا حضر غداؤه وعشاؤه
وَأخرج الْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو تعلم الْمَرْأَة حق لزوج مَا قعدت مَا حضر غداؤه وعشاؤه حَتَّى يفرغ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو كنت آمراً بشرا يَسجدُ لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا تصعد لَهُم حَسَنَة: العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع إِلَى موَالِيه وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا والسكران حَتَّى يصحو
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم برجالكم من أهل الْجنَّة
النَّبِي فِي الْجنَّة وَالصديق فِي الْجنَّة والشهيد فِي الْجنَّة والمولود فِي الْجنَّة وَرجل زار أَخَاهُ فِي نَاحيَة الْمصر يزوره الله فِي الْجنَّة وَنِسَاؤُكُمْ من أهل الْجنَّة الْوَدُود العدود على زَوجهَا الَّتِي إِذا غضب جَاءَت حَتَّى تضع يَدهَا فِي يَده ثمَّ تَقول: لَا أَذُوق غمضاً حَتَّى ترْضى
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لابنته: إِنِّي أبْغض أَن تكون الْمَرْأَة تَشْكُو زَوجهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لامْرَأَة عُثْمَان: أَي بنية أَنه لَا امْرَأَة لرجل لم تأت مَا يهوى وذمته فِي وَجهه وَإِن أمرهَا أَن تنْتَقل من جبل أسود إِلَى جبل أَحْمَر أَو من جبل أَحْمَر إِلَى جبل أسود فاستصلحي زَوجك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: النِّسَاء على ثَلَاثَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: النِّسَاء ثَلَاث: امْرَأَة عفيفة مسلمة هينة لينَة ودود ولود تعين أَهلهَا على الدَّهْر وَلَا تعين الدَّهْر على أَهلهَا وَقَلِيل مَا تجدها وَامْرَأَة وعَاء لم تزد على أَن تَلد الْوَلَد وثالثة غل قمل يَجْعَلهَا الله فِي عنق من يَشَاء وَإِذا أَرَادَ أَن يَنْزعهُ نَزعه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت يزِيد الْأَنْصَارِيَّة أَنَّهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَين أَصْحَابه فَقَالَت: بِأبي أَنْت وَأمي إِنِّي وافدة النِّسَاء إِلَيْك وَأعلم نَفسِي - لَك الْفِدَاء - أَنه مَا من امْرَأَة كائنة فِي شَرق وَلَا غرب سَمِعت بمخرجي هَذَا إِلَّا وَهِي على مثل رَأْيِي إِن الله بَعثك بِالْحَقِّ إِلَى الرِّجَال وَالنِّسَاء فَآمَنا بك وبإلهك الَّذِي أرسلك وَإِنَّا معشر النِّسَاء محصورات مقصورات قَوَاعِد بُيُوتكُمْ ومقضى شهواتكم وحاملات أَوْلَادكُم وَإِنَّكُمْ معاشر الرِّجَال فضلْتُمْ علينا بِالْجمعَةِ وَالْجَمَاعَات وعيادة المرضى وشهود الْجَنَائِز وَالْحج بعد الْحَج وَأفضل من ذَلِك الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَإِن الرجل مِنْكُم إِذا خرج حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو مرابطاً حفظنا لكم أَمْوَالكُم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أَمْوَالكُم فَمَا نشارككم فِي الْأجر يَا رَسُول الله فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَصْحَابه بِوَجْهِهِ كُله ثمَّ قَالَ: هَل سَمِعْتُمْ مقَالَة امْرَأَة قطّ أحسن من مسساءلتها فِي أَمر دينهَا من هَذِه فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا ظننا أَن امْرَأَة تهتدي إِلَى مثل هَذَا فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهَا ثمَّ قَالَ لَهَا: انصرفي أيتها الْمَرْأَة وأعلمي من خَلفك من النِّسَاء إِن حسن تبعل إحداكن لزَوجهَا وطلبها مرضاته واتباعها مُوَافَقَته يعدل ذَلِك كُله
فأدبرت الْمَرْأَة وَهِي تهلل وتكبر استبشاراً
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: جَاءَ النِّسَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله ذهب الرِّجَال بِالْفَضْلِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل الله أفما لنا عمل ندرك بِهِ عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مهنة إحداكن فِي بَيتهَا تدْرك عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّمَا امْرَأَة باتت وَزوجهَا عَنْهَا رَاض دخلت الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: مر بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن فِي نسْوَة
قُلْنَا يَا رَسُول الله وَمَا كفران المنعمين قَالَ: لَعَلَّ إحداكن تطول أيمتها بَين أَبَوَيْهَا وتعنس فيرزقها الله زوجا ويزرقها مِنْهُ مَالا وَولدا فتغضب الغضبة فَتَقول: مَا رَأَيْت مِنْهُ خيرا قطّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد مُنْقَطع عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أُفٍّ للحمام حجاب لَا يستر وَمَاء لَا يطهر وَلَا يحل لرجل أَن يدْخلهُ إِلَّا بمنديل مر الْمُسلمين لَا يفتنوا نِسَاءَهُمْ ﴿الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء﴾ علموهن ومروهن بالتسبيح
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهَا ابْن لَهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حاملات والدات رحيمات لَوْلَا مَا يَأْتِين إِلَى أَزوَاجهنَّ لدخل مصلياتهن الْجنَّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت امْرَأَة: يَا رَسُول الله مَا جَزَاء غَزْوَة الْمَرْأَة قَالَ: طَاعَة الزَّوْج واعتراف بِحقِّهِ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي النِّسَاء خير قَالَ: الَّتِي تسرهُ إِذا نظر وَلَا تعصيه إِذا أَمر وَلَا تخَالفه بِمَا يكره فِي نَفسهَا وَمَاله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ أَنه أَتَى الشَّام فَرَأى النَّصَارَى يَسْجُدُونَ لأساقفتهم وَرُهْبَانهمْ وَرَأى الْيَهُود يَسْجُدُونَ لأحبارهم وربانهم فَقَالَ: لأي شَيْء تَفْعَلُونَ هَذَا قَالُوا: هَذَا تَحِيَّة الْأَنْبِيَاء
قلت: فَنحْن أَحَق أَن نصْنَع بنبينا فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم كذبُوا على أَنْبِيَائهمْ كَمَا حرَّفوا كِتَابهمْ لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا وَلَا تَجِد امْرَأَة حلاوة الْإِيمَان حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا وَلَو سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا أزداد بِهِ يَقِينا فَقَالَ: ادْع تِلْكَ الشَّجَرَة فَدَعَا بهَا فَجَاءَت حَتَّى سلمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لَهَا: ارجعي فَرَجَعت
قَالَ: ثمَّ أذن لَهُ فَقبل رَأسه وَرجلَيْهِ وَقَالَ: لَو كنت آمراً أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اثْنَان لَا تجَاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من موَالِيه حَتَّى يرجع وَامْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا حَتَّى ترجع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول
وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل أَنه قدم الْيمن فَسَأَلته امْرَأَة مَا حق الْمَرْء على زَوجته فَإِنِّي تركته فِي الْبَيْت شَيخا كَبِيرا فَقَالَ: وَالَّذِي نفس معَاذ بِيَدِهِ لَو أَنَّك ترجعين إِذا رجعت إِلَيْهِ فَوجدت الجذام قد خرق لَحْمه وخرق مَنْخرَيْهِ فَوجدت مَنْخرَيْهِ يسيلان قَيْحا ودماً ثمَّ ألقمتيهما فَاك لكيما تبلغي حَقه مَا بلغت ذَاك أبدا
وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يصلح لبشر أَن يسْجد لبشر وَلَو صلح أَن يسْجد بشر لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن من قدمه إِلَى مفرق رَأسه قرحَة تنبجس بالقيح والصديد ثمَّ أَقبلت تلحسه مَا أدَّت حَقه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس أَن رجلا انْطلق غازياً وَأوصى امْرَأَته لَا تنزل من فَوق الْبَيْت فَكَانَ والدها فِي أَسْفَل الْبَيْت فاشتكى أَبوهَا فَأرْسلت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخبره وتستأمره فَأرْسل إِلَيْهَا إتقي الله وأطيعي زَوجك
ثمَّ إِن والدها توفّي فَأرْسل إِلَيْهِ تستأمره فَأرْسل إِلَيْهَا مثل ذَلِك
وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصلى عَلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهَا أَن الله قد غفر لأَبِيك بطواعيتك لزوجك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن المصطلق قَالَ: كَانَ يُقَال أَشد النَّاس عذَابا اثْنَان: امْرَأَة تَعْصِي زَوجهَا وَإِمَام قوم وهم لَهُ كَارِهُون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا أَتَى بابنته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن ابْنَتي هَذِه أَبَت أَن تتزوّج فَقَالَ لَهَا: أطيعي أَبَاك
فَقَالَت: لَا
حَتَّى تُخبرنِي مَا حق الزَّوْج على زَوجته
فَقَالَ: حق الزَّوْج على زَوجته إِن لَو كَانَ بِهِ قرحَة فلحستها أَو ابتدر منخراه صديدا ودماً ثمَّ لحسته مَا أدَّت حَقه
فَقَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَتزوّج أبدا
فَقَالَ: لَا تنكحوهن إِلَّا بإذنهن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لشَيْء أَن يسْجد لشَيْء وَلَو كَانَ ذَلِك لَكَانَ النِّسَاء يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو كنت آمرا أحدا لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَلَو أَن رجلا أَمر
وَأخرج ابْن شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: يَا معشر النِّسَاء لَو تعلمن حق أزواجكن عليكن لجعلت الْمَرْأَة مِنْكُن تمسح الْغُبَار عَن وَجهه بَحر وَجههَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: لَو أَن امْرَأَة مصت أنف زَوجهَا من الجذام حَتَّى تَمُوت مَا أدَّت حَقه
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس ﴿واللاتي تخافون نشوزهن﴾ قَالَ: تِلْكَ الْمَرْأَة تنشز وتستخف بِحَق زَوجهَا وَلَا تطيع أمره فَأمره الله أَن يعظها ويذكرها بِاللَّه ويعظم حَقه عَلَيْهَا فَإِن قبلت وَإِلَّا هجرها فِي المضجع وَلَا يكلمها من غير أَن يذر نِكَاحهَا وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيد
فَإِن رجعت وَإِلَّا ضربهَا ضربا غير مبرح وَلَا يكسر لَهَا عظما وَلَا يجرح بهَا جرحا ﴿فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ يَقُول: إِذا أَطَاعَتك فَلَا تتجن عَلَيْهَا الْعِلَل
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ نشوزهم قَالَ: بغضهن
وَأخرج عَن ابْن زيد قَالَ: النُّشُوز: مَعْصِيَته وخلافه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن﴾ قَالَ: إِذا نشزت الْمَرْأَة عَن فرَاش زَوجهَا يَقُول لَهَا: اتقِي الله وارجعي إِلَى فراشك فَإِن أَطَاعَته فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿واللاتي تخافون نشوزهن﴾ قَالَ: الْعِصْيَان ﴿فعظوهن﴾ قَالَ: بِاللِّسَانِ ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع﴾ قَالَ: لَا يكلمها ﴿واضربوهن﴾ ضربا غير مبرح ﴿فَإِن أطعنكم﴾ قَالَ: إِن جَاءَت إِلَى الْفراش ﴿فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ قَالَ: لَا تلمها ببغضها إياك فَإِن البغض أَنا جعلته فِي قَلبهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿فعظوهن﴾ قَالَ: بِاللِّسَانِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن لَقِيط بن صبرَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِن لي امْرَأَة فِي لسانها شَيْء - يَعْنِي الْبذاء - قَالَ طَلقهَا
قلت: إِن لي مِنْهَا ولدا وَلها صُحْبَة
قَالَ: فَمُرْهَا - يَقُول عظها - فَإِن يَك فِيهَا خير فستقبل وَلَا تضربن ظعينتك ضربك أمتك
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي حرَّة الرقاشِي عَن عَمه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع﴾ قَالَ: لَا يُجَامِعهَا
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع﴾ يَعْنِي بالهجران أَن يكون الرجل وَالْمَرْأَة على فرَاش وَاحِد لَا يُجَامِعهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع﴾ قَالَ: لَا يقربهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع﴾ قَالَ: لَا تضاجعها فِي فراشك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع﴾ قَالَ: يهجرها بِلِسَانِهِ ويغلظ لَهَا بالْقَوْل وَلَا يدع جِمَاعهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع﴾ قَالَ: الْكَلَام والْحَدِيث وَلَيْسَ بِالْجِمَاعِ
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: يرقد عِنْدهَا ويوليها ظَهره ويطؤها وَلَا يكلمها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس ﴿واهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن﴾ قَالَ: يفعل بهَا ذَاك ويضربها حَتَّى تُطِيعهُ فِي الْمضَاجِع فَإِن أَطَاعَته فِي المضجع فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذا ضاجعته
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الهجران حَتَّى تضاجعه فَإِذا فعلت فَلَا يكلفها أَن تحبه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَوْله ﴿واضربوهن﴾ قَالَ: ضربا غير مبرح
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اضربوهن إِذا عصينكم فِي الْمَعْرُوف ضربا غير مبرح
وَأخرج ابْن جرير عَن حجاج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تهجروا النِّسَاء إِلَّا فِي الْمضَاجِع واضربوهن إِذا عصينكم فِي الْمَعْرُوف ضربا غير مبرح
يَقُول: غير مؤثِّر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِيَاس بن عبد الله ابْن أبي ذئاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تضربوا إِمَاء الله
فَقَالَ عمر: ذئر النِّسَاء على أَزوَاجهنَّ فَرخص فِي ضربهن
فأطاف بآل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسَاء كثير يشكين أَزوَاجهنَّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ أُولَئِكَ خياركم
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم كُلْثُوم بنت أبي بكر قَالَت: كَانَ الرِّجَال نهوا عَن ضرب النِّسَاء ثمَّ شكوهن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخلى بَينهم وَبَين ضربهن ثمَّ قَالَ: وَلنْ يضْرب خياركم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن زَمعَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيضرب أحدكُم امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد ثمَّ يُجَامِعهَا فِي آخر الْيَوْم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أما يستحي أحدكُم أَن يضْرب امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد يضْربهَا أول النَّهَار ثمَّ يضاجعها آخِره
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَنه شهد حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ ثمَّ قَالَ: أَي يَوْم أحرم أَي يَوْم أحرم أَي يَوْم أحرم
فَقَالَ النَّاس: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَا رَسُول الله
قَالَ: فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ واعراضكم عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا فِي شهركم هَذَا أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه أَلا وَلَا يجني وَالِد على وَلَده وَلَا ولد على وَالِده إِلَّا إِن الْمُسلم أَخُو الْمُسلم فَلَيْسَ يحل لمُسلم من أَخِيه شَيْء إِلَّا مَا أحل من نَفسه أَلا وَإِن كل رَبًّا فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع لكم رُؤُوس أَمْوَالكُم لَا تظْلمُونَ وَلَا تظْلمُونَ غير رَبًّا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَإِنَّهُ مَوْضُوع كُله وَإِن كل دم فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع وَأول دم أَضَع من دم الْجَاهِلِيَّة دم الْحَارِث بن عبد الْمطلب كَانَ مسترضعاً فِي بني لَيْث فَقتلته هُذَيْل أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّمَا هن عوان عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح ﴿فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ أَلا وَإِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا
فَأَما حقكم على
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يسْأَل الرجل فيمَ ضرب امْرَأَته وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ قَالَ: لَا تلمها ببغضها إياك فَإِن البغض أَنا جعلته فِي قَلبهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن سُفْيَان ﴿فَإِن أطعنكم﴾ قَالَ: إِن أَتَت الْفراش وَهِي تبْغضهُ ﴿فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ لَا يكلفها أَن تحبه لِأَن قَلبهَا لَيْسَ فِي يَديهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَأَبت فَبَاتَ غَضْبَان لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن طلق بن عَليّ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته لِحَاجَتِهِ فلتجبه وَإِن كَانَت على التَّنور
وَأخرج ابْن سعد عَن طلق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تمنع امْرَأَة زَوجهَا وَلَو كَانَت على ظهر قتب
الْآيَة ٣٥
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: جَاءَ رجل وَامْرَأَة إِلَى عَليّ وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام من النَّاس فَأَمرهمْ عَليّ فبعثوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا ثمَّ قَالَ لِلْحكمَيْنِ: تدريان مَا عَلَيْكُمَا عَلَيْكُمَا إِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا أَن تجمعَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا أَن تفَرقا
قَالَت الْمَرْأَة: رضيت بِكِتَاب الله بِمَا عليَّ فِيهِ ولي
وَقَالَ الرجل: أما الْفرْقَة فَلَا
فَقَالَ عَليّ: كذبت وَالله حَتَّى تقر بِمثل الَّذِي أقرَّت بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يعظها فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا هجرها فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا ضربهَا فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا رفع أمرهَا إِلَى السُّلْطَان فيبعث حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا فَيَقُول الحكم الَّذِي من أَهلهَا: تفعل بهَا كَذَا
وَيَقُول الحكم الَّذِي من أَهله: تفعل بِهِ كَذَا
فَأَيّهمَا كَانَ الظَّالِم رده السُّلْطَان وَأخذ فَوق يَدَيْهِ وَإِن كَانَت الْمَرْأَة أمره أَن يخلع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن الْحكمَيْنِ اللَّذين فِي الْقُرْآن فَقَالَ: يبْعَث حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا يكلمون أَحدهمَا ويعظونه فَإِن رَجَعَ وَإِلَّا كلموا الآخر ووعظوه فَإِن رَجَعَ وَإِلَّا حكما فَمَا حكما من شَيْء فَهُوَ جَائِز
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعثت أَنا وَمُعَاوِيَة حكمين فَقيل لنا: إِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا جَمعْتُمَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا فَرَّقْتُمَا
وَالَّذِي بعثهما عُثْمَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا يبْعَث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظَّالِم بظلمه وَأما الْفرْقَة فَلَيْسَتْ بأيديهما
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة
نَحوه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿واللاتي تخافون نشوزهن﴾ قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تنشز على زَوجهَا فلزوجها أَن يخلعها حِين
وَيَقُول السُّلْطَان: لَا نجيز لَك خلعاً حَتَّى تَقول الْمَرْأَة لزَوجهَا: وَالله لَا أَغْتَسِل لَك من جَنَابَة وَلَا أقيم لله صَلَاة فَعِنْدَ ذَلِك يُجِيز السُّلْطَان خلع الْمَرْأَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب يبْعَث الْحكمَيْنِ حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا فَيَقُول الحكم من أَهلهَا: يَا فلَان مَا تنقم من زَوجتك فَيَقُول أَنْقم مِنْهَا كَذَا وَكَذَا
فَيَقُول أَرَأَيْت إِن نزعت عَمَّا تكره إِلَى مَا تحب هَل أَنْت متقي الله فِيهَا ومعاشرها بِالَّذِي يحِق عَلَيْك فِي نَفَقَتهَا وكسوتها فَإِذا قَالَ: نعم
قَالَ الحكم من أَهله: يَا فُلَانَة مَا تنقمين من زَوجك فَتَقول مثل ذَلِك
فَإِن قَالَت: نعم
جمع بَينهمَا
وَقَالَ عَليّ: الحكمان بهما يجمع الله وَبِهِمَا يفرق
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: إِذا حكم أحد الْحكمَيْنِ وَلم يحكم الآخر فَلَيْسَ حكمه بِشَيْء حَتَّى يجتمعا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس ﴿إِن يريدا إصلاحاً يوفق الله بَينهمَا﴾ قَالَ: هما الحكمان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿إِن يريدا إصلاحاً﴾ قَالَ: أما أَنه لَيْسَ بِالرجلِ وَالْمَرْأَة وَلكنه الحكمان ﴿يوفق الله بَينهمَا﴾ قَالَ: بَين الْحكمَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك ﴿إِن يريدا إصلاحاً﴾ قَالَ: هما الحكمان إِذا نصحا الْمَرْأَة وَالرجل جَمِيعًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿إِن الله كَانَ عليماً خَبِيرا﴾ قَالَ: بمكانهما
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَت: مَا حق الزَّوْج على امْرَأَته فَقَالَ: لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَإِن كَانَت على ظهر قتب وَلَا تُعْطِي من بَيته شَيْئا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت ذَلِك كَانَ لَهُ الْأجر وَعَلَيْهَا الْوزر
وَلَا تَصُوم يَوْمًا تَطَوّعا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت أثمت وَلم تؤجر وَلَا تخرج من بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت لعنتها الْمَلَائِكَة مَلَائِكَة الْغَضَب وملائكة الرَّحْمَة حَتَّى تتوب أَو تراجع
قيل فَإِن كَانَ ظَالِما قَالَ: وَإِن كَانَ ظَالِما
لقد رَأَيْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن الْحلَل وَنزل (قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق) (الْأَعْرَاف الْآيَة ٣٢) قَالُوا فَمَا جَاءَ بك قلت: أخبروني مَا تَنْقِمُونَ على ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَتنه وأوّل من آمن بِهِ وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه قَالُوا: ننقم عَلَيْهِ ثَلَاثًا: قلت مَا هن قَالُوا أولهنَّ أَنه حكم الرِّجَال فِي دين الله وَقد قَالَ الله تَعَالَى (إِن الحكم إِلَّا لله) (الْأَنْعَام الْآيَة ٥٧) قلت: وماذا قَالُوا: وَقَاتل وَلم يسب وَلم يغنم لَئِن كَانُوا كفَّارًا لقد حلت لَهُ أَمْوَالهم وَلَئِن كَانُوا مُؤمنين لقد حرمت عَلَيْهِ دِمَائِهِمْ
قلت: وماذا قَالُوا: ومحا اسْمه من أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن لم يكن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَهُوَ أَمِير الْكَافرين
قلت: أَرَأَيْتُم إِن قَرَأت عَلَيْكُم من كتاب الله الْمُحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَا تشكون أترجعون قَالُوا: نعم
قلت: أما قَوْلكُم أَنه حكم للرِّجَال فِي دين الله فَإِن الله تَعَالَى يَقُول (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم) إِلَى قَوْله (يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم) (الْمَائِدَة الْآيَة ٩٥) وَقَالَ فِي الْمَرْأَة وَزوجهَا ﴿وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا﴾ أنْشدكُمْ الله أَفَحكم الرِّجَال فِي حقن دِمَائِهِمْ وأنفسهم وَصَلَاح ذَات بَينهم أَحَق أم فِي أرنب فِيهَا ربع دِرْهَم قَالُوا اللَّهُمَّ فِي حقن دِمَائِهِمْ وَصَلَاح ذَات بَينهم
قَالَ: أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ
وَأما قَوْلكُم أَنه قَاتل وَلم يسب وَلم يغنم أتسبون أمكُم أم تستحلون مِنْهَا مَا تستحلون من غَيرهَا فقد كَفرْتُمْ وخرجتم من الْإِسْلَام إِن الله تَعَالَى يَقُول (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (الْأَحْزَاب الْآيَة ٦) وَأَنْتُم تترددون بَين ضلالتين فَاخْتَارُوا أَيَّتهمَا شِئْتُم أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم
وَأما قَوْلكُم محا اسْمه من أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا قُريْشًا يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن يكْتب بَينه وَبينهمْ كتابا فَقَالَ: اكْتُبْ: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالُوا: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت وَلَا قَاتَلْنَاك وَلَكِن اكْتُبْ مُحَمَّد بن عبد الله فَقَالَ: وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَإِن كذبتموني اكْتُبْ يَا عَليّ مُحَمَّد بن عبد الله وَرَسُول الله كَانَ أفضل من عَليّ أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم
فَرجع مِنْهُم عشرُون ألفا وَبَقِي مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف فَقتلُوا
الْآيَة ٣٦
وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى
وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من مسح رَأس يَتِيم لم يمسحه إِلَّا لله كَانَ لَهُ بِكُل شَعْرَة مرت عَلَيْهَا يَده حَسَنَات وَمن أحسن إِلَى يتيمة أَو يَتِيم عِنْده كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين
وَقرن بَين إصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن عَمْرو بن مَالك الْقشيرِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول من أعتق رَقَبَة مسلمة فَهِيَ فداؤه من النَّار مَكَان كل عظم محرره بِعظم من عِظَامه وَمن أدْرك أحد وَالِديهِ ثمَّ لم يغْفر لَهُ فَأَبْعَده الله وَمن ضم يَتِيما من أبوين مُسلمين إِلَى طَعَامه وَشَرَابه حَتَّى يُغْنِيه الله وَجَبت لَهُ الْجنَّة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحسن إِلَى يَتِيم أَو يتيمة كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين
وَقرن بَين إصبعيه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أم سعد بنت مرّة الفهرية عَن أَبِيهَا قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنا وكافل الْيَتِيم لَهُ أَو لغيره إِذا اتَّقى الله فِي الْجنَّة كهاتين أَو كهذه من هَذِه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن نوف الشَّامي فِي قَوْله ﴿وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى﴾ قَالَ: الْمُسلم ﴿وَالْجَار الْجنب﴾ قَالَ: الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فليحسن إِلَى جَاره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عمر: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كم من جَار مُتَعَلق بجاره يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: يَا رب هَذَا أغلق بَابه دوني فَمنع معروفه
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فُلَانَة تقوم اللَّيْل وتصوم النَّهَار وَتفعل وَتصدق وتؤذي جِيرَانهَا بلسانها
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا خير فِيهَا هِيَ من أهل النَّار
قَالُوا: وفلانة تصلي الْمَكْتُوبَة وتصوم رَمَضَان وَتصدق بأثوار وَلَا تؤذي أحدا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ من أهل الْجنَّة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله إِن لي جارين فَإلَى أَيهمَا أهدي قَالَ: إِلَى أقربهما مِنْك بَابا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَا يبْدَأ بجاره الْأَقْصَى قبل الْأَدْنَى وَلَكِن يبْدَأ بالأدنى قبل الْأَقْصَى
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن الْجَار فَقَالَ: أَرْبَعِينَ دَارا أَمَامه وَأَرْبَعين خَلفه وَأَرْبَعين عَن يَمِينه وَأَرْبَعين عَن يسَاره
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِن لي جاراً يُؤْذِينِي
فَقَالَ: انْطلق فَأخْرج متاعك إِلَى الطَّرِيق
فَانْطَلق فَأخْرج مَتَاعه فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فَقَالُوا: مَا شَأْنك قَالَ: لي
فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: انْطلق فَأخْرج متاعك إِلَى الطَّرِيق فَجعلُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ العنه اللَّهُمَّ أخزه فَبَلغهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: ارْجع إِلَى مَنْزِلك فوَاللَّه لَا أؤذيك أبدا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: شكا رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاره فَقَالَ: احْمِلْ متاعك فضعه على الطَّرِيق فَمن مر بِهِ يلعنه
فَجعل كل من يمر بِهِ يلعنه فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا لقِيت من لعنة النَّاس فَقَالَ: إِن لعنة الله فَوق لعنتهم وَقَالَ للَّذي شكا: كفيت أَو نَحوه
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ثَوْبَان قَالَ: مَا من جَار يظلم جَاره ويقهره حَتَّى يحملهُ ذَلِك على أَن يخرج من منزله إِلَّا هلك
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالله لَا يُؤمن وَالله لَا يُؤمن وَالله لَا يُؤمن
قَالُوا: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: جَار لَا يَأْمَن جَاره بوائقه
قَالُوا فَمَا بوائقه قَالَ: شَره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ بؤمن من لَا يَأْمَن جَاره غوائله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا إِن الله قسم بَيْنكُم أخلاقكم كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم وَإِن الله يُعْطي المَال من يحب وَمن لَا يحب وَلَا يُعْطي الْإِيمَان إِلَّا من يحب فَمن أعطَاهُ الْإِيمَان فقد أحبه وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يسلم عبد حَتَّى يسلم قلبه وَلَا يُؤمن حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يشْبع الرجل دون جَاره
وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوصي بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه
وَأخرج أَحْمد من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: خرجت من أَهلِي أُرِيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا بِهِ قَائِم وَرجل مَعَه مقبل عَلَيْهِ فَظَنَنْت أَن لَهما حَاجَة
فَلَمَّا انْصَرف قلت: يَا رَسُول الله لقد قَامَ بك هَذِه الرجل حَتَّى جعلت أرثي لَك من طول الْقيام
قَالَ: أوقد رَأَيْته قلت: نعم
قَالَ: أَتَدْرِي من هُوَ قلت: لَا
قَالَ:
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَوْصَانِي جِبْرِيل بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَار سوء فِي دَار المقامة فَإِن جَار الْبَادِيَة يتَحَوَّل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي لبَابَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا قَلِيل من أَذَى جَاره
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: مَا تَقولُونَ فِي الزِّنَا قَالُوا: حرمه الله وَرَسُوله فَهُوَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن يَزْنِي الرجل بِعشر نسْوَة أيسر عَلَيْهِ من أَن يَزْنِي بِامْرَأَة جَاره وَقَالَ مَا تَقولُونَ فِي السّرقَة قَالُوا: حرمهَا الله وَرَسُوله فَهِيَ حرَام
قَالَ: لِأَن يسرق الرجل من عشرَة أَبْيَات أيسر عَلَيْهِ من أَن يسرق من جَاره
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿والصاحب بالجنب﴾ قَالَ: الرفيق فِي السّفر
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد
مثله
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم ﴿والصاحب بالجنب﴾ قَالَ: هُوَ جليسك فِي الْحَضَر ورفيقك فِي السّفر وامرأتك الَّتِي تضاجعك
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن أبي فديك عَن فلَان بن عبد الله عَن الثِّقَة عِنْده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَعَه رجل من أَصْحَابه وهما على راحلتين فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غيضة طرفاء فَقطع نصلين أَحدهمَا معوج وَالْآخر معتدل فَخرج بهما فَأعْطى صَاحبه المعتدل وَأخذ لنَفسِهِ المعوج فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله أَنْت
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير الْأَصْحَاب عِنْد الله خير هم لصَاحبه وَخير الْجِيرَان عِنْد الله خَيرهمْ لجاره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ فِي قَوْله ﴿والصاحب بالجنب﴾ قَالَ: الْمَرْأَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: مِمَّا خوّلك الله فَأحْسن صحبته كل هَذَا أوصى الله بِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ﴿وَمَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ يَعْنِي من عبيدكم وَإِمَائِكُمْ يُوصي الله بهم خيرا أَن تُؤَدُّوا إِلَيْهِم حُقُوقهم الَّتِي جعل الله لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن إخْوَانكُمْ خولكم جعلهم الله تَحت أَيْدِيكُم فَمن كَانَ أَخُوهُ تَحت يَدَيْهِ فليطعمه مِمَّا يَأْكُل وليلبسه مِمَّا يلبس وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ فَإِن كلفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ فَأَعِينُوهُمْ
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوصي بالمملوكين خيرا وَيَقُول: أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم من لبوسكم وَلَا تعذبوا خلق الله
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه رؤى عَلَيْهِ برد وثوب أَبيض وعَلى غُلَامه برد وثوب أَبيض
فَقيل لَهُ
فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اكسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ قَالَ: كَانَ آخر كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة الصَّلَاة اتَّقوا الله فِيمَا ملكت أَيْمَانكُم
وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي رَافع قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: الله الله وَمَا
فَكَانَ ذَلِك آخر مَا تكلم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أم سَلمَة قَالَت: كَانَت عَامَّة وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد مَوته: الصَّلَاة الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم حَتَّى يلجلجها فِي صَدره وَمَا يفِيض بهَا لِسَانه
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن أنس قَالَ: كَانَت عَامَّة وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين حَضَره الْمَوْت: الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم حَتَّى جعل يغرغرها فِي صَدره وَمَا يفِيض بهَا لِسَانه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: للمملوك طَعَامه وَكسوته وَلَا يُكَلف من الْعَمَل إِلَّا مَا يُطيق
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْفَقِير عِنْد الْغَنِيّ فتْنَة وَإِن الضَّعِيف عِنْد الْقوي فتْنَة وَإِن الْمَمْلُوك عِنْد المليك فتْنَة فليتق الله وليكلفه مَا يَسْتَطِيع فَإِن أمره أَن يعْمل بِمَا لَا يَسْتَطِيع فليعنه عَلَيْهِ فَإِن لم يفعل فَلَا يعذبه
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لاءمكم من خدمكم فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَمن لَا يلائمكم مِنْهُم فبيعوهم وَلَا تعذبوا خلق الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن رَافع بن مكيث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سوء الْخلق شُؤْم وَحسن الملكة نَمَاء وَالْبر زِيَادَة فِي الْعُمر وَالصَّدَََقَة تدفع ميتَة السوء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة سيء الملكة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله كم نعفو عَن العَبْد فِي الْيَوْم قَالَ: سبعين مرّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ضرب أحدكُم خادمه فَذكر الله فليمسك
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تضربوا الرَّقِيق فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ مَا توافقون
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا حق
قَالَ: فَمَا حق خادمي عليّ قَالَ: هُوَ أَشد الثَّلَاثَة عَلَيْك يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن سعد وَأحمد عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع: أَرِقَّاءَكُم أَرِقَّاءَكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ وَإِن جاؤوا بذنب لَا تُرِيدُونَ أَن تغفروه فبيعوا عباد الله وَلَا تعذبوهم كَذَا قَالَ ابْن سعد عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب وَقَالَ عبد الرَّزَّاق وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن دَاوُد بن أبي عَاصِم قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صه اطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط مَا فِي السَّمَاء مَوضِع كف - أَو قَالَ شبر - إِلَّا عَلَيْهِ ملك ساجد فَاتَّقُوا الله وأحسنوا إِلَى مَا ملكت أَيْمَانكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَإِن جاؤوا بِشَيْء من أَخْلَاقهم يُخَالف شَيْئا من أخلاقكم فَوَلوا شرهم غَيْركُمْ وَلَا تعذبوا عباد الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَهُوَ يضْرب خادمه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا
قَالَ: وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمثل الرجل بِعَبْدِهِ فيعور أَو يجدع
قَالَ: أشبعوهم وَلَا تجيعوهم وَاكْسُوهُمْ وَلَا تعروهم
وَلَا وَلَا تكثروا ضَربهمْ فَإِنَّكُم مسؤولون عَنْهُم وَلَا تعذبوهم بِالْعَمَلِ فَمن كره عَبده فليبعه وَلَا يَجْعَل رزق الله عَلَيْهِ عناء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم عَن زَاذَان قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد ابْن عمر فَدَعَا بِعَبْد لَهُ فَأعْتقهُ ثمَّ قَالَ: مَا لي من أجره مَا يزن هَذَا - وَأخذ شَيْئا بِيَدِهِ - إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من ضرب عبدا لَهُ حدا لم يَأْته أَو لطمه فَإِن كَفَّارَته أَن يعتقهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن سُوَيْد بن مقرن قَالَ: كُنَّا بني مقرن سَبْعَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلنَا خادمة لَيْسَ لنا غَيرهَا فلطمها أَحَدنَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعتقوها
فَقُلْنَا: لَيْسَ لنا خَادِم غَيرهَا يَا رَسُول الله
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تخدمكم حَتَّى تستغنواعنها ثمَّ خلوا سَبِيلهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن عمار بن يَاسر قَالَ: لَا يضْرب أحد عبدا لَهُ وَهُوَ ظَالِم لَهُ إِلَّا أقيد مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: بَينا أَنا أضْرب غُلَاما لي إِذْ سَمِعت صَوتا من ورائي فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَالله لله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا
فَحَلَفت أَن لَا أضْرب مَمْلُوكا لي أبدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: بَينا رجل يضْرب غُلَاما لَهُ وَهُوَ يَقُول: أعوذ بِاللَّه وَهُوَ يضْرب إِذْ بصر برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أعوذ برَسُول الله
فَألْقى مَا كَانَ فِي يَده وخلى عَن العَبْد
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما وَالله لله أَحَق أَن يعاذ من استعاذ بِهِ مني فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله فَهُوَ لوجه الله
قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو لم تفعل لدافع وَجهك سفع النَّار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن التَّيْمِيّ قَالَ: حَلَفت أَن أضْرب مَمْلُوكَة لي فَقَالَ لي أبي: إِنَّه قد بَلغنِي أَن النَّفس تَدور فِي الْبدن فَرُبمَا كَانَ قَرَارهَا الرَّأْس وَرُبمَا كَانَ قَرَارهَا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا - حَتَّى عدد مَوَاضِع - فَتَقَع الضَّرْبَة عَلَيْهَا فتتلف فَلَا تفعل
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي أَن أَبَا الدَّرْدَاء كَانَت لَهُم وليدة فلطمها ابْنه يَوْمًا لطمة فأقعده لَهَا وَقَالَ: اقتصي
فَقَالَت: قد عَفَوْت
فَقَالَ: إِن كنت عَفَوْت فاذهبي فادعي من هُنَاكَ من حرَام فأشهديهم أَنَّك قد عَفَوْت
فَذَهَبت فدعتهم فأشهدتهم أَنَّهَا قد عفت
فَقَالَ: اذهبي فَأَنت لله وليت آل أبي الدَّرْدَاء يَنْقَلِبُون كفافاً
وَأخرج أَحْمد عَن أبي قلَابَة قَالَ: دَخَلنَا على سلمَان وَهُوَ يعجن قُلْنَا: مَا هَذَا قَالَ: بعثنَا الْخَادِم فِي عمل فكرهنا أَن نجمع عَلَيْهَا عملين
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً﴾ قَالَ: متكبراً ﴿فخوراً﴾ قَالَ: بَعْدَمَا أعطي وَهُوَ لَا يشْكر الله
وَأخرج أَبُو يعلى والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا جمع الله النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد يَوْم الْقِيَامَة أَقبلت النَّار يركب بَعْضهَا بَعْضًا وخزنتها يكفونها وَهِي تَقول: وَعزة رَبِّي لتخلن بيني وَبَين أزواجي أَو لأغشين النَّاس عنقًا وَاحِدًا
فَيَقُولُونَ: وَمن أَزوَاجك
فَيَقُولُونَ وَمن أَزوَاجك فَتَقول كل مختال فخور فلتقطهم بلسانها من بَين ظهراني النَّاس فتقذفهم فِي جوفها ثمَّ تستأخر وَيَقْضِي الله بَين الْعباد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عتِيك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من الْغيرَة مَا يحب الله وَمِنْهَا مَا يبغض الله وَإِن من الْخُيَلَاء مَا يحب الله وَمِنْهَا مَا يبغض الله
فَأَما الْغيرَة الَّتِي يجب الله فالغيرة فِي الرِّيبَة وَأما الْغيرَة الَّتِي يبغض الله فالغيرة فِي غير رِيبَة
وَأما الْخُيَلَاء الَّتِي يُحِبهَا الله فاختيال الرجل بِنَفسِهِ عِنْد الْقِتَال واختياله عِنْد الصَّدَقَة وَالْخُيَلَاء الَّتِي يبغض الله فاختيال الرجل بِنَفسِهِ فِي الْفَخر وَالْبَغي
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سليم الهُجَيْمِي قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض طرق الْمَدِينَة قلت: عَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول الله فَقَالَ: عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَيِّت سَلام عَلَيْكُم سَلام عَلَيْكُم سَلام عَلَيْكُم أَي هَكَذَا فَقل
قَالَ فَسَأَلته عَن الْإِزَار فأقنع ظَهره وَأخذ بمعظم سَاقه فَقَالَ: هَهُنَا ائتزر فَإِن أَبيت فههنا أَسْفَل من ذَلِك فَإِن أَبيت فههنا فَوق الْكَعْبَيْنِ فَإِن أَبيت فَإِن الله لَا يحب كل مختالٍ فخور
فَسَأَلته عَن الْمَعْرُوف فَقَالَ: لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا وَلَو أَن تُعْطِي صلَة الْحَبل وَلَو أَن تُعْطِي شسع النَّعْل وَلَو أَن تفرغ من دلوك فِي إِنَاء المستقي وَلَو أَن تنحي الشَّيْء من طَرِيق النَّاس يؤذيهم وَلَو أَن تلقى أَخَاك ووجهك إِلَيْهِ منطلق وَلَو أَن تلقى أَخَاك فتسلم عَلَيْهِ وَلَو أَن تؤنس الوحشان فِي الأَرْض وَإِن سبك رجل بِشَيْء يُعلمهُ فِيك وَأَنت تعلم فِيهِ نَحوه فَلَا تسبه فَيكون أجره لَك ووزره عَلَيْهِ وَمَا سَرَّ أُذُنك أَن تسمعه فاعمل بِهِ وَمَا سَاءَ أُذُنك أَن تسمعه فاجتنبه
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مطرف بن عبد الله قَالَ: قلت لأبي ذَر: بَلغنِي أَنَّك تزْعم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثكُمْ أَن الله يحب ثَلَاثَة وَيبغض ثَلَاثَة
قَالَ: أجل
قلت: من الثَّلَاثَة الَّذين يُحِبهُمْ الله قَالَ: رجل غزا فِي سَبِيل الله صَابِرًا محتسباً مُجَاهدًا فلقي الْعَدو فقاتل حَتَّى
ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة (إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بينان مرصوص) (الصَّفّ الْآيَة ٤) وَرجل لَهُ جَار سوء يُؤْذِيه فَصَبر على آذاه حَتَّى يَكْفِيهِ الله إِمَّا بحياة وَإِمَّا بِمَوْت وَرجل سَافر مَعَ قوم فأدلجوا حَتَّى إِذا كَانُوا من آخر اللَّيْل وَقع عَلَيْهِم الْكرَى فَضربُوا رؤوسهم ثمَّ قَامَ فَتطهر رهبة لله ورغبة فِيمَا عِنْده
قلت: فَمن الثَّلَاثَة الَّذين يبغضهم الله قَالَ: المختال الفخور وَأَنْتُم تجدونه فِي كتاب الله الْمنزل ثمَّ تَلا ﴿إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً﴾ قلت: وَمن قَالَ: الْبَخِيل المنان
قلت: وَمن قَالَ: البَائِع الحلاف
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي رَجَاء الْهَرَوِيّ قَالَ: لَا تَجِد سيء الملكة إِلَّا وجدته مختالاً فخوراً وتلا ﴿وَمَا ملكت أَيْمَانكُم إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً﴾ وَلَا عاقاً إِلَّا وجدته جباراً شقياً وتلا (وَبرا بوالدتي وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً) (مَرْيَم الْآيَة ٣٢)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَوام بن حَوْشَب
مثله
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ والباوردي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن رجل من بلجيم قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أوصني
قَالَ: إياك وإسبال الْإِزَار فَإِن إسبال الْإِزَار من المخيلة وَإِن الله لَا يحب المخيلة
وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً﴾ فَذكر الْكبر فَعَظمهُ فَبكى ثَابت فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يبكيك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لأحب الْجمال حَتَّى إِنَّه ليعجبني أَن يحسن شِرَاك نَعْلي
قَالَ: فَأَنت من أهل الْجنَّة إِنَّه لَيْسَ بِالْكبرِ أَن تحسن راحلتك ورحلك وَلَكِن الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس
وَأخرج أَحْمد عَن سَمُرَة بن فاتك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم الْفَتى سَمُرَة لَو أَخذ من لمنة وشمر من مِئْزَره
الْآيَات ٣٧ - ٣٩
فَأنْزل الله فيهم ﴿الَّذين يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَكَانَ الله بهم عليماً﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿الَّذين يَبْخلُونَ﴾ قَالَ: هِيَ فِي أهل الْكتاب يَقُول: يكتمون ويأمرون النَّاس بِالْكِتْمَانِ
وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود بخلوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم وكتموا ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿الَّذين يَبْخلُونَ﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي يهود
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿الَّذين يَبْخلُونَ﴾ الْآيَة
قَالَ هَؤُلَاءِ يهود يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من الرزق ويكتمون مَا آتَاهُم الله من الْكتب إِذا سئلوا عَن الشَّيْء
وَأخرج ابْن أبي سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل يَبْخلُونَ بِمَا عِنْدهم من الْعلم وَينْهَوْنَ الْعلمَاء أَن يعلمُوا النَّاس شَيْئا فعيرهم الله بذلك فَأنْزل الله ﴿الَّذين يَبْخلُونَ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿الَّذين يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل﴾ قَالَ: هَذَا فِي الْعلم لَيْسَ للدنيا مِنْهُ شَيْء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس قَالَ: الْبُخْل
أَن يبخل الإِنسان بِمَا فِي يَدَيْهِ وَالشح
أَن يشح على مَا فِي أَيدي النَّاس يحب أَن يكون لَهُ مَا فِي أَيدي النَّاس بِالْحلِّ وَالْحرَام لَا يقنع
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَمْرو بن عبيد أَنه قَرَأَ ﴿ويأمرون النَّاس بالبخل﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن يعمر أَنه قَرَأَهَا ﴿ويأمرون النَّاس بالبخل﴾ بِنصب الْبَاء وَالْخَاء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار أَن ابْن الزبير كَانَ يَقْرَأها ﴿ويأمرون النَّاس بالبخل﴾ بِنصب الْبَاء وَالْخَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَالَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم رئاء النَّاس﴾ قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود
الْآيَة ٤٠
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿مِثْقَال ذرة﴾ قَالَ: نملة
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق عَطاء عَن عبد الله أَنه قَرَأَ إِن الله لَا يظلم مِثْقَال نملة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة﴾ قَالَ: وزن ذرة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَعْرَاب من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا
فَقَالَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة أَنه تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: لِأَن تفضل حسناتي على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَمُسلم وَابْن جرير عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله لَا يظلم الْمُؤمن حَسَنَة يُثَاب عَلَيْهَا الرزق فِي الدُّنْيَا ويجزى بهَا فِي الْآخِرَة وَأما الْكَافِر فيطعم بهَا فِي الدُّنْيَا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة لم تكن لَهُ حَسَنَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج من النَّار من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْإِيمَان
قَالَ أَبُو سعيد: فَمن شكّ فليقرأ ﴿إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يُؤْتى بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة فينادي مُنَاد على رُؤُوس الْأَوَّلين والآخرين: هَذَا فلَان بن فلَان من كَانَ لَهُ حق فليأت إِلَى حَقه
فيفرح وَالله الْمَرْء أَن يَدُور لَهُ الْحق على وَالِده أَو وَلَده أَو زَوجته فَيَأْخذهُ مِنْهُ وَإِن كَانَ صَغِيرا ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله (فَإِذا نفخ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتسألون) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ١٠١) فَيُقَال لَهُ: ائْتِ هَؤُلَاءِ حُقُوقهم فَيَقُول: أَي رب وَمن أَيْن وَقد ذهبت الدُّنْيَا فَيَقُول الله لملائكته: انْظُرُوا أَعماله الصَّالِحَة وأعطوهم مِنْهَا
فَإِن بَقِي مِثْقَال ذرة من حَسَنَة قَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا أعطينا كل ذِي حق حَقه وَبَقِي لَهُ مِثْقَال ذرة من حَسَنَة
فَيَقُول للْمَلَائكَة: ضعفوها لعبدي وأدخلوه بِفضل رَحْمَتي الْجنَّة ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله ﴿إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما﴾ أَي الْجنَّة يُعْطِيهَا
وَإِن فنيت حَسَنَاته وَبقيت سيئاته قَالَت الْمَلَائِكَة: إلهنا فنيت حَسَنَاته وَبَقِي طالبون كثير
فَيَقُول الله: ضَعُوا عَلَيْهِ من أوزارهم واكتبوا لَهُ كتابا إِلَى النَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَإِن تَكُ حَسَنَة﴾ وزن ذرة زَادَت على سيئاته ﴿يُضَاعِفهَا﴾ فَأَما الْمُشرك فيخفف بِهِ عَنهُ الْعَذَاب وَلَا يخرج من النَّار أبدا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان قَالَ: بَلغنِي عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: إِن الله يَجْزِي الْمُؤمن بِالْحَسَنَة ألف ألف حَسَنَة
فَأَتَيْته فَسَأَلته
قَالَ: نعم
وَألْفي ألف حَسَنَة وَفِي الْقُرْآن من ذَلِك ﴿إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا﴾ فَمن يدْرِي مَا ذَلِك الإضعاف
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: لقِيت أَبَا هُرَيْرَة فَقلت لَهُ: بَلغنِي أَنَّك تَقول أَن الْحَسَنَة لتضاعف ألف ألف حَسَنَة قَالَ: وَمَا أعْجبك من ذَلِك فوَاللَّه لقد سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله ليضاعف الْحَسَنَة ألفي ألف حَسَنَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة ﴿وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما﴾ قَالَ: الْجنَّة
الْآيَة ٤١
إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي
فَقَرَأت سُورَة النِّسَاء حَتَّى أتيت على هَذِه الْآيَة ﴿فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا﴾ فَقَالَ: حَسبك الْآن
فَإِذا عَيناهُ تَذْرِفَانِ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن حُرَيْث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن مَسْعُود: اقْرَأ
قَالَ: أَقرَأ وَعَلَيْك أنزل قَالَ: إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي
فَافْتتحَ سُورَة النِّسَاء حَتَّى بلغ ﴿فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد﴾ الْآيَة
فاستعبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكف عبد الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن مُحَمَّد بن فضَالة الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ مِمَّن صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُم فِي نَبِي ظفر وَمَعَهُ ابْن مَسْعُود ومعاذ بن جبل وناس من أَصْحَابه فَأمر قَارِئًا فَقَرَأَ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن لَبِيبَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا﴾ بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: يَا رب هَذَا شهِدت على من أَنا بَين ظهريه فَكيف بِمن لم أره
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد﴾ قَالَ: رسولها يشْهد عَلَيْهَا أَن قد أبلغهم مَا أرْسلهُ الله بِهِ إِلَيْهِم ﴿وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا﴾ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى عَلَيْهَا فاضت عَيناهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود ﴿فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد﴾ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شَهِيدا عَلَيْهِم مَا دمت فيهم فَإِذا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَة ٤٢
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة يَقُول: ودوا لَو انخرقت بهم الأَرْض فساخوا فِيهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿لَو تسوّى بهم الأَرْض﴾ تَنْشَق لَهُم فَيدْخلُونَ فِيهَا فتسوي عَلَيْهِم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أَرَأَيْت أَشْيَاء تخْتَلف على من فِي الْقُرْآن فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا هُوَ أَشك فِي الْقُرْآن قَالَ: لَيْسَ شكّ وَلكنه
قَالَ: هَات مَا اخْتلف عَلَيْك من ذَلِك
قَالَ: اسْمَع الله يَقُول (ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة ٢٣) وَقَالَ ﴿وَلَا يكتمون الله حَدِيثا﴾ فقد كتموا واسمعه يَقُول (فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ١٠١) ثمَّ قَالَ (وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الْآيَة ٢٧) وَقَالَ (أئنكم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت الْآيَة ٩) حَتَّى بلغ (طائعين) فَبَدَأَ بِخلق الأَرْض فِي هَذِه الْآيَة قبل خلق السَّمَاء ثمَّ قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى (أم السَّمَاء بناها) (النازعات الْآيَة ٢٧) ثمَّ قَالَ (وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها) (النازعات الْآيَة ٣٠) فَبَدَأَ بِخلق السَّمَاء فِي هَذِه الْآيَة قبل خلق الأَرْض واسمعه يَقُول (وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيماً) (وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما) (وَكَانَ الله سميعاً بَصيرًا) فَكَأَنَّهُ كَانَ ثمَّ مضى
وَفِي لفظ مَا شَأْنه يَقُول (وَكَانَ الله)
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أما قَوْله (ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة ٢٣) فَإِنَّهُم لما رَأَوْا يَوْم الْقِيَامَة وَأَن الله يغْفر لأهل الْإِسْلَام وَيغْفر الذُّنُوب وَلَا يغْفر شركا وَلَا يتعاظمه ذَنْب أَن يغفره جَحده الْمُشْركُونَ رَجَاء أَن يغْفر لَهُم فَقَالُوا: وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فختم الله على أَفْوَاههم وتكلمت أَيْديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ فَعِنْدَ ذَلِك يود الَّذين كفرُوا لَو تسوّى بهم الأَرْض وَلَا يكتمون الله حَدِيثا
وَأما قَوْله (فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ١٠١) فَهَذَا فِي النفخة الأولى (وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله) (الزمر الْآيَة ٦٨) فَلَا أَنْسَاب بَينهم عِنْد ذَلِك وَلَا يتساءلون (ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ) (الزمر الْآيَة ٦٨) (وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الْآيَة ٢٧)
وَأما قَوْله (خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت الْآيَة ٩) فَإِن الأَرْض خلقت قبل
وَأما قَوْله (وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها) (النازعات الْآيَة ٦) يَقُول: جعل فِيهَا جبلا جعل فِيهَا نَهرا جعل فِيهَا شَجرا وَجعل فِيهَا بحوراً
وَأما قَوْله (وَكَانَ الله) فَإِن الله كَانَ وَلم يزل كَذَلِك وَهُوَ كَذَلِك (عَزِيز حَكِيم) (عليم قدير) ثمَّ لم يزل كَذَلِك فَمَا اخْتلف عَلَيْك من الْقُرْآن فَهُوَ يشبه مَا ذكرت لَك وَأَن الله لم ينزل شَيْئا إِلَّا وَقد أصَاب بِهِ الَّذِي أَرَادَ وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك أَن نَافِع بن الْأَزْرَق أَتَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: يَا ابْن عَبَّاس قَول الله ﴿يَوْمئِذٍ يود الَّذين كفرُوا وعصوا الرَّسُول لَو تسوّى بهم الأَرْض وَلَا يكتمون الله حَدِيثا﴾ وَقَوله (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة ٢٣) فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِنِّي أحسبك قُمْت من عِنْد أَصْحَابك فَقلت: ألقِي على ابْن عَبَّاس متشابه الْقُرْآن فَإِذا رجعت إِلَيْهِم فَأخْبرهُم أَن الله جَامع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي بَقِيع وَاحِد
فَيَقُول الْمُشْركُونَ: إِن الله لَا يقبل من أحد شَيْئا إِلَّا مِمَّن وَحَّدَهُ
فَيَقُولُونَ: تَعَالَوْا نقل
فيسألهم فَيَقُولُونَ (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة ٢٣) فيختم على أَفْوَاههم وتستنطق بِهِ جوارحهم فَتشهد عَلَيْهِم أَنهم كَانُوا مُشْرِكين فَعِنْدَ ذَلِك تمنوا لَو أَن الأَرْض سوّيت بهم وَلَا يكتمون الله حدثياً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن حُذَيْفَة قَالَ: أُتِي بِعَبْد آتَاهُ الله مَالا فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عملت فِي الدُّنْيَا - وَلَا يكتمون الله حَدِيثا - فَقَالَ: مَا عملت من شَيْء يَا رب إِلَّا أَنَّك آتيتني مَالا فَكنت أبايع النَّاس وَكَانَ من خلقي أَن أنظر الْمُعسر قَالَ الله: أَنا أَحَق بذلك مِنْك تجاوزوا عَن عَبدِي
فَقَالَ أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ: هَكَذَا سَمِعت من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا يكتمون الله حَدِيثا﴾ قَالَ: بجوارحهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ أَنه كَانَ هُوَ وَعبد الرَّحْمَن وَرجل آخر شربوا الْخمر فصلى بهم عبد الرَّحْمَن فَقَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (الْكَافِرُونَ الْآيَة ١) فخلط فِيهَا فَنزلت ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أبي بكر وَعمر وَعلي وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد صنع عَليّ لَهُم طَعَاما وَشَرَابًا فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا ثمَّ صلى عَليّ بهم الْمغرب فَقَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (الْكَافِرُونَ الْآيَة ١) حَتَّى خاتمتها فَقَالَ: لَيْسَ لي دين وَلَيْسَ لكم دين
فَنزلت ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ قَالَ: نسخهَا (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر
) (المائده الْآيَة ٩٠) الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نهوا أَن يصلوا وهم سكارى ثمَّ نسخهَا تَحْرِيم الْخمر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ قَالَ: نسختها (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ) (الْمِائَة الْآيَة ٦)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ قَالَ: نسخهَا (إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٦)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ قَالَ: نشاوى من الشَّرَاب ﴿حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ﴾ يَعْنِي مَا تقرؤون فِي صَلَاتكُمْ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: لم يعن بهَا الْخمر إِنَّمَا عَنى بهَا سكر النّوم
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَأَنْتُم سكارى﴾ قَالَ: النعاس
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا نعس أحدكُم وَهُوَ يُصَلِّي فلينصرف فلينم حَتَّى يعلم مَا يَقُول
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ فِي قَوْله ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُسَافِر تصيبه الْجَنَابَة فيتيمم وَيُصلي
وَفِي لفظ قَالَ: لَا يقرب الصَّلَاة إِلَّا أَن يكون مُسَافِرًا تصيبه الْجَنَابَة فَلَا يجد المَاء فيتيمم وَيُصلي حَتَّى يجد المَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ يَقُول: لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم جنب إِذا وجدْتُم المَاء فَإِن لم تَجدوا المَاء فقد أحللت لكم أَن تَمسحُوا بِالْأَرْضِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يمر الْجنب وَلَا الْحَائِض فِي الْمَسْجِد إِنَّمَا نزلت ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ للْمُسَافِر يتَيَمَّم ثمَّ يُصَلِّي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ قَالَ: مسافرين لَا تَجِدُونَ مَاء
وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل فِي الْأَحْكَام والطَّحَاوِي فِي مُشكل الْآثَار والباوردي فِي الصَّحَابَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن الأسلع بن شريك قَالَ: كنت أرحل نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأصابتني جَنَابَة فِي لَيْلَة بَارِدَة وَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرحلة فَكرِهت أَن أرحل نَاقَته وَأَنا جنب وخشيت أَن أَغْتَسِل بِالْمَاءِ الْبَارِد فأموت أَو أمرض فَأمرت رجلا من الْأَنْصَار فرحلها ثمَّ رضفت أحجاراً فأسخنت بهَا مَاء فاغتسلت بِهِ
فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ إِلَى ﴿إِن الله كَانَ عفوا غَفُورًا﴾
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن جُبَير وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي سنَنه من وَجه آخر عَن الأسلع قَالَ: كنت أخدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأرحل لَهُ فَقَالَ لي ذَات لَيْلَة: يَا أسلع قُم فارحل لي
قلت: يَا رَسُول الله أصابتني جَنَابَة
فَسكت عني سَاعَة حَتَّى جَاءَ جِبْرِيل بِآيَة الصَّعِيد فَقَالَ: قُم يَا أسلع فَتَيَمم ثمَّ أَرَانِي الأسلع كَيفَ علمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّيَمُّم قَالَ: ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكفيه الأَرْض فَمسح وَجهه ثمَّ ثمَّ ضرب فدلك إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى ثمَّ نفضهما ثمَّ مسح بهما ذِرَاعَيْهِ ظاهرهما وباطنهما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة﴾ قَالَ: الْمَسَاجِد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ قَالَ: لَا تدْخلُوا الْمَسْجِد وَأَنْتُم جنب إِلَّا عابري سَبِيل
قَالَ: تمر بِهِ مرا وَلَا تجْلِس
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ قَالَ: هُوَ الْمَمَر فِي الْمَسْجِد
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا بَأْس للحائض وَالْجنب أَن يمرا فِي الْمَسْجِد مَا لم يجلسا فِيهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد وَلَا يجلس فِيهِ ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ قَالَ: الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يرخص للْجنب أَن يمر فِي الْمَسْجِد مجتازاً وَقَالَ ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس فِي قَوْله ﴿وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل﴾ قَالَ: يجتاز وَلَا يجلس
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: كَانَ أَحَدنَا يمر فِي الْمَسْجِد وَهُوَ جنب مجتازاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن كُنْتُم مرضى﴾ قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار كَانَ مَرِيضا فَلم يسْتَطع أَن يقوم فيتوضأ وَلم يكن لَهُ خَادِم فِينَا فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن كُنْتُم مرضى﴾ قَالَ: هُوَ الرجل المجدور أَو بِهِ الْجراح أَو الْقرح يجنب فيخاف إِن اغْتسل أَن يَمُوت فيتيمم
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن ابْن عَبَّاس رَفعه فِي قَوْله ﴿وَإِن كُنْتُم مرضى﴾ قَالَ: إِذا كَانَت بِالرجلِ الْجراحَة فِي سَبِيل الله أَو القروح أوالجدري فيجنب فيخاف إِن اغْتسل أَن يَمُوت فليتيمم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: للْمَرِيض المجدور وَشبهه رخصَة فِي أَن لَا يتَوَضَّأ وتلا ﴿وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر﴾ ثمَّ يَقُول: هِيَ مِمَّا خَفِي من تَأْوِيل الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: نَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِرَاحَة ففشت فيهم ثمَّ ابتلوا بالجنابة فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت ﴿وَإِن كُنْتُم مرضى﴾ الْآيَة كلهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَإِن كُنْتُم مرضى﴾ قَالَ: الْمَرِيض الَّذِي قد أرخص لَهُ فِي التَّيَمُّم هُوَ الكسير والجريح فَإِذا أَصَابَت الْجَنَابَة لَا يحل جراحته إِلَّا جِرَاحَة لَا يخْشَى عَلَيْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد قَالَا فِي الْمَرِيض تصيبه الْجَنَابَة فيخاف على نَفسه: هُوَ بِمَنْزِلَة الْمُسَافِر الَّذِي لَا يجد المَاء يتَيَمَّم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الْمَرِيض الَّذِي لَا يجد أحدا يَأْتِيهِ بِالْمَاءِ وَلَا يقدر عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ خَادِم وَلَا عون يتَيَمَّم وَيُصلي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط﴾ قَالَ: الْغَائِط الْوَادي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ قَالَ: اللَّمْس
مَا دون الْجِمَاع والقبلة مِنْهُ وفيهَا الْوضُوء
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود
أَنه كَانَ يَقُول فِي هَذِه الْآيَة ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ هُوَ الغمز
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يتَوَضَّأ من قبْلَة الْمَرْأَة وَيَقُول: هِيَ اللماس
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قبْلَة
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر قَالَ: إِن الْقبْلَة من اللَّمْس فَتَوَضَّأ مِنْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: اللَّمْس هُوَ الْجِمَاع وَلَكِن الله كنى عَنهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ قَالَ: هُوَ الْجِمَاع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كُنَّا فِي حجرَة ابْن عَبَّاس ومعنا عَطاء بن أبي رَبَاح وَنَفر من الموَالِي وَعبيد بن عُمَيْر وَنَفر من الْعَرَب فتذاكرنا اللماس فَقلت أَنا وَعَطَاء والموالي: اللَّمْس بِالْيَدِ
وَقَالَ عبيد بن عُمَيْر وَالْعرب: هُوَ الْجِمَاع
فَدخلت على ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ: غُلِبَتْ الموَالِي وأصابت الْعَرَب
ثمَّ قَالَ: إِن اللَّمْس والمس والمباشرة إِلَى الْجِمَاع مَا هُوَ وَلَكِن الله يكني بِمَا شَاءَ
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ قَالَ: أَو جامعتم النِّسَاء وهذيل تَقول: اللَّمْس بِالْيَدِ
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
قَالَ أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة حَيْثُ يَقُول: يلمس الاحلاس فِي منزله بيدَيْهِ كاليهودي المصل
وَقَالَ الْأَعْشَى: ورادعة صفراء بالطيب عندنَا للمس الندامى من يَد الدرْع مفتق
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ ((أَو لمستم النِّسَاء)) قَالَ: يَعْنِي مَا دون الْجِمَاع
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن قَوْله ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَضم أَصَابِعه كَأَنَّهُ يتَنَاوَل شَيْئا يقبض عَلَيْهِ
قَالَ مُحَمَّد: ونبئت عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا مس مخرجه تَوَضَّأ فَظَنَنْت أَن قَول ابْن عمر وَعبيدَة شَيْئا وَاحِدًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان قَالَ: اللَّمْس بِالْيَدِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: الْمُلَامسَة دون الْجِمَاع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: الْمُلَامسَة الْجِمَاع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا﴾ قَالَ: تحروا تعمدوا صَعِيدا طيبا
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿صَعِيدا طيبا﴾ قَالَ: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شجر وَلَا نَبَات
وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي قَالَ: الصَّعِيد التُّرَاب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن بشير فِي الْآيَة قَالَ: الطّيب: مَا أَتَت عَلَيْهِ الأمطار وطهرته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله ﴿صَعِيدا طيبا﴾ قَالَ: حَلَالا لكم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أطيب الصَّعِيد أَرض الْحَرْث
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حَمَّاد قَالَ: كل شَيْء وضعت يدك عَلَيْهِ فَهُوَ صَعِيد حَتَّى غُبَار لبدك فَتَيَمم بِهِ
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الصَّعِيد أطيب قَالَ: أَرض الْحَرْث
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت آيَة التَّيَمُّم لم أدر كَيفَ أصنع فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أَجِدهُ فَانْطَلَقت أطلبه فاستقبلته فَلَمَّا رَآنِي عرف الَّذِي جِئْت لَهُ فَبَال ثمَّ ضرب بيدَيْهِ الأَرْض فَمسح بهما وَجهه وكفيه
وَأخرج ابْن عدي عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت آيَة التَّيَمُّم ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ على الأَرْض فَمسح بهما وَجهه وَضرب بِيَدِهِ الْأُخْرَى ضَرْبَة فَمسح بهما كفيه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عمار بن يَاسر قَالَ: كنت فِي سفر فاجنبت فتمعكت فَصليت ثمَّ ذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تَقول هَكَذَا ثمَّ ضرب بيدَيْهِ الأَرْض فَمسح بهَا وَجهه وكفيه
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: تيممنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضربنا بِأَيْدِينَا على الصَّعِيد الطّيب ثمَّ نفضنا أَيْدِينَا فمحسنا بهَا وُجُوهنَا ثمَّ ضربنا ضَرْبَة أُخْرَى ثمَّ نفضنا أَيْدِينَا فمحسنا بِأَيْدِينَا من الْمرَافِق إِلَى الأكف على منابت الشّعْر من ظَاهر وباطن
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك قَالَ: تيَمّم عمار فَمسح وَجهه وَيَديه وَلم يمسح الذِّرَاع
وَأخرج عَن مَكْحُول قَالَ: التَّيَمُّم ضَرْبَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوع فَإِن الله قَالَ فِي الْوضُوء (وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق) (الْمَائِدَة الْآيَة ٦) وَقَالَ فِي التَّيَمُّم ﴿وَأَيْدِيكُمْ﴾ وَلم يسْتَثْن فِيهِ كَمَا اسْتثْنى فِي الْوضُوء إِلَى الْمرَافِق وَقَالَ الله (وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا) (الْمَائِدَة الْآيَة ٣٨) فَإِنَّمَا تقطع يَد السَّارِق من مفصل الْكُوع
وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: التَّيَمُّم إِلَى الآباط
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَلَك عقد لعَائِشَة فَأَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَضَاء الصُّبْح فتغيظ أَبُو بكر على عَائِشَة فَنزلت عَلَيْهِ رخصَة الْمسْح بالصعيد فَدخل أَبُو بكر فَقَالَ لَهَا: إِنَّك لمباركة نزل فِيك رخصَة
فضربنا بِأَيْدِينَا ضَرْبَة لوجهنا وضربة بِأَيْدِينَا إِلَى المناكب والآباط
قَالَ الشَّافِعِي: هَذَا مَنْسُوخ لِأَنَّهُ أول تيَمّم كَانَ حِين نزلت آيَة التَّيَمُّم فَكل تيَمّم جَاءَ بعده يُخَالِفهُ فَهُوَ لَهُ نَاسخ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: اجْتمعت غنيمَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر ابْدُ فِيهَا فبدوت فِيهَا إِلَى الربذَة وَكَانَت تصيبني الْجَنَابَة فامكث الْخَمْسَة والستة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَلَو إِلَى عشر سِنِين فَإِذا وجدت المَاء فأمسه جِلْدك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جعلت تربَتهَا لنا طهُورا إِذا لم نجد المَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان الْهِنْدِيّ قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تَمسحُوا بهَا فَإِنَّهَا بكم بَرَّةٌ يَعْنِي الأَرْض
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من السّنة أَن لَا يُصَلِّي الرجلُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاة وَاحِدَة ثمَّ يتَيَمَّم لِلْأُخْرَى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: يُتَيَمَّمُ لكل صَلَاة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: يتَيَمَّم لكل صَلَاة
الْآيَات ٤٤ - ٤٦
فَأنْزل الله فِيهِ ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يشْتَرونَ الضَّلَالَة﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَلَا يُؤمنُونَ إِلَّا قَلِيلا﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب﴾ إِلَى قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه﴾ قَالَ: نزلت فِي رِفَاعَة بن زيد بن التابوت الْيَهُودِيّ وَالله أعلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه﴾ يَعْنِي يحرفُونَ حُدُود الله فِي التَّوْرَاة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه﴾ قَالَ: تَبْدِيل الْيَهُود التَّوْرَاة ﴿وَيَقُولُونَ سمعنَا وعصينا﴾ قَالُوا: سمعنَا مَا تَقول وَلَا نطعيك ﴿واسمع غير مسمع﴾ قَالَ: غير مَقْبُول مَا تَقول ﴿لياً بألسنتهم﴾ قَالَ: خلافًا يلوون بِهِ ألسنتهم ﴿واسمع وانظرنا﴾ قَالَ: أفهمنا لَا تعجل علينا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه﴾ قَالَ: لَا يضعونه على مَا أنزلهُ الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿واسمع غير مسمع﴾ يَقُولُونَ: اسْمَع لَا سَمِعت
وَفِي قَوْله ﴿وراعنا﴾ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَاعنا سَمعك وَإِنَّمَا رَاعنا كَقَوْلِك عاطنا
وَفِي قَوْله ﴿لياً بألسنتهم﴾ قَالَ: تحريفاً بِالْكَذِبِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس مِنْهُم يَقُولُونَ: اسْمَع غير مسمع كَقَوْلِك: اسْمَع غير صاغر
وَفِي قَوْله ﴿لياً بألسنتهم﴾ قَالَ: بالْكلَام شبه الِاسْتِهْزَاء ﴿وطعنا فِي الدّين﴾ قَالَ: فِي دين مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك
الْآيَة ٤٧
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ يحرفون الكلم عن مواضعه ﴾ قال : تبديل اليهود التوراة ﴿ ويقولون سمعنا وعصينا ﴾ قالوا : سمعنا ما تقول ولا نطيعك ﴿ واسمع غير مسمع ﴾ قال : غير مقبول ما تقول ﴿ ليا بألسنتهم ﴾ قال : خلافا يلوون به ألسنتهم ﴿ واسمع وانظرنا ﴾ قال : أفهمنا لا تعجل علينا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ يحرفون الكلم عن مواضعه ﴾ قال : لا يضعونه على ما أنزله الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله ﴿ واسمع غير مسمع ﴾ يقولون : اسمع لأسمعت. وفي قوله ﴿ وراعنا ﴾ قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا سمعك وإنما راعنا كقولك عاطنا. وفي قوله ﴿ ليا بألسنتهم ﴾ قال : تحريفا بالكذب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان ناس منهم يقولون : اسمع غير مسمع كقولك : اسمع غير صاغر. وفي قوله ﴿ ليا بألسنتهم ﴾ قال : بالكلام شبه الاستهزاء ﴿ وطعنا في الدين ﴾ قال : في دين محمد عليه السلام.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك.
فَقَالُوا: مَا نَعْرِف ذَلِك يَا مُحَمَّد
فَأنْزل الله فيهم ﴿يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي مَالك بن الصَّيف وَرِفَاعَة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿من قبل أَن نطمس وُجُوهًا﴾ قَالَ: طمسها أَن تعمى ﴿فنردها على أدبارها﴾ يَقُول: نجْعَل وُجُوههم من قبل أقفيتهم فيمشون الْقَهْقَرَى وَيجْعَل لأَحَدهم عينين فِي قَفاهُ
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل ﴿من قبل أَن نطمس وُجُوهًا﴾ قَالَ: من قبل أَن نمسخها على غير خلقهَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: من يطمس الله عَيْنَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ نور يبين بِهِ شمساً وَلَا قمراً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي ادريس الْخَولَانِيّ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسلم الخليلي معلم كَعْب وَكَانَ يلومه فِي ابطائه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَعثه لينْظر أهوَ هُوَ قَالَ كَعْب: حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فَإِذا تالٍ يقْرَأ الْقُرْآن ﴿يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا﴾ فبادرت المَاء اغْتسل وَإِنِّي لأمس وَجْهي مَخَافَة أَن أطمس ثمَّ أسلمت
وَأخرج ابْن جرير عَن عِيسَى بن الْمُغيرَة قَالَ: تَذَاكرنَا عِنْد إِبْرَاهِيم اسلام كَعْب فَقَالَ: اسْلَمْ كَعْب فِي زمَان عمر أقبل وَهُوَ يُرِيد بَيت الْمُقَدّس فَمر على الْمَدِينَة فَخرج إِلَيْهِ عمر فَقَالَ: يَا كَعْب أسلم
قَالَ: ألستم تقرأون فِي كتابكُمْ (مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها كَمثل الْحمار يحمل أسفارا) (الْجُمُعَة الْآيَة ٥) وَأَنا قد حملت التَّوْرَاة
ثمَّ رَجَعَ فَأتى أَهله بِالْيمن ثمَّ جَاءَ بهم مُسلمين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿من قبل أَن نطمس وُجُوهًا﴾ يَقُول: عَن صِرَاط الْحق ﴿فنردها على أدبارها﴾ قَالَ: فِي الضَّلَالَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الطمس: أَن يرتدوا كفَّارًا فَلَا يهتدوا أبدا ﴿أَو نلعنهم كَمَا لعنا أَصْحَاب السبت﴾ أَن نجعلهم قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد ﴿فنردها على أدبارها﴾ قَالَ: كَانَ أبي يَقُول إِلَى الشَّام أَي رجعت إِلَى الشَّام من حَيْثُ جَاءَت ردوا إِلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: نطمسها عَن الْحق ﴿فنردها على أدبارها﴾ على ضلالتها ﴿أَو نلعنهم﴾ يَقُول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَو نجعلهم قردة
الْآيَة ٤٨
قَالَ: استوهب مِنْهُ دينه فَإِن أَبى فابتعه مِنْهُ
فَطلب الرجل ذَلِك مِنْهُ فَأبى عَلَيْهِ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: وجدته شحيحاً على دينه
فَنزلت ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار من طرق عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا معشر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نشك فِي قَاتل النَّفس وآكل مَال الْيَتِيم وَشَاهد الزُّور وقاطع الرَّحِم حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء﴾ فامسكنا عَن الشَّهَادَة
وَأخرج ابْن الضريس وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن عدي بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا نمسك عَن الاسْتِغْفَار لأهل الْكَبَائِر حَتَّى سمعنَا من نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء﴾ وَقَالَ: إِنِّي ادخرت شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي فأمسكنا عَن كثير مِمَّا كَانَ فِي أَنْفُسنَا ثمَّ نطقنا بعد ورَجَوْنا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن سُلَيْمَان بن عتبَة الْبَارِقي قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن ثَوْبَان قَالَ: شهِدت فِي الْمَسْجِد قبل الدَّاء الْأَعْظَم فَسَمِعتهمْ يَقُولُونَ (من قتل مُؤمنا) (الْمَائِدَة الْآيَة ٣٢) إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار: قد أوجب لَهُ النَّار
فَلَمَّا نزلت ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء﴾ قَالُوا: مَا شَاءَ الله يصنع الله مَا يَشَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: لما نزلت (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم
الزمر الْآيَة ٥٣ الْآيَة
فَقَامَ رجل فَقَالَ: والشرك يَا نَبِي الله فكره ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على
) (الزمر الْآيَة ٥٣) الْآيَة
قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَتَلَاهَا على النَّاس فَقَامَ إِلَيْهِ رجل قَالَ: والشرك بِاللَّه فَسكت مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء﴾ فاثبتت هَذِه فِي الزمر وأثبتت هَذِه فِي النِّسَاء
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: إِن الله حرَّم الْمَغْفِرَة على من مَاتَ وَهُوَ كَافِر وأرجأ أهل التَّوْحِيد إِلَى مشئيته فَلم يؤيسهم من الْمَغْفِرَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن عَليّ قَالَ: أحب آيَة إِلَيّ فِي الْقُرْآن ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الجوزاء قَالَ: اخْتلفت إِلَى ابْن عَبَّاس ثَلَاث عشرَة سنة فَمَا من شَيْء من الْقُرْآن إِلَّا سَأَلته عَنهُ ورسولي يخْتَلف إِلَى عَائِشَة فَمَا سمعته وَلَا سَمِعت أحدا من الْعلمَاء يَقُول: إِن الله يَقُول لذنب لَا أغفره
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من عبد يَمُوت لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا حلت لَهُ الْمَغْفِرَة إِن شَاءَ غفر لَهُ وَإِن شَاءَ عذبه إِن الله اسْتثْنى فَقَالَ ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء﴾
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من وعده الله على عمل ثَوابًا فَهُوَ منجزه لَهُ وَمن وعده على عمل عقَابا فَهُوَ بِالْخِيَارِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَنْب لَا يغْفر وذنب لَا يتْرك وذنب يغْفر
فَأَما الَّذِي لَا يغْفر فالشرك بِاللَّه وَأما الَّذِي يغْفر فذنب بَينه وَبَين الله عز وَجل وَأما الَّذِي لَا يتْرك فظلم الْعباد بَعضهم بَعْضًا
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدَّوَاوِين عِنْد الله ثَلَاثَة: ديوَان لَا يعبأ الله بِهِ شَيْئا وديوان لَا يتْرك الله مِنْهُ شَيْئا وديوان لَا يغفره الله
فَأَما الدِّيوَان الَّذِي لَا يغفره الله فالشرك قَالَ الله (وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة) (الْمَائِدَة الْآيَة ٧٢) وَقَالَ الله ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ وَأما الدِّيوَان الَّذِي لَا يعبأ الله بِهِ فظلم العَبْد نَفسه فِيمَا بَينه وَبَين ربه من صَوْم تَركه أَو صَلَاة تَركهَا فَإِن الله يغْفر ذَلِك ويتجاوز عَنهُ إِن شَاءَ وَأما الدِّيوَان الَّذِي لَا يتْرك الله مِنْهُ شَيْئا فظلم الْعباد بَعضهم بَعْضًا الْقصاص لَا محَالة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا من عبد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك
قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق
قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة: على رغم أنف أبي ذَر
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يَقُول: يَا عَبدِي مَا عبدتني ورجوتني فَإِنِّي غَافِر لَك على مَا كَانَ فِيك وَيَا عَبدِي لَو لقيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا مَا لم تشرك بِي شَيْئا لقيتك بقرابها مغْفرَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من مَاتَ لَا يعدل بِاللَّه شَيْئا ثمَّ كَانَت عَلَيْهِ من الذُّنُوب مثل الرمال غفر لَهُ
وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله عز وَجل: من علم أَنِّي ذُو قدرَة على مغْفرَة الذُّنُوب غفرت لَهُ وَلَا أُبَالِي مَا لم يُشْرك بِي شَيْئا
وَأخرج أَحْمد عَن سَلمَة بن نعيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة وَإِن زنى وَإِن سرق
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ دخل الْجنَّة
قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق
قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق
قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق على رغم أنف أبي الدَّرْدَاء
قَالَ فَخرجت لأنادي بهَا فِي النَّاس فلقيني عمر فَقَالَ: ارْجع فَإِن النَّاس إِن علمُوا بِهَذِهِ اتكلوا عَلَيْهَا
فَرَجَعت فَأَخْبَرته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صدق عمر
وَأخرج هناد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَربع آيَات فِي كتاب الله عز وَجل أحب إليّ من حُمُرِ النِعَمْ وسودها فِي سُورَة النِّسَاء قَوْله (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة
) (النِّسَاء الْآيَة ٤٠) الْآيَة
وَقَوله ﴿إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ﴾ الْآيَة
وَقَوله (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا
) (النِّسَاء الْآيَة ٦٤) الْآيَة وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه) (النِّسَاء الْآيَة ١١٠) الْآيَة
الْآيَتَانِ ٤٩ - ٥٠
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْيَهُود يقدمُونَ صبيانهم يصلونَ بهم ويقربون قُرْبَانهمْ ويزعمون أَنهم لَا خَطَايَا لَهُم وَلَا ذنُوب وكذبوا قَالَ الله: إِنِّي لَا أطهر ذَا ذَنْب بآخر لَا ذَنْب لَهُ ثمَّ أنزل الله ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكُّون أنفسهم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم﴾ قَالَ: يَعْنِي يهود كَانُوا يقدمُونَ صبياناً لَهُم أمامهم فِي الصَّلَاة فيؤمونهم يَزْعمُونَ أَنهم لَا ذنُوب لَهُم قَالَ: فَتلك التَّزْكِيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم﴾ قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود كَانُوا يقدمُونَ صبيانهم يَقُولُونَ: لَيست لَهُم ذنُوب
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يقدمُونَ الغلمان الَّذين لم يبلغُوا الْحِنْث يصلونَ بهم يَقُولُونَ: لَيْسَ لَهُم ذنُوب
فَأنْزل الله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم﴾ قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى (قَالُوا نَحن أَبنَاء الله واحباؤه) (الْمَائِدَة الْآيَة ١٨)
(وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هوداً أَو نَصَارَى) (الْبَقَرَة الْآيَة ١١١)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الرجل ليغدر بِدِينِهِ ثمَّ يرجع وَمَا مَعَه مِنْهُ شَيْء يلقى الرجل لَيْسَ يملك لَهُ نفعا وَلَا ضراً فَيَقُول: وَالله إِنَّك لذيت وذيت وَلَعَلَّه أَن يرجع وَلم يَجُدْ من حَاجته بِشَيْء وَقد أَسخط الله عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا يظْلمُونَ فتيلاً﴾ قَالَ: الفتيل: مَا خرج من بَين الأصبعين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفتيل
هم أَن تدلك بَين أصبعيك فَمَا خرج مِنْهُمَا فَهُوَ ذَلِك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النقير: النقرة تكون فِي النواة الَّتِي تنْبت مِنْهَا النَّخْلَة والفتيل: الَّذِي يكون على شقّ النواة والقطمير: القشر الَّذِي يكون على النواة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفتيل: الَّذِي فِي الشق الَّذِي فِي بطن النواة
وَأخرج الطستي وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ ﴿وَلَا يظْلمُونَ فتيلاً﴾ قَالَ: لَا ينقصُونَ من الْخَيْر وَالشَّر مثل الفتيل هُوَ الَّذِي يكون فِي شقّ النواة
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان يَقُول: يجمع الْجَيْش ذَا الألوف ويغزو ثمَّ لَا يرزأ الأعادي فتيلا وَقَالَ الأول أَيْضا: أعاذل بعض لومك لَا تلحي فَإِن اللوم لَا يُغني فتيلا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: النقير: الَّذِي يكون فِي وسط النواة فِي ظهرهَا والفتيل: الَّذِي يكون فِي جَوف النواة وَيَقُولُونَ: مَا يدلك فَيخرج من وسخها والقطمير: لفافة النواة أَو سحاة الْبَيْضَة أَو سحاة القصبة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَالَت يهود: لَيْسَ لنا ذنُوب إِلَّا كذنوب أَوْلَادنَا يَوْم يولدون فَإِن كَانَت لَهُم ذنُوب فَإِن لنا ذنوباً فَإِنَّمَا نَحن مثلهم
قَالَ الله ﴿انْظُر كَيفَ يفترون على الله الْكَذِب وَكفى بِهِ إِثْمًا مُبينًا﴾
الْآيَات ٥١ - ٥٣
قَالُوا: فَمَا مُحَمَّد قَالُوا صنبور قطع أرحامنا وَاتبعهُ سراق الحجيج بَنو غفار
قَالُوا: لَا بل أَنْتُم خير مِنْهُم واهدى سَبِيلا
فَأنْزل الله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مُرْسلا
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم كَعْب بن الْأَشْرَف مَكَّة قَالَت لَهُ قُرَيْش: أَنْت خير أهل الْمَدِينَة وسيدهم قَالَ: نعم
قَالُوا: أَلا ترى إِلَى هَذَا المنصبر المنبتر من قومه يزْعم أَنه خير منا وَنحن أهل الحجيج وَأهل السدَانَة وَأهل السِّقَايَة قَالَ: أَنْتُم خير مِنْهُ
فانزلت (إِن شائنك هُوَ الأبتر) (الْكَوْثَر الْآيَة ٣) وأنزلت ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت﴾ إِلَى قَوْله ﴿نَصِيرًا﴾
فَقَالُوا: إِنَّكُم أهل كتاب وَهُوَ صَاحب كتاب وَلَا نَأْمَن أَن يكون هَذَا مكراً مِنْكُم فَإِن أردْت أَن تخرج مَعَك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما فَفعل
ثمَّ قَالُوا: نَحن اهدى أم مُحَمَّد فَنحْن نَنْحَر الكوماء ونسقي اللَّبن على المَاء ونصل الرَّحِم ونقري الضَّيْف ونطوف بِهَذَا الْبَيْت وَمُحَمّد قطع رَحمَه وَخرج من بَلَده
قَالَ: بل أَنْتُم خير وَأهْدى
فَنزلت فِيهِ ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف قَالَ: كفار قُرَيْش أهْدى من مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ عَن أبي مَالك قَالَ: لما كَانَ من أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْيَهُود من النَّضِير مَا كَانَ حِين أَتَاهُم يَسْتَعِينهُمْ فِي دِيَة الْعَامِرِيين فَهموا بِهِ وبأصحابه فَاطلع الله رَسُوله على مَا هموا بِهِ من ذَلِك وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة هرب كَعْب بن الْأَشْرَف حَتَّى أَتَى مَكَّة فعاهدهم على مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: يَا أَبَا سعيد إِنَّكُم قوم تقرأون الْكتاب وتعلمون وَنحن قوم لَا نعلم فاخبرنا ديننَا خير أم دين مُحَمَّد قَالَ كَعْب: اعرضوا عليَّ دينكُمْ
فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: نَحن قوم نَنْحَر الكوماء ونسقي الحجيج المَاء ونقري الضَّيْف ونحمي بَيت رَبنَا ونعبد آلِهَتنَا الَّتِي كَانَ يعبد آبَاؤُنَا وَمُحَمّد يَأْمُرنَا أَن نَتْرُك هَذَا ونتبعه
قَالَ: دينكُمْ خير من دين مُحَمَّد فاثبتوا عَلَيْهِ أَلا ترَوْنَ أَن مُحَمَّدًا يزْعم أَنه بعث بالتواضع وَهُوَ ينْكح من النِّسَاء مَا شَاءَ وَمَا نعلم ملكا أعظم من ملك النِّسَاء
فَذَلِك حِين يَقُول ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الَّذين حزبوا الْأَحْزَاب من قُرَيْش وغَطَفَان وَبني قُرَيْظَة حييّ بن أَخطب وَسَلام بن أبي الْحقيق وَأَبُو رَافع وَالربيع بن أبي الْحقيق وَعمارَة ووحوح بن عَارِم وهودة بن قيس
فَأَما وحوح بن عَامر وهودة فَمن بني وَائِل وَكَانَ سَائِرهمْ من بني النَّضِير فَلَمَّا قدمُوا على قُرَيْش قَالُوا: هَؤُلَاءِ أَحْبَار يهود وَأهل الْعلم بِالْكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين مُحَمَّد فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا: بل دينكُمْ خير من دينه وَأَنْتُم أهْدى مِنْهُ وَمن
فَأنْزل الله فيهم ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب﴾ إِلَى قَوْله ﴿ملكا عَظِيما﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما كَانَ من أَن أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ اعتزل كَعْب بن الْأَشْرَف وَلحق بِمَكَّة وَكَانَ بهَا وَقَالَ: لَا أعين عَلَيْهِ وَلَا أقاتله
فَقيل لَهُ بِمَكَّة: يَا كَعْب أديننا خير أم دين مُحَمَّد وَأَصْحَابه قَالَ: دينكُمْ خير وأقدم وَدين مُحَمَّد حَدِيث
فَنزلت فِيهِ ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف وحيي بن أَخطب رجلَيْنِ من الْيَهُود من بني النَّضِير أَتَيَا قُريْشًا بِالْمَوْسِمِ فَقَالَ لَهُم الْمُشْركُونَ: أَنَحْنُ أهْدى أم مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَإنَّا أهل السدَانَة والسقاية وَأهل الْحرم فَقَالَا: بل أَنْتُم أهْدى من مُحَمَّد وَأَصْحَابه وهما يعلمَانِ أَنَّهُمَا كاذبان إِنَّمَا حملهما على ذَلِك حسد مُحَمَّد وَأَصْحَابه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: الجبت والطاغوت: صنمان
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم ورستة فِي الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الجبت السَّاحر والطاغوت الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن مُجَاهِد
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت حييّ بن أَخطب والطاغوت كَعْب بن الْأَشْرَف
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت الْأَصْنَام والطاغوت الَّذِي يكون بَين يَدي الْأَصْنَام يعبرون عَنْهَا الْكَذِب ليضلوا النَّاس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت اسْم الشَّيْطَان بالحبشية والطاغوت كهان الْعَرَب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الجبت الشَّيْطَان بِلِسَان الْحَبَش والطاغوت الكاهن
وَأخرج عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الطاغوت السَّاحر والجبت الكاهن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن الجبت شَيْطَان والطاغوت الكاهن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق لَيْث عَن مُجَاهِد قَالَ: الجبت كَعْب بن الْأَشْرَف والطاغوت الشَّيْطَان كَانَ فِي صُورَة إِنْسَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن قبيصَة بن مُخَارق أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن العيافة والطرق والطيرة من الجبت
وَأخرج رستة فِي الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَيَقُولُونَ للَّذين كفرُوا هَؤُلَاءِ أهْدى من الَّذين آمنُوا سَبِيلا﴾ قَالَ: الْيَهُود تَقول ذَاك يَقُولُونَ: قُرَيْش أهْدى من مُحَمَّد وَأَصْحَابه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أم لَهُم نصيب من الْملك﴾ قَالَ: فَلَيْسَ لَهُم نصيب وَلَو كَانَ لَهُم نصيب لم يؤتوا النَّاس نقيرا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: لَو كَانَ لَهُم نصيب من ملك إِذن لم يؤتوا مُحَمَّدًا نقيراً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق خَمْسَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النقير: النقطة الَّتِي فِي ظهر النواة
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن النقير قَالَ: مَا فِي شقّ ظهر النواة وَمِنْه تنْبت النَّخْلَة
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَلَيْسَ النَّاس بعْدك فِي نقير وَلَيْسوا غير أصداء وهامِ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله ﴿فَإِذا لَا يُؤْتونَ النَّاس نقيراً﴾ مَا النقير قَالَ: مَا فِي ظهر النواة قَالَ فِيهِ الشَّاعِر: لقد رزحت كلاب بني زبير فَمَا يُعْطون سائلهم نقيرا
الْآيَتَانِ ٥٤ - ٥٥
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : لو كان لهم نصيب من ملك إذن لم يؤتوا محمدا نقيرا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق خمسة عن ابن عباس قال : النقير : النقطة التي في ظهر النواة.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله عن النقير ؟ قال : ما في شق ظهر النواة، ومنه تنبت النخلة. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت قول الشاعر :
وليس الناس بعدك في نقير | وليسوا غير أصداء وهام |
لقد رزحت كلاب بني زبير | فما يعطون سائلهم نقيرا |
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أهل الْكتاب: زعم مُحَمَّد أَنه أُوتِيَ مَا أُوتِيَ فِي تواضع وَله تسع نسْوَة وَلَيْسَ همه إِلَّا النِّكَاح فَأَي ملك أفضل من هَذَا
فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿أم يحسدون النَّاس﴾ إِلَى قَوْله ﴿ملكا عَظِيما﴾ يَعْنِي ملك سُلَيْمَان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة قَالَ: قَالَت الْيَهُود للْمُسلمين: تَزْعُمُونَ أَن مُحَمَّدًا أُوتِيَ الدّين فِي تواضع وَعِنْده تسع نسْوَة أَي ملك أعظم من هَذَا فَأنْزل الله ﴿أم يحسدون النَّاس﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك
نَحوه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أم يحسدون النَّاس﴾ قَالَ: نَحن النَّاس دون النَّاس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿أم يحسدون النَّاس﴾ قَالَ: النَّاس فِي هَذَا الْموضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿أم يحسدون النَّاس﴾ قَالَ: مُحَمَّد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: أعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضع وَسبعين شَابًّا فحسدته الْيَهُود فَقَالَ الله ﴿أم يحسدون النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: يحسدون مُحَمَّدًا حِين لم يكن مِنْهُم وَكَفرُوا بِهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج ﴿على مَا آتَاهُم الله من فَضله﴾ قَالَ: النُّبُوَّة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إيَّاكُمْ والحسد فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يجْتَمع فِي جَوف عبد الْإِيمَان والحسد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم﴾ سُلَيْمَان وَدَاوُد ﴿الْكتاب وَالْحكمَة﴾ يَعْنِي النُّبُوَّة ﴿وآتيناهم ملكا عَظِيما﴾ فِي النِّسَاء فَمَا باله حل لأولئك الْأَنْبِيَاء وهم أَنْبيَاء أَن ينْكح دَاوُد تسعا وَتِسْعين امْرَأَة وينكح سُلَيْمَان مائَة امْرَأَة لَا يحل لمُحَمد أَن ينْكح كَمَا نكحوا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ فِي ظهر سُلَيْمَان مئة رجل وَكَانَ لَهُ ثلثمِائة امْرَأَة وثلثمائة سَرِيَّة
وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ لسيلمان ثلثمِائة امْرَأَة وَسَبْعمائة سَرِيَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن همام بن الْحَارِث ﴿وآتيناهم ملكا عَظِيما﴾ قَالَ: ايدوا بِالْمَلَائِكَةِ والجنود
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وآتيناهم ملكا عَظِيما﴾ قَالَ: النُّبُوَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وآتيناهم ملكا عَظِيما﴾ قَالَ: النبوّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فَمنهمْ من آمن بِهِ قَالَ بِمَا أنزل على مُحَمَّد من يهود
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن ﴿فَمنهمْ من آمن بِهِ﴾ اتبعهُ ﴿وَمِنْهُم من صد عَنهُ﴾ يَقُول: تَركه فَلم يتبعهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: زرع إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن وَزرع النَّاس فِي تِلْكَ السّنة فَهَلَك زرع النَّاس وزكا زرع إِبْرَاهِيم وَاحْتَاجَ النَّاس
فَمنهمْ من آمن بِهِ فَأعْطَاهُ من الزَّرْع وَمِنْهُم من أَبى فَلم يَأْخُذ مِنْهُ
فَذَلِك قَوْله ﴿فَمنهمْ من آمن بِهِ وَمِنْهُم من صد عَنهُ وَكفى بجهنم سعيراً﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة﴾ وَمُحَمّد من آل إِبْرَاهِيم
وَأخرج ابْن الزبير بن بكار فِي الموقفيات عَن ابْن عَبَّاس أَن مُعَاوِيَة قَالَ: يَا بني هَاشم إِنَّكُم تُرِيدُونَ أَن تستحقوا الْخلَافَة كَمَا استحقيتم النُّبُوَّة وَلَا يَجْتَمِعَانِ لأحد وتزعمون أَن لكم ملكا
فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: أما قَوْلك أَنا نستحق الْخلَافَة بالنبوّة فَإِن لم نستحقها بالنبوّة فَبِمَ نستحقها وَأما قَوْلك أَن النُّبُوَّة والخلافة لَا يَجْتَمِعَانِ لأحد فَأَيْنَ قَول الله ﴿فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة وآتيناهم ملكا عَظِيما﴾ فالكتاب النبوّة وَالْحكمَة السّنة وَالْملك الْخلَافَة نَحن آل إِبْرَاهِيم أَمر الله فِينَا وَفِيهِمْ وَاحِد وَالسّنة لنا وَلَهُم جَارِيَة وَأما قَوْلك زَعمنَا أَن لنا ملكا فالزعم فِي كتاب الله شكّ وكل يشْهد أَن لنا ملكا لَا تَمْلِكُونَ يَوْمًا إِلَّا ملكنا يَوْمَيْنِ وَلَا شهرا إِلَّا ملكنا شَهْرَيْن وَلَا حولا إِلَّا ملكنا حَوْلَيْنِ
وَالله أعلم
الْآيَتَانِ ٥٦ - ٥٧
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال : زرع إبراهيم خليل الرحمن وزرع الناس في تلك السنة، فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم، واحتاج الناس إليه فكان الناس يأتون إبراهيم فيسألونه منه فقال لهم : من آمن أعطيته ومن أبى منعته. فمنهم من آمن به فأعطاه من الزرع ومنهم من أبى فلم يأخذ منه. فذلك قوله ﴿ فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ﴿ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة ﴾ ومحمد من آل إبراهيم.
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال : يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة، ولا يجتمعان لأحد، وتزعمون أن لكم ملكا. فقال له ابن عباس : أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوة، فإن لم نستحقها بالنبوة فبم نستحقها ؟ ! وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله ﴿ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ﴾ ؟ فالكتاب النبوة، والحكمة السنة، والملك الخلافة، نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد، والسنة لنا ولهم جارية، وأما قولك زعمنا أن لنا ملكا فالزعم في كتاب الله شك، وكل يشهد أن لنا ملكا لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين. والله أعلم.
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قرىء عِنْد عمر ﴿كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب﴾
فَقَالَ عمر: هَكَذَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر قَالَ: تَلا رجل عِنْد عمر ﴿كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا﴾ فَقَالَ كَعْب عِنْدِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة قرأتها قبل الْإِسْلَام
فَقَالَ: هَاتِهَا يَا كَعْب فَإِن جِئْت بهَا كَمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقناك
قَالَ: إِنِّي قرأتها قبل الْإِسْلَام ﴿كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا﴾ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة عشْرين وَمِائَة مرّة
فَقَالَ عمر: هَكَذَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَنه يحرق أحدهم فِي الْيَوْم سبعين ألف مرّة ﴿كلما نَضِجَتْ﴾ وأكلت لحومهم قيل لَهُم عودوا فعادوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: تَأْخُذ النَّار فتأكل جُلُودهمْ حَتَّى تكشطها عَن اللَّحْم حَتَّى تُفْضِي النَّار إِلَى الْعِظَام ويبدلون جُلُودًا غَيرهَا يذيقهم الله شَدِيد الْعَذَاب فَذَلِك دَائِم لَهُم أبدا بتكذيبهم رَسُول الله وكفرهم بآيَات الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ أَنه بلغه فِي قَول الله ﴿كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا﴾ قَالَ: يَجْعَل للْكَافِرِ مائَة جلد بَين كل جلدين لون من الْعَذَاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: سمعنَا أَنه مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول: أَن جلد أحدهم أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وسنه سَبْعُونَ ذِرَاعا وبطنه لَو وضع فِيهِ جبل لوسعه فَإِذا أكلت النَّار جُلُودهمْ بدلُوا جُلُودًا غَيرهَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: أسر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة إِن فِي جَهَنَّم لسباعاً من نَار وكلاباً من نَار وكلاليب من نَار وسيوفاً من نَار وَإنَّهُ تبْعَث مَلَائِكَة يعلقون أهل النَّار بِتِلْكَ الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بِتِلْكَ السيوف عضوا عضوا ويلقونهم إِلَى تِلْكَ السبَاع وَالْكلاب كلما قطعُوا عضوا عَاد مَكَانَهُ غضا جَدِيدا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُود لأبي هُرَيْرَة: أَتَدْرِي كم غلظ جلد الْكَافِر قَالَ: لَا
قَالَ: غلظ جلد الْكَافِر اثْنَان وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أهل النَّار يعظمون فِي النَّار حَتَّى يصير أحدهم مسيرَة كَذَا وَكَذَا
وَإِن ضرس أحدهم لمثل أحد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿وندخلهم ظلاً ظليلاً﴾ قَالَ: هُوَ ظلّ الْعَرْش الَّذِي لَا يَزُول
الْآيَة ٥٨
فَأَتَاهُ بِهِ فَلَمَّا بسط يَده إِلَيْهِ قدم الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي اجْعَلْهُ لي مَعَ السِّقَايَة
فَكف عُثْمَان يَده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرِنِي الْمِفْتَاح يَا عُثْمَان
فَبسط يَده يُعْطِيهِ فَقَالَ الْعَبَّاس مثل كَلمته الأولى
فَكف عُثْمَان يَده ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عُثْمَان إِن كنت تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فهاتني الْمِفْتَاح
فَقَالَ: هُنَاكَ بأمانة الله
فَقَامَ فَفتح بَاب الْكَعْبَة فَوجدَ فِي الْكَعْبَة تِمْثَال إِبْرَاهِيم مَعَه قداح يستقسم بهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا للْمُشْرِكين - قَاتلهم الله - وَمَا شَأْن إِبْرَاهِيم وشأن القداح ثمَّ دَعَا بِجَفْنَة فِيهَا مَاء فَأخذ مَاء فغمسه ثمَّ غمس بهَا تِلْكَ التماثيل وَأخرج مقَام إِبْرَاهِيم وَكَانَ فِي الْكَعْبَة ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس هَذِه الْقبْلَة ثمَّ خرج فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثمَّ نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل فِيمَا ذكر لنا برد الْمِفْتَاح فَدَعَا عُثْمَان بن طَلْحَة فَأعْطَاهُ الْمِفْتَاح ثمَّ قَالَ ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ النِّسَاء الْآيَة ٥٨ حَتَّى فرغ من الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: نزلت فِي عُثْمَان بن طَلْحَة قبض مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِفْتَاح الْكَعْبَة وَدخل بِهِ الْبَيْت يَوْم الْفَتْح فَخرج وَهُوَ يَتْلُو هَذِه الْآيَة فَدَعَا عُثْمَان فَدفع
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خذوها يَا بني طَلْحَة خالدة تالدة لَا يَنْزِعهَا مِنْكُم إِلَّا ظَالِم
يَعْنِي حجابة الْكَعْبَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ الْآيَة
قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي وُلَاة الْأَمر وفيمن ولي من أُمُور النَّاس شَيْئا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: نزلت فِي الْأُمَرَاء خَاصَّة ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: حق على الإِمَام أَن يحكم بِمَا أنزل الله وَأَن يُؤَدِّي الْأَمَانَة فَإِذا فعل ذَلِك فَحق على النَّاس أَن يسمعوا لَهُ وَأَن يطيعوا وَأَن يجيبوا إِذا دعوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: يَعْنِي السُّلْطَان يُعْطون النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: هِيَ مسجلة للبر والفاجر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه الْأَمَانَات فِيمَا بَيْنك وَبَين النَّاس فِي المَال وَغَيره
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْقَتْل فِي سَبِيل الله يكفر الذُّنُوب كلهَا إِلَّا الْأَمَانَة يجاء بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة وَإِن كَانَ قتل فِي سَبِيل الله فَيُقَال لَهُ: ادّ أمانتك
فَيَقُول: من أَيْن وَقد ذهبت الدِّينَا فَيُقَال: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الهاوية فَينْطَلق فتمثل لَهُ أَمَانَته كهيئتها يَوْم دفعت إِلَيْهِ فِي قَعْر جَهَنَّم فيحملها فيصعد بهَا حَتَّى إِذا ظن أَنه خَارج بهَا فهزلت من عَاتِقه فهوت وَهوى مَعهَا أَبَد الآبدين
قَالَ زَاذَان: فَأتيت الْبَراء بن عَازِب فَقلت: أما سَمِعت مَا قَالَ أَخُوك ابْن مَسْعُود قَالَ: صدق إِن الله يَقُول ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ وَالْأَمَانَة فِي
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ قَالَ: إِنَّه لم يرخص لموسر وَلَا لمعسر
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك
وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم: من إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا اتئمن خَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَربع إِذا كن فِيك فَلَا عَلَيْك مَا فاتك من الدُّنْيَا: حفظ أَمَانَة وَصدق حَدِيث وَحسن خَلِيقَة وعفة طعمة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن أول مَا يرفع من النَّاس الْأَمَانَة وَآخر مَا يبْقى الصَّلَاة وَرب مصل لَا خير فِيهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول مَا يرفع من هَذِه الْأمة الْحيَاء وَالْأَمَانَة فسلوهما الله عزَّ وجلَّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تنظروا إِلَى صَلَاة أحد وَلَا صِيَامه وانظروا إِلَى صدق حَدِيثه إِذا حدث وَإِلَى أَمَانَته إِذا ائْتمن وَإِلَى ورعه إِذا أشفى
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب
مثله
وَأخرج عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: ثَلَاثَة تؤدين إِلَى الْبر والفاجر: الرَّحِم توصل كَانَت برة أَو فاجرة والأمانى تُؤَدّى إِلَى الْبر والفاجر والعهد يُوفى بِهِ للبر والفاجر
وَأخرج عَن أنس قَالَ: الْبَيْت الَّذِي تكون فِيهِ خِيَانَة لَا تكون فِيهِ الْبركَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي يُونُس قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يقْرَأ هَذِه الْآيَة ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات﴾ إِلَى قَوْله ﴿كَانَ سميعاً بَصيرًا﴾ وَيَضَع إبهاميه على أُذُنَيْهِ وَالَّتِي تَلِيهَا على عينه وَيَقُول: هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأها وَيَضَع أصبعيه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقترىء هَذِه الْآيَة ﴿سميعاً بَصيرًا﴾ يَقُول: بِكُل شَيْء بَصِير
الْآيَة ٥٩
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إِذْ بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد فِي سَرِيَّة وفيهَا عمار بن يَاسر فَسَارُوا قبل الْقَوْم الَّذين يُرِيدُونَ فَلَمَّا بلغُوا قَرِيبا مِنْهُم عرسوا وأتاهم ذُو العبينتين فَأخْبرهُم فَأَصْبحُوا قد هربوا غير رجل أَمر أَهله فَجمعُوا مَتَاعهمْ ثمَّ أقبل يمشي فِي ظلمَة اللَّيْل حَتَّى أَتَى عَسْكَر خَالِد يسْأَل عَن عمار بن يَاسر فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَبَا الْيَقظَان إِنِّي قد أسلمت وَشهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا
فَأَقَامَ فَلَمَّا أَصْبحُوا أغار خَالِد فَلم يجد أحدا غير الرجل فَأَخذه وَأخذ مَاله فَبلغ عماراً الْخَبَر فَأتى خَالِدا فَقَالَ: خل عَن الرجل فَإِنَّهُ قد أسلم وَهُوَ فِي أَمَان مني
قَالَ: خَالِد وفيم أَنْت تجير فَاسْتَبَّا وارتفعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأجَاز أَمَان عمار وَنَهَاهُ أَن يجير الثَّانِيَة على أَمِير
فَاسْتَبَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ خَالِد: يَا رَسُول الله أتترك هَذَا العَبْد الأجدع يَشْتمنِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا خَالِد لَا تسب عماراً فَإِنَّهُ من سبّ عماراً سبه الله وَمن أبْغض عماراً أبغضه الله وَمن لعن عماراً لَعنه الله
فَغَضب عمار فَقَامَ فَتَبِعَهُ خَالِد ختى أَخذ بِثَوْبِهِ فَاعْتَذر إِلَيْهِ فَرضِي
فَأنْزل الله الْآيَة وَأخرجه ابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَيْمُون بن مهْرَان فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ قَالَ: أَصْحَاب السَّرَايَا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ قَالَ: هم الْأُمَرَاء مِنْكُم
وَفِي لفظ: هم أُمَرَاء السَّرَايَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مَكْحُول فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ قَالَ: هم أهل الْآيَة الَّتِي قبلهَا ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي وَمن عَصَانِي فقد عصى الله وَمن عصى أَمِيري فقد عَصَانِي
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ قَالَ: قَالَ أبيّ: هم السلاطين قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الطَّاعَة الطَّاعَة وَفِي الطَّاعَة بلَاء
وَقَالَ: لَو شَاءَ الله لجعل الْأَمر فِي الْأَنْبِيَاء
يَعْنِي لقد جعل إِلَيْهِم والأنبياء مَعَهم أَلا ترى حِين حكمُوا فِي قتل يحيى بن زَكَرِيَّا
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسمعوا وَأَطيعُوا وَإِن اسْتعْمل عَلَيْكُم حبشِي كَانَ رَأسه زبيبة
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أُمَامَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ يَعْنِي أهل الْفِقْه وَالدّين وَأهل طَاعَة الله الَّذين يعلمُونَ النَّاس مَعَاني دينهم ويأمرونهم بِالْمَعْرُوفِ وينهونهم عَن الْمُنكر فَأوجب الله طاعتهم على الْعباد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ قَالَ: أولي الْفِقْه وأولي الْخَيْر
وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ قَالَ: أهل الْعلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿وأولي الْأَمر﴾ قَالَ: هم الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر﴾ قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد أهل الْعلم وَالْفِقْه وَالدّين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر﴾ قَالَ: هم أهل الْعلم أَلا ترى أَنه يَقُول (وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلم الَّذين يستنبطونه مِنْهُم) (النِّسَاء الْآيَة ٨٣)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿وأولي الْأَمر﴾ قَالَ: هم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم الدعاة الروَاة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وأولي الْأَمر﴾ قَالَ: أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ ﴿وأولي الْأَمر﴾ قَالَ: أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود
فَقيل لَهُ بِأَيّ شَيْء تَقوله قَالَ: بِالْقُرْآنِ
قَالُوا بِمَاذَا من الْقُرْآن قَالَ: قَول الله ﴿أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ وَكَانَ عمر من أولي الْأَمر قَالَ: أعتقت كَانَت مسْقطًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: على الْمَرْء الْمُسلم السّمع وَالطَّاعَة فِيمَا أحب وَكره إِلَّا أَن يُؤمر بِمَعْصِيَة فَمن أَمر بِمَعْصِيَة فَلَا سمع وَلَا طَاعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سيليكم بعدِي وُلَاة فيليكم الْبر ببره والفاجر بفجره فَاسْمَعُوا لَهُم وَأَطيعُوا فِي كل مَا وَافق الْحق وصلوا وَرَاءَهُمْ فَإِن أَحْسنُوا فَلهم وَلكم وَإِن أساءوا فلكم وَعَلَيْهِم
وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن معَاذًا قَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن كَانَت علينا أُمَرَاء لَا يستنون بسنتك وَلَا يَأْخُذُونَ بِأَمْرك فَمَا تَأمر فِي أَمرهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا طَاعَة لمن لم يطع الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلْقَمَة بن بجزر على بعث أَنا فيهم فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْض الطّرق أذن لطائفة من الْجَيْش وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن حذافة بن قيس السَّهْمِي - وَكَانَ من أَصْحَاب بدر وَكَانَ بِهِ دعابة - فنزلنا بِبَعْض الطَّرِيق وأوقد الْقَوْم نَارا ليصنعوا عَلَيْهَا صنيعاً لَهُم فَقَالَ لَهُم: أَلَيْسَ لي عَلَيْكُم السّمع وَالطَّاعَة قَالُوا: بلَى
قَالَ: فَمَا أَنا آمركُم بِشَيْء إِلَّا صنعتموه قَالُوا: بلَى
قَالَ: أعزم بحقي وطاعتي لما تواثبتم فِي هَذِه النَّار
فَقَامَ نَاس فتحجزوا حَتَّى إِذا ظن أَنهم واثبون قَالَ: احْبِسُوا أَنفسكُم إِنَّمَا كنت أضْحك مَعَهم فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن قدمُوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَمركُم بِمَعْصِيَة فَلَا تطيعوه
وَأخرج ابْن الضريس عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول: من رأى لأحد عَلَيْهِ طَاعَة فِي مَعْصِيّة الله فَلَنْ يقبل الله عمله مَا دَامَ كَذَلِك وَمن رَضِي أَن يَعْصِي الله فَلَنْ يقبل الله عمله مَا دَامَ كَذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ عمر إِذا اسْتعْمل رجلا كتب فِي عَهده: اسمعوا لَهُ وَأَطيعُوا مَا عدل فِيكُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: اسْمَع وأطع وَإِن أَمر عَلَيْك عبد حبشِي مجدع
إِن ضرك فاصبر وَإِن حَرمك فاصبر وَإِن أَرَادَ أمرا ينتقص دينك فَقل: دمي دون ديني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سُفْيَان قَالَ: خَطَبنَا ابْن الزبير فَقَالَ: إِنَّا قد ابتلينا بِمَا قد ترَوْنَ فَمَا أمرناكم بِأَمْر لله فِيهِ طَاعَة فلنا عَلَيْكُم فِيهِ السّمع وَالطَّاعَة وَمَا أمرناكم من أَمر لَيْسَ لله فِيهِ طَاعَة فَلَيْسَ لنا عَلَيْكُم فِيهِ طَاعَة وَلَا نعْمَة عين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ عَن أم الْحصين الأحمسية قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب وَعَلِيهِ برد متلفعاً بِهِ وَهُوَ يَقُول: إِن أَمر عَلَيْكُم عبد حبشِي مجدع فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا مَا قادكم بِكِتَاب الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: حق على الْمُسلمين أَن يسمعوا ويطيعوا ويجيبوا إِذا دعوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لَا طَاعَة لبشر فِي مَعْصِيّة الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا طَاعَة لبشر فِي مَعْصِيّة الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة وَاسْتعْمل عَلَيْهِم رجلا من الْأَنْصَار فَأَمرهمْ أَن يسمعوا لَهُ ويطيعوا
قَالَ: فأغضبوه فِي شَيْء فَقَالَ: اجْمَعُوا لي حطباً
فَجمعُوا لَهُ حطباً
قَالَ: أوقدوا نَارا
فأوقدوا نَارا
قَالَ: ألم يَأْمُركُمْ أَن تسمعوا لَهُ وتطيعوا قَالُوا: بلَى
قَالَ: فادخلوها
فَنظر بَعضهم إِلَى بعض وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النَّار فسكن غَضَبه وطفئت النَّار فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: لَو دخلوها مَا خَرجُوا مِنْهَا إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن أَن زِيَاد اسْتعْمل الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ على جَيش فَلَقِيَهُ عمرَان بن الْحصين فَقَالَ: هَل تَدْرِي فيمَ جئْتُك أما تذكر أَن رَسُول الله صلى
قَالَ: فَإِنَّمَا أردْت أَن أذكرك هَذَا الحَدِيث
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمركُم بِخمْس أَمرنِي الله بِهن: الْجَمَاعَة والسمع وَالطَّاعَة وَالْهجْرَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله
فَمن فَارق الْجَمَاعَة فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه إِلَّا أَن يُرَاجع
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَام أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أطِيعُوا أمراءكم فَإِن أمروكم بِمَا جِئتُكُمْ بِهِ فَإِنَّهُم يؤجرون عَلَيْهِ وتؤجرون بطاعتهم وَإِن أمروكم بِمَا لم آتكم بِهِ فَهُوَ عَلَيْهِم وَأَنْتُم بُرَآء من ذَلِك إِذا لَقِيتُم الله قُلْتُمْ: رَبنَا لَا ظلم
فَيَقُول: لَا ظلم
فتقولون: رَبنَا أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا فأطعناه بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك وَأمرت علينا أُمَرَاء فأطعناهم بإذنك فَيَقُول: صَدقْتُمْ هُوَ عَلَيْهِم وَأَنْتُم مِنْهُ بُرَآء
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون عَلَيْكُم أُمَرَاء تطمئِن إِلَيْهِم الْقُلُوب وتلين لَهُم الْجُلُود ثمَّ يكون عَلَيْكُم أُمَرَاء تشمئز مِنْهُم الْقُلُوب وتقشعر مِنْهُم الْجُلُود
فَقَالَ رجل: أنقاتلهم يَا رَسُول الله قَالَ: لَا
مَا أَقَامُوا الصَّلَاة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ بعدِي أَثَرَة وأموراً تنكرونها
قُلْنَا: فَمَا تَأْمُرنَا يَا رَسُول الله قَالَ: أَدّوا الْحق الَّذِي عَلَيْكُم واسألوا الله الَّذِي لكم
وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّه كَائِن بعدِي سُلْطَان فَلَا تذلوه فَمن أَرَادَ أَن يذله فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه وَلَيْسَ بمقبول مِنْهُ حَتَّى يسد ثلمته الَّتِي ثلم: وَلَيْسَ بفاعل ثمَّ يعود فَيكون فِيمَن يعزه
أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا تغلب على ثَلَاث: أَن نأمر بِالْمَعْرُوفِ وننهي عَن الْمُنكر ونعلم النَّاس السّنَن
وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من فَارق الْجَمَاعَة واستذل الْإِمَارَة لَقِي الله وَلَا وَجه لَهُ عِنْده
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: أمرنَا أكابرنا من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا نسب أمراءنا وَلَا نغشهم وَلَا نعصيهم وَأَن نتقي الله وَنَصْبِر فَإِن الْأَمر قريب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لَا يصلح اللناس إِلَّا أَمِير بر أَو فَاجر
قَالُوا: هَذَا الْبر فَكيف بالفاجر قَالَ: إِن الْفَاجِر يُؤمن الله بِهِ السبل ويجاهد بِهِ الْعَدو وَيَجِيء بِهِ الْفَيْء ويقام بِهِ الْحُدُود ويحج بِهِ الْبَيْت ويعبد الله فِيهِ الْمُسلم آمنا حَتَّى يَأْتِيهِ أَجله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فيقوله ﴿فَإِن تنازعتم فِي شَيْء﴾ قَالَ: فَإِن تنَازع الْعلمَاء ﴿فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول﴾ قَالَ: يَقُول: فَردُّوهُ إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله
ثمَّ قَرَأَ (وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم) (النِّسَاء الْآيَة ٨٢)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن مهْرَان فِي الْآيَة قَالَ: الرَّد إِلَى الله الرَّد إِلَى كِتَابه
وَالرَّدّ إِلَى رَسُوله مَا دَامَ حَيا فَإِذا قبض فَإلَى سنته
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالسُّديّ
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا﴾ يَقُول: ذَلِك أحسن ثَوابًا وَخير عَاقِبَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَأحسن تَأْوِيلا﴾ قَالَ: أحسن جَزَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وَأحسن تَأْوِيلا﴾ قَالَ: عَاقِبَة
الْآيَات ٦٠ - ٦٣
فَأنْزل الله ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا﴾ إِلَى قَوْله ﴿إحساناً وتوفيقاً﴾
وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْجلاس بن الصَّامِت قبل تَوْبَته ومعتب بن قُشَيْر وَرَافِع بن زيد وَبشير كَانُوا يدَّعون الْإِسْلَام فَدَعَاهُمْ رجال من قَومهمْ من الْمُسلمين فِي خُصُومَة كَانَت بَينهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدعوهم إِلَى الْكُهَّان حكام الْجَاهِلِيَّة
فَأنْزل الله فيهم ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ بَين رجل من الْيَهُود وَرجل من الْمُنَافِقين خُصُومَة - وَفِي لفظ: وَرجل مِمَّن زعم أَنه مُسلم - فَجعل الْيَهُودِيّ يَدعُوهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ قد علم أَنه لَا يَأْخُذ الرِّشْوَة فِي الحكم ثمَّ اتفقَا على أَن يتحاكما إِلَى كَاهِن فِي جُهَيْنَة
فَنزلت ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا﴾ الْآيَة
إِلَى قَوْله ﴿ويسلموا تَسْلِيمًا﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: زعم حضرمي أَن رجلا من الْيَهُود كَانَ قد أسلم فَكَانَت بَينه وَبَين رجل من الْيَهُود مدارأة فِي حق
فَقَالَ الْيَهُودِيّ لَهُ: انْطلق إِلَى نَبِي الله
فَعرف أَنه سيقضي عَلَيْهِ فَأبى فَانْطَلقَا إِلَى رجل من الْكُهَّان فتحاكما إِلَيْهِ
فَأنْزل الله ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ﴾ الْآيَة
فَأنْزل الله فيهمَا مَا تَسْمَعُونَ عَابَ ذَلِك على الَّذِي زعم أَنه مُسلم وعَلى صَاحب الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ نَاس من الْيَهُود قد أَسْلمُوا ونافق بَعضهم وَكَانَت قُرَيْظَة وَالنضير فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا قتل الرجل من بني النَّضِير قتلته بَنو قُرَيْظَة قتلوا بِهِ مِنْهُم فَإِذا قتل رجل من بني قُرَيْظَة قتلته النَّضِير أعْطوا دِيَته سِتِّينَ وسْقا من تمر فَلَمَّا أسلم أنَاس من قُرَيْظَة وَالنضير قتل رجل من بني النَّضِير رجلا من بني قُرَيْظَة فَتَحَاكَمُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النضيري: يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا نعطيهم فِي الْجَاهِلِيَّة الدِّيَة فَنحْن نعطيهم الْيَوْم الدِّيَة فَقَالَت قُرَيْظَة: لَا وَلَكنَّا إخْوَانكُمْ فِي النّسَب وَالدّين ودماؤنا مثل دمائكم وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُم تغلبونا فِي الْجَاهِلِيَّة فقد جَاءَ الْإِسْلَام فَأنْزل الله تَعَالَى يعيرهم بِمَا فعلوا فَقَالَ (وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٤٥) يعيرهم ثمَّ ذكر قَول النضيري: كُنَّا نعطيهم فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ وسْقا ونقتل مِنْهُم وَلَا يقتلُون منا فَقَالَ (أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٥٠) فَأخذ النضيري فَقتله بِصَاحِبِهِ
فتفاخرت النَّضِير وَقُرَيْظَة فَقَالَت النَّضِير: نَحن أقرب مِنْكُم
وَقَالَت قُرَيْظَة: نَحن أكْرم مِنْكُم
فَدَخَلُوا الْمَدِينَة إِلَى أبي بَرزَة الكاهن الْأَسْلَمِيّ فَقَالَ المُنَافِقُونَ من قُرَيْظَة وَالنضير: انْطَلقُوا بِنَا إِلَى أبي بَرزَة ينفر بَيْننَا فتعالوا إِلَيْهِ فَأبى المُنَافِقُونَ وَانْطَلَقُوا إِلَى أبي بَرزَة وسألوه فَقَالَ: أعظموا اللُّقْمَة
يَقُول: أعظموا الْخطر
فَقَالُوا لَك عشرَة أوساق قَالَ: لَا بل مائَة وسق ديتي فَإِنِّي أَخَاف أَن أنفر النَّضِير فتقتلني قُرَيْظَة أَو أنفر قُرَيْظَة فتقتلني النَّضِير
فَأَبَوا أَن يعطوه فَوق عشرَة أوساق وأبى أَن يحكم بَينهم فَأنْزل الله ﴿يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت﴾ إِلَى قَوْله ﴿ويسلموا تَسْلِيمًا﴾
رجل من الْيَهُود كَانَ يُقَال لَهُ كَعْب بن الْأَشْرَف وَكَانُوا إِذا مَا دعوا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول ليحكم بَينهم قَالُوا: بل نحاكمهم إِلَى كَعْب
فَذَلِك قَوْله ﴿يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: تنَازع رجل من الْمُنَافِقين وَرجل من الْيَهُود فَقَالَ الْمُنَافِق: اذْهَبْ بِنَا إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف وَقَالَ الْيَهُودِيّ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: كَانَ رجلَانِ من أصَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا خُصُومَة أَحدهمَا مُؤمن وَالْآخر مُنَافِق فَدَعَاهُ الْمُؤمن إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدعَاهُ الْمُنَافِق إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف
فَأنْزل الله ﴿وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول رَأَيْت الْمُنَافِقين يصدون عَنْك صدوداً﴾
وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا﴾ الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل من الْمُنَافِقين يُقَال لَهُ بشر خَاصم يَهُودِيّا فَدَعَاهُ الْيَهُودِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدعَاهُ الْمُنَافِق إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف ثمَّ إنَّهُمَا احْتَكَمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى لِلْيَهُودِيِّ فَلم يرض الْمُنَافِق
وَقَالَ: تعال نَتَحَاكَم إِلَى عمر بن الْخطاب
فَقَالَ الْيَهُودِيّ لعمر: قضى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يرض بِقَضَائِهِ
فَقَالَ لِلْمُنَافِقِ: أَكَذَلِك قَالَ: نعم
فَقَالَ عمر: مَكَانكُمَا حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا
فَدخل عمر فَاشْتَمَلَ على سَيْفه ثمَّ خرج فَضرب عنق الْمُنَافِق حَتَّى برد ثمَّ قَالَ: هَكَذَا أَقْْضِي لمن لم يرض بِقَضَاء الله وَرَسُوله: فَنزلت
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت﴾ قَالَ: هُوَ كَعْب بن الْأَشْرَف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: الطاغوت والشيطان فِي صُورَة إِنْسَان يتحاكمون إِلَيْهِ وَهُوَ صَاحب أَمرهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: سَأَلت جَابر بن عبد الله عَن الطواغيت الَّتِي كَانُوا يتحاكون إِلَيْهَا قَالَ: إِن فِي جُهَيْنَة وَاحِدًا وَفِي أسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول﴾ قَالَ: دَعَا الْمُسلم الْمُنَافِق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحكم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿يصدون عَنْك صدوداً﴾ قَالَ: الصدود: الْإِعْرَاض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿فَكيف إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة﴾ فِي أنفسهم وَبَين ذَلِك مَا بَينهمَا من الْقُرْآن هَذَا من تَقْدِيم الْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿أَصَابَتْهُم مُصِيبَة﴾ يَقُول: بِمَا قدمت أَيْديهم فِي أنفسهم وَبَين ذَلِك مَا بَين ذَلِك قل لَهُم قولا بليغاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن ﴿فَكيف إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة بِمَا قدمت أَيْديهم﴾ قَالَ: عُقُوبَة لَهُم بنفاقهم وكرههم حكم الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿فَأَعْرض عَنْهُم﴾ ذَلِك لقَوْله ﴿وَقل لَهُم فِي أنفسهم قولا بليغا﴾
الْآيَة ٦٤
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج ﴿ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ﴾ قال : دعا المسلم المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله ﴿ يصدون عنك صدودا ﴾ قال : الصدود : الإعراض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ﴿ أصابتهم مصيبة ﴾ يقول : بما قدمت أيديهم في أنفسهم، وبين ذلك ما بين ذلك " قل لهم قولا بليغا ".
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ﴿ فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ﴾ قال : عقوبة لهم بنفاقهم وكرههم حكم الله.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم﴾ الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الرجل الْيَهُودِيّ وَالرجل الْمُسلم اللَّذين تحاكما إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الاسْتِغْفَار على نحوين: أَحدهمَا فِي القَوْل وَالْآخر فِي الْعَمَل
فَأَما اسْتِغْفَار القَوْل فَإِن الله يَقُول ﴿وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لَهُم الرَّسُول﴾ وَأما
الْآيَة ٦٥
فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: سرح المَاء يمر
فَأبى عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْقِ يَا زبير ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك
فَغَضب الْأنْصَارِيّ وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن كَانَ ابْن عَمَّتك فتلوّن وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زبير ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك
واسترعى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للزبير حَقه وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل ذَلِك أَشَارَ على الزبير بِرَأْي أَرَادَ فِيهِ السعَة لَهُ وللأنصاري فَلَمَّا أحفظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأنْصَارِيّ استرعى للزبير حَقه فِي صَرِيح الحكم فَقَالَ الزبير: مَا أَحسب هَذِه الْآيَة نزلت إِلَّا فِي ذَلِك ﴿فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يحكِّموك فِيمَا شجر بَينهم﴾ الْآيَة
وَأخرج الْحميدِي فِي مُسْنده وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أم سَلمَة قَالَت: خَاصم الزبير رجلا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى للزبير
فَقَالَ الرجل: إِنَّمَا قضى لَهُ لِأَنَّهُ ابْن عمته
فَأنْزل الله ﴿فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله ﴿فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ﴾ الْآيَة
قَالَ: أنزلت فِي الزبير بن الْعَوام وحاطب بن أبي بلعتة اخْتَصمَا فِي مَاء فَقضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْقِي الْأَعْلَى ثمَّ الْأَسْفَل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَلَا وَرَبك﴾ الْآيَة
قَالَ: هَذَا فِي الرجل الْيَهُودِيّ وَالرجل الْمُسلم اللَّذين تحاكما إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ مثله إِلَّا أَنه قَالَ: إِلَى الكاهن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود قَالَ: اخْتصم رجلَانِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى بَينهمَا فَقَالَ الَّذِي قضي عَلَيْهِ: ردنا إِلَى عمر بن الْخطاب
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم انْطَلقَا إِلَى عمر
فَلَمَّا أَتَيَا عمر قَالَ الرجل: يَا ابْن الْخطاب قضى لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هَذَا فَقَالَ: ردنا إِلَى عمر فَرَدَّنَا إِلَيْك
فَقَالَ: أَكَذَلِك قَالَ: نعم
فَقَالَ عمر: مَكَانكُمَا حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا فأقضي بَيْنكُمَا فَخرج إِلَيْهِمَا مُشْتَمِلًا على سَيْفه فَضرب الَّذِي قَالَ: ردنا إِلَى عمر فَقتله وَأدبر الآخر فَارًّا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله قتل عمر - وَالله - صَاحِبي وَلَوْلَا أَنِّي أَعْجَزته لَقَتَلَنِي
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا كنت أَظن أَن يجترىء عمر على قتل مُؤمنين فَأنْزل الله ﴿فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ﴾ الْآيَة
فَهدر دم ذَلِك الرجل وبرأ عمر من قَتله فكره الله أَن يسن ذَلِك بعد فَقَالَ (وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم) (النِّسَاء الْآيَة ٦٦) إِلَى قَوْله (وَأَشد تثبيتاً)
وَأخرج الْحَافِظ دُحَيْم فِي تَفْسِيره عَن عتبَة بن ضَمرَة عَن أَبِيه أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى للمحق على الْمُبْطل
فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ: لَا أرْضى
فَقَالَ صَاحبه: فَمَا تُرِيدُ قَالَ: أَن تذْهب إِلَى أبي بكر الصّديق
فذهبا إِلَيْهِ فَقَالَ: أَنْتُمَا على مَا قضى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأبى أَن يرضى قَالَ: نأتي عمر
فَأتيَاهُ فَدخل عمر منزله وَخرج وَالسيف فِي يَده فَضرب بِهِ رَأس الَّذِي أَبى أَن يرضى فَقتله وَأنزل الله ﴿فَلَا وَرَبك﴾ الْآيَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن مَكْحُول قَالَ: كَانَ بَين رجل من الْمُنَافِقين وَرجل من الْمُسلمين مُنَازعَة فِي شَيْء فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى على الْمُنَافِق فَانْطَلقَا إِلَى أبي بكر فَقَالَ: مَا كنت لأقضي بَين من يرغب عَن قَضَاء
فَأتى جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن عمر قد قتل الرجل وَفرق الله بَين الْحق وَالْبَاطِل على لِسَان عمر
فَسُمي الْفَارُوق
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿فِيمَا شجر بَينهم﴾ قَالَ: فِيمَا أشكل عَلَيْهِم
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زهيراً وَهُوَ يَقُول: مَتى تشتجر قوم تقل سراتهم هم بَيْننَا فهم رضَا وَهُوَ عدل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿حرجاً﴾ قَالَ: شكا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر فِي قَوْله ﴿حرجاً﴾ قَالَ: إِثْمًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ الرجل الَّذِي خَاصم الزبير وَكَانَ من الْأَنْصَار: سلمت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه نَازع الْأَنْصَار فِي المَاء من المَاء فَقَالَ لَهُم: أَرَأَيْت لَو أَنِّي علمت أَن مَا تَقولُونَ كَمَا تَقولُونَ واغتسل أَنا فَقَالُوا لَهُ: لَا وَالله حَتَّى لَا يكون فِي صدرك حرج مِمَّا قضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَالله أعلم
الْآيَات ٦٦ - ٦٨
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان فِي قَوْله ﴿وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: افتخر ثَابت بن قيس بن شماس وَرجل من الْيَهُود فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالله لقد كتب الله علينا أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم فَقَتَلْنَا أَنْفُسنَا فَقَالَ ثَابت: وَالله لَو كتب الله علينا أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم لقتلنا أَنْفُسنَا
فَأنْزل الله فِي هَذَا ﴿وَلَو أَنهم فعلوا مَا يوعظون بِهِ لَكَانَ خيرا لَهُم وَأَشد تثبيتاً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن إِسْحَاق السبيعِي قَالَ: لما نزلت ﴿وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم﴾ الْآيَة
قَالَ رجل: لَو أمرنَا لفعلنَا وَالْحَمْد لله الَّذِي عَافَانَا فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن من أمتِي لَرِجَالًا الْإِيمَان أثبت فِي قُلُوبهم من الْجبَال الرواسِي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن زيد بن الْحسن قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم﴾ قَالَ نَاس من الْأَنْصَار: وَالله لَو كتبه الله علينا لقبلنا الْحَمد لله الَّذِي عَافَانَا ثمَّ الْحَمد لله الَّذِي عَافَانَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْإِيمَان أثبت فِي قُلُوب رجال من الْأَنْصَار من الْجبَال الرواسِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هِشَام عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم﴾ قَالَ أنَاس من الصَّحَابَة: لَو فعل رَبنَا
فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: للْإيمَان أثبت فِي قُلُوب أَهله من الْجبَال الرواسِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت ﴿وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم﴾ قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله - وَالله - لَو أَمرتنِي أَن أقتل نَفسِي لفَعَلت
قَالَ: صدقت يَا أَبَا بكر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شُرَيْح بن عبيد قَالَ لما تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة ﴿وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم أَو اخْرُجُوا من دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُم﴾ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عبد الله بن رَوَاحَة فَقَالَ: لَو أَن الله كتب ذَلِك لَكَانَ هَذَا من أُولَئِكَ الْقَلِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو نزلت كَانَ ابْن أم عبد مِنْهُم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: عبد الله بن مَسْعُود وعمار بن يَاسر: يَعْنِي من أُولَئِكَ الْقَلِيل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَأَشد تثبيتاً﴾ قَالَ: تَصْدِيقًا
الْآيَتَانِ ٦٩ - ٧٠
فَلم يرد عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا حَتَّى نزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم﴾ الْآيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أحبك حَتَّى أذكرك فلولا أَنِّي أجيء فَأنْظر إِلَيْك ظَنَنْت أَن نَفسِي تخرج وأذكر أَنِّي إِن دخلت الْجنَّة صرت دُونك فِي الْمنزلَة فَيشق عليَّ وَأحب أَن أكون مَعَك فِي الدرجَة
فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَأنْزل الله ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَلَاهَا عَلَيْهِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَالله لأَنْت أحب إليَّ من نَفسِي وَوَلَدي وَأَهلي وَمَالِي وَلَوْلَا أَنِّي آتِيك فَأَرَاك لظَنَنْت أَنِّي سأموت
وَبكى الْأنْصَارِيّ فَقَالَ لَهُ النَّبِي
فَلم يُخبرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَيْء فَأنْزل الله على رَسُوله ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم﴾ إِلَى قَوْله ﴿عليماً﴾ فَقَالَ: أبشر يَا أَبَا فلَان
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ رجل من الْأَنْصَار إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محزون فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا فلَان مَا لي أَرَاك مَحْزُونا قَالَ: يَا نَبِي الله شَيْء فَكرت فِيهِ فَقَالَ: مَا هُوَ قَالَ: نَحن نغدو عَلَيْك وَنَرُوح نَنْظُر فِي وَجهك وَنُجَالِسك غَدا ترفع مَعَ النَّبِيين فَلَا نصل إِلَيْك
فَلم يرد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول﴾ إِلَى قَوْله ﴿رَفِيقًا﴾ قَالَ: فَبعث إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبشره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق قَالَ: قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله مَا يَنْبَغِي لنا أَن نُفَارِقك فِي الدِّينَا فَإنَّك لَو قدمت رفعت فَوْقنَا فَلم نرك
فَأنْزل الله ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَتَى فَتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله: إِن لنا فِيك نظرة فِي الدِّينَا وَيَوْم الْقِيَامَة لَا نرَاك لِأَنَّك فِي الْجنَّة فِي الدَّرَجَات العلى
فَأنْزل الله ﴿وَمن يطع الله﴾ الْآيَة
فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت معي فِي الْجنَّة إِن شَاءَ الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا قَالُوا: هَذَا نَبِي الله نرَاهُ فِي الدِّينَا فَأَما فِي الْآخِرَة فيرفع بفضله فَلَا نرَاهُ
فَأنْزل الله ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول﴾ إِلَى قَوْله ﴿رَفِيقًا﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: قَالَ نَاس من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله إِذا أدْخلك الله الْجنَّة فَكنت فِي أَعْلَاهَا وَنحن نشتاق إِلَيْك فَكيف نصْنَع فَأنْزل الله ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: قد علمنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ فضل على من آمن بِهِ فِي دَرَجَات الْجنَّة مِمَّن تبعه وَصدقه فَكيف لَهُم إِذا اجْتَمعُوا فِي الْجنَّة أَن يرى بَعضهم بَعْضًا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ
وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ربيعَة بن كَعْب الْأَسْلَمِيّ قَالَ: كنت أَبيت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فآتيه بوضوئه وَحَاجته فَقَالَ لي: سل
فَقلت: يَا رَسُول الله أَسَالَك مرافقتك فِي الْجنَّة
قَالَ: أَو غير ذَلِك قلت: هُوَ ذَاك
قَالَ: فأعني على نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود
وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن مرّة الْجُهَنِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَصليت الْخمس وَأديت زَكَاة مَالِي وَصمت رَمَضَان
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ على هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة هَكَذَا - وَنصب أصبعيه - مَا لم يعق وَالِديهِ
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ ألف آيَة فِي سَبِيل الله كتب يَوْم الْقِيَامَة مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا إِن شَاءَ الله
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من نَبِي يمرض إِلَّا خير بَين الدِّينَا وَالْآخِرَة وَكَانَ فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ أَخَذته بحة شَدِيدَة فَسَمعته يَقُول ﴿مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ﴾ فَعلمت أَنه خيِّر
وَأخرج ابْن جرير عَن الْمِقْدَاد قَالَ: قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت فِي أَزوَاجك: إِنِّي لأرجو لَهُنَّ من بعدِي الصديقين
قَالَ: من تعنون الصديقين قلت: أَوْلَادنَا الَّذين هَلَكُوا صغَارًا
قَالَ: لَا وَلَكِن الصديقين هم المصدقون
الْآيَات ٧١ - ٧٦
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فانفروا ثبات﴾ قَالَ: عصباً يَعْنِي سَرَايَا مُتَفَرّقين ﴿أَو انفروا جَمِيعًا﴾ يَعْنِي كلكُمْ
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿فانفروا ثبات﴾ قَالَ: عشرَة فَمَا فَوق ذَلِك
قَالَ وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عَمْرو بن كُلْثُوم التغلبي وَهُوَ يَقُول: فَأَما يَوْم خشيتنا عَلَيْهِم فَتُصْبِح خلينا عصباً ثباتا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قي سُورَة النِّسَاء ﴿خُذُوا حذركُمْ فانفروا ثبات أَو انفروا جَمِيعًا﴾ عصباً وفرقاً
قَالَ: نسخهَا (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة) (الْأَنْعَام الْآيَة ١٤١) الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ثبات﴾ قَالَ: فرقا قَلِيلا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿فانفروا ثبات﴾ قَالَ: هِيَ الْعصبَة وَهِي الثبة ﴿أَو انفروا جَمِيعًا﴾ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما﴾ مَا بَين ذَلِك فِي الْمُنَافِق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ﴿وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن﴾ قَالَ: هُوَ فِيمَا بلغنَا عبد الله بن أُبي بن سلول رَأس الْمُنَافِقين ﴿ليبطئن﴾ قَالَ: ليتخلفن عَن الْجِهَاد ﴿فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة﴾ من الْعَدو وَجهد من الْعَيْش ﴿قَالَ قد أنعم الله عَليّ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا﴾ فيصيبني مثل الَّذِي أَصَابَهُم من الْبلَاء والشدة ﴿وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله﴾ يَعْنِي فتحا وغنيمة وسعة فِي الرزق ﴿ليَقُولن﴾ الْمُنَافِق وَهُوَ نادم فِي التَّخَلُّف ﴿كَأَن لم تكن بَيْنكُم وَبَينه مَوَدَّة﴾ يَقُول: كَأَنَّهُ لَيْسَ من أهل دينكُمْ فِي الْمَوَدَّة فَهَذَا من التَّقْدِيم ﴿يَا لَيْتَني كنت مَعَهم فأفوز فوزاً عَظِيما﴾ يَعْنِي آخذ من الْغَنِيمَة نَصِيبا وافراً
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن﴾ عَن الْجِهَاد وَعَن الْغَزْو فِي سَبِيل الله ﴿فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قَالَ قد أنعم الله عَليّ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا﴾ قَالَ: هَذَا قَول مكذب ﴿وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله ليَقُولن﴾ الْآيَة
قَالَ: هَذَا قَول حَاسِد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن﴾ قَالَ: الْمُنَافِق يبطىء الْمُسلمين عَن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله ﴿فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة﴾ قَالَ: بقتل الْعَدو من الْمُسلمين ﴿قَالَ قد أنعم الله عَليّ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا﴾ قَالَ: هَذَا قَول الشامت ﴿وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله﴾ ظهر الْمُسلمُونَ على عدوهم وَأَصَابُوا مِنْهُم غنيمَة ﴿ليَقُولن﴾ الْآيَة
قَالَ: قَول الْحَاسِد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿الَّذين يشرون الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة﴾ يَقُول: يبيعون الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿فليقاتل﴾ يَعْنِي يُقَاتل الْمُشْركين ﴿فِي سَبِيل الله﴾ قَالَ: فِي طَاعَة الله ﴿وَمن يُقَاتل فِي سَبِيل الله فَيقْتل﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمَا لكم لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ قَالَ: وسبيل الْمُسْتَضْعَفِينَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المستضعفون: أنَاس مُسلمُونَ كَانُوا بِمَكَّة لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يخرجُوا مِنْهَا
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الْمُؤْمِنُونَ أَن يقاتلوا عَن مستضعفين مُؤمنين كَانُوا بِمَكَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة فِي قَوْله ﴿رَبنَا أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا﴾ قَالَ: مَكَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة ﴿وَاجعَل لنا من لَدُنْك نَصِيرًا﴾ قَالَا: حجَّة ثَابِتَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَالَّذين كفرُوا يُقَاتلُون فِي سَبِيل الطاغوت﴾ يَقُول فِي سَبِيل الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ الشَّيْطَان فَلَا تخافوه واحملوا عَلَيْهِ ﴿إِن كيد الشَّيْطَان كَانَ ضَعِيفا﴾ قَالَ مُجَاهِد: كَانَ الشَّيْطَان يتَرَاءَى لي فِي الصَّلَاة
فَكنت أذكر قَول ابْن عَبَّاس فأحمل عَلَيْهِ فَيذْهب عني
الْآيَة ٧٧
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان ﴿ وإن منكم لمن ليبطئن ﴾ قال : هو فيما بلغنا عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين ﴿ ليبطئن ﴾ قال : ليتخلفن عن الجهاد ﴿ فإن أصابتكم مصيبة ﴾ من العدو وجهد من العيش ﴿ قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ﴾ فيصيبني مثل الذي أصابهم من البلاء والشدة ﴿ ولئن أصابكم فضل من الله ﴾ يعني فتحا وغنيمة وسعة في الرزق ﴿ ليقولن ﴾ المنافق وهو نادم في التخلف ﴿ كأن لم يكن بينكم وبينه مودة ﴾ يقول : كأنه ليس من أهل دينكم في المودة فهذا من التقديم ﴿ يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ﴾ يعني آخذ من الغنيمة نصيبا وافرا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وإن منكم لمن ليبطئن ﴾ عن الجهاد وعن الغزو في سبيل الله ﴿ فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ﴾ قال : هذا قول مكذب. ﴿ ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن... ﴾ الآية. قال : هذا قول حاسد.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج ﴿ وإن منكم لمن ليبطئن ﴾ قال : المنافق يبطئ المسلمين عن الجهاد في سبيل الله ﴿ فإن أصابتكم مصيبة ﴾ قال : بقتل العدو من المسلمين ﴿ قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ﴾ قال : هذا قول الشامت ﴿ ولئن أصابكم فضل من الله ﴾ ظهر المسلمون على عدوهم وأصابوا منهم غنيمة ﴿ ليقولن. . . ﴾ الآية. قال : قول الحاسد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ﴿ الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ﴾ يقول : يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : المستضعفون : أناس مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا منها.
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : أمر المؤمنون أن يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في قوله ﴿ ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ﴾ قال : مكة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس. مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة ﴿ واجعل لنا من لدنك نصيرا ﴾ قالا : حجة ثابتة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : إذا رأيتم الشيطان فلا تخافوه واحملوا عليه ﴿ إن كيد الشيطان كان ضعيفا ﴾ قال مجاهد : كان الشيطان يتراءى لي في الصلاة. فكنت أذكر قول ابن عباس، فأحمل عليه، فيذهب عني.
فَقَالَ: إِنِّي أمرت بِالْعَفو فَلَا تقاتلوا الْقَوْم
فَلَمَّا حوله الله إِلَى الْمَدِينَة أمره الله بِالْقِتَالِ فكفوا
فَأنْزل الله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وهم يَوْمئِذٍ بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة - يُسَارِعُونَ إِلَى الْقِتَال فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذرنا نتَّخذ معاول نُقَاتِل بهَا الْمُشْركين
وَذكر لنا إِن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَانَ فِيمَن قَالَ ذَلِك فنهاهم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك قَالَ: لم أومر بذلك
فَلَمَّا كَانَت الْهِجْرَة وَأمرُوا بِالْقِتَالِ كره الْقَوْم ذَلِك وصنعوا فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ قَالَ الله تَعَالَى ﴿قل مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل وَالْآخِرَة خير لمن اتَّقى وَلَا تظْلمُونَ فتيلاً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هم قوم أَسْلمُوا قبل أَن يفْرض عَلَيْهِم الْقِتَال وَلم يكن عَلَيْهِم إِلَّا الصَّلَاة وَالزَّكَاة فسألوا الله أَن يفْرض عَلَيْهِم الْقِتَال
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿لاتّبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا﴾ مَا بَين ذَلِك فِي يهود
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَلَمَّا كتب عَلَيْهِم الْقِتَال إِذا فريق مِنْهُم﴾ الْآيَة
قَالَ: نهى الله هَذِه الْأمة أَن يصنعوا صنيعهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِلَى أجل قريب﴾ قَالَ: هُوَ الْمَوْت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿إِلَى أجل قريب﴾ أَي إِلَى أَن يَمُوت موتا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن هِشَام قَالَ: قَرَأَ الْحسن ﴿قل مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل﴾ قَالَ: رحم الله عبدا صحبها على ذَلِك مَا الدِّينَا كلهَا من أَولهَا إِلَى آخرهَا إِلَّا كَرجل نَام نومَة فَرَأى فِي مَنَامه بعض مَا يحب ثمَّ انتبه فَلم يرَ شَيْئا
الْآيَتَانِ ٧٨ - ٧٩
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة﴾ يَقُول فِي قُصُور مُحصنَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة ﴿فِي بروج مشيدة﴾ قَالَ: المجصصة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿فِي بروج مشيدة﴾ قَالَ: هِيَ قُصُور بيض فِي سَمَاء الدُّنْيَا مبينَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة ﴿فِي بروج مشيدة﴾ قَالَ: قُصُور فِي السَّمَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان فِي الْآيَة قَالَ: يرَوْنَ أَن هَذِه البروج فِي السَّمَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة وَكَانَ لَهَا أجِير فَولدت الْمَرْأَة فَقَالَت لأجيرها: انْطلق فاقتبس لي نَارا فَانْطَلق الْأَجِير فَإِذا هُوَ برجلَيْن قَائِمين على الْبَاب فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: وَمَا ولدت فَقَالَ: ولدت جَارِيَة
فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه لَا تَمُوت هَذِه الْجَارِيَة حَتَّى تَزني بِمِائَة ويتزوّجها الْأَجِير وَيكون مَوتهَا بعنكبوت
فَقَالَ الْأَجِير: أما وَالله لأكذبن حَدِيثهمَا فَرمى بِمَا فِي يَده وَأخذ السكين فشحذها وَقَالَ:
وَركب الْأَجِير رَأسه فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث وَأصَاب الْأَجِير مَالا فَأَرَادَ أَن يطلع أرضه فَينْظر من مَاتَ مِنْهُم وَمن بَقِي فَأقبل حَتَّى نزل على عَجُوز وَقَالَ للعجوز: أبغي لي أحسن امْرَأَة فِي الْبَلَد أُصِيب مِنْهَا وأعطيها فَانْطَلَقت الْعَجُوز إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَة وَهِي أحسن جَارِيَة فِي الْبَلَد فدعتها إِلَى الرجل وَقَالَت: تصيبين مِنْهُ مَعْرُوفا فَأَبت عَلَيْهَا وَقَالَت: إِنَّه قد كَانَ ذَاك مني فِيمَا مضى فَأَما الْيَوْم فقد بدا لي أَن لَا أفعل
فَرَجَعت إِلَى الرجل فَأَخْبَرته فَقَالَ: فاخطيبها لي
فَخَطَبَهَا وتزوجهت فأعجب بهَا
فَلَمَّا أنس إِلَيْهَا حدثها حَدِيثه فَقَالَت: وَالله لَئِن كنت صَادِقا لقد حَدَّثتنِي أُمِّي حَدِيثك وَإِنِّي لتِلْك الْجَارِيَة
قَالَ: أنتِ قَالَت: أَنا
قَالَ: وَالله لَئِن كنتِ أنتِ إِن بكِ لعلامة لَا تخفى
فكشف بَطنهَا فَإِذا هُوَ بأثر السكين فَقَالَ: صدقني وَالله الرّجلَانِ وَالله لقد زَنَيْت بِمِائَة وَإِنِّي أَنا الْأَجِير وَقد تزوّجتك ولتكونن الثَّالِثَة وليكونن موتك بعنكبوت
فَقَالَت: وَالله لقد كَانَ ذَاك مني وَلَكِن لَا أَدْرِي مائَة أَو أقل أَو أَكثر
فَقَالَ: وَالله مَا نقص وَاحِدًا وَلَا زَاد وَاحِدًا ثمَّ انْطلق إِلَى نَاحيَة الْقرْيَة فَبنى فِيهِ مَخَافَة العنكبوت فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث حَتَّى إِذا جَاءَ الْأَجَل ذهب ينظر فَإِذا هُوَ بعنكبوت فِي سقف الْبَيْت وَهِي إِلَى جَانِبه فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأرى العنكبوت فِي سقف الْبَيْت
فَقَالَت: هَذِه الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهَا تقتلني وَالله لأقتلنها قبل أَن تقتلني
فَقَامَ الرجل فزاولها وَأَلْقَاهَا فَقَالَت: وَالله لَا يَقْتُلهَا أحد غَيْرِي فَوضعت أصبعها عَلَيْهَا فشدختها فطار السم حَتَّى وَقع بَين الظفر وَاللَّحم فاسودت رجلهَا فَمَاتَتْ وَأنزل الله على نبيه حِين بعث ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَأَن تصبهم حَسَنَة﴾ يَقُول: نعْمَة ﴿وَإِن تصبهم سَيِّئَة﴾ قَالَ: مُصِيبَة ﴿قل كل من عِنْد الله﴾ قَالَ: النعم والمصائب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة ﴿وَإِن تصبهم حَسَنَة يَقُولُوا هَذِه من عِنْد الله وَإِن تصبهم سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِه من عنْدك﴾ قَالَ: هَذِه فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء
وَفِي قَوْله ﴿مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك﴾ قَالَ: هَذِه فِي الْحَسَنَات والسيئات
قَالَ: إِن هَذِه الْآيَات نزلت فِي شَأْن الْحَرْب ﴿قل كل من عِنْد الله﴾ قَالَ: النَّصْر والهزيمة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿قل كل من عِنْد الله﴾ يَقُول: الْحَسَنَة والسيئة من عِنْد الله أما الْحَسَنَة فأنعم بهَا عَلَيْك وَأما السَّيئَة فابتلاك الله بهَا
وَفِي قَوْله ﴿مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله﴾ قَالَ: مَا فتح الله عَلَيْهِ يَوْم بدر وَمَا أصَاب من الْغَنِيمَة وَالْفَتْح ﴿وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة﴾ قَالَ: مَا أَصَابَهُ يَوْم أحد أَن شج فِي وَجهه وَكسرت رباعيته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطرف بن عبد الله قَالَ: مَا تُرِيدُونَ من الْقدر مَا يكفيكم الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ﴿وَإِن تصبهم حَسَنَة﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك﴾ قَالَ: هَذَا يَوْم أحد يَقُول: مَا كَانَت من نكبة فبذنبك وَأَنا قدرت ذَلِك عَلَيْك
وَأخرج سعيد ين مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح ﴿وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك﴾ وَأَنا قدرتها عَلَيْك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك﴾ قَالَ: عُقُوبَة بذنبك يَا ابْن آدم
قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: لَا يُصِيب رجلا خدش عود وَلَا عَثْرَة قدم وَلَا اخْتِلَاج عرق إِلَّا بذنب وَمَا يعْفُو الله عَنهُ أَكثر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك﴾ قَالَ: بذنبك كَمَا قَالَ لأهل أحد (أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها قُلْتُمْ أَنى هَذَا قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم) (التَّوْبَة الْآيَة ١٢٢) بذنوبكم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب وَعبد الله بن مَسْعُود مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك وَأَنا كتبتها عَلَيْك
الْآيَة ٨٠
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية ﴿ وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك ﴾ قال : هذه في السراء والضراء. وفي قوله ﴿ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾ قال : هذه في الحسنات والسيئات.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ﴿ وإن تصبهم حسنة. . . ﴾ الآية. قال : إن هذه الآيات نزلت في شأن الحرب ﴿ قل كل من عند الله ﴾ قال : النصر والهزيمة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ﴿ قل كل من عند الله ﴾ يقول : الحسنة والسيئة من عند الله، أما الحسنة فأنعم بها عليك، وأما السيئة فابتلاك الله بها. وفي قوله ﴿ ما أصابك من حسنة فمن الله ﴾ قال : ما فتح الله عليه يوم بدر وما أصاب من الغنيمة والفتح ﴿ وما أصابك من سيئة ﴾ قال : ما أصابه يوم أحد أن شج في وجهه وكسرت رباعيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف بن عبد الله قال : ما تريدون من القدر ما يكفيكم، الآية التي في سورة النساء ﴿ وإن تصبهم حسنة. . ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿ وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾ قال : هذا يوم أحد يقول : ما كانت من نكبة فبذنبك وأنا قدرت ذلك عليك.
وأخرج سعيد ين منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح ﴿ وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾ وأنا قدرتها عليك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾ قال : عقوبة بذنبك يا ابن آدم. قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :" لا يصيب رجلا خدش عود، ولا عثرة قدم، ولا اختلاج عرق، إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر ".
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ﴿ وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾ قال : بذنبك كما قال لأهل أحد ( أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ) ( التوبة الآية ١٢٢ ) بذنوبكم.
وأخرج ابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد قال : هي في قراءة أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك ".
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد. أن ابن عباس كان يقرأ " وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك " قال مجاهد : وكذلك في قراءة أبي وابن مسعود.
قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَن الله أنزل فِي كِتَابه أَنه من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله قَالُوا: بلَى نشْهد أَنه من أطاعك فقد أطَاع الله وَإِن من طَاعَته طَاعَتك
قَالَ: فَإِن من طَاعَة الله أَن تطيعوني وَإِن من طَاعَتي أَن تطيعوا أئمتكم وَإِن صلوا قعُودا فصلوا قعُودا أَجْمَعِينَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن الْمُنْذر عَن ربيع بن خُثيم قَالَ: حرف وَأَيّمَا حرف ﴿من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله﴾ فوض إِلَيْهِ فَلَا يَأْمر إِلَّا بِخَير
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِم حفيظاً﴾ قَالَ: هَذَا أول مَا بَعثه قَالَ: إِن عَلَيْك إِلَّا الْبَلَاغ ثمَّ جَاءَ بعد هَذَا يَأْمُرهُ بجهادهم والغلظة عَلَيْهِم حَتَّى يسلمُوا
الْآيَة ٨١
قَالَ: هم أنَاس كَانُوا يَقُولُونَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَة﴾ قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ الَّذين يَقُولُونَ إِذا حَضَرُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَمرهمْ بِأَمْر قَالُوا: طَاعَة فَإِذا خَرجُوا غيرت طَائِفَة مِنْهُم مَا يَقُول النَّبِي ﴿وَالله يكْتب مَا يبيتُونَ﴾ يَقُول: مَا يَقُولُونَ
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول﴾ قَالَ: غير أُولَئِكَ مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس ﴿بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول﴾ يغيرون مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَالله يكْتب مَا يبيتُونَ﴾ يغيرون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿بَيت طَائِفَة مِنْهُم﴾ قَالَ: هم أهل النِّفَاق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول﴾ قَالَ: يغيرون مَا عهدوا إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُثْمَان بن عَطاء عَن أَبِيه ﴿وَالله يكْتب مَا يبيتُونَ﴾ قَالَ: يغيرون مَا يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْآيَة ٨٢
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا﴾ يَقُول: إِن قَول الله لَا يخْتَلف وَهُوَ حق لَيْسَ فِيهِ بَاطِل وَإِن قَول النَّاس يخْتَلف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ: سَمِعت ابْن
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: إِن الْقُرْآن لَا يكذب بعضه بَعْضًا وَلَا ينْقض بعضه بَعْضًا مَا جهل النَّاس من أمره فَإِنَّمَا هُوَ من تَقْصِير عُقُولهمْ وجهالتهم وَقَرَأَ ﴿وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا﴾ قَالَ: فَحق على الْمُؤمن أَن يَقُول: كل من عِنْد الله يُؤمن بالمتشابه وَلَا يضْرب بعضه بِبَعْض إِذا جهل أمرا وَلم يعرفهُ أَن يَقُول: الَّذِي قَالَ الله حق وَيعرف أَن الله لم يقل قولا وَينْقص يَنْبَغِي أَن يُؤمن بِحَقِيقَة مَا جَاءَ من عِنْد الله
الْآيَة ٨٣
وَنزلت هَذِه الْآيَة فِي ﴿وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ فَكنت أَنا استنبطت ذَلِك الْأَمر
وأحرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ﴾ يَقُول: أفشوه وَسعوا بِهِ ﴿وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ يَقُول: لعلمه الَّذين يتجسسونه مِنْهُم
وَأخرج ابْن جريج وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ﴾ قَالَ: هَذَا فِي الْإِخْبَار إِذا غزت سَرِيَّة من الْمُسلمين خبر النَّاس عَنْهَا فَقَالُوا: أصَاب الْمُسلمين من عدوهم كَذَا
قَالَ ابْن جريج: قَالَ ابْن عَبَّاس: ﴿أذاعوا بِهِ﴾ أعلنوه وأفشوه ﴿وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول﴾ حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يُخْبِرهُمْ بِهِ ﴿وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم﴾ أولي الْفِقْه فِي الدّين وَالْعقل
وَأخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف﴾ يَقُول: إِذا جَاءَهُم أَمر أَنهم قد أمنُوا من عدوهم أَو أَنهم خائفون مِنْهُ أذاعوا بِالْحَدِيثِ حَتَّى يبلغ عدوهم أَمرهم ﴿وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول﴾ يَقُول: وَلَو سكتوا وردوا الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم﴾ يَقُول: إِلَى أَمِيرهمْ حَتَّى يتَكَلَّم بِهِ ﴿لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ يَعْنِي عَن الْأَخْبَار وهم الَّذين ينقرون عَن الْأَخْبَار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿وَإِذا جَاءَهُم أَمر﴾ قَالَ: هم أهل النِّفَاق
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي معَاذ مثله
وَأخرج عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿أذاعوا بِهِ﴾ قَالَ: نشروه
قَالَ: وَالَّذين أذاعوا بِهِ قوم إمَّا مُنَافِقُونَ وَإِمَّا آخَرُونَ ضعفاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم﴾ يَقُول: إِلَى عُلَمَائهمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الْوُلَاة الَّذين يكونُونَ فِي الْحَرْب عَلَيْهِم يتفكرون فَيَنْظُرُونَ لما جَاءَهُم من الْخَبَر أصدق أم كذب
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة ﴿لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ قَالَ: الَّذين يتبعونه ويتجسسونه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ قَالَ: الَّذين يسْأَلُون عَنهُ ويتجسسونه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ قَالَ: قَوْلهم مَاذَا كَانَ وَمَا سَمِعْتُمْ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا﴾ يَقُول: لاتبعتم الشَّيْطَان كلكُمْ
وَأما قَوْله ﴿إِلَّا قَلِيلا﴾ فَهُوَ لقَوْله ﴿لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم﴾ إِلَّا قَلِيلا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان﴾ قَالَ: فَانْقَطع الْكَلَام
وَقَوله ﴿إِلَّا قَلِيلا﴾ فَهُوَ فِي أوّل الْآيَة يخبر عَن الْمُنَافِقين قَالَ ﴿وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ﴾ إِلَّا قَلِيلا
يَعْنِي بِالْقَلِيلِ الْمُؤمنِينَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: هَذِه الْآيَة مُقَدّمَة ومؤخرة إِنَّمَا هِيَ ﴿أذاعوا بِهِ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لم ينج قَلِيل وَلَا كثير﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا﴾ قَالَ: هم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا حدثوا أنفسهم بِأَمْر من أُمُور الشَّيْطَان إِلَّا طائقة مِنْهُم
الْآيَة ٨٤
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: قلت للبراء: الرجل يحمل على الْمُشْركين أهوَ مِمَّن ألْقى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة قَالَ: لَا إِن الله بعث رَسُوله وَقَالَ ﴿فقاتل فِي سَبِيل الله لَا تكلّف إِلَّا نَفسك﴾ إِنَّمَا ذَلِك فِي النَّفَقَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فقاتل فِي سَبِيل الله لَا تكلّف إِلَّا نَفسك وحرض الْمُؤمنِينَ﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سِنَان فِي قَوْله ﴿وحرض الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: عظهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أُسَامَة بن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه ذَات يَوْم: أَلا هَل مشمر للجنة فَإِن الْجنَّة لَا خطر لَهَا هِيَ وَرب الْكَعْبَة نور تلألأ وَرَيْحَانَة تهتز وَقصر مشيد ونهر مطرد وَفَاكِهَة كَثِيرَة نضيجة وَزَوْجَة حسناء جميلَة وحلل كَثِيرَة فِي مقَام أبدا فِي خير ونضرة ونعمة فِي دَار عالية سليمَة بهية
قَالُوا: يَا رَسُول الله نَحن المشمرون لَهَا
قَالَ: قُولُوا: إِن شَاءَ الله ثمَّ ذكر الْجِهَاد وحض عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن شبْرمَة سمعته يقْرؤهَا ﴿عَسى الله أَن يكف بَأْس الَّذين كفرُوا﴾ قَالَ سُفْيَان: وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود هَكَذَا ﴿عَسى الله أَن يكف بَأْس الَّذين كفرُوا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَالله أَشد بَأْسا وَأَشد تنكيلاً﴾ يَقُول: عُقُوبَة
الْآيَة ٨٥
قالشفاعة بعض النَّاس لبَعض
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة كَانَ لَهُ أجرهَا وَإِن لم يشفع لِأَن الله يَقُول ﴿من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة يكن لَهُ نصيب مِنْهَا﴾ وَلم يقل يشفع
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة كتب لَهُ أجره مَا جرت مَنْفَعَتهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله
وَفِي قَوْله ﴿كفل مِنْهَا﴾ قَالَ: الكفل هُوَ الْإِثْم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ وَالربيع فِي قَوْله ﴿كفل مِنْهَا﴾ قَالَا: الْحَظ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: الكفل والنصيب وَاحِد وَقَرَأَ ﴿يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَكَانَ الله على كل شَيْء مقيتاً﴾ قَالَ: حفيظاً
وَأخرج أَبُو بكر ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله ﴿مقيتاً﴾ قَالَ: قَادِرًا مقتدراً
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول أحيحة بن ألأنصاري: وَذي ضغن كَفَفْت النَّفس عَنهُ وَكنت على مساءته مقيتا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِيسَى بن يُونُس عَن إِسْمَاعِيل عَن رجل عَن عبد الله بن رَوَاحَة أَنه سَأَلَهُ رجل عَن قَول الله ﴿وَكَانَ الله على كل شَيْء مقيتاً﴾ قَالَ: يقيت كل إِنْسَان بِقدر عمله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿مقيتاً﴾ قَالَ: شَهِيدا حسيباً حفيظاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿مقيتاً﴾ قَالَ: قَادِرًا
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: المقيت الْقَدِير
وَأخرج عَن ابْن زيد مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: المقيت الرَّزَّاق
الْآيَتَانِ ٨٦ - ٨٧
فَقَالَ: وَعَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَقَالَ لَهُ: وَعَلَيْك
فَقَالَ لَهُ الرجل: يَا نَبِي الله - بِأبي أَنْت وَأمي - أَتَاك فلَان وَفُلَان فسلما عَلَيْك فَرددت عَلَيْهِمَا أَكثر مِمَّا رددت عَليّ فَقَالَ: إِنَّك لم تدع لنا شَيْئا قَالَ الله ﴿وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا﴾ فرددناها عَلَيْك
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا مر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مجْلِس فَقَالَ: سَلام عَلَيْكُم
فَقَالَ: عشر حَسَنَات
فَمر رجل آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله
فَقَالَ: عشرُون حَسَنَة
فَمر رجل آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَقَالَ: ثَلَاثُونَ حَسَنَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل فَسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عشر
فجَاء آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عشرُون
فجَاء آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَقَالَ: ثَلَاثُونَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن حنيف قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات فَإِن قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله كتب الله لَهُ عشْرين حَسَنَة فَإِن قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته كتب لَهُ ثَلَاثِينَ حَسَنَة
وَأخرج أَحْمد والدرامي وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم
فَرد عَلَيْهِ وَقَالَ: عشر
ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله
فَرد عَلَيْهِ ثمَّ جلس فَقَالَ: عشرُون
ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَرد عَلَيْهِ ثمَّ جلس فَقَالَ: ثَلَاثُونَ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي
فَقَالَ: أَرْبَعُونَ
قَالَ: هَكَذَا تكون الْفَضَائِل
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ ﴿وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا﴾ يَقُول: إِذا سلم عَلَيْك أحد فَقل أَنْت: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله أَو تقطع إِلَى السَّلَام عَلَيْك كَمَا قَالَ لَك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا﴾ قَالَ: ذَلِك كُله فِي أهل الْإِسْلَام
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا سلم عَلَيْهِ إِنْسَان رد كَمَا يسلم عَلَيْهِ يَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم
فَيَقُول عبد الله: السَّلَام عَلَيْكُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ أَيْضا عَن عُرْوَة بن الزبير أَن رجلا سلم عَلَيْهِ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَقَالَ عُرْوَة مَا ترك لنا فضل إِن السَّلَام انْتهى إِلَى وَبَرَكَاته
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن سَالم مولى عبد الله بن عمر قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا سلم عَلَيْهِ فَرد زَاد فاتيته فَقلت: السَّلَام عَلَيْكُم
فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله ثمَّ أَتَيْته مرّة أُخْرَى فَقلت: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله
فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ثمَّ أَتَيْته مرّة أُخْرَى فَقلت: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَطيب صلواته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْمُبَارك بن فضَالة عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا﴾ قَالَ: تَقول إِذا سلم عَلَيْك أَخُوك الْمُسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك
فَقل: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله ﴿أَو ردوهَا﴾ يَقُول: إِن لم تقل لَهُ السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله فَرد عَلَيْهِ كَمَا قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم كَمَا سلم وَلَا تقل وَعَلَيْك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق يُونُس بن عبيد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ ﴿بِأَحْسَن مِنْهَا﴾ للْمُسلمين ﴿أَو ردوهَا﴾ على أهل الْكتاب قَالَ: وَقَالَ الْحسن: كل ذَلِك للْمُسلمِ
وأخرح ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من سلم عَلَيْك من خلق الله فاردد عَلَيْهِ وَإِن كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا أَو مجوسياً ذَلِك بِأَن الله يَقُول ﴿وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا﴾
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أَن فِرْعَوْن قَالَ لي: بَارك الله فِيك
لَقلت: وفيك بَارك الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله وَضعه الله فِي الأَرْض: فافشوه بَيْنكُم وَإِذا مر رجل بالقوم فَسلم عَلَيْهِم فَردُّوا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم فضل دَرَجَة لِأَنَّهُ ذكرهم السَّلَام وَإِن لم يردوا عَلَيْهِ رد عَلَيْهِ من هُوَ خير مِنْهُم وَأفضل
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن مَسْعُود
مَوْقُوفا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله وَضعه الله فِي الأَرْض فافشوا السَّلَام بَيْنكُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى وَضعه الله فِي الأَرْض فافشوه بَيْنكُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله فَإِذا أَنْت أكثرت مِنْهُ أكثرت من ذكر الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله جعله بَين خلقه فَإِذا سلم الْمُسلم على الْمُسلم قفد حرم عَلَيْهِ أَن يذكرهُ الا بِخَير
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفشوا السَّلَام بَيْنكُم فَإِنَّهَا تَحِيَّة أهل الْجنَّة فَإِذا مر رجل على مَلأ فَسلم عَلَيْهِم كَانَ لَهُ عَلَيْهِم دَرَجَة وَإِن ردوا عَلَيْهِ فَإِن لم يردوا عَلَيْهِ رد عَلَيْهِ من هُوَ خير مِنْهُم الْمَلَائِكَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: السَّلَام أَمَان الله فِي الأَرْض
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من بدا بِالسَّلَامِ فَهُوَ أولى بِاللَّه وَرَسُوله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على السَّلَام والتأمين
وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه قَالَ: إِن الْيَهُود قوم حسد وَإِنَّهُم لن يحسدوا أهل الْإِسْلَام على أفضل من السَّلَام أَعْطَانَا الله فِي الدِّينَا وَهُوَ تَحِيَّة أهل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَقَوْلنَا وَرَاء الإِمَام آمين
قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا الماعون قَالَ: الماعون فِي الْحجر وَالْمَاء وَالْحَدِيد
قَالُوا: وَأي الْحَدِيد قَالَ: قدر النّحاس وحديد الفأس الَّذِي تمتهنون بِهِ
قَالُوا: فَمَا هَذَا الْحجر قَالَ: الْقدر من الْحِجَارَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا التقى المؤمنان فَسلم كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه وتصافحا كَانَ أحبهما إِلَى الله أحسنهما بشرا لصَاحبه وَنزلت بَينهمَا مائَة رَحْمَة للبادي تسعون وللمصافح عشر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من الصَّدَقَة أَن تسلم على النَّاس وَأَنت منطلق الْوَجْه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله جعل السَّلَام تَحِيَّة لِأُمَّتِنَا وأماناً لأهل ذمتنا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يسلم الرَّاكِب على الْمَاشِي والماشي على الْقَاعِد والقليل على الْكثير وَالصَّغِير على الْكَبِير وَإِذا مر بالقوم فَسلم مِنْهُم وَاحِدًا أَجْزَأَ عَنْهُم وَإِذا رد من الآخرين وَاحِد أَجْزَأَ عَنْهُم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل وَعَلِيهِ ثَوْبَان أَحْمَرَانِ فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن أبي هِلَال اللَّيْثِيّ قَالَ: سَلام الرجل يَجْزِي عَن الْقَوْم ورد السَّلَام يَجْزِي عَن الْقَوْم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي لأرى جَوَاب الْكتاب حَقًا كَمَا أرى حق السَّلَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله ﴿وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا﴾ قَالَ: ترَوْنَ هَذَا فِي السَّلَام وَحده هَذَا فِي كل شَيْء من أحسن إِلَيْك فَأحْسن إِلَيْهِ وكافئه فَإِن لم تَجِد فَادع لَهُ أَو أثن عَلَيْهِ عِنْد إخوانه
وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿إِن الله كَانَ على كل شَيْء﴾ يَعْنِي من التَّحِيَّة وَغَيرهَا ﴿حسيباً﴾ يَعْنِي شَهِيدا
الْآيَتَانِ ٨٨ - ٨٩
وَفرْقَة تَقول: لَا
فَأنْزل الله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ الْآيَة كلهَا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهَا طيبَة وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخبث كَمَا تَنْفِي النَّار خبث الْفضة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن زيد بن أسلم عَن ابْن سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِينَا ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين وَالله أركسهم بِمَا كسبوا﴾ خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس فَقَالَ: من لي بِمن يُؤْذِينِي وَيجمع لي فِي بَيته من يُؤْذِينِي فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ: إِن كَانَ منا يَا رَسُول الله قَتَلْنَاهُ وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا الْخَزْرَج أمرتنا فاطعناك
فَقَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ: مَا بك يَا ابْن معَاذ طَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن عرفت مَا هُوَ مِنْك
فَقَامَ أسيد بن حضير فَقَالَ: إِنَّك يَا ابْن عبَادَة مُنَافِق تحب الْمُنَافِقين
فَقَامَ مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ: استكوا أَيهَا النَّاس فَإِن فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْمُرنَا فننفذ لأَمره
فَأنْزل الله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن قوما كَانُوا بِمَكَّة قد تكلمُوا بِالْإِسْلَامِ وَكَانُوا يظاهرون الْمُشْركين فَخَرجُوا من مَكَّة يطْلبُونَ
تقتلون قوما قد تكلمُوا بِمثل مَا تكلمتم بِهِ من أجل أَنهم لم يهاجروا ويتركوا دِيَارهمْ تستحل دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ فَكَانُوا كَذَلِك فئتين وَالرَّسُول عِنْدهم لَا ينْهَى وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ عَن شَيْء
فَنزلت ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ إِلَى قَوْله ﴿حَتَّى يهاجروا فِي سَبِيل الله﴾ يَقُول: حَتَّى يصنعوا كَمَا صَنَعْتُم ﴿فَإِن توَلّوا﴾ قَالَ: عَن الْهِجْرَة
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد فِيهِ انْقِطَاع عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن قوما من الْعَرَب أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فأسلموا وأصابهم وباء الْمَدِينَة حماها فاركسوا خَرجُوا من الْمَدِينَة فَاسْتَقْبَلَهُمْ نفر من الصَّحَابَة فَقَالُوا لَهُم: مَا لكم رجعتم قَالُوا: أَصَابَنَا وباء الْمَدِينَة فَقَالُوا: مَا لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة
فَقَالَ بَعضهم: نافقوا
وَقَالَ بَعضهم: لم ينافقوا إِنَّهُم مُسلمُونَ
فَأنْزل الله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي سَلمَة عَن عبد الرَّحْمَن أَن نَفرا من طوائف الْعَرَب هَاجرُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَكَثُوا مَعَه مَا شَاءَ الله أَن يمكثوا ثمَّ ارتكسوا فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ فَلَقوا سَرِيَّة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرفوهم فَسَأَلُوهُمْ: مَا ردكم فَاعْتَلُّوا لَهُم فَقَالَ بعض الْقَوْم لَهُم: نافقتم فَلم يزل بعض ذَلِك حَتَّى فَشَا فيهم القَوْل فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ قَالَ: قوم خَرجُوا من مَكَّة حَتَّى جاؤوا الْمَدِينَة يَزْعمُونَ أَنهم مهاجرون ثمَّ ارْتَدُّوا بعد ذَلِك فَاسْتَأْذنُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة ليأتوا بِبَضَائِع لَهُم يتجرون فِيهَا فَاخْتلف فيهم الْمُؤْمِنُونَ فَقَائِل يَقُول: هم مُنَافِقُونَ
وَقَائِل يَقُول: هم مُؤمنُونَ فَبين الله نفاقهم فَأمر بِقَتْلِهِم فَجَاءُوا ببضائعهم يُرِيدُونَ هِلَال بن عُوَيْمِر الْأَسْلَمِيّ وَبَينه وَبَين مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام حلف وَهُوَ الَّذِي حصر صَدره أَن يُقَاتل الْمُؤمنِينَ أَو يُقَاتل قومه فَدفع عَنْهُم بِأَنَّهُم يؤمُّونَ هلالا وَبَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾
وَقَالَ بَعضهم: لَا يحل ذَلِك لكم
فتشاجروا فيهمَا فَانْزِل الله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ حَتَّى بلغ ﴿وَلَو شَاءَ الله لسلطهم عَلَيْكُم فلقاتلوكم﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن معمر بن رَاشد قَالَ: بَلغنِي أَن نَاسا من أهل مَكَّة كتبُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم قد أَسْلمُوا أَو كَانَ ذَلِك مِنْهُم كذبا فلقوهم فَاخْتلف فيهم الْمُسلمُونَ فَقَالَت طَائِفَة: دِمَاءَهُمْ حَلَال
وَطَائِفَة قَالَت: دِمَاءَهُمْ حرَام
فَأنْزل اله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: هم نَاس تخلفوا عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَقَامُوا بِمَكَّة وأعلنوا الْإِيمَان وَلم يهاجروا فَاخْتلف فيهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتولاهم نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتبرأ من ولايتهم آخَرُونَ وَقَالُوا: تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يهاجروا فسماهم الله منافقين وبرأ الْمُؤمنِينَ من ولايتهم وَأمرهمْ أَن لَا يتولوهم حَتَّى يهاجروا
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس من الْمُنَافِقين أَرَادوا أَن يخرجُوا من الْمَدِينَة فَقَالُوا للْمُؤْمِنين: إِنَّا قد أَصَابَنَا أوجاع فِي الْمَدِينَة واتخمناها فَلَعَلَّنَا أَن نخرج إِلَى الظّهْر حَتَّى نتماثل ثمَّ نرْجِع فَإنَّا كُنَّا أَصْحَاب بَريَّة
فَانْطَلقُوا وَاخْتلف فيهم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت طَائِفَة: أَعدَاء الله مُنَافِقُونَ وَدِدْنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن لنا فقاتلناهم
وَقَالَت طَائِفَة: لَا بل إِخْوَاننَا تخمتهم الْمَدِينَة فاتخموها فَخَرجُوا إِلَى الظّهْر يتنزهون فَإِذا برئوا رجعُوا
فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ نَاس من الْمُسلمين أَمْوَالًا من الْمُشْركين فَانْطَلقُوا بهَا تجارًا إِلَى الْيَمَامَة فَاخْتلف الْمُسلمُونَ فيهم فَقَالَت طَائِفَة: لَو لَقِينَاهُمْ قتلناهم وأخذنا مَا فِي أَيْديهم
وَقَالَ بَعضهم: لَا يصلح لكم ذَلِك إخْوَانكُمْ انْطَلقُوا تجارًا
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن وهب عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾
يُرِيد عبد الله بن أُبي بن سلول
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فِي الرجل يخاذل بَين أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويسيء القَوْل لأهل رَسُول الله وَقد برأها الله ثمَّ قَرَأَ مَا أنزل الله فِي بَرَاءَة عَائِشَة فَنزل الْقُرْآن فِي ذَلِك ﴿فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين﴾ الْآيَة
فَلم يكن بعد هَذِه الْآيَة ينْطق وَلَا يتَكَلَّم فِيهِ أحد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَالله أركسهم﴾ يَقُول: أوقعهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس ﴿أركسهم﴾ قَالَ: ردهم
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَول ﴿أركسهم﴾ قَالَ: حَبسهم فِي جَهَنَّم بِمَا عمِلُوا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن الصَّلْت فِي شعره: أركسوا فِي جَهَنَّم أَنهم كَانُوا عتاة يَقُولُوا مينا وكذبا وزورا [الْبَيْت مكسور وَفِيه خطأ]
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿أركسهم بِمَا كسبوا﴾ قَالَ: أهلكهم بِمَا عمِلُوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿أركسهم﴾ قَالَ: أضلهم
الْآيَة ٩٠
فَقَالُوا: مَه
فَقَالَ: دَعوه مَا تُرِيدُ قلت: بَلغنِي أَنَّك تُرِيدُ أَن تبْعَث إِلَى قومِي وَأَنا أُرِيد أَن توادعهم فَإِن أسلم قَوْمك أَسْلمُوا ودخلوا فِي الْإِسْلَام وَإِن لم يسلمُوا لم تخشن لقلوب قَوْمك عَلَيْهِم
فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيد خَالِد فَقَالَ: اذْهَبْ مَعَه فافعل مَا يُرِيد فَصَالحهُمْ خَالِد على أَن لَا يعينوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن أسلمت قُرَيْش أَسْلمُوا مَعَهم وَمن وصل إِلَيْهِم من النَّاس كَانُوا على مثل عَهدهم
فَأنْزل الله ﴿ودوا لَو تكفرون﴾ حَتَّى بلغ ﴿إِلَّا الَّذين يصلونَ إِلَى قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ فَكَانَ من وصل إِلَيْهِم كَانُوا مَعَهم على عَهدهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَّا الَّذين يصلونَ إِلَى قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ يَقُول: إِذا أظهرُوا كفرهم فاقتلوهم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فَإِن أحد مِنْهُم دخل فِي قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فاجروا عَلَيْهِ مثل مَا تجرون على أهل الذِّمَّة
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَّا الَّذين يصلونَ إِلَى قوم﴾ الْآيَة
قَالَ: نسختها بَرَاءَة (فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة ٥)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿حصرت صُدُورهمْ﴾ قَالَ: عَن هَؤُلَاءِ وَعَن هَؤُلَاءِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿أَو جاؤوكم﴾ يَقُول: رجعُوا فَدَخَلُوا فِيكُم ﴿حصرت صُدُورهمْ﴾ يَقُول: ضَاقَتْ صُدُورهمْ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه قَرَأَ ﴿حصرت صُدُورهمْ﴾ أَي كارهة صُدُورهمْ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع ﴿وألقوا إِلَيْكُم السّلم﴾ قَالَ: الصُّلْح
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن قَتَادَة فِي
قَالَ: نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة ٥)
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَعِكْرِمَة فِي هَذِه الْآيَة قَالَا: نسخهَا فِي بَرَاءَة
الْآيَة ٩١
قَالَ: نَاس من أهل مَكَّة كَانُوا يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسلمون رِيَاء ثمَّ يرجعُونَ إِلَى قُرَيْش فيرتكسون فِي الْأَوْثَان يَبْتَغُونَ بذلك أَن يأمنوا هَهُنَا وَهَهُنَا فَأمر بقتالهم إِن لم يعتزلوا ويصالحوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿سَتَجِدُونَ آخَرين يُرِيدُونَ أَن يأمنوكم ويأمنوا قَومهمْ كل مَا ردوا إِلَى الْفِتْنَة أركسوا فِيهَا﴾ يَقُول: كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا من فتْنَة أركسوا فِيهَا وَذَلِكَ أَن الرجل كَانَ يُوجد قد تكلم بِالْإِسْلَامِ فيتقرب إِلَى الْعود وَالْحجر وَإِلَى الْعَقْرَب والخنفساء فَيَقُول الْمُشْركُونَ لذَلِك الْمُتَكَلّم بِالْإِسْلَامِ: قل هَذَا رَبِّي للخنفساء وَالْعَقْرَب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿سَتَجِدُونَ آخَرين﴾ الْآيَة
قَالَ: حَيّ كَانُوا بتهامة قَالُوا: يَا نَبِي الله لَا نقاتلك وَلَا نُقَاتِل قَومنَا وَأَرَادُوا أَن يأمنوا نَبِي الله ويأمنوا قَومهمْ فَأبى الله ذَلِك عَلَيْهِم فَقَالَ ﴿كل مَا ردوا إِلَى الْفِتْنَة أركسوا فِيهَا﴾ يَقُول: كلما عرض لَهُم بلَاء هَلَكُوا فِيهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: ثمَّ ذكر نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ وَكَانَ يَأْمَن فِي الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين بِنَقْل الحَدِيث بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿كل مَا ردوا إِلَى الْفِتْنَة أركسوا فِيهَا﴾ قَالَ: كلما ابتلوا بهَا عموا فِيهَا
الْآيَة ٩٢
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ قَالَ: الْمُؤمن لَا يقتل مُؤمنا
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الْحَرْث بن يزِيد بن نُبَيْشَة من بني عَامر بن لؤَي يعذب عَيَّاش بن أبي ربيعَة مَعَ أبي جهل ثمَّ خرج مُهَاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ عَيَّاش بِالْحرَّةِ فعلاه بِالسَّيْفِ وَهُوَ يحْسب أَنه كَافِر ثمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَنزلت ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ الْآيَة
فقرأها عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لَهُ قُم فحرر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ قَالَ: عَيَّاش بن أبي ربيعَة: قتل رجلا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي كَانَ قد أسلم وَهَاجَر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ عَيَّاش أَخا أبي جهل والْحَارث بن هِشَام لِأُمِّهِمَا وَكَانَ أحب وَلَدهَا إِلَيْهَا فَلَمَّا لحق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شقّ ذَلِك عَلَيْهَا فَحَلَفت أَن لَا يُظِلّهَا سقف بَيت حَتَّى ترَاهُ فَأقبل أَبُو جهل والْحَارث حَتَّى قدما الْمَدِينَة فأخبرا عياشا بِمَا لقِيت أمه وسألاه أَن يرجع مَعَهُمَا فتنظر إِلَيْهِ وَلَا يمنعاه أَن يرجع وأعطياه موثقًا أَن يخليا سَبيله بعد أَن ترَاهُ أمه
فَانْطَلق مَعَهُمَا حَتَّى إِذا خرجا من الْمَدِينَة عمدا إِلَيْهِ فشداه وثاقاً وجلداه نَحْو من مائَة جلدَة وأعانهما على ذَلِك رجل من بني كنَانَة فَحلف عَيَّاش ليقْتلن الْكِنَانِي إِن قدر عَلَيْهِ فَقدما بِهِ مَكَّة فَلم يزل مَحْبُوسًا حَتَّى فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة فَخرج عَيَّاش فلقي الْكِنَانِي وَقد أسلم وَعَيَّاش لَا يعلم بِإِسْلَام الْكِنَانِي فَضَربهُ عَيَّاش حَتَّى قَتله
فَأنْزل الله ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ يَقُول: وَهُوَ لَا يعلم أَنه مُؤمن ﴿وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا﴾ فَيتْركُوا الدِّيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي كَانَ حلف على الْحَارِث بن يزِيد مولى بني عَامر بن لؤَي لَيَقْتُلَنهُ وَكَانَ الْحَارِث يَوْمئِذٍ مُشْركًا وَأسلم الْحَارِث وَلم يعلم بِهِ عَيَّاش فَلَقِيَهُ بِالْمَدِينَةِ فَقتله وَكَانَ قَتله ذَلِك خطأ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه أَن الْحَارِث بن زيد كَانَ شَدِيدا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء وَهُوَ يُرِيد الْإِسْلَام وَعَيَّاش لَا يشْعر فَلَقِيَهُ عَيَّاش بن أبي ربيعَة فَحمل عَلَيْهِ فَقتله فَأنْزل الله ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾
فَضَربهُ ثمَّ جَاءَ بغنمه إِلَى الْقَوْم ثمَّ وجد فِي نَفسه شَيْئا فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَّا شققت عَن قلبه فَقَالَ: مَا عَسَيْت أجد
هَل هُوَ يَا رَسُول الله إِلَّا دم أَو مَاء فَقَالَ: فقد أخْبرك بِلِسَانِهِ فَلم تصدقه
قَالَ: كَيفَ بِي يَا رَسُول الله قَالَ: فَكيف بِلَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: فَكيف بِي يَا رَسُول الله قَالَ: فَكيف بِلَا إِلَه إِلَّا الله حَتَّى تمنيت أَن يكون ذَلِك مُبْتَدأ إسلامي
قَالَ: وَنزل الْقُرْآن ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ حَتَّى بلغ ﴿إِلَّا أَن يصدقُوا﴾ قَالَ: إِلَّا أَن يضعوها
وَأخرج الرَّوْيَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الْمعرفَة عَن بكر بن حَارِثَة الْجُهَنِيّ قَالَ: كنت فِي سَرِيَّة بعثها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاقتتلنا نَحن وَالْمُشْرِكُونَ وحملت على رجل من الْمُشْركين فتعوذ مني بِالْإِسْلَامِ فَقتلته فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغَضب وأقصاني فاوحى الله إِلَيْهِ ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ الْآيَة
فَرضِي عني وأدناني
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة﴾ قَالَ: يَعْنِي بالمؤمنة من قد عقل الْإِيمَان وَصَامَ وَصلى وكل رَقَبَة فِي الْقُرْآن لم تسم مُؤمنَة فَإِنَّهُ يجوز الْمَوْلُود فَمَا فَوْقه مِمَّن لَيْسَ بِهِ زمانة وَفِي قَوْله ﴿ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا﴾ قَالَ: عَلَيْهِ الدِّيَة مسلمة إِلَّا أَن يتَصَدَّق بهَا عَلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: فِي حرف أبي ﴿فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة﴾ لَا يجْرِي فِيهَا صبي
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَارِيَة سَوْدَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن عليَّ عتق رَقَبَة مُؤمنَة
فَقَالَ لَهَا: أَيْن الله فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاء بأصبعها فَقَالَ لَهَا: من أَنا فَأَشَارَتْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِلَى السَّمَاء أَي أَنْت رَسُول الله فَقَالَ: اعتقها فَإِنَّهَا مُؤمنَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ: إِن
فَقَالَ: ائْتِنِي بهَا فَقَالَ: أتشهدين أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله قَالَت: نعم
قَالَ: اعتقها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد عَن رجل من الْأَنْصَار أَنه جَاءَ بِأمة لَهُ سَوْدَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن عَليّ رَقَبَة مُؤمنَة فَإِن كنت ترى هَذِه مُؤمنَة اعتقها
فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتشهدين أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَت: نعم
قَالَ: أتشهدين أَنِّي رَسُول الله قَالَت: نعم
قَالَ: تؤمنين بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت قَالَت: نعم
قَالَ: اعتقها فَإِنَّهَا مُؤمنَة
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُعَاوِيَة بت الحكم الْأَسْلَمِيّ أَنه لطم جَارِيَة لَهُ فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعظم ذَلِك قَالَ: فَقلت: يَا رَسُول الله أَفلا اعتقها قَالَ: بلَى ائْتِنِي بهَا
قَالَ: فَجئْت بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا: أَيْن الله قَالَت: فِي السَّمَاء
قَالَ: فَمن أَنا قَالَت: أَنْت رَسُول الله
قَالَ: إِنَّهَا مُؤمنَة فاعتقها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله ﴿ودية مسلمة﴾ قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرضهَا مائَة من الْإِبِل
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَة الْخَطَأ عشْرين بنت مَخَاض وَعشْرين بني مَخَاض ذُكُورا وَعشْرين بنت لبون وَعشْرين جَذَعَة وَعشْرين حقة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الدِّيَة اثْنَي عشر ألفا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى أهل الْيمن بِكِتَاب فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث بِهِ مَعَ عَمْرو بن حزم وَفِيه وعَلى أهل الذَّهَب ألف دِينَار يَعْنِي فِي الدِّيَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي الدِّيَة على أهل الْإِبِل مائَة من الْإِبِل وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة وعَلى أهل الشَّاة ألفي شَاة وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة وعَلى أهل الْقَمْح شَيْئا لم يحفظه مُحَمَّد بن إِسْحَاق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ودية مسلمة﴾ قَالَ: موفرة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ ﴿مسلمة إِلَى أَهله﴾ قَالَ: تدفع ﴿إِلَّا أَن يصدقُوا﴾ إِلَّا أَن يدعوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿مسلمة إِلَى أَهله﴾ أَي إِلَى أهل الْقَتِيل ﴿إِلَّا أَن يصدقُوا﴾ إِلَّا أَن يصدق أهل الْقَتِيل فيعفوا ويتجاوزوا عَن الدِّيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿ودية مسلمة﴾ يَعْنِي يُسَلِّمهَا عَاقِلَة الْقَاتِل إِلَى أَهله إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول ﴿إِلَّا أَن يصدقُوا﴾ يَعْنِي إِلَّا أَن يصدق أَوْلِيَاء الْمَقْتُول بِالدِّيَةِ على الْقَاتِل فَهُوَ خير لَهُم فَأَما عتق رَقَبَة فانه وَاجِب على الْقَاتِل فِي مَاله
وَأخرج ابْن جرير عَن بكر بن الشرود قَالَ: فِي حرف أبي إِلَّا أَن يتصدقوا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله ﴿ودية مسلمة إِلَى أَهله﴾ قَالَ: هَذَا الْمُسلم الَّذِي ورثته مُسلمُونَ ﴿فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن﴾ قَالَ: هَذَا الرجل الْمُسلم وَقَومه مشركون وَبينهمْ وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقد فَيقْتل فَيكون مِيرَاثه للْمُسلمين وَتَكون دِيَته لقومهم لأَنهم يعْقلُونَ عَنهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن﴾ يَقُول: فَإِن كَانَ فِي أهل الْحَرْب وَهُوَ مُؤمن فَقتله خطأ فعلى قَاتله أَن يكفر بتحرير رَقَبَة مُؤمنَة أَو صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَلَا دِيَة عَلَيْهِ وَفِي قَوْله ﴿وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ يَقُول: إِذا كَانَ كَافِرًا فِي ذمتكم فَقتل فعلى قَاتله الدِّيَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن﴾ قَالَ: هُوَ الْمُؤمن يكون فِي الْعَدو من الْمُشْركين يسمعُونَ بالسرية من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيفرون وَيثبت الْمُؤمن فَيقْتل فَفِيهِ تَحْرِير رَقَبَة
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عِيَاض قَالَ: كَانَ الرجل يَجِيء فَيسلم ثمَّ يَأْتِي قومه وهم مشركون فيقيم فيهم فتغزوهم جيوش النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيقْتل الرجل فِيمَن يقتل
فأنزلت هَذِه الْآيَة ﴿فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة﴾ وَلَيْسَت لَهُ دِيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن أبي يحيى عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن﴾ قَالَ: كَانَ الرجل يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيسلم ثمَّ يرجع إِلَى قومه فَيكون فيهم وهم مشركون فَيُصِيبهُ الْمُسلمُونَ خطأ فِي سَرِيَّة أَو غَارة فَيعتق الَّذِي يُصِيبهُ رَقَبَة وَفِي قَوْله ﴿وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ قَالَ: كَانَ الرجل يكون معاهداً وَقَومه أهل عهد فَيسلم إِلَيْهِم دِيَته وَيعتق الَّذِي أَصَابَهُ رَقَبَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن﴾ قَالَ: نزلت فِي مرداس بن عَمْرو وَكَانَ أسلم وَقَومه كفار من أهل الْحَرْب فَقتله أُسَامَة بن زيد خطأ ﴿فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة﴾ وَلَا دِيَة لَهُم لأَنهم أهل الْحَرْب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أَقَامَ مَعَ الْمُشْركين فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله ﴿وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ قَالَ: من أهل الْعَهْد وَلَيْسَ بِمُؤْمِن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن زيد ﴿وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ قَالَ: وَهُوَ مُؤمن
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن ﴿وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ قَالَ: هُوَ كَافِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ قَالَ: عهد
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَت قيمَة الدِّيَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانمِائَة دِينَار أَو ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم ودية أهل الْكتاب يَوْمئِذٍ النّصْف من دِيَة الْمُسلمين وَكَانَ ذَلِك كَذَلِك حَتَّى اسْتخْلف عمر فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: إِن الْإِبِل قد غلت ففرضها عمر على أهل الذَّهَب ألف دِينَار وعَلى أهل الْوَرق اثْنَي عشر ألفا وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة وعَلى أهل الشَّاة ألفي شَاة وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة وَترك دِيَة أهل الذِّمَّة لم يرفعها فِيمَا رفع من الدِّيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ريح الْجنَّة يُوجد من مسيرَة مائَة عَام وَمَا من عبد يقتل نفسا معاهدة إِلَّا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة ورائحتها أَن يجدهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قتل قَتِيلا من أهل الذِّمَّة لم يجد ريح الْجنَّة وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِلَّا من قتل معاهداً لَهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد خفر ذمَّة الله وَلَا يرح ريح الْجنَّة وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة سبعين خَرِيفًا
وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: دِيَة أهل الْكتاب أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم ودية الْمَجُوس ثَمَانمِائَة
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: الْخَطَأ أَن يُرِيد الشَّيْء فَيُصِيب غَيره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين﴾ قَالَ: من لم يجد عتقا فِي قتل مُؤمن خطأ
قَالَ: وأنزلت فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة قتل مُؤمنا خطأ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿فَمن لم يجد﴾ قَالَ: فَمن لم يجد رَقَبَة فَصِيَام شَهْرَيْن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق أَنه سُئِلَ عَن الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ﴿فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين﴾ صِيَام الشَّهْرَيْنِ عَن الرَّقَبَة وَحدهَا أَو عَن الدِّيَة والرقبة قَالَ: من لم يجد فَهُوَ عَن الدِّيَة والرقبة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه سُئِلَ عَن صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ: لَا يفْطر فِيهَا وَلَا يقطع صيامها فَإِن فعل من غير مرض وَلَا عذر اسْتقْبل صيامها جَمِيعًا فَإِن عرض لَهُ مرض أَو عذر صَامَ مَا بَقِي مِنْهُمَا فَإِن مَاتَ وَلم يصم أطْعم عَنهُ سِتُّونَ مِسْكينا لكل مِسْكين مد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن ﴿فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين﴾ تَغْلِيظًا وتشديداً من الله قَالَ: هَذَا فِي الْخَطَأ تَشْدِيد من الله
وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿تَوْبَة من الله﴾ يَعْنِي تجاوزاً من الله لهَذِهِ الْأمة حِين جعل فِي قتل الْخَطَأ كَفَّارَة ودية ﴿وَكَانَ الله عليماً حكيماً﴾ يَعْنِي حكم الْكَفَّارَة لمن قتل خطأ ثمَّ صَارَت دِيَة الْعَهْد وَالْمُوَادَعَة لمشركي الْعَرَب مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة (اقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة ٥) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يتوراث أهل ملتين
الْآيَة ٩٣
قَالَ ابْن جريج وَقَالَ غَيره: ضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَته على بني النجار ثمَّ بعث مقيساً وَبعث مَعَه رجلا من بني فهر فِي حَاجَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحْتمل مقيس الفِهري - وَكَانَ رجلا شَدِيدا - فَضرب بِهِ الأَرْض ورضخ رَأسه بَين حجرين ثمَّ ألْقى يتَغَنَّى:
قَالَ ابْن جريج: وَفِيه نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ قَالَ: نزلت فِي مقيس بن ضَبَابَة الْكِنَانِي وَذَلِكَ أَنه أسلم وَأَخُوهُ هِشَام بن ضَبَابَة وَكَانَا بِالْمَدِينَةِ فَوجدَ مقيس أَخَاهُ هشاماً ذَات يَوْم قَتِيلا فِي الْأَنْصَار فِي بني النجار فَانْطَلق إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بذلك فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من قُرَيْش من بني فهر وَمَعَهُ مقيس إِلَى بني النجار - ومنازلهم يَوْمئِذٍ بقباء - أَن ادفعوا إِلَى مقيس قَاتل أَخِيه إِن علمْتُم ذَلِك وَإِلَّا فادفعوا إِلَيْهِ الدِّيَة
فَلَمَّا جَاءَهُم الرَّسُول قَالُوا: السّمع وَالطَّاعَة لله وَلِلرَّسُولِ وَالله مَا نعلم لَهُ قَاتلا وَلَكِن نُؤَدِّي إِلَيْهِ الدِّيَة فدفعوا إِلَى مقيس مائَة من الْإِبِل دِيَة أَخِيه فَلَمَّا انْصَرف مقيس والفهري رَاجِعين من قبَاء إِلَى الْمَدِينَة وَبَينهمَا سَاعَة عمد مقيس إِلَى الفِهري رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتله وارتد عَن الْإِسْلَام وَركب جملا مِنْهَا وسَاق مَعَه الْبَقِيَّة وَلحق بِمَكَّة وَهُوَ يَقُول فِي شعر لَهُ: قتلت بِهِ فهراً وحملت عقله سراة بني النجار أَرْبَاب قارع وَأدْركت ثَأْرِي واضطجعت موسداً وَكنت إِلَى الْأَوْثَان أول رَاجع فَنزلت فِيهِ بعد قتل النَّفس وَأخذ الدِّيَة وارتد عَن الْإِسْلَام وَلحق بِمَكَّة كَافِرًا ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس
مثله سَوَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: اخْتلف أهل الْكُوفَة فِي قتل الْمُؤمن فرحلت فِيهَا إِلَى ابْن عَبَّاس فَسَأَلته عَنْهَا فَقَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ هِيَ آخر مَا نزل وَمَا نسخهَا شَيْء
وَأخرج أَحْمد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق سَالم بن أبي
قَالَ: أَرَأَيْت إِن تَابَ وآمن وَعمل صَالحا ثمَّ اهْتَدَى قَالَ: وأنى لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ثكلته أمه رجل قتل رجلا مُتَعَمدا يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة آخِذا قَاتله بِيَمِينِهِ أَو بيساره وآخذا رَأسه بِيَمِينِهِ أَو بِشمَالِهِ تشخب أوداجهُ دَمًا فِي قبل الْعَرْش يَقُول: يَا رب سل عَبدك فيمَ قتلني
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَجِيء الْمَقْتُول بالقاتل يَوْم الْقِيَامَة ناصيته وَرَأسه بِيَدِهِ وأوداجه تشخب دَمًا يَقُول: يَا رب قتلني هَذَا حَتَّى يُدْنِيه من الْعَرْش قَالَ: فَذكرُوا لِابْنِ عَبَّاس التَّوْبَة فَتلا هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾ قَالَ: مَا نسخت هَذِه الْآيَة وَلَا بدلت وأنى لَهُ التَّوْبَة
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جري عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ لي عبد الرَّحْمَن بن ابزي: سل ابْن عَبَّاس عَن قَوْله ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ فَقَالَ: لم ينسخها شَيْء وَقَالَ فِي هَذِه الْآيَة (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة ٦٨) الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي أهل الشّرك
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير أَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي سَأَلَهُ: أَن يسْأَل ابْن عَبَّاس عَن هَاتين الْآيَتَيْنِ الَّتِي فِي النِّسَاء ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ إِلَى آخر الْآيَة وَالَّتِي فِي الْفرْقَان (وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاماً) (الْفرْقَان الْآيَة ٦٨) الْآيَة
قَالَ: فَسَأَلته فَقَالَ: إِذا دخل الرجل فِي الْإِسْلَام وَعلم شرائعه وَأمره ثمَّ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم لَا تَوْبَة لَهُ وَأما الَّتِي فِي الْفرْقَان فَإِنَّهَا لما أنزلت قَالَ الْمُشْركُونَ من أهل مَكَّة: فقد عدلنا بِاللَّه وقتلنا النَّفس الَّتِي حرم الله بِغَيْر الْحق وأتينا الْفَوَاحِش فَمَا نفعنا الْإِسْلَام فَنزلت (إِلَّا من تَابَ) (الْفرْقَان الْآيَة ٧٠) الْآيَة
فَهِيَ لأولئك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾ بعد الَّتِي فِي سُورَة الْفرْقَان بثماني سِنِين وَهِي قَوْله (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة ٦٨) إِلَى قَوْله (غَفُورًا رحِيما) (الْفرْقَان الْآيَة ٧٠)
وَأخرج ابْن جرير والنحاس وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس هَل لمن قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة قَالَ: لَا
فَقَرَأت عَلَيْهِ الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة ٦٨) فَقَالَ هَذِه الْآيَة مَكِّيَّة نسختها آيَة مَدِينَة ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الشَّدِيدَة بعد الهينة بِسِتَّة أشهر يَعْنِي ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾ بعد (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة ٤٨)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الشَّدِيدَة بعد الهينة بِسِتَّة أشهر قَوْله ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾ بعد قَوْله (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة ٦٨) إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير والنحاس وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء بعد الْآيَات الَّتِي فِي سُورَة الْفرْقَان بِسِتَّة أشهر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْفرْقَان (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر
) (الْفرْقَان الْآيَة ٧٨) الْآيَة
عجبنا للينها فلبثنا سَبْعَة أشهر ثمَّ نزلت الَّتِي فِي النِّسَاء ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا﴾ الْآيَة
وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت هَذِه الَّتِي فِي النِّسَاء بعد قَوْله (وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء الْآيَة ٤٨) بأَرْبعَة أشهر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله لِأَن الله يَقُول ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هما المبهمتان: الشّرك وَالْقَتْل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ قَالَ: هِيَ محكمَة وَلَا تزداد إِلَّا شدَّة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن كردم أَن أَبَا هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر سئلوا عَن الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَقَالُوا: هَل تَسْتَطِيع أَن لَا تَمُوت هَل تَسْتَطِيع أَن تبتغي نفقاً فِي الأَرْض أَو سلما فِي السَّمَاء أَو تحييه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن ميناء قَالَ: كنت جَالِسا بِجنب أبي هُرَيْرَة إِذْ أَتَاهُ رجل فَسَأَلَهُ عَن قَاتل الْمُؤمن هَل لَهُ من تَوْبَة فَقَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَا يدْخل الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي رزين عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هِيَ مُبْهمَة لَا يعلم لَهُ تَوْبَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: لَيْسَ لمن قتل مُؤمنا تَوْبَة لم ينسخها شَيْء
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن ميناء قَالَ: كَانَ بَين صَاحب لي وَبَين رجل من أهل السُّوق لجاجة فَأخذ صَاحِبي كرسياً فَضرب بِهِ رَأس الرجل فَقتله وَنَدم وَقَالَ: إِنِّي سأخرج من مَالِي ثمَّ انْطلق فَاجْعَلْ نَفسِي حَبِيسًا فِي سَبِيل الله
قلت: انْطلق بِنَا إِلَى ابْن عمر نَسْأَلهُ هَل لَك من تَوْبَة فَانْطَلقَا حَتَّى دَخَلنَا عَلَيْهِ فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة على مَا كَانَت قلت: هَل ترى لَهُ من تَوْبَة قَالَ: كل
قلت: يزْعم أَنه لم يرد قَتله قَالَ: كذب يعمد أحدكُم إِلَى الْخَشَبَة فَيضْرب بهَا رَأس الرجل الْمُسلم ثمَّ يَقُول: لم أرد قَتله كذب كل واشرب مَا اسْتَطَعْت أُفٍّ قُم عني
فَلم يزدنا على ذَلِك حَتَّى قمنا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قتل الْمُؤمن معقلة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الْمُؤمن فِي فسحة من دينه مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن مُعَاوِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا الرجل يَمُوت كَافِرًا أَو الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا من مَاتَ مُشْركًا أَو من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعَان فِي قتل مُسلم بِشَطْر كلمة يلقى الله يَوْم يلقاه مَكْتُوب على جَبهته آيس من رَحْمَة الله
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعَان على دم امرىء مُسلم بِشَطْر كلمة كتب بَين عَيْنَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة: آيس من رَحْمَة الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي عون قَالَ: إِذا سَمِعت فِي الْقُرْآن خلوداً فَلَا تَوْبَة لَهُ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نازلت رَبِّي فِي قَاتل الْمُؤمن فِي أَن يَجْعَل لَهُ تَوْبَة فَأبى عَليّ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الْقَاسِم بن بَشرَان فِي أَمَالِيهِ بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ قَالَ: هُوَ جَزَاؤُهُ إِن جازاه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: جَزَاؤُهُ جَهَنَّم إِن جازاه يَعْنِي لِلْمُؤمنِ وَلَيْسَ للْكَافِرِ فَإِن شَاءَ عَفا عَن الْمُؤمن وَإِن شَاءَ عاقب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَاصِم بن أبي النجُود عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ قَالَ: هِيَ جَزَاؤُهُ إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عون بن عبد الله فِي قَوْله ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ قَالَ: إِن هُوَ جازاه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح
مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِسْمَاعِيل بن ثَوْبَان قَالَ: جالست النَّاس قبل الدَّاء الْأَعْظَم فِي الْمَسْجِد الْأَكْبَر فَسَمِعتهمْ يَقُولُونَ ﴿وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم﴾ إِلَى ﴿عذَابا عَظِيما﴾ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار: وَجَبت لمن فعل هَذَا النَّار حَتَّى نزلت (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء الْآيَة ٤٨) فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار: مَا شَاءَ يصنع الله مَا شَاءَ فَسكت عَنْهُم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن هِشَام بن حسان قَالَ: كُنَّا عِنْد مُحَمَّد بن سِيرِين فَقَالَ لَهُ رجل (وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم) حَتَّى ختم الْآيَة فَغَضب مُحَمَّد وَقَالَ: أَيْن أَنْت عَن هَذِه الْآيَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) قُم عني أخرج عني قَالَ: فَأخْرج
وَأخرج القتبي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن قُرَيْش بن أنس قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن عبيد يَقُول: يُؤْتى بِي يَوْم الْقِيَامَة فَأَقَامَ بَين يَدي الله قيقول لي لم قلت إِن الْقَاتِل فِي النَّار فَأَقُول أَنْت قلته ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة (وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم) قلت لَهُ: وَمَا فِي الْبَيْت أَصْغَر مني أَرَأَيْت إِن قَالَ لَك فَإِنِّي قد قلت (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) من أَيْن علمت أَنِّي لَا أَشَاء أَن أَغفر قَالَ: فَمَا اسْتَطَاعَ أَن يرد عَليّ شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي إِسْحَاق قَالَ أَتَى رجل عمر فَقَالَ لقَاتل الْمُؤمن تَوْبَة قَالَ: نعم ثمَّ قَرَأَ (حم تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَاتل الْمُؤمن قَالَ: كَانَ يُقَال: لَهُ تَوْبَة إِذا نَدم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة
مثله
قَالَ سُفْيَان: كَانَ أهل الْعلم إِذا سئلوا قَالُوا: لَا تَوْبَة لَهُ
فَإِذا ابتلى بِهِ رجل قَالُوا: كذبت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: كَفَّارَة الْقَتْل الْقَتْل
وَأخرج عبد بن حميد والنحاس عَن سعد بن عُبَيْدَة أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول: لمن قتل مُؤمنا تَوْبَة
قَالَ: فَجَاءَهُ رجل فَسَأَلَهُ أَلِمَنْ قتل مُؤمنا تَوْبَة قَالَ: لَا إِلَّا النَّار
فَلَمَّا قَامَ الرجل قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا كنت هَكَذَا تفتينا كنت تفتينا أَن لمن قتل مُؤمنا تَوْبَة مَقْبُولَة فَمَا شَأْن هَذَا الْيَوْم قَالَ: إِنِّي أَظُنهُ رجل يغْضب يُرِيد أَن يقتل مُؤمنا فبعثوا فِي أَثَره فوجدوه كَذَلِك
وَأخرج النّحاس عَن نَافِع وَسَالم أَن رجلا سَأَلَ عبد الله بن عمر كَيفَ ترى فِي رجل قتل قتل رجلا عمدا قَالَ: أَنْت قتلته قَالَ: نعم
قَالَ: تب إِلَى الله يتب عَلَيْك
وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن أسلم قَالَ: لَيْسَ للْقَاتِل تَوْبَة إِلَّا أَن يُقَاد مِنْهُ أَو يُعْفَى عَنهُ أَو تُؤْخَذ مِنْهُ الدِّيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان قَالَ: بلغنَا أَن الَّذِي يقتل مُتَعَمدا فكفارته أَن يُقيد من نَفسه أَو أَن يُعْفَى عَنهُ أَو تُؤْخَذ مِنْهُ الدِّيَة فَإِن فعل بِهِ ذَلِك رجونا أَن تكون كَفَّارَته ويستغفر ربه فَإِن لم يفعل من ذَلِك شَيْئا فَهُوَ فِي مَشِيئَة الله إِن شَاءَ غفر لَهُ وَإِن شَاءَ لم يغْفر لَهُ فَقَالَ سُفْيَان: فَإِذا جَاءَك من لم يقتل فَشدد عَلَيْهِ وَلَا ترخص لَهُ لكَي يفْرض وَإِن كَانَ مِمَّن قتل فسألك فَأخْبرهُ لَعَلَّه يَتُوب وَلَا تؤيسه
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: لِأَن أَتُوب من الشّرك أحب إِلَيّ من أَتُوب من قتل الْمُؤمن
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وأدّى زَكَاة مَاله طيبَة بهَا نَفسه محتبساً وَسمع وأطاع فَلهُ الْجنَّة
وَخمْس لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَة: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس بِغَيْر حق وبهت مُؤمن والفرار من الزَّحْف وَيَمِين صابرة تقتطع بهَا مَالا بِغَيْر حق
قَالَ أَبُو زرْعَة: بضروب مَا قتل
وَأخرج ابْن شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله للدينا وَمَا فِيهَا أَهْون على الله من قتل مُسلم بِغَيْر حق
وَأخرج النَّسَائِيّ والنحاس عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لزوَال الدِّينَا أَهْون على الله من قتل رجل مُسلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدِّينَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقتل مُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدِّينَا
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن بُرَيْدَة عَن النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لقتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدُّنْيَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لَا يزل الرجل فِي فسحة من دينه مَا نقيت كَفه من الدَّم فَإِذا أغمس يَده فِي الدَّم الْحَرَام نزع حياؤه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل فَيَقُول: يَا رب هَذَا قتلني
قَالَ: لمَ قتلته فَيَقُول لتَكون الْعِزَّة لَك
فَيَقُول: فَإِنَّهَا لي
وَيَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل فَيَقُول: يَا رب قتلني هَذَا
فَيَقُول الله: لمَ قتلت هَذَا فَيَقُول: قتلته لتَكون الْعِزَّة لفُلَان
فَيَقُول: إِنَّهَا لَيست لَهُ بؤ بإثمه
وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل
مَوْقُوفا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: يجلس الْمَقْتُول يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا مر الَّذِي قَتله قَامَ فَأَخذه فَينْطَلق فَيَقُول: يَا رب سَله لمَ قتلني فَيَقُول: فيمَ قتلته فَيَقُول: أَمرنِي فلَان فيعذب الْقَاتِل والآمر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض اشْتَركُوا فِي دم مُؤمن لأكبَّهم الله جَمِيعًا فِي النَّار
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن الْبَراء ابْن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قتل بِالْمَدِينَةِ قَتِيل على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعلم من قَتله فَصَعدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر فَقَالَ: أَيهَا النَّاس قتل قَتِيل وَأَنا فِيكُم وَلَا نعلم من قَتله وَلَو اجْتمع أهل السَّمَاء وَالْأَرْض على قتل امرىء لعذبهم الله إِلَّا أَن يفعل مَا يَشَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن جُنْدُب البَجلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن لَا يحول بَينه وَبَين الْجنَّة ملْء كف من دم امرىء مُسلم أَن يهرقه كلما تعرض لباب من أَبْوَاب الْجنَّة حَال بَينه وَبَينه
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يزَال الْمُؤمن معنقاً صَالحا مَا لم يصب دَمًا فَإِذا أصَاب دَمًا حَرَامًا بلح
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن الثقلَيْن اجْتَمعُوا على قتل مُؤمن لأكبَّهم الله على مناخرهم فِي النَّار وَأَن الله حرم الْجنَّة على الْقَاتِل والآمر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قسمت النَّار سبعين جُزْءا
للْآمِر تِسْعَة وَسِتِّينَ وللقاتل جُزْءا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن عجلَان قَالَ: كنت بالإسكندرية فَحَضَرت رجلا الْوَفَاة لم نرَ من خلق الله أحدا كَانَ أخْشَى لله مِنْهُ فَكُنَّا نلقنه فَيقبل كلما لقناه من سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله فَإِذا جَاءَت لَا إِلَه إِلَّا الله أَبى فَقُلْنَا لَهُ: مَا رَأينَا من خلق الله أحدا كَانَ أخْشَى لله مِنْك فنلقنك فتلقن حَتَّى إِذا جَاءَت لَا إِلَه إِلَّا الله أَبيت قَالَ: إِنَّه حيل بيني وَبَينهَا وَذَلِكَ أَنِّي قتلت نفسا فِي شبيبتي
وَأخرج ابْن ماحه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من عبد يلقى الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا لم يتند بِدَم حرَام إِلَّا أَدخل الْجنَّة من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مُسلم أخي الزُّهْرِيّ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد سَالم بن عبد الله فِي نفر من أهل الْمَدِينَة فَقَالَ رجل: ضرب الْأَمِير آنِفا رجلا أسواطاً فَمَاتَ
فَقَالَ سَالم: عَابَ الله على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي نفس كَافِر قَتلهَا
أَحَي والداك قَالَ: لَا
قَالَ: فأحدهما قَالَ: لَا
قَالَ: لَو كَانَا حيين أَو أَحدهمَا لرجوت لَك وَمَا أجد لَك مخرجا إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث قَالَ: وَمَا هن قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تحييه كَمَا قتلته قَالَ: لَا وَالله قَالَ: فَهَل تَسْتَطِيع أَن لَا تَمُوت قَالَ: لَا وَالله مَا من الْمَوْت بُد فَمَا الثَّالِثَة قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تبتغي نفقاً فِي الأَرْض أَو سلما فِي السَّمَاء فَقَامَ الرجل وَله صُرَاخ فَلَقِيَهُ أَبُو هُرَيْرَة فَسَأَلَهُ فَقَالَ: وَيحك
حَيَّان والداك قَالَ: لَا
قَالَ: لَو كَانَا حيين أَو أَحدهمَا لرجوت لَك وَلَكِن اغز فِي سَبِيل الله وتَعَرَّضْ للشَّهَادَة فَعَسَى
الْآيَة ٩٤
فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا غنيمته فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فَتَبَيَّنُوا﴾ إِلَى قَوْله ﴿عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ قَالَ: تِلْكَ الْغَنِيمَة
قَالَ: قَرَأَ ابْن عَبَّاس ﴿السَّلَام﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَعبد بن حميد وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مر رجل من بني سليم بِنَفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَسُوق غنما لَهُ فَسلم عَلَيْهِم فَقَالُوا: مَا سلم علينا إِلَّا ليتعوّذ منا فعمدوا لَهُ فَقَتَلُوهُ وَأتوا بغنمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيق يزِيد بن عبد الله بن قسيط عَن أبي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه نَحوه وَفِيه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقتلته بَعْدَمَا قَالَ: آمَنت بِاللَّه فَنزل الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محلم بن جثامة مبعثاً فَلَقِيَهُمْ عَامر بن الأضبط فحياهم بِتَحِيَّة الْإِسْلَام وَكَانَت بَينهم إحْنَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَرَمَاهُ محلم بِسَهْم فَقتله فجَاء الْخَبَر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء محلم فِي بردين فَجَلَسَ بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَسْتَغْفِر لَهُ فَقَالَ: لَا غفر الله لَك
فَقَامَ وَهُوَ يتلَقَّى دُمُوعه ببرديه فَمَا مَضَت بِهِ سَاعَة حَتَّى مَاتَ ودفنوه فلفظته الأَرْض فجاؤوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: إِن الأَرْض تقبل من هُوَ شَرّ من صَاحبكُم وَلَكِن الله أَرَادَ أَن يعظكم ثمَّ طرحوه فِي جبل وألقوا عَلَيْهِ الْحِجَارَة فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ﴾ الْآيَة
وَأخرج الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فِيهَا الْمِقْدَاد بن الْأسود فَلَمَّا أَتَوا الْقَوْم وجدوهم قد تفَرقُوا وَبَقِي رجل لَهُ مَال كثير لم يبرح فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
فَأَهوى إِلَيْهِ الْمِقْدَاد فَقتله
فَقَالَ لَهُ رجل من أَصْحَابه: أقتلت رجلا شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله لأذكرن ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا رَسُول الله إِن رجلا شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقتله الْمِقْدَاد
فَقَالَ: ادعوا إليَّ الْمِقْدَاد فَقَالَ: يَا مقداد أقتلت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام﴾ فِي مرداس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يتَكَلَّم بِالْإِسْلَامِ ويؤمن بِاللَّه وَالرَّسُول وَيكون فِي قومه فَإِذا جَاءَت سَرِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر بهَا حيه - يَعْنِي قومه - وَأقَام الرجل لَا يخَاف الْمُؤمنِينَ من أجل أَنه على دينهم حَتَّى يلقاهم فيلقي إِلَيْهِم السَّلَام فَيَقُولُونَ: لست مُؤمنا وَقد ألْقى السّلم فيقتلونه فَقَالَ الله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فَتَبَيَّنُوا﴾ إِلَى ﴿تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ يَعْنِي تَقْتُلُونَهُ إِرَادَة أَن يحل لكم مَاله الَّذِي وجدْتُم مَعَه وَذَلِكَ عرض الْحَيَاة الدِّينَا فَإِن عِنْدِي مَغَانِم كَثِيرَة والتمسوا من فضل الله
وَهُوَ رجل اسْمه مرداس خلى قومه هاربين من خيل بعثها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا رجل من بني لَيْث اسْمه قليب حَتَّى إِذا وصلت الْخَيل سلّم عَلَيْهِم فَقَتَلُوهُ فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَهله بديته ورد إِلَيْهِم مَاله وَنهى الْمُؤمنِينَ عَن مثل ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فَتَبَيَّنُوا﴾ قَالَ: هَذَا الحَدِيث فِي شَأْن مرداس رجل من غطفان ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث جَيْشًا عَلَيْهِم غَالب اللَّيْثِيّ إِلَى أهل فدك وَبِه نَاس من غطفان وَكَانَ مرداس مِنْهُم
ففر أَصْحَابه فَقَالَ مرداس: إِنِّي مُؤمن وعَلى متبعكم
فصبحته الْخَيل غدْوَة فَلَمَّا لقوه سلم عَلَيْهِم مرداس فَتَلقاهُ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَا كَانَ مَعَه من مَتَاع فَأنْزل الله فِي شَأْنه ﴿وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا﴾ لِأَن تَحِيَّة الْمُسلمين السَّلَام بهَا يَتَعَارَفُونَ وَبهَا يحيي بَعضهم بَعْضًا
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله﴾ الْآيَة
قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة عَلَيْهَا أُسَامَة بن زيد إِلَى بني ضَمرَة فَلَقوا رجلا مِنْهُم يدعى مرداس بن نهيك مَعَه غنم لَهُ وجمل أَحْمَر فَلَمَّا
فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هلا شققت عَن قلبه فَنَظَرت إِلَيْهِ
فَأنْزل الله خبر هَذَا وَأخْبر إِنَّمَا قَتله من أجل جمله وغنمه فَذَلِك حِين يَقُول ﴿تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ فَلَمَّا بلغ ﴿فَمن الله عَلَيْكُم﴾ يَقُول: فَتَابَ الله عَلَيْكُم فَحلف أُسَامَة أَن لَا يُقَاتل رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله بعد ذَلِك الرجل وَمَا لَقِي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَهَبُوا يتطرقون فَلَقوا أُنَاسًا من الْعَدو فحملوا عَلَيْهِم فهزموهم فَشد رجل مِنْهُم فَتَبِعَهُ رجل يُرِيد مَتَاعه فَلَمَّا غشيه بِالسِّنَانِ قَالَ: إِنِّي مُسلم إِنِّي مُسلم
فأوجره السنان فَقتله وَأخذ متيعه فَرفع ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْقَاتِل: أقتلته بعد أَن قَالَ إِنِّي مُسلم قَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا قَالَهَا متعوّذاً
قَالَ: أَفلا شققت عَن قلبه قَالَ: لمَ يَا رَسُول الله قَالَ: لتعلم أصادق هُوَ أَو كَاذِب قَالَ: وَكنت عَالم ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا كَانَ يعبر عَنهُ لِسَانه إِنَّمَا كَانَ يعبر عَنهُ لِسَانه
قَالَ: فَمَا لبث الْقَاتِل أَن مَاتَ فحفر لَهُ أَصْحَابه فَأصْبح وَقد وَضعته الأَرْض ثمَّ عَادوا فَحَفَرُوا لَهُ فَأصْبح وَقد وَضعته الأَرْض إِلَى جنب قَبره
قَالَ الْحسن: فَلَا أَدْرِي كم قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كم دفناه مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة كل ذَلِك لَا تقبله الأَرْض فَلَمَّا رَأينَا الأَرْض لَا تقبله أَخذنَا برجليه فألقيناه فِي بعض تِلْكَ الشعاب فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فتبيَّنوا﴾ أهل الْإِسْلَام إِلَى آخر الْآيَة
قَالَ الْحسن: أما وَالله مَا ذَاك أَن تكون الأَرْض تجن من هُوَ شَرّ مِنْهُ وَلَكِن وعظ الله الْقَوْم أَن لَا يعودوا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا﴾
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَهَلا شققت عَن قلبه ثمَّ مَاتَ قَاتل الرجل فقبر فلفظته الأَرْض فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَمرهمْ أَن يقبروه ثمَّ لفظته حَتَّى فعل ذَلِك بِهِ ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الأَرْض أَبَت أَن تقبله فألقوه فِي غَار من الغيران
قَالَ معمر: وَقَالَ بَعضهم: إِن الأَرْض تقبل من هُوَ شَرّ مِنْهُ وَلَكِن الله جعله لكم عِبْرَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق أَن قوما من الْمُسلمين لقوا رجلا من الْمُشْركين وَمَعَهُ غنيمَة لَهُ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم إِنِّي مُؤمن
فظنواأنه يتَعَوَّذ بذلك فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا عنيمته فَأنْزل الله ﴿وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ تِلْكَ الْغَنِيمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: خرج الْمِقْدَاد بن الْأسود فِي سَرِيَّة بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمروا بِرَجُل فِيهِ غنيمَة لَهُ فَقَالَ: إِنِّي مسالم
فَقتله ابْن الْأسود فَلَمَّا قدمُوا ذكرُوا ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ قَالَ: الْغَنِيمَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: نزل ذَلِك فِي رجل قَتله أَبُو الدَّرْدَاء فَذكر من قصَّة أبي الدَّرْدَاء نَحْو الْقِصَّة الَّتِي ذكرت عَن أُسَامَة بن زيد وَنزل الْقُرْآن ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ﴾ فَقَرَأَ
حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله ﴿إِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا﴾ قَالَ: راعي غنم لقِيه نفر من الْمُؤمنِينَ فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَا مَعَه وَلم يقبلُوا مِنْهُ السَّلَام عَلَيْكُم إِنِّي مُؤمن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا﴾ قَالَ: حرم الله على الْمُؤمنِينَ أَن يَقُولُوا لمن يشْهد
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن أبي رَجَاء وَالْحسن أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السّلم بِكَسْر السِّين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن ﴿لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿كَذَلِك كُنْتُم من قبل﴾ قَالَ: تستخفون بإيمانكم كَمَا استخفى هَذَا الرَّاعِي بإيمانه
وَفِي لفظ: تكتمون إيمَانكُمْ من الْمُشْركين ﴿فمنّ الله عَلَيْكُم﴾ فأظهر الْإِسْلَام فاعلنتم إيمَانكُمْ ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ قَالَ: وَعِيد من الله مرَّتَيْنِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿كَذَلِك كُنْتُم من قبل﴾ قَالَ: كُنْتُم كفَّارًا حَتَّى منّ الله عَلَيْكُم بِالْإِسْلَامِ وهداكم لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق ﴿كَذَلِك كُنْتُم من قبل﴾ لم تَكُونُوا مُؤمنين
وَأخرج عبد بن حميد عَن النُّعْمَان بن سَالم أَنه كَانَ يَقُول: نزلت فِي رجل من هُذَيْل
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ بِالْيَاءِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أُسَامَة قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة فصبحنا الحرقات من جُهَيْنَة فأدركت رجلا فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فطعنته فَوَقع فِي نَفسِي من ذَلِك فَذَكرته للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وقتلته قلت: يَا رَسُول الله إِنَّمَا قَالَهَا فرقا من السِّلَاح
قَالَ: أَلا شققت عَن قلبه حَتَّى تعلم قَالَهَا أم لَا
فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت أَنِّي أسلمت يؤمئذ
وَأخرج ابْن سعد عَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ: حَدثنَا الْحَضْرَمِيّ رجل من أهل الْيَمَامَة قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أُسَامَة بن زيد على جَيش
قَالَ أُسَامَة: فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلت أحدثه فَقلت: فَلَمَّا انهزم الْقَوْم أدْركْت رجلا
فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: وَيحك يَا أُسَامَة
فَكيف لَك بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَيحك يَا أُسَامَة
فَكيف لَك بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَلم يزل يُرَدِّدهَا عَليّ حَتَّى لَوَدِدْت أَنِّي انسلخت من كل عمل عملته واستقبلت الْإِسْلَام يَوْمئِذٍ جَدِيدا فَلَا وَالله أقَاتل أحدا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله بَعْدَمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ أُسَامَة بن زيد: لَا أقَاتل رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله أبدا
فَقَالَ سعد بن مَالك: وَأَنا - وَالله - لَا أقَاتل رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله أبدا
فَقَالَ لَهما رجل: ألم يقل الله (وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدّين كُله لله) (الْبَقَرَة الْآيَة ١٩٣) فَقَالَا: قد قاتلنا حَتَّى لم تكن فتْنَة وَكَانَ الدّين كُله لله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ عَن عقبَة بن مَالك اللَّيْثِيّ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فغارت على وقم فَأتبعهُ رجل من السّريَّة شاهراً فَقَالَ الشاذ من الْقَوْم: إِنِّي مُسلم فَلم ينظر فِيمَا قَالَ فَضَربهُ فَقتله فنمي الحَدِيث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فِيهِ قولا شَدِيدا فَبلغ الْقَاتِل
فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِذْ قَالَ الْقَاتِل: وَالله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوّذاً من الْقَتْل
فَأَعْرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ وَعَمن قبله من النَّاس وَأخذ فِي خطبَته ثمَّ قَالَ أَيْضا: يَا رَسُول الله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوّذاً من الْقَتْل
فَأَعْرض عَنهُ وَعَمن قبله من النَّاس وَأخذ فِي خطبَته ثمَّ لم يصبر فَقَالَ الثَّالِثَة: وَالله يَا رَسُول الله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوّذاً من الْقَتْل
فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعرف المساءة فِي وَجهه فَقَالَ: إِن الله أَبى عليّ لمن قتل مُؤمنا ثَلَاث مرَارًا
وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن اخْتلفت أَنا وَرجل من الْمُشْركين بضربتين فَقطع يَدي فَلَمَّا علوته بِالسَّيْفِ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله أضربه أم أَدَعهُ قَالَ: بل دَعه
قلت: قطع يَدي قَالَ: إِن ضَربته بعد أَن قَالَهَا فَهُوَ مثلك قبل أَن تقتله وَأَنت مثله قبل أَن يَقُولهَا
قَالَ: يَا رَسُول الله بَينا نَحن نطلب الْقَوْم وَقد هَزَمَهُمْ الله تَعَالَى إِذْ لحقت رجلا بِالسَّيْفِ فَلَمَّا خشِي أَن السَّيْف واقعه وَهُوَ يسْعَى وَيَقُول: إِنِّي مُسلم إِنِّي مُسلم
قَالَ: فَقتلته
فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا تعوّذ
فَقَالَ: فَهَلا شققت عَن قلبه فَنَظَرت أصادق هُوَ أم كَاذِب فَقَالَ: لَو شققت عَن قلبه مَا كَانَ علمي هَل قلبه إِلَّا مُضْغَة من لحم قَالَ: لَا مَا فِي قلبه تعلم وَلَا لِسَانه صدقت قَالَ: يَا رَسُول الله اسْتغْفر لي
قَالَ: لَا أسْتَغْفر لَك
فَمَاتَ ذَلِك الرجل فدفنوه فَأصْبح على وَجه الأَرْض ثمَّ دفنوه فَأصْبح على وَجه الأَرْض ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك اسْتَحْيوا وخزوا مِمَّا لَقِي فاحتملوه فألقوه فِي شعب من تِلْكَ الشعاب
الْآيَتَانِ ٩٥ - ٩٦
وَفِي لفظ: ادْع زيدا فجَاء وَمَعَهُ الدواة واللوح والكتف فَقَالَ: اكْتُبْ ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله﴾ وَخلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ضَرِير فَنزلت مَكَانهَا ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله﴾
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب قَالَ: حَدثنِي سهل بن سعد السَّاعِدِيّ ان مَرْوَان بن الحكم أخبرهُ: أَن زيد بن ثَابت أخبرهُ: أَن رَسُول
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَأحمد وَأَبُو دَاوُود وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق خَارِجَة بن زيد بن ثَابت عَن زيد بن ثَابت قَالَ: كنت إِلَى جنب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغَشِيتهُ السكينَة فَوَقَعت فَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فَخذي فَمَا وجدت ثقل شَيْء أثقل من فَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ سري عَنهُ: فَقَالَ: اكْتُبْ
فَكتبت فِي كتف ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فَقَالَ ابْن أم مَكْتُوم - وَكَانَ رجلا أعمى - لما سمع فضل الْمُجَاهدين: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن لَا يَسْتَطِيع الْجِهَاد من الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا قضى كَلَامه غشيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السكينَة فَوَقَعت فَخذه على فَخذي فَوجدت ثقلهَا فِي الْمرة الثَّانِيَة كَمَا وجدت فِي الْمرة الأولى ثمَّ سري عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اقْرَأ يَا زيد
فَقَرَأت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اكْتُبْ ﴿غير أولي الضَّرَر﴾ الْآيَة
قَالَ زيد: أنزلهَا الله وَحدهَا فَأَلْحَقْتهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لكَأَنِّي أنظر إِلَى مُلْحَقهَا عِنْد صدع فِي كتف
وَأخرج ابْن فهر فِي كتاب الْفَضَائِل مَالك وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الله بن رَافع قَالَ: قدم هَارُون الرشيد الْمَدِينَة فَوجه الْبَرْمَكِي إِلَى مَالك وَقَالَ لَهُ: احْمِلْ إليّ الْكتاب الَّذِي صنفته حَتَّى أسمعهُ مِنْك
فَقَالَ للبرمكي: أقرئه السَّلَام وَقل لَهُ: إِن الْعلم يزار وَلَا يزور وَإِن الْعلم يُؤْتى وَلَا يَأْتِي
فَرجع الْبَرْمَكِي إِلَى هَارُون فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يبلغ أهل الْعرَاق أَنَّك وجهت إِلَى مَالك فخالفك اعزم عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيك فَإِذا بِمَالك قد دخل وَلَيْسَ مَعَه كتاب وَأَتَاهُ مُسلما فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الله جعلك فِي هَذَا الْموضع لعلمك فَلَا تكن أَنْت أوّل من يضع الْعلم فيضعك الله وَلَقَد رَأَيْت من لَيْسَ فِي حَسبك وَلَا بَيْتك يعز هَذَا الْعلم ويجله فَأَنت أَحْرَى أَن
قَالَ زيد بن ثَابت: وقلمي رطب مَا جف حَتَّى غشي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي وَوَقع فَخذه على فَخذي حَتَّى كَادَت تدق من ثقل الْوَحْي ثمَّ جلى عَنهُ فَقَالَ لي: اكْتُبْ يَا زيد ﴿غير أولي الضَّرَر﴾ فيا أَمِير الْمُؤمنِينَ حرف وَاحِد بعث بِهِ جِبْرِيل وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام من مسيرَة خمسين ألف عَام حَتَّى أنزل على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يَنْبَغِي لي أَن أعزه وأجله
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر﴾ عَن بدر والخارجين إِلَى بدر لما نزلت غَزْوَة بدر قَالَ عبد الله بن جحش وَابْن أم مَكْتُوم: انا أعميان يَا رَسُول الله فَهَل لنا رخصَة فَنزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر﴾ وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين دَرَجَة فهولاء الْقَاعِدُونَ غير أولي الضَّرَر ﴿فضل الله الْمُجَاهدين بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم على القاعدين﴾ دَرَجَات مِنْهُ على القاعدين من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ﴾ عَن بدر والخارجين إِلَيْهَا
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن زيد بن أَرقم قَالَ: لما نزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله﴾ جَاءَ ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أما لي من رخصَة قَالَ: لَا
قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي ضَرِير فرخِّص لي
فَأنْزل الله ﴿غير أولي الضَّرَر﴾ فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكتابتها
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن الفلتان ابْن عَاصِم قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل عَلَيْهِ وَكَانَ إِذا أنزل عَلَيْهِ دَامَ بَصَره مَفْتُوحَة عَيناهُ وَفرغ سَمعه وَقَلبه لما يَأْتِيهِ من الله قَالَ: فَكُنَّا نَعْرِف ذَلِك مِنْهُ
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله﴾ فَسمع بذلك عبد الله بن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد أنزل الله فِي الْجِهَاد مَا قد علمت وَأَنا رجل ضَرِير الْبَصَر لَا أَسْتَطِيع الْجِهَاد فَهَل لي من رخصَة عِنْد الله إِن قعدت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أمرت فِي شَأْنك بِشَيْء وَمَا أَدْرِي هَل يكون لَك ولأصحابك من رخصَة
فَقَالَ ابْن أم مَكْتُوم: اللَّهُمَّ إِنِّي أنْشدك بَصرِي
فَأنْزل الله ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي نَضرة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي قوم كَانَت تشغلهم أمراض وأوجاع فَأنْزل الله عذرهمْ من السَّمَاء
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي ابْن أم مَكْتُوم ﴿غير أولي الضَّرَر﴾ لقد رَأَيْته فِي بعض مشَاهد الْمُسلمين مَعَه اللِّوَاء
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ﴾ قَامَ ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ضَرِير كَمَا ترى فَأنْزل الله ﴿غير أولي الضَّرَر﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ عبد الله بن أم مَكْتُوم: يَا نَبِي الله عُذْري فَأنْزل الله ﴿غير أولي الضَّرَر﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد قَالَ: نزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله﴾ فَقَالَ رجل أعمى: يَا نَبِي الله فَإِنِّي أحب الْجِهَاد وَلَا أَسْتَطِيع أَن أجاهد
فَنزلت ﴿غير أولي الضَّرَر﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ ابْن أم مَكْتُوم: يَا رَسُول الله إِنِّي أعمى وَلَا أُطِيق الْجِهَاد
فَأنْزل الله فِيهِ ﴿غير أولي الضَّرَر﴾
وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ثَابت عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى قَالَ: لما نزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله﴾ قَالَ ابْن أم مَكْتُوم: أَي رب أَيْن عُذْري أَي رب أَيْن عُذْري فَنزلت ﴿غير أولي الضَّرَر﴾ فَوضعت بَينهَا وَبَين الْأُخْرَى فَكَانَ بعد ذَلِك يَغْزُو وَيَقُول: ادفعوا إِلَيّ اللِّوَاء وأقيموني بَين الصفين فَإِنِّي لن أفر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: نزلت فِي ابْن أم مَكْتُوم أَربع آيَات ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر﴾ وَنزل فِيهِ (لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج) (النُّور الْآيَة ٦١) وَنزل فِيهِ (فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار
) (الْحَج الْآيَة ١٦) الْآيَة
وَنزل فِيهِ (عبس وَتَوَلَّى) (عبس الْآيَة ١) فَدَعَا بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدناه وقربه وَقَالَ: أَنْت الَّذِي عَاتَبَنِي فِيك رَبِّي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: لَا يَسْتَوِي فِي الْفضل الْقَاعِد عَن الْعَدو والمجاهد دَرَجَة يَعْنِي فَضِيلَة ﴿وكلا﴾ يَعْنِي الْمُجَاهِد والقاعد الْمَعْذُور ﴿وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين﴾ الَّذين لَا عذر لَهُم ﴿أجرا عَظِيما دَرَجَات﴾ يَعْنِي فَضَائِل ﴿وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما﴾ بِفضل سبعين دَرَجَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿غير أولي الضَّرَر﴾ قَالَ: أهل الْعذر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿فضل الله الْمُجَاهدين بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم على القاعدين دَرَجَة﴾ قَالَ: على أهل الضَّرَر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وكلا وعد الله الْحسنى﴾ أَي الْجنَّة وَالله يُؤْتِي كل ذِي فضل فَضله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج ﴿وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة﴾ قَالَ على القاعدين من الْمُؤمنِينَ ﴿غير أولي الضَّرَر﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن وهب قَالَ: سَأَلت ابْن زيد عَن قَول الله تَعَالَى ﴿وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات مِنْهُ﴾ الدَّرَجَات هِيَ السَّبع لتي ذكرهَا فِي سُورَة بَرَاءَة (مَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة وَمن حَولهمْ أَن يتخلفوا عَن رَسُول الله وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفسِهِم عَن نَفسه ذَلِك بِأَنَّهُم لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب) فَقَرَأَ حَتَّى بلغ (أحسن مَا كَانُوا يعْملُونَ) (التَّوْبَة الْآيَة ١٢٠ - ١٢١) قَالَ: هَذِه السَّبع دَرَجَات قَالَ: كَانَ أول شَيْء فَكَانَت دَرَجَة الْجِهَاد مجملة فَكَانَ الَّذِي جَاهد بِمَالِه لَهُ اسْم فِي هَذِه فَلَمَّا جَاءَت هَذِه الدَّرَجَات بالتفضيل أخرج مِنْهَا وَلم يكن لَهُ مِنْهَا إِلَّا النَّفَقَة فَقَرَأَ (لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب) (التَّوْبَة الْآيَة ١٢٠) وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا لصَاحب النَّفَقَة ثمَّ قَرَأَ (وَلَا يُنْفقُونَ نَفَقَة) قَالَ: وَهَذِه نَفَقَة الْقَاعِد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن محيريز فِي قَوْله ﴿وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات﴾ قَالَ: الدَّرَجَات سَبْعُونَ دَرَجَة مَا بَين الدرجتين عَدو الْجواد الْمُضمر سَبْعُونَ سنة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أبي محلز فِي قَوْله ﴿وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات﴾ قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا سَبْعُونَ دَرَجَة بَين كل دَرَجَتَيْنِ سَبْعُونَ عَاما للجواد الْمُضمر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة وَرَحْمَة﴾ قَالَ: ذكر لنا أَن معَاذ بن جبل كَانَ يَقُول: إِن للقتيل فِي سَبِيل الله سِتّ خِصَال من خير: أول دفْعَة من دَمه يكفر بهَا عَنهُ ذنُوبه ويحلى عَلَيْهِ حلَّة الْإِيمَان ثمَّ يفوز من الْعَذَاب ثمَّ يَأْمَن من الْفَزع الْأَكْبَر ثمَّ يسكن الْجنَّة ويزوج من الْحور الْعين
وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة أعدهَا الله للمجاهدين فِي سَبِيل الله مَا بَين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة أعدهَا الله للمجاهدين فِي سَبيله كل دَرَجَتَيْنِ بَينهمَا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من رَضِي بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَجَبت لَهُ الْجنَّة
عجب لَهَا أَبُو سعيد فَقَالَ: أعدهَا عليّ يَا رَسُول الله
فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: وَأُخْرَى يرفع الله بهَا العَبْد مائَة دَرَجَة فِي الْجنَّة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من بلغ بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَلهُ دَرَجَة
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا الدرجَة قَالَ: أما أَنَّهَا لَيست بِعتبَة أمك مَا بَين الدرجتين مائَة عَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ مِنْهَا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي مَالك قَالَ: كَانَ يُقَال: الْجنَّة مائَة دَرَجَة بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض فِيهِنَّ الْيَاقُوت وَالْخَيْل فِي كل دَرَجَة أَمِير يرَوْنَ لَهُ الْفضل والسؤدد
الْآيَات ٩٧ - ٩٩
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قول الله تعالى ﴿ وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ﴾ الدرجات هي السبع التي ذكرها في سورة براءة ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلفوا عن رسول الله، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ، ولا نصب ) فقرأ حتى بلغ ( أحسن ما كانوا يعملون ) ( التوبة الآية ١٢٠ - ١٢١ ) قال : هذه السبع درجات ؟ قال : كان أول شيء فكانت درجة الجهاد مجملة، فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه، فلما جاءت هذه الدرجات بالتفضيل أخرج منها ولم يكن له منها إلا النفقة فقرأ ( لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ) ( التوبة الآية ١٢٠ ) وقال : ليس هذا لصاحب النفقة، ثم قرأ ( ولا ينفقون نفقة ) قال : وهذه نفقة القاعد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن محيريز في قوله ﴿ وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات ﴾ قال : الدرجات سبعون درجة، ما بين الدرجتين عدو الجواد المضمر سبعون سنة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي مجلز في قوله ﴿ وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات ﴾ قال : بلغني أنها سبعون درجة، بين كل درجتين سبعون عاما للجواد المضمر.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ درجات منه ومغفرة ورحمة ﴾ قال : ذكر لنا أن معاذ بن جبل كان يقول : إن للقتيل في سبيل الله ست خصال من خير : أول دفعة من دمه يكفر بها عنه ذنوبه، ويحلى عليه حلة الإيمان، ثم يفوز من العذاب، ثم يأمن من الفزع الأكبر، ثم يسكن الجنة، ويزوج من الحور العين.
وأخرج البخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة ".
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين بينهما كما بين السماء والأرض ".
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم عن أبي سعيد. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة. عجب لها أبو سعيد فقال : أعدها علي يا رسول الله. فأعادها عليه ثم قال : وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض. قال : وما هي يا رسول الله ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ".
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة. فقال رجل : يا رسول الله وما الدرجة ؟ قال : أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام ".
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبادة بن الصامت. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والأرض ".
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال : كان يقال : الجنة مائة درجة، بين كل درجتين كما بين السماء إلى الأرض، فيهن الياقوت والخيل، في كل درجة أمير يرون له الفضل والسؤدد.
فَأنْزل الله ﴿إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ قوم من أهل مَكَّة أَسْلمُوا وَكَانُوا يستخفون بِالْإِسْلَامِ فَأخْرجهُمْ الْمُشْركُونَ مَعَهم يَوْم بدر فأصيب بَعضهم وَقتل بعض فَقَالَ الْمُسلمُونَ: قد كَانَ أَصْحَابنَا هَؤُلَاءِ مُسلمين وأكرهوا فاستغفروا لَهُم فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم﴾ إِلَى آخر الْآيَة
قَالَ فَكتب إِلَى من بَقِي بِمَكَّة من الْمُسلمين بِهَذِهِ الْآيَة وَأَنه لَا عذر لَهُم فَخَرجُوا فلحقهم الْمُشْركُونَ فاعطوهم الْفِتْنَة فأنزلت فيهم هَذِه الْآيَة (وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه فَإِذا أوذي فِي الله جعل فتْنَة النَّاس كعذاب الله) (العنكبوت الْآيَة ١٠) إِلَى آخر الْآيَة
فَكتب الْمُسلمُونَ إِلَيْهِم بذلك فَحَزِنُوا وَأَيِسُوا من كل خير فَنزلت فيهم (ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا ثمَّ جاهدوا وصبروا إِن رَبك من بعْدهَا لغَفُور رَحِيم) (النَّحْل الْآيَة ١١٠) فَكَتَبُوا إِلَيْهِم بذلك أَن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فَخَرجُوا فأدركهم الْمُشْركُونَ فقاتلوهم حَتَّى نجا من نجا وَقتل من قتل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم قَالُوا فيمَ كُنْتُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَسَاءَتْ مصيراً﴾ قَالَ: نزلت فِي قيس بن الْفَاكِه بن الْمُغيرَة والْحَارث بن زَمعَة بن الْأسود وَقيس بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأبي الْعَاصِ بن منية بن الْحجَّاج وَعلي بن أُميَّة بن خلف
قَالَ: لما خرج الْمُشْركُونَ من قُرَيْش وأتباعهم لمنع أبي سُفْيَان بن حَرْب وعير قُرَيْش من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأَن يطلبوا مَا نيل مِنْهُم يَوْم نَخْلَة خَرجُوا مَعَهم بشبان كارهين كَانُوا قد أَسْلمُوا واجتمعوا ببدر على غير موعد فَقتلُوا ببدر كفار وَرَجَعُوا عَن الْإِسْلَام وهم هَؤُلَاءِ الَّذين سميناهم
قَالَ: ونسيت الْخَامِس
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هم قوم تخلفوا بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتركُوا أَن يخرجُوا مَعَه فَمن مَاتَ مِنْهُم قبل أَن يلْحق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضربت الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ قوم بِمَكَّة قد أَسْلمُوا فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَرهُوا أَن يهاجروا وخافوا فَأنْزل الله ﴿إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم﴾ إِلَى قَوْله ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: هم أنَاس من الْمُنَافِقين تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَلم يخرجُوا مَعَه إِلَى الْمَدِينَة وَخَرجُوا مَعَ مُشْركي قُرَيْش إِلَى بدر فأصيبوا يَوْم بدر فِيمَن أُصِيب
فَأنْزل الله فيهم هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما أسر الْعَبَّاس وَعقيل وَنَوْفَل قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افْدِ نَفسك وَابْن أَخِيك
قَالَ: يَا رَسُول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك قَالَ: يَا عَبَّاس إِنَّكُم خاصمتم فخصمتم ثمَّ تَلا عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة ﴿ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة فتهاجروا فِيهَا فَأُولَئِك مأواهم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً﴾ فَيوم نزلت هَذِه الْآيَة كَانَ من أسلم وَلم يُهَاجر فَهُوَ كَافِر حَتَّى يُهَاجر ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ الَّذين ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا﴾ حِيلَة فِي المَال والسبيل الطَّرِيق
قَالَ ابْن عَبَّاس: كنت أَنا مِنْهُم من الْولدَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: حدثت أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي أنَاس تكلمُوا بِالْإِسْلَامِ من أهل مَكَّة فَخَرجُوا مَعَ عَدو الله أبي جهل فَقتلُوا يَوْم بدر فاعتذروا بِغَيْر عذر فَأبى الله أَن يقبل مِنْهُم وَقَوله ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ قَالَ: أنَاس من أهل مَكَّة عذرهمْ الله فاستثناهم
قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: كنت أَنا وَأمي من الَّذين لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة: نزلت هَذِه الْآيَة فِيمَن قتل يَوْم بدر من الضُّعَفَاء فِي كفار قُرَيْش
فَخرج أُولَئِكَ الَّذين كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِك القَوْل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم فقتلت طَائِفَة مِنْهُم وأسرت طَائِفَة قَالَ: فَأَما الَّذين قتلوا فهم الَّذين قَالَ الله ﴿إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم﴾ الْآيَة كلهَا ﴿ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة فتهاجروا فِيهَا﴾ وتتركوا هَؤُلَاءِ الَّذين يستضعفونكم ﴿فَأُولَئِك مأواهم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً﴾ ثمَّ عذر الله أهل الصدْق فَقَالَ ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا﴾ يتوجهون لَهُ لَو خَرجُوا لهلكوا ﴿فَأُولَئِك عَسى الله أَن يعْفُو عَنْهُم﴾ اقامتهم بَين ظَهْري الْمُشْركين
وَقَالَ الَّذين أَسرُّوا: يَا رَسُول الله انك تعلم انا كُنَّا نَأْتِيك فنشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَأَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم خرجنَا مَعَهم خوفًا فَقَالَ الله (يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم) (الْأَنْفَال الْآيَة ٧٠) صنيعكم الَّذِي صَنَعْتُم خروجكم مَعَ الْمُشْركين على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتك فقد خانوا الله من قبل) (الْأَنْفَال الْآيَة ٧١) خَرجُوا مَعَ الْمُشْركين فَأمكن مِنْهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ
أَنا من الْولدَان وَأمي من النِّسَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه تَلا ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان﴾ قَالَ: كنت أَنا وَأمي مِمَّن عذر الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانو يَدْعُو فِي دبر كل صَلَاة: اللَّهُمَّ خلص الْوَلِيد وَسَلَمَة بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْعشَاء إِذْ قَالَ: سمع الله لمن حَمده
ثمَّ قَالَ قبل أَن يسْجد: اللَّهُمَّ نج عَيَّاش بن أبي ربيعَة اللَّهُمَّ نج سَلمَة بن هِشَام اللَّهُمَّ نج الْوَلِيد بن الْوَلِيد اللَّهُمَّ نج الْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِين كَسِنِي يُوسُف
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ يَعْنِي الشَّيْخ الْكَبِير والعجوز والجواري الصغار والغلمان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ صباحاً يقنت فِي صَلَاة الصُّبْح بعد الرُّكُوع وَكَانَ يَقُول فِي قنوته: اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة والعاصي بن هِشَام وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ بِمَكَّة الَّذين ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا﴾
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ﴿إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَسَاءَتْ مصيراً﴾ قَالَ: كَانُوا قوما من الْمُسلمين بِمَكَّة فَخَرجُوا مَعَ قَومهمْ من الْمُشْركين فِي قتال فَقتلُوا مَعَهم فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان﴾ فعذر الله أهل الْعذر مِنْهُم وَهلك من لَا عذر لَهُ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَكنت أَنا وَأمي مِمَّن كَانَ لَهُ عذر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة﴾ قُوَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة﴾ قَالَ: نهوضاً إِلَى الْمَدِينَة ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا﴾ طَرِيقا إِلَى الْمَدِينَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا﴾ طَرِيقا إِلَى الْمَدِينَة
وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَة ١٠٠
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : حدثت أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة، فخرجوا مع عدو الله أبي جهل، فقتلوا يوم بدر فاعتذروا بغير عذر، فأبى الله أن يقبل منهم، وقوله ﴿ إلا المستضعفين ﴾ قال : أناس من أهل مكة عذرهم الله فاستثناهم. قال : وكان ابن عباس يقول : كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية : نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم بدر من الضعفاء، في كفار قريش.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال :" لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وظهروا ونبع الإيمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال فقالوا : يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا، ويفعلون ويفعلون لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فكانوا يقولون ذلك له، فلما كان يوم بدر قام المشركون فقالوا : لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره، واستبحنا ماله.
فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وسلم معهم، فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة، قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله ﴿ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ الآية كلها ﴿ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ﴾ وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم ﴿ أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ﴾ ثم عذر الله أهل الصدق فقال ﴿ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ﴾ يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا. ﴿ فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ﴾ إقامتهم بين ظهري المشركين.
وقال الذين أسروا : يا رسول الله إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وإن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا ؟ فقال الله ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم ) ( الأنفال الآية ٧٠ ) صنيعكم الذي صنعتم خروجكم مع المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم. ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل ) ( الأنفال الآية ٧١ ) خرجوا مع المشركين فأمكن منهم ".
فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وسلم معهم، فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة، قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله ﴿ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ الآية كلها ﴿ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ﴾ وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم ﴿ أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ﴾ ثم عذر الله أهل الصدق فقال ﴿ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ﴾ يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا. ﴿ فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ﴾ إقامتهم بين ظهري المشركين.
وقال الذين أسروا : يا رسول الله إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وإن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا ؟ فقال الله ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم ) ( الأنفال الآية ٧٠ ) صنيعكم الذي صنعتم خروجكم مع المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم. ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل ) ( الأنفال الآية ٧١ ) خرجوا مع المشركين فأمكن منهم ".
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين. أنا من الولدان، وأمي من النساء.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه تلا ﴿ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ﴾ قال : كنت أنا وأمي ممن عذر الله.
واخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر كل صلاة : اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين، الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ".
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال :" بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال : سمع الله لمن حمده. ثم قال قبل أن يسجد : اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج الوليد بن الوليد، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف ".
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله ﴿ إلا المستضعفين ﴾ يعني الشيخ الكبير، والعجوز، والجواري الصغار، والغلمان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن يحيى قال :" مكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع، وكان يقول في قنوته : اللهم أنج الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، والعاصي بن هشام، والمستضعفين من المؤمنين بمكة الذين ﴿ لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ﴾ ".
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال ﴿ الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ إلى قوله ﴿ وساءت مصيرا ﴾ قال : كانوا قوما من المسلمين بمكة، فخرجوا مع قومهم من المشركين في قتال، فقتلوا معهم، فنزلت هذه الآية ﴿ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ﴾ فعذر الله أهل العذر منهم، وهلك من لا عذر له قال ابن عباس : وكنت أنا وأمي ممن كان له عذر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ لا يستطيعون حيلة ﴾ قوة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ لا يستطيعون حيلة ﴾ قال : نهوضا إلى المدينة ﴿ ولا يهتدون سبيلا ﴾ طريقا إلى المدينة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ﴿ ولا يهتدون سبيلا ﴾ طريقا إلى المدينة. والله تعالى أعلم.
وَالسعَة الرزق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿مراغماً﴾ قَالَ: متزحزحاً عَمَّا يكره
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله ﴿مراغماً﴾ قَالَ: منفسحاً بلغَة هُذَيْل
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: واترك أَرض جهرة إِن عِنْدِي رَجَاء فِي المراغم والتعادي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: المراغم المُهَاجر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ مراغماً قَالَ: مبتغى للمعيشة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر مراغماً قَالَ منفسحاً
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿يجد فِي الأَرْض مراغماً كثيرا وسعة﴾ قَالَ: متحولاً من الضَّلَالَة إِلَى الْهدى وَمن الْعيلَة إِلَى الْغنى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿وسعة﴾ قَالَ: ورخاء
وَأخرج عَن ابْن الْقَاسِم قَالَ: سُئِلَ مَالك عَن قَول الله ﴿وسعة﴾ قَالَ: سَعَة الْبلَاء
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج ضَمرَة بن جُنْدُب من بَيته مُهَاجرا فَقَالَ لأَهله: احْمِلُونِي فاخرجوني من أَرض الْمُشْركين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَ فِي الطَّرِيق قبل أَن يصل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل الْوَحْي ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ بِمَكَّة رجل يُقَال لَهُ ضَمرَة من بني بكر وَكَانَ مَرِيضا فَقَالَ لأَهله: أَخْرجُونِي من مَكَّة فَإِنِّي أجد الْحر
فَقَالُوا أَيْن نخرجك فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو طَرِيق الْمَدِينَة فَخَرجُوا بِهِ فَمَاتَ على ميلين من مَكَّة فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت﴾
قَالَ: نزلت فِي أَكْثَم بن صَيْفِي قلت: فَأَيْنَ اللَّيْثِيّ قَالَ: هَذَا قبل اللَّيْثِيّ بِزَمَان وَهِي خَاصَّة عَامَّة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن جُبَير إِن رجلا من خُزَاعَة كَانَ بِمَكَّة فَمَرض وَهُوَ ضَمرَة بن الْعيص أَو الْعيص بن ضَمرَة بن زنباع فَلَمَّا أمروا بِالْهِجْرَةِ كَانَ مَرِيضا فَأمر أَهله أَن يفرشوا لَهُ على سَرِيره ففرشوا لَهُ وَحَمَلُوهُ وَانْطَلَقُوا بِهِ مُتَوَجها إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا كَانَ بِالتَّنْعِيمِ مَاتَ فَنزل ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن أبي ضَمرَة بن الْعيص الزرقي الَّذِي كَانَ مصاب الْبَصَر وَكَانَ بِمَكَّة فَلَمَّا نزلت (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة) (النِّسَاء الْآيَة ٩٧) فَقَالَ: إِنِّي لَغَنِيّ وَإِنِّي لذُو حِيلَة
فتجهز يُرِيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدركه الْمَوْت بِالتَّنْعِيمِ فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله﴾
وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر) (النِّسَاء الْآيَة ٩٦) رخَّص فِيهَا لقوم من الْمُسلمين مِمَّن بِمَكَّة من أهل الضَّرَر حَتَّى نزلت فَضِيلَة الْمُجَاهدين على القاعدين وَرخّص لأهل الضَّرَر حَتَّى نزلت (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) إِلَى قَوْله (وَسَاءَتْ مصيرا) (النِّسَاء الْآيَة ٩٦) قَالُوا: هَذِه مُوجبَة حَتَّى نزلت (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا) (النِّسَاء الْآيَة ٩٨) فَقَالَ ضَمرَة بن الْعيص أحد بني لَيْث وَكَانَ مصاب الْبَصَر: إِنِّي لذُو حِيلَة لي مَال فاحملوني فَخرج وَهُوَ مَرِيض فأدركه الْمَوْت عِنْد التَّنْعِيم فَدفن عِنْد مَسْجِد التَّنْعِيم فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير من وَجه آخر عَن قَتَادَة قَالَ: لما نزلت (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) (النِّسَاء الْآيَة ٩٧) قَالَ رجل من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ وهومريض: وَالله مَا لي من عذر إِنِّي لدَلِيل بِالطَّرِيقِ وَإِنِّي لموسر فاحملوني فَحَمَلُوهُ فأدركه الْمَوْت بِالطَّرِيقِ فَنزل فِيهِ ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أنزل الله (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) (النِّسَاء الْآيَة ٩٧) الْآيَتَيْنِ
قَالَ رجل من بني ضَمرَة - وَكَانَ مَرِيضا - أَخْرجُونِي إِلَى الرّوح فأخرجوه حَتَّى إِذا كَانَ بالحصحاص مَاتَ فَنزل فِيهِ ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن علْبَاء بن أَحْمَر قَوْله ﴿وَمن يخرج من بَيته﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي رجل من خُزَاعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما سمع - هَذِه يَعْنِي (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم
) (النِّسَاء الْآيَة ٩٧) الْآيَة - ضَمرَة بن جُنْدُب الضمرِي قَالَ لأَهله - وَكَانَ وجعاً -: أرحلوا رَاحِلَتي فَإِن الأخشبين قد غماني - يَعْنِي جبلي مَكَّة - لعلّي أَن أخرج فيصيبني روح فَقعدَ على رَاحِلَته ثمَّ توجه نَحْو الْمَدِينَة فَمَاتَ فِي الطَّرِيق فَأنْزل الله ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا﴾ الْآيَة
وَأما حِين توجه إِلَى الْمَدِينَة فَإِنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي مهَاجر إِلَيْك وَإِلَى رَسُولك
) (النِّسَاء الْآيَة ٩٧) الْآيَة
قَالَ ضَمرَة بن جُنْدُب الجندعي: اللَّهُمَّ أبلغت المعذرة وَالْحجّة وَلَا معذرة لي وَلَا حجَّة
ثمَّ خرج وَهُوَ شيخ كَبِير فَمَاتَ بِبَعْض الطَّرِيق فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَاتَ قبل أَن يُهَاجر فَلَا نَدْرِي أَعلَى ولَايَة أم لَا فَنزلت ﴿وَمن يخرج من بَيته﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما أنزل الله فِي الَّذين قتلوا مَعَ مُشْركي قُرَيْش ببدر (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) (النِّسَاء الْآيَة ٩٧) الْآيَة
سمع بِمَا أنزل الله فيهم رجل من بني لَيْث كَانَ على دين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُقيما بِمَكَّة وَكَانَ مِمَّن عذر الله كَانَ شَيخا كَبِيرا فَقَالَ لأَهله: مَا أَنا ببائت اللَّيْلَة بِمَكَّة
فَخَرجُوا بِهِ حَتَّى إِذا بلغ التَّنْعِيم من طَرِيق الْمَدِينَة أدْركهُ الْمَوْت فَنزل فِيهِ ﴿وَمن يخرج من بَيته﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل من بني لَيْث أحد بني جندع
وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط أَن جندع بن ضَمرَة الجندعي كَانَ بِمَكَّة فَمَرض فَقَالَ لِبَنِيهِ: أَخْرجُونِي من مَكَّة فقد قتلني غمها
فَقَالُوا إِلَى أَيْن فَأَوْمأ بِيَدِهِ نَحْو الْمَدِينَة يُرِيد الْهِجْرَة فَخَرجُوا بِهِ فَلَمَّا بلغُوا اضاة بني غفار مَاتَ فَأنْزل الله فِيهِ ﴿وَمن يخرج من بَيته﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: هَاجر رجل من بني كنَانَة يُرِيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَ فِي الطَّرِيق فَسخرَ بِهِ قوم واستهزؤوا بِهِ وَقَالَ: لَا هُوَ بلغ الَّذِي يُرِيد وَلَا هُوَ أَقَامَ فِي أَهله يقومُونَ عَلَيْهِ ويدفن
فَنزل الْقُرْآن ﴿وَمن يخرج من بَيته﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: خرج رجل من مَكَّة بعد مَا أسلم وَهُوَ يُرِيد النَّبِي وَأَصْحَابه فأدركه الْمَوْت فِي الطَّرِيق فَمَاتَ فَقَالُوا: مَا أدْرك هَذَا من شَيْء
فَأنْزل الله ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: هَاجر خَالِد بن حزَام إِلَى أَرض الْحَبَشَة فنهشته حَيَّة فِي الطَّرِيق فَمَاتَ فَنزلت
قَالَ الزبير: وَكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وَأَنا بِأَرْض الْحَبَشَة فَمَا أحزنني شَيْء حزني لوفاته حِين بَلغنِي لِأَنَّهُ قلَّ أَن هَاجر أحدٌ من قُرَيْش إِلَّا وَمَعَهُ بعض أَهله أَو ذِي رَحمَه وَلم يكن معي أحد من بني أَسد بن عبد الْعُزَّى وَلَا أَرْجُو غَيره
وَأخرج ابْن سعد عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْخُزَاعِيّ عَن أَبِيه قَالَ: خرج خَالِد بن حزَام مُهَاجرا إِلَى أَرض الْحَبَشَة فِي الْمرة الثَّانِيَة فنهش فِي الطَّرِيق فَمَاتَ قبل أَن يدْخل أَرض الْحَبَشَة فَنزلت فِيهِ ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد بن أبي حبيب أَن أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: من خرج فاصلاً وَجب سَهْمه وتأولوا قَوْله تَعَالَى ﴿وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله﴾ يَعْنِي من مَاتَ مِمَّن خرج إِلَى الْغَزْو بعد انْفِصَاله من منزله قبل أَن يشْهد الْوَقْعَة فَلهُ سَهْمه من الْمغنم
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عتِيك سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من خرج من بَيته مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله - وَأَيْنَ المجاهدون فِي سَبِيل الله - فَخر عَن دَابَّته فَمَاتَ فقد وَقع أجره على الله أَو لدغته دَابَّة فَمَاتَ فقد وَقع أجره على الله أَو مَاتَ حتف أَنفه فقد وَقع أجره على الله - يَعْنِي بحتف أَنفه على فرَاشه وَالله إِنَّهَا لكلمة مَا سَمعتهَا من أحد من الْعَرَب قبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَمن قتل قعصاً فقد اسْتوْجبَ الْجنَّة
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من خرج حَاجا فَمَاتَ كتب لَهُ أجر الْحَاج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمن خرج مُعْتَمِرًا فَمَاتَ كتب لَهُ أجر الْمُعْتَمِر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمن خرج غازياً فِي سَبِيل الله كتب لَهُ أجر الْغَازِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
الْآيَة ١٠١
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي حَنْظَلَة قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن صَلَاة السّفر فَقَالَ: رَكْعَتَانِ
فَقلت: فَأَيْنَ قَوْله تَعَالَى ﴿إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا﴾ وَنحن آمنون فَقَالَ: سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد بن أَسد أَنه سَأَلَ ابْن عمر أَرَأَيْت قصر الصَّلَاة فِي السّفر أَنا لَا نجدها فِي كتاب الله إِنَّمَا نجد ذكر صَلَاة الْخَوْف فَقَالَ ابْن عمر: يَا ابْن أخي إِن الله أرسل مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا نعلم شَيْئا فَإِنَّمَا نَفْعل كَمَا رَأينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل وَقصر الصَّلَاة فِي السّفر سنة سنّهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ قَالَ: صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر بمنى أَكثر مَا كَانَ النَّاس وآمنه رَكْعَتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَنحن آمنون لَا نَخَاف شَيْئا رَكْعَتَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: سَافَرت إِلَى مَكَّة فَكنت أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فلقيني قراء من أهل هَذِه النَّاحِيَة فَقَالُوا: كَيفَ تصلي قلت رَكْعَتَيْنِ قَالُوا أَسُنَّةٌ وَقُرْآن قلت: كل سُنَّةٍ وَقُرْآن صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ
قَالُوا إِنَّه كَانَ فِي حَرْب قلت: قَالَ الله (لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله آمِنين مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ لَا تخافون) (الْفَتْح الْآيَة ٢٧) وَقَالَ ﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَنحن آمنون لَا نَخَاف شَيْئا رَكْعَتَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: سَأَلَ قوم من التُّجَّار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا نضرب فِي الأَرْض فَكيف نصلي فَأنْزل الله ﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة﴾ ثمَّ انْقَطع الْوَحْي فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بحول غزا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى الظّهْر فَقَالَ الْمُشْركُونَ: لقد أمكنكم مُحَمَّد وَأَصْحَابه من ظُهُورهمْ هلا شددتم عَلَيْهِم فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: إِن لَهُم مثلهَا أُخْرَى فِي أَثَرهَا فَأنْزل الله بَين الصَّلَاتَيْنِ ﴿إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا إِن الْكَافرين كَانُوا لكم عدوا مُبينًا وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك﴾ إِلَى قَوْله ﴿إِن الله أعد للْكَافِرِينَ عذَابا مهيناً﴾ فَنزلت صَلَاة الْخَوْف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل تَاجر أختلف إِلَى الْبَحْرين فَأمره أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبيّ بن كَعْب أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا﴾ وَلَا يقْرَأ ﴿إِن خِفْتُمْ﴾ وَهِي فِي مصحف عُثْمَان ﴿إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا﴾
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عمر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر الصّديق قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت عَائِشَة تَقول: فِي السّفر أَتموا صَلَاتكُمْ
فَقَالُوا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ فَقَالَت: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي حَرْب وَكَانَ يخَاف هَل تخافون أَنْتُم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء أَي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتم الصَّلَاة فِي السّفر قَالَ: عَائِشَة وَسعد بن أبي وَقاص
وَأخرج ابْن جرير عَن أُميَّة بن عبد الله أَنه قَالَ لعبد الله بن عمر: أَنا نجد فِي كتاب الله قصر الصَّلَاة فِي الْخَوْف وَلَا نجد قصر صَلَاة الْمُسَافِر فَقَالَ عبد الله: إِنَّا وجدنَا نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْمل عملا عَملنَا بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس فِي قَوْله ﴿أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا﴾ قَالَ: قصرهَا من الْخَوْف والقتال الصَّلَاة فِي كل وَجه رَاكِبًا وماشياً قَالَ: فَأَما صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الركعتان وَصَلَاة النَّاس فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ بقصر هُوَ وفاؤها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن دِينَار فِي قَوْله ﴿إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا﴾ قَالَ: إِنَّمَا ذَلِك إِذا خَافُوا الَّذين كفرُوا وَسن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ بقصر وَلكنهَا وَفَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة﴾ إِذا صليت رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر فَهِيَ تَمام وَالتَّقْصِير لَا يحل إِلَّا أَن تخَاف من الَّذين كفرُوا أَن يفتنوك عَن الصَّلَاة وَالتَّقْصِير رَكْعَة يقوم الإِمَام وَيقوم مَعَه طَائِفَتَانِ طَائِفَة خَلفه وَطَائِفَة يوازون الْعَدو فَيصَلي بِمن مَعَه رَكْعَة ويمشون إِلَيْهِم على أدبارهم حَتَّى يقومُوا فِي مقَام أَصْحَابهم وَتلك المشية الْقَهْقَرَى ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَتُصَلِّي مَعَ الإِمَام رَكْعَة ثمَّ يجلس الإِمَام فَيسلم فَيقومُونَ فيصلون لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة ثمَّ يرجعُونَ إِلَى صفهم وَيقوم الْآخرُونَ فيضيفون إِلَى ركعته شَيْئا تُجزئه رَكْعَة الإِمَام فَيكون للْإِمَام رَكْعَتَانِ وَلَهُم رَكْعَة فَذَلِك قَول الله (وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة) إِلَى قَوْله (وخذوا حذركُمْ) (النِّسَاء الْآيَة ١٠٢)
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: كل امرىء من عباد الله مضطهد بِبَطن مَكَّة مقهور ومفتون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سماك الْحَنَفِيّ قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن صَلَاة السّفر فَقَالَ: رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر إِنَّمَا الْقصر صَلَاة المخافة
قلت: وَمَا صَلَاة المخافة قَالَ: يُصَلِّي الإِمَام بطَائفَة رَكْعَة ثمَّ يَجِيء هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ فَيصَلي بهم رَكْعَة فَيكون للْإِمَام رَكْعَتَانِ وَلكُل طَائِفَة رَكْعَة رَكْعَة
وَأخرج مَالك وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر والحضر فأقرت صَلَاة السّفر وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَائِشَة قَالَت: فرضت الصَّلَاة على النَّبِي بِمَكَّة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا خرج إِلَى الْمَدِينَة فرضت أَرْبعا وأقرت صَلَاة السّفر رَكْعَتَيْنِ
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمغرب فرضت ثَلَاثًا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر صلى الصَّلَاة الأولى وَإِذا أَقَامَ زَاد مَعَ كل رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمغرب لِأَنَّهَا وتر وَالصُّبْح لِأَنَّهَا تطول فِيهَا الْقِرَاءَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أهل مَكَّة لَا تقصرُوا الصَّلَاة فِي أدنى من أَرْبَعَة برد من مَكَّة إِلَى عسفان
وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَن عبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَبَّاس كَانَا يصليان رَكْعَتَيْنِ ويفطران فِي أَرْبَعَة برد فَمَا فَوق ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ أتقصر إِلَى عَرَفَة فَقَالَ: لَا وَلَكِن إِلَى عسفان وَإِلَى جدة وَإِلَى الطَّائِف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير والنحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فرض الله الصَّلَاة على لِسَان نَبِيكُم فِي الْحَضَر أَرْبعا وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف رَكْعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض﴾ الْآيَة
قَالَ:
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة﴾ قَالَ: ذَاك عِنْد الْقِتَال يُصَلِّي الرجل الرَّاكِب تَكْبِيرَة من حَيْثُ كَانَ وَجهه
الْآيَتَانِ ١٠٢ - ١٠٣
قَالَ: فَصلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ: مرّة بعسفان وَمرَّة بِأَرْض بني سليم
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل بَين ضجنَان وَعُسْفَان فَقَالَ الْمُشْركُونَ: إِن لهَؤُلَاء صَلَاة هِيَ أحب إِلَيْهِم من آبَائِهِم وَأَبْنَائِهِمْ وَهِي الْعَصْر فَأَجْمعُوا أَمركُم فَمِيلُوا عَلَيْهِم مَيْلَة وَاحِدَة وَإِن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره أَن يقسم أَصْحَابه شطرين فَيصَلي بهم وَتقوم طَائِفَة أُخْرَى وَرَاءَهُمْ ﴿وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم﴾ ثمَّ يَأْتِي الْآخرُونَ وَيصلونَ مَعَه رَكْعَة وَاحِدَة ثمَّ يَأْخُذ هَؤُلَاءِ حذرهم وأسلحتهم فَيكون لَهُم رَكْعَة رَكْعَة ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد الْفَقِير قَالَ: سَأَلت جَابر بن عبد الله عَن الرَّكْعَتَيْنِ فِي السّفر أقصرهما قَالَ الركعتان فِي السّفر تَمام إِنَّمَا الْقصر وَاحِدَة عِنْد الْقِتَال بَينا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قتال إِذْ أُقِيمَت الصَّلَاة فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصفت طَائِفَة وَطَائِفَة وجوهها قبل الْعَدو فصلى بهم رَكْعَة وَسجد بهم سَجْدَتَيْنِ ثمَّ الَّذين خلفوا انْطَلقُوا إِلَى أُولَئِكَ فَقَامُوا مقامهم وَجَاء أُولَئِكَ فَقَامُوا خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بهم رَكْعَة وَسجد بهم سَجْدَتَيْنِ ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس فَسلم وَسلم الَّذين خَلفه وَسلم أُولَئِكَ فَكَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَة ثمَّ قَرَأَ ﴿وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سُلَيْمَان الْيَشْكُرِي أَنه سَأَلَ جَابر بن عبد الله عَن إقْصَار الصَّلَاة أَي يَوْم أنزل فَقَالَ جَابر بن عبد الله: وعير قُرَيْش آتِيَة من الشَّام حَتَّى إِذا كُنَّا بِنَخْل جَاءَ رجل من الْقَوْم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد
قَالَ: نعم
قَالَ: هَل تخافني قَالَ: لَا
قَالَ: فَمن يمنعك مني قَالَ: الله يَمْنعنِي مِنْك
قَالَ: فسل السَّيْف ثمَّ تهدده وأوعده ثمَّ نَادَى بالرحيل وَأخذ السِّلَاح ثمَّ نُودي بِالصَّلَاةِ فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بطَائفَة من الْقَوْم وَطَائِفَة أُخْرَى تحرسهم فصلى بالذين يلونه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تَأَخّر الَّذين يلونه على أَعْقَابهم فَقَامُوا فِي مصَاف أَصْحَابهم ثمَّ جَاءَ الْآخرُونَ فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ وَالْآخرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ ثمَّ سلم
فَكَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع رَكْعَات وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ يَوْمئِذٍ فَأنْزل الله فِي إقْصَار الصَّلَاة وَأمر الْمُؤمنِينَ بِأخذ السِّلَاح
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك﴾ فَهَذَا فِي الصَّلَاة عِنْد الْخَوْف يقوم الإِمَام وَيقوم مَعَه طَائِفَة مِنْهُم وَطَائِفَة يَأْخُذُونَ أسلحتهم ويقفون بِإِزَاءِ الْعَدو فَيصَلي الإِمَام بِمن مَعَه رَكْعَة ثمَّ يجلس على هَيئته فَيقوم الْقَوْم فيصلون لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَالْإِمَام جَالس ثمَّ يَنْصَرِفُونَ فيقفون موقفهم ثمَّ يقبل الْآخرُونَ فَيصَلي بهم الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة ثمَّ يسلم فَيقوم الْقَوْم فيصلون لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَهَكَذَا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بطن نَخْلَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْخَوْف بِذِي قرد فَصف النَّاس صفّين صفا خَلفه وَصفا موازي الْعَدو فصلى بالذين خَلفه رَكْعَة ثمَّ انْصَرف هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ وَجَاء أُولَئِكَ فصلى بهم رَكْعَة وَلم يقضوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْخَوْف قَالَ سُفْيَان: فَذكر مثل حَدِيث ابْن عَبَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَعْلَبَة بن زَهْدَم قَالَ: كُنَّا مَعَ سعيد بن الْعَاصِ بطبرستان فَقَالَ: أَيّكُم صلى مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف فَقَالَ حُذَيْفَة: أَنا
فَقَامَ حُذَيْفَة فَصف النَّاس خَلفه وَصفا موازي الْعَدو فصلى بالذين خَلفه رَكْعَة ثمَّ انْصَرف هَؤُلَاءِ مَكَان هَؤُلَاءِ وَجَاء أُولَئِكَ فصلى بهم رَكْعَة وَلم يقضوا
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف بِذَات الرّقاع فصدع النَّاس صدعتين
فصفت
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْخَوْف أَنه قَالَ: وَطَائِفَة من خَلفه وَطَائِفَة من وَرَاء الطَّائِفَة الَّتِي خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قعُود وُجُوههم كلهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكبرت الطائفتان فَرَكَعَ فركعت الطَّائِفَة الَّتِي خَلفه وَالْآخرُونَ قعُود ثمَّ سجد فسجدوا أَيْضا وَالْآخرُونَ قعُود ثمَّ قَامُوا ونكصوا خَلفه حَتَّى كَانُوا مَكَان أَصْحَابهم قعُودا وَأَتَتْ الطَّائِفَة الْأُخْرَى فصلى بهم رَكْعَة وسجدتين ثمَّ سلم وَالْآخرُونَ قعُود ثمَّ سلم فَقَامَتْ الطائفتان كلتاهما فصلوا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة وسجدتين رَكْعَة وسجدتين
وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق صَالح بن خَوات عَمَّن صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم ذَات الرّقاع صَلَاة الْخَوْف أَن طَائِفَة صفت مَعَه وَطَائِفَة تجاه الْعَدو فصلة بِالَّتِي مَعَه رَكْعَة ثمَّ ثَبت قَائِما وَأَتمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثمَّ انصرفوا وصلوا تجاه الْعَدو وَجَاءَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فصلى بهم الرَّكْعَة الَّتِي بقيت من صلَاته ثمَّ ثَبت جَالِسا وَأَتمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثمَّ سلم بهم
وَأخرج عبد بن حميد وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي بكرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الحوف فصلى بِبَعْض أَصْحَابه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم فتأخروا وَجَاء الْآخرُونَ فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم فَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع رَكْعَات وللمسلمين رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف فَقَامُوا صفّين صفّين صف خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصف مُسْتَقْبل الْعَدو فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَة وَجَاء الْآخرُونَ فَقَامُوا مقامهم واستقبلوا هَؤُلَاءِ الْعَدو فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَة ثمَّ سلم فَقَامَ هَؤُلَاءِ إِلَى مقَام هَؤُلَاءِ فصلوا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة ثمَّ سلمُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عُرْوَة من مَرْوَان أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة هَل صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: نعم
قَالَ مَرْوَان: مَتى قَالَ: عَام غَزْوَة نجد قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة صَلَاة الْعَصْر فَقَامَتْ مَعَه طَائِفَة وَطَائِفَة أُخْرَى مُقَابل الْعَدو وظهورهم إِلَى الْقبْلَة فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكبر الْكل ثمَّ ركع رَكْعَة وَاحِدَة وركعت الطَّائِفَة الَّتِي خَلفه ثمَّ سجد فسجدت الطَّائِفَة الَّتِي تليه وَالْآخرُونَ قيام مُقَابل الْعَدو ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَامَت الطَّائِفَة الَّتِي مَعَه وذهبوا إِلَى الْعَدو فقابلوهم وَأَقْبَلت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فركعوا وسجدوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم كَمَا هُوَ ثمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَة أُخْرَى وركعوا مَعَه وسجدوا مَعَه ثمَّ أَقبلت الطَّائِفَة الَّتِي كَانَت مُقَابل الْعَدو فركعوا وسجدوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد وَمن مَعَه ثمَّ كَانَ السَّلَام فَسلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسلموا جَمِيعًا فَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ وَلكُل وَاحِدَة من الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَة رَكْعَة
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاة الْخَوْف فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقمنا خَلفه صفّين فَكبر وَركع وركعنا جَمِيعًا الصفان كِلَاهُمَا ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ خر سَاجِدا وَسجد الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ وَثَبت الْآخرُونَ قيَاما يَحْرُسُونَ إخْوَانهمْ فَلَمَّا فرغ من سُجُوده وَقَامَ خر الصَّفّ الْمُؤخر سجوداً فسجدوا سَجْدَتَيْنِ ثمَّ قَامُوا فَتَأَخر الصَّفّ الْمُقدم الَّذِي يَلِيهِ وَتقدم الصَّفّ الْمُؤخر فَرَكَعَ وركعوا جَمِيعًا وَسجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والصف الَّذِي يَلِيهِ وَثَبت الْآخرُونَ قيَاما يَحْرُسُونَ إخْوَانهمْ فَلَمَّا قعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خر الصَّفّ الْمُؤخر سجوداً ثمَّ سلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ محاصراً بني محَارب بِنَخْل
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة لَهُ فلقي الْمُشْركين بعسفان فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر فرأوه يرْكَع وَيسْجد هُوَ وَأَصْحَابه قَالَ بَعضهم لبَعض: لَو حملتم عَلَيْهِم مَا علمُوا بكم حَتَّى تُوَاقِعُوهُمْ
فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: إِن لَهُم صَلَاة أُخْرَى هِيَ أحب إِلَيْهِم من أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فَاصْبِرُوا حَتَّى تحضر فنحمل عَلَيْهِم جملَة
فَأنْزل الله ﴿وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وأعلمه بِمَا ائتمر بِهِ الْمُشْركُونَ فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر وَكَانُوا قبالته فِي الْقبْلَة جعل الْمُسلمين خَلفه صفّين فَكبر فكبروا مَعَه جَمِيعًا ثمَّ ركع وركعوا مَعَه جَمِيعًا فَلَمَّا سجد سجد مَعَه الصَّفّ الَّذين يلونه ثمَّ قَامَ الَّذين خَلفهم مقبلون على الْعَدو فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سُجُوده وَقَامَ سجد الصَّفّ الثَّانِي ثمَّ قَامُوا وَتَأَخر الصَّفّ الَّذين يلونه وَتقدم الْآخرُونَ فَكَانُوا يلون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا ركع ركعوا مَعَه جَمِيعًا ثمَّ رفع فَرفعُوا مَعَه ثمَّ سجد فَسجدَ مَعَه الَّذين يلونه وَقَامَ الصَّفّ الثَّانِي مُقْبِلين على الْعَدو فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سُجُوده وَقعد قعد الَّذين يلونه وَسجد الصَّفّ الْمُؤخر ثو قعدوا فسجدوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلم عَلَيْهِم جَمِيعًا فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم الْمُشْركُونَ يسْجد بَعضهم وَيقوم بعض قَالُوا: لقد أخبروا بِمَا أردنَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ كَانَ بِالدَّار من أَصْبَهَان وَمَا بهم يَوْمئِذٍ كَبِير خوف وَلَكِن أحب أَن يعلمهُمْ دينهم وَسنة نَبِيّهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجعلهم صفّين
طَائِفَة مَعهَا السِّلَاح مقبلة على عدوّها وَطَائِفَة وَرَاءَهَا فصلى بالذين يلونه رَكْعَة ثمَّ نكصوا على أدبارهم حَتَّى قَامُوا مقَام الآخرين وَجَاء الْآخرُونَ يتخللونهم حَتَّى قَامُوا وَرَاءه فصلى بهم رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ سلم فَقَامَ الَّذين يلونه وَالْآخرُونَ فصلوا رَكْعَة فَسلم بَعضهم على بعض فتمت للْإِمَام رَكْعَتَانِ فِي جمَاعَة وَلِلنَّاسِ رَكْعَة رَكْعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعسفان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: صليت صَلَاة الْخَوْف مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمغرب فَإِنَّهُ صلاهَا ثَلَاثًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الظّهْر قبل أَن تنزل صَلَاة الْخَوْف فتلهف الْمُشْركُونَ أَن لَا يَكُونُوا حملُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم رجل: فَإِن لَهُم صَلَاة قبل مغيربان الشَّمْس هِيَ أحب إِلَيْهِم من أنفسهم فَقَالُوا: لَو قد صلوا بعد لحملنا عَلَيْهِم فأرصدوا ذَلِك فَنزلت صَلَاة الْخَوْف فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف بِصَلَاة الْعَصْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقينا الْمُشْركين بِنَخْل فَكَانُوا بَيْننَا وَبَين الْقبْلَة فَلَمَّا حضرت صَلَاة الظّهْر صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن جَمِيع فَلَمَّا فَرغْنَا تآمر الْمُشْركُونَ فَقَالُوا لَو كُنَّا حملنَا عَلَيْهِم وهم يصلونَ فَقَالَ بَعضهم: فَإِن لَهُم صَلَاة ينتظرونها تَأتي الْآن وَهِي أحب إِلَيْهِم من أَبْنَاءَهُم فَإِذا صلوا فَمِيلُوا عَلَيْهِم
فجَاء جِبْرِيل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالْخبر وَعلمه كَيفَ يُصَلِّي فَلَمَّا حضرت الْعَصْر قَامَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يَلِي الْعَدو وقمنا خَلفه صفّين وَكبر نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكَبَّرنا جَمِيعًا ثمَّ ذكر نَحوه
وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْخَوْف أَمر النَّاس فَأخذُوا السِّلَاح عَلَيْهِم فَقَامَتْ طَائِفَة من وَرَائه مستقبلي العدوّ وَجَاءَت طَائِفَة فصلوا مَعَه فصلى بهم رَكْعَة ثمَّ قَامُوا إِلَى الطَّائِفَة الَّتِي لم تصل وَأَقْبَلت الطَّائِفَة الَّتِي لم
وَأخرج أَحْمد عَن جَابر قَالَ: غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ غزوات قبل صَلَاة الْخَوْف وَكَانَت صَلَاة الْخَوْف فِي السّنة السَّابِعَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة﴾ إِلَى قَوْله ﴿فليصلوا مَعَك﴾ فَإِنَّهُ كَانَت تَأْخُذ طَائِفَة مِنْهُم السِّلَاح فيقبلون على العدوّ والطائفة الْأُخْرَى يصلونَ مَعَ الإِمَام رَكْعَة ثمَّ يَأْخُذُونَ أسلحتهم فيستقبلون العدوّ وَيرجع أَصْحَابهم فيصلون مَعَ الإِمَام رَكْعَة فَيكون للْإِمَام رَكْعَتَانِ ولسائر النَّاس رَكْعَة وَاحِدَة ثمَّ يقضون رَكْعَة أُخْرَى وَهَذَا تَمام من الصَّلَاة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَإِذا سجدوا﴾ يَقُول: فَإِذا سجدت الطَّائِفَة الَّتِي قَامَت مَعَك فِي صَلَاتك تصلي بصلاتك ففرغت من سجودها ﴿فليكونوا من وَرَائِكُمْ﴾ يَقُول: فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم خلفكم مصافي العدوّ الْمَكَان الَّذِي فِيهِ سَائِر الطوائف الَّتِي لم تصل مَعَك وَلم تدخل مَعَك فِي صَلَاتك
وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر أَو كُنْتُم مرضى﴾ قَالَ: نزلت فِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَانَ جريحاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي الْآيَة قَالَ: رخص فِي وضع السِّلَاح عِنْد ذَلِك وَأمرهمْ أَن يَأْخُذُوا حذرهم
وَفِي قَوْله ﴿عذَابا مهيناً﴾ قَالَ: يَعْنِي بالمهين الهوان
وَفِي قَوْله ﴿فَإِذا قضيتم الصَّلَاة﴾ قَالَ: صَلَاة الْخَوْف ﴿فاذكروا الله﴾ قَالَ: بِاللِّسَانِ ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ يَقُول: إِذا استقررتم وأمنتم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فاذكروا الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنوبكم﴾ قَالَ: بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فِي الْبر وَالْبَحْر فِي السّفر والحضر والغنى والفقر والسقم وَالصِّحَّة والسر وَالْعَلَانِيَة وعَلى كل حَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه بلغه: أَن قوما يذكرُونَ الله قيَاما فَأَتَاهُم فَقَالَ: مَا هَذَا قَالُوا: سمعنَا الله يَقُول ﴿فاذكروا الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنوبكم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ قَالَ: إِذا خَرجْتُمْ من دَار السّفر إِلَى دَار الْإِقَامَة ﴿فأقيموا الصَّلَاة﴾ قَالَ: أتموها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ يَقُول: إِذا اطمأننتم فِي أمصاركم فَأتمُّوا الصَّلَاة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ يَقُول: فَإِذا أمنتم ﴿فأقيموا الصَّلَاة﴾ يَقُول: أتموها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ يَقُول: فَإِذا أمنتم ﴿فأقيموا الصَّلَاة﴾ يَقُول: أتموها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ أقمتم فِي أمصاركم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ يَعْنِي إِذا نزل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿فَإِذا اطمأننتم﴾ قَالَ: بعد الْخَوْف
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿فَإِذا اطمأننتم فأقيموا الصَّلَاة﴾ قَالَ: إِذا اطمأننتم فصلوا الصَّلَاة لَا تصلها رَاكِبًا وَلَا مَاشِيا وَلَا قَاعِدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتاً﴾ يَعْنِي مَفْرُوضًا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الموقوت: الْوَاجِب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿كتابا موقوتاً﴾ قَالَ: مَفْرُوضًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿كتابا موقوتاً﴾ قَالَ: فرضا وَاجِبا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن ﴿كتابا موقوتاً﴾ قَالَ: كتابا وَاجِبا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتاً﴾ قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: إِن للصَّلَاة وقتا كوقت الْحَج
يَقُول: كلما مضى وَقت جَاءَ وَقت آخر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمني جِبْرِيل عِنْد الْبَيْت مرَّتَيْنِ فصلى بِي الظّهْر حِين زَالَت الشَّمْس وَكَانَت قدر الشرَاك وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظلّ كل شَيْء مثله وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم وَصلى بِي الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق وَصلى بِي الْفجْر حِين حرم الطَّعَام وَالشرَاب على الصَّائِم وَصلى بِي من الْغَد الظّهْر حِين كَانَ ظلّ كل شَيْء مثله وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم وَصلى بِي الْعشَاء ثلث اللَّيْل وَصلى بِي الْفجْر فأسفر ثمَّ الْتفت إِلَيّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هَذَا الْوَقْت وَقت النَّبِيين قبلك الْوَقْت مَا بَين هذَيْن الْوَقْتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للصَّلَاة أَولا وآخراً وَإِن أول وَقت الظّهْر حِين تَزُول الشَّمْس وَإِن آخر وَقتهَا حِين يدْخل وَقت الْعَصْر وَإِن أول وَقت الْعَصْر حِين يدْخل وَقت الْعَصْر وَإِن آخر وَقتهَا حِين تصفر الشَّمْس وَإِن أول وَقت الْمغرب حِين تغرب الشَّمْس وَإِن آخر وَقتهَا حِين يغيب الشَّفق وَإِن أول وَقت الْعشَاء الْآخِرَة حِين يغيب الشَّفق وَإِن آخر وَقتهَا حِين ينتصف اللَّيْل وَإِن أول وَقت الْفجْر حِين يطلع الْفجْر وَإِن آخر وَقتهَا حِين تطلع الشَّمْس
الْآيَة ١٠٤
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ﴾ قال : بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود. أنه بلغه : أن قوما يذكرون الله قياما، فأتاهم فقال : ما هذا ؟ ! قالوا : سمعنا الله يقول ﴿ فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ﴾ فقال : إنما هذه إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما صلى قاعدا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ فإذا اطمأننتم ﴾ قال : إذا خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة ﴿ فأقيموا الصلاة ﴾ قال : أتموها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ﴿ فإذا اطمأننتم ﴾ يقول : إذا اطمأننتم في أمصاركم فأتموا الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ فإذا اطمأننتم ﴾ يقول : فإذا أمنتم ﴿ فأقيموا الصلاة ﴾ يقول : أتموها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ فإذا اطمأننتم ﴾ يقول : فإذا أمنتم ﴿ فأقيموا الصلاة ﴾ يقول : أتموها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ فإذا اطمأننتم ﴾ أقمتم في أمصاركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية ﴿ فإذا اطمأننتم ﴾ يعني إذا نزل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ﴿ فإذا اطمأننتم ﴾ قال : بعد الخوف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ﴿ فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ﴾ قال : إذا اطمأننتم فصلوا الصلاة، لا تصلها راكبا ولا ماشيا ولا قاعدا.
واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ﴾ يعني مفروضا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : الموقوت : الواجب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ﴿ كتابا موقوتا ﴾ قال : مفروضا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ كتابا موقوتا ﴾ قال : فرضا واجبا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن ﴿ كتابا موقوتا ﴾ قال : كتابا واجبا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ﴾ قال : قال ابن مسعود : إن للصلاة وقتا كوقت الحج.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله ﴿ إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ﴾ قال : منجما، كلما مضى نجم جاء نجم آخر. يقول : كلما مضى وقت جاء وقت آخر.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة والحاكم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثله، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، وصلى بي من الغد الظهر حين كان ظل كل شيء مثله، وصلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلي فقال : يا محمد هذا الوقت وقت النبيين قبلك، الوقت ما بين هذين الوقتين ".
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن للصلاة أولا وآخرا، وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت العصر حين يدخل وقت العصر، وإن آخر وقتها حين تصفار الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الشفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الشفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس ".
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿وَلَا تهنوا فِي ابْتِغَاء الْقَوْم﴾ قَالَ: لَا تضعفوا فِي طلب الْقَوْم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿إِن تَكُونُوا تألمون﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة يَقُول: لَا تضعفوا فِي طلب الْقَوْم فَإِنَّكُم إِن تَكُونُوا تتوجعون فَإِنَّهُم يتوجعون كَمَا تتوجعون ويرجعون من الْأجر وَالثَّوَاب مَا لَا يرجون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: لَا تضعفوا فِي طلب الْقَوْم إِن تَكُونُوا تتوجعون من الْجِرَاحَات فَإِنَّهُم يتوجعون كَمَا تتوجعون ﴿وترجون من الله﴾ يَعْنِي الْحَيَاة والرزق وَالشَّهَادَة وَالظفر فِي الدِّينَا
الْآيَات ١٠٥ - ١١٣
وَكَانُوا أهل بَيت حَاجَة وفاقة فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَكَانَ النَّاس إِنَّمَا طعامهم بِالْمَدِينَةِ التَّمْر وَالشعِير وَكَانَ الرجل إِذا كَانَ لَهُ يسَار فَقدمت ضافطة من الشَّام من الرزمك ابْتَاعَ الرجل مِنْهَا فَخص بهَا بِنَفسِهِ وَأما الْعِيَال فَإِنَّمَا طعامهم الشّعير فَقدمت ضافطة الشَّام فَابْتَاعَ عمي رِفَاعَة بن زر جملا من الرزمك فَجعله فِي مشربَة لَهُ وَفِي الْمشْربَة سلَاح لَهُ دِرْعَانِ وسيفاهما وَمَا يصلحهما فَعدا عدي من تَحت اللَّيْل فَنقبَ الْمشْربَة وَأخذ الطَّعَام وَالسِّلَاح فَلَمَّا أصبح أَتَانِي عمي رِفَاعَة فَقَالَ: يَا ابْن أخي تعلم أَنه قد عدي علينا فِي ليلتنا هَذِه فنقبت مشربتنا فَذهب بِطَعَامِنَا وَسِلَاحنَا قَالَ: فَتَجَسَّسْنَا فِي الدَّار وَسَأَلنَا فَقيل لنا: قد رَأينَا بني أُبَيْرِق قد اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِه اللَّيْلَة وَلَا نرى فِيمَا نرى إِلَّا على بعض طَعَامكُمْ
قَالَ: وَقد كَانَ بَنو أُبَيْرِق قَالُوا - وَنحن نسْأَل فِي الدَّار - وَالله مَا نرى صَاحبكُم إِلَّا لبيد بن سهل رجلا منا لَهُ صَلَاح وَإِسْلَام فَلَمَّا سمع ذَلِك لبيد اخْتَرَطَ سَيْفه ثمَّ أَتَى بني أُبَيْرِق وَقَالَ: أَنا أسرق فوَاللَّه لَيُخَالِطَنكُمْ هَذَا السَّيْف أَو لتتبين هَذِه السّرقَة
قَالُوا: إِلَيْك عَنَّا أَيهَا الرجل - فوَاللَّه - مَا أَنْت بصاحبها فسألنا فِي الدَّار حَتَّى لم نشك أَنهم أَصْحَابهَا
فَقَالَ لي عمي: يَا ابْن أخي لَو أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ
قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله إِن أهل بَيت منا أهل جفَاء عَمدُوا إِلَى عمي رِفَاعَة بن زيد فَنقبُوا مشربَة لَهُ وَأخذُوا سلاحه وَطَعَامه فليردوا علينا سِلَاحنَا فَأَما الطَّعَام فَلَا حَاجَة لنا فِيهِ
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَأَنْظُرُ فِي ذَلِك فَلَمَّا سمع ذَلِك بَنو أُبَيْرِق أَتَوا رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ أَسِير بن عُرْوَة فكلموه فِي ذَلِك وَاجْتمعَ إِلَيْهِ نَاس من أهل الدَّار فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِن قَتَادَة بن النُّعْمَان وَعَمه عَمدُوا إِلَى أهل بَيت منا أهل إِسْلَام وَصَلَاح يرمونهم بِالسَّرقَةِ من غير
قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلمته
فَقَالَ: عَمَدت إِلَى أهل بَيت ذكر مِنْهُم إِسْلَام وَصَلَاح ترميهم بِالسَّرقَةِ من غير بَيِّنَة وَلَا ثَبت قَالَ قَتَادَة: فَرَجَعت ولوددت أَنِّي خرجت من بعض مَالِي وَلم أكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فَأَتَانِي عمي رِفَاعَة فَقَالَ: يَا ابْن أخي مَا صنعت فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الله الْمُسْتَعَان
فَلم نَلْبَث أَن نزل الْقُرْآن ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيماً﴾ لبني أُبَيْرِق ﴿واستغفر الله﴾ أَي مِمَّا قلت لِقَتَادَة ﴿إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم﴾ إِلَى قَوْله ﴿ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما﴾ أَي أَنهم لَو اسْتَغْفرُوا الله لغفر لَهُم ﴿وَمن يكْسب إِثْمًا﴾ إِلَى قَوْله ﴿فقد احْتمل بهتاناً وإثماً مُبينًا﴾ قَوْلهم للبيد ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته لهمت طَائِفَة مِنْهُم أَن يضلوك﴾ يَعْنِي أَسِير بن عُرْوَة وَأَصْحَابه إِلَى قَوْله ﴿فسيؤتيه أجرا عَظِيما﴾
فَلَمَّا نزل الْقُرْآن أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالسِّلَاحِ فَرده إِلَى رِفَاعَة
قَالَ قَتَادَة: فَلَمَّا أتيت عمي بِالسِّلَاحِ - وَكَانَ شَيخا قد عسا فِي الْجَاهِلِيَّة وَكنت أرى إِسْلَامه مَدْخُولا - فَلَمَّا أَتَيْته بِالسِّلَاحِ قَالَ: يَا ابْن أخي هُوَ فِي سَبِيل الله فَعرفت أَن إِسْلَامه كَانَ صَحِيحا فَلَمَّا نزل الْقُرْآن لحق بشير بالمشركين فَنزل على سلافة بنت سعد فَأنْزل الله (وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى) (النِّسَاء الْآيَة ١١٥) إِلَى قَوْله (ضلالا بعيد) فَلَمَّا نزل على سلافة رَمَاهَا حسان بن ثَابت بِأَبْيَات من شعر فَأخذت رَحْله فَوَضَعته على رَأسهَا ثمَّ خرجت فرمت بِهِ فِي الأبطح ثمَّ قَالَت أهديت لي شعر حسان مَا كنت تَأتِينِي بِخَير
وَأخرج ابْن سعد عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ: عدا بشير بن الْحَارِث على علية رِفَاعَة بن زيد عَم قَتَادَة بن النُّعْمَان الظفري فنقبها من ظهرهَا وَأخذ طَعَاما لَهُ ودرعين بأداتهما فَأتى قَتَادَة بن النُّعْمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بذلك فَدَعَا بشيراً فَسَأَلَهُ فَأنْكر وَرمى بذلك لبيد بن سهل رجلا من أهل الدَّار ذَا حسب وَنسب فَنزل الْقُرْآن بتكذيب بشير وَبَرَاءَة لبيد بن سهل قَوْله ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ إِلَى قَوْله ﴿ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما﴾ يَعْنِي بشير بن
وَأخرج ابْن سعد من وَجه آخر عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ: كَانَ أَسِير بن عُرْوَة رجلا منطيقاً ظريفاً بليغاً حلواً فَسمع بِمَا قَالَ قَتَادَة بن النُّعْمَان فِي بني أُبَيْرِق للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين اتهمهم بنقب علية عَمه وَأخذ طَعَامه والدرعين فَأتى أَسِير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جمَاعَة جمعهم من قومه فَقَالَ: إِن قَتَادَة وَعَمه عَمدُوا إِلَى أهل بَيت منا أهل حسب وَنسب وَصَلَاح يؤنبونهم بالقبيح وَيَقُولُونَ لَهُم مَا لَا يَنْبَغِي بِغَيْر ثَبت وَلَا بَيِّنَة فَوضع لَهُم عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ ثمَّ انْصَرف فَأقبل بعد ذَلِك قَتَادَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليكلمه فجبهه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جبهاً شَدِيدا مُنْكرا وَقَالَ: بئْسَمَا صنعت وبئسما مشيت فِيهِ
فَقَامَ قَتَادَة وَهُوَ يَقُول: لَوَدِدْت أَنِّي خرجت من أَهلِي وَمَالِي وَأَنِّي لم أكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء من أَمرهم وَمَا أَنا بعائد فِي شَيْء من ذَلِك
فَأنْزل الله على نبيه فِي شَأْنهمْ ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم﴾ يَعْنِي أَسِير بن عُرْوَة وَأَصْحَابه ﴿إِن الله لَا يحب من كَانَ خوانًا أَثِيمًا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَمن يفعل ذَلِك ابْتِغَاء مرضات الله﴾ فِيمَا بَين ذَلِك فِي طعمة بن أُبَيْرِق درعه من حَدِيد الَّتِي سرق وَقَالَ أَصْحَابه من الْمُؤمنِينَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اعذره فِي النَّاس بلسانك ورموا بالدرع رجلا من يهود بَرِيئًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَات أنزلت فِي شَأْن طعمة بن أُبَيْرِق وَفِيمَا هم بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عذره فَبين الله شَأْن طعمة بن أُبَيْرِق وَوعظ نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحذره أَن يكون للخائنين خصيماً وَكَانَ طعمة بن أُبَيْرِق رجلا من الْأَنْصَار ثمَّ أحد بني ظفر سرق درعاً لِعَمِّهِ كَانَت وَدِيعَة عِنْدهم ثمَّ قدمهَا على يَهُودِيّ كَانَ يَغْشَاهُم يُقَال لَهُ زيد بن
) (النِّسَاء الْآيَة ١١٤) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن نَفرا من الْأَنْصَار غزوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض غَزَوَاته فسرقت درع لأَحَدهم فأظن بهَا رجلا من الْأَنْصَار فَأتى صَاحب الدرْع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن طعمة بن أُبَيْرِق سرق دِرْعِي
فَلَمَّا رأى السَّارِق ذَلِك عمد إِلَيْهَا فألقاها فِي بَيت رجل بَرِيء وَقَالَ لنفر من عشيرته: إِنِّي غيبت الدرْع وألقيتها فِي بَيت فلَان وستوجد عِنْده فَانْطَلقُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا نَبِي الله إِن صاحبنا بَرِيء وَإِن سَارِق الدرْع فلَان وَقد أحطنا بذلك علما فاعذر صاحبنا على رُؤُوس النَّاس وجادل عَنهُ فَإِنَّهُ إِن لَا يعصمه الله بك يهْلك فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبرأه وعذره على رُؤُوس النَّاس فَأنْزل الله ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ يَقُول: بِمَا أنزل الله إِلَيْك إِلَى قَوْله ﴿خوانًا أَثِيمًا﴾ ثمَّ قَالَ للَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا ﴿يستخفون من النَّاس﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَكيلا﴾ يَعْنِي الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخفين يجادلون عَن الخائنين ثمَّ قَالَ ﴿وَمن يكْسب خَطِيئَة﴾ الْآيَة
يَعْنِي السَّارِق وَالَّذين جادلوا عَن السَّارِق
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رجل سرق درعاً من حَدِيد فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَرحه على يَهُودِيّ فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالله مَا سرقتها يَا أَبَا الْقَاسِم وَلَكِن طرحت عليّ
وَكَانَ الرجل الَّذِي سرق لَهُ جيران يبرئونه ويطرحونه على الْيَهُودِيّ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُول الله إِن هَذَا الْيَهُودِيّ خَبِيث يكفر بِاللَّه وَبِمَا جِئْت بِهِ حَتَّى مَال عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَعْض القَوْل فَعَاتَبَهُ الله فِي ذَلِك فَقَالَ ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيماً واستغفر الله﴾ بِمَا قلت لهَذَا الْيَهُودِيّ ﴿إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما﴾ ثمَّ أقبل على جِيرَانه فَقَالَ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَن رجلا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتَانَ درعاً من حَدِيد فَلَمَّا خشِي أَن تُوجد عِنْده أَلْقَاهَا فِي بَيت جَار لَهُ من الْيَهُود وَقَالَ: تَزْعُمُونَ إِنِّي اختنت الدرْع - فوَاللَّه - لقد أنبئت أَنَّهَا عِنْد الْيَهُودِيّ فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء أَصْحَابه يعذرونه فَكَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عذره حِين لم يجد عَلَيْهِ بَيِّنَة ووجدوا الدرْع فِي بَيت الْيَهُودِيّ وأبى الله إِلَّا الْعدْل فَأنْزل الله على نبيه ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ﴾ إِلَى قَوْله ﴿أم من يكون عَلَيْهِم وَكيلا﴾ فَعرض الله بِالتَّوْبَةِ لَو قبلهَا إِلَى قَوْله ﴿ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا﴾ الْيَهُودِيّ ثمَّ قَالَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما﴾ فأبرىء الْيَهُودِيّ وَأخْبر بِصَاحِب الدرْع قَالَ: قد افتضحت الْآن فِي الْمُسلمين وَعَلمُوا أَنِّي صَاحب الدرْع مَا لي اقامة بِبَلَد فتراغم فلحق بالمشركين فَأنْزل الله (وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى) (النِّسَاء الْآيَة ١١٤) إِلَى قَوْله (ضلالا بعيد)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ قَالَ: بِمَا أوحى الله إِلَيْك نزلت فِي طعمة بن أُبَيْرِق استودعه رجل من الْيَهُود درعاً فَانْطَلق بهَا إِلَى دَاره فحفر لَهَا الْيَهُودِيّ ثمَّ دَفنهَا فَخَالف إِلَيْهَا طعمة فاحتفر عَنْهَا فَأَخذهَا فَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودِيّ يطْلب درعه كافره عَنْهَا فَانْطَلق إِلَى أنَاس من الْيَهُود من عشيرته فَقَالَ: انْطَلقُوا معي فَإِنِّي أعرف مَوضِع الدرْع فَلَمَّا علم بِهِ طعمة أَخذ الدرْع فألقاها فِي بَيت أبي مليك الْأنْصَارِيّ فَلَمَّا جَاءَت الْيَهُود تطلب الدرْع فَلم تقدر عَلَيْهَا وَقع بِهِ طعمة وأناس من قومه فسبوه
فَانْطَلقُوا يطلبونها فِي دَاره فأشرفوا على دَار أبي مليك فَإِذا هم بالدرع وَقَالَ طعمة: أَخذهَا أَبُو مليك وجادلت الْأَنْصَار دون طعمة وَقَالَ لَهُم: انْطَلقُوا معي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقولُوا لَهُ ينضح عني ويكذب حجَّة الْيَهُودِيّ فَإِنِّي إِن أكذب كذب على أهل الْمَدِينَة الْيَهُودِيّ فَأَتَاهُ أنَاس من الْأَنْصَار فَقَالُوا: يَا رَسُول الله جادل عَن طعمة وأكذب الْيَهُودِيّ
فهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يفعل فَأنْزل الله عَلَيْهِ ﴿وَلَا تكن للخائنين خصيماً﴾ إِلَى قَوْله ﴿أَثِيمًا﴾ ثمَّ ذكر الْأَنْصَار ومجادلتهم عَنهُ فَقَالَ ﴿يستخفون من النَّاس وَلَا يستخفون من الله﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَكيلا﴾ ثمَّ دَعَا إِلَى التَّوْبَة فَقَالَ ﴿وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه﴾ إِلَى قَوْله ﴿رحِيما﴾ ثمَّ ذكر قَوْله حِين قَالَ أَخذهَا أَبُو مليك فَقَالَ ﴿وَمن يكْسب إِثْمًا﴾ إِلَى قَوْله ﴿مُبينًا﴾ ثمَّ ذكر الْأَنْصَار وأتيانها إِيَّاه أَن ينضح عَن صَاحبهمْ ويجادل عَنهُ فَقَالَ: ﴿لهمت طَائِفَة مِنْهُم أَن يضلوك﴾ ثمَّ ذكر مناجاتهم فِيمَا يُرِيدُونَ أَن يكذبوا عَن طعمة فَقَالَ: (لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ) (النِّسَاء الْآيَة ١١٥) فَلَمَّا فَضَح الله طعمة بِالْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ هرب حَتَّى أَتَى مَكَّة فَكفر بعد إِسْلَامه وَنزل على الْحجَّاج بن علاط السّلمِيّ فَنقبَ بَيت الْحجَّاج فَأَرَادَ أَن يسرقه فَسمع الْحجَّاج خشخشته فِي بَيته وَقَعْقَعَة جُلُود كَانَت عِنْده فَنظر فَإِذا هُوَ بطعمة فَقَالَ: ضَيْفِي وَابْن عمي فَأَرَدْت أَن تسرقني فَأخْرجهُ فَمَاتَ بحرة بني سليم كَافِرًا وَأنزل الله فِيهِ (وَمن يُشَاقق الرَّسُول) (النِّسَاء الْآيَة ١١٥) إِلَى (وَسَاءَتْ مصيرا)
وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: استودع رجل من الْأَنْصَار طعمة بن أُبَيْرِق مشربَة لَهُ فِيهَا درع فَغَاب فَلَمَّا قدم الْأنْصَارِيّ فتح مشْربَته فَلم يجد الدرْع فَسَأَلَ عَنْهَا طعمة بن أُبَيْرِق فَرمى بهَا رجلا من الْيَهُود يُقَال لَهُ زيد بن السمين فَتعلق صَاحب الدرْع بطعمة فِي درعه فَلَمَّا رأى ذَلِك قومه أَتَوْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلموه ليدرأ عَنهُ فهم بذلك فَأنْزل الله ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم﴾ يَعْنِي طعمة بن أُبَيْرِق وَقَومه ﴿هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ جادلتم﴾ إِلَى قَوْله ﴿يكون عَلَيْهِم وَكيلا﴾ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقوم طعمة ﴿ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا﴾ يَعْنِي زيد بن السمين ﴿فقد احْتمل بهتاناً﴾
فَحَمَلُوهُ حَتَّى إِذا جن عَلَيْهِ اللَّيْل عدا عَلَيْهِم فسرقهم ثمَّ انْطلق فَرَجَعُوا فِي طلبه فأدركوه فقذفوه بِالْحِجَارَةِ حَتَّى مَاتَ
فَهَذِهِ الْآيَات كلهَا فِيهِ نزلت إِلَى قَوْله (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة ١١٥)
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من الْأَنْصَار استودع درعاً فجحدها صَاحبهَا فلحق بِهِ رجال من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغَضب لَهُ قومه وَأتوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: خوّنوا صاحبنا وَهُوَ أَمِين مُسلم فأعذره يَا نَبِي الله وازجر عَنهُ فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعذره وَكذب عَنهُ وَهُوَ يرى أَنه بَرِيء وَأَنه مَكْذُوب عَلَيْهِ فَأنْزل الله بَيَان ذَلِك فَقَالَ ﴿إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ إِلَى قَوْله ﴿أم من يكون عَلَيْهِم وَكيلا﴾ فَبين خيانته فلحق بالمشركين من أهل مَكَّة وارتد عَن الْإِسْلَام فَنزل فِيهِ (وَمن يُشَاقق الرَّسُول) (النِّسَاء الْآيَة ١١٥) إِلَى قَوْله (وَسَاءَتْ مصيرا)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ أَن رجلا يُقَال لَهُ طعمة بن أُبَيْرِق سرق درعا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فألقاها فِي بَيت رجل ثمَّ قَالَ لأَصْحَاب لَهُ: انْطَلقُوا فاعذروني عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن الدرْع قد وجد فِي بَيت فلَان
فَانْطَلقُوا يعذرونه عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا فقد احْتمل بهتاناً﴾ قَالَ: بهتانه قذفه الرجل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم﴾ قَالَ: اختان رجل من الْأَنْصَار عمّاً لَهُ درعاً فقذف بهَا يَهُودِيّا كَانَ يَغْشَاهُم فجادل الرجل قومه فَكَأَن
) (النِّسَاء الْآيَة ١١٤) الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إيَّاكُمْ والرأي فَإِن الله قَالَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ وَلم يقل بِمَا رَأَيْت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن دِينَار أَن رجلا قَالَ لعمر ﴿بِمَا أَرَاك الله﴾ قَالَ: مَه إِنَّمَا هَذِه للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ ﴿لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ قَالَ: الَّذِي أرَاهُ فِي كِتَابه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مَالك بن أنس عَن ربيعَة قَالَ: إِن الله أنزل الْقُرْآن وَترك فِيهِ موضعا للسّنة وَسن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّنة وَترك فِيهَا موضعا للرأي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن وهب قَالَ: قَالَ لي مَالك: الحكم الَّذِي يحكم بِهِ بَين النَّاس على وَجْهَيْن فَالَّذِي يحكم بِالْقُرْآنِ وَالسّنة الْمَاضِيَة فَذَلِك الحكم الْوَاجِب وَالصَّوَاب وَالْحكم يجْتَهد فِيهِ الْعَالم نَفسه فِيمَا لم يَأْتِ فِيهِ شَيْء فَلَعَلَّهُ أَن يوفق
قَالَ: وثالث التَّكَلُّف لما لَا يعلم فَمَا أشبه ذَلِك أَن لَا يوفق
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ قَالَ: بِمَا بَين الله لَك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطر ﴿لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله﴾ قَالَ: بِالْبَيِّنَاتِ وَالشُّهُود
وَأخرج عبد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا قَالَ: من صلى صَلَاة عِنْد النَّاس لَا يُصَلِّي مثلهَا إِذا خلا فَهِيَ استهانة استهان بهَا ربه ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿يستخفون من النَّاس وَلَا يستخفون من الله وَهُوَ مَعَهم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن حُذَيْفَة مثله وَزَاد: وَلَا يستحيي أَن يكون النَّاس أعظم عِنْده من الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي رزين ﴿إِذْ يبيتُونَ﴾ قَالَ: إِذْ يؤلفون مَا لَا يرضى من القَوْل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله﴾
وَأخرج ابْن جرير وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أصَاب أحدهم ذَنبا أصبح قد كتب كَفَّارَة ذَلِك الذَّنب على بَابه وَإِذا أصَاب الْبَوْل شَيْئا مِنْهُ قرضه بالمقراض فَقَالَ رجل: لقد آتى الله بني إِسْرَائِيل خيرا فَقَالَ ابْن مَسْعُود: مَا آتَاكُم الله خير مِمَّا آتَاهُم جعل لكم المَاء طهُورا وَقَالَ ﴿وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ هَاتين الْآيَتَيْنِ من سُورَة النِّسَاء ثمَّ اسْتغْفر غفر لَهُ ﴿وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما﴾
(وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك فتستغفروا الله واستغفر لَهُم الرَّسُول
) (النِّسَاء الْآيَة ٤٨) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى عبد الله بن مُغفل فَسَأَلته عَن امْرَأَة فجرت فحبلت وَلما ولدت قتلت وَلَدهَا فَقَالَ: مَا لَهَا إِلَّا النَّار
فَانْصَرَفت وَهِي تبْكي فَدَعَاهَا ثمَّ قَالَ: مَا أرى أَمرك إِلَّا أحد أَمريْن ﴿وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما﴾ فمسحت عينهَا ثمَّ مَضَت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من عبد أذْنب فَقَامَ فَتَوَضَّأ فَأحْسن وضوءه ثمَّ قَامَ فصلى واستغفر من ذَنبه إِلَّا كَانَ حَقًا على الله أَن يغْفر لَهُ لِأَن الله يَقُول ﴿وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما﴾
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جلس وَجَلَسْنَا حوله وَكَانَت لَهُ حَاجَة فَقَامَ إِلَيْهَا وَأَرَادَ الرُّجُوع ترك نَعْلَيْه فِي مَجْلِسه أَو بعض مَا يكون عَلَيْهِ وَأَنه قَامَ فَترك نَعْلَيْه فَأخذت ركوة من مَاء فاتبعته
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: وَكَانَت قد شقَّتْ على النَّاس الَّتِي قبلهَا (من يعْمل سوءا يجز بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٣) فَقلت: يَا رَسُول الله وَإِن زنى وَإِن سرق ثمَّ اسْتغْفر ربه غفر الله لَهُ قَالَ: نعم
قلت: الثَّانِيَة
قَالَ نعم
قلت: الثَّالِثَة
قَالَ: نعم
على رغم أنف عُوَيْمِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين ﴿ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا﴾ قَالَ: يَهُودِيّا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وعلمك مَا لم تكن تعلم﴾ قَالَ: علَّمه الله بَيَان الدِّينَا وَالْآخِرَة
بَين حَلَاله وَحَرَامه ليحتج بذلك على خلقه
وَأخرج عَن الضَّحَّاك قَالَ: علمه الْخَيْر وَالشَّر
وَالله أعلم
الْآيَة ١١٤
وأخرج ابن المنذر عن الحسن " أن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختان درعا من حديد، فلما خشي أن توجد عنده ألقاها في بيت جار له من اليهود وقال : تزعمون إني اختنت الدرع - فوالله - لقد أنبئت أنها عند اليهودي، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجاء أصحابه يعذرونه، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عذره حين لم يجد عليه بينة، ووجدوا الدرع في بيت اليهودي، وأبى الله إلا العدل، فأنزل الله على نبيه ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ﴾ إلى قوله ﴿ أمن يكون عليهم وكيلا ﴾ فعرض الله بالتوبة لو قبلها إلى قوله ﴿ ثم يرم به بريئا ﴾ اليهودي ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ ولولا فضل الله عليك ورحمته ﴾ إلى قوله ﴿ وكان فضل الله عليك عظيما ﴾ فأبرئ اليهودي، وأخبر بصاحب الدرع قال : قد افتضحت الآن في المسلمين، وعلموا أني صاحب الدرع ما لي إقامة ببلد، فتراغم فلحق بالمشركين، فأنزل الله ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ) ( النساء الآية ١١٤ ) إلى قوله ( ضلالا بعيد ) ".
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ قال : بما أوحى الله إليك، نزلت في طعمة بن أبيرق، استودعه رجل من اليهود درعا، فانطلق بها إلى داره، فحفر لها اليهودي ثم دفنها، فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها، فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها، فانطلق إلى أناس من اليهود من عشيرته فقال : انطلقوا معي فإني أعرف موضع الدرع، فلما علم به طعمة أخذ الدرع فألقاها في بيت أبي مليك الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها، وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه قال : أتخونوني. . . ؟ فانطلقوا يطلبونها في داره، فأشرفوا على دار أبي مليك فإذا هم بالدرع، وقال طعمة : أخذها أبو مليك وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي، فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي، فأتاه أناس من الأنصار فقالوا : يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب اليهودي. فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل، فأنزل الله عليه ﴿ ولا تكن للخائنين خصيما ﴾ إلى قوله ﴿ أثيما ﴾ ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال ﴿ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ﴾ إلى قوله ﴿ وكيلا ﴾ ثم دعا إلى التوبة فقال ﴿ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ﴾ إلى قوله ﴿ رحيما ﴾ ثم ذكر قوله حين قال أخذها أبو مليك، فقال ﴿ ومن يكسب إثما ﴾ إلى قوله ﴿ مبينا ﴾ ثم ذكر الأنصار وأتيانها إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه فقال :﴿ لهمت طائفة منهم أن يضلوك ﴾ ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة فقال :( لا خير في كثير من نجواهم ) ( النساء الآية ١١٥ ) فلما فضح الله طعمة بالقرآن بالمدينة هرب حتى أتى مكة فكفر بعد إسلامه، ونزل على الحجاج بن علاط السلمي، فنقب بيت الحجاج، فأراد أن يسرقه، فسمع الحجاج خشخشته في بيته وقعقعة جلود كانت عنده، فنظر فإذا هو بطعمة فقال : ضيفي وابن عمي فأردت أن تسرقني ؟ فأخرجه فمات بحرة بني سليم كافرا، وأنزل الله فيه ( ومن يشاقق الرسول ) ( النساء الآية ١١٥ ) إلى ( وساءت مصيرا ).
وأخرج سنيد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع فغاب، فلما قدم الأنصاري فتح مشربته فلم يجد الدرع، فسأل عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين، فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه، فلما رأى ذلك قومه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكلموه ليدرأ عنه، فهم بذلك، فأنزل الله ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس ﴾ إلى قوله ﴿ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ﴾ يعني طعمة بن أبيرق وقومه ﴿ ها أنتم هؤلاء جادلتم ﴾ إلى قوله ﴿ يكون عليهم وكيلا ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم وقوم طعمة ﴿ ثم يرم به بريئا ﴾ يعني زيد بن السمين ﴿ فقد احتمل بهتانا ﴾ طعمة بن أبيرق ﴿ ولولا فضل الله عليك ورحمته ﴾ لمحمد صلى الله عليه وسلم ﴿ لهمت طائفة ﴾ قوم طعمة ( لا خير في كثير ) ( النساء الآية ١١٤ ) الآية للناس عامة ( ومن يشاقق الرسول ) ( النساء الآية ١١٥ ) قال : لما أنزل القرآن في طعمة بن أبيرق لحق بقريش ورجع في دينه، ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهري فنقبها، فسقط عليه حجر فلحج فلما أصبح أخرجوه من مكة، فخرج فلقي ركبا من قضاعة، فعرض لهم فقال : ابن سبيل منقطع به. فحملوه حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ثم انطلق، فرجعوا في طلبه فأدركوه فقذفوه بالحجارة حتى مات. فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) ( النساء الآية ١١٥ ).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار، استودع درعا فجحدها صاحبها، فلحق به رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب له قومه وأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : خونوا صاحبنا وهو أمين مسلم، فأعذره يا نبي الله وازجر عنه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فعذره وكذب عنه وهو يرى أنه بريء وأنه مكذوب عليه، فأنزل الله بيان ذلك فقال ﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ إلى قوله ﴿ أمن يكون عليهم وكيلا ﴾ فبين خيانته فلحق بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإسلام، فنزل فيه ( ومن يشاقق الرسول ) ( النساء الآية ١١٥ ) إلى قوله ( وساءت مصيرا ).
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي " أن رجلا يقال له طعمة بن أبيرق سرق درعا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فألقاها في بيت رجل، ثم قال لأصحاب له : انطلقوا فاعذروني عند النبي صلى الله عليه وسلم فإن الدرع قد وجد في بيت فلان. فانطلقوا يعذرونه عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ﴿ ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا ﴾ قال : بهتانه قذفه الرجل ".
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إياكم والرأي، فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ ولم يقل بما رأيت.
وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار. أن رجلا قال لعمر ﴿ بما أراك الله ﴾ قال : مه، إنما هذه للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية العوفي ﴿ لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ قال : الذي أراه في كتابه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أنس عن ربيعة قال : إن الله أنزل القرآن وترك فيه موضعا للسنة، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة وترك فيها موضعا للرأي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن وهب قال : قال لي مالك : الحكم الذي يحكم به بين الناس على وجهين، فالذي يحكم بالقرآن والسنة الماضية فذلك الحكم الواجب والصواب، والحكم يجتهد فيه العالم نفسه فيما لم يأت فيه شيء فلعله أن يوفق. قال : وثالث التكلف لما لا يعلم، فما أشبه ذلك أن لا يوفق.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ قال : بما بين الله لك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر ﴿ لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ قال : بالبينات والشهود.
وأخرج عبد بن حميد عن حذيفة مثله، وزاد، ولا يستحيي أن يكون الناس أعظم عنده من الله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي رزين ﴿ إذ يبيتون ﴾ قال : إذ يؤلفون ما لا يرضى من القول.
وأخرج ابن جرير وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه، وإذا أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض، فقال رجل : لقد آتى الله بني إسرائيل خيرا فقال ابن مسعود : ما آتاكم الله خير مما آتاهم، جعل لكم الماء طهورا وقال ﴿ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ثم استغفر غفر له ﴿ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ﴾. ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فتستغفروا الله واستغفر لهم الرسول. . ) ( النساء الآية ٤٨ ) الآية.
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل، فسألته عن امرأة فجرت فحبلت ولما ولدت قتلت ولدها فقال : ما لها إلا النار. فانصرفت وهي تبكي، فدعاها ثم قال : ما أرى أمرك إلا أحد أمرين ﴿ من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ﴾ فمسحت عينها ثم مضت.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن مردويه عن علي قال : سمعت أبا بكر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه، ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه إلا كان حقا على الله أن يغفر له، لأن الله يقول ﴿ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ﴾ ".
وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس وجلسنا حوله، وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما يكون عليه، وأنه قام فترك نعليه، فأخذت ركوة من ماء فاتبعته، فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته، فقال :" إنه أتاني آت من ربي فقال : إنه ﴿ من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ﴾ فأردت أن أبشر أصحابي. قال أبو الدرداء : وكانت قد شقت على الناس التي قبلها ( من يعمل سوءا يجز به ) ( النساء الآية ١٢٣ ) فقلت : يا رسول الله وإن زنى وإن سرق ثم استغفر ربه غفر الله له ؟ قال : نعم. قلت : الثانية. . . قال نعم. قلت : الثالثة. . . قال : نعم. على رغم أنف عويمر ".
وأخرج عن الضحاك قال : علمه الخير والشر. والله أعلم.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ﴿إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف﴾ قَالَ: الْمَعْرُوف الْقَرْض
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد بن حنيش قَالَ: دَخَلنَا على سُفْيَان الثَّوْريّ نعوده ومعنا سعيد بن حسان
قَالَ: حَدَّثتنِي أم صَالح بنت صَالح عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَلَام ابْن آدم كُله عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا أمرا بِمَعْرُوف أَو نهيا عَن مُنكر أَو ذكر الله عز وَجل
فَقَالَ مُحَمَّد بن يزِيد: مَا أَشد هَذَا الحَدِيث فَقَالَ سُفْيَان: وَمَا شدَّة هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا جَاءَت بِهِ امْرَأَة عَن امْرَأَة هَذَا فِي كتاب اللله الَّذِي أرسل بِهِ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما سَمِعت الله يَقُول ﴿لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف أَو إصْلَاح بَين النَّاس﴾ فَهَذَا هُوَ بِعَيْنِه أوما سَمِعت الله يَقُول (يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا) (النبأ الْآيَة ٣٨) فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِه أوما سَمِعت الله يَقُول (وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ) (الْعَصْر: السُّورَة كلهَا) فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِه
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شُرَيْح الْخُزَاعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت
وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من يضمن لي مَا بَين لحييْهِ وَمَا بَين رجلَيْهِ أضمن لَهُ الْجنَّة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار الأجوفان: الْفَم والفرج
وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله مرني بِأَمْر أَعْتَصِم بِهِ فِي الْإِسْلَام قَالَ: قل آمَنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم
قلت: يَا رَسُول الله مَا أخوف مَا تخَاف عَليّ قَالَ: هَذَا وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطرف لِسَان نَفسه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي عمر والشيباني قَالَ: حَدثنِي صَاحب هَذِه الدَّار - يَعْنِي عبد الله بن مَسْعُود - قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: الصَّلَاة على ميقاتها
قلت: ثمَّ مَاذَا يَا
قلت: ثمَّ مَاذَا يَا رَسُول الله قَالَ: إِن يسلم النَّاس من لسَانك
قَالَ: ثمَّ سكت وَلَو استزدته لزادني
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قلت يَا نَبِي الله مَا النجَاة قَالَ: أملك عَلَيْك لسَانك وليسعك بَيْتك وابك على خطيئتك
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي الدِّينَا فِي الصمت وَالْبَيْهَقِيّ عَن أسود بن أبي أَصْرَم الْمحَاربي قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أوصني
قَالَ: هَل تملك لسَانك قلت: فَمَا أملك إِذا لم أملك لساني
قَالَ: فَهَل تملك يدك قلت: فَمَا أملك إِذا لم أملك يَدي قَالَ: فَلَا تقل بلسانك إِلَّا مَعْرُوفا وَلَا تبسط يدك إِلَّا إِلَى خير
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث مرار: رحم الله امْرأ تكلم فغنم أَو سكت فَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رحم الله عبدا تكلم فغنم أَو سكت فَسلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه أَتَى على الصَّفَا فَقَالَ: يَا لِسَان قل خيرا تغنم أَو اصمت تسلم من قبل أَن تندم قَالُوا: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن هَذَا شَيْء تَقوله أَو سمعته قَالَ: لَا بل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أَكثر خَطَايَا ابْن آدم فِي لِسَانه
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: رَأَيْت ابْن عَبَّاس آخِذا بثمرة لِسَانه وَهُوَ يَقُول: يَا لساناه قل خيرا تغنم أَو اسْكُتْ عَن شَرّ تسلم قبل أَن تندم
فَقَالَ لَهُ رجل: مَا لي أَرَاك آخِذا بثمرة لسَانك تَقول كَذَا وَكَذَا قَالَ: إِنَّه بَلغنِي أَن العَبْد يَوْم الْقِيَامَة لَيْسَ هُوَ عَن شَيْء أحنق مِنْهُ على لِسَانه
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سره أَن يسلم فليلزم الصمت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي أَبَا ذَر فَقَالَ أَلا أدلُّك على خَصْلَتَيْنِ هما أخف على الظّهْر وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: عَلَيْك بِحسن الْخلق وَطول الصمت وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بمثلهما
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أوصني
قَالَ: أوصيك
قلت: زِدْنِي
قَالَ: عَلَيْك بِتِلَاوَة الْقُرْآن وَذكر الله فَإِنَّهُ ذكر لَك فِي السَّمَاء وَنور لَك فِي الأَرْض
قلت: زِدْنِي
قَالَ: عَلَيْك بطول الصمت فَإِنَّهُ مطردَة للشَّيْطَان وَعون لَك على أَمر دينك
قلت: زِدْنِي
قَالَ: إياك وَكَثْرَة الضحك فَإِنَّهُ يُمِيت الْقلب وَيذْهب بِنور الْوَجْه
قلت: زِدْنِي
قَالَ: قل الْحق وَلَو كَانَ مرًّا
قلت: زِدْنِي
قَالَ: لَا تخف فِي الله لومة لائم
قلت: زِدْنِي
قَالَ: ليحجزك عَن النَّاس مَا تعلم من نَفسك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ركب الْمصْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: طُوبَى لمن عمل بِعِلْمِهِ وَأنْفق الْفضل من مَاله وَأمْسك الْفضل من قَوْله
وَأخرج التِّرْمِذِيّ والبيقهي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أصبح ابْن آدم فَإِن كل شَيْء من الْجَسَد يكفر اللِّسَان يَقُول: ننشدك الله فِينَا فَإنَّك إِن اسْتَقَمْت استقمنا وَإِن اعوججت أعوججنا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب اطلع على أبي بكر وَهُوَ يمد لِسَانه قَالَ: مَا تصنع يَا خَليفَة رَسُول الله قَالَ: إِن هَذَا الَّذِي أوردني الْمَوَارِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ شَيْء من الْجَسَد إِلَّا يشكو ذرب اللِّسَان على حِدته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله قَالَ: فَسَكَتُوا فَلم يجبهُ أحد
قَالَ: هُوَ حفظ اللِّسَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن الْحصين أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مقَام الرجل بِالصَّمْتِ أفضل من عبَادَة سِتِّينَ سنة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَأصَاب النَّاس ريح فتقطعوا فَضربت ببصري فَإِذا أَنا أقرب النَّاس من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: لأغتنمن خلوته الْيَوْم فدنوت مِنْهُ فَقلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِعَمَل يقربنِي - أَو قَالَ - يدخلني الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي من النَّار قَالَ: لقد سَأَلت عَن عَظِيم وَإنَّهُ ليسير على من يسره الله عَلَيْهِ تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وتؤتي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وتحج الْبَيْت وتصوم رَمَضَان وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بِأَبْوَاب الْخَيْر
قلت: أجل يَا رَسُول الله
قَالَ: الصَّوْم جنَّة وَالصَّدَََقَة تكفر الْخَطِيئَة وَقيام العَبْد فِي جَوف اللَّيْل يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله ثمَّ قَرَأَ الْآيَة
قلت أجل يَا رَسُول الله
قَالَ: أما رَأس الْأَمر فالإسلام وَأما عموده فَالصَّلَاة وَأما ذرْوَة سنامه فالجهاد وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بأملك النَّاس من ذَلِك كُله
قلت: مَا هُوَ يَا رَسُول الله فَأَشَارَ بإصبعه إِلَى فِيهِ
فَقلت: وَإِنَّا لَنُؤَاخَذَ بِكُل مَا نتكلم بِهِ فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا معَاذ وَهل يُكِبُّ النَّاس على مناخرهم فِي جَهَنَّم إِلَّا حصائد ألسنتهم وَهل تَتَكَلَّم إِلَّا مَا عَلَيْك أَو لَك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: إِن من قبلكُمْ كَانُوا يعدون فضول الْكَلَام مَا عدا كتاب الله أَو أَمر بِمَعْرُوف أَو نهي عَن مُنكر أَو أَن تنطق فِي معيشتك الَّتِي لَا بُد لَك مِنْهَا أتذكرون أَن عَلَيْكُم حافظين (كراماً كاتبين) (الانفطار الْآيَة ١١) (عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد) (ق الْآيَة ١٨) أما يستحي أحدكُم لَو نشرت صَحِيفَته الَّتِي أمْلى صدر نَهَاره وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء من أَمر آخرته
وَأخرج ابْن سعد عَن أنس بن مَالك قَالَ: لَا يَتَّقِي الله عبد حَتَّى يخزن من لِسَانه
وَأخرج أَحْمد عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَسْتَقِيم إِيمَان عبد حَتَّى يَسْتَقِيم قلبه وَلَا يَسْتَقِيم قلبه حَتَّى يَسْتَقِيم لِسَانه وَلَا يدْخل الْجنَّة حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: مَا فِي الْمُؤمن بضعَة أحب إِلَى الله من لِسَانه بِهِ يدْخلهُ الْجنَّة وَمَا فِي الْكَافِر بضعَة أبْغض إِلَى الله من لِسَانه بِهِ يدْخلهُ النَّار
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تنطق فِيمَا لَا يَعْنِيك وأخزن لسَانك كَمَا تخزن درهمك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: أَكثر النَّاس ذنوباً أَكْثَرهم كلَاما فِي مَعْصِيّة الله
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره مَا على الأَرْض شَيْء أحْوج إِلَى طول سجن من لِسَان
وَأخرج ابْن عدي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يصلح الْكَذِب إِلَّا فِي ثَلَاث: الرجل يُرْضِي امْرَأَته وَفِي الْحَرْب وَفِي صلح بَين النَّاس
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن النّواس بن سمْعَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الْكَذِب لَا يصلح إِلَّا فِي ثَلَاث: الْحَرْب فَإِنَّهَا خدعة وَالرجل يُرْضِي امْرَأَته وَالرجل يصلح بَين اثْنَيْنِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يصلح الْكَذِب إِلَّا فِي ثَلَاث: الرجل يكذب لامْرَأَته لترضى عَنهُ أَو إصْلَاح بَين النَّاس أَو يكذب فِي الْحَرْب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا عمل ابْن آدم شَيْء أفضل من الصَّدَقَة وَصَلَاح ذَات الْبَين وَخلق حسن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل الصَّدَقَة صَلَاح ذَات الْبَين
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا أَيُّوب أَلا أخْبرك بِمَا يعظم الله بِهِ الْأجر ويمحو بِهِ الذُّنُوب تمشي فِي إصْلَاح النَّاس إِذا تباغضوا وتفاسدوا فَإِنَّهَا صَدَقَة يحب الله موضعهَا
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم كُلْثُوم بنت عقبَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَيْسَ الْكذَّاب بِالَّذِي يصلح بَين النَّاس فينمي خيرا أَو يَقُول خيرا وَقَالَت: لم أسمعهُ يرخص فِي شَيْء مِمَّا يَقُوله النَّاس إِلَّا فِي ثَلَاث: فِي الْحَرْب والإصلاح بَين النَّاس وَحَدِيث الرجل امْرَأَته وَحَدِيث الْمَرْأَة زَوجهَا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بِأَفْضَل من دَرَجَات الصّيام وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة قَالُوا: بلَى
قَالَ: إصْلَاح ذَات الْبَين
قَالَ: وَفَسَاد ذَات الْبَين هِيَ الحالقة
قَالَ: أَن تصلح بَين النَّاس إِذا تفاسدوا وتقرب بَينهم إِذا تباعدوا
وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي أَيُّوب: أَلا أدلك على تِجَارَة قَالَ: بلَى
قَالَ: تسْعَى فِي صلح بَين النَّاس إِذا تفاسدوا وتقرب بَينهم إِذا تباعدوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ لَهُ الْقَوْم: أَيْن كنت فَقَالَ: أصلحت بَين الْقَوْم فَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: أصبت لَك مثل أجر الْمُجَاهدين ثمَّ قَرَأَ ﴿لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف أَو إصْلَاح بَين النَّاس﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله ﴿وَمن يفعل ذَلِك﴾ تصدق أَو اقرض أَو اصلح بَين النَّاس
وَأخرج أَبُو نصر السجري فِي الْإِبَانَة عَن أنس قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أنزل عليّ فِي الْقُرْآن يَا أَعْرَابِي ﴿لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما﴾ يَا أَعْرَابِي الْأجر الْعَظِيم: الْجنَّة
قَالَ الْأَعرَابِي: الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا للإِسلام
الْآيَتَانِ ١١٥ - ١١٦
فَقلت: يَا مُعَاوِيَة ﴿وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً﴾ فأسكته عني
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك قَالَ: كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول: سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وولاة الْأَمر من بعده سنناً الْأَخْذ بهَا تَصْدِيق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوّة على دين الله لَيْسَ لأحد تغييرها وَلَا تبديلها وَلَا النّظر فِيمَا خالفها من اقْتدى بهَا مهتد وَمن استنصر بهَا مَنْصُور وَمن خالفها اتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ وولاه الله مَا تولى وصلاه جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يجمع الله هَذِه الْأمة على الضَّلَالَة أبدا وَيَد الله على الْجَمَاعَة فَمن شَذَّ شذَّ فِي النَّار
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يجمع الله أمتِي
أَو قَالَ: هَذِه الْأمة على الضَّلَالَة أبدا وَيَد الله على الْجَمَاعَة
الْآيَات ١١٨ - ١٢٢
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ ﴿إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا﴾ يَقُول: يسمونهم إِنَاثًا لات وَمَنَاة وعزى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا﴾ قَالَ: موتى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: الْإِنَاث كل شَيْء ميت لَيْسَ فِيهِ روح مثل الْخَشَبَة الْيَابِسَة وَمثل الْحجر الْيَابِس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾ قَالَ: مَيتا لَا روح فِيهِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ لكل حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب صنم يعبدونها اثنى بني فلَان فَأنْزل الله ﴿إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا﴾ قَالَ الْمُشْركُونَ: إِن الْمَلَائِكَة بَنَات الله وَإِنَّمَا نعبدهم ليقربونا إِلَى الله زلفى
قَالَ اتَّخذُوا أَرْبَابًا وصوروهن صور الْجَوَارِي فحلوا وقلدوا وَقَالُوا: هَؤُلَاءِ يشبهن بَنَات الله الَّذِي نعبده يعنون الْمَلَائِكَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أُنْثَى وَإِن يدعونَ إِلَّا شَيْطَانا مرِيدا قَالَ مَعَ كل صنم شَيْطَانَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾ قَالَ: إِلَّا أوثاناً
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تقْرَأ ((إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أوثاناً)) وَلَفظ ابْن جرير كَانَ فِي مصحف عَائِشَة ﴿إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا﴾
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ((إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أُنْثَى))
وَأخرج عَن سُفْيَان ﴿وَإِن يدعونَ إِلَّا شَيْطَانا﴾ قَالَ: لَيْسَ من صنم إِلَّا فِيهِ شَيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿مرِيدا﴾ قَالَ: تمرد على معاصي الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ﴿وَقَالَ لأتَّخذن من عِبَادك﴾ قَالَ: هَذَا قَول إِبْلِيس ﴿نَصِيبا مَفْرُوضًا﴾ يَقُول: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين إِلَى النَّار وَوَاحِد إِلَى الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿لأتَّخذنَّ من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا﴾ قَالَ: يتخذونها من دونه وَيَكُونُونَ من حزبي
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك ﴿نَصِيبا مَفْرُوضًا﴾ قَالَ: مَعْلُوما
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿لأتَّخذنَّ من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا﴾ قَالَ: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿ولأضلنهم ولأمنينّهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الْأَنْعَام﴾ قَالَ: دين شَرعه لَهُم إِبْلِيس كَهَيئَةِ البحائر والسوائب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فليبتكن آذان الْأَنْعَام﴾ قَالَ: التبتك فِي الْبحيرَة والسائبة كَانُوا يبتكون آذانها لطواغيتهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك ﴿فليبتكن آذان الْأَنْعَام﴾ قَالَ: ليقطعن آذان الْأَنْعَام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أما يبتكن آذان الْأَنْعَام فيشقونها فيجعلونها بحيرة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كره الإخصاء وَقَالَ: فِيهِ نزلت ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اخصاء الْبَهَائِم مثله ثمَّ قَرَأَ ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾
وَأخرج عبد بن حميد من طرق عَن ابْن عَبَّاس ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: هُوَ الخصاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن خصاء الْخَيل والبهائم قَالَ ابْن عمر: فِيهِ نَمَاء الْخلق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَبر الرّوح وإخصاء الْبَهَائِم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر إِن عمر بن الْخطاب كَانَ ينْهَى عَن إخصاء الْبَهَائِم وَيَقُول: هَل النَّمَاء إِلَّا فِي الذُّكُور
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن شبيل أَنه سمع شهر بن حَوْشَب قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: الخصاء مِنْهُ
فَأمرت أَبَا التياج فَسَأَلَ الْحسن عَن خصاء الْغنم قَالَ: لَا بَأْس بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: هُوَ الخصاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكره الخصاء وَيَقُول: هُوَ نَمَاء خلق الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كره الخصاء قَالَ: فِيهِ نزلت ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة أَنه خصى بغلاً لَهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوس أَنه خصى جملا لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن خصاء الفحول فَقَالَ: لَا بَأْس لَو تركت الفحول لأكل بَعْضهَا بَعْضًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: لَا بَأْس بإخصاء الدَّوَابّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن إخصاء الْفَحْل فَلم ير بِهِ عِنْد عضاضه وَسُوء خلقه بَأْسا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: دين لله
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: دين الله
وَهُوَ قَوْله (فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله) (الرّوم الْآيَة ٣٠) يَقُول: لدين الله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم ﴿فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: دين الله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير ﴿فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: دين الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وآدَم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد ﴿فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: دين الله ثمَّ قَرَأَ ﴿لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: الوشم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ والمغيرات خلق الله
وَأخرج أَحْمد عَن أبي رَيْحَانَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عشرَة: عَن الوشر والوشم والنتف وَعَن مكامعة الرجل الرجل بِغَيْر شعار وَعَن مكامعة الْمَرْأَة الْمَرْأَة بِغَيْر شعار وَأَن يَجْعَل الرجل فِي أَسْفَل ثَوْبه حَرِيرًا مثل الْأَعْلَام وَأَن يَجْعَل على مَنْكِبه مثل الْأَعَاجِم وَعَن النهبى وَعَن ركُوب النمور ولبوس الْخَاتم إِلَّا لذِي سُلْطَان
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن جَابر قَالَ: زجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تصل الْمَرْأَة برأسها شَيْئا
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن جَارِيَة من الْأَنْصَار تزوجت وَأَنَّهَا مَرضت فتمعط شعرهَا فأرداوا أَن يصلوها فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن لي ابْنة عروساً وَأَنه أَصَابَهَا حصبة فتمزق شعرهَا أفأصله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾ قَالَ: مَا بَال أَقوام جهلة يغيرون صبغة الله ولون الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن أصدق الحَدِيث كَلَام الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كل مَا هُوَ آتٍ قريب إِلَّا إِن الْبعيد مَا لَيْسَ بآتٍ أَلا لَا يعجل الله لعجلة أحد وَلَا يجد لأمر النَّاس مَا شَاءَ الله لَا مَا شَاءَ النَّاس يُرِيد الله أمرا وَيُرِيد النَّاس أمرا مَا شَاءَ الله كَانَ وَلَو كره النَّاس لَا مقرب لما باعد الله وَلَا مباعد لما قرب الله وَلَا يكون شَيْء إِلَّا بِإِذن الله أصدق الحَدِيث كتاب الله وَأحسن الْهَدْي هدي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة وَخير مَا ألقِي فِي الْقلب الْيَقِين وَخير الْغنى غنى النَّفس وَخير الْعلم مَا نفع وَخير الْهَدْي مَا اتبع وَمَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى وَإِنَّمَا يصير أحدكُم إِلَى مَوضِع أَرْبَعَة أَذْرع أَلا لَا تملوا النَّاس وَلَا تسئموهم فَإِن لكا نفس نشاطاً وإقبالاً وَإِن لَهَا سآمة وإدباراً أَلا وَشر الروايا روايا الْكَذِب وَالْكذب يَقُود إِلَى الْفُجُور وَإِن الْفُجُور يَقُود إِلَى النَّار أَلا وَعَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِن الصدْق يَقُود إِلَى الْبر وَإِن الْبر يَقُود إِلَى الْجنَّة واعتبروا فِي ذَلِك أَيهمَا الفئتان التقا يُقَال للصادق صدق وبر وَيُقَال للكاذب كذب وفجر وَقد سمعنَا نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يزَال العَبْد يصدق حَتَّى يكْتب صديقا وَلَا يزَال يكذب حَتَّى يكْتب كذابا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَأَشْرَف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ مِنْهَا على لَيْلَة فَلم يَسْتَيْقِظ حَتَّى كَانَت الشَّمْس قيد رمح قَالَ: ألم أقل لَك يَا بِلَال أكلئنا اللَّيْلَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله ذهب بِي النّوم فَذهب بِي الَّذِي ذهب بك فانتقل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك الْمنزل غير بعيد ثمَّ صلى ثمَّ هدر بَقِيَّة يَوْمه وَلَيْلَته فَأصْبح بتبوك فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ: أما بعد: فَإِن أصدق الحَدِيث كتاب الله وأوثق العرا كلمة التَّقْوَى وَخير الْملَل مِلَّة إِبْرَاهِيم وَخير السّنَن سنة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأشرف الحَدِيث ذكر الله وَأحسن الْقَصَص هَذَا الْقُرْآن وَخير الْأُمُور عوازمها وَشر الْأُمُور محدثاتها وَأحسن الْهَدْي هدي الْأَنْبِيَاء وأشرف الْمَوْت قتل الشُّهَدَاء وأعمى الْعَمى الضَّلَالَة بعد الْهدى وَخير الْعلم مَا نفع وَخير الْهَدْي مَا اتبع وَشر الْعَمى عمى الْقلب وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وَمَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى وَشر المعذرة حِين يحضر الْمَوْت وَشر الندامة يَوْم الْقِيَامَة وَمن النَّاس من لَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دبراً وَمِنْهُم من لَا يذكر الله إِلَّا هجراً وَأعظم الْخَطَايَا اللِّسَان الكذوب وَخير الْغنى غنى النَّفس وَخير الزَّاد التَّقْوَى وَرَأس الْحِكْمَة مَخَافَة الله عز وَجل وَخير مَا وقر فِي الْقُلُوب الْيَقِين والإرتياب من الْكفْر والنياحة من عمل الْجَاهِلِيَّة والغلول من جثاء جَهَنَّم والكنز كي من النَّار وَالشعر من مَزَامِير إِبْلِيس وَالْخمر جماع الْإِثْم وَالنِّسَاء حبالة الشَّيْطَان والشباب شُعْبَة من الْجُنُون وَشر المكاسب كسب الرِّبَا وَشر المآكل مَال الْيَتِيم والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ والشقي من شقي فِي بطن أمه وَإِنَّمَا يصير أحدكُم إِلَى مَوضِع أَربع أَذْرع وَالْأَمر بِآخِرهِ وملاك الْعَمَل خواتمه وَشر الروايا روايا الْكَذِب وكل مَا هُوَ آتٍ قريب وسباب الْمُؤمن فسوق وقتال الْمُؤمن كفر وَأكل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يَقُول فِي خطبَته: أصدق الحَدِيث كَلَام الله فَذكر مثله سَوَاء
الْآيَة ١٢٣
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ﴾ قال : يتخذونها من دونه، ويكونون من حزبي.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ﴿ نصيبا مفروضاْ ﴾ قال : معلوما.
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله ﴿ لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ﴾ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ فليبتكن آذان الأنعام ﴾ قال : التبتك في البحيرة والسائبة، كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك ﴿ فليبتكن آذان الأنعام ﴾ قال : ليقطعن آذان الأنعام.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما يبتكن آذان الأنعام فيشقونها، فيجعلونها بحيرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره الإخصاء، وقال : فيه نزلت ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كره الإخصاء، وقال : فيه نزلت ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾ ولفظ عبد الرزاق قال : من تغيير خلق الله الإخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس قال : إخصاء البهائم مثله، ثم قرأ ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾.
وأخرج عبد بن حميد من طرق عن ابن عباس ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾ قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال :" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خصاء الخيل والبهائم، قال ابن عمر : فيه نماء الخلق ".
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال :" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح، وإخصاء البهائم ".
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء البهائم، ويقول : هل النماء إلا في الذكور.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن شبيل. أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية ﴿ فليغيرن خلق الله ﴾ قال : الخصاء منه. فأمرت أبا التياج، فسأل الحسن عن خصاء الغنم ؟ قال : لا بأس به.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله ﴿ فليغيرن خلق الله ﴾ قال : هو الخصاء.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر. أنه كان يكره الخصاء، ويقول : هو نماء خلق الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة. أنه كره الخصاء قال : فيه نزلت ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عروة. أنه خصى بغلا له.
وأخرج ابن المنذر عن طاوس أنه خصى جملا له.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن محمد بن سيرين. أنه سئل عن خصاء الفحول ؟ فقال : لا بأس، لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال : لا بأس بإخصاء الدواب.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد عبد الله بن بشر قال : أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل، ونهانا عنه عبد الملك بن مروان.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عطاء. أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند عضاضة وسوء خلقه بأسا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾ قال : دين لله.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ﴿ فليغيرن خلق الله ﴾ قال : دين الله. وهو قوله ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) ( الروم الآية ٣٠ ) يقول : لدين الله.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم ﴿ فليغيرن خلق الله ﴾ قال : دين الله.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير ﴿ فليغيرن خلق الله ﴾ قال : دين الله.
وأخرج عبد الرزاق وآدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد ﴿ فليغيرن خلق الله ﴾ قال : دين الله، ثم قرأ ﴿ لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ فليغيرن خلق الله ﴾ قال : الوشم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، والمغيرات خلق الله.
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال :" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة : عن الوشر، والوشم، والنتف، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار، وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار، وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام، وأن يجعل على منكبه مثل الأعاجم، وعن النهبى، وعن ركوب النمور، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان ".
وأخرج أحمد عن عائشة قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة، والمقشورة، والواشمة، والمستوشمة، والواصلة، والمتصلة ".
وأخرج أحمد ومسلم عن جابر قال :" زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا ".
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة. إن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت، فتمعط شعرها، فأرادوا أن يصلوها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" لعن الله الواصلة والمستوصلة ".
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت :" أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عروسا، وأنه أصابها حصبة فتمزق شعرها، أفأصله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة، والمستوصلة ".
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾ قال : ما بال أقوام جهلة، يغيرون صبغة الله ولون الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن أصدق الحديث كلام الله.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال :" كل ما هو آت قريب، ألا إن البعيد ما ليس بآت، ألا لا يعجل الله لعجلة أحد، ولا يجد لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس، يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا، ما شاء الله كان ولو كره الناس، لا مقرب لما باعد الله، ولا مباعد لما قرب الله، ولا يكون شيء إلا بإذن الله، أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وخير ما ألقي في القلب اليقين، وخير الغنى غنى النفس، وخير العلم ما نفع، وخير الهدي ما اتبع، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع، ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم، فإن لكل نفس نشاطا وإقبالا، وإن لها سآمة وإدبارا، ألا وشر الروايا روايا الكذب، والكذب يقود إلى الفجور، وإن الفجور يقود إلى النار، ألا وعليكم بالصدق فإن الصدق يقود إلى البر وإن البر يقود إلى الجنة، واعتبروا في ذلك أيهما الفئتان التقتا يقال للصادق صدق وبر، ويقال للكاذب كذب وفجر، وقد سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : لا يزال العبد يصدق حتى يكتب صديقا، ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا.
ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له، ألا ولا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وابتدعوا في دينهم، فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه وما خالفه فأمسكوا عنه واسكتوا، ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء، ألا وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا عامر له، ألا وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه ".
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر قال :" خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان منها على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال : ألم اقل لك يا بلال أكلئنا الليلة ؟ فقال : يا رسول الله ذهب بي النوم فذهب بي الذي ذهب بك، فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى، ثم هدر بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرا كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدي هدي الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدي، وخير العلم ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرا، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل، وخير ما وقر في القلوب اليقين، والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جثاء جهنم، والكنز كي من النار، والشعر من مزامير إبليس، والخمر جماع الإثم، والنساء حبالة الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المآكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع، والأمر بآخره، وملاك العمل خواتمه، وشر الروايا روايا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتأول على الله يكذبه، ومن يغفر يغفر له، ومن يغضب يغضب الله عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يتبع السمعة يسمع الله به، ومن يصبر يضعف الله له، ومن يعص الله يعذبه الله، اللهم اغفر لي ولأمتي، قالها ثلاثا : استغفر الله لي ولكم ".
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يقول في خطبته : أصدق الحديث كلام الله، فذكر مثله سواء
وَقَالُوا (لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدوة) (الْبَقَرَة الْآيَة ٨٠) فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق قَالَ: احْتج الْمُسلمُونَ وَأهل الْكتاب فَقَالَ الْمُسلمُونَ: نَحن أهْدى مِنْكُم
وَقَالَ أهل الْكتاب نَحن أهْدى مِنْكُم
فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب﴾ فانفلج عَلَيْهِم الْمُسلمُونَ بِهَذِهِ الْآيَة (وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن
) (وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٤) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق قَالَ: تفاخر النَّصَارَى وَأهل الْإِسْلَام فَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل مِنْكُم
وَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل مِنْكُم
فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب﴾
وَقَالَ الْمُسلمُونَ: نَحن أولى بِاللَّه مِنْكُم وَنَبِينَا خَاتم النَّبِيين وَكِتَابنَا يقْضِي على الْكتب الَّتِي كَانَت قبله
فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَمن أحسن دينا﴾ الْآيَة
فأفلج الله حجَّة الْمُسلمين على من ناوأهم من أهل الْأَدْيَان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: التقى نَاس من الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى فَقَالَت الْيَهُود للْمُسلمين: نَحن خير مِنْكُم ديننَا قبل دينكُمْ وَكِتَابنَا قبل كتابكُمْ وَنَبِينَا قبل نَبِيكُم وَنحن على دين إِبْرَاهِيم وَلنْ يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ يَهُودِيّا
وَقَالَت النَّصَارَى مثل ذَلِك
فَقَالَ الْمُسلمُونَ: كتَابنَا بعد كتابكُمْ وَنَبِينَا بعد نَبِيكُم وَدِيننَا بعد دينكُمْ وَقد أمرْتُم أَن تتبعونا وتتركوا أَمركُم فَنحْن خير مِنْكُم نَحن على دين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَلنْ يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ على ديننَا
فَرد الله عَلَيْهِم قَوْلهم فَقَالَ ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ ثمَّ فضل الله الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِم فَقَالَ (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن وَاتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٥)
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عبيد بن سُلَيْمَان عَن الضَّحَّاك قَالَ: تخاصم أهل الْأَدْيَان فَقَالَ أهل التَّوْرَاة: كتَابنَا أول كتاب وَخَيرهَا وَنَبِينَا خير الْأَنْبِيَاء
وَقَالَ أهل الْإِنْجِيل نَحوا من ذَلِك وَقَالَ أهل الْإِسْلَام: لَا دين إِلَّا الْإِسْلَام وَكِتَابنَا نسخ كل كتاب وَنَبِينَا خَاتم النَّبِيين وأمرنا أَن نعمل بكتابنا ونؤمن بِكِتَابِكُمْ فَقضى الله بَينهم فَقَالَ ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ ثمَّ خير بَين أهل الْأَدْيَان ففضل أهل الْفضل فَقَالَ (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن
) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٥) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك قَالَ: افتخر أهل الْأَدْيَان فَقَالَت الْيَهُود: كتَابنَا خير الْكتب وَأَكْرمهَا على الله وَنَبِينَا أكْرم الْأَنْبِيَاء على الله مُوسَى خلا بِهِ وَكَلمه نجيا وَدِيننَا خير الْأَدْيَان
وَقَالَت النَّصَارَى: عِيسَى
وَقَالَت الْمَجُوس وكفار الْعَرَب: ديننَا أقدم الْأَدْيَان وَخَيرهَا
وَقَالَ الْمُسلمُونَ: مُحَمَّد رَسُول الله وَخَاتم الْأَنْبِيَاء وَسيد الرُّسُل وَالْقُرْآن آخر مَا نزل من عِنْد الله من الْكتب وَهُوَ أَمِير على كل كتاب وَالْإِسْلَام خير الْأَدْيَان فَخير الله بَينهم فَقَالَ ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ يَعْنِي بذلك الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وكفار الْعَرَب وَلَا يجد لَهُ من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا ثمَّ فضل الْإِسْلَام على كل دين فَقَالَ: (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٥) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أهل التَّوْرَاة: كتَابنَا خير الْكتب أنزل قبل كتابكُمْ وَنَبِينَا خير الْأَنْبِيَاء
وَقَالَ أهل الْإِنْجِيل مثل ذَلِك وَقَالَ أهل الْإِسْلَام: كتَابنَا نسخ كل كتاب وَنَبِينَا خَاتم النَّبِيين وأمرتم وأمرنا أَن نؤمن بِكِتَابِكُمْ ونعمل بكتابنا فَقضى الله بَينهم فَقَالَ ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ وَخير بَين أهل الْأَدْيَان فَقَالَ (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٥) الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح قَالَ: جلس أنَاس من أهل التَّوْرَاة وَأهل الْإِنْجِيل وَأهل الْإِيمَان فَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل مِنْكُم
وَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل
فَقَالَ الله ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ ثمَّ خص الله أهل الْأَدْيَان فَقَالَ (وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٤)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب﴾ قَالَ: قُرَيْش وَكَعب بن الْأَشْرَف
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: إِن الْإِيمَان لَيْسَ بالتحلي وَلَا بالتمني إِن الْإِيمَان مَا وقر فِي الْقلب وَصدقه الْعَمَل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى: لَا يدْخل الْجنَّة غَيرنَا
وَقَالَت قُرَيْش: لَا نبعث
فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾
وَأخرج أَحْمد وهناد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بكر الصّديق أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله كَيفَ الصّلاح بعد هَذِه الْآيَة ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ فَكل سوء جزينا بِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غفر الله لَك يَا أَبَا بكر أَلَسْت تنصب أَلَسْت تمرض أَلَسْت تحزن أَلَسْت تصيبك اللأواء قَالَ: بلَى
قَالَ: فَهُوَ مَا تُجْزونَ بِهِ
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يعْمل سوءا يجز بِهِ فِي الدِّينَا
وَأخرج ابْن سعيد وَالتِّرْمِذِيّ الْحَكِيم وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر أَنه مر بِعَبْد الله بن الزبير وَهُوَ مصلوب فَقَالَ: رَحِمك الله يَا أَبَا خبيب سَمِعت أَبَاك الزبير يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من يعْمل سوءا يجز بِهِ فِي الدِّينَا
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ وَلَا يجد لَهُ من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا بكر أَلا أقرئك آيَة نزلت عليّ قلت: بلَى يَا رَسُول الله فاقرأنيها فَلَا أعلم إِلَّا أَنِّي وجدت انقصاما فِي ظَهْري حَتَّى تمطيت لَهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَالك يَا أَبَا بكر قلت: بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله وأينا لم يعْمل السوء وَإِنَّا لمجزيون بِكُل سوء عَمِلْنَاهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما أَنْت وَأَصْحَابك يَا أَبَا بكر الْمُؤْمِنُونَ فتجزون بذلك فِي الدِّينَا حَتَّى تلقوا الله لَيْسَ لكم ذنُوب وَأما الْآخرُونَ فَيجمع لَهُم ذَلِك حَتَّى يجزوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة عَن أبي بكر قَالَ: لما نزلت ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله كل مَا نعمل نؤاخذ بِهِ فَقَالَ: يَا أَبَا بكر أَلَيْسَ يصيبك كَذَا وَكَذَا
فَهُوَ كَفَّارَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ: قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله مَا أَشد هَذِه الْآيَة ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة أَن رجلا تَلا هَذِه الْآيَة ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ: إِنَّا لنجزى بِكُل مَا عَمِلْنَاهُ هلكنا إِذن فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم يجزى بِهِ الْمُؤمن فِي الدِّينَا فِي نَفسه فِي جسده فِيمَا يُؤْذِيه
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي لأعْلم أَشد آيَة فِي الْقُرْآن قَالَ: مَا هِيَ يَا عَائِشَة قلت: ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ فَقَالَ: هُوَ مَا يُصِيب العَبْد من السوء حَتَّى النكبة ينكبها يَا عَائِشَة من نُوقِشَ هلك وَمن حُوسِبَ عذب
فَقلت: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ الله يَقُول (فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا) قَالَ: ذَاك الْعرض يَا عَائِشَة من نُوقِشَ الْحساب عَن هَذِه الْآيَة ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ: إِن الْمُؤمن يُؤجر فِي كل شَيْء حَتَّى فِي الغط عِنْد الْمَوْت
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كثرت ذنُوب العَبْد وَلم يكن لَهُ مَا يكفرهَا ابتلاه الله بالحزن ليكفرها
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الْمُهلب قَالَ: رحلت إِلَى عَائِشَة فِي هَذِه الْآيَة ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَت: هُوَ مَا يُصِيبكُم فِي الدِّينَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ شقّ ذَلِك على الْمُسلمين وَبَلغت مِنْهُم مَا شَاءَ الله فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: سددوا وقاربوا فَإِن فِي كل مَا أصَاب الْمُسلم كَفَّارَة حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكَهَا والنكبة ينكبها
وَفِي لفظ عِنْد ابْن مرْدَوَيْه: بكينا وحزنا وَقُلْنَا: يَا رَسُول الله مَا أبقت هَذِه الْآيَة من شَيْء قَالَ: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَكمَا نزلت وَلَكِن أَبْشِرُوا وقاربوا وسددوا إِنَّه لَا يُصِيب أحد مِنْكُم من مُصِيبَة فِي الدِّينَا إِلَّا كفر الله بهَا خطيئته حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها أحدكُم فِي قدمه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا
وَأخرج أَحْمد ومسدد وَابْن أبي الدِّينَا فِي الْكَفَّارَات وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت هَذِه الْأَمْرَاض الَّتِي تصيبنا مَا لنا بهَا قَالَ: كَفَّارَات
قَالَ أبي: وَإِن قلت قَالَ: وَإِن شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر قَالَ: قَالَ رجل لعمر ابْن الْخطاب: إِنِّي لَا أعرف أَشد آيَة فِي كتاب الله
فَأَهوى عمر فَضَربهُ بِالدرةِ وَقَالَ: مَالك نقبت عَنْهَا فَانْصَرف حَتَّى كَانَ الْغَد قَالَ لَهُ عمر: الْآيَة الَّتِي ذكرت بالْأَمْس فَقَالَ ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ فَمَا منا أحد يعْمل سوءا إِلَّا جزي بِهِ
فَقَالَ عمر: لبثنا حِين نزلت مَا ينفعنا طَعَام وَلَا شراب حَتَّى أنزل الله بعد ذَلِك وَرخّص وَقَالَ: (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما) (النِّسَاء الْآيَة ١١٠)
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أُميَّة بنت عبد الله قَالَت: سَأَلت عَائِشَة عَن هَذِه الْآيَة ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ فَقَالَت: لقد سَأَلتنِي عَن شَيْء مَا سَأَلَني عَنهُ أحد بعد أَن سَأَلت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا عَائِشَة هَذِه مبايعة الله العَبْد بِمَا يُصِيبهُ من الْحمى والحزن والنكبة حَتَّى البضاعة يَضَعهَا فِي كمه فيفقدها فَيفزع لَهَا فيجدها تَحت ضبنه حَتَّى إِن العَبْد ليخرج من ذنُوبه كَمَا يخرج التبر الْأَحْمَر من الْكِير
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدِّينَا وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن زِيَاد بن الرّبيع قَالَ: قلت لأبي بن كَعْب: آيَة فِي كتاب الله قد أحزنتني قَالَ: مَا هِيَ قلت ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ: مَا كنت أَرَاك إِلَّا أفقه مِمَّا أرى إِن الْمُؤمن لَا تصيبه مُصِيبَة عَثْرَة قدم وَلَا اخْتِلَاج عرق وَلَا نحبة نملة إِلَّا بذنب وَمَا يعفوه الله عَنهُ أَكثر حَتَّى اللدغة والنفحة
وَأخرج هناد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن إِبْرَاهِيم بن مرّة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي فَقَالَ:
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: لما نزلت ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ أَبُو بكر: جَاءَت قاصمة الظّهْر
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا هِيَ المصيبات فِي الدِّينَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس إِن ابْن عمر لقِيه حَزينًا فَسَأَلَهُ عَن هَذِه الْآيَة ﴿لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ فَقَالَ: مَا لكم ولهذه إِنَّمَا هَذِه للْمُشْرِكين قُرَيْش وَأهل الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ يَقُول من يُشْرك يجز بِهِ وَهُوَ السوء ﴿وَلَا يجد لَهُ من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا﴾ إِلَّا أَن يَتُوب قبل مَوته فيتوب الله عَلَيْهِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ: إِنَّمَا ذَاك لمن أَرَادَ الله هوانه فَأَما من أَرَادَ الله كرامته فَإِنَّهُ يتَجَاوَز عَن سيئاته فِي أَصْحَاب الْجنَّة وعد الصدْق الَّذِي كَانُوا يوعدون
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَجَرَة فهزها حَتَّى تساقط من وَرقهَا مَا شَاءَ الله أَن يتساقط ثمَّ قَالَ: الأوجاع والمصيبات أسْرع فِي ذنُوب بني آدم مني فِي هَذِه الشَّجَرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الْبلَاء بِالْمُؤمنِ والمؤمنة فِي نَفسه وَفِي وَلَده وَمَاله حَتَّى يلقى الله وَمَا عَلَيْهِ من خَطِيئَة
وَأخرج أَحْمد عَن السَّائِب بن خَلاد أَن
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من مُصِيبَة تصيب الْمُسلم إِلَّا كفر الله بهَا عَنهُ حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُصِيب الْمُؤمن شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طرقه وجع فَجعل يشتكي ويتقلب على فرَاشه فَقَالَت عَائِشَة: لَو صنع هَذَا بَعْضنَا لوجدت عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الصَّالِحين يشدد عَلَيْهِم وَأَنه لَا يُصِيب مُؤمنا نكبة من شَوْكَة فَمَا فَوق ذَلِك إِلَّا حطت بِهِ عَنهُ خَطِيئَة وَرفع لَهُ بهَا دَرَجَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يُصِيب الْمُؤمن من نصب وَلَا وصب وَلَا هم وَلَا حزن وَلَا أَذَى وَلَا غم حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها إِلَّا كفر الله من خطاياه
وَأخرج أَحْمد وهناد فِي الزّهْد مَعًا عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: إِن الْمُسلم ليؤجر فِي كل شَيْء حَتَّى فِي النكبة وَانْقِطَاع شسعه والبضاعة تكون فِي كمه فيفقدها فَيفزع لَهَا فيجدها فِي ضبنه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَي النَّاس أَشد بلَاء قَالَ: النَّبِيُّونَ ثمَّ الأمثل من النَّاس فَمَا يزَال بِالْعَبدِ الْبلَاء حَتَّى يلقى الله وَمَا عَلَيْهِ من خَطِيئَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من شَيْء يُصِيب الْمُؤمن فِي جسده يُؤْذِيه إِلَّا كفَّر الله عَنهُ بِهِ من سيئاته
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صداع الْمُؤمن أَو شَوْكَة يشاكها أَو شَيْء يُؤْذِيه يرفعهُ الله بهَا يَوْم الْقِيَامَة دَرَجَة وَيكفر عَنهُ بهَا ذنُوبه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا أصَاب رجلا من الْمُسلمين نكبة فَمَا فَوْقهَا - حَتَّى ذكر الشَّوْكَة - إِلَّا لإحدى خَصْلَتَيْنِ: إِلَّا ليغفر الله من الذُّنُوب ذَنبا لم يكن ليغفر الله لَهُ إِلَّا بِمثل ذَلِك أَو يبلغ بِهِ من الْكَرَامَة كَرَامَة لم يكن يبلغهَا إِلَّا بِمثل ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الوجع لَا يكْتب بِهِ الْأجر إِنَّمَا الْأجر فِي الْعَمَل وَلَكِن يكفِّر الله بِهِ الْخَطَايَا
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أياس بن أبي فَاطِمَة عَن أَبِيه عَن جده
وَفِي لفظ: الصيالة أَلا تحبون أَن تَكُونُوا أَصْحَاب بلَاء وَأَصْحَاب كَفَّارَات وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الله ليبتلي الْمُؤمن وَمَا يَبْتَلِيه إِلَّا لكرامته عَلَيْهِ وَإِن العَبْد لتَكون لَهُ الدرجَة فِي الْجنَّة لَا يبلغهَا بِشَيْء من عمله حَتَّى يَبْتَلِيه بالبلاء ليبلغ بِهِ تِلْكَ الدرجَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن خَالِد السّلمِيّ عَن أَبِيه عَن جده وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا سبقت للْعَبد من الله منزلَة لم يبلغهَا بِعَمَلِهِ ابتلاه الله فِي جسده أَو فِي مَاله أَو فِي وَلَده ثمَّ صبره حَتَّى يبلغهُ الْمنزلَة الَّتِي سبقت لَهُ من الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل لتَكون لَهُ الْمنزلَة عِنْد الله فَمَا يبلغهَا بِعَمَل فَمَا يزَال يَبْتَلِيه بِمَا يكره حَتَّى يبلغهُ ذَلِك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ: سَمِعت أَبَا سُلَيْمَان يَقُول: مر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام على رجل فِي متعبد لَهُ ثمَّ مر بِهِ بعد ذَلِك وَقد مزقت السبَاع لَحْمه فرأس ملقى وفخذ ملقى وكبد ملقى فَقَالَ مُوسَى: يَا رب عَبدك كَانَ يطيعك فابتليه بِهَذَا فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى إِنَّه سَأَلَني دَرَجَة لم يبلغهَا بِعَمَلِهِ فابتليه بِهَذَا لأبلغه بذلك الدرجَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا ضرب من مُؤمن عرق إلاَّ حَطَّ الله بِهِ عَنهُ خَطِيئَة وَكتب لَهُ بِهِ حَسَنَة وَرفع لَهُ بِهِ دَرَجَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله ليبتلي عَبده بِالسقمِ حَتَّى يكفِّر كل ذَنْب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صدع فِي سَبِيل الله ثمَّ احستب غفر الله لَهُ مَا كَانَ قبل ذَلِك من ذَنْب
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن أبي حبيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الصداع والمليلة بِالْمَرْءِ الْمُسلم حَتَّى يَدعه مثل الْفضة الْبَيْضَاء
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَامر أخي الْخضر قَالَ: إِنِّي لبأرض محَارب إِذا رايات وألوية فَقلت: مَا هَذَا قَالُوا: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَجَلَست إِلَيْهِ وَهُوَ فِي ظلّ شَجَرَة قد بسط لَهُ كسَاء وَحَوله أَصْحَابه فَذكرُوا الأسقام فَقَالَ: إِن العَبْد
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَا الأسقام قَالَ: أَو مَا سقمت قطّ قَالَ: لَا
قَالَ: فَقُمْ عَنَّا فلست منا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من عبد يصرع صرعة من مرض إِلَّا بَعثه مِنْهُ طَاهِرا
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن العَبْد إِذا مرض أوحى الله إِلَى مَلَائكَته: يَا ملائكتي إِذا قيدت عَبدِي بِقَيْد من قيودي فَإِن أقبضهُ أَغفر لَهُ وَإِن أعافه فجسده مغْفُور لَا ذَنْب لَهُ
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليجرب أحدكُم بالبلاء - وَهُوَ أعلم - كَمَا يجرب أحدكُم ذهبه بالنَّار فَمنهمْ من يخرج كالذهب الإِبريز فَذَلِك الَّذِي نجاه الله من السَّيِّئَات وَمِنْهُم من يخرج كالذهب دون ذَلِك فَذَلِك الَّذِي يشك بعض الشَّك وَمِنْهُم من يخرج كالذهب الْأسود فَذَلِك الَّذِي قد افْتتن
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق بشير بن عبد الله بن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: عَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من الْأَنْصَار فأكبَّ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا نَبِي الله مَا غمضت مُنْذُ سبع لَيَال وَلَا أحد يحضرني
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي أخي اصبر أَي أخي اصبر تخرج من ذنوبك كَمَا دخلت فِيهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَاعَات الْأَمْرَاض يذْهبن سَاعَات الْخَطَايَا
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَاعَات الْأَذَى يذْهبن سَاعَات الْخَطَايَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الحكم بن عتبَة رَفعه قَالَ: إِذا كثرت ذنُوب العَبْد وَلم يكن لَهُ من الْعَمَل مَا يكفر ذنُوبه ابتلاه الله بالهم يكفر بِهِ ذنُوبه
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليبتلي عَبده بالبلاء والألم حَتَّى يتْركهُ من ذَنبه كالفضة المصفاة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمسيب بن رَافع أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ: إِن الْمَرْء الْمُسلم يمشي فِي النَّاس وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة
قيل: وَلم ذَلِك يَا أَبَا بكر قَالَ: بالمصائب وَالْحجر والشوكة والسشع يَنْقَطِع
وَأخرج أَحْمد عَن خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي عَن جده يزِيد بن أَسد أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمَرِيض تحات خطاياه كَمَا يتحات ورق الشّجر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: مَا يسرني بليلة أمرضها حمر النعم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِيَاض بن غُضَيْف قَالَ: دَخَلنَا على أبي عُبَيْدَة بن الْجراح نعوده فَإِذا وَجهه مِمَّا يَلِي الْجِدَار وَامْرَأَته قَاعِدَة عِنْد رَأسه قلت: كَيفَ بَات أَبُو عُبَيْدَة قَالَت: بَات بِأَجْر
فَأقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنِّي لم أَبِتْ بِأَجْر وَمن ابتلاه الله ببلاء فِي جسده فَهُوَ لَهُ حطة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: إِن الْمُؤمن يُصِيبهُ الله بالبلاء ثمَّ يعافيه فَيكون كَفَّارَة لسيئاته ومستعتباً فِيمَا بَقِي وَإِن الْفَاجِر يُصِيبهُ الله بالبلاء ثمَّ يعافيه فَيكون كالبعير عقله أَهله لَا يدْرِي لمَ عقلوه ثمَّ أَرْسلُوهُ فَلَا يدْرِي لمَ أَرْسلُوهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمار أَنه كَانَ عِنْده أَعْرَابِي فَذكرُوا الوجع فَقَالَ عمار: مَا اشتكيت قطّ قَالَ: لَا
فَقَالَ عمار: لست منا مَا من عبد يبتلى إِلَّا حط عَنهُ خطاياه كَمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا وَإِن الْكَافِر يبتلى فَمثله مثل الْبَعِير عُقِل فَلم يدرِ لمَ عَقِلْ وأُطْلِقَ فَلم يدرِ لمَ أُطْلِقَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ: الشّرك
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿من يعْمل سوءا يجز بِهِ﴾ قَالَ: الْكَافِر ثمَّ قَرَأَ (وَهل يجازى إِلَّا الكفور) (سبأ الْآيَة ١٧)
الْآيَة ١٢٤
) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٣) الْآيَة
قَالَ أهل الْكتاب: نَحن وَأَنْتُم سَوَاء
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن﴾ ففجلوا عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن﴾ قَالَ: أَبى أَن يقبل الْإِيمَان إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالح
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن ابْن عمر لقِيه فَسَأَلَهُ عَن هَذِه الْآيَة ﴿وَمن يعْمل من الصَّالِحَات﴾ قَالَ: الْفَرَائِض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن﴾ قَالَ: قد يعْمل الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ والمشرك الْخَيْر فَلَا يَنْفَعهُمْ فِي الدِّينَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن﴾ قَالَ: إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْعَمَل مَا كَانَ فِي الإِيمان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: النقير هِيَ النُّكْتَة الَّتِي تكون فِي ظهر النواة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: القطمير القشرة الَّتِي تكون على النواة والفتيل الَّذِي يكون فِي بَطنهَا والنقير النقطة الْبَيْضَاء الَّتِي فِي وسط النواة
الْآيَتَانِ ١٢٥ - ١٢٦
فَقَالَ الله تَعَالَى ﴿وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن﴾
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله اصْطفى مُوسَى بالْكلَام وَإِبْرَاهِيم بالخلة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن الضريس عَن معَاذ بن جبل أَنه لما قدم الْيمن صلى بهم الصُّبْح فَقَرَأَ ﴿وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا﴾ فَقَالَ رجل من الْقَوْم: لقد قرت عين أم إِبْرَاهِيم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جُنْدُب: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل أَن يتوفى: إِن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الله اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَإِن صَاحبكُم خَلِيل الله وَإِن مُحَمَّدًا سيد بني آدم يَوْم الْقِيَامَة
ثمَّ قَرَأَ (عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا) (الْإِسْرَاء الْآيَة ٧٩)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْأَنْبِيَاء يَوْم الْقِيَامَة كل اثْنَيْنِ مِنْهُم خليلان دون سَائِرهمْ
قَالَ فخليلي مِنْهُم يَوْمئِذٍ خَلِيل الله إِبْرَاهِيم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة قصراً من درة لَا صدع فِيهِ وَلَا وَهن أعده الله لخليله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام نزلا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أتعجبون أَن تكون الْخلَّة لإِبراهيم وَالْكَلَام لمُوسَى والرؤية لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جلس نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينتظرونه فَخرج حَتَّى إِذا دنا مِنْهُم سمعهم يتذاكرون فَسمع حَدِيثهمْ وَإِذا بَعضهم يَقُول: إِن الله اتخذ من خلقه خَلِيلًا فإبراهيم خَلِيله
وَقَالَ آخر: مَاذَا بِأَعْجَب من أَن كلم الله مُوسَى تكليماً
وَقَالَ آخر: فعيسى روح الله وكلمته
وَقَالَ آخر آدم اصطفاه الله
فَخرج عَلَيْهِم فَسلم فَقَالَ: قد سَمِعت كلامكم وعجبكم ان إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَهُوَ كَذَلِك ومُوسَى كليمه وَعِيسَى روحه وكلمته وآدَم اصطفاه الله ربه كَذَلِك أَلا وَإِنِّي حبيب الله وَلَا فَخر وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع وَلَا فَخر وَأَنا أول من يُحَرك حلق الْجنَّة فيفتحها الله فيدخلنيها وَمَعِي فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ وَلَا فَخر وَأَنا أكْرم الْأَوَّلين والآخرين يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر
قَالَ: لِأَنِّي اطَّلَعت إِلَى قَلْبك فوجدتك تحب أَن ترزأ وَلَا ترزأ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن أَبْزَى قَالَ: دخل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام منزله فَجَاءَهُ ملك الْمَوْت فِي صُورَة شَاب لَا يعرفهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: بِإِذن من دخلت قَالَ: بِإِذن رب الْمنزل
فَعرفهُ إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: إِن رَبك اتخذ من عباده خَلِيلًا
قَالَ إِبْرَاهِيم: وَنحن ذَلِك قَالَ: وَمَا تصنع بِهِ قَالَ: أكون خَادِمًا لَهُ حَتَّى أَمُوت
قَالَ: فَإِنَّهُ أَنْت
وَبِأَيِّ شَيْء اتَّخَذَنِي خَلِيلًا قَالَ: بأنك تحب أَن تُعْطِي وَلَا تَأْخُذ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل لم اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا قَالَ: لإطعامه الطَّعَام يَا مُحَمَّد
وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس: يَا عَم أَتَدْرِي لم اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا هَبَط إِلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: أَيهَا الْخَلِيل هَل تَدْرِي بِمَ اسْتَوْجَبت الْخلَّة فَقَالَ: لَا أَدْرِي يَا جِبْرِيل قَالَ: لِأَنَّك تُعْطِي وَلَا تَأْخُذ
وَأخرج الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِي فِي فَضَائِل الْعَبَّاس عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله اصْطفى من ولد آدم إِبْرَاهِيم اتَّخذهُ خَلِيلًا وَاصْطفى من ولد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل ثمَّ اصْطفى من ولد إِسْمَاعِيل نزاراً ثمَّ اصْطفى من ولد نزار مُضر ثمَّ اصْطفى من مُضر كنَانَة ثمَّ اصْطفى من كنَانَة قُريْشًا ثمَّ اصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم ثمَّ اصْطفى من بني هَاشم بني عبد عبد الْمطلب ثمَّ اصطفاني من بني عبد الْمطلب
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه وَابْن عَسَاكِر والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى نجياً واتخذني حبيباً ثمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي لَأُوثِرَنَّ حَبِيبِي على خليلي ونجيِّي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أوّل من يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم قبطيتين وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلَّة حبرَة وَهُوَ عَن يَمِين الْعَرْش
وَالله أعلم
قَالَ كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْمَوْلُود حَتَّى يكبر وَلَا يورثون الْمَرْأَة
فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَام قَالَ ﴿ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب﴾ فِي أوّل السُّورَة فِي الْفَرَائِض
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ لَا يَرث إِلَّا الرجل الَّذِي قد بلغ أَن يقوم فِي المَال وَيعْمل فِيهِ وَلَا يَرث الصَّغِير وَلَا الْمَرْأَة شَيْئا قَلما نزلت الْمَوَارِيث فِي سُورَة النِّسَاء شقّ ذَلِك على النَّاس وَقَالُوا: أَيَرِث الصَّغِير الَّذِي لَا يقوم فِي المَال وَالْمَرْأَة الَّتِي هِيَ كَذَلِك فيرثان كَمَا يَرث الرجل فَرجوا أَن يَأْتِي فِي ذَلِك حدث من السَّمَاء فانتظروا فَلَمَّا رَأَوْا أَنه لَا يَأْتِي حدث قَالُوا: لَئِن تمّ هَذَا إِنَّه لواجب مَا عَنهُ بُد ثمَّ قَالُوا: سلوا
فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب﴾ فِي أول السُّورَة فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ وترغبون أَن تنكحوهن
قَالَ سعيد ابْن جُبَير: وَكَانَ الْوَلِيّ إِذا كَانَت الْمَرْأَة ذَات جمال وَمَال رغب فِيهَا ونكحها واستأثر بهَا وَإِذا لم تكن ذَات جمال وَمَال أنْكحهَا وَلم ينْكِحهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الصّبيان شَيْئا كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يغزون وَلَا يغنمون خيرا فَفرض الله لَهُنَّ الْمِيرَاث حَقًا وَاجِبا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا كَانَت الْجَارِيَة يتيمة دَمِيمَة لم يعطوها مِيرَاثهَا وحبسوها من التَّزْوِيج حَتَّى تَمُوت فيرثوها فَأنْزل الله هَذَا
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ جَابر بن عبد الله لَهُ ابْنة عَم عمياء وَكَانَت دَمِيمَة وَكَانَت قد ورثت من أَبِيهَا مَالا فَكَانَ جَابر يرغب عَن نِكَاحهَا وَلَا ينْكِحهَا رهبة أَن يذهب الزَّوْج بمالها فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَكَانَ نَاس فِي حجورهم جوَار أَيْضا مثل ذَلِك فَأنْزل الله فيهم هَذَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ وترغبون أَن تنكحوهن﴾ قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا كَانَت عِنْد ولي يرغب عَن حسنها لم يتزوّجها وَلم يتْرك أحدا يتزوّجها ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْولدَان﴾ قَالَ: كَانُوا لَا يورثون إِلَّا الْأَكْبَر فالأكبر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء﴾ قَالَ: مَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي أول السُّورَة من الْمَوَارِيث وَكَانُوا لَا يورثون امْرَأَة وَلَا صَبيا حَتَّى يَحْتَلِم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة فِي قَوْله ﴿ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ﴾ إِلَى قَوْله ﴿وترغبون أَن تنكحوهن﴾ قَالَت: هُوَ الرجل تكون عِنْده الْيَتِيمَة هُوَ وَليهَا ووراثها قد شركته فِي مَاله حَتَّى فِي العذق فيرغب أَن ينْكِحهَا وَيكرهُ أَن يزوّجها رجلا فيشركه فِي مَاله بِمَا شركته فيعضلها فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: ثمَّ إِن النَّاس استفتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة فِيهِنَّ فَأنْزل الله ﴿ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء﴾ قَالَت: وَالَّذِي ذكر الله أَنه يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي قَالَ الله (وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء) قَالَت: وَقَول الله ﴿وترغبون أَن تنكحوهن﴾ رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته الَّتِي تكون فِي حجره حِين تكون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة تكون عِنْده الْيَتِيمَة فيلقي عَلَيْهَا ثَوْبه فَإِذا فعل ذَلِك لم يقدر أحد أَن يتزوّجها أبدا فَإِن كَانَت جميلَة وهويها تزوّجها وَأكل مَالهَا وَإِن كَانَت دَمِيمَة منعهَا الرِّجَال أبدا حَتَّى تَمُوت فَإِذا مَاتَت ورثهَا فَحرم الله ذَلِك وَنهى عَنهُ وَكَانُوا لَا يورثون الصغار وَلَا الْبَنَات وَذَلِكَ قَوْله ﴿لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ﴾ فَنهى الله عَنهُ وبيَّن لكل ذِي سهم سَهْمه صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْيَتِيمَة تكون فِي حجر الرجل فِيهَا دمامة فيرغب عَنْهَا أَن ينْكِحهَا وَلَا ينْكِحهَا رَغْبَة فِي مَالهَا
وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل فِي أَحْكَام الْقُرْآن عَن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن حزم أَن عمْرَة بنت حزم كَانَت تَحت سعد بن الرّبيع فَقتل عَنْهَا بِأحد وَكَانَ لَهُ مِنْهَا ابْنة فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطلب مِيرَاث ابْنَتهَا فَفِيهَا نزلت ﴿ويستفتونك فِي النِّسَاء﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن عون عَن الْحسن وَابْن سِيرِين فِي هَذِه الْآيَة قَالَ أَحدهمَا: ترغبون فِيهِنَّ وَقَالَ الآخر: ترغبون عَنْهُن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وترغبون أَن تنكحوهن﴾ قَالَ: ترعبون عَنْهُن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عُبَيْدَة ﴿وترغبون أَن تنكحوهن﴾ قَالَ: ترغبون عَنْهُن
الْآيَات ١٢٨ - ١٣٤
قَالَ ابْن عَبَّاس: فَمَا اصطلحا عَلَيْهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفضل بَعْضنَا على بعض فِي مكثه عندنَا وَكَانَ يطوف علينا يومياً من كل امْرَأَة من غير مَسِيس حَتَّى يبلغ إِلَى من هُوَ يَوْمهَا فيبيت عِنْدهَا وَلَقَد قَالَت سَوْدَة بنت زَمعَة حِين أَسِنَت وَفرقت أَن يفارقها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله يومي هُوَ لعَائِشَة
فَقبل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت عَائِشَة: فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة ﴿وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا﴾ الْآيَة
قَالَت: الرجل تكون عِنْده الْمَرْأَة لَيْسَ مستكثراً مِنْهَا يُرِيد أَن يفارقها فَتَقول: أجعلك من شأني فِي حل
فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن رَافع بن خديج أَنه كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة قد خلا من سنّهَا فَتزَوج عَلَيْهَا شَابة فآثرها عَلَيْهَا فَأَبت الأولى أَن تقر فَطلقهَا تَطْلِيقَة حَتَّى إِذا بَقِي من أجلهَا يسير قَالَ: إِن شِئْت رَاجَعتك وَصَبَرت على الأثرة وَإِن شِئْت تركتك قَالَت: بل راجعني
فَرَاجعهَا فَلم تصبر على الأثرة فَطلقهَا أُخْرَى وآثر عَلَيْهَا الشَّابَّة فَذَلِك الصُّلْح الَّذِي بلغنَا أَن الله أنزل فِيهِ ﴿وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا﴾ الْآيَة
وَأخرج الشَّافِعِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد ابْن الْمسيب أَن ابْنة مُحَمَّد بن مسلمة كَانَت عِنْد رَافع بن خديج فكره مِنْهَا أمرا إِمَّا كبرا أَو غَيره فَأَرَادَ طَلاقهَا فَقَالَت: لَا تُطَلِّقنِي واقسم لي مَا بدا لَك فاصطلحا على صلح فجرت السّنة بذلك وَنزل الْقُرْآن ﴿وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن عمر أَن رجلا سَأَلَهُ عَن آيَة فكره ذَلِك وضربه بِالدرةِ فَسَأَلَهُ آخر عَن هَذِه الْآيَة ﴿وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا﴾ فَقَالَ: عَن مثل هَذَا فَسَلُوا ثمَّ قَالَ: هَذِه الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل قد خلا من سنّهَا فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة الثَّانِيَة يلْتَمس وَلَدهَا فَمَا اصطلحا عَلَيْهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هُوَ الرجل عِنْده امْرَأَتَانِ فَتكون إِحْدَاهمَا قد عجزت أَو تكون دَمِيمَة فيريد فراقها فتصالحه على أَن يكون عِنْدهَا لَيْلَة وَعند الْأُخْرَى ليَالِي وَلَا يفارقها فَمَا طابت بِهِ نَفسه فَلَا بَأْس بِهِ فَإِن رجعت سوَّى بَينهمَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل حَتَّى تكبر فيريد أَن يتَزَوَّج عَلَيْهَا فيتصالحان بَينهمَا صلحا على أَن لَهَا يَوْمًا ولهذه يَوْمَانِ أَو ثَلَاثَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل تكون تَحْتَهُ الْمَرْأَة الْكَبِيرَة فينكح عَلَيْهَا الْمَرْأَة الشَّابَّة وَيكرهُ أَن يُفَارق أم وَلَده فيصالحها على عَطِيَّة من مَاله وَنَفسه فيطيب لَهُ ذَلِك الصُّلْح
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أبي السنابل بن بعكك
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي سَوْدَة بنت زَمعَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق
وَأخرج الْحَاكِم عَن كثير بن عبد الله بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصُّلْح حائز بَين الْمُسلمين إِلَّا صلحا حرم حَلَالا أَو أحل حَرَامًا والمسلمون على شروطهم إِلَّا شرطا حرم حَلَالا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وأحضرت الْأَنْفس الشُّح﴾ قَالَ: تشح عِنْد الصُّلْح على نصِيبهَا من زَوجهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وأحضرت الْأَنْفس الشُّح﴾ قَالَ: هَوَاهُ فِي الشَّيْء يحرص عَلَيْهِ
وَفِي قَوْله ﴿وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء﴾ قَالَ: فِي الْحبّ وَالْجِمَاع
وَفِي قَوْله ﴿فَلَا تميلوا كل الْميل فتذروها كالمعلقة﴾ قَالَ: لَا هِيَ أيِّم وَلَا هِيَ ذَات زوج
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء﴾ فِي عَائِشَة يَعْنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُحِبهَا أَكثر من غَيرهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن الْمُنْذر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَال إِلَى إِحْدَاهمَا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَأحد شقيه سَاقِط
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يستحبون أَن يسوّوا بَين الضرائر حَتَّى فِي الطّيب يتطيب لهَذِهِ كَمَا يتطيب لهَذِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن زيد قَالَ: كَانَت لي امْرَأَتَانِ فَلَقَد كنت أعدل بَينهمَا حَتَّى أعد الْقبل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين فِي الَّذِي لَهُ امْرَأَتَانِ يكره أَن يتَوَضَّأ فِي بَيت إِحْدَاهمَا دون الْأُخْرَى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِن كَانُوا ليسوّون بَين الضرائر حَتَّى تبقى الفضلة مِمَّا لَا يُكَال من السويق وَالطَّعَام فيقسمونه كفا كفا إِذا كَانَ مِمَّا لَا يُسْتَطَاع كَيْله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء﴾ قَالَ: فِي الْجِمَاع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُبَيْدَة فِي قَوْله ﴿وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء﴾ قَالَ فِي الْحبّ ﴿فَلَا تميلوا كل الْميل﴾ قَالَ: فِي الغشيان ﴿فتذروها كالمعلقة﴾ لَا أيِّم وَلَا ذَات زوج
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء﴾ يَعْنِي فِي الْحبّ ﴿فَلَا تميلوا كل الْميل﴾ قَالَ: لَا تتعمدوا الْإِسَاءَة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: لَا تمل عَلَيْهَا فَلَا تنْفق عَلَيْهَا وَلَا تقسم لَهَا يَوْمًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة يَقُول: إِن أَحْبَبْت وَاحِدَة وأبغضت وَاحِدَة فاعدل بَينهمَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فتذروها كالمعلقة﴾ قَالَ: لَا مُطلقَة وَلَا ذَات بعل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا﴾ قَالَ: الطَّلَاق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَكَانَ الله غَنِيا﴾ قَالَ: غَنِيا عَن خلقه ﴿حميدا﴾ قَالَ: مستحمداً إِلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَكفى بِاللَّه وَكيلا﴾ قَالَ: حفيظاً
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِن يَشَأْ يذهبكم أَيهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرين﴾ قَالَ: قَادر وَالله رَبنَا على ذَلِك أَن يهْلك من خلقه مَا شَاءَ وَيَأْتِ بِآخَرين من بعدهمْ
الْآيَة ١٣٥
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الآية ﴿ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ﴾ في عائشة، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة قالت :" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ".
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط ".
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال : كانوا يستحبون أن يسووا بين الضرائر حتى في الطيب، يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن جابر بن زيد قال : كانت لي امرأتان، فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين. في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : إن كانوا ليسوون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة مما لا يكال من السويق والطعام، فيقسمونه كفا كفا إذا كان مما لا يستطاع كيله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله ﴿ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ﴾ قال : في الجماع.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عبيدة في قوله ﴿ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ﴾ قال في الحب ﴿ فلا تميلوا كل الميل ﴾ قال : في الغشيان ﴿ فتذروها كالمعلقة ﴾ لا أيم ولا ذات زوج.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله ﴿ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ﴾ يعني في الحب ﴿ فلا تميلوا كل الميل ﴾ قال : لا تتعمدوا الإساءة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : لا تمل عليها، فلا تنفق عليها، ولا تقسم لها يوما.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية يقول : إن أحببت واحدة وأبغضت واحدة فاعدل بينهما.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ فتذروها كالمعلقة ﴾ قال : لا مطلقة ولا ذات بعل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ كالمعلقة ﴾ قال : كالمسجونة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ وكان الله غنيا ﴾ قال : غنيا عن خلقه ﴿ حميدا ﴾ قال : مستحمدا إليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي. مثله.
قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن يَقُولُوا بِالْحَقِّ وَلَو على أنفسهم أَو آبَائِهِم أَو أبنائهم لَا يحابوا غَنِيا لغناه وَلَا يرحموا مِسْكينا لمسكنته وَفِي قَوْله ﴿فَلَا تتبعوا الْهوى﴾ فتذروا الْحق فتجوروا ﴿وَإِن تلووا﴾ يَعْنِي أَلْسِنَتكُم بِالشَّهَادَةِ أَو تعرضوا عَنْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوّامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله﴾ الْآيَة
قَالَ: الرّجلَانِ يقعدان عِنْد القَاضِي فَيكون ليّ القَاضِي وإعراضه لأحد الرجلَيْن على الآخر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن مولى لِابْنِ عَبَّاس قَالَ: لما قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة كَانَت الْبَقَرَة أول سُورَة نزلت ثمَّ أردفها النِّسَاء قَالَ:
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتصم إِلَيْهِ رجلَانِ غَنِي وفقير فَكَانَ حلفه مَعَ الْفَقِير يرى أَن الْفَقِير لَا يظلم الْغَنِيّ فَأبى الله إِلَّا أَن يقوم بِالْقِسْطِ فِي الْغَنِيّ وَالْفَقِير
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الشَّهَادَة فأقم الشَّهَادَة يَا ابْن آدم وَلَو على نَفسك أَو الْوَالِدين والأقربين أَو على ذِي قرابتك وأشراف قَوْمك فَإِنَّمَا الشَّهَادَة لله وَلَيْسَت للنَّاس وَإِن الله تَعَالَى رَضِي بِالْعَدْلِ لنَفسِهِ والإقساط وَالْعدْل ميزَان الله فِي الأَرْض بِهِ يرد الله من الشَّديد على الضَّعِيف وَمن الصَّادِق على الْكَاذِب وَمن الْمُبْطل على المحق وبالعدل يصدق الصَّادِق ويكذب الْكَاذِب وَيرد المعتدي ويوبخه تَعَالَى رَبنَا وتبارك وبالعدل يصلح النَّاس يَا ابْن آدم إِن يكن غَنِيا أَو فَقِيرا فَالله أولى بهما يَقُول الله أولى بغنيكم وفقيركم وَلَا يمنعك عَنى غَنِي وَلَا فَقْرُ فَقير أَن تشهد عَلَيْهِ بِمَا تعلم فَإِن ذَلِك من الْحق قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب أَي شَيْء وضعت فِي الأَرْض أقل قَالَ: الْعدْل أقل مَا وضعت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن تلووا أَو تعرضوا﴾ يَقُول: تلوي لسَانك بِغَيْر الْحق وَهِي اللجلجة فَلَا يُقيم الشَّهَادَة على وَجههَا
والإعراض التّرْك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ ﴿تلووا﴾ تحرفوا و ﴿تعرضوا﴾ تتركوا
وَأخرج آدم وَالْبَيْهَقِيّ فب سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن تلووا﴾ يَقُول: تبدلوا الشَّهَادَة ﴿أَو تعرضوا﴾ يَقُول: تكتموها
الْآيَة ١٣٦
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله مُحَمَّد وَكتابه الْقُرْآن وَبِكُل كتاب كَانَ قبله فَقَالُوا: لَا نَفْعل
فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَالْكتاب الَّذِي نزل على رَسُوله وَالْكتاب الَّذِي أنزل من قبل﴾ قَالَ: فآمنوا كلهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله﴾ الْآيَة
قَالَ: يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب كَانَ الله قد أَخذ ميثاقهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وأقروا على أنفسهم بِأَن يُؤمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بعث الله رَسُوله دعاهم إِلَى أَن يُؤمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَذكرهمْ الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم من الْمِيثَاق فَمنهمْ من صدق النَّبِي وَاتبعهُ وَمِنْهُم من كفر
الْآيَات ١٣٧ - ١٣٩
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا﴾ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْيَهُود آمنُوا بِالتَّوْرَاةِ ثمَّ كفرُوا ثمَّ ذكر النَّصَارَى فَقَالَ ﴿ثمَّ آمنُوا ثمَّ كفرُوا﴾ يَقُول: آمنُوا بالإنجيل ثمَّ كفرُوا بِهِ ﴿ثمَّ ازدادوا كفرا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَلَا ليهديهم سَبِيلا﴾ قَالَ: طَرِيق هدى وَقد كفرُوا بآيَات الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هم المُنَافِقُونَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ أَنه قَالَ فِي الْمُرْتَد: إِن كنت لمستتيبه ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ ازدادوا كفرا﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن فضَالة بن عبيد أَنه أُتِي بِرَجُل من الْمُسلمين قد فر إِلَى العدوّ فأقاله الْإِسْلَام فَأسلم ثمَّ فر الثَّانِيَة فَأتي بِهِ فأقاله الْإِسْلَام ثمَّ فر الثَّالِثَة فَأتي بِهِ فَنزع بِهَذِهِ الْآيَة ﴿إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا﴾ إِلَى ﴿سَبِيلا﴾ ثمَّ ضرب عُنُقه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ازدادوا كفرا﴾ قَالَ: تَمُّوا على كفرهم حَتَّى مَاتُوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
مثله
وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ والديلمي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يَقُول كل يَوْم: أَنا ربكُم الْعَزِيز فَمن أَرَادَ عز الدَّاريْنِ فليطع الْعَزِيز
الْآيَتَانِ ١٤٠ - ١٤١
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أنزل فِي سُورَة الْأَنْعَام (حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره) (الْأَنْعَام الْآيَة ٦٨) ثمَّ نزل التَّشْدِيد فِي سُورَة النِّسَاء ﴿إِنَّكُم إِذا مثلهم﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ إِذا جالسوا الْمُؤمنِينَ وَقَعُوا فِي رَسُول الله وَالْقُرْآن فَشَتَمُوهُ واستهزؤوا بِهِ فَأمر الله أَن لَا يقعدوا مَعَهم حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره
وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير أَن الله جَامع الْمُنَافِقين من أهل الْمَدِينَة وَالْمُشْرِكين من أهل مَكَّة الَّذين خَاضُوا واستهزؤوا بِالْقُرْآنِ فِي جَهَنَّم جَمِيعًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿الَّذين يتربصون بكم﴾ قَالَ: هم المُنَافِقُونَ يتربصون بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿فَإِن كَانَ لكم فتح من الله﴾ إِن أصَاب الْمُسلمُونَ من عدوّهم غنيمَة قَالَ المُنَافِقُونَ ﴿ألم نَكُنْ مَعكُمْ﴾ قد كُنَّا مَعكُمْ فأعطونا من الْغَنِيمَة مثل مَا تأخذون ﴿وَإِن كَانَ للْكَافِرِينَ نصيب﴾ يصيبونه من الْمُسلمين قَالَ المُنَافِقُونَ للْكفَّار ﴿ألم نستحوذ عَلَيْكُم﴾ ألم نبين لكم أَنا على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ قد نثبطهم عَنْكُم
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ ﴿ألم نستحوذ عَلَيْكُم﴾ قَالَ: نغلب عَلَيْكُم
أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ أَنه قيل لَهُ: أَرَأَيْت هَذِه الْآيَة ﴿وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا﴾ وهم يقاتلونا فيظهرون وَيقْتلُونَ فَقَالَ: ادنه ادنه ثمَّ قَالَ: فَالله يحكم بَيْنكُم يَوْم الْقِيَامَة ﴿وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ ﴿وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا﴾ قَالَ فِي الْآخِرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا﴾ قَالَ: ذَاك يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ ﴿سَبِيلا﴾ قَالَ: حجَّة
الْآيَة ١٤٢
وأخرج ابن جرير عن السدي ﴿ ألم نستحوذ عليكم ﴾ قال : نغلب عليكم.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن علي. أنه قيل له : أرأيت هذه الآية ﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾ وهم يقاتلونا فيظهرون ويقتلون ؟ فقال : ادنه ادنه، ثم قال : فالله يحكم بينكم يوم القيامة ﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾.
وأخرج ابن جرير عن علي ﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾ قال : في الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾ قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾ قال : ذاك يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك. مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي ﴿ سبيلا ﴾ قال : حجة.
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَهُوَ خادعهم﴾ قَالَ: يعطيهم يَوْم الْقِيَامَة نورا يَمْشُونَ فِيهِ مَعَ الْمُسلمين كَمَا كَانُوا مَعَه فِي الدِّينَا ثمَّ يسلبهم ذَلِك النُّور فيطفئه فَيقومُونَ فِي ظلمتهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير
نَحوه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي وَأبي عَامر بن النُّعْمَان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي الدِّينَا فِي الصمت عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يكره أَن يَقُول الرجل إِنِّي كسلان ويتأوّل هَذِه الْآيَة
وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حسن الصَّلَاة حَيْثُ يرَاهُ النَّاس وأساءها حَيْثُ يَخْلُو فَتلك استهانة استهان بهَا ربه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿يراؤون النَّاس﴾ قَالَ: وَالله لَوْلَا النَّاس مَا صلى الْمُنَافِق وَلَا يُصَلِّي إِلَّا رِيَاء وَسُمْعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن الْحسن ﴿وَلَا يذكرُونَ الله إِلَّا قَلِيلا﴾ قَالَ: إِنَّمَا لِأَنَّهُ كَانَ لغير الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَلَا يذكرُونَ الله إِلَّا قَلِيلا﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: لَا يقل عمل مَعَ تقوى وَكَيف يقل مَا يتَقَبَّل وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِق يجلس يرقب الشَّمْس حَتَّى إِذا كَانَت بَين قَرْني شَيْطَان قَامَ فَنقرَ أَرْبعا لَا يذكر الله فِيهَا إِلَّا قَلِيلا
الْآيَة ١٤٣
فَجعل ينْتَظر إِلَى هَذَا مرّة وَإِلَى هَذَا مرّة قَالَ: فَجَاءَهُ سيل فأغرقه فَالَّذِي عبر الْمُؤمن وَالَّذِي غرق الْمُنَافِق مذبذب بَين ذَلِك لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَالَّذِي مكث الْكَافِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة ﴿مذبذبين بَين ذَلِك لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ﴾ يَقُول: لَيْسُوا بمؤمنين مُخلصين وَلَا مُشْرِكين مصرحين بالشرك
قَالَ: وَذكر لنا: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يضْرب مثلا لِلْمُؤمنِ وَالْكَافِر وَالْمُنَافِق كَمثل رَهْط ثَلَاثَة دفعُوا إِلَى نهر فَوَقع الْمُؤمن فَقطع ثمَّ وَقع الْمُنَافِق حَتَّى كَاد يصل إِلَى الْمُؤمن ناداه الْكَافِر: أَن هَلُمَّ إليّ فَإِنِّي أخْشَى عَلَيْك وناداه الْمُؤمن أَن هَلُمَّ إِلَيّ فَإِن عِنْدِي وَعِنْدِي يحصي لَهُ مَا عِنْده فَمَا زَالَ الْمُنَافِق يتَرَدَّد بَينهمَا حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ المَاء فغرقه وَإِن الْمُنَافِق لم يزل فِي شكّ وشبهة حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ الْمَوْت وَهُوَ كَذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿مذبذبين بَين ذَلِك﴾ قَالَ: هم المُنَافِقُونَ ﴿لَا إِلَى هَؤُلَاءِ﴾ يَقُول: لَا إِلَى أَصْحَاب مُحَمَّد وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْيَهُود
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَثَل الْمُنَافِق مَثَل الشَّاة العائرة بَين الْغَنَمَيْنِ تعير إِلَى هَذِه مرّة وَإِلَى هَذِه مرّة لَا تَدْرِي أَيهَا تتبع
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن مثل الْمُنَافِق يَوْم الْقِيَامَة كالشاة بَين الْغَنَمَيْنِ إِن أَتَت هَؤُلَاءِ نطحتها وَإِن أَتَت هَؤُلَاءِ نطحتها
الْآيَة ١٤٤
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حجَّة
الْآيَات ١٤٥ - ١٤٧
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة ﴿إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك﴾ قَالَ: فِي توابيت ترتج عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿فِي الدَّرك الْأَسْفَل﴾ يَعْنِي فِي أَسْفَل النَّار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن كثير قَالَ: سَمِعت أَن جَهَنَّم أَدْرَاك منَازِل بَعْضهَا فَوق بعض
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا فِي صفة النَّار عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: أَي أهل النَّار أَشد عذَابا قَالَ رجل: المُنَافِقُونَ
قَالَ: صدقت فَهَل تَدْرِي كَيفَ يُعَذبُونَ قَالَ: لَا
قَالَ: يجْعَلُونَ فِي توابيت من حَدِيد تصمد عَلَيْهِم ثمَّ يجْعَلُونَ فِي الدَّرك الْأَسْفَل فِي تنانير أضيق من زج يُقَال لَهُ: جب الْحزن يطبق على أَقوام بأعمالهم آخر الْأَبَد
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا فِي كتاب الْإِخْلَاص وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بَعثه إِلَى الْيمن: أوصني
قَالَ: أخْلص دينك يكفك الْقَلِيل من الْعَمَل
وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا فِي الْإِخْلَاص وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ثَوْبَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: طُوبَى للمخلصين أُولَئِكَ مصابيح الْهدى تنجلي عَنْهُم كل فتْنَة ظلماء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي فراس رجل من أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوني عَمَّا شِئْتُم
فَنَادَى رجل: يَا رَسُول الله مَا الْإِسْلَام قَالَ: إقَام الصَّلَاة وإتياء الزَّكَاة قَالَ: فَمَا الْإِيمَان قَالَ: الْإِخْلَاص
قَالَ: فَمَا الْيَقِين قَالَ: التَّصْدِيق بالقيامة
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع: نصر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فوعاها فَرب حَامِل فقه لَيْسَ بفقيه ثَلَاث لَا يغل عَلَيْهِنَّ قلب امرىء مُؤمن
إخلاص الْعَمَل لله والمناصحة لأئمة الْمُسلمين وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ فَإِن دعاءهم يُحِيط من ورائهم
الْآيَة
قَالَ: لَا يحب الله أَن يَدْعُو أحد على أحد إِلَّا أَن يكون مَظْلُوما فَإِنَّهُ رخص لَهُ أَن يَدْعُو على من ظلمه وَإِن يصبر فَهُوَ خير لَهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يظلم فَلَا يدع عَلَيْهِ وَلَكِن ليقل: اللَّهُمَّ أَعنِي عَلَيْهِ اللَّهُمَّ استخرج لي حَقي حل بَينه وَبَين مَا يُرِيد وَنَحْو هَذَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: عذر الله الْمَظْلُوم كَمَا تَسْمَعُونَ أَن يَدْعُو
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة أَنه سرق لَهَا شَيْء فَجعلت تَدْعُو عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تسبخي عَنهُ بدعائك
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من دَعَا على مَنْ ظلمه فقد انتصر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل ضاف رجلا بفلاة من الأَرْض فَلم يضفه فَنزلت ﴿إِلَّا من ظلم﴾ ذكر أَنه لم يضفه لَا يزِيد على ذَلِك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: هُوَ الرجل ينزل بِالرجلِ فَلَا يحسن ضيافته فَيخرج من عِنْده فَيَقُول: أَسَاءَ ضيافتي وَلم يحسن
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: إِن الله لَا يحب الْجَهْر بالسوء من القَوْل من أحد من الْخلق وَلَكِن يَقُول: من ظلم فانتصر بِمثل مَا ظلم فَلَيْسَ عَلَيْهِ جنَاح
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ أبي يقْرَأ ﴿لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل إِلَّا من ظلم﴾ قَالَ ابْن زيد: يَقُول: من قَامَ على ذَلِك النِّفَاق فجهر لَهُ بالسوء حَتَّى نزع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِسْمَاعِيل ﴿لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل إِلَّا من ظلم﴾ قَالَ: كَانَ الضَّحَّاك بن مُزَاحم يَقُول: هَذَا فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير يَقُول الله (مَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والمروزي فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ بن حبَان عَن مَكْحُول قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أخْلص عبد لله أَرْبَعِينَ صباحاً إِلَّا ظَهرت ينابيع الْحِكْمَة من قلبه على لِسَانه
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قد أَفْلح من أخْلص قلبه للْإيمَان وَجعل قلبه سليما وَلسَانه صَادِقا وَنَفسه مطمئنة وخليقته مُسْتَقِيمَة وَأذنه مستمعة وعينه ناظرة فَأَما الْأذن فقمع وَالْعين مقرة لما يوعي الْقلب وَقد أَفْلح من جعل قلبه واعياً
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً دخل الْجنَّة قيل: يَا رَسُول الله وَمَا إخلاصها قَالَ: أَن تحجزه عَن الْمَحَارِم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ثُمَامَة قَالَ: قَالَ الحواريون لعيس عَلَيْهِ السَّلَام: يَا روح الله من المخلص لله قَالَ: الَّذِي يعْمل لله لَا يحب أَن يحمده النَّاس عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي إِدْرِيس قَالَ: لَا يبلغ عبد حَقِيقَة الْإِخْلَاص حَتَّى لَا يحب أَن يحمده أحد على شَيْء من عمل الله عزَّ وجلَّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿مَا يفعل الله بعذابكم﴾ الْآيَة
قَالَ: إِن الله لَا يعذب شاكرا وَلَا مُؤمنا
الْآيَتَانِ ١٤٨ - ١٤٩
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص والبيهقي في الشعب عن ثوبان " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء ".
وأخرج البيهقي عن أبي فراس رجل من أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سلوني عما شئتم. فنادى رجل : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : إقام الصلاة، وإتياء الزكاة، قال : فما الإيمان ؟ قال : الإخلاص. قال : فما اليقين ؟ قال : التصديق بالقيامة ".
وأخرج البزار بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم. أنه قال في حجة الوداع :" نصر الله أمرأ سمع مقالتي فوعاها، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مؤمن : إخلاص العمل لله، والمناصحة لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعاءهم يحيط من ورائهم ". ( يوجد خطأ في ترتيب الصفحات في الكتاب ؟ ؟ )
وأخرج النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه، أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم ".
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما أخلص عبد لله أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ".
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليما، ولسانه صادقا، ونفسه مطمئنة، وخليقته مستقيمة، وأذنه مستمعة، وعينه ناظرة، فأما الأذن فقمع، والعين مقرة لما يوعي القلب، وقد أفلح من جعل قلبه واعيا ".
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة، قيل : يا رسول الله وما إخلاصها ؟ قال : أن تحجزه عن المحارم ".
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم والترمذي وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله من المخلص لله ؟ قال : الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمده أحد على شيء من عمل الله عز وجل.
الْآيَات ١٥٠ - ١٥٢
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ وَابْن جريج
نَحوه
الْآيَات ١٥٣ - ١٥٦
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالُوا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لن نُبَايِعك على مَا تدعونا إِلَيْهِ حَتَّى تَأْتِينَا بِكِتَاب من عِنْد الله من الله إِلَى فلَان أَنَّك رَسُول الله وَإِلَى فلَان أَنَّك رَسُول الله فَأنْزل الله ﴿يَسْأَلك أهل الْكتاب﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِن كنت صَادِقا أَنَّك رَسُول الله فآتنا كتابا مَكْتُوبًا من السَّمَاء كَمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أَن تنزل عَلَيْهِم كتابا من السَّمَاء﴾ أَي كتابا خَاصَّة
وَفِي قَوْله ﴿جهرة﴾ أَي عيَانًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَقَالُوا أرنا الله جهرة﴾ قَالَ: إِنَّهُم إِذا رَأَوْهُ إِنَّمَا قَالُوا جهرة أرنا الله قَالَ: هُوَ مقدم ومؤخر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَرَأَ فَأَخَذتهم الصعقة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿فَأَخَذتهم الصاعقة﴾ قَالَ: الْمَوْت أماتهم الله قبل آجالهم عُقُوبَة بقَوْلهمْ مَا شَاءَ الله أَن يميتهم ثمَّ بَعثهمْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿ورفعنا فَوْقهم الطّور﴾ قَالَ: جبل كَانُوا فِي أَصله فرفعه الله فَجعله فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة فَقَالَ: لتأخذن أَمْرِي أَو لأرمينكم بِهِ فَقَالُوا: نَأْخُذهُ وأمسكه الله عَنْهُم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَقُلْنَا لَهُم ادخُلُوا الْبَاب سجدا﴾ قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه بَاب من أَبْوَاب بَيت الْمُقَدّس ﴿وَقُلْنَا لَهُم لَا تعدوا فِي السبت﴾ قَالَ: أَمر الْقَوْم أَن لَا يَأْكُلُوا الْحيتَان يَوْم السبت وَلَا يعرضُوا
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الطابع مُعَلّق بقائمة الْعَرْش فَإِذا انتكهت الْحُرْمَة وَعمل بِالْمَعَاصِي واجترىء على الله بعث الله الطابع فطبع على قلبه فَلَا يقبل بعد ذَلِك شَيْئا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَقَوْلهمْ على مَرْيَم بهتاناً عَظِيما﴾ قَالَ: رَمَوْهَا بِالزِّنَا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عليّ قَالَ: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لَك من عِيسَى مثلا أبغضته الْيَهُود حَتَّى بهتُوا أمه وأحبته النَّصَارَى حَتَّى أنزلوه الْمنزل الَّذِي لَيْسَ لَهُ
وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَتَانِ ١٥٧ - ١٥٨
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا ﴾ قال : كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس ﴿ وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ﴾ قال : أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا لها، وأحلت لهم ما خلا ذلك. وفي قوله ﴿ فبما نقضهم ﴾ يقول : فبنقضهم ميثاقهم ﴿ وقولهم قلوبنا غلف ﴾ أي لا نفقه ﴿ بل طبع الله عليها ﴾ يقول : لما ترك القوم أمر الله، وقتلوا رسوله، وكفروا بآياته، ونقضوا الميثاق الذي عليهم، طبع الله على قلوبهم ولعنهم حين فعلوا ذلك.
وأخرج البزار والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الطابع معلق بقائمة العرش، فإذا انتهكت الحرمة، وعمل بالمعاصي، واجترئ على الله، بعث الله الطابع فطبع على قلبه، فلا يقبل بعد ذلك شيئا.
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن علي قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم :" إن لك من عيسى مثلا أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له ". والله تعالى أعلم.
ثمَّ أعَاد عَلَيْهِم فَقَامَ الشَّاب فَقَالَ: اجْلِسْ
ثمَّ أعَاد عَلَيْهِم فَقَامَ الشَّاب فَقَالَ: أَنا
فَقَالَ: أَنْت ذَاك فَألْقى عَلَيْهِ شبه عِيسَى وَرفع عِيسَى من روزنة فِي الْبَيْت إِلَى السَّمَاء
قَالَ: وَجَاء الطّلب من الْيَهُود فَأخذُوا الشّبَه فَقَتَلُوهُ ثمَّ
وَقَالَت فرقة: كَانَ فِينَا ابْن الله مَا شَاءَ ثمَّ رَفعه الله إِلَيْهِ وَهَؤُلَاء النسطورية وَقَالَت فرقة: كَانَ فِينَا عبد الله وَرَسُوله وَهَؤُلَاء الْمُسلمُونَ
فتظاهرت الكافرتان على الْمسلمَة فَقَتَلُوهَا فَلم يزل الْإِسْلَام طامساً حَتَّى بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿فآمنت طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل﴾ يَعْنِي الطَّائِفَة الَّتِي آمَنت فِي زمن عِيسَى وكفرت الطَّائِفَة الَّتِي كفرت فِي زمن عِيسَى ﴿فأيدنا الَّذين آمنُوا﴾ فِي زمن عِيسَى بِإِظْهَار مُحَمَّد دينهم على دين الْكَافرين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَقَوْلهمْ إِنَّا قتلنَا الْمَسِيح﴾ الْآيَة
قَالَ: أُولَئِكَ أَعدَاء الله الْيَهُود افْتَخرُوا بقتل عِيسَى وَزَعَمُوا أَنهم قَتَلُوهُ وصلبوه وَذكر لنا أَنه قَالَ لأَصْحَابه: أَيّكُم يقذف عَلَيْهِ شبهي فَإِنَّهُ مقتول قَالَ رجل من أَصْحَابه: أَنا يَا نَبِي الله فَقتل ذَلِك الرجل وَمنع الله نبيه وَرَفعه إِلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿شُبِّه لَهُم﴾ قَالَ: صلبوا رجلا غير عِيسَى شبه بِعِيسَى يَحْسبُونَهُ إِيَّاه وَرفع الله إِلَيْهِ عِيسَى حَيا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا﴾ قَالَ: يَعْنِي لم يقتلُوا ظنهم يَقِينا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: مَا قتلوا ظنهم يَقِينا
وَأخرج ابْن جرير مثله عَن جُوَيْبِر وَالسُّديّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق ثَابت الْبنانِيّ عَن أبي رَافع قَالَ: رفع عِيسَى بن مَرْيَم وَعَلِيهِ مدرعة وخُفَّا رَاع وحذافة يخذف بهَا الطير
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق ثَابت الْبنانِيّ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: مَا ترك عِيسَى بن مَرْيَم حِين رفع إِلَّا مدرعة صوف وخفَّيْ رَاع وقذافة يقذف بهَا الطير
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الْجَبَّار بن عبد الله بن سُلَيْمَان قَالَ: أقبل عِيسَى ابْن مَرْيَم على أَصْحَابه لَيْلَة رفع فَقَالَ لَهُم: لَا تَأْكُلُوا بِكِتَاب الله أجرا فانكم إِن لم تَفعلُوا
قَالَ عبد الْجَبَّار: وَهِي المقاعد الَّتِي ذكر الله فِي الْقُرْآن (فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتد) (الْقَمَر الْآيَة ٥٥) وَرفع عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن عِيسَى لما أعلمهُ الله أَنه خَارج من الدِّينَا جزع من الْمَوْت وشق عَلَيْهِ فَدَعَا الحواريين فَصنعَ لَهُم طَعَاما فَقَالَ: احضروني اللَّيْلَة فَإِن لي إِلَيْكُم حَاجَة فَلَمَّا اجْتَمعُوا إِلَيْهِ من اللَّيْلَة عَشَّاهُم وَقَامَ يُحَدِّثهُمْ فَلَمَّا فرغوا من الطَّعَام أَخذ يغسل أَيْديهم ويوضيهم بِيَدِهِ وَيمْسَح أَيْديهم بثيابه فتعاظموا ذَلِك وتكارموه فَقَالَ: أَلا من رد عليَّ شَيْئا اللَّيْلَة مِمَّا أصنع فَلَيْسَ مني وَلَا أَنا مِنْهُ فأقروه حَتَّى فرغ من ذَلِك قَالَ: أما مَا صنعت بكم اللَّيْلَة مِمَّا خدمتكم فَلَا يتعظم بَعْضكُم على بعض وليبذل بَعْضكُم نَفسه لبَعض كَمَا بذلت نَفسِي لكم وَأما حَاجَتي الَّتِي استعنتكم عَلَيْهَا فتدعون لي الله وتجتهدون فِي الدُّعَاء أَن يؤخِّر أَجلي فَلَمَّا نصبوا أنفسهم للدُّعَاء وَأَرَادُوا أَن يجتهدوا أَخذهم النّوم حَتَّى لم يستطيعوا دُعَاء فَجعل يوقظهم وَيَقُول: سُبْحَانَ الله
مَا تصبرون لي لَيْلَة وَاحِدَة تعينونني فِيهَا قَالُوا: وَالله مَا نَدْرِي مَا كُنَّا لقد كُنَّا نسمر فنكثر السمر وَمَا نطيق اللَّيْلَة سمراً وَمَا نُرِيد دُعَاء إِلَّا حيل بَيْننَا وَبَينه فَقَالَ: يذهب بالراعي وتتفرق الْغنم وَجعل يَأْتِي بِكَلَام نَحْو هَذَا ينعي بِهِ نَفسه ثمَّ قَالَ: الْحق ليكفرن بِي أحدكُم قبل أَن يَصِيح الديك ثَلَاث مَرَّات وليبيعنني أحدكُم بِدَرَاهِم يسيرَة وليأكلن ثمني فَخَرجُوا وَتَفَرَّقُوا وَكَانَت الْيَهُود تطلبه فَأخذُوا شَمْعُون أحد الحواريين فَقَالُوا: هَذَا من أَصْحَابه
فَجحد وَقَالَ: مَا أَنا بِصَاحِبِهِ فَتَرَكُوهُ
ثمَّ أَخذه آخَرُونَ كَذَلِك ثمَّ سمع صَوت ديك فَبكى وأحزنه فَلَمَّا أصبح أَتَى أحد الحواريين إِلَى الْيَهُود فَقَالَ: مَا تَجْعَلُونَ لي إِن دللتكم على الْمَسِيح فَجعلُوا لَهُ ثَلَاثِينَ درهما فَأَخذهَا ودلهم عَلَيْهِ وَكَانَ شبِّه عَلَيْهِم قبل ذَلِك فَأَخَذُوهُ واستوثقوا مِنْهُ وربطوه بالحبل فَجعلُوا يقودنه وَيَقُولُونَ: أَنْت كنت تحيي الْمَيِّت وتبرىء الْمَجْنُون أَفلا تخلِّص نَفسك من هَذَا الْحَبل ويبصقون عَلَيْهِ ويلقون عَلَيْهِ الشوك حَتَّى أَتَوا بِهِ الْخَشَبَة الَّتِي أَرَادوا أَن يصلبوه عَلَيْهَا فرفعه الله إِلَيْهِ وصلبوا مَا شُبِّه لَهُم فَمَكثَ سبعا
قَالَ: إِنِّي قد رفعني الله إِلَيْهِ وَلم يُصِبْنِي إِلَّا خير وَإِن هَذَا شَيْء شبِّه لَهُم فَأمروا الحواريين أَن يلقوني إِلَى مَكَان كَذَا وَكَذَا فألقوه إِلَى ذَلِك الْمَكَان أحد عشر وَقعد الَّذِي كَانَ بَاعه وَدلّ عَلَيْهِ الْيَهُود فَسَأَلَ عَنهُ أَصْحَابه فَقَالُوا: إِنَّه نَدم على مَا صنع فاختنق وَقتل قَالَ: لَو تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ثمَّ سَأَلَهُمْ عَن غُلَام يتبعهُم يُقَال لَهُ يحنا فَقَالَ: هُوَ مَعكُمْ فَانْطَلقُوا فَإِنَّهُ سيصبح كل إِنْسَان مِنْكُم يحدث بلغَة فليتدبرهم وليدعهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ سياحاً فَمر على امْرَأَة تستقي فَقَالَ: اسقيني من مائك الَّذِي من شرب مِنْهُ مَاتَ وأسقيك من مائي الَّذِي من شرب مِنْهُ حييّ قَالَ: وصادف امْرَأَة حكيمة فَقَالَت لَهُ: أما تكتفي بمائك الَّذِي من شرب مِنْهُ حييّ عَن مائي الَّذِي من شرب مِنْهُ مَاتَ قَالَ: إِن ماءك عَاجل ومائي آجل
قَالَت: لَعَلَّك هَذَا الرجل الَّذِي يُقَال لَهُ عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ: فَإِنِّي أَنا هُوَ وَأَنا أَدْعُوك إِلَى عبَادَة الله وَترك مَا تعبدين من دون الله عز وَجل
قَالَت: فأتني على مَا تَقول ببرهان قَالَ: برهَان ذَلِك أَن تَرْجِعِي إِلَى زَوجك فيطلقك
قَالَت: إِن فِي هَذَا لآيَة بَيِّنَة مَا فِي بني إِسْرَائِيل امْرَأَة أكْرم على زَوجهَا مني وَلَئِن كَانَ كَمَا تَقول إِنِّي لأعرف أَنَّك صَادِق
قَالَ: فَرَجَعت إِلَى زَوجهَا وَزوجهَا شَاب غيور فَقَالَ: مَا بَطُؤ بِكِ قَالَت: مر عَليّ رجل فَأَرَادَتْ أَن تخبره عَن عِيسَى فاحتملته الْغيرَة فَطلقهَا فَقَالَت: لقد صدقني صَاحِبي
فَخرجت تتبع عِيسَى وَقد آمَنت بِهِ فَأتى عِيسَى وَمَعَهُ سَبْعَة وَعِشْرُونَ من الحواريين فِي بَيت وَأَحَاطُوا بهم فَدَخَلُوا عَلَيْهِم وَقد صوّرهم الله على صُورَة عِيسَى فَقَالُوا: قد سحرتمونا لتبرزن لنا عِيسَى أَو لنقتلكم جَمِيعًا فَقَالَ عِيسَى لأَصْحَابه: من يَشْتَرِي مِنْكُم نَفسه بِالْجنَّةِ فَقَالَ رجل من الْقَوْم: أَنا
فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وصلبوه فَمن ثمَّ شُبِّه لَهُم وظنوا أَنهم قد قتلوا عِيسَى وصلبوه فظنت النَّصَارَى مثل ذَلِك وَرفع الله عِيسَى من يَوْمه ذَلِك
فَبلغ الْمَرْأَة أَن عِيسَى قد قتل وصلب فَجَاءَت حَتَّى بنت مَسْجِدا إِلَى أصل شجرته فَجعلت تصلي وتبكي على عِيسَى فَسمِعت صَوتا من فَوْقهَا صَوت عِيسَى لَا تنكره: أَي فُلَانَة إِنَّهُم وَالله مَا قتلوني وَمَا صلبوني وَلَكِن شُبِّه لَهُم وَآيَة ذَلِك أَن
قَالَ: فأسف الْملك وهمَّ بِقَتْلِهِمَا فَقَامَ إِلَيْهِ نفر من أهل مَمْلَكَته فَقَالُوا: إِن هَذَا يَوْم لَا تهرق فِيهِ دَمًا وَقد ظَفرت بصاحبيك فَإِن أَحْبَبْت أَن تحبسهما حَتَّى يمْضِي عيدنا ثمَّ ترى فيهمَا رَأْيك فعلت فَأمر بحبسهما ثمَّ ضُرِب على أُذُنه بِالنِّسْيَانِ لَهما حَتَّى قدم نسطور فَسَأَلَ عَنْهُمَا فَأخْبر بشأنهما وإنهما محبوسان فِي السجْن فَدخل عَلَيْهِمَا فَقَالَ: ألم أقل لَكمَا ارفقا وَلَا تخرقا وَلَا تستبطئاني فِي شَيْء هَل تدريان مَا مثلكما مثلكما مثل امْرَأَة لم تصب ولدا حَتَّى دخلت فِي السن فأصابت بَعْدَمَا دخلت فِي السن ولدا فأحبت أَن تعجل شبابه لتنتفع بِهِ فَحملت على معدته مَا لَا تطِيق فَقتلته ثمَّ قَالَ لَهما: والآن فَلَا تستبطئاني فِي شَيْء ثمَّ خرج فَانْطَلق حَتَّى أَتَى بَاب الْملك وَكَانَ إِذا جلس النَّاس وضع سَرِيره وَجلسَ النَّاس سمطاً بَين يَدَيْهِ وَكَانُوا إِذا ابتلوا بحلال أَو حرَام رفعوا لَهُ فَنظر فِيهِ ثمَّ سَأَلَ عَنهُ من يَلِيهِ فِي مَجْلِسه وَسَأَلَ النَّاس بَعضهم بَعْضًا حَتَّى تَنْتَهِي الْمَسْأَلَة إِلَى أقْصَى الْمجْلس وَجَاء نسطور حَتَّى جلس فِي أقْصَى الْقَوْم فَلَمَّا ردوا على الْملك جَوَاب من أَجَابَهُ وردوا عَلَيْهِ جَوَاب نسطور فَسمع بِشَيْء عَلَيْهِ نور وحلا فِي مسامعه فَقَالَ: من صَاحب هَذَا القَوْل فَقيل: الرجل الَّذِي فِي أقْصَى الْقَوْم
فَقَالَ: عليَّ بِهِ
فَقَالَ: أَنْت الْقَائِل كَذَا وَكَذَا قَالَ: نعم
قَالَ: فَمَا تَقول فِي كَذَا وَكَذَا قَالَ: كَذَا وَكَذَا
فَجعل لَا يسْأَله عَن شَيْء إِلَّا فسَّره لَهُ
فَقَالَ: عنْدك هَذَا الْعلم وَأَنت تجْلِس فِي آخر الْقَوْم ضَعُوا لَهُ عِنْد
فَقَالَ: أَيهَا الْملك رجل بعيد الدَّار بعيد الضَّيْعَة فَإِن أَحْبَبْت أَن تقضي حَاجَتك مني وتأذن لي فأنصرف إِلَى أَهلِي
فَقَالَ: يَا نسطور لَيْسَ إِلَى ذَلِك سَبِيل فَإِن أَحْبَبْت أَن تحمل أهلك إِلَيْنَا فلك الْمُوَاسَاة وَإِن أَحْبَبْت أَن تَأْخُذ من بَيت المَال حَاجَتك فتبعث بِهِ إِلَى أهلك فعلت فَسكت نسطور
ثمَّ تحيَّن يَوْمًا فَمَاتَ لَهُم فِيهِ ميت فَقَالَ: أَيهَا الْملك بَلغنِي أَن رجلَيْنِ أتياك يعيبان دينك قَالَ: فذكرهما فَأرْسل إِلَيْهِمَا فَقَالَ: يَا نسطور أَنْت حكم بيني وَبَينهمَا مَا قلت من شَيْء رضيت
قَالَ: نعم أَيهَا الْملك هَذَا ميت قد مَاتَ فِي بني إِسْرَائِيل فمرهما حَتَّى يَدْعُوَا ربهما فيحييه لَهما فَفِي ذَلِك آيَة بيِّنة قَالَ: فَأتى بِالْمَيتِ فَوضع عِنْده فقاما وتوضآ ودعوا ربهما فَرد عَلَيْهِ روحه وَتكلم فَقَالَ: أَيهَا الْملك إِن فِي هَذِه لآيَة بَيِّنَة وَلَكِن مرهما بِغَيْر مَا أجمع أهل مملكتك ثمَّ قل لآلهتك فَإِن كَانَت تقدر أَن تضر هذَيْن فَلَيْسَ أَمرهمَا بِشَيْء وَإِن كَانَ هَذَانِ يقدران أَن يضرا آلهتك فَأَمرهمَا قوي فَجمع الْملك أهل مَمْلَكَته وَدخل الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْآلهَة فَخر سَاجِدا هُوَ وَمن مَعَه من أهل مَمْلَكَته وخرَّ نسطور سَاجِدا وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسجد لَك وأكيد هَذِه الْآلهَة أَن تعبد من دُونك ثمَّ رفع الْملك رَأسه فَقَالَ: إِن هذَيْن يُريدَان أَن يبدلا دينكُمْ ويدعوا إِلَى إِلَه غَيْركُمْ فافقأوا أعينهما أَو اجذموهما أَو شلوهما فَلم تردَّ عَلَيْهِ الْآلهَة شَيْئا وَقد كَانَ نسطور أَمر صَاحِبيهِ أَن يحملا مَعَهُمَا فأساً فَقَالَ: أَيهَا الْملك قل لهذين أيقدران أَن يضرا آلهتك قَالَ: أتقدران على أَن تضرا آلِهَتنَا قَالَا: خلِّ بَيْننَا وَبَينهَا فَأَقْبَلَا عَلَيْهَا فكسراها فَقَالَ نسطور: أما أَنا فآمنت بِرَبّ هذَيْن وَقَالَ الْملك: وَأَنا آمَنت بِرَبّ هذَيْن وَقَالَ جَمِيع النَّاس: آمنا بِرَبّ هذَيْن فَقَالَ نسطور لصاحبيه: هَكَذَا الرِّفْق
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيماً﴾ قَالَ: معنى ذَلِك أَنه كَذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن يَهُودِيّا قَالَ لَهُ: إِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَن الله كَانَ عَزِيزًا حكيماً فَكيف هُوَ الْيَوْم قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّه كَانَ من نَفسه عَزِيزًا حكيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس. أن يهوديا قال له : إنكم تزعمون أن الله كان عزيزا حكيما فكيف هو اليوم ؟ قال ابن عباس : إنه كان من نفسه عزيزا حكيما.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَأَن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: قبل موت عِيسَى
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي أَنه سيدرك أنَاس من أهل الْكتاب حِين يبْعَث عِيسَى سيؤمنون بِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَأَن من أهل الْكتاب﴾ قَالَ: الْيَهُود خَاصَّة ﴿إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: قبل موت الْيَهُودِيّ
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبي قبل مَوْتهمْ
قَالَ: لَيْسَ يَهُودِيّ أبدا حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى
قيل لِابْنِ عَبَّاس: أَرَأَيْت إِن خر من فَوق بَيت قَالَ: يتَكَلَّم بِهِ فِي الْهَوَاء
فَقيل: أَرَأَيْت إِن ضرب عنق أحدهم قَالَ: يتلجلج بهَا لِسَانه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو ضربت عُنُقه لم تخرج نَفسه حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يَمُوت يَهُودِيّ حَتَّى يشْهد أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وَلَو عجل عَلَيْهِ بِالسِّلَاحِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: لَو أَن يَهُودِيّا ألقِي من فَوق قصر مَا خلص إِلَى الأَرْض حَتَّى يُؤمن أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: لَا يَمُوت يَهُودِيّ حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى
قيل: وَإِن ضرب بِالسَّيْفِ قَالَ: يتَكَلَّم بِهِ
قيل: وَإِن هوى قَالَ: يتَكَلَّم بِهِ وَهُوَ يهوي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن شهر بن حَوْشَب فِي قَوْله ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب هُوَ ابْن الحنيفة قَالَ: لَيْسَ من أهل الْكتاب أحد إِلَّا أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وَجهه وَدبره ثمَّ يُقَال: يَا عَدو الله إِن عِيسَى روح الله وكلمته كذبت على الله وَزَعَمت أَنه الله إِن عِيسَى لم يمت وَإنَّهُ رفع إِلَى السَّمَاء وَهُوَ نَازل قبل أَن تقوم السَّاعَة فَلَا يبْقى يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ إِلَّا آمن بِهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: قَالَ لي الْحجَّاج: يَا شهر آيَة من كتاب الله مَا قرأتها إِلَّا اعْترض فِي نَفسِي مِنْهَا شَيْء قَالَ الله ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ وَإِنِّي أُوتى بالأسارى فَأَضْرب أَعْنَاقهم وَلَا أسمعهم يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت: رفعت إِلَيْك على غير وَجههَا وَإِن النَّصْرَانِي إِذا خرجت روحه ضَربته الْمَلَائِكَة من قبله وَمن دبره وَقَالُوا: أَي خَبِيث إِن الْمَسِيح الَّذِي زعمت أَنه الله أَو ابْن الله أَو ثَالِث ثَلَاثَة عبد الله وروحه وكلمته فَيُؤمن حِين لَا يَنْفَعهُ إيمَانه وَإِن الْيَهُودِيّ إِذا خرجت نَفسه ضَربته الْمَلَائِكَة من قبله وَمن دبره وَقَالُوا: أَي خَبِيث إِن الْمَسِيح الَّذِي زعمت أَنَّك قتلته عبد الله وروحه فَيُؤمن بِهِ حِين لَا يَنْفَعهُ الْإِيمَان فَإِذا كَانَ عِنْد نزُول عِيسَى آمَنت بِهِ أحياؤهم كَمَا آمَنت بِهِ موتاهم
فَقَالَ: من أَيْن أَخَذتهَا فَقلت: من مُحَمَّد بن عَليّ
قَالَ: لقد أَخَذتهَا من مَعْدِنهَا
قَالَ شهر: وأيم الله مَا حَدَّثَنِيهِ إِلَّا أم سَلمَة وَلَكِنِّي أَحْبَبْت أَن أَغيظهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: إِذا نزل آمَنت بِهِ الْأَدْيَان كلهَا ﴿وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا﴾ أَنه قد بلَّغ رِسَالَة ربه وأقرَّ على نَفسه بالعبودية
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: إِذا نزل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقتل الدَّجَّال لم يبْق يَهُودِيّ فِي الأَرْض إِلَّا آمن بِهِ فَذَلِك حِين لَا يَنْفَعهُمْ الْإِيمَان
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: قبل موت عِيسَى وَالله إِنَّه الْآن حَيّ عِنْد الله وَلَكِن إِذا نزل آمنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَن رجلا سَأَلَهُ عَن قَوْله ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ قَالَ: قبل موت عِيسَى وَإِن الله رفع إِلَيْهِ عِيسَى وَهُوَ باعثه قبل يَوْم الْقِيَامَة مقَاما يُؤمن بِهِ الْبر والفاجر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما عدلا فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَيَضَع الْجِزْيَة وَيفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحد حَتَّى تكون السَّجْدَة خيرا من الدِّينَا وَمَا فِيهَا
ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: واقرأوا إِن شِئْتُم ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُوشك أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما عدلا يقتل الدَّجَّال وَيقتل الْخِنْزِير وَيكسر الصَّلِيب وَيَضَع الْجِزْيَة وَيفِيض المَال وَتَكون السَّجْدَة وَاحِدَة لله رب الْعَالمين واقرأوا إِن شِئْتُم ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته﴾ موت عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ يُعِيدهَا أَبُو هُرَيْرَة ثَلَاث مَرَّات
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَيقْتل الْخِنْزِير وَيكسر الصَّلِيب وَيجمع لَهُ الصَّلَاة وَيُعْطِي المَال حَتَّى لَا يقبل وَيَضَع الْخراج وَينزل الروحاء فيحج مِنْهَا أَو يعْتَمر أَو يجمعهما
قَالَ: وتلا أَبُو هُرَيْرَة ﴿وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا﴾ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: يُؤمن بِهِ قبل موت عِيسَى
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ليهلن عِيسَى بن مَرْيَم بفج الروحاء بِالْحَجِّ أَو بِالْعُمْرَةِ أَو ليثنينهما جَمِيعًا
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل فِيكُم ابْن مَرْيَم وإمامكم مِنْكُم
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنِّي لأرجو إِن طَال بِي عمر أَن ألْقى عِيسَى بن مَرْيَم فَإِن عجل بِي موت فَمن لقية مِنْكُم فليقرئه مني السَّلَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا إِن عِيسَى بن مَرْيَم لَيْسَ بَينه وبيني نَبِي وَلَا رَسُول إِلَّا أَنه خليفتي فِي أمتِي من بعدِي إِلَّا أَنه يقتل الدَّجَّال وَيكسر الصَّلِيب وَيَضَع الْجِزْيَة وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا أَلا من أدْركهُ مِنْكُم فليقرأ عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينزل عِيسَى بن مَرْيَم فيمكث فِي النَّاس أَرْبَعِينَ سنة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينزل ابْن مَرْيَم إِمَامًا عادلاً وَحكما مقسطاً فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَيرجع السّلم وتتخذ السيوف مناجل وَتذهب حمة كل ذَات حمة وتنزل السَّمَاء رزقها وَتخرج الأَرْض بركتها حَتَّى يلْعَب الصَّبِي بالثعبان وَلَا يضرّهُ ويراعي الْغنم الذِّئْب وَلَا يَضرهَا ويراعي الْأسد الْبَقر وَلَا يَضرهَا
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الدَّجَّال خَارج وَهُوَ أَعور عين الشمَال عَلَيْهَا طفرة غَلِيظَة وَأَنه يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى وَيَقُول: أَنا ربكُم
فَمن قَالَ: أَنْت رَبِّي فقد فتن
وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ: من الْمشرق مُصدقا بِمُحَمد وعَلى مِلَّته فَيقْتل الدَّجَّال ثمَّ إِنَّمَا هُوَ قيام السَّاعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي فَقَالَ: مَا يبكيكِ قلت: يَا رَسُول الله ذكرت الدَّجَّال فَبَكَيْت
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه يخرج فِي يَهُودِيَّة أَصْبَهَان حَتَّى يَأْتِي الْمَدِينَة فَينزل ناحيتها وَلها يَوْمئِذٍ سَبْعَة أَبْوَاب على كل نقب مِنْهَا ملكان فَيخرج إِلَيْهَا شرار أَهلهَا حَتَّى يَأْتِي الشَّام مَدِينَة بفلسطين بَاب لدّ فَينزل عِيسَى بن مَرْيَم فيقتله ثمَّ يمْكث عِيسَى فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة إِمَامًا عادلاً وَحكما مقسطاً
وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج الدَّجَّال فِي خفقة من الدّين وإدبار من الْعلم فَلهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَة يسيحها فِي الأَرْض الْيَوْم مِنْهَا كالسنة وَالْيَوْم مِنْهَا كالشهر وَالْيَوْم مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ ثمَّ سَائِر أَيَّامه كأيامكم هَذِه وَله حمَار يركبه عرض مَا يبن أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعا فَيَقُول للنَّاس: أَنا ربكُم
وَهُوَ أَعور وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ ك ف ر مهجاة يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب يرد كل مَاء منهل إِلَّا الْمَدِينَة وَمَكَّة حرمهما الله عَلَيْهِ وَقَامَت الْمَلَائِكَة بأبوابها وَمَعَهُ جبال من خبز وَالنَّاس فِي جهد إِلَّا من اتبعهُ وَمَعَهُ نهران أَنا أعلم بهما مِنْهُ نهر يَقُول الْجنَّة ونهر يَقُول النَّار فَمن دخل الَّذِي يُسَمِّيه الْجنَّة فَهِيَ النَّار وَمن دخل الَّذِي يُسَمِّيه النَّار فَهِيَ الْجنَّة وتبعث مَعَه شياطين تكلم النَّاس وَمَعَهُ فتْنَة عَظِيمَة يَأْمر السَّمَاء فتمطر فِيمَا يرى النَّاس وَيقتل نفسا ثمَّ يحييه لَا يُسَلط على غَيرهَا من النَّاس فِيمَا يرى النَّاس فَيَقُول للنَّاس: أَيهَا النَّاس هَل يفعل مثل هَذَا إِلَّا الرب فيفر الْمُسلمُونَ إِلَى جبل الدُّخان بِالشَّام فيأتهم فيحصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهداً شَدِيدا ثمَّ ينزل عِيسَى فينادي من السحر فَيَقُول: يَا أَيهَا النَّاس مَا يمنعكم أَن تخْرجُوا إِلَى الْكذَّاب الْخَبيث فَيَقُولُونَ: هَذَا رجل حَيّ فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذا هم بِعِيسَى فتقام الصَّلَاة فَيُقَال لَهُ: تقدم يَا روح الله فَيَقُول: لِيَتَقَدَّم إمامكم فَليصل بكم فَإِذا صلوا الصُّبْح خَرجُوا إِلَيْهِ فحين يرَاهُ الْكذَّاب ينماث كَمَا ينماث الْملح فِي المَاء فَيَمْشِي إِلَيْهِ فيقتله حَتَّى إِن الشَّجَرَة تنادي: يَا روح الله هَذَا يَهُودِيّ فَلَا يتْرك مِمَّن كَانَ يتبعهُ أحد إلاَّ قَتله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي سَمِعت رسلو الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يكون للْمُسلمين ثَلَاثَة أَمْصَار: مصر بملتقى الْبَحْرين ومصر بالجزيرة ومصر بِالشَّام فَيفزع النَّاس ثَلَاث فَزعَات فَيخرج الدَّجَّال فِي عراض جَيش فيهزم من قبل الْمشرق فأوّل مصر يردهُ الْمصر الَّذِي بلمتقى الْبَحْرين فَيصير أَهلهَا ثَلَاث فرق: فرقة تقيم وَتقول نشامه نَنْظُر مَا هُوَ وَفرْقَة تلْحق الْأَعْرَاب وَفرْقَة تلْحق بِالْمِصْرِ الَّذِي يليهم وَمَعَ الدَّجَّال سَبْعُونَ ألفا عَلَيْهِم التيجان وَأكْثر من مَعَه الْيَهُود وَالنِّسَاء ثمَّ يَأْتِي الْمصر الَّذِي يليهم فَيصير أَهله ثَلَاث فرق: فرقة تَقول نشامه وَنَنْظُر مَا هُوَ وَفرْقَة تلْحق بالأعراب وَفرْقَة تلْحق بِالْمِصْرِ الَّذِي يليهم ثمَّ يَأْتِي الشَّام فَيَنْحَاز الْمُسلمُونَ إِلَى عقبَة أفِيق فيبعثون بسرح لَهُم فيصاب سرحهم فيشتد ذَلِك عَلَيْهِم وتصيبهم مجاعَة شَدِيدَة وَجهد شَدِيد حَتَّى إِن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ ناداهم مُنَاد: من السحر أَتَاكُم الْغَوْث أَيهَا النَّاس ثَلَاثًا فَيَقُول بَعضهم لبَعض: إِن هَذَا لصوت رجل
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: كنت بِالْكُوفَةِ فَقيل: قد خرج الدَّجَّال فأتينا حُذَيْفَة بن أسيد فَقلت: هَذَا الدَّجَّال قد خرج فَقَالَ اجْلِسْ فَجَلَست فَنُوديَ أَنَّهَا كذبة صباغ فَقَالَ حُذَيْفَة: إِن الدَّجَّال لَو خرج زمانكم لرمته الصّبيان بالخزف وَلكنه يخرج فِي نقص من النَّاس وخفة من الدّين وَسُوء ذَات بَين فَيرد كل منهل وتُطْوَى لَهُ الأَرْض طيّ فَرْوَة الْكَبْش حَتَّى يَأْتِي الْمَدِينَة فيغلب على خَارِجهَا وَيمْنَع داخلها ثمَّ جبل إيليا فيحاصر عِصَابَة من الْمُسلمين فَيَقُول لَهُم الَّذِي عَلَيْهِم: مَا تنتظرون بِهَذَا الطاغية أَن تقاتلوه حَتَّى تلحقوا بِاللَّه أَو يفتح لكم فيأتمرون أَن يقاتلوه إِذا أَصْبحُوا فيصبحون وَمَعَهُمْ عِيسَى بن مَرْيَم فَيقْتل الدَّجَّال ويهزم أَصْحَابه
وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج الدَّجَّال فليبث فِي أمتِي مَا شَاءَ الله يلبث أَرْبَعِينَ وَلَا أَدْرِي لَيْلَة أَو شهرا أَو سنة
قَالَ: ثمَّ يبْعَث الله عِيسَى بن مَرْيَم كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ فيطلبه حَتَّى يهلكه ثمَّ يبْقى النَّاس سبع سِنِين لَيْسَ بَين اثْنَيْنِ عَدَاوَة ثمَّ يبْعَث الله ريحًا بَارِدَة تَجِيء من قبل الشَّام فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان إِلَّا قبضت روحه حَتَّى لَو أَن أحدكُم دخل فِي كبد جبل لدخلت عَلَيْهِ حَتَّى تقبضه سَمِعت هَذِه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كبد جبل ثمَّ يبْقى شرار النَّاس من لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا فِي خفَّة الطير وأحلام السبَاع فيجيئهم الشَّيْطَان فَيَقُول: أَلا تستحيون فَيَقُولُونَ مَا تَأْمُرنَا فيأمرهم بِعبَادة الْأَوْثَان فيعبدونها وهم فِي ذَلِك دَار رزقهم حسن عيشهم ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أَكثر خطبَته حَدِيثا حدّثنَاهُ عَن الدَّجَّال وحذرناه فَكَانَ من قَوْله أَن قَالَ: إِنَّه
إِنَّه يبْدَأ فَيَقُول: أَنا نَبِي وَلَا نَبِي بعدِي ثمَّ يثني فَيَقُول: أَنا ربكُم وَلَا ترَوْنَ ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا وَإنَّهُ أَعور وَإِن ربكُم عز وَجل لَيْسَ بأعور وَإنَّهُ مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يقرأه كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب وَإِن من فتنته أَن مَعَه جنَّة وَنَارًا فناره جنَّة وجنته نَار فَمن ابْتُلِيَ بناره فليستعن بِاللَّه وليقرأ فواتح الْكَهْف فَتكون عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا كَمَا كَانَت النَّار على إِبْرَاهِيم وَإِن من فتنته أَن يَقُول لأعرابي: أَرَأَيْت إِن بعثت لَك أَبَاك وأمك أَتَشهد أَنِّي رَبك فَيَقُول لَهُ: نعم
فيمثل لَهُ شيطانان فِي صُورَة أَبِيه وَأمه فَيَقُولَانِ: يَا بني اتبعهُ فَإِنَّهُ رَبك
وَإِن من فتنته أَن يُسَلط على نفس وَاحِدَة فيقتلها ينشرها بِالْمِنْشَارِ حَتَّى يلقى شقتين ثمَّ يَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي هَذَا فَإِنِّي أبعثه الْآن ثمَّ يزْعم أَن لَهُ رَبًّا غَيْرِي فيبعثه الله فَيَقُول لَهُ الْخَبيث: من رَبك فَيَقُول: رَبِّي الله وَأَنت عدوّ الله الدَّجَّال وَالله مَا كنت أَشد بَصِيرَة بك مني الْيَوْم
وَإِن من فتنته أَن يَأْمر السَّمَاء أَن تمطر فتمطر وَيَأْمُر الأَرْض أَن تنْبت وَإِن من فتنته أَن يمر بالحي فيكذبونه فَلَا يبْقى لَهُم سَائِمَة إِلَّا هَلَكت وَإِن من فتنته أَن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السَّمَاء أَن تمطر وَيَأْمُر الأَرْض أَن تنْبت فتنبت حَتَّى تروح مَوَاشِيهمْ من يومهم ذَلِك أسمن مَا كَانَت وأعظمه وأمده خواصر وادره ضروعاً وَأَنه لَا يبْقى من الأَرْض شَيْء إِلَّا وَطئه وَظهر عَلَيْهِ إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة فَإِنَّهُ لَا يَأْتِيهَا من نقب من نقابها إِلَّا لَقيته الْمَلَائِكَة بِالسُّيُوفِ صلته حَتَّى ينزل عِنْد الظريب الْأَحْمَر عِنْد مُنْقَطع السبخة فترجف الْمَدِينَة بِأَهْلِهَا ثَلَاث رجفات فَلَا يبْقى مُنَافِق وَلَا منافقة إِلَّا خرج إِلَيْهِ فتنقي الْخبث مِنْهَا كَمَا ينقي الْكِير خبث الْحَدِيد ويدعى ذَلِك الْيَوْم يَوْم الْخَلَاص
فَقَالَت أم شريك بنت أبي الْعَسْكَر: يَا رَسُول الله فَأَيْنَ الْعَرَب يَوْمئِذٍ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَإِن أَيَّامه أَرْبَعُونَ سنة السّنة كَنِصْف السّنة وَالسّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ وَآخر أَيَّامه كالشررة يصبح أحدكُم على بَاب الْمَدِينَة فَلَا يبلغ بهَا الآخر حَتَّى يُمْسِي فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي فِي تِلْكَ الْأَيَّام الْقصار قَالَ: تقدرون فِيهَا للصَّلَاة كَمَا تقدرون فِي هَذِه الْأَيَّام الطوَال ثمَّ صلوا
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيَكُونن عِيسَى بن مَرْيَم فِي أمتِي حكما عدلا وإماماً مقسطاً يدق الصَّلِيب ويذبح الْخِنْزِير وَيَضَع الْجِزْيَة وَيتْرك الصَّدَقَة فَلَا يسْعَى على شَاة وَلَا بعير وترفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة كل ذَات حمة حَتَّى يدْخل الْوَلِيد يَده فِي فِي الْحَيَّة فَلَا تضره وينفر الْوَلِيد الْأسد فَلَا يضرّهُ وَيكون الذِّئْب فِي الْغنم كَأَنَّهُ كلبها وتملأ الأَرْض من الْمُسلم كَمَا يمْلَأ الْإِنَاء من الأناء وَتَكون الْكَلِمَة وَاحِدَة فَلَا يعبد إِلَّا الله وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا وتسلب قُرَيْش ملكهَا وَتَكون الأَرْض كثاثور الْفضة تنْبت نباتها كعهد آدم حَتَّى يجْتَمع النَّفر على القطف من الْعِنَب يشبعهم ويجتمع النَّفر على الرمانة فتشبعهم وَيكون الثور بِكَذَا وَكَذَا من المَال وَيكون الْفرس بالدريهمات
قيل: يَا رَسُول الله وَمَا يرخص الْفرس قَالَ: لَا يركب لِحَرْب أبدا
قيل لَهُ: فَمَا يغلي الثور قَالَ: لحرث الأَرْض كلهَا
وَإِن قبل خرج الدَّجَّال ثَلَاث سنوات شَدَّاد يُصِيب النَّاس فِيهَا جوع شَدِيد يَأْمر الله السَّمَاء أَن تحبس ثلث مطرها وَيَأْمُر الأَرْض أَن تحبس ثلث نباتها ثمَّ يَأْمر السَّمَاء فِي السّنة الثَّانِيَة فتحبس ثُلثي
قيل: فَمَا يعِيش النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان قَالَ: التهليل وَالتَّكْبِير وَالتَّسْبِيح والتحميد وَيجْرِي ذَلِك عَلَيْهِم مجْرى الطَّعَام
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: فَينزل عِيسَى بن مَرْيَم فَيَقُول أَمِيرهمْ: تعال صلِّ بِنَا
فَيَقُول: لَا إِن بَعْضكُم على بعض أَمِير تكرمه الله هَذِه الْأمة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أَوْس بن أَوْس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينزل عِيسَى بن مَرْيَم عِنْد المنارة الْبَيْضَاء فِي دمشق
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ: بَعَثَنِي خَالِد بن الْوَلِيد بشيراً إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم مُؤْتَة فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ قلت: يَا رَسُول الله فَقَالَ: على رسلك يَا عبد الرَّحْمَن أَخذ اللِّوَاء زيد ابْن حَارِثَة فقاتل حَتَّى قتل رحم الله زيدا ثمَّ أَخذ اللِّوَاء جَعْفَر فقاتل فَقتل رحم الله جعفراً ثمَّ أَخذ اللِّوَاء عبد الله بن رَوَاحَة فقاتل فَقتل رحم الله عبد الله ثمَّ أَخذ اللِّوَاء خَالِد فَفتح الله لخَالِد فَخَالِد سيف من سيوف الله فَبكى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم حوله فَقَالَ: مَا يبكيكم قَالُوا: وَمَا لنا لَا نبكي وَقد قتل خيارنا وَأَشْرَافنَا وَأهل الْفضل منا فَقَالَ: لَا تبكوا فَإِنَّمَا مَثل أمتِي مثل حديقة قَامَ عَلَيْهَا صَاحبهَا فاجتث زواكيها وهيأ مساكنها وَحلق سعفها فأطعمت عَاما فوجا ثمَّ عَاما فوجا ثمَّ عَاما فوجا فَلَعَلَّ آخرهَا طعماً يكون أَجودهَا قنواناً وأطولها شمراخاً وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ ليجدن ابْن مَرْيَم فِي أمتِي خلفا من حواريه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: لما اشْتَدَّ جزع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على من قتل يَوْم مُؤْتَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليدركن الدَّجَّال من هَذِه الْأمة قوما مثلكُمْ أَو خيرا مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات وَلنْ يخزي الله أمة أَنا أَولهَا وَعِيسَى بن مَرْيَم آخرهَا قَالَ الذَّهَبِيّ: مُرْسل وَهُوَ خبر مُنكر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليهبطن ابْن مَرْيَم حكما عدلا واماماً مقسطاً وليسلكن فجاً حاجّاً أَو مُعْتَمِرًا وليأتين قَبْرِي حَتَّى يسلِّم عليَّ ولأردن عَلَيْهِ
يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: أَي بني أخي إِن رَأَيْتُمُوهُ فَقولُوا: أَبُو هُرَيْرَة يُقْرِئك السَّلَام
وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أدْرك مِنْكُم عِيسَى بن مَرْيَم فَلْيُقْرئْهُ مني السَّلَام
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: يلبث عِيسَى بن مَرْيَم فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة لَو يَقُول للبطحاء سيلي عسلاً لسالت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن مجمع بن جَارِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ليقْتلن ابْن مَرْيَم الدَّجَّال بِبَاب لدّ
وَأخرج أَحْمد عَن ثَوْبَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عصابتان من أمتِي أحرزهم الله من النَّار: عِصَابَة تغزو الْهِنْد وعصابة تكون مَعَ عِيسَى بن مَرْيَم
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة صفة مُحَمَّد وَعِيسَى بن مَرْيَم يدْفن مَعَه
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: يدْفن عِيسَى بن مَرْيَم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه فَيكون قَبره رَابِعا
الْآيَتَانِ ١٦٠ - ١٦١
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿فبظلم من الَّذين هادوا حرَّمنا عَلَيْهِم طَيّبَات أحلّت لَهُم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وبصدهم عَن سَبِيل الله كثيرا﴾ قَالَ: أنفسهم وَغَيرهم عَن الْحق
الْآيَة ١٦٢
وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَكِن الراسخون فِي الْعلم مِنْهُم﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن سَلام وَأسيد بن سعية وثعلبة بن سعية حِين فارقوا يهود وَأَسْلمُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر عَن الزبير بن خَالِد قَالَ: قلت لأَبَان بن عُثْمَان بن عَفَّان: مَا شَأْنهَا كتبت ﴿لَكِن الراسخون فِي الْعلم مِنْهُم والمؤمنون يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك والمقيمين الصَّلَاة والمؤتون الزَّكَاة﴾ مَا بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا رفع وَهِي نصب قَالَ: إِن الْكَاتِب لما كتب ﴿لَكِن الراسخون﴾ حَتَّى إِذا بلغ قَالَ: مَا أكتب قيل لَهُ: اكْتُبْ ﴿والمقيمين الصَّلَاة﴾ فَكتب مَا قيل لَهُ
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن لحن الْقُرْآن (إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا والصائبون) (الْمَائِدَة الْآيَة ٦٩) ﴿والمقيمين الصَّلَاة والمؤتون الزَّكَاة﴾ وَإِن هَذَانِ
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي الْقُرْآن أَرْبَعَة أحرف
الصائبون والمقيمين (فأصَّدَّق وأكن من الصَّالِحين) (المُنَافِقُونَ الْآيَة ١٠) (وَإِن هَذَانِ لساحران) (طه الْآيَة ٦٣)
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عبد الْأَعْلَى بن عبد الله بن عَامر الْقرشِي قَالَ: لما فرغ من الْمُصحف أَتَى بِهِ عُثْمَان فَنظر فِيهِ فَقَالَ: قد أَحْسَنْتُم وَأَجْمَلْتُمْ أرى شَيْئا من لحن ستقيمه الْعَرَب بألسنتها قَالَ ابْن أبي دَاوُد: هَذَا عِنْدِي يَعْنِي بلغتهَا فِينَا وَإِلَّا فَلَو كَانَ فِيهِ لحن لَا يجوز فِي كَلَام الْعَرَب جَمِيعًا لما استجاز أَن يبْعَث إِلَى قوم يقرأونه
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أَتَى عُثْمَان بالمصحف رأى فِيهِ شَيْئا من لحن فَقَالَ: لَو كَانَ المملي من هُذَيْل وَالْكَاتِب من ثَقِيف لم يُوجد فِيهِ هَذَا
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن قَتَادَة أَن عُثْمَان لما رفع إِلَيْهِ الْمُصحف قَالَ: إِن فِيهِ لحناً وستقيمه الْعَرَب بألسنتها
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن يحيى بن يعمر قَالَ: قَالَ عُثْمَان: إِن فِي الْقُرْآن لحناً وستقيمه الْعَرَب بألسنتها
الْآيَة ١٦٣
فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك﴾ إِلَى آخر الْآيَات
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن خَيْثَم فِي قَوْله ﴿إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نوح والنبيين من بعده﴾ قَالَ: أوحى إِلَيْهِ كَمَا أوحى إِلَى جَمِيع النَّبِيين من قبله
قلت: يَا رَسُول الله كم الرُّسُل مِنْهُم قَالَ: ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر جم غفير
قَالَ: يَا أَبَا ذَر أَرْبَعَة سريانيون: آدم وشيث ونوح وخنوخ وَهُوَ إِدْرِيس وَهُوَ أوّل من خطّ بقلم وَأَرْبَعَة من الْعَرَب: هود وَصَالح وَشُعَيْب وَنَبِيك وأوّل نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل مُوسَى وَآخرهمْ عِيسَى وأوّل النَّبِيين آدم وَآخرهمْ نبيك أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وهما فِي طرفِي نقيض وَالصَّوَاب أَنه ضَعِيف لَا صَحِيح وَلَا مَوْضُوع كَمَا بَينته فِي مُخْتَصر الموضوعات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قلت: يَا نَبِي الله كم الْأَنْبِيَاء قَالَ: مائَة ألف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا الرُّسُل من ذَلِك ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة عشر جماً غفيراً
وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ فِيمَن خلا من اخواني من الْأَنْبِيَاء ثَمَانِيَة آلَاف نَبِي ثمَّ كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ كنت أَنا بعده
وَأخرج الْحَاكِم بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ثَمَانِيَة آلَاف من الْأَنْبِيَاء مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف من بني إِسْرَائِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ فِي قَوْله ﴿ورسلاً لم نقصصهم عَلَيْك﴾ قَالَ: بعث الله نَبيا عبدا حَبَشِيًّا فَهُوَ مِمَّا مَا لم يقصصه على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَفِي لفظ: بعث نَبِي من الْحَبَش
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن الله أنزل على آدم عَلَيْهِ السَّلَام عصياً بِعَدَد الْأَنْبِيَاء الْمُرْسلين ثمَّ أقبل على ابْنه شِيث فَقَالَ: أَي بني أَنْت خليفتي من بعدِي فَخذهَا بعمارة التَّقْوَى والعروة الوثقى وَكلما ذكرت اسْم الله تَعَالَى فاذكر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق أبي يُونُس عَن سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا من بني عبس يُقَال لَهُ خَالِد بن سِنَان قَالَ لِقَوْمِهِ: إِنِّي أطفىء عَنْكُم نَار الْحدثَان
فَقَالَ لَهُ عمَارَة بن زِيَاد رجل من قومه: وَالله مَا قلت لنا يَا خَالِد قطّ إِلَّا حَقًا فَمَا شَأْنك وشأن نَار الْحدثَان تزْعم أَنَّك تطفئها قَالَ: فَانْطَلق وَانْطَلق مَعَه عمَارَة فِي ثَلَاثِينَ من قومه حَتَّى أتوها وَهِي تخرج من شن جبل من حرَّة يُقَال لَهَا حرَّة أَشْجَع فَخط لَهُم خَالِد خطة فاجلسهم فِيهَا فَقَالَ: إِن أَبْطَأت عَلَيْكُم فَلَا تَدعُونِي باسمي فَخرجت كَأَنَّهَا خيل شقر يتبع بَعْضهَا بَعْضًا فَاسْتَقْبلهَا خَالِد فَجعل يضْربهَا بعصاه وَهُوَ يَقُول: بدا بدا بدا كل هدي زعم ابْن راعية المعزى أَنِّي لَا أخرج مِنْهَا وثيابي تندى حَتَّى دخل مَعهَا الشق فابطأ عَلَيْهِم فَقَالَ عمَارَة: وَالله لَو كَانَ صَاحبكُم حَيا لقد خرج إِلَيْكُم
فَقَالُوا: إِنَّه قد نَهَانَا أَن نَدْعُوهُ باسمه قَالَ: فَقَالَ: فَادعوهُ باسمه - فو الله - لَو كَانَ صَاحبكُم حَيا لقد خرج إِلَيْكُم فَدَعوهُ باسمه فَخرج إِلَيْهِم بِرَأْسِهِ فَقَالَ: ألم أنهكم أَن تَدعُونِي باسمي - قد وَالله - قتلتموني فادفنوني فَإِذا مرت بكم الْحمر فِيهَا حمَار ابتر فانبشوني فَإِنَّكُم ستجدوني حَيا
فدفنوه فمرت بهم الْحمر فِيهَا حمَار ابتر فَقَالُوا: انبشوه فَإِنَّهُ أمرنَا أَن ننبشه
فَقَالَ لَهُم عمَارَة: لَا تحدث مُضر اننا ننبش مَوتَانا وَالله لَا تنبشوه أبدا وَقد كَانَ خَالِد أخْبرهُم أَن فِي عُكَن امْرَأَته لوحين فَإِذا أشكل عَلَيْكُم أَمر فانظروا فيهمَا فَإِنَّكُم سَتَرَوْنَ مَا تساءلون عَنهُ وَقَالَ: لَا تمسها حَائِض فَلَمَّا رجعُوا إِلَى امْرَأَته سألوها عَنْهُمَا فأخرجتهما وَهِي حَائِض فَذهب مَا كَانَ فيهمَا من علم وَقَالَ أَبُو يُونُس: قَالَ سماك بن حَرْب: سُئِلَ عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ذَاك نَبِي أضاعه قومه وَإِن ابْنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مرْحَبًا بِابْن أخي قَالَ
وَأخرج ابْن سعد وَالزُّبَيْر بن بكار فِي الموفقيات وَابْن عَسَاكِر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: أول نَبِي بَعثه الله فِي الأَرْض ادريس وَهُوَ اخنوخ بن يرد وَهُوَ يارد ابْن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شِيث بن آدم ثمَّ انْقَطَعت الرُّسُل حَتَّى بعث نوح بن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ بن يارد وَقد كَانَ سَام بن نوح نَبيا ثمَّ انْقَطَعت الرُّسُل حَتَّى بعث الله إِبْرَاهِيم نَبيا وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن تارح وتارح هُوَ آزر بن ناحور بن شاروخ بن ارغو بن فالغ وفالغ هُوَ فالخ وَهُوَ الَّذِي قسم الأَرْض ابْن عَابِر بن شالخ بن أرفخشد بن سَام بن نوح ثمَّ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم فَمَاتَ بِمَكَّة وَدفن بهَا ثمَّ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم مَاتَ بِالشَّام وَلُوط بن هاران بن تارح وَإِبْرَاهِيم عَمه هُوَ ابْن أخي إِبْرَاهِيم ثمَّ إِسْرَائِيل وَهُوَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق ثمَّ يُوسُف بن يَعْقُوب ثمَّ شُعَيْب بن بوبب ابْن عنقاء بن مَدين بن إِبْرَاهِيم ثمَّ هود بن عبد الله بن الخلود بن عَاد بن عوص بن أرم بن سَام بن نوح ثمَّ صَالح بن آسَف بن كماشج بن اروم بن ثَمُود بن جَابر بن أرم بن سَام بن نوح ثمَّ مُوسَى وَهَارُون ابْنا عمرَان بن فاهت ابْن لاوي بن يَعْقُوب ثمَّ أَيُّوب بن رازخ بن أُمُور بن ليغزر بن الْعيص ثمَّ دَاوُد بن إيشا بن عُوَيْد بن ناخر بن سَلمُون بن بخشون بن عنادب بن رام ابْن خصرون بن يهود بن يَعْقُوب ثمَّ سُلَيْمَان بن دَاوُد ثمَّ يُونُس بن مَتى من سبط بنيامين بن يَعْقُوب ثمَّ اليسع من سبط روبيل بن يَعْقُوب والياس بن بشير بن العاذر بن هَارُون بن عمرَان وَذَا الكفل اسْمه عويدياً من سبط يهود بن يَعْقُوب وَبَين مُوسَى بن عمرَان وَبَين مَرْيَم بنت عمرَان أم عِيسَى ألف سنة وَسَبْعمائة سنة وليسا من سبط ثمَّ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل نَبِي ذكر فِي الْقُرْآن من ولد إِبْرَاهِيم غير إِدْرِيس ونوح وَلُوط وَهود وَصَالح وَلم يكن من الْعَرَب أَنْبيَاء إِلَّا خَمْسَة: هود وَصَالح وَإِسْمَاعِيل وَشُعَيْب وَمُحَمّد وَإِنَّمَا سموا عربا لِأَنَّهُ لم يتَكَلَّم أحد من الْأَنْبِيَاء بِالْعَرَبِيَّةِ غَيرهم فَلذَلِك سموا عربا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل الْأَنْبِيَاء من بني إِسْرَائِيل إِلَّا عشرَة: نوح وَهود وَصَالح وَلُوط وَإِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب وَشُعَيْب وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن نَبِي لَهُ اسمان إِلَّا عِيسَى وَيَعْقُوب فيعقوب إِسْرَائِيل وَعِيسَى الْمَسِيح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ بَين مُوسَى وَعِيسَى ألف نَبِي
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عمر آدم ألف سنة
قَالَ ابْن عَبَّاس: وَبَين آدم وَبَين نوح ألف سنة وَبَين نوح وَإِبْرَاهِيم ألف سنة وَبَين إِبْرَاهِيم وَبَين مُوسَى سَبْعمِائة سنة وَبَين مُوسَى وَعِيسَى ألف وَخَمْسمِائة سنة وَبَين عِيسَى وَنَبِينَا سِتّمائَة سنة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن وَائِل بن دَاوُد فِي قَوْله ﴿وكلم الله مُوسَى تكليماً﴾ قَالَ: مرَارًا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الْجَبَّار بن عبد الله قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي بكر بن عَيَّاش فَقَالَ: سَمِعت رجلا يقْرَأ ﴿وكلم الله مُوسَى تكليماً﴾ فَقَالَ: مَا قَالَ هَذَا إِلَّا كَافِر قَرَأت على الْأَعْمَش وَقَرَأَ الْأَعْمَش على يحيى بن وثاب وَقَرَأَ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَقَرَأَ أَبُو عبد الرَّحْمَن على عَليّ بن أبي طَالب وَقَرَأَ عَليّ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وكلم الله مُوسَى تكليماً﴾ قَالَ الهيثمي: وَرِجَاله ثِقَات غير أَن عبد الْجَبَّار لم أعرفهُ وَالَّذِي روى عَن ابْن عَبَّاس أَحْمد بن عبد الْجَبَّار بن مَيْمُون وَهُوَ ضَعِيف
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ثَابت قَالَ: لما مَاتَ مُوسَى بن عمرَان جالت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَوَات بَعْضهَا إِلَى بعض واضعي أَيْديهم على خدودهم ينادون مَاتَ مُوسَى كليم الله فَأَي الْخلق لَا يَمُوت
الْآيَة ١٦٥
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا شخص أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله وَلذَلِك بعث الرُّسُل مبشرين ومنذرين وَلَا شخص أحب إِلَيْهِ الْمَدْح من الله وَلذَلِك وعد الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل﴾ فيقولوا: مَا أرسلتَ إِلَيْنَا رَسُولا
الْآيَات ١٦٦ - ١٧٠
فَأنْزل الله ﴿لَكِن الله يشْهد﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لَكِن الله يشْهد﴾ الْآيَة
قَالَ: شُهُود وَالله غير متهمة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم﴾ قَالَ: كَلمته إِن قَالَ: كن فَكَانَ
وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي مُوسَى
أَن النَّجَاشِيّ قَالَ لجَعْفَر: مَا يَقُول صَاحبك فِي ابْن مَرْيَم قَالَ: يَقُول فِيهِ قَول الله: روح الله وكلمته أخرجه من البتول الْعَذْرَاء لم يقربهَا بشر فَتَنَاول عوداً من الأَرْض فرفعه فَقَالَ: يَا معشر القسيسين والرهبان مَا يزِيد هَؤُلَاءِ على مَا تَقولُونَ فِي ابْن مَرْيَم مَا يزن هَذِه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّجَاشِيّ وَنحن ثَمَانُون رجلا ومعنا جَعْفَر بن أبي طَالب وَبعثت قُرَيْش عمَارَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ ومعهما هَدِيَّة إِلَى النَّجَاشِيّ فَلَمَّا دخلا عَلَيْهِ سجدا لَهُ وبعثا إِلَيْهِ بالهدية وَقَالا: إِن نَاسا من قَومنَا رَغِبُوا عَن ديننَا وَقد نزلُوا أَرْضك فَبعث إِلَيْهِم حَتَّى دخلُوا عَلَيْهِ فَلم يسجدوا لَهُ فَقَالُوا: مَا لكم لم تسجدوا للْملك فَقَالَ جَعْفَر: إِن الله بعث إِلَيْنَا نبيه فَأمرنَا أَن لَا نسجد إِلَّا لله
فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: إِنَّهُم يخالفونك فِي عِيسَى وَأمه
قَالَ: فَمَا يَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأمه قَالُوا: نقُول كَمَا قَالَ الله: هُوَ روح الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاء البتول الَّتِي لم يمسسها بشر فَتَنَاول النَّجَاشِيّ عوداً فَقَالَ: يَا معشر القسيسين والرهبان مَا تزيدون على مَا يَقُول هَؤُلَاءِ مَا يزن هَذِه مرْحَبًا بكم وبمن جئْتُمْ من عِنْده فَأَنا أشهد أَنه نَبِي ولوددت أَنِّي عِنْده فأحتمل نَعْلَيْه فانزلوا حَيْثُ شِئْتُم من أرضي
وَأخرج مُسلم عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق أدخلهُ الله من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية من أَيهَا شَاءَ على مَا كَانَ من الْعَمَل
الْآيَتَانِ ١٧٢ - ١٧٣
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والإسماعيلي فِي مُعْجَمه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿فيوفِّيهم أُجُورهم ويزيدهم من فَضله﴾ قَالَ ﴿أُجُورهم﴾ يدخلهم الْجنَّة ﴿ويزيدهم من فَضله﴾ الشَّفَاعَة فِيمَن وَجَبت لَهُم النَّار مِمَّن صنع إِلَيْهِم الْمَعْرُوف فِي الدِّينَا وَالله سُبْحَانَهُ أعلم
الْآيَتَانِ ١٧٤ - ١٧٥
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أَبِيه عَن رجل لَا يحفظ اسْمه فِي قَوْله ﴿قد جَاءَكُم برهَان من ربكُم﴾ قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وأنزلنا إِلَيْكُم نورا مُبينًا﴾ قَالَ: الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿برهَان من ربكُم﴾ قَالَ: حجَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿قد جَاءَكُم برهَان من ربكُم﴾ قَالَ: بيِّنة ﴿وأنزلنا إِلَيْكُم نورا مُبينًا﴾ قَالَ: هَذَا الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿واعتصموا بِهِ﴾ قَالَ: الْقُرْآن
الْآيَة ١٧٦
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر قَالَ: أنزلت فِي ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة﴾
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ تورث الْكَلَالَة فَأنْزل الله ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة﴾ إِلَى آخرهَا
فَكَأَن عمر لم يفهم فَقَالَ لحفصة: إِذا رَأَيْت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيب نفس فسليه عَنْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس أَن عمر أَمر حَفْصَة أَن تسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَالَة فَسَأَلته فأملاها عَلَيْهَا فِي كتف وَقَالَ: من أَمرك بِهَذَا أعمر
مَا أرَاهُ يقيمها أَو مَا تكفيه آيَة الصَّيف قَالَ سُفْيَان: وَآيَة الصَّيف الَّتِي فِي النِّسَاء (وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة أَو امْرَأَة) (النِّسَاء الْآيَة ١٢) فَلَمَّا سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت الْآيَة الَّتِي فِي خَاتِمَة النِّسَاء
وَأخرج مَالك وَمُسلم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر قَالَ: مَا سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء أَكثر مَا سَأَلته عَن الْكَلَالَة حَتَّى طعن بِأُصْبُعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: تكفيك آيَة الصَّيف الَّتِي فِي آخر سُورَة النِّسَاء
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: تكفيك آيَة الصَّيف
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: أما سَمِعت الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي الصَّيف ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة﴾ فَمن لم يتْرك ولدا وَلَا والداً فورثته كَلَالَة
وَأخرجه الْحَاكِم مَوْصُولا عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر قَالَ: ثَلَاث وددت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد والكلالة وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا
وَأخرج أَحْمد عَن عمر قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: تكفيك آيَة الصَّيف فَلِأَن أكون سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهَا أحب إليَّ من أَن يكون لي حمر النعم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق والعدني وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن عمر قَالَ: لِأَن أكون سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثَلَاث أحب إليَّ من حُمُرِ النِعَمْ: عَن الْخَلِيفَة بعده وَعَن قوم قَالُوا: نقر بِالزَّكَاةِ من أَمْوَالنَا وَلَا نؤديها إِلَيْك أَيحلُّ قِتَالهمْ وَعَن الْكَلَالَة
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق والعدني وَابْن مَاجَه والساجي وَابْن جرير وَالْحَاكِم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل يستفتيه فِي الْكَلَالَة أنبئني يَا رَسُول الله أكلالة الرجل يُرِيد إخْوَته من أَبِيه وَأمه فَلم يقل لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا غير أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ آيَة الْكَلَالَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ثمَّ عَاد الرجل يسْأَله فَكلما سَأَلَهُ قَرَأَهَا حَتَّى أَكثر وصخب الرجل وَاشْتَدَّ صخبه من حرصه على أَن يبيِّن لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَة ثمَّ قَالَ لَهُ: إِنِّي وَالله لَا أزيدك على مَا أَعْطَيْت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت آخر النَّاس عهدا بعمر فَسَمعته يَقُول: القَوْل مَا قلت
قلت: وَمَا قلت قَالَ: قلت: الْكَلَالَة من لَا ولد لَهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: أَخذ عمر كَتفًا وَجمع أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: لأقضين فِي الْكَلَالَة قَضَاء تحدث بِهِ النِّسَاء فِي خُدُورهنَّ فَخرجت حِينَئِذٍ حَيَّة من الْبَيْت فَتَفَرَّقُوا فَقَالَ: لَو أَرَادَ الله أَن يتم هَذَا الْأَمر لأتمه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر كتب فِي الْجد والكلالة كتابا فَمَكثَ يستخير الله يَقُول: اللَّهُمَّ إِن علمت أَن فِيهِ خيرا فامضه حَتَّى إِذا طعن دَعَا بِالْكتاب فمحا وَلم يدر أحد مَا كتب فِيهِ فَقَالَ: إِنِّي كنت كتبت فِي الْجد والكلالة كتابا وَكنت أستخير الله فِيهِ فَرَأَيْت أَن أترككم على مَا كُنْتُم عَلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَنا أوّل من أَتَى عمر حِين طعن فَقَالَ: احفظ عني ثَلَاثًا فَإِنِّي أَخَاف أَن لَا يدركني النَّاس: أما أَنا فَلم أقض فِي الْكَلَالَة وَلم أستخلف على النَّاس خَليفَة وكل مَمْلُوك لَهُ عَتيق
وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو الْقَارِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على سعد وَهُوَ وجع مغلوب فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا وَإِنِّي أورث كَلَالَة أفأوصي بِمَالي أَو أتصدَّق بِهِ قَالَ: لَا
قَالَ: أفأوصي بثلثيه قَالَ: لَا
قَالَ: أفأوصي بشطره قَالَ: لَا
قَالَ: أفأوصي بِثُلثِهِ قَالَ: نعم وَذَاكَ كثير
وَأخرج ابْن سعد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر قَالَ:
قلت: بالشطر قَالَ: أحسن ثمَّ خرج ثمَّ دخل عَليّ فَقَالَ: لَا أَرَاك تَمُوت فِي وجعك هَذَا إِن الله أنزل وبيَّن مَا لأخواتك وَهُوَ الثُّلُثَانِ فَكَانَ جَابر يَقُول: نزلت هَذِه الْآيَة فِي ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة﴾
وَأخرج الْعَدنِي وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَأَبُو الشَّيْخ فِي الْفَرَائِض بِسَنَد صَحِيح عَن حُذَيْفَة قَالَ: نزلت آيَة الْكَلَالَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير لَهُ فَوقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ بحذيفة فلقاه إِيَّاه فَنظر حُذَيْفَة فَإِذا عمر فلقاه إِيَّاه فَلَمَّا كَانَ فِي خلَافَة عمر نظر عمر فِي الْكَلَالَة فَدَعَا حُذَيْفَة فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ حُذَيْفَة: لقد لقانيها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقيتك كَمَا لقاني - وَالله - لَا أزيدك على ذَلِك شَيْئا أبدا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الْفَرَائِض عَن الْبَراء قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والدرامي وَابْن جرير عَن أبي الْخَيْر أَن رجلا سَأَلَ عقبَة بن عَامر عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: أَلا تعْجبُونَ من هَذَا يسألني عَن الْكَلَالَة وَمَا أعضل بأصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء مَا أعضلت بهم الْكَلَالَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة والدرامي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الشّعبِيّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو بكر عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: إِنِّي سأقول فِيهَا برأيي فَإِذا كَانَ صَوَابا فَمن الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن كَانَ خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان وَالله مِنْهُ بَرِيء أرَاهُ مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد فَلَمَّا اسْتخْلف عمر قَالَ: الْكَلَالَة مَا عدا الْوَلَد فَلَمَّا طعن عمر قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحي من الله أَن أُخَالِف أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر الصّديق أَنه قَالَ: من مَاتَ لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد فورثته كَلَالَة فَضَجَّ مِنْهُ عَليّ ثمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ: مَا رَأَيْتهمْ إِلَّا قد تواطأوا إِن الْكَلَالَة من لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة والدرامي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْكَلَالَة قَالَ: هُوَ مَا عدا الْوَالِد وَالْولد
فَقلت لَهُ ﴿إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد﴾ فَغَضب وانتهرني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن السميط قَالَ: كَانَ عمر يَقُول: الْكَلَالَة: مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: الْكَلَالَة مَا كَانَ سوى الْوَالِد وَالْولد من الْوَرَثَة إخْوَة أَو غَيرهم من الْعصبَة
كَذَلِك قَالَ: عَليّ وَابْن مَسْعُود وَزيد ابْن ثَابت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَلَالَة: الْمَيِّت نَفسه
وَأخرج ابْن جرير عَن معدان بن أبي طالحة الْيَعْمرِي قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: مَا أغْلظ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَا نازعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء مَا نازعته فِي آيَة الْكَلَالَة حَتَّى ضرب صَدْرِي فَقَالَ: يَكْفِيك مِنْهَا آيَة الصَّيف ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة﴾ وسأقضي فِيهَا بِقَضَاء يُعلمهُ من يقْرَأ وَمن لَا يقْرَأ هُوَ مَا خلا الرب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: نزلت ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة﴾ وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير لَهُ وَإِلَى جنبه حُذَيْفَة بن الْيَمَان فبلغها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُذَيْفَة وَبَلغهَا حُذَيْفَة عمر بن الْخطاب وَهُوَ يسير خَلفه فَلَمَّا اسْتخْلف عمر سَأَلَ عَنْهَا حُذَيْفَة وَرَجا أَن يكون عِنْده تَفْسِيرهَا فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة: وَالله إِنَّك لعاجز إِن ظَنَنْت أَن أمارتك تحملنِي أَن أحَدثك مَا لم أحَدثك يَوْمئِذٍ فَقَالَ عمر: لم أرد هَذَا رَحِمك الله
وَأخرج ابْن جرير عَن عمر قَالَ: لِأَن أكون أعلم الْكَلَالَة أحب إليَّ من أَن يكون لي جِزْيَة قُصُور الشَّام
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن بن مَسْرُوق عَن أَبِيه قَالَ: سَأَلت عمر وَهُوَ يخْطب النَّاس عَن ذِي قرَابَة لي ورث كَلَالَة فَقَالَ: الْكَلَالَة الْكَلَالَة الْكَلَالَة وَأخذ بلحيته ثمَّ قَالَ: وَالله لِأَن أعلمها أحب إليَّ من أَن يكون لي مَا على الأَرْض من شَيْء سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ألم تسمع الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي الصَّيف فَأَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن زيد بن ثَابت أَنه سُئِلَ عَن زوج وَأُخْت لأَب وَأم فَأعْطى الزَّوْج النّصْف وَالْأُخْت النّصْف فَكلم فِي ذَلِك فَقَالَ: حضرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بذلك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالْحَاكِم عَن الْأسود قَالَ: قضى فِينَا معَاذ بن جبل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ابْنة وَأُخْت للإبنة النّصْف وَللْأُخْت النّصْف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن هزيل بن شُرَحْبِيل أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ سُئِلَ عَن ابْنة وَابْنَة ابْن وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ فَقَالَ: للْبِنْت النّصْف وَللْأُخْت النّصْف وائت ابْن مَسْعُود فيتابعني
فَسئلَ ابْن مَسْعُود وَأخْبر بقول أبي مُوسَى فَقَالَ: لقد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين اقْضِ فِيهَا بِمَا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للابنة النّصْف ولابنة الإبن السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَمَا بَقِي فللأخت فَأَخْبَرنَاهُ بقول ابْن مَسْعُود فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الحبر فِيكُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن رجل توفّي وَترك ابْنَته وَأُخْته لِأَبِيهِ وَأمه فَقَالَ: الْبِنْت النّصْف وَلَيْسَ للْأُخْت شَيْء وَمَا بَقِي فلعصبته فَقيل: إِن عمر جعل للْأُخْت النّصْف
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أأنتم أعلم أم الله قَالَ الله ﴿إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك﴾ فقلتم أَنْتُم لَهَا النّصْف وَإِن كَانَ لَهُ ولد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: شَيْء لَا تجدونه فِي كتاب الله وَلَا فِي قَضَاء رَسُول الله وَتَجِدُونَهُ فِي النَّاس كلهم للابنة النّصْف وَللْأُخْت النّصْف وَقد قَالَ الله ﴿إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك﴾
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا أبقت فلأول رجل ذكر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿يستفتونك﴾ قَالَ: سَأَلُوا نَبِي الله عَن الْكَلَالَة ﴿يبين الله لكم أَن تضلوا﴾ قَالَ فِي شَأْن الْمَوَارِيث
وَأخرج ابْن جرير وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ فِي خطبَته: أَلا إِن الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي سُورَة النِّسَاء فِي شَأْن الْفَرَائِض أنزلهَا الله فِي الْوَلَد وَالْوَالِد وَالْآيَة الثَّانِيَة أنزلهَا فِي الزَّوْج وَالزَّوْجَة وَالإِخْوَة من الْأُم وَالْآيَة الَّتِي ختم بهَا سُورَة النِّسَاء أنزلهَا فِي الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم وَالْآيَة الَّتِي ختم بهَا سُورَة الْأَنْفَال أنزلهَا فِي أولي الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله مِمَّا جرت بِهِ الرَّحِم من الْعصبَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب حمارا إِلَى قبَاء يستخير فِي الْعمة وَالْخَالَة فَأنْزل الله لَا مِيرَاث لَهما
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب إِذا قَرَأَ ﴿يبين الله لكم أَن تضلوا﴾ قَالَ: اللَّهُمَّ من بيِّنت لَهُ الْكَلَالَة فَلم تتبيَّن لي
وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو الْقَارِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على سعد وَهُوَ وجع وغلوب فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا وَإِنِّي أورث كَلَالَة أفأوصي بِمَالي أَو أتصدَّق بِهِ قَالَ: لَا
قَالَ: أفأوصي بثلثيه قَالَ: لَا
قَالَ: أفأوصي بشطره قَالَ: لَا
قَالَ: أفأوصي بِثُلثِهِ قَالَ: نعم وَذَاكَ كثير
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت أَن زيد بن ثَابت كتب لمعاوية رِسَالَة: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
لعبد الله مُعَاوِيَة أَمِير الْمُؤمنِينَ من زيد بن ثَابت سَلام عَلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإنَّك كتبت تَسْأَلنِي عَن مِيرَاث الْجد وَالإِخْوَة وَإِن الْكَلَالَة وَكَثِيرًا مِمَّا قضى بِهِ فِي هَذِه الْمَوَارِيث لَا يعلم مبلغها إِلَّا الله وَقد كُنَّا نحضر من ذَلِك أموراً عِنْد الْخُلَفَاء بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوعينا مِنْهَا مَا شِئْنَا أَن نعي فَنحْن نفتي بعد من استفتاناً فِي الْمَوَارِيث
وَالله أعلم
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو عبيد فِي فضائله والنحاس فِي ناسخه وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جُبَير بن نفير قَالَ: حججْت فَدخلت على عَائِشَة فَقَالَت لي: يَا جُبَير تقْرَأ الْمَائِدَة فَقلت: نعم
فَقَالَت: أما انها آخر سُورَة نزلت فَمَا وجدْتُم فِيهَا من حَلَال فاستحلوه وَمَا وجدْتُم من حرَام فحرموه
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: آخر سُورَة نزلت سُورَة الْمَائِدَة وَالْفَتْح
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْمَائِدَة وَهُوَ رَاكب على رَاحِلَته فَلم تستطع أَن تحمله فَنزل عَنْهَا
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر فِي الصَّلَاة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والبيهيقي فِي شعب الإِيمان عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: اني لآخذة بزمام العضباء نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ نزلت الْمَائِدَة كلهَا فَكَادَتْ من ثقلهَا تدق عضد النَّاقة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن أم عَمْرو بنت عبس عَن عَمها أَنه كَانَ فِي مسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْمَائِدَة فاندق كتف رَاحِلَته العضباء من ثقل السُّورَة
وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله غليه وَسلم قَرَأَ فِي خطبَته سُورَة الْمَائِدَة وَالتَّوْبَة
وَأخرج أَبُو عبيد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ نزلت سُورَة الْمَائِدَة على رَسُول
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: نزلت سُورَة الْمَائِدَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمسير فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ رَاكب رَاحِلَته فبركت بِهِ رَاحِلَته من ثقلهَا
وَأخرج أَبُو عبيد عَن ضَمرَة بن حبيب وعطية بن قيس قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَائِدَة من آخر الْقُرْآن تَنْزِيلا فاحلوا حلالها وحرموا حرامها
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي ميسرَة قَالَ: آخر سُورَة أنزلت سُورَة الْمَائِدَة وان فِيهَا لسبع عشرَة فَرِيضَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي ميسرَة قَالَ: فِي الْمَائِدَة ثَمَان عشرَة فَرِيضَة لَيْسَ فِي سُورَة من الْقُرْآن غَيرهَا وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ
المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وماأكل السَّبع إِلَّا مَا ذكتيم وَمَا ذبح على النصب وان تستقيموا بالازلام والجوارح مكلبين وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب وَتَمام الطّهُور واذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وَالسَّارِق والسارقة وَمَا جعل الله من بحيرة الْآيَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ عَن أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ: لم ينْسَخ من الْمَائِدَة شَيْء
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عون قَالَ: قلت لِلْحسنِ: نسخ من الْمَائِدَة شَيْء فَقَالَ: لَا
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس عَن الشّعبِيّ قَالَ: لم ينْسَخ من الْمَائِدَة إِلَّا هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٢
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نسخ من هَذِه السُّورَة آيتان آيَة
القلائد وَقَوله ﴿فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٢
وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيق عَبدة بن أبي لبَابَة قَالَ: بَلغنِي عَن سَالم
(٥)
سُورَة الْمَائِدَة
مَدَنِيَّة وآياتها عشرُون وَمِائَة