ﰡ
قال الشافعي رحمه الله تعالى : فلسنا نحن تائبين على حقيقة، ولكن علمٌ عَلِمَهُ الله، ما حقيقة التائبين، وقد مُتِّعنا في هذه الدنيا تمتعا حسنا. ( أحكام الشافعي : ٢/١٨١. )
ومن أصحابنا من قال : أن الرزق ما يمكن الانتفاع به، وكل ما ينتفع به فهو رزقه من غذاء وغيره. وهذا المعنى أعمَ من الأول. ولا يفترق الحال من أن يكون من حلال وحرام، ولا يأكل أحد ولا ينتفع بشيء إلا ما رزقه الله تعالى.
وقالت المعتزلة : الرزق هو الملك، والحرام ليس برزق، وهذا خطا عظيم، والدليل عليه قوله تعالى :﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى اِلاَرْضِ إِلا عَلَى اَللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ فلو كان كما قالوه، لكان الغَاصِبُ إذا أكل طول عمره غَصْبًا لم يأكل من رزق الله شيئا، وذلك خروج عن الدين. ولأنه لو كان الرزق هو الملك، لوجب أن تكون البهائم لم تأكل أرزاقها لأنها غير مالكة ولا ملك لها، ولوجب أن الطفل لم يرزق من ثدي أمه لأنه لا يملك ما فيها من اللبن، فلما لم يكن كذلك بان فساد ما قالوه على الوجه الذي بيناه من معنى الرزق، ولا يخالف في ذلك عاقل، ومن خالف فيه كان من المعقول خارجا، وفي تيه الجهل راكبا. ( الككب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ٢٢-٢٣. )