ﰡ
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ﴾، أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ ثم فصلت ﴾ قال : فسرت.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ من لدن حكيم خبير ﴾ يقول : من عند حكيم خبير.
قال ابن كثير :﴿ ألا تعبدوا إلى الله ﴾ أي نزل هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة الله وحده لا شريك له كقوله تعالى :﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ﴾ وقال ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾ وقوله ﴿ إنني لكم منه نذير وبشير ﴾ أي إني لكم نذير من العذاب إن خالفتموه، وبشير بالثواب إن أطعتموه كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد الصفا فدعا بطون قريش الأقرب ثم الأقرب فاجتمعوا فقال : " يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تصبحكم ألستم مصدقي ؟ " فقالوا : ما جربنا عليك كذبا قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " أ. ه.
( صحيح البخاري-ك الإيمان، ب ما جاء إن الأعمال بالنيات )، ( وصحيح مسلم-ك الوصية، ب الوصية بالثلث ).
قال الشيخ الشنقيطي : هذه الآية فيها الدلالة الواضحة على أن الحكمة العظمى التي أنزل القرآن من أجلها هي : أن يعبد الله جل وعلا وحده، ولا يشرك به في عبادته شيء، لأن قوله جل وعلا ﴿ كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله ﴾ الآية-صريح في أن آيات هذا الكتاب فصلت من عند الحكيم الخبير لأجل أن يعبد الله وحده، سواء قلنا إن ( أن ) هي المفسرة أو أن المصدر المنسبك منها ومن صلتها مفعول من أجله، لأن ضابط ( أن ) المفسرة أن يكون ما قبلها متضمنا معنى القول، ولا يكون فيه حروف القول.
قوله تعالى ﴿ إنني لكم منه نذير وبشير ﴾
انظر حديث ابن عباس الآتي عند الآية ( ٢١٤ ) من سورة الشعراء.
قال الشيخ الشنقيطي : هذه الآية الكريمة تدل عل الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى من الذنوب سبب لأن يمتع الله من فعل ذلك متاعا حسنا إلى أجل مسمى، لأنه رتب ذلك على الاستغفار والتوبة ترتيب الجزاء على شرطه. والظاهر أن المراد بالمتاع الحسن. سعة الرزق، ورغد العيش، والعافية في الدنيا، وأن المراد بالأجل المسمى : الموت، ويدل لذلك قوله تعالى في هذه السورة الكريمة عن نبيه هود عليه الصلاة والسلام :﴿ ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾ وقوله تعالى عن نوح :﴿ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ﴾.
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا غندر عن شعبة، عن عمرو ابن مرة، عن أبي بردة. قال : سمعت الأغرّ، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يُحدّث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس ! توبوا إلى الله. فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة ".
( صحيح مسلم٤/٢٠٧٥-٢٠٧٦-ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، ب استحباب الاستغفار والاستكثار منه ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ﴾، فأنتم في ذلك المتاع، فخذوا بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحب الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله. وذلك قضاؤه الذي قضى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ إلى أجل مسمى ﴾ قال : الموت.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ ويؤت كل ذي فضل فضله ﴾ قال : ما احتسب به من ماله أو عمل بيده أو رجله أو كلمة، أو ما تطوع به من أمره كله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ويؤت كل ذي فضل فضله ﴾ أي : في الآخرة.
قال الشيخ الشنقيطي : يبين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا يخفى عليه شيء، وأن السر كالعلانية عنده، فهو عالم بما تنطوي عليه الضمائر وما يعلن وما يسر، والآيات المبينة لهذا كثيرة جدا، كقوله :﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾ وقوله جل وعلا :﴿ واعلموا أن يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ﴾ وقوله :﴿ فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ﴾، وقوله :﴿ وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ﴾ الآية.
قال البخاري : حدثنا الحسن بن محمد بن صباح حدثنا حجّاج قال : قال ابن جريج : أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس يقرأ ﴿ ألا إنهم تثنوني صدورُهم ﴾ قال سألته عنها فقال : أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضون إلى لسماء، فنزل ذلك فيهم.
( صحيح البخاري٨/٣٤٩-ك التفسير-سورة هود، ب ( الآية ) ح٤٦٨١ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ ألا حين يستغشون ثيابهم ﴾ يقول : يغطون رؤوسهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ويعلم مستقرها ﴾ يقول : حيث تأوي ﴿ ومستودعها ﴾ يقول : إذا ماتت.
قال الشيخ الشنقيطي : صرح في هذه الآية الكريمة أنه خلق السماوات والأرض لحكمة ابتلاء الخلق، ولم يخلقهما عبثا ولا باطلا. ونزه نفسه تعالى عن ذلك، وصرح بأن من ظن ذلك فهو من الذين كفروا وهددهم بالنار، قال تعالى :﴿ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للكافرين من النار ﴾ وقال تعالى ﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ﴾ وقال :﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾، وقال :﴿ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ﴾ إلى غير ذلك من الآيات.
وانظر سورة فصلت آية ( ١٢ ) لبيان الستة أيام.
قال البخاري : حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عز وجل : أَنفِق أٌنفق عليك. وقال : يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار. وقال، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض ؟ فإنه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفِض ويرفع ".
( صحيح البخاري٨/٢٠٢-ك التفسير-سورة هود، ب ( الآية ) ح٤٦٨٤ )، وأخرجه مسلم في ( صحيحه٢/٦٩١ ح٣٧-ك الزكاة، ب الحث على النفقة ).
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا جامع بن شداد عن صفوان بن محرز أنه حدثه عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعقلت ناقتي بالباب. فأتاه ناس من بني تميم فقال : اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا : قد بشرتنا فأعطن ا( مرتين ). ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال : اقبلوا البشرى يا أهل اليمن أن لم يقبلها بنو تميم.
قالوا : قد قبلنا يا رسول الله. قالوا : جئنا نسألك عن هذا الأمر. قال : كان الله ولم يكن شيء غيره. وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء. وخلق السموات والأرض. فنادى مناد : ذهبت ناقتك يا ابن الحصين. فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب. فو الله لوددت أني كنت تركتها.
( الصحيح٦/٣٣٠-٣٣١ ح٣١٩١-ك بدء الخلق، ب ما جاء في قوله تعالى ﴿ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده... ﴾.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ وكان عرشه على الماء ﴾ قبل أن يخلق شيئا.
قال الطبري حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس :﴿ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ﴾ قال : إلى أجل محدود.
وسنده حسن.
وانظر سورة الأنعام آية ( ١٠ ) قول السدي، فحاق : وقع...
انظر سورة فصت آية ( ٥٠ ) وسورة الشورى آية ( ٤٨ )، وانظر سورة البقرة آية ( ١٧٧ ) لبيان : ضراء.
انظر سورة العصر آية ( ٢-٣ ).
قال ابن كثير : يقول تعالى مسليا لرسوله صلى الله صلى الله عليه وسلم عما كان يتعنت به المشركون فيما كانوا يقولونه عن الرسول كما أخبر تعالى عنهم في قوله :﴿ وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾ فأمر الله تعالى رسوله صلوات الله وسلامه عليه وأرشده إلى أن لا يضيق بذلك منهم صدره ولا يهيدنه ذلك ولا يثنينه عن دعائهم إلى الله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار كما قال تعالى ﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ﴾ الآية.
انظر حديث ابن عباس الآتي عند الآية ( ٢١٤ ) من سورة الشعراء وهو حديث : " إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ".
انظر سورة البقرة آية ( ٢٣ ) وسورة يونس آية ( ٣٨ ).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ فهل أنتم مسلمون ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
هذه الآية مطلقة وقد قيدتها آية أخرى كما في قوله تعالى ﴿ من كان يريد العاجلة عجلنا فيها ما نشاء لمن نريد ﴾ الإسراء آية : ١٨. فقيد الأمر في هذه الآية تقييدين :
أحدهما : تقييد المعجل بمشيئته تعالى.
والثاني : تقييد المعجل له بإرادته تعالى.
قال الدارمي : أخبرنا عصمة بن الفضل، ثنا حرمي بن عمارة، عن شعبة، عن عمرو بن سليمان، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه قال : خرج زيد بن ثابت من عند مروان بن الحكم بنصف النهار، قال : فقلت ما خرج هذه الساعة من عند مروان إلا وقد سأله عن شيء فأتيته فسألته، قال : نعم سألني عن حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نضّر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه، فأداه إلى من هو أحفظ منه، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. لا يعتقد قلب مسلم على ثلاث خصال إلا دخل الجنة ". قال : قلت : ما هي ؟ قال : " إخلاص العمل، والنصيحة لولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم. ومن كانت الآخرة نيته جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه شمله، وجعل فَرْقَهُ بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ".
( السنن١/٧٥-المقدمة، ب الافتداء بالعلماء ح٢٣٣ )، وأخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان٢/٤٥٤-٤٥٥ ) من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة به. وقال محققه : إسناده صحيح.
وانظر تفسير سورة طه آية ( ١٣٢ ) في حديث عثمان ابن عفان ففيه المزيد من تصحيح النقاد لهذا الحديث.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس ابن مالك في قوله :﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى.
( التفسير-سورة هود/١٥ح١٥٦ ) وأخرجه الطبري ( التفسير١٥/٢٦٥ح٢٣/١٨ ) من طريق همام عن قتادة به. وصحح إسناده محقق ابن أبي حاتم ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ﴾، أي : لا يظلمون.
يقول : من كانت الدنيا همه وسدمه، وطلبته ونيته، جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة، وليس له حسنه يعطى بها جزاء. وأما المؤمن، فيجازى بحسناته في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة ﴿ وهم فيها لا يبخسون ﴾ أي في الآخرة لا يظلمون.
انظر سورة الأعراف آية ( ٨٦ ) وانظر قول الشيخ الشنقيطي في الآية التالية.
قال ابن كثير :﴿ أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء ﴾ أي بل كانوا تحت قهره وغلبته وفي قبضته وسلطانه وهو قادر على الانتقام منهم في الدار الدنيا قبل الآخرة لكن يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار وفي الصحيحين : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ".
قوله تعالى ﴿ يُضاعف لهم العذاب ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : بين تعالى في هذه الآية الكريمة : أن الكفار الذين يصدون الناس عن سبيل الله ويبغونها عوجا، يضاعف لهم العذاب يوم القيامة، لأنهم يعذبون على ضلالهم، ويعذبون أيضا على إضلالهم غيرهم، كما أوضحه تعالى بقوله :﴿ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ﴾. وبين في موضع آخر أن العذاب يضاعف للأتباع والمتبوعين، وهو قوله :﴿ حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ﴾ الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ﴾ صم عن الحق فما يسمعونه، بُكم فما ينطقون، عمي فلا يبصرونه ولا ينتفعون به.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك، وبين طاعته في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فإنه قال :﴿ ما كانوا يستطيعون السمع ﴾، وهي طاعته ﴿ وما كانوا يبصرون ﴾ وأما في الآخرة، فإنه قال :﴿ فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ﴾ سورة القلم : ٤٢-٤٣.
انظر سورة النحل آية ( ٦٢ ) لبيان ﴿ لا جرم ﴾ أي : بلى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله :﴿ وأخبتوا إلى ربهم ﴾ يقول : خافوا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وأخبتوا إلى ربهم ﴾ الإخبات : التخشع والتواضع.
قال الشيخ الشنقيطي : ضرب الله تعالى في هذه الآية الكريمة المثل للكافر بالأعمى والأصم، وضرب المثل للمؤمن بالسميع والبصير، وبين أنهما لا يستويان ولا يستوي الأعمى والبصير، ولا يستوي الأصم والسميع، وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة : قوله :﴿ وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير ﴾.
أخرج الطبري بسند الحسن عن قتادة :﴿ مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع ﴾ الآية، هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن. فأما الكافر فصم عن الحق فلا يسمعه، وعمي عنه فلا يبصره. وأما المؤمن فسمع الحق فانتفع به، وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به.
انظر حديث مسلم عن أنس المتقدم تحت الآية ( ٥٩ ) من سورة الأعراف وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه : " ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله... ".
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ﴾ الآية، أما والله لو استطاع نبي الله صلى الله عليه وسلم لألزمها قومه، ولكن لم يستطع ذلك ولم يملكه.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ جادلتنا ﴾ قال : ماريتنا.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ فلا تبتئس ﴾ قال : لا تحزن.
قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه أوحى إلى نوح لما استعجل قومه نقمة الله بهم وعذابه لهم فدعا عليهم نوح دعوته التي قال الله تعالى مخبرا عنه أنه قال :﴿ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ﴾ ﴿ فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ﴾ فعند ذلك أوحى الله تعالى إليه ﴿ أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ﴾ فلا تحزن عليهم ولا يهمنك أمرهم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ ووحينا ﴾ قال : كما نأمرك.
قال ابن كثير : هذه مواعدة من الله تعالى لنوح عليه السلام إذا جاء أمر الله من الأمطار المتتابعة والهتان الذي لا يقلع ولا يفتر، بل هو كما قال تعالى :﴿ ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وفار التنور ﴾ قال : انبجس الماء منه، آية، أن يركب ومن معه في السفينة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ وفار التنور ﴾، قال : نبع.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر الله جل علا في هذه الآية الكريمة أنه أمر نبيه نوحا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : أن يحمل في سفينته من كل زوجين اثنين، وبين في سورة قد أفلح المؤمنون : أنه أمره أن يسلكهم فيها أي يدخلهم فيها. فدل ذلك على أن فيها بيوتا يدخل فيها الراكبون، وذلك في قوله :﴿ فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين ﴾ ومعنى ( اسلك ) أدخل فيها من كل زوجين اثنين، تقول العرب : سلكت الشيء في الشيء : أدخلته فيه.
وفيه لغة أخرى أسلكته فيه، رباعيا بوزن أفعل، والثلاثية لغة القرآن، كقوله :﴿ فاسلك فيها من كل زوجين ﴾ الآية. وقوله :﴿ اسلك يدك في جيبك ﴾ الآية. وقوله ﴿ كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ﴾ الآية. وقوله :﴿ كذلك نسلكه في قلوب المجرمين ﴾ وقوله ﴿ ما سلككم في سقر ﴾ الآية.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ من كل زوجين اثنين ﴾ قال : ذكر وأنثى، من كل صنف.
قوله تعالى ﴿ وأهلك إلا من سبق عليه القول ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جلا وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه أمر نوحا أن يحمل في السفينة أهله إلا من سبق عليه القول، أي سبق عليه من الله القول بأنه شقي، وأنه هالك مع الكافرين. ولم يبين هنا من سبق عليه القول منهم، ولكنه بين بعد هذا أن الذي سبق عليه القول من أهله هو ابنه وامرأته. قال في ابنه الذي سبق عليه القول :﴿ ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ﴾ -إلى قوله- ﴿ وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ﴾ وقال فيه أيضا :﴿ قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ﴾ الآية. وقال في امرأته :﴿ وضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح -إلى قوله- مع الداخلين ﴾.
قال ابن كثير : يقول تعالى إخبارا عن نوح عليه السلام أنه قال للذين أمر بحملهم معه في السفينة ﴿ اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها ﴾ أي بسم الله يكون جريها على وجه الماء، وبسم الله يكون منتهى سيرها وهو رسوّها... وقال الله تعالى :﴿ فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل ربّ أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ﴾ ولهذا تستحب التسمية في ابتداء الأمور عند الركوب على السفينة وعلى الدابة كما قال تعالى :﴿ والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ﴾ الآية، وجاءت السنة بالحث على ذلك والندب إليه كما سيأتي في سورة الزخرف.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة : أن السفينة تجري بنوح ومن معه في ماء عظيم، أمواجه كالجبال، وبين جريانها هذا في ذلك الماء الهائل في مواضع أخر كقوله :﴿ إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ﴾ وقوله :﴿ ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ولقد تركناها آية فهل من مدكر ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ يا سماء أقلعي ﴾ يقول أمسكي ﴿ وغيض الماء ﴾، يقول ذهب الماء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : كنت عند الحسن فقال ﴿ ونادى نوح ابنه ﴾ لعمر الله ما هو ابنه قال قلت : يا أبا سعيد، يقول :﴿ ونادى نوح ابنه ﴾ وتقول : ليس بابنه قال : أفرأيت قوله :﴿ إنه ليس من أهلك ﴾ ؟ قال : قلت إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك، ولا يختلف أهل الكتاب أنه ابنه قال : إن أهل الكتاب يكذبون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ إنه عمل غير صالح ﴾ يقول : سؤالك عما ليس لك به علم.
قال الطبري حدثنا العباس بن الوليد قال، أخبرني أبي قال، أخبرنا عبد الله بن شوذب قال سمعت داود بن أبي هند يحدث، عن الحسن : أنه أتى على هذه الآية :﴿ اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ﴾ قال : فكان ذلك حين بعث الله عادا، فأرسل إليهم هودا، فصدقه مصدقون، وكذبه مكذبون، حتى جاء أمر الله. فلما جاء أمر الله، نجى الله هودا والذين آمنوا معه وأهلك الله المتمتعين. ثم بعث الله ثمود، فبعث إليهم صالحا، فصدقه مصدقون، وكذبه مكذبون، حتى جاء أمر الله. فلما جاء أمر الله نجى الله صالحا والذين آمنوا معه وأهلك الله المتمتعين. ثم استقرأ الأنبياء نبيا نبيا، على نحو من هذا.
وسنده حسن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ﴾ القرآن، وما كان علم محمد صلى الله عليه سلم وقومه ما صنع نوح وقومه، لولا ما بين الله له في كتابه.
في هذه الآيات قصة عاد مع قومه هود وقد تقدم طرف منها في سورة الأعراف آية ( ٦٥-٧٢ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ إن أجري إلا على الذي فطرني ﴾ أي : خلقني.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ مدرارا ﴾ يقول : يتبع بعضها بعضا.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾، قال شدة إلى شدتكم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ اعتراك بعض آلهتنا بسوء ﴾ قال : أصابك الأوثان بجنون.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ إن ربي على صراط مستقيم ﴾، الحق.
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا أمره الذي جاء الذي نجا منه هودا والذين آمنوا معه عند مجيئه. ولكنه بين في مواضع أخر : أنه الإهلاك المستأصل بالريح العقيم. التي أهلكهم الله بها فقطع دابرهم، كقوله :﴿ وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء إلا جعلته كالرميم ﴾. وقوله :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ﴾ الآية، ﴿ إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ﴾.
وانظر للمزيد عن عاد وقومه هود في سورة الأعراف ( ٦٥-٧١ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ واتبعوا أمر كل جبار عنيد ﴾ المشرك.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾، قال شدة إلى شدتكم.
وانظر للمزيد عن عاد وقومه هود في سورة الأعراف ( ٦٥-٧١ ).
في هذه الآيات قصة صالح عليه السلام مع قومه ثمود وقد تقدم طرف منها في سورة الأعراف آية ( ٧٣-٧٩ ).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله ﴿ واستعمركم فيها ﴾ قال : أعمركم فيها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ﴾ قال : بقية آجالهم.
وفي هذه الآيات قصة إبراهيم وامرأته والملائكة المرسلة إلى لوط وقومه وقد تقدم طرف من قصة لوط وقومه في سورة الأعراف آية( ٨٠-٨٤ )، وسيأتي تفسيرها مفصلا في سورة الحجر من الآية ( ٥١-٧٥ ).
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا المراد بهذه البشرى التي جاءت بها رسل الملائكة إبراهيم ولكنه أشار بعد هذا إلى أنها البشارة بإسحاق ويعقوب :﴿ وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾ لأن البشارة بالذرية الطيبة شاملة للأم والأب، كما يدل لذلك قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ﴾ وقوله :﴿ قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ﴾ وقوله ﴿ قالوا لا توجل إنا نبشركم بغلام عليم ﴾ وقيل : البشرى هي إخبارهم له بأنهم أرسلوا لإهلاك قوم لوط، وعليه فالآيات المبينة لها كقوله هنا في هذه السورة ﴿ قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط ﴾ الآية.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن إبراهيم لما سلّم على رسل الملائكة وكان يظنهم ضيوفا من الآدميين، أسرع إليهم بالإتيان بالقرى وهو لحم عجل حنيذ، -أي منضج بالنار- وأنهم لما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة فقالوا لا تخف وأخبروه بخبرهم. وبين في الذاريات : أنه راغ إلى أهله -أي مال إليهم- فجاء بذلك العجل وبين أنه سمين، وأنه قربه إليهم وعرض عليهم الأكل برفق فقال لهم ﴿ ألا تأكلون ﴾ وأنه أوجس منهم خيفة وذلك في قوله :﴿ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين، إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون، فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين، فقربه إليهم قال ألا تأكلون، فأوجس منهم خيفة ﴾ الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ بعجل حنيذ ﴾، يقول : نضيج.
قال ابن كثير :﴿ فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾ أي بولد لها يكون له ولد وعقب ونسل فإن يعقوب ولد إسحاق كما قال في آية البقرة ﴿ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ﴾.
قال الطبري حدثنا عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا محمد بن أبي عدي قال : حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي في قوله ﴿ فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾ قال : ولد الولد هو الوراء.
وسنده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ الروع ﴾ الفرق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ فلما ذهب عن إبراهيم الروع ﴾ قال : ذهب عنه الخوف.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وجاءته البشرى ﴾ قال : حين أخبروه أنهم أرسلوا إلى قوم لوط، وأنهم ليسوا إياه يريدون.
قوله تعالى :﴿ وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا ما جادل به إبراهيم الملائكة في قوم لوط، ولكنه أشار إليه في العنكبوت بقوله :﴿ قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إنّ أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته ﴾ الآية. فحاصل جداله لهم أنه يقول : إن أهلكتم القرية وفيها أحدا من المؤمنين أهلكتم ذلك المؤمن بغير ذنب، فأجابوه عن هذا بقولهم :﴿ نحن أعلم بمن فيها ﴾ الآية. ونظير ذلك قوله :﴿ فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ﴾.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ يجادلنا ﴾ يخاصمنا.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن لوطا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما جاءته رسل ربه من الملائكة حصلت له بسبب مجيئهم مساءة عظيمة ضاق صدره بها، وأشار في مواضع متعددة إلى أن سبب مساءته وكونه ضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب أنه ظن أنهم ضيوف من بني آدم كما ظنه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام. وظن أن قومه ينتهكون حرمة ضيوفه فيفعلون بهم فاحشة اللواط، لأنهم إن علموا بقدوم ضيف فرحوا واستبشروا ليفعلوا به الفاحشة المذكورة -فمن ذلك قوله هنا ﴿ وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد قالوا لقد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ﴾ وقوله في الحجر :﴿ وجاء أهل المدينة يتبشرون قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أو لم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ وقال هذا يوم عصيب ﴾ أي : يوم شديد.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن نبيه لوطا وعظ قومه ونهاهم أن يفضحوه في ضيفه، وعرض عليهم النساء وترك الرجال، فلم يلتفتوا إلى قوله، وتمادوا فيما هم فيه من إرادة الفاحشة فقال لوط :﴿ لو أن لي بكم قوة ﴾ الآية. فأخبرته الملائكة بأنهم رسل ربه، وأن الكفار الخبثاء لا يصلون إليه بسوء، وبين في القمر أنه تعالى طمس أعينهم، وذلك في قوله :﴿ ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ﴾
قال : أمرهم لوط بتزويج النساء، وقال :﴿ هن أطهر لكم ﴾.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ قال يا قوم هؤلاء هن أطهر لكم ﴾ يرشدهم إلى نساءهم فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة كما قال لهم في الآية الأخرى :﴿ أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ﴾.
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ابن أخي جويرية، حدثنا جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثتُ في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته ".
( صحيح البخاري٦/٤٨١-٤٨٢-ك أحاديث الأنبياء، ب قول الله تعالى ﴿ لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين ﴾ ح/٣٣٨٧ )، وأخرجه مسلم في ( صحيحه-ك الأنبياء، ب زيادة طمأنينة القلب١/١٣٣ح١٥١ ).
وانظر سورة يوسف آية ( ٥٠ ) حديث الترمذي عن أبي هريرة.
أخرج الطبري بسند الحسن عن السدي : قال لوط :﴿ لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ﴾ يقول : إلى جند شديد، لقاتلتكم.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أنه أمر نبيه لوطا يسري بأهله بقطع من الليل، ولم يبين هنا هل هو من آخر الليل، أو وسطه أو أوله، ولكنه بين في القمر أن ذلك من آخر الليل وقت السحر، وذلك في قوله :﴿ إلا آل لوط نجيناهم بسحر ﴾. ولم يبين هنا أنه أمره أن يكون من ورائهم وهم أمامه، ولكنه بين ذلك في الحجر :﴿ فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تأمرون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ بقطع من الليل ﴾ قال : بطائفة من الليل.
قوله تعالى ﴿ إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن موعد إهلاك قوم لوط وقت الصبح من تلك الليلة، وكذلك قال في الحجر :﴿ وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ﴾ وزاد في الحجر أن صيحة العذاب وقعت عليهم وقت الإشراق وهو وقت طلوع الشمس بقوله :﴿ فأخذتهم الصيحة مشرقين ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : اختلف العلماء في المراد بحجارة السجيل اختلافا كثيرا، والظاهر أنها حجارة من طين في غاية الشدة والقوة. والدليل على أن المراد بالسجيل : الطين. قوله تعالى في الذاريات في القصة بعينها :﴿ لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين ﴾ وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
وانظر سورة الحجر من الآية ( ٥١ ) إلى الآية ( ٧٧ ) في قصة قوم لوط.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ من سجيل ﴾ بالفارسية، أولها حجر، وآخرها طين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ منضود ﴾ يقول : مصفوفة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : وما هي من الظالمين ببعيد }،
قال يرهب بها من يشاء.
في هذه الآيات قصة شعيب مع قوم مدين وقد تقدم طرف منها في سورة الأعراف آية( ٨٥-٩٣ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ إني أراكم بخير ﴾ قال : يعني خير الدنيا وزينتها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله ﴿ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾ قال : لا تسيروا في الأرض.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ﴾ حظكم من ربكم خير لكم.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ وإليه أنيب ﴾ قال : أرجع.
قوله :﴿ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن نبيه شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، أنه أخبر قومه : أنه إذا نهاهم عن شيء انتهى هو عنه وأن فعله لا يخالف قوله. ويفهم من هذه الآية الكريمة أن الإنسان يجب عليه أن يكون منتهيا عما ينهى عنه غيره، مؤتمرا بما يأمر به غيره، وقد بين تعالى ذلك في مواضع أخر، كقوله :﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ﴾ الآية. وقوله ﴿ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب، بعهد نوح وثمود.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ واتخذتموه وراءكم ظهريا ﴾ قال قفا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ واتخذتموه وراءكم ظهريا ﴾، قال : هم رهط شعيب، بتركهم ما جاء به وراء ظهورهم، ظهريا.
انظر سورة الأنعام آية ( ١٣٥ ) تفسير ابن عباس.
قال ابن كثير : قال الله تعالى ﴿ ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ﴾ وقوله جاثمين أي هامدين لا حراك بهم، وذكر ههنا أنه أتتهم صيحة، وفي الأعراف رجفة وفي الشعراء عذاب يوم الظلة وهم أمة واحدة اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلها، وإنما ذكر في كل سياق ما يناسبه ففي الأعراف لما قالوا ﴿ لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ﴾ ناسب أن يذكر الرجفة فرجفت بهم الأرض التي ظلموا بها وأرادوا إخراج نبيهم منها، وههنا لما أساءوا الأدب في مقالتهم على نبيهم ذكر الصيحة التي أسكتتهم وأخمدتهم، وفي الشعراء لما قالوا :﴿ فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين ﴾ قال ﴿ فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ﴾.
انظر سورة الأعراف : آية( ١٣٠-١٣٣ ) لبيان الآيات التي أيد الله تعالى بها موسى عليه الصلاة والسلام.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ يقدم قومه يوم القيامة ﴾ قال : فرعون، يقدم قومه يوم القيامة يمضي بين أيديهم، حتى يهجم بهم على النار.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة ﴾ قال : زيدوا بلعنته لعنة أخرى، فتلك لعنتان.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ بئس الرفد المرفود ﴾ قال : لعنة الدنيا والآخرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ منها قائم ﴾ يرى مكانه ﴿ وحصيد ﴾ لا يرى له أثر.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ غير تتبيب ﴾ قال : تخسير.
( صحيح مسلم٤/١٩٩٧-١٩٩٨-ك البر والصلة والآداب، ب تحريم الظلم ح/٢٥٨٣ )، وأخرجه البخاري في( صحيحه في-ك التفسير- سورة هود ﴿ وكذلك أخذ ربك ﴾ ٤٦٨٦ح ).
قال ابن كثير : يقول تعالى إن في إهلاكنا الكافرين ونصرة الأنبياء وإنجائنا المؤمنين ﴿ لآية ﴾ أي عظة واعتبارا على صدق موعودنا في الآخرة ﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾ وقال تعالى ﴿ فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ﴾ الآية، وقوله ﴿ ذلك يوم مجموع له الناس ﴾ فلا يبقى منهم أحد أي أولهم وآخرهم كقوله :﴿ وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ﴾
قال الترمذي : حدثنا بُندار، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا سليمان ابن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب قال : لما نزلت هذه الآية :﴿ فمنهم شقي وسعيد ﴾ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا نبي الله فعلى ما نعمل ؟ على شيء قد فُرغ منه، أو على شيء لم يُفرغ منه ؟ قال : " بل على شيء قد فُرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كل مُيسر لما خُلق له ".
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عمر. ( السنن٥/٢٨٩ح٣١١١-ك التفسير، ب سورة هود )، وصححه الألباني ( صحيح سنن الترمذي ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ لهم فيها زفير وشهيق ﴾، يقول : صوت شديد، وصوت ضعيف.
قال الشيخ الشنقيطي : قيد تعالى خلود أهل الجنة وأهل النار بالمشيئة. فقال في كل منهما :﴿ إلا ما شاء ربك ﴾ ثم بين عدم الانقطاع في كل منهما، فقال في خلود أهل الجنة :﴿ عطاء غير مجذوذ ﴾ وقال ﴿ إن هذا لرزقنا ما له من نفاذ ﴾ وقال في خلود أهل النار :﴿ كلما خبث زدناهم سعيرا ﴾. ومعلوم أن ( كلما ) تقتضي التكرار بتكرار الفعل الذي بعدها.
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو صالح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يُؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد : يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه. ثم ينادي يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه فيذبح. ثم يقول يا أهل الجنة : خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ :﴿ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة ﴾ وهؤلاء في غفلة أهل الدنيا وهم لا يؤمنون ".
( الصحيح-التفسير، ب وأنذرهم يوم الحسرة ح٤٧٣٠ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ عطاء غير مجذوذ ﴾ يقول : عطاء غير مقطوع.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ﴾ يعني الركون إلى الشرك.
قال البخاري : حدثنا مسدّد، حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه : أن رجلا أصاب من امرأة قُبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزلت عليه ﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفا من الليل إن الحسنات يُذهبن السيئآت ذلك ذكرى للذاكرين ﴾ قال الرجل : ألي هذه ؟ قال : " لمن عمل بها من أمتي ".
( صحيح البخاري٨/٢٠٦-ك التفسير-سورة هود، ب الآية )ح/٤٦٨٧ )، ( وصحيح مسلم٤/٢١١٥-٢١١٦-ك التوبة، ب قوله تعالى( الآية ).
وقال : حدثنا إبراهيم بن حمزة قال : حدثني ابن أبي حازم والدراوردي عن يزيد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقول ذلك يُبقى من درنه ؟ قالوا : لا يُبقي من درنه شيئا. قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله به الخطايا ".
( صحيح البخاري٢/١٤-١٥-ك مواقيت الصلاة، ب الصلوات الخمس كفارة ح/٥٢٨ )، ( وصحيح مسلم٤/٢١١٥-٢١١٦ ح٢٧٦٣-ك التوبة، ب قوله تعالى ( الآية ).
قال البخاري حدثنا هدبة بن خالد قال : حدثنا همام، حدثني أبو جمرة، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال : " من صلّى البردين دخل الجنة ".
( صحيح البخاري٢/٦٣-ك مواقيت الصلاة، ب فضل صلاة الفجر ح٥٧٤ )، وأخرجه مسلم في ( صحيحه١/٤٤٠-ك المساجد، ب فضل صلاتي الصبح والعصر... ح٦٣٥ )من طريق البخاري نفسه، ولكن عنده : هداب بن خالد بدل : هدبة ).
قال مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حُجر، كلهم عن إسماعيل. قال ابن أيوب : حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء بن عبد الرحمان بن يعقوب مولى الحُرقة، عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الصلاة الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن، ما لم تُغْشَ الكبائر ".
( الصحيح١/٢٠٩ ح٢٣٣ك الطهارة-ب الصلوات الخمس... مكفرات لما بينهن... ).
قال مسلم : حدثنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أصبتُ حدا فأقمه عليّ. قال : وحضرت الصلاة فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال : يا رسول الله ! إني أصبت حدا فأقم فيّ كتاب الله. قال : " هل حضرت الصلاة معنا ؟ " قال نعم. " قال : " قد غُفر لك ".
( الصحيح٤/٢١١٧ ح٢٧٦٤-ك التوبة، ب قوله تعالى ﴿ إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾ ).
قال أحمد : ثنا علي بن إسحاق قال : أنا عبد الله -يعني ابن المبارك- قال : أنا ابن لهيعة قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب قال : ثنا أبو الخير أنه سمع عقبة بن عامر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد خنقته ثم عمل حسنة فانفكت حلقة ثم عمل حسنة أخرى فانفكت حلقة أخرى حتى يخرج إلى الأرض ".
( المسند٤/١٤٥ ). وعزاه الهيثمي إلى أحمد والطبراني وقال : وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد١٠/٢٠١-٢٠٢ ). وقال الألباني : حسن ( صحيح الجامع ح٢١٨٨ ).
قال أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمان المقري، حدثنا حيوة أنبأنا أبو عقيل أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول : جلس عثمان يوما وجلسنا معه، فجاء المؤذن، فدعا بماء في إناء، أظنه سيكون فيه مدّ، فتوضأ ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ثم قال : " ومن توضأ وضوئي ثم قام فصلى صلاة الظهر غُفر له ما كان بينها وبين الصبح، ثم صلى العصر غُفر له ما بينها وبين صلاة الظهر، ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين صلاة العصر، ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين صلاة المغرب، ثم لعله أن يبيت يتمرغ ليلته، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غُفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهنّ الحسنات يُذهبن السيئات، قالوا هذه الحسنات فما الباقيات يا عثمان ؟ قال : هن لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
( المسند١/٣٨٢ح٥١٣ ) قال محققه : إسناده صحيح، وأخرجه ابن جرير ( التفسير١٥/٥١١-٥١٢ح١٨٦٦٢ ). وذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد١/٢٩٧ ) وقال : رجاله رجال الصحيح غير الحارث مولى عثمان، وهو ثقة. وصحح السيوطي إسناده في ( الدر٤/٣٥٣ )، وقال الشيخ محمود شاكر في حاشية الطبري : صحيح الإسناد، وحسنه محققو المسند بإشراف أ. د. عبد الله التركي١/٥٣٧ح٥١٣ ).
قال ابن ماجة : حدثنا محمد بن رمح، أنبأنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سفيان بن عبد الله، ( أظنه )عن عاصم بن سفيان الثقفي، أنهم غزوا غزوة السلاسل، ففاتهم الغزو. فرابطوا ثم رجعوا إلى معاوية وعنده أبو أيوب وعقبة ابن عامر. فقال عاصم : يا أبا أيوب ! فاتنا الغزو العام. وقد أًخبرنا أنه من صلّى في المساجد الأربعة، غُفر له ذنبه. فقال : يا ابن أخي ! أدُلّك على أيسر من ذلك. إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من توضأ كما أُمر، وصلّى كما أمر، غُفر له ما تقدم من عمل ". أكذلك يا عقبة ؟ قال ؟ نعم.
( السنن١/٤٤٧-إقامة الصلاة والسنة فيها، ب ما جاء أن الصلاة كفارة ح١٣٩٦ )، أخرجه أحمد ( المسند٥/٤٢٣ )، والنسائي ( السنن١/٩٠-٩١ )، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان/٣/٣١٧ح١٠٤٢ ) والدارمي. وقال الألباني : حسن، وانظر ( تحفة االأشراف٣/٩٠، ١٩ ) وانظر( صحيح الترغيب١/٨٥ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله :﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار ﴾، يقول : صلاة الغداة، وصلاة المغرب.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله ﴿ وزلفا من الليل ﴾ قال الساعات من الليل، صلاة العتمة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وزلفا من الليل ﴾ قال : يعني صلاة المغرب وصلاة العشاء.
قال الطبري : وأولى التأويلين بالصواب في ذلك، قول من قال في ذلك : " هن الصلوات الخمس "، لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترها عنه أنه قال : " مثل الصلوات الخمس مثل نهر جار على باب أحدكم، ينغمس فيه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقين من درنه "، وأن ذلك في سياق أمر الله بإقامة الصلوات، والوعد على إقامتها الجزيل من الثواب عقيبها، وأولى من الوعد على ما لم يجر له ذكر من صالحات سائر الأعمال، إذا خص بالقصد بذلك بعض دون بعض.
قال ابن كثير : ثم أخبر تعالى أنه لم يهلك قرية إلا وهي ظالمة لنفسها ولم يأت قرية مصلحة بأسه وعذابه قط حتى يكونوا هم الظالمين كما قال تعالى :﴿ وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم ﴾ وقال :﴿ وما ربك بظلام للعبيد ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم ﴾، أي : لم يكن من قبلكم من ينهى عن الفساد في الأرض ﴿ إلا قليلا ممن أنجينا منهم ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه ﴾ من دنياهم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :﴿ واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركوا الحق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ﴾ يقول : لجعلهم مسلمين كلهم.
قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة من إيمان أو كفران كما قال تعالى :﴿ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ ولا يزالون مختلفين ﴾، قال : أهل الباطل ﴿ إلا من رحم ربك ﴾، قال : أهل الحق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ﴾، فأهل رحمة الله أهل جماعة، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم. وأهل معصيته أهل فرقة، وإن اجتمعت دورهم وأبدانهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ولذلك خلقهم ﴾ قال : خلقهم فريقين، فريقا يرحم فلا يختلف، وفريقا لا يرحم يختلف، وذلك قوله :﴿ فمنهم شقي وسعيد ﴾ سورة هود : ١٠٥.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ولذلك خلقهم ﴾ قال : للرحمة خلقهم.
قوله تعالى ﴿ وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾.
قال البخاري : حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اختصمت الجنة والنار إلى ربهما، فقالت الجنة : يا رب ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم، وقالت النار يعني : أوثرت بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة : أنتِ رحمتي، وقال للنار : أنتِ عذابي، أصيبُ بكِ من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها، قال فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحدا وإنه ينشئ للنار من يشاء فيلقون فيها فتقول : هل من مزيد. ثلاثا، حتى يضع فيها قدمه فتمتلئ ويرد بعضها إلى بعض وتقول : قط قط قط ".
( الصحيح١٣/٤٤٣-٤٤٤ح٧٤٤٩-ك التوحيد، ب ما جاء في قول الله تعالى ﴿ إن رحمة الله قريب من المحسنين ﴾ )، وأخرج مسلم ( الصحيح-ك الجنة، ب النار يدخلها الجبارون... ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : قوله :﴿ وجاءك في هذه الحق ﴾ وجاءك في هذه السورة.
وانظر سورة الفرقان آية ( ٣٢ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ﴾ يقول : لجعلهم مسلمين كلهم.
قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة من إيمان أو كفران كما قال تعالى :﴿ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ ولا يزالون مختلفين ﴾، قال : أهل الباطل ﴿ إلا من رحم ربك ﴾، قال : أهل الحق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ﴾، فأهل رحمة الله أهل جماعة، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم. وأهل معصيته أهل فرقة، وإن اجتمعت دورهم وأبدانهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ولذلك خلقهم ﴾ قال : خلقهم فريقين، فريقا يرحم فلا يختلف، وفريقا لا يرحم يختلف، وذلك قوله :﴿ فمنهم شقي وسعيد ﴾ سورة هود : ١٠٥.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ولذلك خلقهم ﴾ قال : للرحمة خلقهم.
قوله تعالى ﴿ وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾.
قال البخاري : حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" اختصمت الجنة والنار إلى ربهما، فقالت الجنة : يا رب ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم، وقالت النار يعني : أوثرت بالمتكبرين، فقال الله تعالى للجنة : أنتِ رحمتي، وقال للنار : أنتِ عذابي، أصيبُ بكِ من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها، قال فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحدا وإنه ينشئ للنار من يشاء فيلقون فيها فتقول : هل من مزيد. ثلاثا، حتى يضع فيها قدمه فتمتلئ ويرد بعضها إلى بعض وتقول : قط قط قط ".
( الصحيح١٣/٤٤٣-٤٤٤ح٧٤٤٩-ك التوحيد، ب ما جاء في قول الله تعالى ﴿ إن رحمة الله قريب من المحسنين ﴾ )، وأخرج مسلم ( الصحيح-ك الجنة، ب النار يدخلها الجبارون... ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : قوله :﴿ وجاءك في هذه الحق ﴾ وجاءك في هذه السورة.
وانظر سورة الفرقان آية ( ٣٢ ).
انظر سورة الأنعام آية ( ١٣٥ ).
انظر قول ابن كثير في تفسير سورة يونس آية ( ٢٠ ).