تفسير سورة الزخرف

غريب القرآن لابن قتيبة
تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة .
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة الزخرف
مكية كلها
٤- وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ أي في اصل الكتب عند الله.
٥- أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أي نمسك عنكم فلا نذكركم صفحا، اي إعراضا. يقال: صفحت عن فلان، إذا أعرضت عنه.
والأصل في ذلك: انك توليه صفحة عنقك. قال كثير يصف امرأة:
صفوحا فما تلقاك إلا بحيلة فمن مل منها ذلك الوصل ملت
أي معرضة بوجهها.
ويقال: ضربت عن فلان كذا، أي أمسكته وأضربت عنه.
أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ أي لأن كنتم قوما مسرفين.
١٣- وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ اي مطيقين. يقال: انا مقرن لك، اي مطيق لك.
ويقال: هو من قولهم: انا قرن لفلان، إذا كنت مثله في الشدة.
وإن فتحت. فقلت: انا قرن لفلان. - أردت: انا مثله في السن.
١٥- وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً أي نصيبا.
ويقال: شبها ومثلا، إذ عبدوا الملائكة والجن.
وقال ابو إسحاق [الزجاج] :«إن معنى (جزأ) هاهنا: بنات. يقال:
له جزء من عيال، اي بنات»
.
قال: «وانشدني بعض اهل اللغة بيتا يدل على ان معنى «جزء» معنى «إناث» - قال: ولا ادري: البيت قديم؟ أم مصنوع؟ -:
إن أجزأت حرة يوما، فلا عجب قد تجزي الحرة المذكار أحيانا
فمعنى «إن أجزأت» أي آنثت، اي أتت بأنثى».
وقال المفضل بن سلمة: «حكي لي بعض اهل اللغة: أجزأ الرجل، إذا كان يولد له بنات. وأجزأت المرأة: إذا ولدت البنات». وانشد المفضل:
زوجتها من بنات الأوس مجزئة للعوسج اللدن في أبياتها زجل
١٧-[وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا يريد] : جعلتهم البنات لله: وأنتم إذا ولد لأحدكم بنت، ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا، وَهُوَ كَظِيمٌ أي حزين؟!.
١٨- أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ؟ اي ربي في الحلي، يعني: البنات.
والْخِصامِ: جمع «خصيم». ويكون مصدرا ل «خاصمت».
غَيْرُ مُبِينٍ للحجة.
١٩- وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً اي عبيده يقال: عبد وعبيد وعباد «١».
٢٢
و٢٣- إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ أي على دين واحد.
(١) أخرج ابن المنذر عن قتادة قال: قال ناس من المنافقين إن الله صاهر الجن فخرجت من بينهم الملائكة فنزل فيهم: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً. [.....]
٢٨- وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ يعني: «لا إله إلا الله».
٣٣- وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً اي كفارا كلهم.
والْمَعارِجِ: الدرج. يقال: عرج، اي صعد. ومنه «المعراج»، كأنه سبب إلى السماء او طريق.
عَلَيْها يَظْهَرُونَ أي يعلون. يقال: ظهرت على البيت، إذا علوت سطحه.
٣٥- (والزخرف) : الذهب.
٣٦- وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ اي يظلم بصره. هذا قول ابي عبيدة «١».
قال الفراء: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ اي يعرض عنه. ومن قرأ: وَمَنْ يَعْشُ بنصب الشين أراد: [من] يعم عنه. وقال في موضع آخر: الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي [سورة الكهف آية ١٠١].
ولا أرى القول إلا قول أبي عبيدة. ولم ار أحدا يجيز «عشوت عن الشيء» : أعرضت عنه، إنما يقال: «تعاشيت عن كذا»، اي تغافلت عنه، كأني لم أره. ومثله: «تعاميت».
والعرب تقول: «عشوت الى النار» : إذا استدللت إليها ببصر ضعيف «٢» قال الخطيئة:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار، عندها خير موقد
(١) قال الطبري: ومن يعرض عن ذكر الله ولا ينظر في حججه إلّا نظرا ضعيفا كنظر من عشي بصره فنجعل له شيطانا.
(٢) كما قاله ابن عباس وعكرمة.
ومنه حديث ابن المسيب: «ان إحدى عينيه ذهبت، وهو يعشو بالأخرى»، اي يبصر بها بصرا ضعيفا.
٤٤- وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ اي شرف لكم، يعني القرآن وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ عن الشكر عليه.
٤٥- وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أي سل من أرسلنا إليه رسولا- من رسلنا- قبلك، يعني: اهل الكتاب.
٥٢- أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ قال ابو عبيدة: «أراد:
بل انا خير»
.
وقال الفراء: «أخبرني بعض المشيخة: أنه بلغه القراء قرأ: اما أنا خير. وقال لي هذا الشيخ: لو حفظت الأثر لقرأت به، وهو جيد في المعنى».
٥٥- فَلَمَّا آسَفُونا اي أغضبونا. و «الأسف» : الغضب.
يقال: اسفت آسف أسفا، اي غضبت.
٥٦- فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً: قوما تقدموا، وَمَثَلًا: عبرة.
وقرأها الأعرج: سلفا، كأن واحدته: «سلفة» [اي عصبة وفرقة متقدمة] من الناس، مثل القطعة. تقول: تقدمت سلفة من الناس.
وقرئت: سَلَفاً، كما قيل: خشب وخشب، وثمر وثمر. ويقال:
هو جمع «سليف». وكله من التقدم.
٥٧- إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ: يضجون. يقال: صددت أصدّ صدّا، إذا ضججت.
و «التّصدية» منه، وهو: التصفيق. والياء فيه مبدلة من دال، كأن الأصل فيه: «صددت» بثلاث دالات، فقبلت الأخرى ياء، فقالوا:
«صديت» كما قالوا: قصيت اظفاري، والأصل: قصصت.
ومن قرأ: يصدون، أراد: يعدلون ويعرضون.
٦١- وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ أي نزول المسيح- عليه السلام- يعلم به قرب الساعة ومن قرأ: لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فإنه يعني العلامة والدليل.
٧٠- تُحْبَرُونَ اي تسرون. و «الحبرة» : السرور.
٧١- (الأكواب) : الأباريق لا عرى لها، ويقال: ولا خراطيم.
واحدها: «كوب».
٧٥- وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ اي يائسون من رحمة الله.
٧٩- أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً اي أحكموه.
٨١- قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ، فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أي: أول من عبده بالتوحيد.
ويقال: أَوَّلُ الْعابِدِينَ: أول الآنفين الغضاب. يقال: عبدت من كذا أعبد عبدا، فأنا عبد وعابد. قال الشاعر:
وأعبد ان تهجي تميم بدارم أي: آنف.
٨٩- فَاصْفَحْ عَنْهُمْ اي اعرض عنهم.
Icon