تفسير سورة الغاشية

تفسير الماوردي
تفسير سورة سورة الغاشية من كتاب النكت والعيون المعروف بـتفسير الماوردي .
لمؤلفه الماوردي . المتوفي سنة 450 هـ
سورة الغاشية
مكية عند جميعهم
بسم الله الرحمان الرحيم

﴿هل أتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع﴾ قوله تعالى ﴿هلْ أتاكَ حديثُ الغاشِيةِ﴾ فيها قولان: أحدهما أنها القيامة تغشى الناس بالأهوال، قاله ابن عباس والضحاك. الثاني: أنها النار تغشى وجوه الكفار، قاله ابن جبير. ويحتمل ثالثاً: أنها في هذا الموضع النفخة الثانية للبعث لأنها تغشى جميع الخلق. و (هل) فيها وجهان: أحدهما: أنها في موضع قد، وتقدير الكلام قد أتاك حديث الغاشية، قاله قطرب. الثاني: أنها خرجت مخرج الاستفهام لرسوله، ومعناه ألم يكن قد أتاك حديث الغاشية، فقد أتاك، وهو معنى قول الكلبي. ﴿وُجوهٌ يومئذٍ خاشِعَةٌ﴾ في الوجوه ها هنا قولان: أحدهما: عنى وجوه الكفار كلهم، قاله يحيى بن سلام.
257
الثاني: أنها وجوه اليهود والنصارى، قاله ابن عباس. وفي قوله (يومئذٍ) وجهان: أحدهما: يعني يوم القيامة، قاله سعيد بن جبير. الثاني: في النار، قاله قتادة. (خاشعة) فيه وجهان: أحدهما: يعني ذليلة بمعاصيها، قاله قتادة. الثاني: أنها تخشع بعد ذل من عذاب الله فلا تتنعم، قاله سعيد بن جبير. ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن تكون خاشعة لتظاهرها بطاعته بعد اعترافها بمعصيته. ﴿عامِلةٌ نَّاصِبَةٌ﴾ في (عاملة) وجهان: أحدهما: في الدنيا عاملة بالمعاصي، قاله عكرمة. الثاني: أنها تكبرت في الدنيا عن طاعة الله تعالى، فأعملها في النار بالانتقال من عذاب إلى عذاب، قاله قتادة. ويحتمل وجهاً ثالثاً: أي باذلة للعمل بطاعته إن ردّت. وفي قوله (ناصبة) وجهان: أحدهما: ناصبة في أعمال المعاصي. الثاني: ناصبة في النار، قاله قتادة. ويحتمل وجهاً ثالثاً: أي ناصبة بين يديه تعالى مستجيرة بعفوه. ﴿تَصْلَى ناراً حاميةً﴾ فإن قيل فما معنى صفتها بالحماء وهي لا تكون إلا حامية وهو أقل أحوالها، فما وجه المبالغة بهذه الصفة الناقصة؟ قيل قد اختلف في المراد بالحامية ها هنا على أربعة أوجه: أحدها: أن المراد بذلك أنها دائمة الحمى وليست كنار الدنيا التي ينقطع حميها بانطفائها. الثاني: أن المراد بالحامية أنها حمى يمنع من ارتكاب المحظورات وانتهاك
258
المحارم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه، ومن يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه). الثالث: معناه أنها تحمي نفسها عن أن تطاق ملامستها أو ترام مماستها كما يحي الأسد عرينه، ومثله قول النابغة:
(تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحامي.)
الرابع: أنها حامية مما غيظ وغضب، مبالغة في شدة الانتقام، وقد بيّن الله ذلك بقوله ﴿تكاد تميّز من الغيظ﴾. ﴿تُسْقَى مِن عَيْنٍ آنِيةٍ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: قاله ابن زيد. الثاني: حاضرة. الثالث: قد بلغت إناها وحان شربها، قاله مجاهد. الرابع: يعني قد أنى حرها فانتهى واشتد، قاله ابن عباس. ﴿ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ﴾ فيه ستة أقاويل: أحدها: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق، كثيرة الشوك، قاله ابن عباس، قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع، قال الشاعر:
(رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعاً نازعته النحائص)
الثاني: السّلم، قال أبو الجوزاء: كيف يسمن من يأكل الشوك. الثالث: أنها الحجارة، قاله ابن جبير.
259
الرابع: أنه النوى المحرق، حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب. الخامس: أنه شجر من نار، قاله ابن زيد. السادس: أن الضريع بمعنى المضروع، أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه، قاله ابن بحر.
260
﴿ وُجوهٌ يومئذٍ خاشِعَةٌ ﴾ في الوجوه ها هنا قولان :
أحدهما : عنى وجوه الكفار كلهم، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : أنها وجوه اليهود والنصارى، قاله ابن عباس.
وفي قوله " يومئذٍ " وجهان :
أحدهما : يعني يوم القيامة، قاله سعيد بن جبير.
الثاني : في النار، قاله قتادة.
" خاشعة " فيه وجهان :
أحدهما : يعني ذليلة بمعاصيها، قاله قتادة.
الثاني : أنها تخشع بعد ذل من عذاب الله فلا تتنعم، قاله سعيد بن جبير.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن تكون خاشعة لتظاهرها بطاعته بعد اعترافها بمعصيته.
﴿ عامِلةٌ نَّاصِبَةٌ ﴾ في " عاملة " وجهان :
أحدهما : في الدنيا عاملة بالمعاصي، قاله عكرمة.
الثاني : أنها تكبرت في الدنيا عن طاعة الله تعالى، فأعملها في النار بالانتقال من عذاب إلى عذاب، قاله قتادة.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : أي باذلة للعمل بطاعته إن ردّت.
وفي قوله " ناصبة " وجهان :
أحدهما : ناصبة١ في أعمال المعاصي.
الثاني : ناصبة في النار، قاله قتادة.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : أي ناصبة بين يديه تعالى مستجيرة بعفوه.
١ ناصبة: تعبة، فالنصب هو التعب..
﴿ تَصْلَى ناراً حاميةً ﴾ فإن قيل فما معنى صفتها بالحماء وهي لا تكون إلا حامية وهو أقل أحوالها، فما وجه المبالغة بهذه الصفة الناقصة ؟
قيل قد اختلف في المراد بالحامية ها هنا على أربعة أوجه :
أحدها : أن المراد بذلك أنها دائمة الحمى وليست كنار الدنيا التي ينقطع حميها بانطفائها.
الثاني : أن المراد بالحامية أنها حمى يمنع من ارتكاب المحظورات وانتهاك المحارم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه، ومن يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ".
الثالث : معناه أنها تحمي نفسها عن أن تطاق ملامستها أو ترام مماستها كما يحمى الأسد عرينه، ومثله قول النابغة :
تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحامي١.
الرابع : أنها حامية مما غيظ وغضب، مبالغة في شدة الانتقام، وقد بيّن الله ذلك بقوله ﴿ تكاد تميّز من الغيظ ﴾.
١ في ديوان النابغة: وتتقى مريض المستنفر الحامي. والمستنفر صفة للكلب إذا أدخل ذنبه بين رجليه حتى يلزق ببطنه، وهذه صفة الكلب الذي يحمي الغنم..
﴿ تُسْقَى مِن عَيْنٍ آنِيةٍ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : قاله ابن زيد.
الثاني : حاضرة.
الثالث : قد بلغت إناها وحان شربها، قاله مجاهد.
الرابع : يعني قد أنى حرها فانتهى واشتد، قاله ابن عباس.
﴿ ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ ﴾ فيه ستة أقاويل :
أحدها : أنها شجرة تسميها قريش الشبرق، كثيرة الشوك، قاله ابن عباس، قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع، قال الشاعر١ :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعاً نازعته النحائص٢
الثاني : السّلم٣، قال أبو الجوزاء : كيف يسمن من يأكل الشوك.
الثالث : أنها الحجارة، قاله ابن جبير.
الرابع : أنه النوى المحرق، حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب.
الخامس : أنه شجر من نار، قاله ابن زيد.
السادس : أن الضريع بمعنى المضروع، أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه، قاله ابن بحر.
١ ذكر القرطبي أن البيت لأبي ذؤيب، لكنه ليس في ديوانه..
٢ النحانص جمع نحوص وهي الأتان الوحشية الحائل، وقيل: هي التي في بطنها ولد..
٣ شجر له شوك ينمو في المناطق الصحراوية..
﴿وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة﴾ ﴿في جَنّةٍ عاليةٍ﴾ فيها وجهان: أحدهما: أن الجنة أعلى من النار فسميت لذلك عالية، قاله الضحاك. الثاني: أعالي الجنة وغرقها، لأنها منازل العلو والارتفاع. فعلى هذا في ارتفاعهم فيها وجهان: أحدهما: ليلتذوا بالعو والارتفاع. الثاني: ليشاهدوا ما أعد الله لهم فيها من نعيم. ﴿لا تسْمَعُ فيها لاغيةً﴾ قال الفراء والأخفش: أي لا تسمع فيها كلمة لغو وفي المراد بها سبعة أقاويل: أحدها: يعني كذباً، قاله ابن عباس. الثاني: الإثم، قاله قتادة. الثالث: أنه الشتم، قاله مجاهد. الرابع: الباطل، قاله يحيى بن سلام. الخامس: المعصية، قاله الحسن. السادس: الحلف فلا تسمع في الجنة حالف يمين برة ولا فاجرة، قاله الكلبي.
260
السابع: لا يسمع في كلامهم كلمة تلغى، لأن أهل الجنة لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله على ما رزقهم، قاله الفراء. ﴿فيها سُرُرٌ مرفوعةٌ﴾ والسرر جمع سرير، وهو مشتق من السرور وفي وصفها بأنها مرفوعة ثلاثة أوجه: أحدها: لأن بعضها مرفوع فوق بعض. الثاني: مرفوعة في أنفسهم لجلالتها وحبهم لها، قاله الفراء. الثالث: أنها مرفوعة المكان لارتفاعها وعلوها. فعلى هذا في وصفها بالعلو والارتفاع وجهان: أحدهما: ليلتذ أهلها بارتفاعها، قاله ابن شجرة. الثاني: ليشاهدوا بارتفاعهم ما أُعطوه من مُلك وأُوتوه من نعيم، قاله ابن عيسى. فأما قوله ﴿وأكوابٌ موضوعةٌ﴾ فالأكواب: الأواني، وقد مضى القول في تفسيرها. وفي قوله (موضوعة) وجهان: أحدهما: في أيديهم للاستمتاع بالنظر إليها لأنها من ذهب وفضة. الثاني: يعني أنها مستعملة على الدوام، لاستدامة شربهم منها، قاله المفضل. ﴿ونمارقُ مَصْفوفَةٌ﴾ فيه وجهان: أحدهما: الوسائد، واحدها نمرقة، قاله قتادة. الثاني: المرافق، قاله ابن أبي طلحة، قال الشاعر:
(وريم أحمّ المقلتين محبّب زرابيُّه مبثوثةٌ ونمارِقُه)
﴿وزرابيُّ مْبْثوثةٌ﴾ فيها وجهان: أحدهما: هي البسط الفاخرة، قاله ابن عيسى. الثاني: هي الطنافس المخملة، قاله الكلبي والفراء. وفي (المبثوثة) أربعة أوجه: أحدها: مبسوطة، قاله قتادة. الثاني: بعضها فوق بعض، قاله عكرمة.
261
الثالث: الكثيرة، قاله الفراء. الرابع: المتفرقة، قاله ابن قتيبة.
262
﴿ في جَنّةٍ عاليةٍ ﴾ فيها وجهان :
أحدهما : أن الجنة أعلى من النار فسميت لذلك عالية، قاله الضحاك.
الثاني : أعالي الجنة وغرقها، لأنها منازل العلو والارتفاع.
فعلى هذا في ارتفاعهم فيها وجهان :
أحدهما : ليلتذوا بالعو والارتفاع.
الثاني : ليشاهدوا ما أعد الله لهم فيها من نعيم.
﴿ لا تسْمَعُ فيها لاغيةً ﴾ قال الفراء والأخفش : أي لا تسمع فيها كلمة لغو وفي المراد بها سبعة أقاويل :
أحدها : يعني كذباً، قاله ابن عباس.
الثاني : الإثم، قاله قتادة.
الثالث : أنه الشتم، قاله مجاهد.
الرابع : الباطل، قاله يحيى بن سلام.
الخامس : المعصية، قاله الحسن.
السادس : الحلف فلا تسمع في الجنة حالف يمين برة ولا فاجرة، قاله الكلبي.
السابع : لا يسمع في كلامهم كلمة تلغى، لأن أهل الجنة لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله على ما رزقهم، قاله الفراء١.
١ نقل القرطبي تفسير هذه الآية حرفيا عن المؤلف انظر ٣٣/٢٠ من القرطبي..
﴿ فيها سُرُرٌ مرفوعةٌ ﴾ والسرر جمع سرير، وهو مشتق من السرور وفي وصفها بأنها مرفوعة ثلاثة أوجه :
أحدها : لأن بعضها مرفوع فوق بعض.
الثاني : مرفوعة في أنفسهم لجلالتها وحبهم لها، قاله الفراء.
الثالث : أنها مرفوعة المكان لارتفاعها وعلوها.
فعلى هذا في وصفها بالعلو والارتفاع وجهان :
أحدهما : ليلتذ أهلها بارتفاعها، قاله ابن شجرة.
الثاني : ليشاهدوا بارتفاعهم ما أُعطوه من مُلك وأُوتوه من نعيم، قاله ابن عيسى.
فأما قوله :﴿ وأكوابٌ موضوعةٌ١ فالأكواب : الأواني، وقد مضى القول في تفسيرها.
وفي قوله " موضوعة " وجهان :
أحدهما : في أيديهم للاستمتاع بالنظر إليها لأنها من ذهب وفضة.
الثاني : يعني أنها مستعملة على الدوام، لاستدامة شربهم منها، قاله المفضل.
١ في ك جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى "ونمارق مصفوفة" فوضع كل حسب ترتيب المصحف..
﴿ ونمارقُ مَصْفوفَةٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : الوسائد، واحدها نمرقة، قاله قتادة.
الثاني : المرافق، قاله ابن أبي طلحة، قال الشاعر :
وريم أحمّ المقلتين محبّب زرابيُّه مبثوثةٌ ونمارِقُه
﴿ وزرابيُّ مْبْثوثةٌ ﴾ فيها وجهان :
أحدهما : هي البسط الفاخرة، قاله ابن عيسى.
الثاني : هي الطنافس المخملة، قاله الكلبي والفراء.
وفي " المبثوثة " أربعة أوجه :
أحدها : مبسوطة، قاله قتادة.
الثاني : بعضها فوق بعض، قاله عكرمة.
الثالث : الكثيرة، قاله الفراء.
الرابع : المتفرقة، قاله ابن قتيبة.
﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم﴾ ﴿أفلا يَنظُرونَ إلى الإبلِ كيف خُلِقت﴾ الآيات، وفي ذكره لهذه ثلاثة أوجه: أحدها: ليستدلوا بما فيها من العبر على قدره الله تعالى ووحدانيته. الثاني: ليعلموا بقدرته على هذه الأمور أنه قادر على بعثهم يوم القيامة، قاله يحيى بن سلام. الثالث: أن الله تعالى لما نعت لهم ما في الجنة عجب منه أهل الضلالة، فذكر لهم ذلك مع ما فيه من العجاب ليزول تعجبهم، قاله قتادة. وفي (الإبل) ها هنا وجهان: أحدهما: وهو أظهرهما وأشهرهما: أنها الإبل من النَعَم. الثاني: أنها السحاب، فإن كان المراد بها السحاب فلما فيها من الآيات الدالة على قدرة الله والمنافع العامة لجميع خلقه. وإن كان المراد بها من النَعَم فإن الإبل أجمع للمنافع من سائر الحيوانات، لأن ضروبه أربعة: حلوبة، وركوبة، وأكولة، وحمولة والإبل تجمع هذه الخلال الأربع، فكانت النعمة بها أعم، وظهور القدرة فيها أتم. ثم قال تعالى بعد ذلك (﴿فَذَكِّرْ إنّما أنت مُذكِّر﴾ فيه وجهان: أحدهما: إنما أنت واعظ. الثاني: ذكّرهم النعم ليخافوا النقم.
262
﴿لَسْتَ عليهم بِمُسْيْطِر﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: لست عليهم بمسلط، قاله الضحاك. الثاني: بجبار، قاله ابن عباس. الثالث: برب، قاله الحسن، ومعنى الكلام لست عليهم بمسيطر أن تكرههم على الإيمان. ثم قال: ﴿إلاّ مَن تَولّى وكَفَر﴾ فلست له بمذكر، لأنه لا يقبل تذكيرك، قاله السدي. الثاني: إلا من تولى وكفر فكِلْه غلى الله تعالى، وهذا قبل القتال، ثم أمر بقتالهم، قاله الحسن. وفي) تولَّى وكفر (وجهان: أحدهما: تولى عن الحق وكفر بالنعمة. الثاني: تولى عن الرسول وكفر بالله تعالى، قاله الضحاك. ﴿فيُعذِّبه الله العذَابَ الأكْبَر﴾ يعني جهنم. ويحتمل أن يريد الخلود فيها، لأنه يصير بالاستدامة أكبر من المنقطع. ﴿إنّ إليْنا إيابَهُمْ﴾ أي مرجعهم. ﴿ثم إنّ علينا حِسابَهم﴾ يعني جزاءَهم على أعمالهم، فيكون ذلك جامعاً بين الوعد والوعيد ثواباً على الطاعات وعقاباً على المعاصي.
263
سورة الفجر

بسم الله الرحمن الرحيم

264
ثم قال تعالى بعد ذلك :﴿ فَذَكِّرْ إنّما أنت مُذكِّر ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إنما أنت واعظ.
الثاني : ذكّرهم النعم ليخافوا النقم.
﴿ لَسْتَ عليهم بِمُسْيْطِر ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : لست عليهم بمسلط، قاله الضحاك.
الثاني : بجبار، قاله ابن عباس.
الثالث : برب، قاله الحسن، ومعنى الكلام لست عليهم بمسيطر أن تكرههم على الإيمان.
﴿ إلاّ مَن تَولّى وكَفَر ﴾ فلست له بمذكر، لأنه لا يقبل تذكيرك، قاله السدي.
الثاني : إلا من تولى وكفر فكِلْه إلى الله تعالى، وهذا قبل القتال، ثم أمر بقتالهم، قاله الحسن.
وفي " تولَّى وكفر " وجهان :
أحدهما : تولى عن الحق وكفر بالنعمة.
الثاني : تولى عن الرسول وكفر بالله تعالى، قاله الضحاك.
﴿ فيُعذِّبه الله العذَابَ الأكْبَر ﴾ يعني جهنم.
ويحتمل أن يريد الخلود فيها، لأنه يصير بالاستدامة أكبر من المنقطع.
﴿ إنّ إليْنا إيابَهُمْ ﴾ أي مرجعهم.
﴿ ثم إنّ علينا حِسابَهم ﴾ يعني جزاءَهم على أعمالهم، فيكون ذلك جامعاً بين الوعد والوعيد ثواباً على الطاعات وعقاباً على المعاصي.
Icon