تفسير سورة البلد

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة البلد من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ لا أقسم بهذا البلد وأنت حلّ بهذا البلد ﴾ [ البلد : ١، ٢ ] أي مكة.
إن قلتَ : لم كرّر لفظ البلد ؟
قلتُ : لم يكرّره، إذ التقدير : لا أقسم بهذا البلد المحرّم، الذي جُبلت العرب على تعظيمه وتحريمه ﴿ وأنت حلّ بهذا البلد ﴾ أي أُحِلّ لك فيه من حرماته، ما لم يحلّ لأحد قبلك ولا بعدك، من قتل " ابن خطل " وقتال المشركين ساعة من نهار( ١ )، فالمراد بالبلد الأول الباقي على تحريمه، وبالثاني الذي أُحلّ للنبي صلى الله عليه وسلم إكراما له، وتعظيما لمنزلته.
١ - هذا قول لبعض المفسرين، والأظهر أن المراد بقوله "حِلّ" أي مقيم وساكن فيه، قال البيضاوي: أقسم تعالى بالبلد الحرام، وقيّده بحلوله عليه السلام فيه، إظهارا لمزيد فضله، وإشعارا بأن شرف المكان بشرف أهله، قال ابن عباس: ما خلق الله، وما ذرأ، وما برأ، نفسا أكرم عليه من محمد عليه الصلاة والسلام، وما سمعت الله عز وجل يُقسم بحياة أحد من خلقه إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم، وتلا الآية الكريمة ﴿لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون﴾ وهو قسم بحياة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي سورة البلد تضخيم لجريمة الكفار، في إخراج النبي منها، وأنها من أكبر الكبائر عند الله تعالى..
قوله تعالى :﴿ ووالد وما ولد ﴾ [ البلد : ٣ ] الوالد : آدم، وما ولد : ذرّيته، وقال : " وما " ولم يقل : " ومَنْ " لأن في " ما " من الإبهام ما ليس في " مَنْ " فقُصد بها التفخيم والتعظيم، كأنه تعالى قال : وأيّ شيء عجيب غريب ولدا ؟   ! ونظيره قوله تعالى :﴿ والله أعلم بما وضعت ﴾ [ آل عمران : ٣٦ ].
Icon