تفسير سورة البلد

تفسير المراغي
تفسير سورة سورة البلد من كتاب تفسير المراغي .
لمؤلفه المراغي . المتوفي سنة 1371 هـ
آياتها عشرون
هي مكية، نزلت بعد سورة ق.
ومناسبتها لما قبلها :
( ١ ) أنه ذم في الأولى من أحب المال وأكل التراث ولم يحض على طعام المسكين، وذكر هنا الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة، والإطعام في يوم المسغبة.
( ٢ ) ذكر هناك حال النفس المطمئنة، وذكر هنا ما يكون به الاطمئنان.

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح المفردات : البلد : مكة
الإيضاح :﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ تقدم أن قلنا إن مثل هذا التعبير قسم مؤكد في كلام العرب، وقد أقسم ربنا بمكة التي شرفها فجعلها حرما آمنا، وجعل فيها البيت الحرام مثابة للناس يرجعون إليه ويعاودون زيارته كلما دعاهم إليه الشوق، وجعل فيه الكعبة قبلة لأهل المشرق والمغرب، وأمر بالتوجه إليها في الصلوات التي تكرر كل يوم فقال :﴿ وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ﴾ [ البقرة : ١٤٤ ].
شرح المفردات : حل : أي حال مقيم فيه
﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ أي وأنت مقيم بهذا البلد حالّ فيه، وكأنه سبحانه جعل من أسباب شرف مكة وعظمتها كونه صلى الله عليه وسلم مقيما فيه، ولا شك أن الأمكنة تشرف بشرف ساكنيها، والنازلين بها.
وأتى بهذه الجملة ليفيد أن مكة جليلة القدر في كل حال حتى في الحال التي لم يراع أهلها في معاملتك تلك الحرمة التي خصها الله بها.
وفي هذا إيقاظ وتنبيه لهم من غفلتهم، وتقريع على حط منزلة بلدهم.
شرح المفردات : ووالد وما ولد : أي وأي والد وأي مولود من الإنسان والحيوان والنبات
﴿ ووالد وما ولد ﴾ أي وكل والد وكل مولود من الإنسان وغيره.
وفي القسم بهذا لفت لأنظارنا إلى رفعة قدر هذا الطور من أطوار الوجود وهو طور التوالد، وإلى ما فيه من بالغ الحكمة وإتقان الصنع، وإلى ما يعانيه كل من الوالد والمولود في إبداء النشء، وتبليغ الناشئ وإبلاغه حده من النمو المقدر له.
انظر إلى البذرة في أطوار نموها، كم تعاني من اختلاف الأجواء، ومحاولة امتصاص الغذاء مما حولها من العناصر إلى أن تستقيم شجرة ذات فروع وأغصان، وتستعد لأن تلد بذرة أو بذورا أخرى تعمل عملها، وتزين الوجود بجمال منظرها.
وأمر الإنسان والحيوان في ذلك أعجب وأعظم، والتعب والعناء الذي يلاقيه كل منهما في سبيل حفظ نوعه، واستبقاء جمال الكون بوجوده أشد وأكبر.
شرح المفردات : والكبد : المشقة والتعب، قال لبيد يرثي أخاه أربد :
يا عين هل رأيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد
ثم ذكر المحلوف عليه فقال :
﴿ لقد خلقنا الإنسان في كبد ﴾ أي إنه تعالى جعل حياة الإنسان سلسلة متصلة الجهاد، مبتدئة بالمشقة، منتهية بها ؛ فهو لا يزال يقاسي من ضروبها ما يقاسي منذ نشأته في بطن أمه إلى أن يصير رجلا، وكلما كبر ازدادت أتعابه وآلامه، فهو يحتاج إلى تحصيل أرزاقه وتربية أولاده، وإلى مقارعة الخطوب والنوازل، ومصابرة النفس على الطاعة والخضوع للواحد المعبود. ثم بعد هذا كله يمرض ويموت، ويلاقي في قبره وفي آخرته من المشاق والمتاعب، ما لا يقدر عليه إلا بتيسير الله سبحانه.
والسر في التنبيه إلى أن الإنسان قد خلق في عناء- الرغبة في تسلية رسوله صلى الله عليه وسلم، وحضه على عمل الخير والمثابرة عليه، وألا يعبأ بما يلاقيه من الشدائد والمشاق، وأن ذلك لا يخلو منه إنسان.
إلى ما فيه من تنبيه المغرورين الذين يشعرون بالقوة في أنفسهم، ويظنون أنهم بها يستطيعون مصارعة الأقران، وكأنه يقول لهم : لا تتمادوا في غروركم، ولا تستمروا على صلفكم وكبريائكم، فإن الإنسان لا يخلو من العناء في تصريف شؤونه وشؤون ذويه، ومهما عظمت منزلته، وقويت شكيمته. فهو لا يستطيع الخلاص من مشاق الحياة.
وقد جمع سبحانه بين البلد المعظم والوالد والولد، ليشير إلى أن مكة على ما بها من عمل أهلها ستلد مولودا عظيما يكون إكليلا لمجد النوع الإنساني وشرفه، وهو دين الإسلام الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام ؛ وأن العناء الذي يلاقيه إنما هو العناء الذي يصيب الوالد في تربية ولده، والمولود في بلوغ الغاية في سبيل نموه ؛ إلى ما فيه من الوعد بإتمام نوره ولو كره الكافرون.
شرح المفردات : أيحسب : أي أيظن.
المعنى الجملي : بعد ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم، المغرورين بواسع جاههم، أن يتمادوا في صلفهم وكبريائهم- شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة ؛ ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.
روي أن قوله :﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ نزل في أبي الأشد أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترا بقوته البدنية ؛ وأن قوله :﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ نزل في الحارث بن نوفل وكان يقول : أهلكت مالا لبدا في الكفارات منذ أطعت محمدا.
وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في هؤلاء أم في غيرهم فإن معناها عام كما علمت.
الإيضاح :﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ أي أيظن ذلك المغتر بقوته، المفتون بما أنعمنا به عليه أنه مهما عظمت حاله، وقوي سلطانه، يبلغ منزلة لا يقدر عليه فيها أحد ؟ ما أجهله إذا ظن ذلك، فإن في الوجود قوة جميع القوى هي المهيمنة على كل قوة، والمسيطرة على كل قدرة، وهي القوة التي أبدعته، والقدرة التي أنشأته.
المعنى الجملي : بعد ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم، المغرورين بواسع جاههم، أن يتمادوا في صلفهم وكبريائهم- شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة ؛ ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.
روي أن قوله :﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ نزل في أبي الأشد أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترا بقوته البدنية ؛ وأن قوله :﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ نزل في الحارث بن نوفل وكان يقول : أهلكت مالا لبدا في الكفارات منذ أطعت محمدا.
وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في هؤلاء أم في غيرهم فإن معناها عام كما علمت.
شرح المفردات : أهلكت : أي أنفقت، لبدا : أي كثيرا.
ثم ذكر صنفا آخر من الأغنياء البخلاء المرائين فقال :
﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ أي إنهم إذا طلب إليهم أن يعملوا عملا من أعمال البر قالوا : إننا ننفق الكثير من أموالنا في المفاخر والمكارم، ولم يعلموا أن المكرمة ما عده الله مكرمة، والبر ما اعتبره الله برا، فليس من البر إنفاقهم المال في مشاقة الله ورسوله، ولا إنفاقهم طائل الأموال في الصد عن سبيل الله، والكيد للذين آمنوا بالله ورسوله.
المعنى الجملي : بعد ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم، المغرورين بواسع جاههم، أن يتمادوا في صلفهم وكبريائهم- شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة ؛ ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.
روي أن قوله :﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ نزل في أبي الأشد أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترا بقوته البدنية ؛ وأن قوله :﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ نزل في الحارث بن نوفل وكان يقول : أهلكت مالا لبدا في الكفارات منذ أطعت محمدا.
وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في هؤلاء أم في غيرهم فإن معناها عام كما علمت.
شرح المفردات : أيحسب : أي أيظن.
﴿ أيحسب أن لم يره أحد ﴾ أي أيظن ذلك المغتر بماله، المدعي أنه أنفقه في سبيل الخير- أن الله لم يطلع على أفعاله ؛ ولم يعلم ما دعاه إلى الإنفاق ؟ إنه لا ينبغي له أن يظن ذلك، فإن البارئ له مطلع على قرارة نفسه، عالم بخبيئات قلبه، لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء عليم بأنه لم ينفق شيئا من ماله في سبيل الخير المشروع والبر المحمود، وإنما أنفق ما أنفق للرياء والسمعة، أو لمشاقة الله ورسوله، أو في وجوه أخرى يظنها خيرا وهي خسران وضلال مبين.
المعنى الجملي : بعد ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم، المغرورين بواسع جاههم، أن يتمادوا في صلفهم وكبريائهم- شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة ؛ ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.
روي أن قوله :﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ نزل في أبي الأشد أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترا بقوته البدنية ؛ وأن قوله :﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ نزل في الحارث بن نوفل وكان يقول : أهلكت مالا لبدا في الكفارات منذ أطعت محمدا.
وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في هؤلاء أم في غيرهم فإن معناها عام كما علمت.
وبعد أن أنكر على هؤلاء اغترارهم بقوتهم وكثرة أموالهم- شرع يذكر آثار قدرته الغالبة، ليبين لهم أن هناك قوة لها من الآثار ما هم يشاهدون فقال :
﴿ ألم نجعل له عينين ﴾ فهو إذا أبصر شيئا فإنما يكون ذلك بما خلقنا له من العينين، فهذه النعمة التي يعتز بها إنما هي من عملنا.
المعنى الجملي : بعد ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم، المغرورين بواسع جاههم، أن يتمادوا في صلفهم وكبريائهم- شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة ؛ ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.
روي أن قوله :﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ نزل في أبي الأشد أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترا بقوته البدنية ؛ وأن قوله :﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ نزل في الحارث بن نوفل وكان يقول : أهلكت مالا لبدا في الكفارات منذ أطعت محمدا.
وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في هؤلاء أم في غيرهم فإن معناها عام كما علمت.
﴿ ولسانا وشفتين ﴾ فإذا أبان عما في نفسه، فإنما يبين بما وهبنا له من لدنا من تلك الجارحة التي يتكلم بها، فإذا غره حديثه، أو قوة حجته، فليس فضل ذلك راجعا إليه، وإنما الفضل لمن وهبه ذلك.
المعنى الجملي : بعد ذكر أنه لا ينبغي للمفتونين بقوة أبدانهم، المغرورين بواسع جاههم، أن يتمادوا في صلفهم وكبريائهم- شرع يوبخهم على الاغترار بقوتهم الزائلة ؛ ويذكرهم بما أنعم به عليهم من النعم الكثيرة الحسية والعقلية.
روي أن قوله :﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ﴾ نزل في أبي الأشد أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترا بقوته البدنية ؛ وأن قوله :﴿ يقول أهلكت مالا لبدا ﴾ نزل في الحارث بن نوفل وكان يقول : أهلكت مالا لبدا في الكفارات منذ أطعت محمدا.
وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في هؤلاء أم في غيرهم فإن معناها عام كما علمت.
شرح المفردات : والنجد : الطريق المرتفعة ؛ والمراد بالنجدين طريقا الخير والشر.
﴿ وهديناه النجدين ﴾ أي وأودعنا في فطرة الإنسان التمييز بين الخير والشر، وجعلنا له من العقل والفكر ما يكون مذكرا ومنبها، ونصبنا له الدلائل على حسن الخير ؛ وأرشدناه إلى ما في الشر من هنوات وعيوب، ثم أقدرناه على أن يسلك أي الطريقين شاء، بعد أن آتيناه قوة التمييز، والقدرة على الاختيار والترجيح، ليسلك الطريق التي أراد منهما.
فليكن نَجدُ الخير أحب إلى أحدكم من نجد الشر ؛ فمن نازعته نفسه واتجهت إلى نجد الشر فليقمعها بالنظر في آيات الله، والتدبر في دلائله، ليعلم أن ذلك الطريق مظلم معوج يهوي بصاحبه إلى طريق الردى، ويوقعه في المهالك.
وإنما سماهما الله نجدين، للإشارة إلى أنهما واضحان كطريقين عاليين يراهما ذووا الأبصار، وإلى أن في كل منهما وعورة يشق معها السلوك، ولا يبصر عليها إلا من جاهد نفسه وراضها.
وفي ذلك إيماء إلى أن طريق الشر ليست بأهون من طريق الخير، بل الغالب أن طريق الشر أصعب وأشق وأحوج إلى بذل الجهد حتى تقطع إلى النهاية وتوصل إلى الغاية.
شرح المفردات : اقتحم الشيء : دخل فيه بشدة، والعقبة : الطريق الوعرة في الجبل يصعب سلوكها، والمراد بها مجاهدة الإنسان نفسه وهواه ومن يسول له فعل الشر من شياطين الإنس والجن
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
الإيضاح :﴿ فلا اقتحم العقبة ﴾ أي فهلا جاهد النفس والشيطان وعمل أعمال البر، وقد ضرب الله العقبة مثلا لهذا الجهاد، لأن الإنسان يريد أن يرقى من عالم الحس عالم الأشباح إلى عالم الأنوار والأرواح، وبينه وبين ذلك عقبات من ورائها عقبات، وسبيل الوصول إلى غايته هذه هي فعل الخيرات.
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
ثم فخم شأن العقبة وعظم أمرها فقال :
﴿ وما أدراك ما العقبة ﴾ أي وأيّ شيء أعلمك ما اقتحام العقبة ؟.
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : وفك الرقبة : عتقها أو المعاونة عليه
ثم أرشد إلى أن اقتحامها يكون بفعل صنوف من الخير منها :
( ١ ) ﴿ فك رقبة ﴾ أي عتق الرقبة أو الإعانة عليها، وقد ورد في الكتاب الكريم والسنة الترغيب في العتق والحث عليه.
روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال :" جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول دلني على عمل يدخلني الجنة، قال :( عتق النسمة وفك الرقبة )، فقال : يا رسول الله أو ليسا واحدا ؟ قال لا :( عتق الرقبة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ).
والكلام بتقدير مضاف : أي وما أدراك ما اقتحام العقبة، فك رقبة، لأن فك الرقبة ليس هو العقبة نفسها، وإنما هو اقتحامها لأنه سبب موصل إلى مجاوزة العقبة والوصول إلى عالم الأنوار.
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : والمسبغة : الجوع، يقال سغب الرجل يسغب إذا جاع، والمقربة : القرابة في النسب، تقول فلان من ذوي قرابتي ومن أهل مقربتي إذا كان قريبك نسبا
( ٢ ) ﴿ أو إطعام في يوم ذي مسغبة* يتيما ذا مقربة ﴾ أي أو إطعام يتيم من أقاربه في أيام الجوع والعوز.
وفي هذا جمع بين حقين : حق اليتيم وحق القرابة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤:المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : والمسبغة : الجوع، يقال سغب الرجل يسغب إذا جاع، والمقربة : القرابة في النسب، تقول فلان من ذوي قرابتي ومن أهل مقربتي إذا كان قريبك نسبا
( ٢ ) ﴿ أو إطعام في يوم ذي مسغبة* يتيما ذا مقربة ﴾ أي أو إطعام يتيم من أقاربه في أيام الجوع والعوز.
وفي هذا جمع بين حقين : حق اليتيم وحق القرابة.

المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : المتربة : الفقر، تقول ترب الرجل إذا افتقر، وأترب إذا كثر ماله حتى صار كالترابدة
( ٣ ) ﴿ أو مسكينا ذا متربة ﴾ أي أو إطعام المسكين الذي لا وسيلة له إلى كسب المال لضعفه وعجزه.
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : تواصوا بالصبر : أي نصح بعضهم بعضا به
﴿ ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ﴾ أي ثم كان مع اقتحامه العقبة من صادق الإيمان الذين يصبرون على الأذى وما يصيبهم من المكاره في سبيل الدفاع عن الحق، ويرحمون عباد الله ويواسونهم ويساعدونهم حين البأساء.
وإنما اشترط الإيمان مع فعل هذه المبارّ، لأن من فعلها دون أن يكون مؤمنا لم ينتفع بها، ولم يكن له ثواب عليها، إذ لا ينفع مع الكفر برّ.
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : الميمنة : طريق النجاة والسعادة
ثم بين مآل فاعلي هذه المبرات فقال :
﴿ أولئك أصحاب الميمنة ﴾ أي أولئك الذين اقتحموا العقبة ففكوا الرقاب، وأطعموا المساكين، وواسوا ذوي القربى في يوم المسغبة هم السعداء الممتعون بجنات النعيم، وهم الذين عناهم الله بقوله :﴿ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ( ٢٧ ) في سدر مخضود ( ٢٨ ) وطلح منضود ( ٢٩ ) وظل ممدود ( ٣٠ ) وماء مسكوب ( ٣١ ) وفاكهة كثيرة ( ٣٢ ) لا مقطوعة ولا ممنوعة ( ٣٣ ) وفرش مرفوعة ﴾ [ الواقعة : ٢٧-٣٤ ].
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : والمشأمة : طريق الشقاء
ثم ذكر مقابل هؤلاء وهم الذين صدوا عن سبيل الله، وتواصوا بالإثم وتواصوا بالعدوان ومعصية الرسول فقال :
﴿ والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ﴾ أي والذين جحدوا آياتنا الكونية وآياتنا السمعية التي جاءت على ألسنة الرسل كالقرآن وغيره من الكتب السماوية هم أصحاب المشأمة، أي أهل الشمال الذين وصفهم الله بقوله :﴿ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ( ٤١ ) في سموم وحميم ( ٤٢ ) وظل من يحموم ( ٤٣ ) لا بارد ولا كريم ( ٤٤ ) إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ( ٤٥ ) وكانوا يصرون على الحنث العظيم ( ٤٦ ) وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ( ٤٧ ) أو آباؤنا الأولون ﴾ [ الواقعة : ٤١-٤٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن وبخ سبحانه هؤلاء المرائين الذين ينفقون أموالهم طلبا للشهرة، وحبا في الأحدوثة، وأنبهم على افتخارهم بما صنعوا مع خلو بواطنهم من حسن النية، وبين له أن أفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل المميز بين الخير والشر، والنفع والضر هو منه سبحانه، وهو القادر على سلبه منهم- أردفه بيان أنه كان عليهم أن يشكروا تلك النعم، ويختاروا طريق الخير، ويرجحوا سبيل السعادة، فيفيضوا على الناس بشيء مما أفاض به عليهم، وأفضل ذلك أن يعينوا على تحرير الأرقاء من البشر، أو يواسوا الأيتام من أقاربهم حين العوز وعزة الطعام، أو يطعموا المساكين الذين لا وسيلة لهم إلى كسب ما يقيمون به أودهم لضعفهم وعجزهم، ثم هم مع ذلك يكونون صحيحي الإيمان، صبورين على أذى الناس، وعلى ما يصيبهم من المكاره في سبيل الدعوة إلى الحق، رحماء بعباده، مواسين لهم حين الشدائد.
هذه هي الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
شرح المفردات : مؤصدة : أي مطبقة عليهم من آصدت الباب، أي أغلقته، قال :
تحن إلى أجبال مكة ناقتي ومن دونها أبواب صنعاء موصدة
﴿ عليهم نار مؤصدة ﴾ أي عليهم نار تطبق عليهم فلا يستطيعون الفكاك منها ولا الخلاص من عذابها. نجانا الله منها بمنه وكرمه، وجعلنا من أصحاب الميمنة.
Icon