تفسير سورة الهمزة

تفسير الماوردي
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب النكت والعيون المعروف بـتفسير الماوردي .
لمؤلفه الماوردي . المتوفي سنة 450 هـ
سورة الهمزة
مكية في قول جميعهم
بسم الله الرحمان الرحيم

﴿ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة﴾ قوله تعالى ﴿وَيْلٌ لكلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أن الهمزة المغتاب، واللمزة العيّاب، قاله ابن عباس، ومنه قول زياد الأعجم:
(تُدْلي بوُدّي إذا لاقيتني كَذِباً وإن أُغَيّبْ فأنْتَ الهامزُ اللُّمَزة)
الثاني: أن الهمزة الذي يهمز الناس، واللمزة الذي يلمزهم بلسانه، قاله ابن زيد. الثالث: أن الهمزة الذي يهمز في وجهه إذا أقبل، واللمزة الذي يلمزه من خلفه إذا أدبر، قاله أبو العالية، ومنه قول حسان:
335
(همزتك فاخْتَضَعْتَ بذُلَّ نفْسٍ بقافيةٍ تأَجج كالشُّواظِ)
الرابع: أن الهمزة الذي يعيب جهراً بيد أو لسان، واللمزة الذي يعيبهم سراً بعين أو حاجب، قاله عبد الملك بن هشام. قال رؤبة:
(في ظل عَصْرَيْ باطِلي وَلَمزِي.............................)
واختلفوا فيمن نزلت فيه على خمسة أقاويل: أحدها: في أُبي بن خلف، قاله عمار. الثاني: في جميل بن عامر الجمحي، قاله مجاهد. الثالث: في الأخنس بن شريق الثقفي، قاله السدي. الرابع: في الوليد بن المغيرة، قاله ابن جريج. الخامس: أنها مرسلة على العموم من غير تخصيص، وهو قول الأكثرين. ﴿الذي جَمَعَ مَالاً وعَدَّدَه﴾ فيه اربعة أوجه: أحدها: يعني أحصى عدده، قاله السدي. الثاني: عددّ أنواع ماله، قاله مجاهد. الثالث: لما يكفيه من الشين، قاله عكرمة. الرابع: اتخذ ماله لمن يرثه من أولاده. ويحتمل خامساً: أنه فاخر بعدده وكثرته. ﴿يَحْسَبُ أَنّ مالَه أَخْلَدَهُ﴾ فيه وجهان: أحدهما: يزيد في عمره، قال عكرمة. الثاني: يمنعه من الموت، قال السدي. ويحتمل ثالثاً: ينفعه بعد موته. ﴿كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ في الحُطَمَةِ﴾ وفيها ثلاثة أوجه: أحدها: أنه اسم باب من أبواب جهنم، قاله ابن واقد، وقال الكلبي هو الباب السادس. الثاني: أنه اسم درك من أدراك جهنم، وهو الدرك الرابع، قاله الضحاك. الثالث: أنه اسم من أسماء جهنم، قاله ابن زيد. وفي تسميتها بذلك وجهان:
336
أحدهما: لأنها تحطم ما أُلقي فيها، أي تكسره وتهده، ومنه قول الراجز:
(إنا حَطْمنا بالقضيب مُصْعَبا يومَ كَسَرنا أَنْفَه ليَغْضَبا)
﴿التي تَطّلِعُ على الأَفئدةِ﴾ روى خالد بن أبي عمران عن النبي ﷺ أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إذا صدروا تعود، فذلك قوله ﴿نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة﴾ ويحتمل اطلاعها على الأفئدة وجهين: أحدهما: لتحس بألم العذاب مع بقاء الحياة ببقائها. الثاني: استدل بما في قلوبهم من آثار المعاصي وعقاب على قدر استحقاقهم لألم العذاب، وذلك بما استبقاه الله تعالى من الإمارات الدالة عليه. ﴿إنَّها عليهم مْؤْصَدَةٌ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: مطبقة، قاله الحسن والضحاك. الثاني: مغلقة بلغة قريش، يقولون آصد الباب إذا أغلقه، قاله مجاهد ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات:
(إن في القَصْر لو دَخَلنْا غَزالاً مُصْفقاً مُوصَداً عليه الحجابُ)
الثالث: مسدودة الجوانب لا ينفتح منها جانب، قاله سعيد بن المسيب، وقال مقاتل بن سليمان: لا يدخلها روْح ولا يخرج منها غم. ﴿في عَمَدٍ مُمَدَّدةٍ﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: أنها موصدة بعمد ممددة، قاله ابن مسعود، وهي في قراءته (بعَمَدٍ ممدّدة). الثاني: أنهم معذبون فيها بعُمد محددة، قاله قتادة. الثالث: أن العُمد الممدة الأغلال في أعناقهم، قاله ابن عباس. الرابع: أنها قيود في أرجلهم، قاله أبو صالح. الخامس: معناه في دهر ممدود، قاله أبو فاطمة.
337
سورة الفيل

بسم الله الرحمن الرحيم

338
﴿ الذي جَمَعَ مَالاً وعَدَّدَه ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : يعني أحصى عدده، قاله السدي.
الثاني : عددّ أنواع ماله، قاله مجاهد.
الثالث : لما يكفيه من السنين، قاله عكرمة.
الرابع : اتخذ ماله لمن يرثه من أولاده.
ويحتمل خامساً : أنه فاخر بعدده وكثرته.
﴿ يَحْسَبُ أَنّ مالَه أَخْلَدَهُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يزيد في عمره، قال عكرمة.
الثاني : يمنعه من الموت، قال السدي.
ويحتمل ثالثاً : ينفعه بعد موته.
﴿ كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ في الحُطَمَةِ ﴾ وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه اسم باب من أبواب جهنم، قاله ابن واقد، وقال الكلبي : هو الباب السادس.
الثاني : أنه اسم درك من أدراك جهنم، وهو الدرك الرابع، قاله الضحاك.
الثالث : أنه اسم من أسماء جهنم، قاله ابن زيد.
وفي تسميتها بذلك وجهان :
أحدهما١ : لأنها تحطم ما أُلقي فيها، أي تكسره وتهده، ومنه قول الراجز :
إنا حَطْمنا بالقضيب مُصْعَبا يومَ كَسَرنا أَنْفَه ليَغْضَبا
١ لم يذكر الوجه الثاني في الأصل. وقال الزمخشري: وقرئ: "الحاطمة" يعني أنها تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم. الكشاف ٤/٦٣٥..
﴿ التي تَطّلِعُ على الأَفئدةِ ﴾ روى خالد بن أبي عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إذا صدروا تعود، فذلك قوله ﴿ نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة ﴾.
ويحتمل اطلاعها على الأفئدة وجهين :
أحدهما : لتحس بألم العذاب مع بقاء الحياة ببقائها.
الثاني : استدل بما في قلوبهم من آثار المعاصي، وعقاب على قدر استحقاقهم لألم العذاب، وذلك بما استبقاه الله تعالى من الإمارات الدالة عليه.
﴿ إنَّها عليهم مْؤْصَدَةٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : مطبقة، قاله الحسن والضحاك.
الثاني : مغلقة بلغة قريش، يقولون : آصد الباب إذا أغلقه، قاله مجاهد، ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات :
إن في القَصْر لو دَخَلنْا غَزالاً مُصْفقاً مُوصَداً عليه الحجابُ
الثالث : مسددة الجوانب لا ينفتح منها جانب، قاله سعيد بن المسيب، وقال مقاتل بن سليمان : لا يدخلها روْح، ولا يخرج منها غم.
﴿ في عَمَدٍ مُمَدَّدةٍ ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : أنها موصدة بعمد ممددة، قاله ابن مسعود١، وهي في قراءته " بعَمَدٍ ممدّدة ".
الثاني : أنهم معذبون فيها بعُمد محددة، قاله قتادة.
الثالث : أن العُمد الممدة الأغلال في أعناقهم، قاله ابن عباس.
الرابع : أنها قيود في أرجلهم، قاله أبو صالح.
الخامس : معناه في دهر ممدود، قاله أبو فاطمة.
١ في الأصل ابن عباس. والتصويب من تفسير القرطبي ويؤكد أن المراد ابن مسعود أنه نسبا القول الثالث إلى ابن عباس.
وقال القشيري: المعظم على أن العمد أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار وتشد تلك الأطباق بالأوتاد..

Icon