تفسير سورة الحجر

التفسير القيم
تفسير سورة سورة الحجر من كتاب التفسير القيم من كلام ابن القيم المعروف بـالتفسير القيم .
لمؤلفه ابن القيم . المتوفي سنة 751 هـ

ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮ ﰿ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯ
سورة الحجر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الحجر (١٥) : آية ٢١]
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١)
متضمن لكنز من الكنوز، وهو أن كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه، ومن مفاتيح تلك الخزائن بيديه، وإن طلبه من غيره طلب ممن ليس عنده، ولا يقدر عليه.
وقوله: ٥٣: ٤٢ وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى متضمن لكنز عظيم.
وهو أن كل مراد إن لم يرد لأجله ويتصل به، وإلا فهو مضمحل منقطع. فإنه ليس المنتهى. وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها. فانتهت إلى خلقه ومشيئته. وحكمته وعلمه، فهو غاية كل مطلوب، وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب. وكل عمل لا يراد لأجله فهو ضائع وباطل.
وكل قلب لا يصل إليه فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه.
فاجتمع ما يراد منه كله في قوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ واجتمع ما يراد له كله في قوله: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى فليس وراءه سبحانه غاية تطلب، وليس دونه غاية إليها المنتهى.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٥]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)
349
قد مدح الله سبحانه وتعالى الفراسة وأهلها في مواضع من كتابه. هذا منها.
والمتوسمون: هم المتفرسون الذين يأخذون بالسيماء، وهي العلامة.
يقال: توسمت فيك كذا، أي تفرسته، كأنها أخذت من السيماء، وهي فعلاء من السمة، وهي العلامة.
وقال تعالى: ٤٧: ٣٠ وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وقال تعالى: ٢: ٢٧٣ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ وفي الترمذي مرفوعا «اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله» «١» ثم قرأ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ.
وقال في مدارج السالكين:
قال مجاهد رحمه الله: المتوسمين المتفرسين. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: للناظرين. وقال قتادة: للمقرين، وقال مقاتل: للمتفكرين.
ولا تنافي بين هذه الأقوال. فإن الناظر متى نظر في آثار ديار المكذبين ومنازلهم، وما آل إليه أمرهم، أورثه فراسة وعبرة وفكرة. وقال تعالى في حق المنافقين وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ فالأول فراسة النظر والعين. والثاني فراسة الأذن والسمع.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: علق معرفته إياهم بالنظر على المشيئة ولم يعلق تعريفهم بلحن خطابهم على شرط، بل أخبر به خبرا مؤكدا بالقسم فقال: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وهو تعريض الخطاب، وفحوى الكلام ومغزاه.
واللحن ضربان. صواب وخطأ.
فلحن الصواب نوعان. أحدهما: الفطنة.
ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم للمتخاصمين «ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض».
(١) أخرجه الترمذي برقم ٣١٢٧.
350
والثاني: التعريض والإشارة. وهو قريب من الكتابة. ومنه قول الشاعر:
وحديث ألذه، وهو مما يشتهي السامعون يوزن وزنا
منطق صائب، وتلحن أحيا نا، وخير الحديث ما كان لحنا
والثالث: فساد المنطق في الاعراب، وحقيقته: تغيير الكلام عن وجهه، إما إلى خطأ، وإما إلى معنى خفي، لم يوضع له اللفظ.
والمقصود: أنه سبحانه أقسم على معرفته المنافقين من لحن خطابهم.
فإن معرفة المتكلم وما في ضميره من كلامه أقرب من معرفته بسيماه وما في وجهه. فإن دلالة الكلام على قصد قائله وضميره أظهر من دلالة السيماء المرئية. والفراسة تتعلق بالنوعين: بالنظر، والسماع.
وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله» ثم قرأ قوله تعالى:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
351
Icon