تفسير سورة سورة البروج من كتاب التفسير المظهري
.
لمؤلفه
المظهري
.
المتوفي سنة 1216 هـ
سورة البروج
مكية وهي اثنتان وعشرون آية
ﰡ
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ والسماء ذات البروج ١ ﴾ البرج الحصن سمي الحصن بها لظهوره يقال تبرجت المرأة أي ظهرت والظاهر أن للسماء بيوتا سميت بالبروج، قال عطية العوفي البروج أي القصور فيها الحرس ورد في الصحيحين في حديث المعراج ( ثم رفع إلى البيت المعمور يعني في السماء السابعة بحذاء الكعبة ) وقد مر في سورة المطففين قول وهب بن منبه أن لله في السماء السابعة دارا يقال لها البيضاء يجتمع فيها أرواح المؤمنين أو المراد بالبروج أبواب السماء فإن النوازل يخرج منها وتظهر وزعم العوام باتباع الفلاسفة أن السماء منقسم بالقسمة الوهمية إلى اثني عشر حصة سميت كل حصة منها ببرج يكون فيها الثوابت وينزلها السيارات وسموا البروج بالحمل والثور والجوزاء ونحوها نظرا إلى هيئة الكواكب الثوابت على صورة الحمل والثور ونحو ذلك وهذا ليس بشيء لأن مبنى ذلك على كون السموات متحركة دائما وكون الكواكب مرتكزة فيها وكل ذلك باطل والثابت من الكتاب والسنة أن الكواكب كل منها في فلك يسبحون فليس في السماوات كواكب ثوابت حتى يسمع حصة من السماء برجا بحسب تلك الثوابت ولا يجوز أن يكون المراد في كلام الله تعالى مصطلح الفلاسفة الكفرة فكيف الحصص الموهومة بالبروج التي أصل تركيبها الظهور والله تعالى أعلم، وقيل : المراد بالبروج عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها كذا قال الحسن ومجاهد وقتادة.
﴿ واليوم الموعود ٢ ﴾ أي يوم القيامة.
﴿ وشاهد ﴾ أي يوم الجمعة أو جنس شاهد يشهد بالحق ﴿ ومشهود ﴾ أي يوم عرفة أو جنس فاشهد عليه شاهد صدق أقسم الله تعالى بهذه الأمور لتعظيمها روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( اليوم الموعود يوم القيامة والمشهود يوم عرفة والشاهد الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله فيها بخير إلا استجاب له ولا يستعيذ من شر إلا أعاذه منه ) قال الترمذي هذا حديث غريب لا يعرف إلا من حديث موسى بن عبيدة وهو يضعف وروى الطبراني بسند ضعيف عن أبي مالك الأشعري نحوه وفيه ( يوم الجمعة خصه الله لنا والصلاة الوسطى صلاة العصر ) وروى يوسف بن مهران عن ابن عباس الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم :﴿ وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ﴾ والمشهود يوم القيامة قال الله تعالى :﴿ ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ﴾ ولكن هذا يلزم التكرار في اليوم الموعود والمشهود، وقيل : الشاهد الحفظة والمشهود ابن آدم، وقال الحسين بن الفضل الشاهد هذه الأمة والمشهود سائر الأمم قال الله تعالى :﴿ جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ﴾ وقال سالم بن عبد الله سألت سعيد بن جبير عن قوله تعالى :﴿ وشاهد ومشهود ٣ ﴾ قال : الشاهد هو الله تعالى والمشهود ونحن بيانه وكفى بالله شهيدا، وقيل : الشاهد أعضاء بني آدم قال الله تعالى :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ﴾ وقيل : الشاهد الأنبياء والمشهود محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ﴾ إلى قوله :﴿ فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ﴾ قلت : وعندي أنه لو صح الحديث في تأويل الآية فذاك وإلا فلا وجه للتخصيص بل المقسم جنس شاهد يشهد بالحق وجنس الحق المشهود به، قال الله تعالى :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم ﴾ فالشاهد هو الله تعالى والملائكة والحفظة منهم والأنبياء ومحمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون خصوصا أمة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا أولوا العلم منهم ومن يشهد بالحق الخصومات وإقامة الحدود ومشهود هو كلمة التوحيد وصدق الأنبياء وتبليغهم وأعمال بني آدم وكل كلمة حق أشهد به شاهد صدق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أكرموا الشهود فإن الله يستخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم ) رواه الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس بسند ضعيف والله تعالى أعلم وجواب القسم قيل قوله تعالى :﴿ قتل ﴾ أي لعن لكن هذا القول ضعيف لشذوذ جواب القسم بدون اللام والأولى أن يقال جواب القسم محذوف يدل عليه ما بعده يعني اسم أن كفار قريش ملعونون كما قيل وقال :﴿ أصحاب الأخدود ﴾.
﴿ قتل ﴾ أي لعن لكن هذا القول ضعيف لشذوذ جواب القسم بدون اللام والأولى أن يقال جواب القسم محذوف يدل عليه ما بعده يعني اسم أن كفار قريش ملعونون كما قيل وقال :﴿ أصحاب الأخدود النار ﴾ عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( كان ملك باليمن فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك : إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث له غلاما يعلمه وكان في طريقه راهب إذا سلك إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب فقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه وإذا رجع من عند الساحر فقعد إلى الراهب وسمع كلامه فإذا أتى إليه أهله ضربوه فشكى إلى الراهب فقال : إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي فإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى عليه دابة عظيمة قد حبست الناس فقال : اليوم أعلم أن الراهب أفضل أم الساحر فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها فمضى الناس فأتى الراهب فأخبره، فقال الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما ترى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس بسائر الأدواء فسمع جليس للملك وكان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال : إنها لك إن أنت شفيتني، قال : لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك : ومن رد عليك بصرك ؟ قال : ربي قال : ولك رب غيري ؟ قال : ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك أي بني قد بلغ من سحرك ما يبرئ الأكمه والأبرص وتفعل ما تفعل قال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له إرجع عن دينك فأبى فدعى موضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له : إرجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوا فذهبوا به الجبل فقال : اللهم اكفينهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا فجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال : اللهم اكفينهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله فقال للملك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك، قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ بهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس وقل بسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذ فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد قوسه ثم قال بسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فمات فقال الناس آمنا برب الغلام ثلاثا فأتى الملك فقيل له رأيت بما كنت تحذر قد نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر بالأخدود بأفواه السكت فخدت وأضرم النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها لاقتحم قال فافعلوا حتى جاءت امرأة معها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق ) رواه مسلم في صحيحه. وروى عطاء عن ابن عباس نحو هذه القصة وذكر أنه كان بنجران ملك من ملوك حمير يقال له يوسف ذو نواس بن شرحبيل في الفترة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة وذكر اسم الغلام عبد الله بن تامر وذكر محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه القصة وذكر أنه أحرق اثني عشر ألفا ثم غلب أرباط على اليمين فخرج ذو النواس هاربا فاقتحم البحر بفرسه فغرق، فقال الكلبي ذو النواس قتل عبد الله بن تامر وقال محمد بن عبد الله بن أبي بكران جارية اختفرت في زمن عمر بن الخطاب فوجد عبد الله بن تامر واضعا يده على ضربة في رأسه إذا بسطت يده عنها انبعث دما وإذا تركت ارتدت مكانها في يده خاتم من حديد فيه ربي الله فبلغ ذلك عمر فكتب إن العبد والخاتم على أي على الذي وجدتم عليه وقد روي في أصحاب الأخدود روايات أخرى لا يوازي رواية المسلم في القوة فلا يلتفت إليها.
﴿ النار ﴾ بدل اشتمال من الأخدود ﴿ ذات الوقود ﴾ وصف أي النار بالعظمة لكثرة الالتهاب واللام للجنس، قال الربيع بن أنس نجى الله المؤمنين الذين ألقوا في النار بقبض أرواحهم قبل أن تمسهم النار وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفار فأحرقتهم.
﴿ إذ هم عليها ﴾ أي على حافات الأخدود ﴿ قعود ﴾ قال مجاهد كانوا قعودا على الكراسي عند الأخدود والظرف متعلق بقعود.
﴿ وهم على ما يفعلون بالمؤمنين ﴾ من التعذيب ﴿ شهود ﴾ أي حضور لم يكن هذا التعذيب منهم على غفلة أو المعنى كان يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأنه لم يقصر فيما أمر به أو يشهدون على أنفسهم يوم القيامة حين يشهد ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم والجملة إما معطوفة على هم عليها قعود أو حال من فاعل تعود.
﴿ وما نقموا ﴾ أي ما كره الكفار وما أنكروا ﴿ منهم ﴾ أي من المؤمنين ﴿ إلا أن يؤمنوا ﴾ أي لإيمانهم فعلى هذا مفعول له وصيغة المضارع بمعنى الماضي بقرينة نقموا أي لأن آمنوا ﴿ بالله ﴾ يعني ما كان منهم حسنا لذاته وكمالا وشرفا زعموه لفرط جهلهم وشقاوتهم عيبا منكرا موجبا للعذاب ﴿ العزيز ﴾ في ملكه الغالب على كل شيء يخشى عذابه ﴿ الحميد ﴾ المحمود المنعم الذي يرجى ثوابه.
﴿ الذي له ملك السماوات والأرض ﴾ وما فيهن لا إله غيره تقرير لحصر الخوف والرجاء عليه سبحانه وصف الله سبحانه نفسه بهذه الأوصاف لدلالة على كون المؤمنين محقين في إيمانهم مستحقين للثواب، وكون الكفار مبطلين ظالمين فيما فعلوا مستحقين اللعن والعذاب ﴿ والله على كل شيء شهيد ﴾ يجازي كلا على حسب ما عمل من خير أو شر والجملة تذييل أو حال من مفعول يؤمنوا وجملة ما نقموا معترضة أو حال من شهود.
﴿ إن الذين فتنوا ﴾ أي عذبوا ﴿ المؤمنين والمؤمنات ﴾ الموصول شامل لأصحاب الأخدود وغيرهم سواء كانوا مؤمنين أو كفارا والمؤمنون يعم المطروحين في الأخدود وغيرهم ﴿ ثم لم يتوبوا ﴾ من تلك المعصية ﴿ فلهم عذاب جهنم ﴾ في الآخرة، يعني هم مستحقون العذاب بتعذيبهم وذلك لا ينافي المغفرة إن كانوا مؤمنين ويحتمل أن يكون المراد بالموصول الكفار فقط للملاحظة الحيثية في المؤمنين يعني الذين فتنوا المؤمنين لأجل إيمانهم ﴿ ولهم عذاب الحريق ﴾ تأكيد لما سبق أو المراد لهم عذاب الحريق في الدنيا فإن من الغالب أنه من حفر حفرا بيرا لأخيه فقد وقع فيه وقد مر في ما سبق أنها خرجت النار إلى من على شفر الأخدود ومن الكفار فأحرقتهم وأن ذو نواس غرق في البحر وجملة إن الذين فتنوا مستأنفة، كأنه قيل ما يفعل بأصحاب الأخدود وأمثالهم.
﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، ذلك الفوز الكبير ١١ ﴾ يصغر بالنسبة إليها الدنيا وما فيها.
﴿ إن بطش ربك ﴾ أي أخذه بعنف ﴿ لشديد ﴾ لا يمكن مداعفته هذه الجملة متصلة بجملة إن الذين فتنوا كأنها تعليل لها، وجملة إن الذين آمنوا معترضة بينهما لذكر جزاء المؤمنين رديف الجزاء الكفار كما هو عادة الله تعالى في المثال.
﴿ إنه ﴾ أي ربك ﴿ هو يبدئ ﴾ الخلق ﴿ ويعيد ﴾ لا إله غيره حتى يمكنه دفع بطشه أو المعنى يبدء البطش بالكفار في الدنيا ويعيده في الآخرة.
﴿ وهو الغفور ﴾ لذنوب المؤمنين ﴿ الودود ﴾ المحب لمن أطاعه والمحبوب إليهم.
﴿ ذو العرش ﴾ قال العرش مالكه القاهر على كل شيء ﴿ المجيد ﴾ قرأ حمزة والكسائي بالجر صفة للعرش ومجده وعظمته وكونه مطرحا لتجليات رحمانية مختصة به والباقون بالرفع على أنه خبر بعد خبر لهو ومجده تعالى كونه عظيما في ذاته وصفاته واجبا وجودة تاما قدرته وحكمته.
﴿ فعال لما يريد ١٦ ﴾ لا يعجزه شيء ولا يمنع عليه ما أراد خبر بعد خبر لهو أو خبر مبتدأ محذوف أي هو فعال لما يريد وجملة أنه هو يبدء ويعيد الخ معترضة مادحة لله تعالى يوضح ما يفعل بالمؤمنين من المغفرة والمودة وبالكافرين من أنواع التعذيب.
﴿ هل أتاك ﴾ استفهام للتقرير بمعنى قد أتاك ﴿ حديث الجنود ﴾ الكافرة الذين يجندوا على الأنبياء.
﴿ فرعون ﴾ بدل من الجنود ويحذف المضاف أي جنود فرعون ﴿ وثمود ﴾ أمثالها أنهم أهلكوا بالغرق أو الصيحة أو نحو ذلك ثم أدخلوا نارا واصبر على تكذيب قومك وحذرهم بمثل ما أصاب من كان من قبلهم أمثالهم في الكفر.
﴿ بل الذين كفروا ﴾ من قومك أولى بنزول العذاب من الجنود الماضية والأمم الخالية، فإنهم سمعوا قصة السابقة ورأوا آثار هلاكهم ومع ذلك هم ﴿ في تكذيب ﴾ عظيم للقرآن أضد من تكذيبهم مع أنه معجز نظمه دون الكتب السابقة والتنكير للتعظيم، وقيل : بل هنا ليس للإضراب بل ابتدائية بمعنى لكن والجملة للاستدراك متصلة بجواب القسم وما بينهما معترضات وجه الاتصال أنه لما اتضح جواب القسم بالقسم نشأ تصديق السامعين من الكفار فلدفع هذا الوهم استدرك وقال بل الذين كفروا أي لكن الذين كفروا في تكذيب وقوله في تكذيب ظرف اعتباري فإن الصفة يعتبر محيطا بالموصوف بناء على المبالغة.
﴿ والله من ورائهم محيط ٢٠ ﴾ إحاطة ذاتية بلا كيف مستكرما لقربه وقهرمانه فهو عالم بأحوالهم قادر على الانتقام منهم لا يمكن أن يفوتوا والجملة معترضة للوعيد أو حال من فاعل الظرف المستقر في تكذيب.
﴿ بل هو قرآن مجيد ٢١ ﴾ كريم شريف عالي الطبقة في الكتب وحيد معجز نظمة ومعناه والجملة معناه متصل بقوله بل الذين كفروا في تكذيب، يعني ليس تكذيبهم على شايبة من الحق بل هو يعني فاكذبوا أن لا ينبغي أن يكذب به من له أدنى شعور في النظم والمعنى.
﴿ في لوح ﴾ أخرج الطبراني عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء وصفحاتها من ياقوت حمراء قلمه نور وكتابته نور، الله في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيى ويعز ويدل ويفعل ما يشاء ) روى البغوي بسند عن ابن عباس قال : إن في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن بالله عز وجل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة قال : واللوح لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق إلى المغرب وحافتاه الدر والياقوت ودفتاه ياقوته حمراء وقلمه نور وكتابه نور وكل شيء فيه مسطور وقيل : أعلاه معقود بالعرش وأصله في حجر ملك، قال مقاتل اللوح المحفوظ عن يمين العرش ﴿ محفوظ ﴾ قرأ الجمهور بالجر على أنه صفة لوح فإنه محفوظ من الشياطين ومن الزيادة والنقصان ولذلك سمي باللوح المحفوظ وهو أم الكتاب ومنه نسخ الكتاب وقرأ نافع بالرفع على أنه صفة القرآن، قال الله تعالى :﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ٩ ﴾ فلا يجوز أي لا يمكن فيه الإلحاق لحفظه تعالى وأيضا لإعجاز نظمه ولا التحريف ولا الحذف وقالت الروافض ألحق بالقرآن ما ليس منه وحذف منه بقدر عشرة أجزاء من أربعين جزء فبقيت ثلاثون جزء مغيرة محرفة فعليهم قوله تعالى :﴿ بل الذين كفروا في تكذيب ١٩ ﴾ لما بين دفتي المصحف والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ، والله تعالى أعلم.