تفسير سورة الحجر

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الحجر من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ الر ﴾ و ﴿ الم ﴾ قال : فواتح يفتتح بها كلامه ﴿ تلك آيات الكتاب ﴾ قال التوراة والإِنجيل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ الر تلك آيات الكتاب ﴾ قال : الكتب التي كانت قبل القرآن ﴿ وقرآن مبين ﴾ قال : مبين، والله هداه ورشده وخيره.
قوله تعالى :﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة، عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ قالوا : ودّ المشركون يوم بدر حين ضربت أعناقهم حين عرضوا على النار أنهم كانوا مؤمنين بمحمد ﷺ.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ربما يود الذين كفروا ﴾ قال : ذلك يوم القيامة، يتمنى الذين كفروا ﴿ لو كانوا مسلمين ﴾ قال : موحدين.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ قال : هذا في الجهنميين، إذا رأوهم يخرجون من النار.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد بن السري في الزهد، وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، والبيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما زال الله يشفع ويدخل الجنة ويشفع ويرحم، حتى يقول : من كان مسلماً فليدخل الجنة. فذلك قوله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث، عن ابن عباس وأنس رضي الله عنهما، أنهما تذاكرا هذه الآية ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ فقالا : هذا حيث يجمع الله بين أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار، فيقول المشركون : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون... ! فيغضب الله لهم، فيخرجهم بفضل رحمته.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد والبيهقي، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ قال : إذا خرج من النار من قال لا إله إلا الله.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند صحيح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن ناساً من أمي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون : ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم. فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله تعالى من النار، ثم قرأ رسول الله ﷺ ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ ».
80
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين : ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا : بلى. قالوا : فما أغنى عنكم الإِسلام وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها. فسمع الله ما قالوا، فأمر بكل من كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا، فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا، ثم قرأ رسول الله ﷺ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ ».
وأخرج اسحق ابن راهويه وابن حبان والطبراني وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري أنه سئل : هل سمعت من رسول الله ﷺ في هذه الآية شيئاً ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ ؟ قال : نعم، سمعته يقول :« يُخْرج الله أناساً من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم لما أدخلهم الله النار مع المشركين، قال لهم المشركون : ألستم كنتم تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا، فما بالكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم، فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله، فاذا رأى المشركون ذلك قالوا : يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم. فذلك قول الله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ قال : فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون : يا ربنا، أذهب عنا هذا الاسم، يأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم ».
وأخرج هناد بن السري والطبراني في الأوسط وأبو نعيم، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن ناساً من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم، فيقول لهم أهل اللات والعزى : ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار؟ فيغضب الله لهم فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة، فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه، فيدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أول من يأذن الله تعالى له يوم القيامة في الكلام والشفاعة، محمد ﷺ، فيقال له :« قلْ تسمعْ وسلْ تُعْطَه.
81
قال : فَيَخرُّ ساجداً فيثني على الله ثناء لم يُثْنِ عليه أحدٌ، فيقال : ارفع رأسك. فيرفع رأسه فيقول : أي رب، أمتي.. أمتي.. فيخرج له ثلث من في النار من أمته، ثم يقال : قل تسمع، وسل تعط. فيخرّ ساجداً فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد. فيقال : ارفع رأسك. فيرفع رأسه ويقول : أي رب، أمتي.. أمتي.. فيخرج له ثلث آخر من أمته، ثم يقال له : قل تسمع، وسل تعط. فيخرّ ساجداً فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد. فيقال : ارفع رأسك. فيرفع رأسه ويقول : رب، أمتي.. أمتي.. فيخرج له الثلث الباقي «. فقيل للحسن : أن أبا حمزة يحدث بكذا وكذا. فقال : يرحم الله أبا حمزة، نسي الرابعة. قيل : وما الرابعة؟ قال : من ليست له حسنة إلا لا إله إلا الله. فيقول : رب، أمتي.. أمتي.. فيقال له : يا محمد، هؤلاء ينجيهم الله برحمته حتى لا يبقى أحد ممن قال لا إله إلا الله، فعند ذلك يقول أهل جهنم ﴿ ما لنا من شافعين، ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ﴾ وقوله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يقوم نبيكم رابع أربعة، فيشفع فلا يبقى في النار إلا من شاء الله من المشركين، فذلك قوله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن شاهين في السنة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :»
إن أصحاب الكبائر من موحّدي الأمم كلها، الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين، من دخل منهم جهنم لا تزرقّ أعينهم ولا تسودّ وجوههم، ولا يقرنون بالشياطين ولا يغلون بالسلاسل، ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران، حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد، وصورهم على النار من أجل السجود، فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه، على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها، وأطولهم فيها مكثاً بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى، فإذا أراد الله أن يخرجهم منها، قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان، لمن في النار من أهل التوحيد : آمنتم بالله وكتبه ورسله، فنحن وأنتم اليوم في النار سواء. فيغضب الله لهم غَضَباً لم يغضَبْه لشيء فيما مضى، فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في حميل السيل، ثم يدخلون الجنة... مكتوب في جباههم : هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمن. فيمكثون في الجنة ما شاء الله أن يمكثوا، ثم يسألون الله تعالى أن يمحو ذلك الاسم عنهم، فيبعث الله ملكاً فيمحوه، ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقي فيها، يسمرونها بتلك المسامير فينساهم الله على عرشه ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم. وذلك قوله ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ «.
82
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن زكريا بن يحيى صاحب القضيب قال : سألت أبا غالب رضي الله عنه عن هذه الآية ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ فقال : حدثني أبو أمامة رضي الله عنه، عن رسول الله ﷺ :« انها نزلت في الخوارج حين رأوا تجاوز الله عن المسلمين وعن الأمة والجماعة، قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين ».
وأخرج الحاكم في الكنى، عن حماد رضي الله عنه قال : سألت إبراهيم عن هذه الآية ﴿ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾ قال : حدثت أن أهل الشرك قالوا لمن دخل النار من أهل الإِسلام : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون... ؟ فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين : اشفعوا لهم. فيشفعون لهم فيخرجون، حتى ان إبليس ليتطاول رجاء أن يدخل معهم، فعند ذلك ﴿ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ﴾.
83
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ﴾ الآية. قال : هؤلاء الكفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله ﴿ ذرهم ﴾ قال : خل عنهم.
وأخرج أحمد في الزهد والطبراني في الأوسط، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لا أعلمه إلا رفعه. قال : صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل.
وأخرج أحمد وابن مردويه، عن أبي سعيد رضي الله عنه « أن رسول الله ﷺ غرس عوداً بين يديه وآخر إلى جنبه وآخر بعده. قال : أتدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإن هذا الإِنسان وهذا أجله وهذا أمله، فيتعاطى الأمل فيختلجه الأجل دون ذلك ».
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الأمل وابن مردويه، عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :« مُثّل الإِنسان والأمل والأجل، فمثّل الأجل إلى جانبه، والأمل أمامه، فبينما هو يطلب الأمل إذ أتاه الأجل فاختلجه ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه :« أن النبي ﷺ خط خطوطاً وخط خطاً منها ناحية، فقال : أتدرون ما هذا... ؟ هذا مثل ابن آدم، وذاك الخط الأمل، فبينما هو يؤمل إذ جاءه الموت ».
أخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ﴾ قال : أجل معلوم، وفي قوله ﴿ ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ﴾ قال : لا مستأخر بعده.
وأخرج ابن جرير عن الزهري رضي الله عنه في قوله ﴿ ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ﴾ قال : نرى أنه إذا حضر أجله، فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدم. وأما ما لم يحضر أجله، فإن الله يؤخر ما شاء ويقدم ما شاء.
أخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله :﴿ وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر ﴾ قال : القرآن.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن ابن جرير في قوله :﴿ لو ما تأتينا بالملائكة ﴾ قال : ما بين ذلك إلى قوله :﴿ ولو فتحنا عليهم باباً من السماء ﴾ قال وهذا من التقديم والتأخير ﴿ فظلوا فيه يعرجون ﴾ أي فظلت الملائكة تعرج، فنظروا إليه ﴿ لقالوا إنما سكرت أبصارنا ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ ما ننزل الملائكة إلا بالحق ﴾ قال بالرسالة والعذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ وما كانوا إذاً منظرين ﴾ قال : وما كانوا لو تنزلت الملائكة بمنظرين من أن يعذبوا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ وإنا له لحافظون ﴾ قال : عندنا.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ وقال في آية آخرى ﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ﴾ [ فصلت : ٤٢ ] والباطل إبليس. قال : فأنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلاً ولا ينقص منه حقاً، حفظه الله من ذلك والله أعلم بالصواب.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين ﴾ قال : أمم الأولين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله ﴿ كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به ﴾ قال : الشرك نسلكه في قلوب المشركين.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله ﴿ كذلك نسلكه ﴾ قال : الشرك نسلكه في قلوبهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به ﴾ قال : إذا كذبوا سلك الله في قلوبهم أن لا يؤمنوا به ﴿ وقد خلت سُنّةُ الأولين ﴾ قال : وقائع الله فيمن خلا من الأمم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ كذلك نسلكه ﴾ قال : هم كما قال الله هو أضلهم ومنعهم الإِيمان.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون ﴾ يقول : ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلت الملائكة تعرج فيه، يختلفون فيه ذاهبين وجائين لقال أهل الشرك : إنماأخذت أبصارنا وشبه علينا وسحرنا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله ﴿ ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون ﴾ قال : رجع إلى قوله ﴿ لو ما تأتينا بالملائكة... ﴾ ما بين ذلك قال ابن جريج : قال ابن عباس : لظلت الملائكة تعرج فنظروا إليهم ﴿ لقالوا إنما سكرت ﴾ سدت ﴿ أبصارنا ﴾ قال : قريش تقوله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ سكرت أبصارنا ﴾ قال : سدت.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه قرأ ﴿ سكرت أبصارنا ﴾ خفيفة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : من قرأ ﴿ سكرت ﴾ مشددة، يعني سدّت؛ ومن قرأ ﴿ سكرت ﴾ مخففة، فإنه يعني سحرت.
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله ﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجاً ﴾ قال : كواكب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجاً ﴾ قال : الكواكب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله ﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجاً ﴾ قال : الكواكب العظام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية ﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجاً ﴾ قال : قصوراً في السماء فيها الحرس.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وحفظناها من كل شيطان رجيم ﴾ قال : الرجيم، الملعون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إلا من استرق السمع ﴾ فأراد أن يخطف السمع كقوله ﴿ إلا من خطف الخطفة ﴾ [ الصافات : ١٠ ].
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا من استرق السمع ﴾ قال : هو كقوله ﴿ إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب مبين ﴾ قال : كان ابن عباس يقول : إن الشهب لا تَقْتُل، ولكن تحرُق وتخبل وتجرح من غير أن تقتل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال جرير بن عبد الله « حدثني يا رسول الله عن السماء الدنيا والأرض السفلى. قال رسول الله ﷺ :» أما السماء الدنيا، فإن الله خلقها من دخان، ثم رفعها وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وزينها بمصابيح النجوم وجعلنا رجوماً للشياطين، وحفظها من كل شيطان رجيم «.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ والأرض مددناها ﴾ قال : قال تعالى في آية أخرى ﴿ والأرض بعد ذلك دحاها ﴾ [ النازعات : ٣٠ ] قال : ذكر لنا أن أم القرى مكة، ومنها دحيت الأرض. قال قتادة رضي الله عنه، وكان الحسن يقول : أخذ طينة فقال لها انبسطي. وفي قوله ﴿ وألقينا فيها رواسي ﴾ قال : رواسيها جبالها ﴿ وأنبتنا فيها من كل شيء موزون ﴾ يقول : معلوم مقسوم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وأنبتنا فيها من كل شيء موزون ﴾ قال : معلوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ من كل شيء موزون ﴾ قال : مقدر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ من كل شيء موزون ﴾ قال : مقدر بقدر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله ﴿ من كل شيء موزون ﴾ قال : الأشياء التي توزن.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ من كل شيء موزون ﴾ قال : ما أنبتت الجبال مثل الكحل وشبهه.
89
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن لستم له برازقين ﴾ قال : الدواب والأنعام.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن منصور في قوله ﴿ ومن لستم له برازقين ﴾ قال : الوحش.
وأخرج البزار وابن مردويه في العظمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« خزائن الله الكلام، فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان ».
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ﴾ قال : المطر خاصّة.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وما ننزله إلا بقدر معلوم ﴾ قال : المطر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن الحكم بن عتيبة رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ﴾ قال : ما من عام بأكثر مطراً من عام ولا أقل، ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون، وربما كان في البحر. قال : وبلغنا أنه ينزل مع القطر من الملائكة أكثر من عدد ولدِ إبليس وولد آدم، يحصون كل قطرة حيث تقع وما تنبت ومن يرزق ذلك النبات.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما نقص المطر منذ أنزله الله، ولكن تمطر أرض أكثر مما تمطر الأخرى، ثم قرأ ﴿ وما ننزله إلا بقدر معلوم ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه حيث شاء، ثم قرأ ﴿ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال :« ليس أحد بأكسب من أحد ولا عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه حيث شاء ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه حيث يشاء من البلدان، وما نزلت قطرة من السماء ولا خرجت من ريح إلا بمكيال أو بميزان ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ما نزل قطر إلا بميزان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن معاوية رضي الله عنه، أنه قال : ألستم تعلمون أن كتاب الله حق؟ قالوا : بلى. قال : فاقرؤوا هذه الآية ﴿ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ﴾ ألستم تؤمنون بهذا وتعلمون أنه حق؟ قالوا : بلى.
90
. ! قال : فكيف تلومونني بعد هذا!؟ فقام الأحنف فقال : يا معاوية، والله ما نلومك على ما في خزائن الله؛ ولكن إنما نلومك على ما أنزله الله من خزائنه فجعلته أنت في خزائنك وأغلقت عليه بابك. فسكت معاوية.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب، وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه والديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« ريح الجنوب من الجنة، وهي الريح اللواقح التي ذكر الله في كابه، وفيها منافع للناس. والشمال من النار تخرج فتمر بالجنة فيصيبها نفحة منها، فبردها هذا من ذلك ».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدبور، والجنوب من الجنة وهي الريح اللواقح ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والخرائطي في مكارم الأخلاق، عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ﴿ وأرسلنا الرياح لواقح ﴾ قال : يرسل الله الريح فتحمل الماء، فتلقح به السحاب فيدرّ كما تدر اللقحة ثم تمطر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يرسل الله الريح فتحمل الماء من السحاب، فتمر به السحاب فيدرّ كما تدر اللقحة.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله ﴿ وأرسلنا الرياح لواقح ﴾ قال : تلقح الشجر وتمري السحاب.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن أبي رجاء رضي الله عنه قال : قلت للحسن رضي الله عنه ﴿ وأرسلنا الرياح لواقح ﴾ قال : لواقح للشجر قلت : أو للسحاب؟ قال : وللسحاب، تمر به حتى تمطر.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ وأرسلنا الرياح لواقح ﴾ قال : تلقح الماء في السحاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله ﴿ وأرسلنا الرياح لواقح ﴾ قال : الرياح يبعثها الله على السحاب فتلقحه فيمتلئ ماء.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء الخراساني قال : الرياح اللواقح تخرج من تحت صخرة بيت المقدس.
وأخرج ابن حبان وابن السني في عمل يوم وليلة، والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن سلمة بن الأكوع قال : كان رسول الله ﷺ إذا اشتدت الريح يقول :« اللهم لقحاً لا عقيماً ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن عبيد بن عمير قال : يبعث الله المبشرة، فتعم الأرض بماء، ثم يبعث المثيرة فتثير السحاب فيجعله كسفاً، ثم يبعث المؤلفة فتؤلف بينه فيجعله ركاماً، ثم يبعث اللواقح فتلقحه فتمطر.
وأخرج ابن المنذر عن عبيد بن عمير قال : الأرواح أربعة : ريح تعم وريح تثير تجعله كسفاً، وريح تجعله ركاماً وريح تمطر.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم في قوله ﴿ لواقح ﴾ قال : تلقح السحاب، تجمعه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان في قوله ﴿ وما أنتم له بخازنين ﴾ قال : بمانعين. وفي قوله ﴿ ونحن الوارثون ﴾ قال : الوارث، الباقي.
91
أخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال : كانت امرأة تصلي خلف رسول الله ﷺ، حسناء من أحسن الناس، فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت إبطيه، فأنزل الله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن أبي الوزاء في قوله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم ﴾ قال : في الصفوف في الصلاة. قال الترمذي : هذا أشبه أن يكون أصح.
وأخرج ابن مردويه والحاكم عن ابن عباس في الآية قال ﴿ المستقدمين ﴾ الصفوف المتقدمة ﴿ والمستأخرين ﴾ الصفوف المؤخرة.
وأخرج ابن جرير عن مروان بن الحكم قال : كان أناس يستأخرون في الصفوف من أجل النساء، فأنزل الله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم... ﴾ الآية.
وأخرج ابن مردويه عن داود بن صالح قال : قال سهل بن حنيف الأنصاري : أتدرون فيم أنزلت ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ﴾ ؟ قلت : في سبيل الله. قال : لا، ولكنها في صفوف الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« خير صفوف الرجال أوّلها، وشر صفوف الرجال آخرها. وخير صفوف النساء آخرها، وشر صفوف النساء أوّلها ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة وأبو يعلى، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله ﷺ :« خير صفوف الرجال مقدمها، وشرها مؤخرها. وخير صفوف النساء آخرها وشرها مقدمها ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال :« خير صفوف الرجال المقدم، وشرها المؤخر. وخير صفوف النساء المؤخر، وشرها المقدم ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الصف الأول لعلى مثل صف الملائكة، ولو تعلمون لابْتَدرْتموه ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة والحاكم، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول » وفي لفظ « على الصفوف الأول ». وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : رأى رسول الله ﷺ في الصف المقدم رقة فقال :
92
« إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول » فازدحم الناس عليه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال : كان يقال : إن الله وملائكته يصلون على الذين في الصفوف المتقدمة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن مسعود القرشي رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لو يعلم الناس ما في الصف الأول، ما صفوا فيه إلا بقرعة ».
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجة، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ يصلي على الصف المقدم ثلاثاً، وعلى الثاني واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم... ﴾ الآية. قال : في صفوف الصلاة والقتال.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق معتمر بن سليمان، عن شعيب بن عبد الملك، عن مقاتل بن سليمان رضي الله عنه في قوله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم... ﴾ الآية. قال : بلغنا أنه في القتال. قال معتمر : فحدثت أبي فقال : لقد نزلت هذه الآية قبل أن يفرض القتال.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ﴾ قال : المتقدمون في طاعة الله، والمستأخرون في معصية الله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : المتقدمين في الخير من الأمم. والمستأخرين، المبطئين فيه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ﴾ قال : يعني بالمستقدمين، من مات. وبالمستأخرين، من هو حي لم يمت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال :﴿ المستقدمين ﴾ آدم عليه السلام ومن مضى من ذريته. و ﴿ المستأخرين ﴾ من في أصلاب الرجال.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :﴿ المستقدمين ﴾ آدم ومن معه. حين نزلت هذه الآية و ﴿ المستأخرين ﴾ من كان ذرية الخلق بعد وهو مخلوق كل أولئك قد علمهم تعالى.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عون بن عبد الله رضي الله عنه، أنه سأل محمد بن كعب رضي الله عنه عن هذه الآية : أهي في صفوف الصلاة؟ قال : لا ﴿ المستقدمين ﴾ الميت والمقتول و ﴿ المستأخرين ﴾ من يلحق بهم من بعد.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن عكرمة رضي الله عنه ومجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ﴾ قالا : من مات ومن بقي.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : قدّم خلقاً وأخر خلقاً، فعلم ما قدم وعلم ما أخر.
93
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : المستقدمون، ما مضى من الأمم. والمستأخرون، أمة محمد ﷺ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن ربك هو يحشرهم ﴾ قال : الأوّل والآخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ وإن ربك هو يحشرهم ﴾ قال : يحشر المستقدمين والمستأخرين.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن ربك هو يحشرهم ﴾ قال : يجمعهم يوم القيامة جميعاً.
94
أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق الله الإِنسان من ثلاث : من طين لازب، وصلصال، وحمأ مسنون. فالطين اللازب، اللازم الجيد. والصلصال المرقق، الذي يصنع منه الفخار. والحمأ المسنون، الطين فيه الحمأة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ من صلصال ﴾ قال : الصلصال، الماء يقع على الأرض الطيبة ثم يحسر عنها فتيبس، ثم تصير مثل الخزف الرقاق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصلصال، هو التراب اليابس الذي يبل بعد يبسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصلصال، طين خُلِطَ برمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصلصال، طين إذا ضربته صلصل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : الصلصال، التراب اليابس الذي يسمع له صلصلة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصلصال، الطين تعصره بيدك فيخرج الماء من بين أصابعك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ من حمإ مسنون ﴾ قال : من طين رطب.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ من حمإ مسنون ﴾ قال : من طين منتن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله ﴿ من حمإ مسنون ﴾ قال : الحمأة السوداء، وهي الثاط أيضاً. والمسنون، المصور. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب وهو يمدح رسول الله ﷺ ؟ يقول :
أغر كأن البدر مسنة وجهه جلا الغيم عنه ضوءة فتبددا
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق آدم من أديم الأرض، فألقي على الأرض حتى صار طيناً لازباً، وهو الطين الملتزق، ثم ترك حتى صار حمأ مسنوناً وهو المنتن، ثم خلقه الله بيده فكان أربعين يوماً مصوراً، حتى يبس فصار صلصالاً كالفخار إذا ضرب عليه صلصل. فذلك الصلصال والفخار مثل ذلك والله أعلم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الجان، مسيخ الجن كما القردة والخنازير مسيخ الإِنس.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ والجان خلقناه من قبل ﴾ وهو إبليس خلق من قبل آدم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة، قال : وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ والجان خلقناه من قبل من نار السموم ﴾ قال : من أحسن الناس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ من نار السموم ﴾ قال :﴿ السموم ﴾ الحارة التي تقتل.
وأخرج الطيالسي والفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :﴿ السموم ﴾ التي خلق منها الجان جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، ثم قرأ ﴿ والجان خلقناه من قبل من نار السموم ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال :« رؤيا المؤمن جزء من سبعين جزءاً من النبوّة، وهذه النار جزء من سبعين جزءاً من نار السموم التي خلق منها الجان » وتلا هذه الآية ﴿ والجان خلقناه من قبل من نار السموم ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال : خلق الجان والشياطين من نار الشمس.
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ﴾ قال : أراد إبليس أن لا يذوق الموت، فقيل ﴿ إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ﴾ قال : النفخة الأولى يموت فيها إبليس، وبين النفخة والنفخة أربعون سنة. قال : فيموت إبليس أربعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ قال فإنك من المنظرين ﴾ قال : فلم ينظره إلى يوم البعث، ولكن أنظره إلى الوقت المعلوم.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ يعني المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ قال : هذه ثنية الله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ هذا صراط عليّ مستقيم ﴾ قال : الحق يرجع إلى الله، وعليه طريقه لا يعرج على شيء.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ هذا صراط عليّ مستقيم ﴾ يقول : إليّ مستقيم.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن زياد بن أبي مريم وعبد الله بن كثير، أنهما قرآ « هذا صراط مستقيم » وقالا ﴿ عليّ ﴾ هي إليّ وبمنزلتها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه أنه قرأ ﴿ هذا صراط عليّ مستقيم ﴾ أي رفيع مستقيم.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن ابن سيرين أنه كان يقرأ ﴿ هذا صراط علي مستقيم ﴾ يعني رفيع.
وأخرج ابن جرير عن قيس بن عبّاد أنه قرأ ﴿ هذا صراط علي مستقيم ﴾ يقول : رفيع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ﴾ قال : عبادي الذين قضيت لهم الجنة ﴿ ليس لك عليهم ﴾ أن يذنبوا ذنباً إلا أغفره لهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة، فجزع لذلك فرنّ رنّة. فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة منها.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن قسيط قال :« كانت الأنبياء تكون لهم مساجد خارجة من قراها، فإذا أراد النبي أن يستنبئ ربه عن شيء، خرج إلى مسجد فصلى ما كتب له ثم سأل ما بدا له. فبينما نبي في مسجده إذ جاء إبليس حتى جلس بينه وبين القبلة، فقال النبي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثاً. فقال إبليس : أخبرني بأي شيء تنجو مني؟ قال النبي : بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم؟ فأخذ كل واحد منهما على صاحبه، فقال النبي : إن الله يقول ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ﴾ قال إبليس : قد سمعت هذا قبل أن تولد.
97
قال النبي : ويقول الله ﴿ وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ﴾ [ الأعراف : ٢٠٠ ] وإني والله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك. قال إبليس : صدقت... بهذا تنجو مني. فقال النبي : فأخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم؟ قال : آخذه عند الغضب وعند الهوى «.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ لها سبعة أبواب ﴾ قال : جهنم، والسعير، ولظى، والحطمة، وسقر، والجحيم، والهاوية، وهي أسفلها.
وأخرج ابن المبارك وهناد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث من طرق، عن علي قال : أبواب جهنم سبعة، بعضها فوق بعض. فتملأ الأوّل ثم الثاني ثم الثالث حتى تملأ كلها.
وأخرج أحمد في الزهد عن خطاب بن عبدالله قال : قال علي : أتدرون كيف أبواب جهنم؟ قلنا كنحو هذه الأبواب. قال : لا، ولكنها هكذا. ووضع يده فوق وبسط يده على يده.
وأخرج البيهقي في البعث، عن الخليل بن مرة أن رسول الله ﷺ كان لا ينام حتى يقرأ ﴿ تبارك ﴾ و ﴿ حم ﴾ السجدة. وقال : الحواميم سبع، وأبواب جهنم سبع : جهنم، والحطمة، ولظى، وسعير، وسقر، والهاوية، والجحيم. تجيء كل حاميم منها يوم القيامة تقف على باب من هذه الأبواب فتقول : اللهم لا تدخل هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرأني، مرسل.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وابن مردويه، عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :»
لجهنم سبعة أبواب، باب منها لمن سلّ السيف على أمتي «.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبزار، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :»
للنار باب لا يدخله إلا من شفى غيظه بسخط الله «.
وأخرج أبو نعيم عن عطاء الخراساني قال : لجهنم سبعة أبواب، أشدها غمّاً وكرباً وحراً، وأنتنها ريحاً للزناة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله ﷺ :»
لجهنم باب لا يدخل منه إلا من أخفرني في أهل بيتي وأراق دماءهم من بعدي «.
وأخرج أحمد وابن حبان والطبري وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن عتبة بن عبدالله رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال :»
للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض «.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : تطلع الشمس من جهنم بين قرني شيطان، فما ترفع من السماء قصبة إلا فتح لها باب من أبواب النار، حتى إذا كانت الظهيرة فتحت أبواب النار كلها.
98
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ لها سبعة أبواب ﴾ قال : لها سبعة أطباق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ لها سبعة أبواب ﴾ قال : أوّلها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية. والجحيم فيها أبو جهل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ﴾ قال : فهي والله منازل بأعمالهم.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الأعمش رضي الله عنه قال : أسماء أبواب جهنم : الحطمة، والهاوية، ولظى، وسقر، والجحيم، والسعير، وجهنم، والنار هي جماع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ جزء مقسوم ﴾ قال : فريق مقسوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ﴾ قال : باب لليهود وباب للنصارى وباب للصابئين وباب للمجوس وباب للذين أشركوا - وهم كفار العرب - وباب للمنافقين وباب لأهل التوحيد، فأهل التوحيد يُرْجَى لهم ولا يرجى للآخرين أبداً.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني، عن ابن مسعود قال : تطلع الشمس من جهنم بين قرني شيطان، فما ترتفع من السماء قصة إلا فتح لها باب من أبواب النار، حتى إذا كانت الظهيرة فتحت أبواب النار كلها.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الصراط بين ظهري جهنم دحض مزلة، والأنبياء عليه يقولون : اللهم سلم سلم، والمارُّ كلمع البرق وكطرف العين، وكأجاويد الخيل والبغال والركاب. وشدّ على الأقدام فناج مسلم، ومخدوش مرسل ومطروح فيها و ﴿ لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ﴾ ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سمرة بن جندب، عن النبي ﷺ في قوله ﴿ لكل باب منهم جزء مقسوم ﴾ قال :« إن من أهل النار مَنْ تأخذه النار إلى كَعْبَيه، وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى تراقيه منازل بأعمالهم، فذلك قوله ﴿ لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ﴾ قال : على كل باب منها سبعون ألف سرادق من نار، في كل سرادق سبعون ألف قبة من نار، في كل قبة سبعون ألف تنور من نار، لكل تنور منها سبعون ألف كوّة من نار، في كل كوّة سبعون ألف صخرة من نار، على كل صخرة منها سبعون ألف حجر من النار، في كل حجر منها سبعون ألف عقرب من النار، لكل عقرب منها سبعون ألف ذنب من نار، لكل ذنب منها سبعون ألف فقارة من نار، في كل فقارة منها سبعون ألف قلة من سم وسبعون ألف موقد من نار، يوقدون تلك النار. وقال : إن أوّل من دخل من أهل النار وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم، سود وجوههم، كالحة أنيابهم، قد نزع الله الرحمة من قلوبهم ليس في قلب واحدٍ منهم مثقال ذرة من الرحمة ».
99
وأخرج أبو نعيم عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ قال :« إن جهنم لَتُسَعَّرُ كل يوم وتفتح أبوابها، إلا يوم الجمعة فإنها لا تفتح أبوابها ولا تُسَعَّر ».
وأخرج سعيد بن منصور عن مسروق رضي الله عنه قال : إن أحق ما استعيذ من جهنم في الساعة التي تفتح فيها أبوابها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك رضي الله عنه قال : جهنم سبعة نيران، ليس منها نار إلا وهي تنظر إلى النار التي تحتها تخاف أن تأكلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدالله بن عمرو قال : إن في النار سجناً لا يدخله إلا شرّ الأشرار، قراره نار وسقفه نار وجدرانه نار، وتلفح فيه النار.
وأخرج عبد الرزاق والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن كعب رضي الله عنه قال : للشهيد نور، ولمن قاتل الحرورية عشرة أنوار، وكان يقول : لجهنم سبعة أبواب، باب منها للحرورية. قال : ولقد خرجوا في زمان داود عليه السلام.
وأخرج ابن مردويه والخطيب في تاريخه، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ في قوله تعالى ﴿ لكل باب منهم جزء مقسوم ﴾ قال :« جزء أشركوا بالله، وجزء شكوا في الله، وجزء غفلوا عن الله ».
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه، وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال : لما قدم رسول الله ﷺ المدينة، انجفل الناس إليه، فجئته لأنظر في وجهه فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعت منه أن قال :« يا أيها الناس، أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ آمنين ﴾ قال : أمنوا الموت، فلا يموتون ولا يكبرون ولا يسقمون ولا يعرون ولا يجوعون.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر من طريق لقمان بن عامر، عن أبي أمامة قال : لا يدخل الجنة أحد حتى ينزع الله ما في صدورهم من غل، وحتى أنه لينزع من صدر الرجل بمنزلة السبع الضاري.
100
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق القاسم، عن أبي أمامة قال : يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن، حتى إذا نزلوا وتقابلوا على السرر، نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل.
وأخرج ابن جرير عن علي ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ قال : العداوة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن قتادة في قوله ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ قال : حدثنا أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري. أن رسول الله ﷺ قال :« يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة : فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة من منزله الذي كان في الدنيا » قَالَ قَتَادةُ : وَكَانَ يُقَالُ : ما يُشَبَّهُ بِهِمْ إِلاَّ أَهْلُ جُمُعَةٍ حِينَ انْصَرَفُوا مِنْ جُمُعَتِهِمْ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن : بلغني أن رسول الله ﷺ قال :« يحبس أهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط، حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا، ويدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الكريم بن رشيد قال : ينتهي أهل الجنة إلى باب الجنة وهم يتلاحظون تلاحظ الغيران، فإذا دخلوها نزع الله ما في صدورهم من غل.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن الحسن البصري قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : فينا والله أهل بدر نزلت ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ﴾.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الله بن مليل، عن علي في قوله ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ قال : نزلت في ثلاثة أحياء من العرب : في بني هاشم، وبني تميم، وبني عدي. وفي أبي بكر وفي عمر.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن كثير النواء قال : قلت لأبي جعفر إن فلاناً حدثني عن علي بن الحسين، إن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ قال : والله إنها لفيهم أنزلت. وفيمن تنزل إلا فيهم؟ قلت : وأي غل هو؟ قال : غل الجاهلية. إن بني تميم وبني عدي وبني هاشم، كان بينهم في الجاهلية. فلما أسلم هؤلاء القوم تحابّوا وأخذت أبا بكر الخاصرة، فجعل علي يسخن يده فيكوي بها خاصرة أبي بكر. فنزلت هذه الآية.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم من طرق، عن علي أنه قال لابن طلحة : إني أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله فيهم ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ﴾ فقال رجل من همدان : إن الله أعدل من ذلك.
101
فصاح علي عليه صيحة تداعى لها القصر، وقال : فمن اذن إن لم نكن نحن أولئك؟.
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن علي قال : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان والزبير وطلحة ممن قال الله ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾.
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد، عن ابن عباس في قوله ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل... ﴾ الآية. قال : نزلت في علي وطلحة والزبير.
وأخرج الشيرازي في الألقاب وابن مردويه وابن عساكر من طريق الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ قال : نزلت في عشرة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وعبدالله بن مسعود.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي صالح موقوفاً عليه.
وأخرج ابن مردويه من طريق النعمان بن بشير، عن علي ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ قال : ذاك عثمان وطلحة والزبير وأنا.
وأخرج هنّاد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ على سرر متقابلين ﴾ قال : لا يرى بعضهم قفا بعض.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه من طريق مجاهد، عن ابن عباس قال : أهل الجنة لا ينظر بعضهم في قفا بعض، ثم قرأ ﴿ متكئين عليها متقابلين ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو القاسم البغوي وابن مردويه وابن عساكر، عن زيد بن أبي أوفى قال :« خرج علينا رسول الله ﷺ فتلا هذه الآية ﴿ إخوانا على سرر متقابلين ﴾ » المتحابين في الله في الجنة ينظر بعضهم إلى بعض « ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ لا يمسهم فيها نصب ﴾ قال : المشقة والأذى.
102
أخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال : اطلع علينا رسول الله ﷺ من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال :« ألا أراكم تضحكون؟ ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال : إني لمّا خرجت جاء جبريل فقال : يا محمد، إن الله يقول : لم تقنط عبادي؟ ﴿ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي هو العذاب الأليم ﴾ ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مصعب بن ثابت قال :« مر النبي ﷺ على ناس من أصحابه يضحكون فقال : اذكروا الجنة والنار. فنزلت ﴿ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ﴾ ».
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه، عن عبدالله بن الزبير قال :« مر النبي ﷺ بنفر من أصحابه وقد عرض لهم شيء يضحكهم فقال : أتضحكون وذكر الجنة والنار بين أيديكم؟ ونزلت هذه الآية ﴿ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي هو العذاب الأليم ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس، عن النبي ﷺ قال :« » لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً «. فقال :» هذا الملك ينادي لا تقنط عبادي « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي هو العذاب الأليم ﴾ قال : بلغنا أن نبي الله ﷺ قال :« لو يعلم العبد قدر عفو الله، لما تورّع من حرام. ولو يعلم قدر عذابه، لجمع نفسه ».
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :« إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة. فلو يعلم الكافر كل الذي عند الله من رحمته، لم ييأس من الرحمة. ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب، لم يأمن من النار ».
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة :« أن النبي ﷺ، خرج على رهط من الصحابة وهم يتحدثون فقال : والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلم لَضَحكْتُمْ قليلاً وَلَبَكيتُم كثيراً. فلما انصرفنا أوحى الله إليه، أن يا محمد، لم تقنط عبادي؟... فرجع إليهم : ابشروا وقاربوا وسددوا ».
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ﴿ قالوا لا توجل ﴾ قالوا : لا تخف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ فبم تبشرون ﴾ قال : عجب من كبره، وكبر امرأته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ من القانطين ﴾ قال : الآيسين.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر من طريق الأعمش، عن يحيى أنه قرأها « فلا تكن من القنطين » بغير ألف. قال : وقرأ ﴿ ومن يقنط من رحمة ربه ﴾ مفتوحة النون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال : من ذهب يقنط الناس من رحمة الله، أو يقنط نفسه فقد أخطأ، ثم نزع بهذه الآية ﴿ ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ ومن يقنط من رحمة ربه ﴾ قال : من ييأس من رحمة ربه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأحمد في الزهد، عن موسى بن علي، عن أبيه قال : بلغني أن نوحاً عليه السلام قال لابنه سام : يا بني، لا تدخلن القبر وفي قلبك مثقال ذرة من الشرك بالله؛ فإنه من يأت الله تعالى مشركاً فلا حجة له. ويا بني، لا تدخل القبر وفي قلبك مثقال ذرة من الكبر؛ فإن الكبر رداء الله، فمن ينازع الله رداءه يغضب الله عليه. ويا بني، لا تدخلن القبر وفي قلبك مثقال ذرة من القنوط؛ فإنه لا يقنط من رحمة الله إلا ضال.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :« الفاجر الراجي لرحمة الله، أقرب منها من العابد القنط ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : بيني وبين القدرية هذه الآية ﴿ إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ إنكم قوم منكرون ﴾ قال : أنكرهم لوط. وفي قوله ﴿ بما كانوا فيه يمترون ﴾ قال : بعذاب قوم لوط.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن قتادة ﴿ بما كانوا فيه يمترون ﴾ قال : يشكون.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ واتبع أدبارهم ﴾ قال : أمر أن يكون خلف أهله يتبع أدبارهم في آخرهم إذا مشوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ وامضوا حيث تؤمرون ﴾ قال : أخرجهم الله إلى الشام.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وقضينا إليه ذلك الأمر ﴾ قال : أوحينا إليه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ﴿ أن دابر هؤلاء مقطوع ﴾ يعني استئصالهم وهلاكهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وجاء أهل المدينة يستبشرون ﴾ قال : استبشروا بأضياف نبي الله لوط، حين نزلوا به لما أرادوا أن يأتوا إليهم من المنكر.
104
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ أو لم ننهك عن العالمين ﴾ قال : يقولون أن تضيف أحداً أو تؤويه ﴿ قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ﴾ قال : أمرهم لوط بتزويج النساء، وأراد أن يقي أضيافه ببناته والله أعلم.
وأخرج ابن أبي شيبة والحرث بن أبي أسامة وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل، عن ابن عباس قال : ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد ﷺ. وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره. قال ﴿ لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ﴾ يقول : وحياتك يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ لعمرك ﴾ قال : لعيشك.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال :« ما حلف الله بحياة أحد إلا بحياة محمد، قال ﴿ لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ﴾ وحياتك يا محمد ».
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يكرهون أن يقول الرجل : لعمري، يرونه كقوله وحياتي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ إنهم لفي سكرتهم يعمهون ﴾ أي في ضلالتهم يلعبون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الأعمش أنه سئل عن قوله تعالى ﴿ لَعَمْرُكَ إنهم لفي سكرتهم يعمهون ﴾ قال : لفي غفلتهم يترددون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ فأخذتهم الصيحة ﴾ قال :﴿ الصيحة ﴾ مثل الصاعقة، كل شيء أهلك به قوم فهو صاعقة وصيحة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله ﴿ مشرقين ﴾ قال : حين أشرقت الشمس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم، عن ابن عباس في قوله ﴿ إن في ذلك لآيات ﴾ قال : علامة. أما ترى الرجل يرسل بخاتمه إلى أهله فيقول هاتوا كذا وكذا؟ فإذا رأوه عرفوا أنه حق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ لآيات للمتوسمين ﴾ قال : للناظرين.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن قتادة في قوله ﴿ لآيات للمتوسمين ﴾ قال : للمعتبرين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ لآيات للمتوسمين ﴾ قال : هم المتفرسون.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد في قوله ﴿ إن في ذلك لآيات للمتوسمين ﴾ قال : هم المتفرسون.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم معاً في الطب، وابن مردويه والخطيب، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ﷺ :« اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله »
105
ثم قرأ ﴿ إن في ذلك لآيات للمتوسمين ﴾ قال : المتفرسين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :« اتقوا فراسة المؤمن، فإن المؤمن ينظر بنور الله ».
وأخرج ابن جرير عن ثوبان قال : قال رسول الله ﷺ :« احذروا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله ».
وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن السني وأبو نعيم، عن أنس قال : قال رسول الله ﷺ :« إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾ يقول : لبهلاك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾ يقول : لبطريق واضح.
106
أخرج ابن مردويه وابن عساكر، عن ابن عمرو قال : قال رسول الله ﷺ :« ان مدين وأصحاب الأيكة، أمتان بعث الله إليهما شعيباً ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس ﴿ وإن كان أصحاب الأيكة ﴾ قال : قوم شعيب و ﴿ الأيكة ﴾ ذات آجام وشجر كانوا فيها.
وأخرج ابن جرير عن خصيف في قوله ﴿ أصحاب الأيكة ﴾ قال : الشجر. وكانوا يأكلون في الصيف الفاكهة الرطبة، وفي الشتاء اليابسة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ﴾ ذكر لنا أنهم كانوا أهل غيضة، وكان عامة شجرهم هذا الدوم، وكان رسولهم فيما بلغنا شعيب، أرسل إليهم وإلى أهل مدين، أرسل إلى أمتين من الناس وعذبتا بعذابين شتى. أما أهل مدين، فأخذتهم الصيحة. وأما ﴿ أصحاب الأيكة ﴾ فكانوا أهل شجرٍ متكاوش. ذكر لنا أنه سلط عليهم الحر سبعة أيام لا يظلهم منه ظل ولا يمنعهم منه شيء، فبعث الله عليهم سحابة فجعلوا يلتمسون الروح منها، فجعلها الله عليهم عذاباً، بعث عليهم ناراً فاضطرمت عليهم فأكلتهم. فذلك ﴿ عذاب يوم الظلة أنه كان عذاب يوم عظيم ﴾ [ الشعراء : ١٨٩ ].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ أصحاب الأيكة ﴾ قال : الغيضة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ﴿ أصحاب الأيكة ﴾ قال : أصحاب غيضة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ﴿ الأيكة ﴾ الشجر الملتف.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ أصحاب الأيكة ﴾ أهل مدين. و ﴿ الأيكة ﴾ الملتفة من الشجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ الأيكة ﴾ مجمع الشجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : إن أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب : أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا منها، فملا خرجوا منها أصابهم فزع شديد، ففرقوا أن يدخلوا البيوت أن تسقط عليهم، فأرسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل فقال : ما رأيت كاليوم ظلاً أطيب ولا أبرد!... هلموا أيها الناس. فدخلوا جميعاً تحت الظلة، فصاح فيهم صيحة واحدة فماتوا جميعاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ وإنهما لبإمام مبين ﴾ يقول : على الطريق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ﴿ لبإمام مبين ﴾ قال : طريق ظاهر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ وإنهما لبإمام مبين ﴾ قال : بطريق معلم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ لبإمام مبين ﴾ قال : طريق واضح.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله ﴿ لبإمام مبين ﴾ قال : بطريق مستبين.
107
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ أصحاب الحجر ﴾ قال : أصحاب الوادي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان ﴿ أصحاب الحجر ﴾ ثمود، قوم صالح.
وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ لأصحاب الحجر :« لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين؛ فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال :« نزل رسول الله ﷺ عام غزوة تبوك بالحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من مياه الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، وعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم، فأمرهم بإهراق القدور. وعلفوا العجين الإِبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال :» إني أخشى أن يصيبكم مثل الذي أصابهم، فلا تدخلوا عليهم « ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر : أن الناس لما نزلوا مع رسول الله ﷺ على الحجر أرض ثمود، استقوا من أبيارها وعجنوا به العجين. فأمرهم رسول الله ﷺ أن يهرقوا ما استقوا ويعلفوا الإِبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت ترد الناقة.
وأخرج ابن مردويه عن سبرة بن معبد، أن النبي ﷺ قال بالحجر لأصحابه :« من عمل من هذا الماء شيئاً فليلقه. قال : ومنهم من عجن العجين، ومنهم من حاس الحيس ».
وأخرج ابن مردويه وابن النجار، عن علي بن أبي طالب في قوله ﴿ فاصفح الصفح الجميل ﴾ قال : الرضا بغير عتاب.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله ﴿ فاصفح الصفح الجميل ﴾ قال : هو الرضا بغير عتاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ فاصفح الصفح الجميل ﴾ قال : هذا الصفح الجميل، كان قبل القتال.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن عمر بن الخطاب قال : السبع المثاني، فاتحة الكتاب.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طرق، عن علي بن أبي طالب في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : هي فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن مسعود في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : فاتحة الكتاب ﴿ والقرآن العظيم ﴾ قال : سائر القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، و البيهقي في سننه عن ابن عباس : أنه سئل عن السبع المثاني قال : فاتحة الكتاب، استثناها الله لأمة محمد، فرفعها في أم الكتاب فدخرها لهم حتى أخرجها ولم يعطها أحداً قبله.
108
قيل : فأين الآية السابعة؟ قال : بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : دُخرَتْ لنبيكم ﷺ، لم تُدَّخَرَ لنبي سواه.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن عباس في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : هي أم القرآن، تثنى في كل صلاة.
وأخرج ابن الضريس وأبو الشيخ وابن مردويه، عن أبي هريرة قال : السبع المثاني، فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال : السبع المثاني، الحمد لله رب العالمين.
وأخرج ابن الضريس عن يحيى بن يعمر وأبي فاختة في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ﴾ قالا : هي فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن الضريس عن مجاهد في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ قال : هي أم الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن مثله.
وأخرج ابن الضريس وابن جرير، عن قتادة في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : فاتحة الكتاب، تثنى في كل ركعة مكتوبة وتطوّع.
وأخرج ابن الضريس عن أبي صالح في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : هي فاتحة الكتاب، تثنى في كل ركعة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق الربيع، عن أبي العالية في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : فاتحة الكتاب سبع آيات. وإنما سميت ﴿ المثاني ﴾ لأنه ثنى بها، كلما قرأ القرآن قرأها. قيل للربيع : إنهم يقولون السبع الطول. قال : لقد أنزلت هذه الآية. وما نزل من الطول شيء.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : السبع الطول.
وأخرج الفريابي وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن عباس في قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ﴾ قال : هي السبع الطول. ولم يُعْطَهُنَّ أحدٌ إلا النبي ﷺ، وأعطي موسى منهن اثنتين.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : أوتي رسول الله ﷺ ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ الطول. وأوتي موسى ستاً، فلما ألقى الألواح، ذهب اثنتان وبقي أربعة.
وأخرج الدارمي وابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله ﷺ :« فاتحة الكتاب هي السبع المثاني ».
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ قال : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس.
وأخرج سعيد بن منصور وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان، عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ قال : السبع الطول : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس.
109
فقيل لابن جبير : ما قوله ﴿ المثاني ﴾ قال : ثنى فيها القضاء والقصص.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ قال : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والكهف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان ﴿ المثاني ﴾ المئين : البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف وبراءة والأنفال سورة واحدة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي من طريق سعيد جبير، عن ابن عباس في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ قال : السبع الطول. قلت : لم سميت ﴿ المثاني ﴾ ؟ قال : يتردد فيهن الخبر والأمثال والعبر.
وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ فاتحة الكتاب والسبع الطول منهن.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن زياد بن أبي مريم في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ قال : أعطيتك سبعاً أخر أؤمر وأنه وبشر وأنذر واضرب الأمثال واعدد النعم واتل نبأ القرون.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن أبي مالك قال : القرآن كله مثاني.
وأخرج آدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي، عن مجاهد في قوله ﴿ سبعاً من المثاني ﴾ قال : هي السبع الطول الأول ﴿ والقرآن العظيم ﴾ سائره.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس قال :﴿ المثاني ﴾ ما ثني من القرآن. ألم تسمع لقول الله ﴿ الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني ﴾ [ الواقعة : ١٦ ].
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال ﴿ المثاني ﴾ القرآن، يذكر الله القصة الواحدة مراراً.
110
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ لا تمدن عينيك... ﴾ الآية. قال : نهى الرجل أن يتمنى مال صاحبه.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر، عن يحيى بن أبي كثير : أن رسول الله ﷺ مر بإبل حي، يقال لهم بنو الملوح أو بنو المصطلق، قد عنست في أبوالها من السمن. فتقنع بثوبه ومرّ ولم ينظر إليها لقوله ﴿ لا تمدن عينيك.. ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله ﴿ أزواجاً منهم ﴾ قال : الأغنياء، الأمثال، الأشباه.
وأخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة قال : من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء منها، فقد صغر القرآن. ألم تسمع قوله ﴿ ولقد آتيناك سبعاً من المثاني.... ﴾ إلى قوله ﴿ ورزق ربك خير وأبقى ﴾ قال : يعني القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير ﴿ واخفض جناحك ﴾ قال : اخضع.
وأخرج البخاري وسعيد بن منصور والحاكم والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس في قوله ﴿ كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ قال : هم أهل الكتاب، جزأوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وأخرج ابن جرير من طريق علي، عن ابن عباس ﴿ عضين ﴾ فرقا.
وأخرج الطبراني في الأوسط، عن ابن عباس قال : سأل رجل رسول الله ﷺ قال :« أرأيت قول الله ﴿ كما أنزلنا على المقتسمين ﴾ قال : اليهود والنصارى. قال ﴿ الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ قال : آمنوا ببعض وكفروا ببعض ».
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم والبيهقي وأبو نعيم معاً في الدلائل، عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش - وكان ذا سن فيهم - وقد حضر الموسم فقال لهم : يا معشر قريش، إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فاجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا فيُكَذِّب بعضكم بعضاً. فقالوا : أنت فقل، وأتم لنا به رأياً نقول به. قال : لا، بل أنتم قولوا لأسمع. قالوا : نقول كاهن. قال : ما هو بكاهن... لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكهان ولا بسجعهم. قالوا : فنقول مجنون. قال : ما هو بمجنون... لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولا بحائحه ولا وسوسته. قالوا : فنقول شاعر. قال : ما هو بشاعر.... لقد عرفنا الشعر كله، رَجَزه وهَزَجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر. قالوا : فنقول ساحر. قال : ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا بعقده. قالوا : فماذا نقول؟ قال : والله إن لقوله حلاوة؛ وإن عليه طلاوة وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناء، فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول أن تقولوا هو ساحر، يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته.
111
فتفرقوا عنه بذلك. فأنزل الله في الوليد وذلك من قوله ﴿ ذرني ومن خلقت وحيداً... ﴾ [ المدثر : ١١ ] إلى قوله ﴿ سأصليه سقر... ﴾ [ المدثر : ٢٦ ] وأنزل الله في أولئك النفر الذين كانوا معه ﴿ الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ أي أصنافاً ﴿ فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر، عن مجاهد في قوله ﴿ الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ قال : هم رهط من قريش، عضهوا كتاب الله، فزعم بعضهم أنه سحر وزعم بعضهم أنه كهانة وزعم بعضهم أنه أساطير الأوّلين.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن جرير، عن عكرمة يقول : العضه، السحر بلسان قريش. يقولون للساحرة : إنها العاضهة.
وأخرج الترمذي وابن جرير وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أنس، عن النبي ﷺ ﴿ فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ﴾ قال : يسأل العباد كلهم يوم القيامة عن خلتين : عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا به المرسلين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ فوربك لنسألنهم أجمعين ﴾ وقال :﴿ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ﴾ [ الرحمن : ٣٩ ] قال : لا يسألهم هل عملهم كذا وكذا؛ لأنه أعلم منهم بذلك، ولكن يقول : لم عملتم كذا وكذا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ فامضه.
وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ما زال النبي ﷺ مستخفياً حتى نزل ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ فخرج هو وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وأعرض عن المشركين ﴾ قال : نسخه قوله ﴿ اقتلوا المشركين ﴾ [ التوبة : ٥ ].
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ قال : هذا أمر من الله لنبيه بتبليغ رسالته قومه وجميع من أرسل إليه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ قال : اجهر بالقرآن في الصلاة.
وأخرج عن ابن زيد في قوله ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ قال : بالقرآن الذي أوحي إليه أن يبلغهم إياه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ قال : أعلن بما تؤمر.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير، عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :« كان رسول الله ﷺ مستخفياً سنين لا يظهر شيئاً مما أنزل الله حتى نزلت ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ يعني : أظهر أمرك بمكة، فقد أهلك الله المستهزئين بك وبالقرآن، وهم خمسة رهط. فأتاه جبريل بهذه الآية، فقال رسول الله ﷺ :» أراهم أحياء بعد كلهم... «. فاهلكوا في يوم واحد وليلة. منهم العاص بن وائل السهمي، خرج في يومه ذلك في يوم مطير فخرج على راحلته يسير وابن له يتنزه ويتغدى، فنزل شعباً من تلك الشعاب. فلما وضع قدمه على الأرض قال : لدغت. فطلبوا فلم يجدوا شيئاً، وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير، فمات مكانه.
ومنهم الحارث بن قيس السهمي، أكل حوتاً فأصابه غلبة عطش، فلم يزل يشرب عليه من الماء حتى أنقدّ بطنه، فمات وهو يقول : قتلني رب محمد.
ومنهم الأسود بن المطلب، وكان له ابن يقال له زمعة بالشام، وكان رسول الله ﷺ قد دعا على الأب أن يعمى بصره وأن يثكل ولده، فأتاه جبريل بورقة خضراء فرماه بها فذهب بصره. وخرج يلاقي ابنه ومعه غلام له، فأتاه جبريل وهو قاعد في أصل شجرة، فجعل ينطح رأسه ويضرب وجهه بالشوك، فاستغاث بغلامه فقال له غلامه : لا أرى أحداً يصنع بك شيئاً غير نفسك. حتى مات وهو يقول : قتلني رب محمد.
ومنهم الوليد بن المغيرة، مرّ على نبل لرجل من خزاعة قد راشها وجعلها في الشمس، فربطها فانكسرت، فتعلق به سهم منها فأصاب أكحله فقتله.
ومنهم الأسود بن عبد يغوث، خرج من أهله فأصابه السموم فاسودّ حتى عاد حبشياً، فأتى أهله فلم يعرفوه فاغلقوا دونه الباب حتى مات. وهو يقول : قتلني رب محمد. فقتلهم الله جميعاً، فأظهر رسول الله ﷺ أمره وأعلنه بمكة »
.
112
وأخرج أبو نعيم في الدلائل بسندين ضعيفين، عن ابن عباس في قوله ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ قال : قد سلطت عليهم جبريل وأمرته بقتلهم، فعرض للوليد بن المغيرة فعثر به، فعصره عن نصل في رجله حتى خرج رجيعه من أنفه. وعرض للأسود بن عبد العزى وهو يشرب ماء، فنفخ في ذلك حتى انتفخ جوفه فانشق، واعترض للعاص بن وائل وهو متوجه إلى الطائف، فنخسه بِشَبْرُقَةٍ فجرى سمّها إلى رأسه، وقتل الحارث بن قيس بلكزة، فما زال يفوق حتى مات. وقتل الأسود بن عبد يغوث الزهري.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل وابن مردويه بسند حسن والضياء في المختارة، عن ابن عباس في قوله ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ قال : المستهزئون، الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل، فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله ﷺ فقال :« أرني إياهم، فأراه الوليد.
113
فأومأ جبريل إلى أكحله فقال : ما صنعت شيئاً. قال : كفيتكه. ثم أراه الأسود بن المطلب، فأومأ إلى عينيه فقال : ما صنعت شيئاً. قال : كفيتكه، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث، فأومأ إلى رأسه فقال : ما صنعت شيئاً. قال : كَفَيْتُكَهُ. ثم أراه الحرث، فأومأ إلى بطنه فقال : ما صنعت شيئاً. فقال : كفيتكه. ثم أراه العاص بن وائل، فأومأ إلى أخمصه فقال : ما صنعت شيئاً. فقال : كفيتكه. فأما الوليد، فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها. وأما الأسود بن المطلب، فنزل تحت سمرة فجعل يقول : بنيّ، ألا تدفعون عني؟ قد هلكت وَطُعِنْتُ بالشوك في عيني. فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً. فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه. وأما الأسود بن عبد يغوث، فخرج في رأسه قروح فمات منها. وأما الحارث، فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه. وأما العاص، فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتلته «.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق جويبر، عن الضحاك عن ابن عباس، أن الوليد بن المغيرة قال : إن محمداً كاهن، يخبر بما يكون قبل أن يكون وقال أبو جهل : محمد ساحر؛ يفرق بين الأب والابن. وقال عقبة بن أبي معيط : محمد مجنون، يهذي في جنونه. وقال أبي بن خلف : محمد كذاب. فأنزل الله ﴿ انا كفيناك المستهزئين ﴾ فهلكوا قبل بدر.
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس، أن المستهزئين ثمانية : الوليد بن المغيرة، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والعاص بن وائل، والحارث بن عدي بن سهم، وعبد العزى بن قصي؛ وهو أبو زمعة، وكلهم هلك قبل بدر بموت أو مرض. والحارث بن قيس من العياطل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال :﴿ المستهزئين ﴾ منهم : الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والحارث بن قيس، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، وأبو هبار بن الأسود.
وأخرج ابن مردويه عن علي ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ قال : خمسة من قريش، كانوا يستهزئون برسول الله ﷺ، منهم الحارث بن عيطلة والعاص بن وائل والأسود بن عبد يغوث والوليد بن المغيرة.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنس قال : مر النبي ﷺ على أناس بمكة، فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل. فغمز جبريل بأصبعه فوقع مثل الظفر في أجسادهم، فصارت قروحاً نتنة. فلم يستطع أحد أن يدنو منهم. وأنزل الله ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن عكرمة قال : مكث النبي ﷺ بمكة خمس عشرة سنة، منها أربع أو خمس يدعو إلى الإِسلام سراً وهو خائف، حتى بعث الله على الرجال الذين أنزل فيهم ﴿ انا كفيناك المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ والعضين بلسان قريش، والسحر.
114
وأمر بعدوانهم فقال :﴿ فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ﴾ ثم أمر بالخروج إلى المدينة فقدم في ثمان ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول، ثم كانت وقعة بدر. ففيهم أنزل الله ﴿ وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ﴾ [ الأنفال : ٧ ] وفيهم نزلت ﴿ سيهزم الجمع ﴾ [ القمر : ٤٥ ] وفيهم نزلت ﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ﴾ [ المؤمنون : ٦٤ ] وفيهم نزلت ﴿ ليقطع طرفاً من الذين كفروا ﴾ [ آل عمران : ١٢٧ ] وفيهم نزلت ﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ [ آل عمران : ١٢٨ ] أراد الله القوم وأراد رسول الله العير، وفيهم نزلت ﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً... ﴾ [ إبراهيم : ٢٨ ] الآية. وفيهم نزلت ﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا ﴾ [ آل عمران : ١٣ ] في شأن العير ﴿ والركب أسفل منكم ﴾ [ الأنفال : ٤٢ ] أخذوا أسفل الوادي. فهذا كله في أهل بدر، وكانت قبل بدر بشهرين سرية يوم قتل ابن الحضرمي، ثم كانت أحد، ثم يوم الأحزاب بعد أحد بسنتين، ثم كانت الحديبية - وهو يوم الشجرة - فصالحهم النبي ﷺ يومئذ على أن يعتمر في عام قابل في هذا الشهر. ففيها أنزلت ﴿ الشهر الحرام بالشهر الحرام ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ] فشهر العام الأول بشهر العام فكانت ﴿ الحرمات قصاص ﴾ ثم كان الفتح بعد العمرة، ففيها نزلت ﴿ حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد... ﴾ [ المؤمنون : ٧٧ ] الآية. وذلك أن النبي ﷺ غزاهم ولم يكونوا أعدوا له أهبة القتال، ولقد قتل من قريش يومئذ اربعة رهط من حلفائهم، ومن بني بكر خمسين أو زيادة. وفيهم نزلت - لما دخلوا في دين الله ﴿ هو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار ﴾ [ المؤمنون : ٧٨ ] ثم خرج إلى حنين بعد عشرين ليلة، ثم إلى المدينة، ثم أمر أبا بكر على الحج. ولما رجع أبو بكر من الحج، غزا رسول الله ﷺ تبوك، ثم حج رسول الله ﷺ العام المقبل، ثم ودع الناس، ثم رجع فتوفي لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ قال : هؤلاء فيما سمعنا خمسة رهط، استهزأوا بالنبي ﷺ. فلما أراد صاحب اليمن أن يرى النبي ﷺ، أتاه الوليد بن المغيرة فزعم أن محمداً ساحر. وأتاه العاص بن وائل وأخبره أن محمداً يعلم أساطير الأولين، فجاءه آخر فزعم أنه كاهن، وجاءه آخر فزعم أنه شاعر، وجاء آخر فزعم أنه مجنون فكفى الله محمداً أولئك الرهط في ليلة واحدة، فأهلكهم بألوان من العذاب... كل رجل منهم أصابه عذاب. فأما الوليد، فأتى على رجل من خزاعة وهو يريش نبلاً له، فمر به وهو يتبختر فأصابه منها سهم فقطع أكحله، فأهلكه الله.
115
وأما العاص بن وائل، فإنه دخل في شعب فنزل في حاجة له، فخرجت إليه حية مثل العمود فلدغته فأهلكه الله : وأما الآخر، فكان رجلاً أبيض حسن اللون، خرج عشاء في تلك الليلة فأصابته سموم شديدة الحر، فرجع إلى أهله وهو مثل حبشي، فقالوا : لست بصاحبنا. فقال : أنا صاحبكم!.. فقتلوه. وأما الآخر، فدخل في بئر له فأتاه جبريل فعمه فيها، فقال : إني قد قتلت فأعينوني : فقالوا : والله ما نرى أحداً. فكان كذلك حتى أهلكه الله. وأما الآخر، فذهب إلى إبله ينظر فيها، فأتاه جبريل بشوك القتاد فضربه، فقال : أعينوني فإني قد هلكت. قالوا : والله ما نرى أحداً. فأهلكه الله فكان لهم في ذلك عبرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال :« جاء جبريل إلى النبي ﷺ فحنى ظهر الأسود بن عبد يغوث حتى احقوقف صدره. فقال : النبي ﷺ خالي خالي فقال جبريل : دعه عنك فقد كفيته فهو من المستهزئين. قال : وكانوا يقولون سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزئون بها ».
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن قتادة قال : هؤلاء رهط من قريش، منهم الأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وعدي بن قيس.
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم، عن أبي بكر الهذلي قال : قيل للزهري إن سعيد بن جبير وعكرمة اختلفا في رجل من المستهزئين، فقال سعيد : الحارث بن عيطلة وقال عكرمة : الحارث بن قيس. فقال : صدقا جميعاً. كانت أمه تسمى عيطلة، وكان أبوه قيساً.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وأبو نعيم، عن الشعبي رضي الله عنه قال : المستهزئون سبعة، فسمى منهم العاص بن وائل، والوليد بن المغيرة، وهبار بن الأسود، وعبد يغوث بن وهب، والحرث بن عيطلة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم، عن قتادة ومقسم مولى ابن عباس ﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ قال : هم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب، مروا رجلاً رجلاً على رسول الله ﷺ ومعه جبريل، فإذا مر به رجل منهم قال له جبريل : كيف محمد هذا؟ فيقول : بئس عبد الله، فيقول جبريل : كَفَيْنَاكَهُ. فأما الوليد، فتردّى فتعلق سهم بردائه، فذهب يجلس فقطع أكحله فنزف حتى مات.
وأما الأسود بن عبد يغوث، فأتى بغصن فيه شوك، فضرب به وجهه فسالت حدقتاه على وجهه فمات. وأما العاص، فوطئ على شوكة فتساقط لحمه عن عظامه حتى هلك.
وأما الأسود بن المطلب وعدي بن قيس، فأحدهما قام من الليل وهو ظمآن ليشرب من جرة، فلم يزل يشرب حتى انفتق بطنه فمات.
وأما الآخر، فلدغته حية فمات.
116
أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في التاريخ، وابن مردويه والديلمي، عن أبي مسلم الخولاني قال : قال رسول الله ﷺ :« ما أوحي لي أن أجمع المال وأكون من التاجرين، ولكن أوحي إلي أن ﴿ سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه والديلمي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« ما أوحي إليّ أن أكون تاجراً ولا أجمع المال متكاثراً، ولكن أوحي إلي أن ﴿ سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ حتى يأتيك اليقين ﴾ قال : الموت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير، عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ﴿ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ قال : الموت.
وأخرج ابن المبارك في الزهد، عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ قال : الموت.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ قال : الموت إذا جاءه الموت جاءه تصديق ما قال الله له، وحدثه من أمر الآخرة.
وأخرج البخاري وابن جرير عن أم العلاء :« أن رسول الله ﷺ دخل على عثمان بن مظعون وقد مات، فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال : وما يدريك أن الله أكرمه.. ؟ أمّا هو، فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير ».
وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« خير ما عاين الناس له، رجل يمسك بعنان فرسه فالتمس القتل في مظانه : ورجل في شعب من هذه الشعاب، أو في بطن وادٍ من هذه الأودية في غنيمة أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد الله حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير ».
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« من طلب ما عند الله، كانت السماء ظلاله والأرض فراشه، لم يهتم بشيء من أمر الدنيا. فهو لا يزرع الزرع وهو يأكل الخبز، وهو لا يغرس الشجر ويأكل الثمار؛ توكّلاً على الله وطلب مرضاته فضمن الله السموات السبع والأرضين السبع رزقه، فهم يتعبأون به ويأتون به حلالاً، واستوفى هو رزقه بغير حساب عبد الله حتى أتاه اليقين ».
وأخرج ابن المبارك في الزهد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله، ومن كانت راحته في لقاء الله فكان قد كفي. والله أعلم بالصواب.
Icon