تفسير سورة يس

روح البيان
تفسير سورة سورة يس من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

ثم ان البصير هو المدرك لكل موجود برؤيته وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفّقه لصالح القول والعمل نسأل الله سبحانه ان يفتح بصيرتنا الى جانب الملكوت ويأخذنا عن التعلق بعالم الناسوت ويحلم عنا باسمه الحليم ويختمنا بالخير ويجعلنا ممن اتى بقلب سليم تمت سورة الملائكة فى اواخر شهر الله رجب من سنة عشر ومائة والف من هجرة من له أكمل الشرف
تفسير سورة يس
ثلاث وثمانون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
يس اما مسرود على نمط التعديل فلا حظ له من الاعراب او اسم للسورة وعليه الأكثر فمحله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى هذه يس او النصب على انه مفعول لفعل مضمر اى اقرأ يس ويؤيد كونه اسم السورة قوله عليه السلام (ان الله تعالى قرأ طه ويس قبل ان خلق آدم بألفي عام فاذا سمعت الملائكة قالوا طوبى لامة ينزل عليهم هذا وطوبى لالسن تتكلم بهذا وطوبى لا جواف تحمل هذا) [ودر خبرست كه چون دوستان حق در بهشت رسند از جناب جبروت ندا آيد كه از ديكران بسيار بشنيديد وقت آن آمد كه از ما شنويد «فيسمعهم سورد الفاتحة وطه ويس» مصطفى عليه السلام كفت] (كأن الناس لم يسمعوا القرآن حين سمعوا الرحمن يتلوه عليهم) كما فى كشف الاسرار وقال بعضهم ان الحروف المقطعة اسماء الله تعالى ويدل عليه ان عليا رضى الله عنه كان يقول «يا كهيعص يا حمعسق» فيكون مقسما به مجرورا او منصوبا بإضمار حرف القسم وحذفه والمراد بحذفه ان لا يكون اثره باقيا وبإضماره ان يبقى اثره مع عدم ذكره ففى نحو الله لافعلن يجوز النصب بنزع الخافض واعمال فعل القسم المقدر ويجوز الجر ايضا بإضمار حرف الجر اى اقسم بيس اى الله تعالى وفى الإرشاد لا مساغ للنصب بإضمار فعل القسم لان ما بعده مقسم به وقد أبوا الجمع بين القسمين على شىء واحد قبل انقضاء الاول وقال بعض الحكماء الالهية انها اسماء ملائكة هم اربعة عشر كما سبق بيانه فى طسم وعن ابن عباس رضى الله عنهما وهو قول كثير منهم ان معنى (يس) يا انسان فى لغة طى على ان المراد به رسول الله عليه السلام ولعل أصله يا انيسين تصغير انسان للتكبير فان صيغة التصغير قد تكون لاظهار العطف والتعظيم ولا سيما ان المتكلم بصيغة التصغير هو الله تعالى وهو لا يقول ولا يفعل الا ما هو صواب وحكمة فتكون «يا» من يس حرف نداء و «سين» شطر انيسين فلما كثر النداء به فى ألسنتهم اقتصروا على شطره الثاني للتخفيف كما قالوا فى القسم من الله أصله ايمن الله [واين خطاب با صورت رد بشريت مصطفاست عليه السلام چنانكه جاى ديكر كفت (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) از آنجا كه انسانيت وجنسيت آنست او مشاكل خلق است واين خطاب با انسان بر وفق آنست واز آنجا كه
364
شرف نبوتست وتخصيص رسالت خطاب با وى اينست كه (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) واين خطاب كه با صورت وبشريت از بهر آن رفت كه تا نقاب غيرت سازند وهر نامحرمرا بر جمال وكمال وى اطلاع ندهند اين چنانست كه كويند] ارسلانم خوان تا كس نه بداند كه كيم وعن ابن الحنفية معناه يا محمد دليله قوله بعده انك لمن المرسلين وفى الحديث (ان الله سمانى بسبعة اسماء محمد واحمد وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد الله) ويؤيده انه يقال لاهل البيت آل يس كما قيل سلام على ال طه ويس سلام على ال خير النبيين لله دركمو يا آل ياسينا يقول الفقير يحتمل ان يكون المراد بآل يس أول من عظمه الله تعالى بما فى سورة يس فلا يحصل التأييد وقال الكاشفى [حقيقت آنست كه در كلام عرب از كلمه بحرفى تعبير ميكنند چنانچهـ قد قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت پس ميشايد كه حرف سين اشارت بكلمه يا سيد البشر او يا سيد الأولين والآخرين وحديث (انا سيد ولد آدم) تفسير اين حرف بود] كما قال فى العرائس لم يمدح عليه السلام بذلك نفسه ولكن اخبر عن معنى مخاطبة الحق إياه بقوله يس انتهى [وديكر ببايد دانست كه از ميان حروف سين را سويت اعتداليه هست كه ميان زبر وبينات او توافق وتساوى هست وهيچ حرفى ديكر آن حال ندارد لا جرم مخصوص بحضرت ختميه است ﷺ كه عدالت حقيقى خواه در طريق توحيد وخواه در احكام شرع بدو اختصاص دارد
تراست مرتبه اعتدال در همه حال كه در خصائص توحيد اعدل از همه
تمكن است ترا در مقام جمع الجمع بدين فضيلت مخصوص افضلى از همه
واز فحواى كلمات سابقه روايح رياحين قلب القرآن يس استشمام ميتواند نمود] وسيجيئ تمامه فى آخر السورة ان شاء الله تعالى وقال نعمة الله النقشبندي يا من تحقق بينبوع بحر اليقين وسبح سالما من الانحراف والتلوين وشيخ نجم الدين [كفت قسمست بيمن نبوت حبيب وبسر مطهر او] وقال البقلى اقسم بيد القدرة الازلية وسناء الربوبية وقال القشيري الياء يشير الى يوم الميثاق والسين الى سره مع الأحباب كأنه قال بحق يوم الميثاق وسرى مع الأحباب والقرآن إلخ وذهب قوم الى ان الله تعالى لم يجعل لاحد سبيلا الى ادراك معانى الحروف المقطعة فى أوائل السور وقالوا ان الله تعالى متفرد بعلمها ونحن نؤمن بانها من جملة القرآن العظيم ونكل علمها اليه تعالى ونقرأها تعبدا وامتثالا لامر الله وتعظيما لكلامه وان لم نفهم منها ما نفهمه من سائر الآيات [در ينابيع آورده كه هر حرفى از حروف مقطعه را سريست از اسرار خزانه غيب كه حضرت حق حبيب خود را بر آن اطلاع داده بعد از ان جبرائيل بر آن نازل شده وجز خدا ورسول مقبول كسى بر آن وقوف ندارد] قال الشيخ ابن نور الدين فى بعض وارداته سألت رسول الله ﷺ عن اسرار المتشابهات من الحروف فقال هى من اسرار المحبة بينى وبين الله فقلت هل يعرفها أحد فقال ولا يعرفها جدى ابراهيم
365
الى تنزيله لعلة بل هو رحيم اقتضت رحمته تنزيل القرآن فانه حبل الله يعتصم به الطالب الصادق ويصعد الى سرادقات عزته وعظمته وفى كشف الاسرار [عزيز به بيكانكان رحيم بمؤمنان اگر عزيز بود بى رحيم هركز او را كسى نيابد واگر رحيم بود بى عزيز همه كس او را يابد عزيز است تا كافران در دنيا او را ندانند رحيم است در عقبى تا مؤمنان او را بينند]
دست رحمت نقاب خود بكشيد... عاشقان ذوق وصل او بچشيد
ماند اهل حجاب در پرده... ببلاى فراق او مرده
لِتُنْذِرَ متعلق بتنزيل اى لتخوف بالقرآن قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ ما نافية والجملة صفة مبينة لغاية احتياجهم الى الانذار. والمعنى لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم الأقربون لتطاول مدة الفترة ولم يكونوا من اهل الكتاب ويؤيده قوله تعالى (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) يعنى العرب وقوله (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ) الى قوله (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ويجوز ان تكون ما موصولة او موصوفة على ان تكون الجملة مفعولا ثانيا لتنذر بحذف العائد. والمعنى لتنذر قوما العذاب الذي أنذره او عذابا أنذره آباؤهم الأبعدون فى زمن إسماعيل عليه السلام وانما وصف الآباء فى التفسير الاول بالاقربين وفى الثاني بالابعدين لئلا يلزم ان يكونوا منذرين وغير منذرين فآباؤهم الأقدمون أتاهم النذير لا محالة بخلاف آبائهم الأدنين وهم قريش فيكون ذلك بمعنى قوله (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) فان قلت كيف هذا وقد وقعت الفترات فى الازمنة بين نبى ونبى حسبما يحكى فى التواريخ واما الحديث فقيل كان خالد مبعوثا الى بنى عبس خاصة دون غيرهم من العرب وكان بين عهد عيسى وعهد نبينا عليه السلام. ويقال ان قبره بناحية جرجان على قلة جبل يقال له خدا وقد قال فيه الرسول عليه السلام لبعض من بناته جاءته (يا بنت نبى ضيعه قومه) كذا فى الاسئلة المقحمة ويحتمل التوفيق بوجه آخر وهو ان المراد بالامة التي خلافيها نذير هى الامة المستأصلة فانه لم يستأصل قوم إلا بعد النذير والإصرار على تكذيبه وايضا ان خلو النذير فى كل عصر يستلزم وجوده فى كل ناحية والله اعلم فَهُمْ غافِلُونَ متعلق بنفي الانذار مترتب عليه. والضمير للفريقين اى لم ينذر آباؤهم فهم جميعا لاجله غافلون عن الايمان والرشد وحجج التوحيد وادلة البعث والفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله فالنفى المتقدم سبب له يعنى ان عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم ويجوز ان يكون متعلقا بقوله لتنذر ردا لتعليل إنذاره فالضمير للقوم خاصة اى فهم غافلون بما انذر آباؤهم الأقدمون لامتداد المدة فالفاء داخلة على سبب الحكم المتقدم. والغفلة ذهاب المعنى عن النفس والنسيان ذهابه عنها بعد حضوره قال بعضهم الغفلة نوم القلب فلا تعتبر حركة اللسان إذا كان القلب نائما ولا يضر سكونه إذا كان متيقظا ومعنى التيقظ ان يشهده تعالى حافظا له رقيبا عليه قائما بمصالحه: قال المولى الجامى قدس سره
رب تال يفوه بالقرآن... وهو يفضى به الى الخذلان
لعنتست اين كه بهر لهجه وصوت... شود از تو حضور خاطر فوت
فكر حسن غنا برد هوشت... متكلم شود فراموشت
على انه حال من المفعول او حال كونه غائبا عن عيون الناس فى خلوته ولم يغتر برحمته فانه منتقم قهار كما انه رحيم غفار وكيف يؤمن سخطه وعذابه بعد ان قال (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) ومن كان نعمته بسبب رحمته اكثر فالخوف منه أتم مخافة ان يقطع عنه النعم المتواترة فظهر وجه ذكر الرحمن مع الخشية مع ان الظاهر ان يذكر معها ما ينبئ عن القهر وفى التأويلات النجمية (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) اى بنور غيبتى يشاهد وخامة عاقبة الكفر والعصيان ويتحقق عنده بشواهد الحق كمالية حلاوة الايمان ورفعة رتبة العرفان فَبَشِّرْهُ اى من اتبع وخشى وحد الضمير مراعاة للفظ من بِمَغْفِرَةٍ عظيمة لذنوبه وَأَجْرٍ كَرِيمٍ حسن مرضى لاعماله الصالحة لا يقادر قدره وهو الجنة وما فيها مما أعده الله لعباده الجامعين بين اتباع ذكره وخشيته والفاء لترتيب البشارة او الأمر بها على ما قبلها من اتباع الذكر والخشية يقول الفقير رتب التبشير بمثنى على مثنى فالتأمل فى القرآن او التأثر من الوعظ يؤدى الى الايمان المؤدى الى المغفرة لان الله تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء والخشية تؤدى الى الحسنات المؤدية الى الاجر الكريم لانه تعالى قال (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) قال بعضهم الانذار لا يؤثر الا فى اصحاب الذكر لانهم فى مشاهدة عظمة المذكور فبركة موعظة الصادق تزيد لهم تعظيم الله تعالى وإجلاله وإذا زاد هذا المعنى زادت العبودية وزال التعب وحصل الانس مع الرب واعلم ان الجنة دار جمال وانس وتنزل الهى لطيف. واما النار فهى دار جلال وجبروت فالاسم الرب مع اهل الجنة والاسم الجبار مع اهل النار ابد الآبدين ودهر الداهرين وقد قال تعالى (هؤلاء للجنة ولا أبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي) وانما كان الحق تعالى لا يبالى بذلك لان رحمته سبقت غضبه فى حق الموحدين او فى حق المشركين ويكون المراد بالرحمة رحمة الإيجاد من العدم لانها سابقة على سبب الغضب الواقع منهم فلذلك كان تعالى لا يبالى بما فعل بالفريقين. ولو كان المراد من عدم المبالاة ما توهمه بعضهم لما وقع الاخذ بالجرائم ولا وصف الحق نفسه بالغضب ولا كان البطش الشديد هذا كله من المبالاة والتهم بالمأخوذ كذا فى الفتوحات المكية إِنَّا من مقام كمال قدرتنا والجمع للتعظيم ولكثرة الصفات وقال بعضهم لما فى احياء الموتى من حظ الملائكة وينافيه الحصر الدال عليه قوله نَحْنُ قال فى البحر كرر الضمير لتكرير التأكيد نُحْيِ الْمَوْتى
نبعثهم بعد مماتهم ونجزيهم على حسب أعمالهم فيظهر حينئذ كمال الإكرام والانتقام للمبشرين والمنذرين من الأنام والاحياء جعل الشيء حيا ذا حس وحركة والميت من اخرج روحه وقد اطلق النبي عليه السلام لفظ الموتى على كل غنى مترف وسلطان جائر وذلك فى قوله عليه السلام (اربع يمتن القلب الذنب على الذنب وكثرة مصاحبة النساء وحديثهن وملاحاة الأحمق تقول له ويقول لك ومجالسة الموتى قيل يا رسول الله وما مجالسة الموتى قال كل غنى مترف وسلطان جائر) وفى التأويلات النجمية نحيى قلوبا ماتت بالقسوة بما نمطر عليها من صوب الإقبال والزلفة انتهى فالاحياء إذا مجاز عن الهداية وَنَكْتُبُ اى نحفظ ونثبت فى اللوح المحفوظ يدل عليه آخر الآية او يكتب رسلنا وهم الكرام الكاتبون وانما أسند
374
اليه تعالى ترهيبا ولانه الآمر به ما قَدَّمُوا اى اسلفوا من خير وشر وانما اخر الكتابة مع انها مقدمة على الاحياء لانها ليست مقصودة لذاتها وانما تكون مقصودة لامر الاحياء ولولا الاحياء والاعادة لما ظهر للكتابة فائدة أصلا وَآثارَهُمْ اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده اى آثارهم التي ابقوها من الحسنات كعلم علموه او كتاب الفوه او حبيس وقفوه او بناء شىء من المساجد والرباطات والقناطر وغير ذلك من وجوه البرّ: قال الشيخ سعدى
نمرد آنكه ماند پس از وى بجاى پل ومسجد وخان ومهمان سراى
هر آن كو نماند از پسش يادگار درخت وجودش نياورد بار
ور كرفت آثار خيرش نماند نشايد پس از مرك الحمد خواند
ومن السيئات كوظيفة وظفها بعض الظلمة على المسلمين مسانهة او مشاهرة وسكة أحدثها فيها تحسيرهم وشىء أحدث فيه صدّ عن ذكر الله من الحان وملاهى ونحوه قوله تعالى (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ)
اى بما قدم من اعماله واخر من آثاره: وفى المثنوى
هر كه بنهد سنت بد اى فتى تا در افتد بعد او خلق از عمى
جمع كردد بر وى آن جمله بزه كو سرى بودست وايشان دم غزه
فعلى العدول ان يرفعوا الأحداث التي فيها ضرر بين للناس فى دينهم ودنياهم والا فالراضى كالفاعل وكل مجزى بعمله
از مكافات عمل غافل مشو كندم از كندم برويد جو ز جو
كين چنين كفتست پير معنوى كاى برادر هر چهـ كارى بدروى
وقال بعض المفسرين هى آثار المشائين الى المساجد ولعل المراد انها من جملة الآثار كما فى الإرشاد- روى- ان جماعة من الصحابة بعدت دورهم عن المسجد النبوي فارادوا النقلة الى جوار المسجد فقال عليه السلام (ان الله يكتب خطواتكم ويثيبكم عليها فالزموا بيوتكم) والله تعالى لا يترك الجزاء على الخطى سواء كانت فى حسنة او فى سيئة وفى الحديث (أعظم الناس اجرا من يصلى ثم ينام) واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الأفضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الأبعد فقالت طائفة الصلاة فى الأبعد أفضل لكثرة الثواب الحاصل بكثرة الخطى وقال بعضهم الصلاة فى الأقرب أفضل لما ورد (لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد) ولاحياء حق المسجد ولماله من الجوار وان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه يحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار أفضل لما فيه من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة واما لو كان إذا صلى فى مسجد الجوار صلى وحده فالبعيد أفضل ولو كان إذا صلى فى بيته صلى جماعة وإذا صلى فى المسجد صلى وحده ففى بيته أفضل قال بعضهم جار المسجد أربعون دارا من كل جانب وقيل جار المسجد من سمع النداء قال فى مجمع الفتاوى رجل لو كان فى جواره مسجدان يصلى فى أقدمهما لان له زيادة حرمة وان كانا سواء أيهما اقرب يصلى هناك وان كان فقيها يذهب الى الذي قومه اقل حتى يكثر بذهابه وان لم يكن فقيها يخير قالوا كل ما فيه الجماعة كالفرائض والتراويح فالمسجد فيه أفضل فثواب المصلين فى البيت بالجماعة
375
دون ثواب المصلين فى المسجد بالجماعة وفى الحديث (صلاة الرجل فى جماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه (خمسة وعشرين ضعفا) وفى رواية (سبعة وعشرين) وذلك لان فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة والرواتب عشر فالجميع سبع وعشرون واكثر العلماء على ان الجماعة واجبة وقال بعضهم سنة مؤكدة وفى الحديث (لقد هممت ان آمر رجلا يصلى بالناس وانظر الى أقوام يتخلفون عن الجماعة فاحرّق بيوتهم) وهذا يدل على جواز إحراق بيت المتخلف عن الجماعة لان الهم على المعصية لا يجوز من الرسول عليه السلام لانه معصية فاذا جاز إحراق البيت على ترك الواجب او السنة المؤكدة فما ظنك فى ترك الفرض وفى الحديث (بشروا المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة) وفيه اشارة الى ان كل ظلمة ليست بعذر لترك الجماعة بل الظلمة الشديدة واطلاق اللفظ يشعر بان المتحرى للافضل ينبغى ان لا يتخلف عن الجماعة بأى وجه كان الا ان يكون العذر ظاهرا والاعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة هى المرض الذي يبيح التيمم ومثله كونه مقطوع اليد والرجل من خلاف او مفلوجا او لا يستطيع المشي او أعمى والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة فى الصحيح وكذا الخوف من السلطان او غيره من المتغلبين جعلنا الله وإياكم ممن قام بامره فى جميع عمره وَكُلَّ شَيْءٍ من الأشياء كائنا ما كان سواء كان ما يصنعه الإنسان او غيره وهو منصوب بفعل مضمر يفسره قوله أَحْصَيْناهُ ضبطناه وبيناه قال ابن الشيخ اصل الإحصاء العد ثم استعير للبيان والحفظ لان العد يكون لاجلهما وفى المفردات الإحصاء التحصيل بالعدد يقال أحصيت كذا وذلك من لفظ الحصى واستعمال ذلك فيه لانهم كانوا يعتمدون عليه فى العد اعتمادنا فيه على الأصابع فِي إِمامٍ مُبِينٍ اصل عظيم الشان مظهر لجميع الأشياء مما كان وما سيكون وهو اللوح المحفوظ سمى اماما لانه يؤتم به ويتبع قال الراغب الامام المؤتم به إنسانا كان يقتدى بقوله وبفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا وجمعه ائمة نحو قوله تعالى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) اى بالذي يقتدون به وقيل بكتابهم (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) فقد قيل اشارة الى اللوح المحفوظ انتهى. وفى الإحصاء ترغيب وترهيب فان المحصى لم يصح منه الغفلة فى حال من الأحوال بل راقب نفسه فى كل وقت ونفس وحركة وسكنة وخاصية هذا الاسم تسخير القلوب فمن قرأه عشرين مرة على كل كسرة من الخبر والكسر عشرون فانه يسخر له الخلق فان قلت ما فائدة تسخير الخلق قلت دفع المضرة او جلب
المنفعة وأعظم المنافع التعليم والإرشاد واختار بعض الكبار ترك التصرف والالتفات الى جانب الخلق بضرب من الحيل فان الله تعالى يفعل ما يريد والا هم تسخير النفس الامارة حتى تنقاد للامر وتطيع للحق فمن لم يكن له امارة على نفسه كان ذليلا فى الحقيقة وان كان مطاعا فى الظاهر وفى التأويلات النجمية (وَكُلَّ شَيْءٍ) مما يتقربون به إلينا (أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) اى أثبتنا آثاره وأنواره فى لوح محفوظ قلوب احبابنا انتهى واعلم ان قلب الإنسان الكامل امام مبين ولوح الهى فيه أنوار الملكوت منتقشة واسرار الجبروت منطبعة مما كان فى حد البشر دركه وطوق العقل الكلى كشفه وانما يحصل هذا بعد التصفية بحيث لم يبق فى القلب
376
فى قلوبكم العلم بصدقنا فان آمنتم والا فينزل العذاب عليكم وفيه تعريض لهم بان انكارهم للحق ليس لخفاء حاله وصحته بل هو مبنى على محض العناد والحمية الجاهلية قالُوا لما ضاقت عليهم الحيل ولم يبق لهم علل إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ اصل التطير التفاؤل بالطير فانهم يزعمون ان الطائر السانح سبب للخير والبارح سبب للشر كما سبق فى النمل ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به والمعنى انا تشاءمنا بكم جريا على ديدن الجهلة حيث كانوا يتيمنون بكل ما يوافق شهواتهم وان كان مستجلبا لكل شر ووبال ويتشاءمون بكل ما لا يوافقها وان كان مستتبعا لسعادة الدارين وقال النقشبندي قد تشاءمنا بقدومكم إذ منذ قدمتم الى ديارنا ما نزل القطر علينا وما أصابنا هذا الشر الا من قبلكم اخرجوا من بيننا وارجعوا الى أوطانكم سالمين وانتهوا عن دعوتكم ولا تتفوهوا بها بعد. وكان عليه السلام يحب التفاؤل ويكره التطير والفرق بينهما ان الفأل انما هو من طريق حسن الظن بالله والتطير انما هو من طريق الاتكال على شىء سواه وفى الخبر لما توجه النبي عليه السلام نحو المدينة لقى بريدة بن اسلم فقال (من أنت يا فتى) قال بريدة فالتفت عليه السلام الى ابى بكر فقال (برد أمرنا وصلح) اى سهل ومنه قوله (الصوم فى الشتاء الغنيمة الباردة) ثم قال عليه السلام (ابن من أنت يافتى) قال ابن اسلم فقال عليه السلام لابى بكر رضى الله عنه (سلمنا من كيدهم) وفى الفقه لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند البعض وفى الحديث (ليس عبد الا سيدخل فى قلبه الطيرة فاذا أحس بذلك فليقل انا عبد الله ما شاء الله لا قوة الا بالله لا يأتى بالحسنات الا الله ولا يذهب بالسيئات الا الله اشهد ان الله على كل شىء قدير ثم يمضى بوجهه) يعنى يمضى مارّا بوجهه اى بجهة وجهه فعدى يمضى بالباء لتضمين معنى المرور قالوا من تطير تطيرا منهيا عنه حتى منعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه كما فى عقد الدر لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا والله لئن لم تمتنعوا عن مقالتكم هذه ولم تسكتوا عنا: وبالفارسية [واگر نه باز ايستيد از دعواى خود] لَنَرْجُمَنَّكُمْ [الرجم:
سنكسار كردن] اى لنرمينكم بالحجارة وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ [وبشما رسد از ما عذابى درد نماى] اى لا نكفى برجمكم بحجر او حجرين بل نديم ذلك عليكم الى الموت وهو العذاب الأليم او ليمسنكم بسبب الرجم منا عذاب مؤلم. وفسر بعضهم الرجم بالشتم فيكون المعنى لا نكتفى بالشتم بل يكون شتمنا مؤديا الى الضرب والإيلام الحسى- حكى- ان دباغا مر بسوق العطارين فغشى عليه وسقط فاجتمع عليه اهل السوق وعالجوه بكل ما يمكن من الأشياء العطرة فلم يفق بل اشتد عليه الحال ولم يدر أحد من اين صار مصروعا ثم اخبر اقرباؤه بذلك فجاء اخوه وفى كمه شىء من نجاسة الكلب فسحقه حتى إذا وصلت رائحته الى شمه أفاق وقام وهكذا حال الكفار كما قال جلال الدين قدس سره فى المثنوى
ناصحان او را بعنبر يا كلاب مى دوا سازند بهر فتح باب
مر خبيثانرا نشايد طيبات در خور ولايق نباشد اى ثقات
چون ز عطر وحي كم كشتند وكم بد فغان شان كه تطيرنا بكم
عصاى كليمند بسيار خوار بظاهر چنين زرد روى ونزار
[چون حبيب آن قوم را نصيحت كرد ايشان كفتند] وأنت مخالف لديننا ومتابع لهؤلاء الرسل فقال وَما لِيَ وأي شىء عرض لى لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي خلقنى وأظهرني من كتم العدل وربانى بانواع اللطف والكرم وقد سبق الفطر فى أول فاطر وهذا تلطف فى الإرشاد بايراده فى معرض المناصحة لنفسه وإمحاض النصح حيث أراهم انه اختار لهم ما يختار لنفسه والمراد لنفسه والمراد تقريعهم على ترك عبادة خالقهم الى عبادة غيره كما ينبئ عنه قوله وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ مبالغة فى التهديد اى اليه تعالى لا الى غيره تردون ايها القوم بعد البعثة للمجازاة او للمحاسبة قال فى فتح الرحمن أضاف الفطرة الى نفسه والرجوع إليهم لان الفطرة اثر النعمة وكانت عليه اظهر وفى الرجوع معنى الزجر وكان بهم أليق قال بعض العارفين العبودية ممزوجة بالفطرة والمعرفة فوق الخلقة والفطرة وهذا المعنى مستفاد من قول النبي عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة) ولو كانت المعرفة ممزوجة بالفطرة لما قال (وأبواه يهودانه ويمجسانه وينصرانه) بل المعرفة تتعلق بكشف جماله وجلاله صرفا بالبديهة بغير علة واكتساب لقوله (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال بعضهم العبد الخالص من عمل على رؤية الفطرة لا غير وأجل منه من يعمل على رؤية الفاطر ثم عاد على المساق الاول وهو إبراز الكلام فى صورة النصيحة لنفسه فقال أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ اى دون الذي فطرنى وهو الله تعالى آلِهَةً باطلة وهى الأصنام وهو انكار ونفى لاتخاذ الآلهة على الإطلاق اى لا اتخذ ثم استأنف لتعليل النفي فقال إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ يعنى [اگر خواهد رحمن ضررى بمن رسد] والضر اسم لكل سوء ومكروه يتضر ربه لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ اى الآلهة شَيْئاً اى لا تنفعنى شيأ من النفع إذ لا شفاعة لهم فتنفع فنصب شيأ على المصدرية وقوله لا تغن جواب الشرط والجملة الشرطية استئناف لا محل لها من الاعراب وَلا يُنْقِذُونِ الانقاذ التخليص اى لا يخلصوننى من ذينك الضر والمكروه بالنصرة والمظاهرة وهو عطف على لا تغن وعلامة الجزم حذف نون الاعراب لان أصله لا ينقذوننى وهو تعميم بعد تخصيص مبالغة بهما فى عجزهم وانتفاء قدرتهم قال الامام السهيلي ذكروا ان حبيبا كان به داء الجذام فدعا له الحوارى فشفى فلذلك قال ان يردن الرحمن إلخ انتهى وقال بعضهم ان المريض كان ابنه كما سبق الا ان يقال لا مانع من ابتلاء كليهما او ان مرض ابنه فى حكم مرض نفسه فلذا أضاف الضر الى نفسه ويحتمل ان الضر ضر القوم لانه روى شفاء كثير من مرضاهم على يدى الرسل فاضافه حبيب الى نفسه على طريقة ما قبله من الاستمالة وتعريفا للاحسان بهم بطريق اللطف إِنِّي إِذاً اى إذا اتخذت من دونه آلهة لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ فان اشراك ما ليس من شأنه النفع ولا دفع الضر بالخالق المقتدر الذي لا قادر غيره ولا خير إلا خيره ضلال بين لا يخفى على أحد ممن له تمييز فى الجملة إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ الذي خلقكم ورباكم بانواع النعم وانما قال آمنت بربكم وما قال آمنت بربي ليعلموا ان ربهم هو الذي يعبده فيعبدوا ربهم ولو قال انى آمنت بربي لعلهم يقولون أنت تعبد ربك ونحن نعبد
والطاعة جريا على سنن الأولياء فى كظم الغيظ والترحم على الأعداء وليعلموا انهم كانوا على خفاء عظيم فى امره وانه كان على الحق وان عداوتهم لم تكسبه إلا سعادة يا لَيْتَ قَوْمِي يا فى مثل هذا المقام لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه [اى كاشكى قوم من] يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي ما موصولة اى بالذي غفر لى ربى بسببه ذنوبى او مصدرية اى بمغفرة ربى والباء صلة يعلمون او استفهامية وردت على الأصل وهو ان لا تحذف الالف بدخول الجار والباء متعلقة بغفر اى بأى شىء غفر لى ربى يريد به تفخيم شأن المهاجرة عن ملتهم والمصابرة على اذيتهم لاعزاز الدين حتى قتل وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ اى المنعمين فى الجنة وان كان على النصف إذ تمامه انما يكون بعد تعلق الروح بالجسد يوم القيامة وفى الحديث المرفوع (نصح قومه حيا وميتا) [اگر آن قوم اين كرامت ديدندى ايشان نيز ايمان آوردندى] وهكذا ينبغى للمؤمن ان يكون ناصحا للناس لا يلتفت الى تعصبهم وتمردهم ويستوى حاله فى الرضى والغضب قال حمدون القصار لا يسقط عن النفس رؤية الخلق بحال ولو سقط عنها فى وقت لسقط فى المشهد الأعلى فى الحضرة ألا تراه فى وقت دخول الجنة يقول يا ليت قومى يعلمون يحدّث نفسه إذ ذاك يقول الفقير وذلك لان حجاب الإمكان الذي هو متعلق بجانب النفس والخلق والكثرة لا يزول ابدا وان كان الانسلاخ التام ممكنا لا كامل البشر عند كمال الشهود فان هذا الانسلاخ لا يخرجهم عن حد الحدوث والإمكان بالكلية والا يلزم ان ينقلب الحادث الممكن واجبا قديما وهو محال قال فى كشف الاسرار [نشان كرامت بنده آنست كه مردوار درآيد وجان ودل وروزكار فداى حق ودين اسلام كند چنانكه حبيب كرد تا از حضرت عزت اين خلعت كرامت بدو رسيد كه (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) دوستان او چون بآن عقبه خطرناك رسند بايشان خطاب آيد (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) باز ايشانرا بشارت دهند كه (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ) احمد بن حنبل رحمه الله در نزع بود بدست اشارت مى كرد وبزبان دند نه مى كفت عبد الله پسرش كوش بر دهان او نهاد تا چهـ شنود او در خويشتن مى كفت «لا بعد لا بعد» پسرش كفت اى پدر اين چهـ حالتست كفت اى عبد الله وقتى با خطر است بدعا مددى ده اينك إبليس بر ايستاده وخاك ادبار بر سر مى ريزد وميكويد كه جان ببردى از زخم ما ومن ميكويم «لا بعد» هنوز نه با يك نفس مانده جاى خطر است نه جاى أمن وكار موقوف بعنايت حق. امير المؤمنين على رضى الله عنه كويد يكى را در خاك مى نهادم سه بار روى او بجانب قبله كردم هر بار روى از قبله بگردانيد پس ندايى شنيد كه اى على دست بدار آنكه ما ذليل كرديم تو عزيز نتوانى كرد وكذا العكس در خبر آيد كه بنده مؤمن چون از سراى فانى روى بدان منزل بقا نهد غسال او را بدان تخته چوب خواباند تا بشويد از جناب قدم بنعت كرم خطاب آيد كه اى مقربان دركاه درنكريد چنانكه آن غسال ظاهر او بآب ميشويد ما باطن او بآب رحمت ميشوييم ساكنان حضرت جبروت كويند پادشاها ما را خبر كن تا آنچهـ نورست كه از دهان وى شعله مى زند وكويد از نور جلال ماست كه از باطن وى بر ظاهر تجلى ميكند
الى الدنيا فينتقمون من أعدائهم ويملأون الأرض قسطا كما ملئت جورا وذلك القول مخالف للنص نعم ان روحانية على رضى الله عنه من وزراء المهدى فى آخر الزمان على ما عليه اهل الحقائق ولا يلزم من ذلك محذور قطعا لان الأرواح تعين الأرواح والأجسام فى كل وقت وحال فاعرف هذا وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ ان نافية وتنوين كل عوض عن المضاف اليه. ولما بمعنى الا. وجميع فعيل بمعنى مفعول جمع بين كل وجميع لان الكل يفيد الإحاطة دون الاجتماع والجميع يفيد ان المحشر يجمعهم. ولدينا بمعنى عندنا ظرف لجميع او لما بعده. والمعنى ما كل الخلائق الا مجموعين عندنا محضرون للحساب والجزاء وهذه الآية بيان لرجوع الكل الى المحشر بعد بيان عدم الرجوع الى الدنيا وان من مات ترك على حاله ولو لم يكن بعد الموت بعث وجمع وحبس وعقاب وحساب لكان الموت راحة للميت ولكنه يبعث ويسأل فيكرم المؤمن والمخلص والصالح والعادل ويهان الكافر والمنافق والمرائى والفاسق والظالم فيفرح من يفرح ويتحسر من يتحسر فللعباد موضع التحسر ان لم يتحسروا اليوم واعلم انه غلبت على اهل زماننا مخالفة اهل الحق ومعاداة اولياء الله واستهزاؤهم ألا ترون انهم يستمعون القول من المحققين فيتبعون اقبحه ويقعون فى اولياء الله ويستهزئون بهم وبكلماتهم المستحسنة الا من يشاء الله به خيرا من اهل النظر وارباب الارادة وقليل ما هم فكما ان الله تعالى هدد كفار الشريعة فى هذا المقام من طريق العبارة كذلك هدد كفار الحقيقة من طريق الاشارة فانه لم يفت منهم أحد ولم ينفلت من قبضة القدرة الى يومنا هذا ولم يكن لواحد منهم عون ولا مدد وكلهم رجعوا اليه واحضروا لديه وعوتبوا بل عوقبوا على ما هم عليه ثم اعلم ان الله تعالى جعل هذه الامة آخر الأمم فضلا منه وكرما ليعتبروا بالماضين وما جعلهم عبرة لامة اخرى وانه تعالى قد شكا لهم من كل امة وما شكا الى أحد من غيرهم شكايتهم الا ما شكا الى نبيهم المصطفى ﷺ ليلة المعراج كما قال عليه السلام (شكا ربى من أمتي شكايات. الاولى انى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد. والثانية انى لا ادفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والربعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العز من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون ان يوفعوا أنفسهم فيها)
فغان از بديها كه در نفس ماست نه فعل نكو هست نه كفتار راست
دو خواهنده بودن بمحشر فريق ندانم كدامين دهندم طريق
خدايا دو چشمم ز باطل بدوز بنورم كه فردا بنارت مسوز
وَآيَةٌ علامة عظيمة ودلالة واضحة على البعث والجمع والإحضار وهو خبر مقدم للاهتمام به وقوله لَهُمُ اى لاهل مكة اما متعلق بآية لانها بمعنى العلامة او بمضمر هو صفة لها والمبتدأ قوله الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ اليابسة الجامدة: وبالفارسية [خشك وبي كياه] أَحْيَيْناها استئناف مبين لكيفية كون الأرض الميتة آية كأن قائلا قال كيف تكون آية
كر شكر كنى زياده كردد نعمت وز دل ببرد دغدغه بيش وكمت
پس زود بسر منزل مقصود رسى از منهج شكر آگه نلغزد قدمت
سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها سبحان علم للتسبيح الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادا وقولا اى اعتقاد البعد عنه والحكم به فان العلم كما يكون علما للاشخاص كزيد وعمرو وللاجناس كاسامة يكون للمعانى ايضا لكن علم الأعيان لا يضاف وهذا لا يجوز بغير اضافة كما فى الآية أقيم مقام المصدر وبين مفعوله بإضافته اليه والمراد بالأزواج الأصناف والأنواع جمع زوج بالفارسية [جفت] خلاف الفرد ويقال للانواع ازواج لان كل نوع زوج بقسميه. وفى سبحان استعظام ما ذكر فى حيز الصلة من بدائع آثار قدرته وروائع نعمائه الموجبة للشكر وتخصيص العبادة به والتعجب من إخلال الكفرة بذلك والحالة هذه فان التنزيه لا ينافى التعجب. والمعنى اسبح الذي أوجد الأصناف والأنواع سبحانه اى انزهه عما لا يليق به عقدا وعملا تنزيها خاصا به حقيقا بشأنه فهو حكم منه تعالى بتنزهه وبراءته عن كل ما لا يليق به كما فعله الكفار من الشرك وما تركوه من الشكر وتلقين للمؤمنين ان يقولوه ويعتقدوا مضمونه ولا يخلوا به ولا يغفلوا عنه وقال بعضهم سبحان مصدر كغفران أريد به التنزه التام والتباعد الكلى عن السوء على ان تكون الجملة اخبار من الله بالتنزه والمعنى تنزه تعالى بذاته عن كل لا ما يليق به تنزها خاصا ومن هو خالق الأصناف والأنواع كيف يجوز ان يشرك به ما لا يخلق شيأ بل هو مخلوق عاجز قال ابن الشيخ والتنزيه يتناول التنزيه بالقلب وهو الاعتقاد الجازم وباللسان مع ذلك الاعتقاد وهو الذكر الحسن وبالأركان معهما جميعا وهو العمل الصالح والاول هو الأصل والثاني ثمرة الاول والثالث ثمرة الثاني وذلك لان الإنسان إذا اعتقد شيأ ظهر من قلبه على لسانه وإذا قال ظهر صدقه فى مقاله من افعال جوارحه فاللسان ترجمان الجنان والأركان ترجمان اللسان مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ بيان للازواج والمراد كل ما ينبت فيها من الأشياء المذكورة وغيرها وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ اى خلق الأزواج من أنفسهم اى الذكر والأنثى وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ اى والأزواج مما لا يطلعهم على خصوصياته لعدم قدرتهم على الإحاطة بها ولما انه لم يتعلق بها شىء من مصالحهم الدينية والدنيوية قال القرطبي اى من اصناف خلقه فى البر والبحر والسماء والأرض ثم يجوز ان يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر ويعلمه الملائكة ويجوز ان لا يعلمه مخلوق يقال دواب البحر والبر الف صنف لا يعلم الناس أكثرها قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون المعنى مما لا يدركون كنهه مما خلق من الأشياء من الثواب والعقاب كما قال عليه السلام (اربع لا تدرك غايتها شرور النفس وخداع إبليس وثواب اهل الجنة وعقاب اهل النار) ومنه الروح فانه ما بلغنا ان الله تعالى اطلع أحدا على حقيقة الروح وفى الآية اشارة الى انه ما من مخلوق الا وقد خلق شفعا إذ الفردية من أخص أوصاف الربوبية كما قال عبد العزيز المكي رحمه الله خلق الأزواج كلها ثم قال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ليستدل بذلك ان خالق الأشياء منزه عن الزوج والى ان فى كل شىء دليلا على وجوده تعالى ووحدته وكمال قدرته قال فى كشف الاسرار [هر يكى بر هستى الله كواه وبر يكانكىء وى نشان نه كواهى دهنده را خرد نه نشان دهنده را زبان]
وسهولة لا مزاحم لهم سير السابح فى سطح الماء واخرج السيوطي فى كتاب الهيئة السنية خلق الله بحرا دون السماء جاريا فى سرعة السهم قائما فى الهواء بامر الله تعالى لا يقطر منه قطرة يجرى فيه الشمس والقمر والنجوم فذلك قوله تعالى (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) والقمر يدور دوران العجلة فى لجة غمر ذلك البحر فاذا أحب الله ان يحدث الكسوف حرف الشمس عن العجلة فتقع فى غمر ذلك البحر ويبقى سائرا على العجلة النصف او الثلث او ما شاء الرب تعالى للحكمة الربانية واقتضاء الاستعداد الكونى قال المنجمون قوله تعالى (يَسْبَحُونَ) يدل على ان الشمس والقمر والكواكب السيارة احياء عقلاء لان الجمع بالواو والنون لا يطلق على غير العقلاء وقال الامام الرازي ان أرادوا القدر الذي يصح به التسبيح فنقول به لان كل شىء يسبح بحمده وان أرادوا شيأ آخر فذلك لم يثبت والاستعمال لا يدل عليه كما فى قوله تعالى فى حق الأصنام (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) وقوله (أَلا تَأْكُلُونَ) وقال الامام النسفي جمع يسبحون بالواو والنون لانه تعالى وصفها بصفات العقلاء كالسباحة والسبق والإدراك وان لم يكن لها اختيار فى افعالها بل مسخرة عليها يفعل بها ذلك تجبرا يقول الفقير هنا وجه آخر هو ان صيغة العقلاء باعتبار مبادى حركات الافلاك والنجوم فان مبادى حركاتها جواهر مجردة عن مواد الافلاك فى ذواتها ومتعلقة بها فى حركاتها ويقال لتلك الجواهر النفوس الفلكية على انه ليس عند اهل الله شىء خال عن الحياة فان سرّ الحياة سار فى جميع الأشياء ارضية كانت او سماوية لا سيما الشمس والقمر اللذان هما عينا هذا التعين الكونى
جمله ذرات زمين وآسمان مظهر سرّ حياتست اى جوان
كى تواند يافتن آنرا خرد هست او سرى خرد كى پى برد
نسأل الله تعالى حقيقة الإدراك والحفظ عن الزلق والهلاك وَآيَةٌ لَهُمْ اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو خبر مقدم لقوله أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ [الحمل:
برداشتن] قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى قال الراغب الذرية أصلها الصغار من الأولاد وان كان يقع على الصغار والكبار فى المتعارف ويستعمل فى الواحد والجمع وأصله الجمع انتهى ويطلق على النساء ايضا لا سيما مع الاختلاط مجازا على طريقة تسمية المحل باسم الحال لانهم مزارع الذرية كما فى حديث عمر رضى الله عنه حجوا بالذرية يعنى النساء وفى الحديث نهى عن قتل الزراري يعنى النساء والمعنى انا حملنا أولادهم الكبار الذين يبعثونهم الى تجاراتهم فِي الْفُلْكِ [در كشتى] وهو هاهنا مفرد بدليل وصفه بقوله الْمَشْحُونِ اى المملوء منهم ومن غيرهم والشحناء عداوة امتلأت منها النفوس كما فى المفردات او حملنا صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم: يعنى [برداشتيم فرزندان خرد وزنان ايشانرا كه آنان را قوت سفر نيست بر خشكى] وتخصيص الذرية بمعنى الضعفاء الذين يستصحبونهم فى سفر البحر مع ان تسخير البحر والفلك نعمة فى حق أنفسهم ايضا لما ان استقرارهم فى السفن أشق واستمساكهم فيها اعجب وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ
السفينة اغرقوا فادخلوا نارا (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) وهم المشايخ فانهم صورة رحمة الحق تعالى (وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) اى الى حين تدركهم العناية الازلية انتهى وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى لكفار مكة بطريق الانذار: وبالفارسية [و چون كفته شود مر كافرانرا كه اتَّقُوا [بترسيد] ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ اى العقوبات النازلة على الأمم الماضية الذين كذبوا رسلهم واحذروا من ان ينزل بكم مثلها ان لم تؤمنوا جعلت الوقائع الماضية باعتبار تقدمها عليهم كأنها بين أيديهم وَما خَلْفَكُمْ من العذاب المعد لكم فى الآخرة بعد هلاككم جعلت احوال الآخرة باعتبار انها تكون بعد هلاكهم كأنها خلفهم او ما بين ايديكم من امر الآخرة فاعملوا لها وما خلفكم من الدنيا فلا تغتروا بها وقيل غير ذلك وما قدمناه اولى لان الله خوف الكفار فى القرآن بشيئين أحدهما العقوبات النازلة على الأمم الماضية والثاني عذاب الآخرة لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ اما حال من واو اتقوا اى راجين ان ترحموا او غاية لهم اى كى ترحموا فتنجوا من ذلك لما عرفتم ان مناط النجاة ليس الا رحمة الله وجواب إذا محذوف اى اعرضوا عن الموعظة حسبما اعتادوه وتمرنوا عليه وزادوا مكابرة وعنادا كما دلت عليه الآية الثانية
كسى را كه پندار در سر بود مپندار هركز كه حق بشنود
ز علمش ملال آيد از وعظ ننك شقايق بباران نرويد ز سنك
وفى التأويلات النجمية (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) اى احذروا من الدنيا وما فيها من شهواتها ولذائذها (وَما خَلْفَكُمْ) من الآخرة وما فيها من نعيمها وحورها وقصورها وأشجارها وأثمارها وأنهارها وفيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين منها (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بمشاهدة الجمال ومكاشفة الجلال وكمالات الوصال وقال بعضهم (اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) من احوال القيامة الكبرى (وَما خَلْفَكُمْ) من احوال القيامة الصغرى فان الاولى تأتى من جهة الحق والثانية تأتى من جهة النفس بالفناء فى الله وبالتجرد عن الهيآت البدنية فى الثانية والنجاة منها والرحمة هى الخلاص من الغضب بالكلية فانه ما دامت فى النفس بقية فالعبد لا يخلو عن غضب وحجاب وتشديد بلاء وعذاب وَما نافية تَأْتِيهِمْ تنزل إليهم مِنْ مزيدة لتأكيد العموم آيَةٍ تنزيلية كائنة مِنْ تبعيضية آياتِ رَبِّهِمْ التي من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل من بدائع صنع الله وسوابغ آلائه الموجبة للاقبال عليها والايمان بها إِلَّا كانُوا عَنْها متعلق بقوله مُعْرِضِينَ يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته والجملة حال من مفعول تأتى والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال اى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم فى حال من الأحوال الا حال اعراضهم عنها على وجه التكذيب والاستهزاء ويجوز ان يراد بالآيات ما يعم الآيات التنزيلية والتكوينية فالمراد بإتيانهم ما يعم نزول الوحى وظهور تلك الأمور لهم والمعنى ما يظهر لهم آية من الآيات الشاهدة بوحدانيته تعالى وتفرده بالالوهية الا كانوا تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدى الى الايمان به تعالى فكل ما فى الكون فهو صورة صفة من صفاته تعالى وسر من اسرار ذاته
عنها يكون أعجز عن غيرها وَلا إِلى أَهْلِهِمْ الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء والأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن الملك قال الراغب اهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب وعبر باهل الرجل عن امرأته يَرْجِعُونَ ان كانوا فى خارج أبوابهم بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيث ما كانوا: وبالفارسية [پس نتوانند وصيت كردن با حاضران ونه بسوى ايشان كر غائب باشند بازگردند يعنى مجال از بازار بخانه رفتن نداشته باشند الحاصل در ان وقت كه در بازار بخصومت وجدال ومعاملات مشغول باشند ومهمات دنيايى سازند يكبار اسرافيل بصور در دمد وهمه خلق بر جاى بميرند] الا ما شاء الله كما يأتى فى سورة الزمر ان شاء الله تعالى واعلم ان الموت يدرك الإنسان سريعا والإنسان لا يدرك كل الأماني فعلى العبد ان يتدارك الحال بقصر الآمال:
قال الشيخ سعدى قدس سره
مغربى آنچهـ عالمش خواند عكس رخسار تست در مرآت
تو غافل در انديشه سود ومال كه سرمايه عمر شد پايمال
غبار هوى چشم عقلت بدوخت شموس هوس كشت عمرت بسوخت
خبر دارى اى استخوان قفس كه جان تو مرغيست نامش نفس
چومرغ از قفس رفت وبگسست قيد دكر ره نكردد بسعى تو صيد
نكه دار فرصت كه عالم دميست دمى پيش دانا به از عالميست
سكندر كه بر عالمى حكم داشت در ان دم كه بگذشت عالم كذاشت
ميسر نبودش كزو عالمى ستانند ومهلت دهندش دمى
دل اندر دلارام دنيا مبند كه ننشست با كس كه دل بر نكند
سر از جيب غفلت برآور كنون كه فردا نمانى بحسرت نكون
طريقى بدست آر وصلحى بجوى شفيعى برانگيز وعذرى بكوى
كه يك لحظه صورت نبندد أمان چو پيمانه پر شد بدور زمان
دعا عمرو بن العاص رضى الله عنه حين احتضاره بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول (ان التوبة مبسوطة ما لم يغر غر ابن آدم بنفسه) ثم استقبل القبلة فقال اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو أنت وان تعاقب فيما قدمت يداى سبحانك لا اله الا أنت انى كنت من الظالمين فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى الله عنهما فقال استسلم الشيخ حين أيقن بالموت ولعله ينفعه ومن السنة حسن الوصية عند الموت وان كان الذي يوصى عند الموت كالذى يقسم ماله عند الشبع. ومن مات بغير وصية لم يؤذن له فى الكلام بالبرزخ الى يوم القيامة ويتزاور الأموات ويتحدثون وهو ساكت فيقولون انه مات من غير وصية فيوصى بثلث ماله وعن ابن عباس رضى الله عنهما الضرار فى الوصية من الكبائر ويوصى بإرضاء خصومه وقضاء ديونه وفدية صلاته وصيامه جعلنا الله وإياكم من المتداركين لحالهم والمتفكرين فى مآلهم والمكثرين من صالحات الأعمال والمنتقلين من الدنيا على اللطف والجمال وَنُفِخَ فِي الصُّورِ اى ينفخ
غير ان بعض الكبار قال اما اهل النار فينامون فى اوقات ببركة سيدنا محمد ﷺ وذلك هو القدر الذي ينالهم من النعيم فنسأل الله العافية انتهى وهذا كلام من طريق الكشف وليس ببعيد إذ قد ثبت فى تذكرة القرطبي ان بعض العصاة ينامون فى النار الى وقت خروجهم منها ويكون عذابهم نفس دخولهم فى النار فانه عار عظيم وذل كبير ألا يرى ان من حبس فى السجن كان هو عذابا له بالنسبة الى مرتبته وان لم يعذب بالضرب والقيد ونحوهما ثم انا نقول والعلم عند الله تعالى [ودر بحر الحقائق كويد مراد از اصحاب جنت طالبان بهشت اند كه مقصد ايشان نعيم جنات بود حق سبحانه وتعالى ايشانرا بتنعم مشغول كرداند وآن حال اگر چهـ نسبت با دوزخيان از جلائل احوال است نسبت با طالبان حق بغايت فرو مى نمايد واينجا سر «اكثر اهل الجنة البله» پى توان برد] وعن بعض ارباب النظر انه كان واقفا على باب الجامع يوم الجمعة والخلق قد فرغوا من الصلاة وهم يخرجون من الجامع قال هؤلاء حشو الجنة وللمجالسة أقوام آخرون وقد قرئ عند الشبلي رحمه الله قوله تعالى (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) إلخ فشهق شهقة وغاب فلما أفاق قال مساكين لو علموا انهم عما شغلوا لهلكوا: يعنى [بيچارگان اگر دانند كه از كه مشغول شده اند فى الحال در ورطه هلاك مى افتند ودر كشف الاسرار از شيخ الإسلام الأنصاري نقل ميكند كه مشغول نعمت بهشت از ان عامه مؤمنانست اما مقربان حضرت از مطالعه شهود وملاحظه نور وجود يك لحظه با نعيم بهشت نپردازند] قال على رضى الله عنه لو حجبت عنه ساعة لمت
روزيكه مرا وصل تو در چنك آيد از حال بهشتيان مرا ننك آيد
وربى تو بصحراى بهشتم خوانند صحراى بهشت بر دلم تنك آيد
وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى عبادا استخصهم للتخلق بأخلاقه فى سر قوله (كنت سمعه وبصره فى يسمع وبي يبصر) فلا يشغلهم شأن اشتغالهم بأبدانهم مع أهلهم عن شأن شهود مولاهم فى الجنة كما انهم اليوم مستديمون لمعرفته بأى حال من حالاتهم ولا يقدح اشتغالهم باستيفاء حظوظهم من معارفهم فعلى العاقل ان يكون فى شغل الطاعات والعبادات لكن لا يحتجب به عن المكاشفات والمعاينات فيكون له شغلان شغل الظاهر وهو من ظاهر الجنة وشغل الباطن وهو من باطنها فمن طلبه تعالى لم يضره ان يطلب منه لان عدم الطلب مكابرة له فى ربوبيته ومن طلب منه فقط لم ينل لقاءه قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه رأيت رب العزة فى منامى فقال لى يا معاذ كل الناس يطلبون منى الا أبا يزيد فانه يطلبنى واعلم ان كل مطلوب يوجد فى الآخرة فهو ثمرة بذر طلبه فى الدنيا سواء تعلق بالجنة او بالحق كما قال عليه السلام (يموت المرء على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه) هُمْ إلخ استئناف مسوق لبيان كيفية شغلهم وتفكههم وتكميلها بما يزيدهم بهجة وسرورا من شركة أزواجهم لهم فيما هم فيه من الشغل والفكاهة وهم مبتدأ والضمير لاصحاب الجنة وَأَزْواجُهُمْ عطف عليه والمراد نساؤهم اللاتي كن لهم فى الدنيا او الحور العين او اخلاؤهم كما فى قوله تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) ويجوز ان يكون الكل مرادا فقوله وأزواجهم
416
اشارة الى عدم الوحشة لان المنفرد يتوحش إذا لم يكن له جليس من معارفه وان كان فى أقصى المراتب ألا ترى انه عليه السلام لحقته الوحشة ليلة المعراج حين فارق جبريل فى مقامه فسمع صوتا يشابه صوت ابى بكر رضى الله عنه فزالت عنه تلك الوحشة لانه كان يأنس به وكان جليسه فى عامة الأوقات ولامر ما نهى النبي عليه السلام عن ان يبيت الرجل منفردا فى بيت فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ قوله متكئون خبر المبتدأ والجاران صلتان له قدمتا عليه لمراعاة الفواصل ويجوز ان يكون فى ظلال خبرا ومتكئون على الأرائك خبرا ثانيا. والظلال جمع ظل كشعاب جمع شعب والظل ضد الضح بالفارسية [سايه] او جمع ظلة كقباب جمع قبة وهى الستر الذي يسترك من الشمس. والأرائك جمع اريكة وهى كسفينة سرير فى حجلة وهى محركة موضع يزين بالثياب والستور للعروس كما فى القاموس قال فى المختار الاريكة سرير متخذ مزين فى قبة او بيت فاذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة اى لا اريكة وتسميتها بالاريكة اما لكونها فى الأصل متخذة من الأراك وهو شجر يتخذ منه المسواك او لكونها مكانا للاقامة فان اصل الاروك الاقامة على رعى الأراك ثم تجوز به فى سائر الاقامات. والاتكاء الاعتماد بالفارسية [تكيه زدن] اى معتمدون فى ظلال على السرر فى الحجال والاتكاء على السرر دليل التنعم والفراغ قال فى كشف الاسرار [معنى آنست كه ايشان وجفتان ايشان زير سايهااند بناها وخيمها كه از براى ايشان ساخته اند خيمهاست از مرواريد سفيد چهار فرسنك در چهار فرسنك آن خيمه زده شصت ميل ارتفاع آن ودران خيمه سريرها وتختها نهاده هر تختي سيصد كزار ارتفاع آن بهشتى چون خواهد كه بر ان تخت شود تخت بزمين پهن باز شود تا بهشتى آسان بى رنج بر ان تخت شود] فان قيل كيف يكون اهل الجنة فى ظلال والظل انما يكون حيث تكون الشمس وهم لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا أجيب بان المراد من الظل ظل أشجار الجنة من نور العرش لئلا يبهر أبصار اهل الجنة فانه أعظم من نور الشمس وقيل من نور قناديل العرش كذا فى حواشى ابن الشيخ وقال فى المفردات ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهة قال تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) اى فى عزة ومنعة وأظلني فلان اى حرسنى وجعلنى فى ظله اى فى عزه ومنعته وندخلهم ظلا ظليلا كناية عن نضارة العيش انتهى وقال الامام فى سورة النساء ان بلاد العرب كانت فى غاية الحرارة فكان الظل عندهم من أعظم اسباب الراحة وهذا المعنى جعلوه كناية عن الراحة قال عليه السلام (السلطان ظل الله فى الأرض) وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى يقول لاقوام فارغين عن الالتفات
الى الكونين مراقبين للمشاهدات ان اصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون هم وأزواجهم اى اشكالهم فارغبوا أنتم الىّ واشتغلوا بي وتنعموا بنعيم وصالى وتلذذوا بمشاهدة جمالى فانه لا لذة فوقها رزقنا الله وإياكم ذلك: قال الحافظ
صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور با خيال تو اگر با دگرى پردازم
وقال ايضا نعيم اهل جهان پيش عاشقان يك جو
417
إلخ والعهد والوصية التقدم بامر فيه خير ومنفعة والمراد هاهنا ما كلفهم الله تعالى على ألسنة الرسل من الأوامر والنواهي التي من جملتها قوله تعالى (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) وقوله تعالى (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) وغيرها من الآيات الكريمة الواردة فى هذا المعنى والمراد ببني آدم المجرمون: والمعنى بالفارسية [آيا عهد نكرده ام شما را يعنى عهد كردم وفرمودم شما را] أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ان مفسرة للعهد الذي فيه معنى القول بالأمر والنهى او مصدرية حذف منها الجار اى ألم اعهد إليكم فى ترك عبادة الشيطان والمراد بعبادة الشيطان عبادة غير الله لان الشيطان لا يعبده أحد ولم يرد عن أحد انه عبد الشيطان الا انه عبر عن عبادة غير الله بعبادة الشيطان لوقوعها بامر الشيطان وتزيينه والانقياد فيما سوّله ودعا اليه بوسوسته فسمى إطاعة الشيطان والانقياد له عبادة له تشبيها لها بالعبادة من حيث ان كل واحد منهما ينبئ عن التعظيم والإجلال ولزيادة التحذير والتنفير عنها ولوقوعها فى مقابلة عبادته تعالى قال ابن عباس رضى الله عنهما من أطاع شيأ عبده دل عليه (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) والمعنى بالفارسية [نپرستيد شيطانرا يعنى بتان بفرموده شيطان] إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ اى ظاهر العداوة لكم يريد ان يصدكم عما جبلتم عليه من الفطرة وكلفتم به من الخدمة وهو تعليل لوجوب الانتهاء عن المنهي عنه ووجه عداوة إبليس لبنى آدم انه تعالى لما أكرم آدم عليه السلام عاداه إبليس حسدا والعاقل لا يقبل من عدوه وان كان ما يلقاه اليه خيرا إذ لا أمن من مكره فان ضربة الناصح خير من تحية العدو قال الشيخ سعدى قدس سره [دشمن چون از همه حيلتى درماند سلسله دوستى بجنباند پس آنگاه بدوستى كارها كند كه هيچ دشمن نتواند كرد]
حذر كن ز آنچهـ دشمن كويد آن كن كه بر زانو زنى دست تغابن
كرت راهى نمايد راست چون تير از آن بر كرد وراه دست چپ كير
قال بعض الكبار اعلم ان عداوة إبليس لبنى آدم أشد من معاداته لابيهم آدم عليه السلام وذلك ان بنى آدم خلقوا من ماء والماء منافر للنار واما آدم فجمع بينه وبين إبليس اليبس الذي فى التراب فبين التراب والنار جامع ولهذا صدقه لما اقسم له بالله انه لناصح وما صدقه الأبناء لكونه لهم ضدا من جميع الوجوه فبهذا كانت عداوة الأبناء أشد من عداوة الأب ولما كان العدو محجوبا عن ادراك الابصار جعل الله لنا علامات فى القلب من طريق الشرع نعرفه بها تقوم لنا مقام البصر فنتحفظ بتلك العلامة من القائه واعانة الله عليه بالملك الذي جعله الله مقابلاله غيبا بغيب انتهى وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى كمال رأفته وغاية مكرمته فى حق بنى آدم إذ يعاتبهم معاتبة الحبيب للحبيب ومناصحة الصديق للصديق وانه تعالى يكرمهم ويجعلهم عن ان يعبدوا الشيطان لكمال رتبتهم واختصاص قربتهم بالحضرة وغاية ذلة الشيطان وطرده ولعنه من الحضرة وسماه عدوا لهم وله وسمى بنى آدم الأولياء والأحباب وخاطب المجرمين منهم كالمعتذر الناصح لهم ألم اعهد إليكم ألم انصح ألم أخبركم عن خباثة الشيطان وعداوته لكم وانكم أعز من ان تعبدوا مثله ملعونا مهينا وَأَنِ اعْبُدُونِي
فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادى مناد هذا عتيق الله بشعرة [در كشف الاسرار فرمود كه چنانكه جوارح اعدا بر افعال بد ايشان كواهى ميدهد همچنين اعضاى بر طاعت ايشان اقامت شهادت كند چنانچهـ در آثار آورده اند كه حق سبحانه وتعالى بنده مؤمن را خطاب كند كه چهـ آورده او شرم دارد كه عبادات وخيرات خود بر شمارد حق سبحانه اعضاى ويرا بسخن درآورد تا هر يك اعمال خود را باز كويند انامل كواهى بر دهد بر تسبيحات] كما قال عليه السلام لبعض النساء (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فانهن مسئولات مستنطقات) يعنى بالشهادة يوم القيامة ولذا سن عد الاذكار بالأصابع وان لم يعلم العقد المعهود يعدّهن بأصابعه كيف شاء كما فى الاسرار المحمدية وقال بعض العرفاء معنى الختم على الأفواه وتكلم الأيدي وشهادة الأرجل تغيير صورهم وحبس ألسنتهم عن النطق وتصوير أيديهم وأرجلهم على صورة تدل بهيآتها وأشكالها على أعمالها وتنطق بألسنة أحوالها على ما كان من هيئة افعالها انتهى. فكما ان هيئة أعضاء المجرمين تدل على قبح أحوالهم وسوء أفعالهم كذلك شكل جوارح المؤمنين يدل على حسن أحوالهم وجمال أفعالهم وكل اناء يترشح بما فيه فطوبى للسعداء ومن يتبعهم فى زيهم وهيآتهم وطاعاتهم وعباداتهم
پى نيك مردان بيايد شتافت كه هر كين سعادت طلب كرد يافت
وليكن تو دنبال ديو خسى ندانم كه در صالحان كى رسى
پيمبر كسى را شفاعت كرست كه بر جاده شرع پيغمبرست
وَلَوْ نَشاءُ لو للمضى ان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه اى ولو أردنا عقوبة المشركين فى الدنيا هم اهل مكة لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ طمس الشيء ازالة اثره بالكلية يقال طمسته اى محوته واستأصلت اثره كما فى القاموس اى لسوينا أعينهم ومحوناها بان أزلنا ضوءها وصورتها بحيث لا يبدو لها شق ولا جفن وتصير مطموسة ممسوخة كسائر أعضائهم:
وبالفارسية [هر آينه ناپيدا كنيم يعنى رقم محو كشيم بر چشمهاى ايشان] يعنى كما اعمينا قلوبهم ومحونا بصائرهم لو نشاء لاعمينا أبصارهم الظاهرة وازلناها بالكلية فيكون عقوبة على عقوبة فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ الاستباق افتعال: وبالفارسية [بر يكديكر پيش كرفتن] والصراط من السبيل مالا التواء فيه بل يكون على سبيل القصد وانتصابه بنزع الجار لان الصراط مسبوق اليه لا مسبوق اى فارادوا ان يستبقوا ويتبادروا الى الطريق الواسع الذي اعتادوا سلوكه: وبالفارسية [پس پيشى كيرند وآهنك كنند راهى را كه در سلوك آن معتادند] فَأَنَّى يُبْصِرُونَ اى فكيف يبصرون الطريق وجهة السلوك الى مقاصدهم حين لاعين لهم للابصار فضلا عن غيره اى لا يبصرون لان أنى بمعنى كيف وكيف هنا انكار فتفيد النفي وحاصله تهديد لاهل مكة بالطمس فان الله تعالى قادر على ذلك كما فعل بقوم لوط حين كذبوه وراودوه عن ضيفه وفى التأويلات النجمية يشير الى طمس عين الظاهر بحيث لا يكون لها شق فكيف تبكى حتى تشهد بالبكاء على صاحبها ويشير ايضا الى طمس عين
حضرة شيخى وسندى روح الله روحه حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب فى أول الأمر ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم الشروع فى الصلاة اشارة الى التوجه الإلهي والعبور من عالم الملك والناسوت والدخول فى عالم الملكوت ففى الحركات بركات كما أشار اليه المولوى فى قوله
فرقتى لو لم تكن فى ذا السكوت لم يقل انا اليه راجعون
ثم ان الانذار صفة النبي عليه السلام فى الحقيقة وقد قرئ لتنذر بتاء الخطاب ثم صفة وارثه الأكمل الذي هو على بصيرة من امره قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الوعظ لا يليق بمن لم يعرف المراتب الأربع لانه يعالج مرض الصفراء بعلاج البلغم او السوداء نعم يحصل له الثواب إذا كان لوجه الله تعالى ولكن لا يحصل الترقي قدر ذرة فانه لا بد ان يعرف الواعظ ان أية آية تتعلق بالطبيعة وأية آية تتعلق بالنفس ولذلك بكى الاصحاب دما فمن وجب عليه القول الأزلي بموت قلبه وقساوته كالكافرين والغافلين فلا يتأثر بالإنذار إذ الباز الأشهب انما يصيد الصيد الحي فنسأل الله الحياة واليقظة والتأثر من كل الانذار والتنبيه والعظة أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والضمير للمشركين من اهل مكة اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما يقينيا هو فى حكم المعاينة اى قد رأوا وعلموا أَنَّا بمقتضى جودنا خَلَقْنا لَهُمْ اى لاجلهم وانتفاعهم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا العمل كل فعل من الحيوان يقصد فهوا خص من الفعل اى مما تولينا احداثه بالذات لم يشاركنا فيه غيرنا بمعاونة وتسبب وذكر الأيدي واسناد العمل إليها استعارة تمثيلية من عمل يعمل بالأيدي لانه تعالى منزه عن الجوارح قال الكاشفى [ميان مردمان مثاليست هر كارى كه تنها كند كويند من اين مهم بدست خود ساخته ام يعنى ديكر مرا در ساختن يارى نداده] وانما تخاطب العرب بما يستعملون فى مخاطباتهم [اينجا نيز ميفرمايد كه ما آفريديم براى ايشان بخود بي مشاركت غيرى] قال الراغب الأيدي جمع يد بمعنى الجارحة خص لفظ اليد لقصورنا إذ هي أجل الجوارح التي يتولى بها الفعل فيما بيننا وقال العتبى الأيدي هنا القوة والقدرة وقوله عملت أيدينا حكاية عن الفعل وان لم يباشر الفعل باليد هذا كقوله جرى بناء هذه القنطرة وهذا القصر على يدى فلان. وفى الخبر على اليد ما أخذت حتى تؤديه فالامانة مؤداة وان لم تباشر باليد فيقول مالى فى يد فلان او اليتيم تحت يد القيم فاليد يكنى بها عن الملكة والضبط وقال فى الاسئلة المقحمة الأيدي هنا صلة وهو كقوله (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ومذهب العرب الكناية باليد والوجه عن الجملة انتهى وهذه المعاني متقاربة فى الحقيقة أَنْعاماً مفعول خلقنا اخر جمعا بينه وبين أحكامه المتفرعة عليه بقوله تعالى (فَهُمْ الخ) جمع نعم وهو المال الراعية وهى الإبل والبقر والغنم والمعز مما فى سيره نعومة اى لين ولا يدخل فيها الخيل والبغال والحمر لشدة وطئها الأرض وخص بالذكر من بين سائر ما خلق الله من المعادن والنبات والحيوان غير الانعام لما فيها من بدائع الفطرة كما فى الإبل وكثرة المنافع كما فى البقر والغنم اى الضأن والمعز فَهُمْ لَها مالِكُونَ قال ابن الشيخ
ايضا لجواز ان يخاطب هو ﷺ والمراد غيره نحو (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) بل ان اعتقد ان محمدا عليه السلام يحزن لعلمه تعالى سرهم وعلانيتهم فقد كفر او يفتحها معمولة قولهم عند من يعمل القول بكل حال وليس بكفر ايضا انتهى كلامه باجمال أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان انكارهم البعث بعد ما شاهدوا فى أنفسهم أوضح دلائله واعدل شواهده كما ان ما سبق مسوق لبيان بطلان اشراكهم بالله بعد ما عاينوا فيما بايديهم ما يوجب التوحيد والإسلام. والهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والرؤية قلبية والنطفة الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل- روى- ان جماعة من كفار قريش منهم أبيّ بن خلف ووهب بن حذافة بن جمح وابو جهل والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة اجتمعوا يوما فقال أبيّ بن خلف ألا ترون الى ما يقول محمد ان الله يبعث الأموات ثم قال واللات والعزى لاذهبن اليه ولا خصمنه وأخذ عظما باليا فجعل يفته بيده ويقول يا محمد ان الله يحيى هذا بعد ما رمّ قال عليه السلام (نعم ويبعثك ويدخلك جهنم) فنزلت ردا عليه فى إنكاره البعث لكنها عامة تصلح ردا لكل من ينكره من الإنسان لان الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وفى الإرشاد وإيراد الإنسان موضع المضمر لان مدار الإنكار متعلق بأحواله من حيث هو انسان كما فى قوله تعالى (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) والمعنى ألم يتفكر الإنسان المنكر للبعث أيا من كان ولم يعلم علما يقينيا انا خلقناه من نطفة: وبالفارسية [آيا نديد وندانست أبيّ وغير او آنرا كه ما بيافريديم او را از آبى مهين در قرارى مكين چهل روز او را در طور نطفه نكه داشتيم تا مضغه كشت مصطفى عليه السلام كفت (ان خلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله عز وجل اليه ملكا بأربع كلمات فيقول اكتب اجله ورزقه وانه شقى او سعيد) آنكه تقطيع هيكل او صورت شخص او در ظهور آورديم واو را كسوت بشريت پوشانيديم واز ان قرار مكين باين فضاى رحيب آورديم واز بستان پر از خون او را شير صافى داديم وبعقل وفهم وسمع وبصر ودل وجان او را بياراستيم وبقبض وبسط ومشى وحركات او را قوت داديم و چون از ان نطفه باين رتب رسانيديم وسخن كوى ودلير كشت] فَإِذا هُوَ [پس آنگاه او] خَصِيمٌ شديد الخصومة والجدال بالباطل مُبِينٌ اى مبين فى خصومته او مظهر للحجة وهو عطف على الجملة المنفية داخل فى حيز الإنكار والتعجيب كأنه قيل أو لم ير انا خلقناه من اخس الأشياء وامهنها ففاجأ خصومتنا فى امر يشهد بصحته وتحققه مبدأ فطرته شهادة بينة فهذا حال الإنسان الجاهل الغافل ونعم ما قيل
اعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رمانى
اعلمه القوافي كل حين فلما قال قافية هجانى
وما قيل
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
لقد ربيت جروا طول عمرى فلما صار كلبا عض رجلى