تفسير سورة الحشر

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الحشر من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الحشر بالمدينة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله، وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس سورة الحشر قال : قل : سورة النضير، وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة الحشر، قال : نزلت في بني النضير.

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت غَزْوَة بني النَّضِير وهم طَائِفَة من الْيَهُود على رَأس سِتَّة أشهر من وقْعَة بدر وَكَانَ منزلهم ونخلهم فِي نَاحيَة الْمَدِينَة فَحَاصَرَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزلُوا على الْجلاء وعَلى أَن لَهُم مَا أقلت الإِبل من الْأَمْتِعَة وَالْأَمْوَال إِلَّا الْحلقَة يَعْنِي السِّلَاح فَأنْزل الله فيهم ﴿سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض﴾ إِلَى قَوْله: ﴿لأوّل الْحَشْر مَا ظننتم أَن يخرجُوا﴾ فَقَاتلهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صَالحهمْ على الْجلاء وأجلاهم إِلَى الشَّام وَكَانُوا من سبط لم يصبهم جلاء فِيمَا خلا وَكَانَ الله قد كتب ذَلِك عَلَيْهِم وَلَوْلَا ذَلِك لعذبهم الله فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ والسبي وَأما قَوْله: ﴿لأوّل الْحَشْر﴾ فَكَانَ جلاؤهم ذَلِك أول حشر فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّام
وَأخرجه عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة مُرْسلا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهُوَ الْمَحْفُوظ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: لم أجلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير قَالَ: هَذَا أوّل الْحَشْر وَأَنا على الْأَثر
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من شكّ أَن الْمَحْشَر بِالشَّام فليقرا هَذِه الْآيَة ﴿هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر﴾ قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ: اخْرُجُوا قَالُوا: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى أَرض الْمَحْشَر
89
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن قيس قَالَ: قَالَ جرير لِقَوْمِهِ فِيمَا يَعِظهُمْ: وَالله إِنِّي لَوَدِدْت أَنِّي لم أكن بنيت فِيهَا لبنة مَا أَنْتُم إِلَّا كالنعامة استترت وَإِن أَرْضكُم هَذِه خراب يسراها ثمَّ يتبعهَا يمناها وَإِن الْمَحْشَر هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى الشَّام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿لأوّل الْحَشْر﴾ قَالَ: فتح الله على نبيه فِي أول حشر حشر عَلَيْهِم فِي أول مَا قَاتلهم وَفِي قَوْله: ﴿مَا ظننتم﴾ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أَن يخرجُوا من حصونهم أبدا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: أَمر الله رَسُوله بإجلاء بني النَّضِير وإخراجهم من دِيَارهمْ وَقد كَانَ النِّفَاق كثيرا بِالْمَدِينَةِ فَقَالُوا: أَيْن تخرجنا قَالَ: أخرجكم إِلَى الْمَحْشَر فَلَمَّا سمع المُنَافِقُونَ مَا يُرَاد بإخوانهم وأوليائهم من أهل الْكتاب أرْسلُوا إِلَيْهِم فَقَالُوا: إِنَّا مَعكُمْ محيانا ومماتنا إِن قوتلتم فلكم علينا النَّصْر وَإِن أخرجتم لَا نتخلف عَنْكُم ومناهم الشَّيْطَان الظُّهُور فَنَادوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا وَالله لَا نخرج وَلَئِن قَاتَلْتنَا لنقاتلنك فَمضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم لأمر الله وَأمر أَصْحَابه فَأخذُوا السِّلَاح ثمَّ مضى إِلَيْهِم وتحصنت الْيَهُود فِي دُورهمْ وحصونهم فَلَمَّا انْتهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أزقتهم أَمر بالأدنى من دُورهمْ أَن يهدم وبالنخل أَن يحرق وَيقطع وكفّ الله أَيْديهم وأيدي الْمُنَافِقين فَلم ينصروهم وَألقى الله فِي قُلُوب الْفَرِيقَيْنِ الرعب ثمَّ جعلت الْيَهُود كلما خلص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هدم مَا يَلِي مدينتهم ألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب فهدموا الدّور الَّتِي هم فِيهَا من أدبارها وَلم يستطيعوا أَن يخرجُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَادُوا أَن يبلغُوا آخر دُورهمْ وهم ينتظرون الْمُنَافِقين وَمَا كَانُوا منوهم فَلَمَّا يئسوا مِمَّا عِنْدهم سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ عرض عَلَيْهِم قبل ذَلِك فقاضاهم على أَن يجليهم وَلَهُم أَن يتحملوا بِمَا اسْتَقَلت بِهِ الإِبل من الَّذِي كَانَ لَهُم إِلَّا مَا كَانَ من حَلقَة السِّلَاح فَذَهَبُوا كل مَذْهَب وَكَانُوا قد عيروا الْمُسلمين حِين هدموا الدّور وَقَطعُوا النّخل فَقَالُوا: مَا ذَنْب شَجَرَة وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ مصلحون فَأنْزل الله ﴿سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ ثمَّ جعلهَا نفلا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَجْعَل مِنْهَا سَهْما لأحد غَيره فَقَالَ: ﴿وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم﴾ إِلَى قَوْله: ﴿قدير﴾ فَقَسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن أرَاهُ الله من الْمُهَاجِرين الأوّلين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن
90
عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد حَاصَرَهُمْ حَتَّى بلغ مِنْهُم كل مبلغ فَأَعْطوهُ مَا أَرَادَ مِنْهُم فَصَالحهُمْ على أَن يحقن لَهُم دِمَاءَهُمْ وَأَن يخرجهم من أَرضهم وأوطانهم وَأَن يسيرهم إِلَى أَذْرُعَات الشَّام وَجعل لكل ثَلَاثَة مِنْهُم بَعِيرًا وسقاء
وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن مُحَمَّد بن مسلمة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه إِلَى بني النَّضِير وَأمره أَن يؤجلهم فِي الْجلاء ثَلَاثًا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرق نخل بني النَّضِير والجلاء إخراجهم من أَرضهم إِلَى أَرض أُخْرَى
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرق نخل بني النَّضِير وَقطع وَهِي البويرة وَلها يَقُول حسان بن ثَابت: فهان على سراة بني لؤيّ حريق بالبويرة مستطير فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين﴾
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وان مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله: ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا﴾ قَالَ: اللينة النَّخْلَة ﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ قَالَ: استنزلوهم من حصونهم وَأمرُوا بِقطع النّخل فحاك فِي صُدُورهمْ فَقَالَ الْمُسلمُونَ: قد قَطعنَا بَعْضًا وَتَركنَا بَعْضًا فلنسألن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل لنا فِيمَا قَطعنَا من أجر وَهل علينا فِيمَا تركنَا من وزر فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: رخص لَهُم فِي قطع النّخل ثمَّ شدد عَلَيْهِم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله علينا إِثْم فِيمَا قَطعنَا أَو فِيمَا تركنَا من وزر فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن إِسْحَق عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ: لم نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببني النَّضِير تحَصَّنُوا مِنْهُ فِي الْحُصُون فَأمر بِقطع النّخل وَالتَّحْرِيق فِيهَا فَنَادَوْهُ يَا مُحَمَّد قد كنت تنْهى عَن الْفساد وتعيبه فَمَا بَال قطع النّخل وَتَحْرِيقهَا فَنزلت ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد
91
قَالَ: نهى بعض الْمُهَاجِرين بَعْضًا عَن قطع النّخل وَقَالُوا: إِنَّمَا هِيَ من مَغَانِم الْمُسلمين وَقَالَ الَّذين قطعُوا: بل هِيَ غيظ للعدوّ فَنزل الْقُرْآن بِتَصْدِيق من نهى عَن قطعه وَتَحْلِيل من قطعه من الإِثم فَقَالَ: إِنَّمَا قطعه وَتَركه بِإِذن الله
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن سُورَة الْحَشْر نزلت فِي النَّضِير وَذكر الله فِيهَا الَّذِي أَصَابَهُم من النِّعْمَة وتسليط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم حَتَّى عمل بهم الَّذِي عمل بِإِذْنِهِ وَذكر الْمُنَافِقين الَّذين كَانُوا يراسلونهم ويعدونهم النَّصْر فَقَالَ: ﴿هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ من هدمهم بُيُوتهم من تَحت الْأَبْوَاب ثمَّ ذكر قطع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النّخل وَقَول الْيَهُود لَهُ يَا مُحَمَّد قد كنت تنْهى عَن الْفساد فَمَا بَال قطع النّخل فَقَالَ: ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين﴾ يُخْبِرهُمْ أَنَّهَا نعْمَة مِنْهُ ثمَّ ذكر مَغَانِم بني النَّضِير فَقَالَ: ﴿وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم﴾ إِلَى قَوْله: ﴿قدير﴾ أعلمهم أَنَّهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضعهاحيث يَشَاء ثمَّ ذكر مَغَانِم الْمُسلمين مِمَّا يوجف عَلَيْهِ الْخَيل والركاب وَيفتح بِالْحَرْبِ فَقَالَ: ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل﴾ فَذا مِمَّا يوجف عَلَيْهِ الْخَيل والركاب ثمَّ ذكر الْمُنَافِقين عبد الله بن أُبي بن سلول ومالكاً داعسا وَمن كَانَ على مثل رَأْيهمْ فَقَالَ: ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا يَقُولُونَ لإِخوانهم الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب لَئِن أُخْرِجْتُمْ لَنخْرجَنَّ مَعكُمْ﴾ إِلَى ﴿كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا﴾ يَعْنِي بني قينقاع الَّذين أجلاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر﴾ قبل الشَّام وهم بَنو النَّضِير حَيّ من الْيَهُود أجلاهم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة إِلَى خَيْبَر مرجعه من أحد
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ﴾ قَالَ: النَّضِير إِلَى قَوْله: ﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ قَالَ: ذَلِك مَا بَين كُله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: من شكّ أَن الْمَحْشَر إِلَى بَيت الْقُدس فليقرا هَذِه الْآيَة ﴿هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر﴾
92
فقد حشر النَّاس مرّة وَذَلِكَ حِين ظهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة أجلى الْيَهُود وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن كفار قُرَيْش كتبُوا إِلَى عبد الله بن أُبي بن سلول وَمن كَانَ يعبد الْأَوْثَان مَعَه من الْأَوْس والخزرج وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ قبل وقْعَة بدر يَقُولُونَ: إِنَّكُم قد آويتم صاحبنا وَإِنَّكُمْ أَكثر أهل الْمَدِينَة عددا وَإِنَّا نقسم بِاللَّه لنقاتلنه أَو لنخرجنه ولنستعدين عَلَيْكُم الْعَرَب ثمَّ لنسيرن إِلَيْكُم بأجمعنا حَتَّى نقْتل مُقَاتِلَتكُمْ ونستبيح نساءكم وأبناءكم
فَلَمَّا بلغ ذَلِك عبد الله بن أبيّ وَمن مَعَه من عَبدة الْأَوْثَان تراسلوا واجتمعوا وَأَجْمعُوا لقِتَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه
فَلَمَّا بلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِيَهُمْ فِي جمَاعَة من أَصْحَابه فَقَالَ: لقد بلغ وَعِيد قُرَيْش مِنْكُم المبالغ مَا كَانَت لتكيدكم بِأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُونَ أَن تكيدوا بِهِ أَنفسكُم فَأنْتم هَؤُلَاءِ تُرِيدُونَ أَن تقاتلوا أبناءكم وَإِخْوَانكُمْ
فَلَمَّا سمعُوا ذَلِك من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفَرقُوا فَبلغ ذَلِك كفار قُرَيْش وَكَانَت وقْعَة بدر بعد ذَلِك فَكتبت كفار قُرَيْش بعد وقْعَة بدر إِلَى الْيَهُود: إِنَّكُم أهل الْحلقَة والحصون وَإِنَّكُمْ لتقاتلن صاحبنا أَو لنفعلن كَذَا وَكَذَا وَلَا يحول بَيْننَا وَبَين خدم نِسَائِكُم شَيْء وَهِي الخلاخيل
فَلَمَّا بلغ كِتَابهمْ الْيَهُود اجْتمعت بَنو النَّضِير بالغد وَأَرْسلُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن اخْرُج إِلَيْنَا فِي ثَلَاثِينَ من أَصْحَابك وليخرج إِلَيْك منا ثَلَاثُونَ حبرًا حَتَّى نَلْتَقِي بمَكَان نصف بَيْننَا وَبَيْنك ويسمعوا مِنْك فَإِن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا
فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثِينَ من أَصْحَابه وَخرج إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ حبرًا من الْيَهُود حَتَّى إِذا برزوا فِي برَاز من الأَرْض قَالَ بعض الْيَهُود لبَعض: كَيفَ تخلصون إِلَيْهِ وَمَعَهُ ثَلَاثُونَ رجلا من أَصْحَابه كلهم يحب أَن يَمُوت قبله فأرسلوا: كَيفَ نفهم وَنحن سِتُّونَ رجلا أخرج فِي ثَلَاثَة من أَصْحَابك وَنخرج إِلَيْك فِي ثَلَاثَة من عُلَمَائِنَا فيسمعوا مِنْك فَإِن آمنُوا بك آمنا كلنا وَصَدَّقنَاك
فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثَة من أَصْحَابه وَخرج ثَلَاثَة من الْيَهُود واشتملوا على الخناجر وَأَرَادُوا الفتك برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَأرْسلت امْرَأَة ناصحة من بَين [بني] النَّضِير إِلَى أَخِيهَا وَهُوَ رجل مُسلم من الْأَنْصَار فَأَخْبَرته خبر مَا أَرَادَ بنوا النَّضر من الْغدر برَسُول الله صلى اللله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل أَخُوهَا سَرِيعا حَتَّى أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسارّه بخبرهم قبل أَن يصل إِلَيْهِم فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَلَمَّا كَانَ الْغَد غَدا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكَتَائِبِ فحصرهم فَقَالَ لَهُم: إِنَّكُم وَالله لَا تأمنون عِنْدِي إِلَّا بِعَهْد تعاهدونني
93
عَلَيْهِ فَأَبَوا أَن يعطوه عهدا فَقَاتلهُمْ يَوْمه ذَلِك هُوَ والمسلمون ثمَّ غَدا الْغَد على بني قُرَيْظَة بِالْكَتَائِبِ وَترك بني النَّضِير ودعاهم إِلَى أَن يعاهدواه فعاهدوه فَانْصَرف عَنْهُم إِلَى بني النَّضِير بِالْكَتَائِبِ فَقَاتلهُمْ حَتَّى نزلُوا على الْجلاء وعَلى أَن لَهُم مَا أقلت الإِبل إِلَّا الْحلقَة وَالْحَلقَة السِّلَاح فَجلت بَنو النَّضِير وَاحْتَملُوا مَا أقلت الإِبل من أمتعتهم وأبواب بُيُوتهم وخشبها وَكَانُوا يخربون بُيُوتهم فيهدمونها فيحتملون مَا وافقهم من خشبها وَكَانَ جلاؤهم ذَلِك أول حشر النَّاس إِلَى الشَّام وَكَانَ بَنو النَّضِير من سبط من أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل لم يصبهم جلاء مُنْذُ كتب الله الْجلاء على بني إِسْرَائِيل فَلذَلِك أجلاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلولا مَا كتب الله عَلَيْهِم من الْجلاء لعذبهم فِي الدُّنْيَا كَمَا عذبت بَنو قُرَيْظَة فَأنْزل الله ﴿سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ حَتَّى بلغ ﴿وَالله على كل شَيْء قدير﴾ فَكَانَ نخيل بني النَّضِير لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة فَأعْطَاهُ الله إِيَّاهَا وخصّه بهَا فَقَالَ: ﴿وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب﴾ يَقُول: بِغَيْر قتال فَأعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثَرهَا الْمُهَاجِرين وَقسمهَا بَينهم وَقسم مِنْهَا لِرجلَيْنِ من الْأَنْصَار كَانَا ذَوي حَاجَة لم يقسم لأحد من الْأَنْصَار غَيرهمَا وَبَقِي مِنْهَا صَدَقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي فِي أَيدي بني فَاطِمَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك أَن قُرَيْظَة وَالنضير قبيلتين من الْيَهُود كَانُوا حلفاء لقبيلتين من الْأَنْصَار الْأَوْس والخزرج فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَأسْلمت الْأَنْصَار وأبت الْيَهُود أَن يسلمُوا سَار الْمُسلمُونَ إِلَى بني النَّضِير وهم فِي حصونهم فَجعل الْمُسلمُونَ يهدمون مَا يليهم من حصونهم ويهدم الْآخرُونَ مَا يليهم [] سقط أَن يَقع عَلَيْهِم حَتَّى أفضوا إِلَيْهِم فَنزلت ﴿هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿شَدِيد الْعقَاب﴾ فَلَمَّا أفضوا إِلَيْهِم نزلُوا على عهد بَينهم وَبَين نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن يجلوهم وأهليهم ويأخذوا أَمْوَالهم وأرضهم فأجلوا ونزلوا خَيْبَر وَكَانَ الْمُسلمُونَ يقطعون النّخل فَحَدثني رجال من أهل الْمَدِينَة أَنَّهَا نخل أصفر كَهَيئَةِ الدقل تدعى اللينة
فاستنكر ذَلِك الْمُشْركُونَ فَأنْزل الله عذر الْمُسلمين ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين﴾ فَأَما قَول الله ﴿فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب﴾ قَالَ: لم يَسِيرُوا إِلَيْهِم على خيل وَلَا ركاب إِنَّمَا كَانُوا فِي نَاحيَة الْمَدِينَة وَبقيت قُرَيْظَة بعدهمْ عَاما أَو
94
عَاميْنِ على عهد بَينهم وَبَين نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا جَاءَ الْمُشْركُونَ يَوْم الْأَحْزَاب أرسل الْمُشْركُونَ إِلَيْهِم أَن اخْرُجُوا مَعنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسلت إِلَيْهِم الْيَهُود أَن ارسلوا إِلَيْنَا بِخَمْسِينَ من رهنكم فجَاء نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ إِلَى الْمُسلمين فَحَدثهُمْ وَكَانَ نعيم يَأْمَن فِي الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم قد أرْسلُوا إِلَى المشكرين يَسْأَلُونَهُمْ خمسين من رهنهم لِيخْرجُوا مَعَهم فَأَبَوا أَن يبعثوا إِلَيْهِم بِالرَّهْنِ فصاروا حَربًا للْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فَبعث إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعد بن معَاذ وخوات بن جُبَير
فَلَمَّا أتياهم قَالَ عظيمهم كَعْب بن الْأَشْرَف: إِنَّه قد كَانَ لي جَنَاحَانِ فقطعتم أَحدهمَا فإمَّا أَن تردوا عليّ جناحي وَإِمَّا أَن أَتَّخِذ عَلَيْكُم جنَاحا فَقَالَ خَوات بن جُبَير: إِنِّي لأهم أَن أطعنه بحربتي
فَقَالَ لَهُ سعد: إِذن يسْبق الْقَوْم وَيَأْخُذُونَ فَمَنعه فَرَجَعَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحدثاه بِالَّذِي كَانَ من أَمرهمَا وَأذن الله فيهم وَرجع الْأَحْزَاب وَوضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلاحه فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: وَالَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مَا نزلت عَن ظهرهَا مُنْذُ نزل بك الْمُشْركُونَ حَتَّى هَزَمَهُمْ الله فسر فَإِن الله قد أذن لَك فِي قُرَيْظَة
فَأَتَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ وَأَصْحَابه فَقَالَ لَهُم: يَا إخْوَة القردة والخنازير
فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كنت فحاشاً
فنزلوا على حكم سعد بن معَاذ وَكَانَ من الْقَبِيلَة الَّذين هم حلفاؤهم فَحكم فيهم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وتقسم غنائمهم وَأَمْوَالهمْ
ويذكرون أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حكم بِحكم الله فَضرب أَعْنَاقهم وَقسم غنائمهم وَأَمْوَالهمْ
وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن سعيد قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير فِي حَاجَة فَهموا بِهِ فأطلعه الله على ذَلِك فندب النَّاس إِلَيْهِم فَصَالحهُمْ على أَن لَهُم الصَّفْرَاء والبيضاء وَمَا أقلت الْإِبِل ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النّخل وَالْأَرْض وَالْحَلقَة قسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمُهَاجِرين وَلم يُعْط أحدا من الْأَنْصَار مِنْهَا شَيْئا إِلَّا سهل بن حنيف وَأَبا دُجَانَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدا يَوْمًا إِلَى النَّضِير ليسألهم كَيفَ الدِّيَة فيهم فَلَمَّا لم يرَوا مَعَ رَسُول الله كثير أحد أبرموا بَينهم على أَن يقتلوه ويأخذوا أَصْحَابه أُسَارَى ليذهبوا بهم إِلَى مَكَّة ويبيعوهم من قُرَيْش
فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذا [إِذْ] جَاءَ من الْيَهُود من الْمَدِينَة فَلَمَّا رأى أَصْحَابه يأتمرون بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم: مَا تُرِيدُونَ قَالُوا: نُرِيد أَن نقْتل مُحَمَّدًا ونأخذ أَصْحَابه
فَقَالَ لَهُم: وَأَيْنَ
95
مُحَمَّد قَالُوا: هَذَا مُحَمَّد قريب
فَقَالَ لَهُم صَاحبهمْ: وَالله لقد تركت مُحَمَّدًا دَاخل الْمَدِينَة
فأسقط بِأَيْدِيهِم وَقَالُوا: قد أخبر أَنه انْقَطع مَا بَيْننَا وَبَينه من الْعَهْد
فَانْطَلق مِنْهُم سِتُّونَ حبرًا وَمِنْهُم حييّ بن أَخطب والعاصي بن وَائِل حَتَّى دخلواعلى كَعْب وَقَالُوا: يَا كَعْب أَنْت سيد قَوْمك ومدحهم احكم بَيْننَا وَبَين مُحَمَّد
فَقَالَ لَهُم كَعْب: أخبروني مَا عنْدكُمْ قَالُوا: نعتق الرّقاب ونذبح الكوماء وَإِن مُحَمَّدًا انبتر من الْأَهْل وَالْمَال
فشرفهم كَعْب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانقلبوا فَأنْزل الله ﴿ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت﴾ سُورَة النِّسَاء الْآيَة ٥١ إِلَى ﴿فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا﴾ وَنزل عَلَيْهِ لما أَرَادوا أَن يقتلوه ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم﴾ الْآيَة
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يَكْفِينِي كَعْبًا فَقَالَ نَاس من أَصْحَابه فيهم مُحَمَّد بن مسلمة: نَحن نكفيك يَا رَسُول الله ونستحل مِنْك شَيْئا
فجاؤوه فَقَالُوا: يَا كَعْب إِن مُحَمَّدًا كلفنا الصَّدَقَة فبعنا شَيْئا
قَالَ عِكْرِمَة: فَهَذَا الَّذين اسْتَحَلُّوهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ لَهُم كَعْب: أرهنوني أَوْلَادكُم
فَقَالُوا: إِن ذَاك عَار فِينَا غَدا تبيح أَن يَقُولُوا عبد وسق ووسقين وَثَلَاثَة
قَالَ كَعْب: فاللامة
قَالَ عِكْرِمَة: وَهِي السِّلَاح
فأصلحوا أَمرهم على ذَلِك فَقَالُوا: موعد مَا بَيْننَا وَبَيْنك الْقَابِلَة
حَتَّى إِذا كَانَت الْقَابِلَة راحوا إِلَيْهِ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمصلى يَدْعُو لَهُم بالظفر فَلَمَّا جاؤوا نادوه يَا كَعْب
وَكَانَ عروساً فأجابهم فَقَالَت امْرَأَته: وَهِي بنت عُمَيْر: أَيْن تنزل قد أَشمّ السَّاعَة ريح الدَّم
فهبط وَعَلِيهِ ملحفة مورسة وَله نَاصِيَة فَلَمَّا نزل إِلَيْهِم قَالَ الْقَوْم: مَا أطيب رِيحك
ففرح بذلك فَقَامَ إِلَيْهِ مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ قَائِل الْمُسلمين: أشمونا من رِيحه فَوضع يَده على ثوب كَعْب وَقَالَ: شموا فشموا وَهُوَ يظنّ أَنهم يعْجبُونَ بريحه ففرح بذلك
فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: بقيت أَنا أَيْضا
فَمضى إِلَيْهِ فَأخذ بناصيته ثمَّ قَالَ: اجلدوا عُنُقه
فجلدوا عُنُقه
ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدا إِلَى النَّضِير فَقَالُوا: ذرنا نبك سيدنَا
قَالَ: لَا
قَالُوا فحزة على حزة
قَالَ: نعم حزة على حزة
فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك جعلُوا يَأْخُذُونَ من بطُون بُيُوتهم الشَّيْء لينجوا بِهِ والمؤمنون يخربون بُيُوتهم من خَارج ليدخلوا عَلَيْهِم
فلولا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء
قَالَ عِكْرِمَة: والجلاء يجلون مِنْهُم ليقتلهم
96
بِأَيْدِيهِم
وَقَالَ عِكْرِمَة: إِن نَاسا من الْمُسلمين لما دخلُوا على بني النَّضِير أخذُوا يقطعون النّخل فَقَالَ بَعضهم لبَعض: وَإِذا تولى سعى فِي الأَرْض ليفسد فِيهَا
وَقَالَ قَائِل من الْمُسلمين: لَا يقطعون وَاديا ولاينالون من عدوّ نيلاً إِلَّا كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ وَهِي النَّخْلَة ﴿أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله﴾ قَالَ: مَا قطعْتُمْ فبإذني وَمَا تركْتُم فبإذني
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يخربون مَا يليهم من ظَاهرهَا ليدخلوا عَلَيْهِم ويخربها الْيَهُود من داخلها
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَول الله عزوجل: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقاتلهم فَإِذا ظهر على درب أَو دَار هدم حيطانها ليتسع الْمَكَان لِلْقِتَالِ وَكَانَت الْيَهُود إِذا غلبوا على درب أَو دَار نقبوها من أدبارها ثمَّ حصنوها ودربوها فَيَقُول الله عز وَجل: ﴿فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار﴾ وَقَوله: ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ يَعْنِي باللينة النّخل وَهِي أعجب إِلَى الْيَهُود من الْوَصْف يُقَال لثمرها اللَّوْن فَقَالَت الْيَهُود عِنْد قطع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَخْلهمْ وعقر شجرهم: يَا مُحَمَّد زعمت أَنَّك تُرِيدُ الإِصلاح أَفَمَن الإِصلاح عقر الشّجر وَقطع النّخل وَالْفساد فشق ذَلِك على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجد الْمُسلمُونَ من قَوْلهم فِي أنفسهم من قطعهم النّخل خشيَة أَن يكون فَسَادًا فَقَالَ بَعضهم لبَعض: لَا تقطعوا فَإِنَّهُ مِمَّا أَفَاء الله علينا فَقَالَ الَّذين يقطعونها: نغيظهم بقطعها فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ يَعْنِي النّخل فبإذن الله وَمَا تركْتُم قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله فطابت نفس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنفس الْمُؤمنِينَ
﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ يَعْنِي يهود أهل النَّضِير
وَكَانَ قطع النّخل وعقر الشّجر خزياً لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم﴾ قَالَ: مَا صَالحُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا لَا يعجبهم خَشَبَة إِلَّا أخذوها فَكَانَ ذَلِك تخريبها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿يخربون بُيُوتهم﴾ من دَاخل الدَّار لَا يقدرُونَ على قَلِيل وَلَا كثير يَنْفَعهُمْ إِلَّا خربوه وأفسدوا لِئَلَّا يدعوا شَيْئا يَنْفَعهُمْ إِذا رحلوا وَفِي قَوْله: ﴿وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ وَيخرب الْمُؤْمِنُونَ دِيَارهمْ من خَارِجهَا كَيْمَا يخلصوا إِلَيْهِم وَفِي قَوْله: ﴿وَلَوْلَا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء لعذبهم فِي الدُّنْيَا﴾
97
قَالَ: لسلط عَلَيْهِم فَضربت أَعْنَاقهم وسبيت ذَرَارِيهمْ وَلَكِن سبق فِي كِتَابه الْجلاء لَهُم ثمَّ أجلوا إِلَى أَذْرُعَات وَأَرِيحَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: كَانَت بُيُوتهم مزخرفة فحسدوا الْمُسلمين أَن يسكنوها وَكَانُوا يخربونها من دَاخل والمسلمون من خَارج
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الْجلاء خُرُوج النَّاس من الْبَلَد إِلَى الْبَلَد
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ قَالَ: هِيَ النَّخْلَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة وَعِكْرِمَة وَمُجاهد وَعَمْرو ابْن مَيْمُون مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿من لينَة﴾ قَالَ: نوع من النّخل
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: اللينة مَا دون الْعَجْوَة من النّخل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: اللينة ألوان النّخل كلهَا إِلَّا الْعَجْوَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ قَالَ: نَخْلَة أَو شَجَرَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قواماً على أُصُولهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن شهَاب قَالَ: يلغني أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحرق بعض أَمْوَال بني النَّضِير فَقَالَ قَائِل: فهان على سراة بني لؤيّ حريق بالبويرة مستطير وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قطع الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ النّخل وَأمْسك أنَاس كَرَاهِيَة أَن يكون فَسَادًا فَقَالَت الْيَهُود: الله أذن لكم فِي الْفساد فَقَالَ الله: ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ قَالَ: واللينة مَا خلا الْعَجْوَة من النّخل إِلَى قَوْله: ﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ قَالَ: لتغيظوهم ﴿وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب﴾
98
قَالَ: مَا قطعْتُمْ إِلَيْهَا وَاديا وَلَا سيرتم إِلَيْهَا دَابَّة وَلَا بَعِيرًا إِنَّمَا كَانَت حَوَائِط لبني النَّضِير أطعمها الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم بَين قُرَيْش والمهاجرين النَّضِير فَأنْزل الله ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ قَالَ: مَا هِيَ الْعَجْوَة والفنيق والنخيل وَكَانَا مَعَ نوح فِي السَّفِينَة وهما أصل التَّمْر وَلم يُعْط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَنْصَار أحدا إِلَّا رجلَيْنِ أَبَا دُجَانَة وَسَهل بن حنيف
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهُودِيّ فَسَأَلَهُ عَن الْمَشِيئَة قَالَ: الْمَشِيئَة لله قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أقوم قَالَ: قد شَاءَ الله أَن تقوم قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أقعد قَالَ: فقد شَاءَ الله أَن تقعد قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أقطع هَذِه النَّخْلَة قَالَ: فقد شَاءَ الله أَن تقطعها قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أتركها قَالَ: فقد شَاءَ الله أَن تتركها قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: قد لقنت حجتك كَمَا لقنها إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: وَنزل الْقُرْآن ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: ﴿فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب﴾ قَالَ: صَالح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل فدك وقرى سَمَّاهَا وَهُوَ محاصر قوما آخَرين فأرسلوا بِالصُّلْحِ فأفاءها الله عَلَيْهِم من غير قتال وَلم يوجفوا عَلَيْهِ خيلاً وَلَا ركاباً فَقَالَ الله: ﴿فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب﴾ يَقُول: بِغَيْر قتال
وَقد كَانَت أَمْوَال بني النَّضِير للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِصا لم يفتتحوها عنْوَة إِنَّمَا فتحوها على صلح فَقَسمهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمُهَاجِرين وَلم يُعْط الْأَنْصَار مِنْهَا شَيْئا إِلَّا رجلَيْنِ كَانَت بهما حَاجَة أَبُو دُجَانَة وَسَهل بن حنيف
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: كَانَت أَمْوَال بني النَّضِير مِمَّا أَفَاء الله على رَسُوله مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ بخيل وَلَا ركاب فَكَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة فَكَانَ ينْفق على أَهله مِنْهَا نَفَقَة سنتهمْ ثمَّ يَجْعَل مَا بَقِي فِي الكراع وَالسِّلَاح عدَّة فِي سَبِيل الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب﴾ قَالَ: يذكرهم رَبهم أَنه نَصرهم وكفاهم بِغَيْر كرَاع وَلَا عدَّة فِي قُرَيْظَة وخيبر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب﴾
99
قَالَ: أَمر الله رَسُوله بالسير إِلَى قُرَيْظَة وَالنضير وَلَيْسَ للْمُؤْمِنين يَوْمئِذٍ كثير خيل وَلَا ركاب فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحكم فِيهِ مَا أَرَادَ وَلم يكن يَوْمئِذٍ خيل وَلَا ركاب يوجف بهَا
قَالَ: والايجاف أَن يوضعوا السّير وَهِي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ من ذَلِك خَيْبَر وفدك وقرى عَرَبِيَّة وَأمر الله رَسُوله أَن يعد لينبع فَأَتَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاحتواها كلهَا فَقَالَ أنَاس: هلا قسمهَا فَأنْزل الله عذره فَقَالَ: ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿شَدِيد الْعقَاب﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى﴾ قَالَ: من قُرَيْظَة جعله الله لمهاجرة قُرَيْش خصوا بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى﴾ قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا الْجِزْيَة وَالْخَرَاج
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ مَا أَفَاء الله على رَسُوله من خَيْبَر نصف لله وَرَسُوله وَالنّصف الآخر للْمُسلمين فَكَانَ الَّذِي لله وَرَسُوله من ذَلِك الكتيبة والوطيخ وسلالة ووجدة وَكَانَ الَّذِي للْمُسلمين الشق والشق ثَلَاثَة عشر سَهْما ونطاه خَمْسَة أسْهم وَلم يقسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر لأحد من الْمُسلمين إِلَّا لمن شهد الْحُدَيْبِيَة وَلم يَأْذَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأحد تخلف عَنهُ عِنْد مخرجه الْحُدَيْبِيَة أَن يشْهد مَعَه خَيْبَر إِلَّا جَابر بن عبد الله بن عَمْرو بن حزَام الْأنْصَارِيّ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صفايا بني النَّضِير وخيبر وفدك فَأَما بَنو النَّضِير فَكَانَت حبسا لنوائبه وَأما فدك فَكَانَت لِابْنِ السَّبِيل وَأما خَيْبَر فجزأها ثَلَاثَة أَجزَاء فقسم مِنْهَا جزأين بَين الْمُسلمين وَحبس جُزْءا لنَفسِهِ ولنفقة أَهله فَمَا فضل عَن نَفَقَة أَهله رده على فُقَرَاء الْمُهَاجِرين
وَأخرج ابْن النباري فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: لَيْسَ بَين مصحف عبد الله وَزيد بن ثَابت خلاف فِي حَلَال وَحرَام إِلَّا فِي حرفين فِي سُورَة الْأَنْفَال (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل) (سُورَة الْأَنْفَال الأية ٤١) وَفِي سُورَة الْحَشْر ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل﴾ والمهاجرين فِي سَبِيل الله
100
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل﴾ قَالَ: كَانَ الْفَيْء بَين هَؤُلَاءِ فنسختها الْآيَة الَّتِي: فِي الْأَنْفَال فَقَالَ: (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَالَّذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل) (الْأَنْفَال ٤١) فنسخت هَذِه الْآيَة مَا كَانَ قبلهَا فِي سُورَة الْحَشْر فَجعل الْخمس لمن كَانَ لَهُ الْفَيْء وَصَارَ مَا بَقِي من الْغَنِيمَة لسَائِر النَّاس لمن قَاتل عَلَيْهَا
وَأخرج أَبُو عبيد فِي كتاب الْأَمْوَال وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عوَانَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: بعث إليّ عمر بن الْخطاب فِي الهاجرة فَجِئْته فَدخلت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ جَالس على سَرِير لَيْسَ بَينه وَبَين رمل السرير فرَاش متكىء على وسَادَة من آدم فَقَالَ: يَا مَالك إِنَّه قدم علينا أهل أَبْيَات من قَوْمك وَإِنِّي قد أمرت فيهم برضخ فَخذه فأقسمه بَينهم
فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّهُم قومِي وَأَنا أكره أَن أَدخل بِهَذَا عَلَيْهِم فَمر بِهِ غَيْرِي
فَإِنِّي لَا رَاجعه [لأراجعه] فِي ذَلِك إِذْ جَاءَهُ يرفا [يرفا] غُلَامه فَقَالَ: هَذَا عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَأذن لَهُم فَدَخَلُوا ثمَّ جَاءَهُ يرفا [يرفا] فَقَالَ: هَذَا عَليّ وعباس قَالَ: ائْذَنْ لَهما فِي الدُّخُول فدخلا
فَقَالَ عَبَّاس: أَلا تعديني على هَذَا فَقَالَ الْقَوْم: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اقْضِ بَين هذَيْن وأرح كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه فَإِن فِي ذَلِك رَاحَة لَك وَلَهُمَا
فَجَلَسَ عمر ثمَّ قَالَ: اتئدوا
وحسر عَن ذِرَاعَيْهِ ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أَيهَا الرَّهْط هَل سَمِعْتُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: انا لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة إِن الْأَنْبِيَاء لَا تورث فَقَالَ الْقَوْم: نعم قد سمعنَا ذَاك
ثمَّ أقبل على عَليّ وعباس فَقَالَ: أنشدكما بِاللَّه هَل سمعتما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَاك قَالَا: نعم
فَقَالَ عمر: أَلا أحدثكُم عَن هَذَا الْأَمر إِن الله خص نبيه من هَذَا الْفَيْء بِشَيْء لم يُعْطه غَيره يُرِيد أَمْوَال بني النَّضِير كَانَت نفلا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ لأحد فِيهَا حق مَعَه فوَاللَّه مَا احتواها دونكم وَلَا اسْتَأْثر بهَا عَلَيْكُم لقد قسمهَا فِيكُم حَتَّى كَانَ مِنْهَا هَذَا المَال فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدّخر مِنْهُ قوت أَهله لسنتهم وَيجْعَل مَا بَقِي فِي
101
سَبِيل المَال حَتَّى توفى الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ أَبُو بكر فَقَالَ: أَنا وليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعمل بِمَا كَانَ يعْمل وأسير بسيرته فِي حَيَاته فَكَانَ يدّخر من هَذَا المَال قنية أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسنتهم وَيجْعَل مَا بَقِي فِي سبل المَال كَمَا كَانَ يصنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوليها أَبُو بكر حَيَاته حَتَّى توفّي أَبُو بكر قلت: أَنا ولي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَولي أبي بكر أعمل بِمَا كَانَا يعملان بِهِ فِي هَذَا المَال فقبضتها فَلَمَّا أقبلتما عليّ وأدبرتما وبدا لي أَن أدفعها إلَيْكُمَا أخذت عَلَيْكُمَا عهد الله وميثاقه لتعملان فِيهَا بِمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْمل بِهِ فِيهَا وَأَبُو بكر وَأَنا حَتَّى دفعتها إلَيْكُمَا
أنْشدكُمْ الله أَيهَا الرَّهْط هَل دفعتها إِلَيْهِمَا بذلك قَالُوا: اللَّهُمَّ نعمز ثمَّ أقبل عَلَيْهِمَا فَقَالَ: أنشدكما بِاللَّه هَل دفعتها إلَيْكُمَا بذلك قَالَا: نعم قَالَ: فقضاء غير ذَلِك تلتمسان مني فَلَا وَالله لَا أَقْْضِي فِيهَا قَضَاء غير ذَلِك حَتَّى تقوم السَّاعَة فَإِن كنتما عجزتما عَنْهَا فأدياها إليّ ثمَّ قَالَ عمر: إِن الله قَالَ: ﴿وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير﴾ فَكَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ إِلَى آخر الْآيَة ﴿وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب﴾ ثمَّ قَالَ: وَالله مَا أَعْطَاهَا هَؤُلَاءِ وحدهم حَتَّى قَالَ: ﴿للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضواناً وينصرون الله وَرَسُوله أُولَئِكَ هم الصادقون﴾ ثمَّ وَالله مَا جعلهَا لهَؤُلَاء وحدهم حَتَّى قَالَ: ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان﴾ إِلَى ﴿المفلحون﴾ ثمَّ وَالله مَا أَعْطَاهَا لهَؤُلَاء وحدهم حَتَّى قَالَ: ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿رَحِيم﴾ فَقَسمهَا هَذَا الْقسم على هَؤُلَاءِ الَّذين ذكر
قَالَ عمر: لَئِن بقيت ليَأْتِيَن الرويعي بِصَنْعَاء حَقه وَدَمه فِي وَجهه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عُبَيْدَة وَابْن زَنْجوَيْه مَعًا فِي الْأَمْوَال وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَفِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: قَرَأَ عمر بن الْخطاب ﴿إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين﴾ حَتَّى بلغ ﴿عليم حَكِيم﴾ ثمَّ قَالَ: هَذِه لهَؤُلَاء ثمَّ قَرَأَ ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى﴾ حَتَّى بلغ ﴿للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين﴾ إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ: هَذِه للمهاجرين ثمَّ تَلا ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم﴾ إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ: هَذِه للْأَنْصَار ثمَّ قَرَأَ ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ﴾ إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ قَالَ: استوعبت هَذِه
102
الْمُسلمين عَامَّة وَلَيْسَ أحد إِلَّا لَهُ فِي هَذَا المَال حق أَلا مَا تَمْلِكُونَ من وصيتكم ثمَّ قَالَ: لَئِن عِشْت ليَأْتِيَن الرَّاعِي وَهُوَ يسير حمره (هَكَذَا فِي الأَصْل) نصِيبه مِنْهَا لم يعرق فِيهِ جَبينه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: اجْتَمعُوا لهَذَا المَال فأنظروا لمن تَرَوْنَهُ ثمَّ قَالَ لَهُم: إِنِّي أَمرتكُم أَن تجتمعوا لهَذَا المَال فتنظروا لمن تَرَوْنَهُ وَإِنِّي قَرَأت آيَات من كتاب الله فكفيتني سَمِعت الله يَقُول: ﴿مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿أُولَئِكَ هم الصادقون﴾ وَالله مَا هُوَ لهَؤُلَاء وحدهم ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان﴾ إِلَى قَوْله: ﴿المفلحون﴾ وَالله مَا هُوَ لهَؤُلَاء وحدهم ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿رَحِيم﴾ وَالله مَا أحد من الْمُسلمين إِلَّا لَهُ حق فِي هَذَا المَال أعطي مِنْهُ أَو منع عَنهُ حَتَّى رَاع بعدن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن زَنْجوَيْه فِي الْأَمْوَال وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا على وَجه الأَرْض مُسلم إِلَّا وَله فِي هَذَا المَال حق إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قسم عمر ذَات يَوْم قسما من المَال فَجعلُوا يثنون عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا أحمقكم لَو كَانَ لي مَا أَعطيتكُم مِنْهُ درهما
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المَال ثَلَاثَة: مغنم أَو فَيْء أَو صَدَقَة
فَلَيْسَ مِنْهُ دِرْهَم إِلَّا بيّن الله مَوْضِعه
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُوشك أَن يمْلَأ الله أَيْدِيكُم من الْعَجم ثمَّ يجعلهم أسداً لَا يفرون فيقتلون مُقَاتِلَتكُمْ ويأكلون فيئكم
وَأخرج ابْن سعد عَن السَّائِب بن يزِيد سَمِعت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَقُول: وَالَّذِي لَا إِلَيْهِ إِلَّا هُوَ ثَلَاثًا مَا من النَّاس أحد إِلَّا لَهُ حق فِي هَذَا المَال أعْطِيه أَو مَنعه وَمَا أحد أَحَق بِهِ من أحد إِلَى عبد مَمْلُوك وَمَا أَنا فِيهِ إِلَّا كأحدكم وَلَكنَّا على مَنَازلنَا من كتاب الله وَقَسمنَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالرجل وبلاؤه فِي الإِسلام وَالرجل وَقدمه فِي الْإِسْلَام وَالرجل غناهُ فِي الإِسلام وَالرجل وَحَاجته فِي الإِسلام وَالله لَئِن بقيت ليَأْتِيَن الرَّاعِي بجبل صنعاء حَظه من هَذَا المَال وَهُوَ مَكَانَهُ
103
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب عمر إِلَى حُذَيْفَة أَن أعْط النَّاس أَعطيتهم وأرزاقهم فَكتب إِلَيْهِ إِنَّا قد فعلنَا وَبَقِي شَيْء كثير فَكتب إِلَيْهِ عمر: إِن فيأهم الَّذِي أَفَاء الله عَلَيْهِم لَيْسَ هُوَ لعمر وَلَا لآل عمر اقسمه بَينهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت المَال قسم بَين هَذِه الثَّلَاثَة الْأَصْنَاف: الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثل ذَلِك
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ﴾ الْآيَة
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا﴾ قَالَ: كَانَ يُؤْتِيهم الْغَنَائِم وينهاهم عَن الْغلُول
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ﴾ قَالَ: من الْفَيْء ﴿وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا﴾ قَالَ: من الْفَيْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي اله عَنهُ ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول﴾ من طَاعَتي وأمري ﴿فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ﴾ من معصيتي فَانْتَهوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ألم يقل الله ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا﴾ قَالُوا: بلَى قَالَ: ألم يقل الله: (وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم) (سُورَة الْأَحْزَاب الْآيَة ٣٦) الْآيَة قَالَ: فَإِنِّي أشهد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع ابْن عمر وَابْن عَبَّاس يَشْهَدَانِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا﴾
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ الْمُغيرَات لخلق الله
فَبلغ ذَلِك امْرَأَة من بني أَسد
104
يُقَال لَهَا أم يَعْقُوب فَجَاءَت إِلَيْهِ فَقَالَت: إِنَّه بَلغنِي أَنَّك لعنت كَيْت وَكَيْت قَالَ: وَمَالِي لَا ألعن من لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي كتاب الله
قَالَت: لقد قَرَأت مَا بَين الدفتين فَمَا وجدت فِيهِ شَيْئا من هَذَا قَالَ: لَئِن كنت قرأته لقد وجدته أما قَرَأت ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا﴾ قَالَت: بلَى قَالَ: فَإِنَّهُ قد نهى عَنهُ وَالله أعلم
الْآيَة ٨ - ٩
105
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا﴾ الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ تركُوا الديار وَالْأَمْوَال والأهلين والعشائر وَخَرجُوا حبا لله وَلِرَسُولِهِ واختاروا الإِسلام على مَا كَانَ فِيهِ من شدَّة حَتَّى لقد ذكر لنا أَن الرجل كَانَ يعصب الْحجر على بَطْنه ليقيم بِهِ صلبه من الْجُوع وَإِن كَانَ الرجل ليتَّخذ الْحفر فِي الشتَاء مَا لَهُ دثار غَيرهَا
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان﴾
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان﴾ إِلَى آخر الْآيَة قَالَ: هم هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار أَسْلمُوا فِي دِيَارهمْ وابتنوا الْمَسَاجِد قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسنتَيْنِ وَأحسن الله عَلَيْهِم الثَّنَاء فِي ذَلِك وَهَاتَانِ الطائفتان الأولتان من هَذِه الْآيَة أخذتا بفضلهما ومضنا على مهلهما وَأثبت الله حظهما فِي هَذَا الْفَيْء ثمَّ ذكر الطَّائِفَة الثَّالِثَة فَقَالَ: ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا﴾ إِلَى آخر الْآيَة
قَالَ: إِنَّمَا أمروا أَن يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يؤمروا بسبهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم﴾
105
قَالَ: الْأَنْصَار نعت سخاوة أنفسهم عِنْدَمَا رأى من ذَلِك وإيثارهم إيَّاهُم وَلم يصب الْأَنْصَار من ذَلِك الْفَيْء شَيْء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن الْأَصَم أَن الْأَنْصَار قَالُوا: يَا رَسُول الله أقسم بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا الْمُهَاجِرين الأَرْض نِصْفَيْنِ قَالَ: لَا وَلَكِن يكفونكم الْمُؤْنَة وتقاسمونهم الثَّمَرَة وَالْأَرْض أَرْضكُم قَالُوا: رَضِينَا فَأنْزل الله ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم﴾ إِلَى آخر الْآيَة
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: فضل الْمُهَاجِرين على الْأَنْصَار فَلم يَجدوا فِي صُدُورهمْ حَاجَة قَالَ: الْحَسَد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر أَنه قَالَ: أوصِي الْخَلِيفَة بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين أَن يعرف لَهُم حَقهم ويحفظ لَهُم حرمتهم وأوصيه بالأنصار الَّذين تبوؤا الدَّار والإِيمان من قبل أَن يُهَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقبل من محسنهم وَيَعْفُو عَن مسيئهم
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: للمدينة عشرَة أَسمَاء هِيَ الْمَدِينَة وَهِي طيبَة وطابة ومسكينة وجابرة ومجبورة وتبدد ويثرب وَالدَّار
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة﴾
أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أصابني الْجهد فَأرْسل إِلَى نِسَائِهِ فَلم يجد عِنْدهن شَيْئا فَقَالَ: أَلا رجل يضيف هَذَا اللَّيْلَة رَحمَه الله تَعَالَى فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار وَفِي رِوَايَة فَقَالَ أَبُو طَلْحَة الْأنْصَارِيّ: أَنا يَا رَسُول الله فَذهب بِهِ إِلَى أَهله فَقَالَ لامْرَأَته: اكرمي ضيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تدخرين شَيْئا
قَالَت: وَالله مَا عِنْدِي إِلَّا قوت الصبية
قَالَ: فَإِذا أَرَادَ الصبية الْعشَاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا اللَّيْلَة لضيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفعلت ثمَّ غَدا الضَّيْف على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لقد عجب الله من فلَان وفلانة وَأنزل الله فيهمَا ﴿ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة﴾
وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب قري الضَّيْف وَابْن الْمُنْذر عَن
106
أبي المتَوَكل النَّاجِي رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من الْمُسلمين مكث صَائِما ثَلَاثَة أَيَّام يُمْسِي فَلَا يجد مَا يفْطر فَيُصْبِح صَائِما حَتَّى فطن لَهُ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ ثَابت بن قيس رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لأَهله: إِنِّي ساجيء اللَّيْلَة بضيف لي فَإِذا وضعتم طَعَامكُمْ فَليقمْ بَعْضكُم إِلَى كَأَنَّهُ يصلحه فليطفئه ثمَّ اضربوا بأيدكم إِلَى الطَّعَام كأنكم تَأْكُلُونَ فَلَا تَأْكُلُوا حَتَّى يشْبع ضيفنا فَلَمَّا أَمْسَى ذهب بِهِ فوضعوا طعامهم فَقَامَتْ امْرَأَته إِلَى السراج كَأَنَّهَا تصلحه فأطفأته ثمَّ جعلُوا يضْربُونَ أَيْديهم فِي الطَّعَام كَأَنَّهُمْ يَأْكُلُون وَلَا يَأْكُلُون حَتَّى شبع ضيفهم وَإِنَّمَا كَانَ طعامهم ذَلِك خبْزَة هِيَ قوتهم فَلَمَّا أصبح ثَابت غَدا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا ثَابت لقد عجب الله البارحة مِنْكُم وَمن ضيفكم فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة ﴿ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة﴾
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أهدي لرجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأس شَاة فَقَالَ: إِن أخي فلَانا وَعِيَاله أحْوج إِلَى هَذَا منا فَبعث بِهِ إِلَيْهِم فَلم يزل يبْعَث بِهِ وَاحِدًا إِلَى آخر حَتَّى تداولها أهل سَبْعَة أَبْيَات حَتَّى رجعت إِلَى الأول فَنزلت ﴿ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة﴾ قَالَ: فاقة
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون﴾
أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي أَخَاف أَن أكون قد هَلَكت قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول: ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون﴾ وَأَنا رجل شحيح لَا يكَاد يخرج مني شَيْء فَقَالَ لَهُ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: لَيْسَ ذَاك بالشح وَلكنه الْبُخْل وَلَا خير فِي الْبُخْل وَإِن الشُّح الَّذِي ذكره الله فِي الْقُرْآن أَن تَأْكُل مَال أَخِيك ظلما
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه﴾ قَالَ: لَيْسَ الشحيح أَن يمْنَع الرجل مَاله وَلكنه
107
الْبُخْل وَإنَّهُ لشر إِنَّمَا الشُّح أَن تطمح عين الرجل إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النّظر إِلَى الْمَرْأَة لَا يملكهَا من الشُّح
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوُوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: البخلان يبخل الإِنسان بِمَا فِي يَدَيْهِ وَالشح أَن يشح على مَا فِي أَيدي النَّاس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه كَانَ يطوف بِالْبَيْتِ يَقُول: اللَّهُمَّ قني شح نَفسِي
لَا يزِيد على ذَلِك فَقيل لَهُ فَقَالَ: إِذا وقيت شح نَفسِي لَا أسرق وَلَا أزني وَلم أفعل شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه﴾ قَالَ: إِدْخَال الْحَرَام وَمنع الزَّكَاة
وَأخرج ابْن االمنذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: من أدّى زَكَاة مَاله فقد وقِي شح نَفسه
وَأخرج الخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق عَن ابْن عَمْرو قَالَ: الشُّح أَشد من الْبُخْل لِأَن الشحيح يشح على مَا فِي يَدَيْهِ فيحبسه ويشح على مَا فِي أَيدي النَّاس حَتَّى يَأْخُذهُ وَإِن الْبَخِيل إِنَّمَا يبخل على مَا فِي يَدَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب ذمّ الْبُخْل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلق الله جنَّة عدن ثمَّ قَالَ لَهَا: انْطِقِي فَقَالَت: (قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة) فَقَالَ الله: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يجاورني فِيك بخيل ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ثَلَاث من كن فِيهِ فقد برِئ من الشُّح من أدّى زَكَاة مَاله وقرى الضَّيْف وَأعْطى فِي النوائب
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا محق الإِسلام محق الشُّح شَيْء قطّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي زرْعَة قالك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ الْفقر فِي قلبه فَلَا يُغْنِيه مَا أَكثر لَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّمَا يضر نَفسه شحها
108
وَأخرج عبد بن حميد عَن مجمع بن يحيى بن جَارِيَة قَالَ: حَدثنِي عمي خَالِد بن يزِيد بن جَارِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: برِئ من الشُّح من أدّى الزَّكَاة وقرى الضَّيْف وَأدّى فِي النائبة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يجْتَمع غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم فِي جَوف عبد أبدا وَلَا يجْتَمع الشُّح والإِيمان فِي قلب عبد أبدا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خصلتان لَا يَجْتَمِعَانِ فِي جَوف مُسلم الْبُخْل وَسُوء الظَّن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: شَرّ مَا فِي رجل شح هَالِع وَجبن خَالع
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الظُّلم فَإِن الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَاتَّقوا الشُّح فَإِن الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ حملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إيَّاكُمْ وَالشح وَالْبخل فَإِنَّهُ دَعَا من قبلكُمْ إِلَى أَن يقطعوا أرحامهم فقطعوها ودعاهم إِلَى أَن يستحلوا مَحَارِمهمْ فاستحلوها ودعاهم إِلَى أَن يسفكوا دِمَاءَهُمْ فسفكوها
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا توفّي فَقَالُوا: اُبْشُرْ بِالْجنَّةِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو لَا تَدْرُونَ فَلَعَلَّهُ قد تكلم بِمَا لَا يعنيه أَو بخل بِمَا لَا يَنْفَعهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُصِيب رجل يَوْم أحد فَجَاءَت امْرَأَة فَقَالَت: يَا بني لتهنك الشَّهَادَة فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك لَعَلَّه كَانَ يتَكَلَّم بِمَا لَا يعنيه وَيبْخَل بِمَا لَا يُغْنِيه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلقان يحبهما الله وخلقان يبغضهما الله
فَأَما اللَّذَان يُحِبهَا الله فالسخاء والسماحة وَأما اللَّذَان يبغضهما الله فسوء الْخلق وَالْبخل فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ على قَضَاء حوائج النَّاس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول
109
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: برِئ من الشُّح من أدّى الزَّكَاة وقرى الضَّيْف وَأدّى فِي النائبة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يذهب السخاء على الله السخي قريب من الله فَإِذا لقِيه يَوْم الْقِيَامَة أَخذ بِيَدِهِ فأقله عثرته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاح أوّل هَذِه الْأمة بالزهد وَالتَّقوى وهلاك آخرهَا بالبخل والفجور
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخي قريب من الله قريب من الْجنَّة بعيد من النَّار والبخيل بعيد من الله بعيد من الْجنَّة قريب من النَّار وَالْجَاهِل السخي أحب إِلَى الله من العابد الْبَخِيل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخي قريب من الله قريب من الْجنَّة قريب من النَّاس بعيد من النَّار والبخيل بعيد من الله بعيد من الْجنَّة بعيد من النَّاس قريب من النَّار ولَجَاهل سخيٌ أحب إِلَى الله من عَابِد بخيل
وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ وضعَّفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخي قريب من الله قريب من الْجنَّة قريب من النَّاس بعيد من النَّار والبخيل بعيد من الله بعيد من الْجنَّة بعيد من النَّاس قريب من النَّار ولفاجر سخيّ أحبّ إِلَى الله من عَابِد بخيل وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا بني سَلمَة من سيدكم الْيَوْم قَالُوا: الْجد بن قيس وَلَكنَّا نبخله قَالَ: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل وَلَكِن سيدكم عَمْرو بن الجموح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا بني سَلمَة من سيدكم قَالُوا: الْجد بن قيس وَإِنَّا لنبخله
قَالَ: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل بل سيدكم الْخَيْر الْأَبْيَض عَمْرو بن الجموح قَالَ: وَكَانَ على أضيافهم فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ: وَكَانَ يولم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تزوّج
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سيدكم يَا بني سَلمَة قَالُوا: الْجد بن
110
قيس قَالَ: وَبِمَ تسوّدونه قَالُوا: بِأَنَّهُ أكثرنا مَالا وَإِنَّا على ذَلِك لنزنه بالبخل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل لَيْسَ ذَاك سيدكم
قَالُوا: فَمن سيدنَا يَا رَسُول الله قَالَ: سيدكم الْبَراء بن معْرور قَالَ الْبَيْهَقِيّ مُرْسل
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سيدكم يَا بني عبيد قَالُوا: الْجد بن قيس على أَن فِيهِ بخلا قَالَ: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل بل سيدكم وَابْن سيدكم بشر بن الْبَراء بن معْرور
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يدْخل الْجنَّة بخيل وَلَا خب وَلَا خائن وَلَا سيء الملكة وَأول من يقرع بَاب الْجنَّة المملوكون وَإِذا أَحْسنُوا فِيمَا بَينهم وَبَين الله وَبَين مواليهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سهل الوَاسِطِيّ رفع الحَدِيث قَالَ: إِن الله اصْطنع هَذَا الدّين لنَفسِهِ وَإِنَّمَا صَلَاح هَذَا الدّين بالسخاء وَحسن الْخلق فاكرموه بهما
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طرق وَضَعفه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ لي جِبْرِيل: قَالَ الله تَعَالَى: إِن هَذَا الدّين ارتضيته لنَفْسي وَلَا يصلحه إِلَّا السخاء وَحسن الْخلق فأكرموه بهما مَا صحبتموه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عبد الله بن جَراد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ابتغيتم الْمَعْرُوف فابتغوه فِي حسان الْوُجُوه فوَاللَّه لَا يلج النَّار إِلَّا بخيل وَلَا يلج الْجنَّة شحيح إِن السخاء شَجَرَة فِي الْجنَّة تسمى السخاء وَإِن الشُّح شَجَرَة فِي النَّار تسمى الشُّح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخاء من شجر الْجنَّة أَغْصَانهَا متدليات فِي الدُّنْيَا من أَخذ بِغُصْن مِنْهَا قَادَهُ ذَلِك الْغُصْن إِلَى الْجنَّة وَالْبخل شَجَرَة من شجر النَّار أَغْصَانهَا متدليات فِي الدُّنْيَا من أَخذ بِغُصْن مِنْهَا قَادَهُ ذَلِك الْغُصْن إِلَى النَّار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخاء شَجَرَة فِي الْجنَّة فَمن كَانَ سخياً أَخذ بِغُصْن مِنْهَا فَلم يتْركهُ الْغُصْن حَتَّى يدْخلهُ الْجنَّة وَالشح شَجَرَة فِي النَّار فَمن كَانَ شحيحاً أَخذ بِغُصْن مِنْهَا فَلم يتْركهُ الْغُصْن حَتَّى يدْخلهُ النَّار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عبن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كنت قَاعِدا مَعَ
111
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء ثَلَاثَة عشر رجلا عَلَيْهِم ثِيَاب السّفر فَسَلمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالُوا: من السَّيِّد من الرِّجَال يَا رَسُول الله قَالَ: ذَاك يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم
قَالُوا: مَا فِي أمتك سيد قَالَ: بلَى رجل أعطي مَالا حَلَالا ورزق سماحة فأدنى الْفَقِير فَقلت شكايته فِي النَّاس
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْبَخِيل والمتصدق كَمثل رجلَيْنِ عَلَيْهِمَا جبتان من حَدِيد قد اضطرت أَيْدِيهِمَا إِلَى ثديهما وتراقيهما فَجعل كلما تصدق بِصَدقَة انبسطت عَنهُ حَتَّى تغشى أنامله وَتَعْفُو أَثَره وَجعل الْبَخِيل كلما هم بِصَدقَة قلصت وَأخذت كل حَلقَة مَكَانهَا فَهُوَ يوسعها وَلَا تتسع
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عبد الله بن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر قَالَ: قدم خَالِد بن الْوَلِيد من نَاحيَة أَرض الرّوم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأسرى فَعرض عَلَيْهِم الإِسلام فَأَبَوا فَأمر أَن تضرب أَعْنَاقهم حَتَّى إِذا جَاءَ إِلَى آخِرهم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا خَالِد كف عَن الرجل قَالَ: يَا رَسُول الله مَا كَانَ فِي الْقَوْم أَشد عليّ مِنْهُ
قَالَ: هَذَا جِبْرِيل يُخْبِرنِي عَن الله أَنه كَانَ سخيّاً فِي قومه فَكف عَنهُ وَأسلم الرُّومِي
الْآيَة ١٠ - ١٤
112
قوله تعالى :﴿ والذين تبوّءُو الدار والإِيمان ﴾.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ والذين تبوءُو الدار والإِيمان ﴾ إلى آخر الآية، قال : هم هذا الحي من الأنصار أسلموا في ديارهم، وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، وأحسن الله عليهم الثناء في ذلك وهاتان الطائفتان الأولتان من هذه الآية أخذتا بفضلهما ومضتا على مهلهما، وأثبت الله حظهما في هذا الفيء، ثم ذكر الطائفة الثالثة، فقال :﴿ والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإِخواننا ﴾ إلى آخر الآية. قال : إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمروا بسبهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ والذين تبوّءُو الدار والإِيمان من قبلهم ﴾ قال : الأنصار نعت سخاوة أنفسهم عندما رأى من ذلك وإيثارهم إياهم ولم يصب الأنصار من ذلك الفيء شيء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن يزيد بن الأصم أن الأنصار قالوا :«يا رسول الله أقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين الأرض نصفين، قال : لا ولكن يكفونكم المؤنة وتقاسمونهم الثمرة، والأرض أرضكم قالوا : رضينا فأنزل الله ﴿ والذين تبوّءُو الدار والإِيمان من قبلهم ﴾ إلى آخر الآية ».
أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال : فضل المهاجرين على الأنصار فلم يجدوا في صدورهم حاجة قال : الحسد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن مردويه عن عمر أنه قال : أوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار الذين تبوّءُو الدار والإِيمان من قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم.
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وهي طيبة وطابة ومسكينة وجابرة ومجبورة وتبدد ويثرب والدار ».
قوله تعالى :﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾.
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :«أتى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئاً فقال :«ألا رجل يضيف هذا الليلة رحمه الله تعالى » فقال رجل من الأنصار، وفي رواية فقال أبو طلحة الأنصاري : أنا يا رسول الله، فذهب به إلى أهله فقال لامرأته : أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخرين شيئاً. قالت : والله ما عندي إلا قوت الصبية. قال : فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم، وتعالي، فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة لضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلت ثم غدا الضيف على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال :«لقد عجب الله من فلان وفلانة وأنزل الله فيهما ﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾ ».
وأخرج مسدد في مسنده وابن أبي الدنيا في كتاب قري الضيف وابن المنذر عن أبي المتوكل الناجي رضي الله عنه أن رجلاً من المسلمين مكث صائماً ثلاثة أيام، يمسي فلا يجد ما يفطر عليه فيصبح صائماً حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له ثابت بن قيس رضي الله عنه، فقال لأهله : إني سأجيء الليلة بضيف لي فإذا وضعتم طعامكم فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه فليطفئه ثم اضربوا بأيدكم إلى الطعام كأنكم تأكلون فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا، فلما أمسى ذهب به فوضعوا طعامهم فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته، ثم جعلوا يضربون أيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم، وإنما كان طعامهم ذلك خبزة هي قوتهم، فلما أصبح ثابت غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :«يا ثابت لقد عجب الله البارحة منكم ومن ضيفكم » فنزلت فيه هذه الآية ﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾.
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عمر رضي الله عنه قال : أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال : إن أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به إليهم، فلم يزل يبعث به واحداً إلى آخر حتى تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله :﴿ ولو كان بهم خصاصة ﴾ قال : فاقة.
قوله تعالى :﴿ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ﴾.
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً قال له : إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال : وما ذاك ؟ قال : إني سمعت الله يقول :﴿ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ﴾ وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج مني شيء، فقال له ابن مسعود رضي الله عنه : ليس ذاك بالشح، ولكنه البخل، ولا خير في البخل، وإن الشح الذي ذكره الله في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلماً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله :﴿ ومن يوق شح نفسه ﴾ قال : ليس الشحيح أن يمنع الرجل ماله، ولكنه البخل وإنه لشر إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : النظر إلى المرأة، لا يملكها من الشح.
وأخرج ابن المنذر عن طاووس رضي الله عنه قال : البخل أن يبخل الإِنسان بما في يديه، والشح أن يشح على ما في أيدي الناس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يطوف بالبيت يقول : اللهم قني شح نفسي لا يزيد على ذلك فقيل له فقال : إذا وقيت شح نفسي لا أسرق ولا أزني ولم أفعل شيئاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ ومن يوق شح نفسه ﴾ قال : إدخال الحرام ومنع الزكاة.
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : من أدى زكاة ماله فقد وقي شح نفسه.
وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ابن عمرو قال : الشح أشد من البخل لأن الشحيح يشح على ما في يديه فيحبسه ويشح على ما في أيدي الناس حتى يأخذه، وإن البخيل إنما يبخل على ما في يديه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم البخل عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«خلق الله جنة عدن ثم قال لها : انطقي، فقالت :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ [ المؤمنون : ١ ] فقال الله :«وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل » ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ﴾. »
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«ثلاث من كن فيه فقد برىء من الشح، من أدى زكاة ماله، وقرى الضيف، وأعطى في النوائب ».
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما محق الإِسلام محق الشح شيء قط » وأخرج ابن مردويه عن أبي زرعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من كان الفقر في قلبه فلا يغنيه ما أكثر له في الدنيا وإنما يضر نفسه شحها ».
وأخرج عبد بن حميد عن مجمع بن يحيى بن جارية قال : حدثني عمي خالد بن يزيد بن جارية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«برىء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة ».
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبداً، ولا يجتمع الشح والإِيمان في قلب عبد أبداً ».
وأخرج الترمذي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«خصلتان لا يجتمعان في جوف مسلم البخل وسوء الظن ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع ».
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب ومسلم والبيهقي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ».
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إياكم والشح والبخل، فإنه دعا من قبلكم إلى أن يقطعوا أرحامهم فقطعوها، ودعاهم إلى أن يستحلوا محارمهم فاستحلوها، ودعاهم إلى أن يسفكوا دماءهم فسفكوها ».
وأخرج الترمذي والبيهقي عن أنس رضي الله عنه «أن رجلاً توفي فقالوا : ابشر بالجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أولا تدرون فلعله قد تكلم بما لا يعنيه أو بخل بما لا ينفعه ».
وأخرج البيهقي من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال :«أصيب رجل يوم أحد فجاءت امرأة فقالت : يا بني لتهنك الشهادة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :«وما يدريك لعله كان يتكلم بما لا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه ».
وأخرج البيهقي عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«خلقان يحبهما الله وخلقان يبغضهما الله. فأما اللذان يحبها الله فالسخاء والسماحة، وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل، فإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله على قضاء حوائج الناس ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«برىء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة ».
وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا يذهب السخاء على الله، السخي قريب من الله، فإذا لقيه يوم القيامة أخذ بيده فأقله عثرته ».
وأخرج البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«صلاح أوّل هذه الأمة بالزهد والتقوى وهلاك آخرها بالبخل والفجور ».
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«السخيّ قريب من الله قريب من الجنة بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة قريب من النار، والجاهل السخي أحب إلى الله من العابد البخيل ».
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار، ولَجَاهل سخيٌ أحب إلى الله من عابد بخيل ».
وأخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار، ولفاجر سخيّ أحبّ إلى الله من عابد بخيل، وأي داء أدوأ من البخل ».
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يا بني سلمة من سيدكم اليوم ؟ قالوا : الجد بن قيس ولكنا نبخله، قال : وأي داء أ
أخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ﴾ قَالَ: الَّذين أَسْلمُوا فعنوا أَيْضا عبد الله بن نَبْتَل وَأَوْس بن قيظي
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: النَّاس على ثَلَاثَة منَازِل قد مَضَت منزلتان وَبقيت منزلَة فَأحْسن مَا أَنْتُم كائنون عَلَيْهِ أَن تَكُونُوا بِهَذِهِ الْمنزلَة الَّتِي بقيت ثمَّ قَرَأَ ﴿للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ﴾ الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَهَذِه منزلَة وَقد مَضَت ثمَّ قَرَأَ ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم﴾ الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَار وَهَذِه منزلَة وَقد مَضَت ثمَّ قَرَأَ ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا الَّذين سبقُونَا بالإِيمان﴾ فقد مَضَت هَاتَانِ المنزلتان وَبقيت هَذِه الْمنزلَة فَأحْسن مَا أَنْتُم كائنون عَلَيْهِ أَن تَكُونُوا بِهَذِهِ الْمنزلَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ﴾ الْآيَة قَالَ: أمروا بالاستغفار لَهُم وَقد علم مَا أَحْدَثُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أمروا أَن يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبوهم ثمَّ قَرَأت هَذِه الْآيَة ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا الَّذين سبقُونَا بالإِيمان﴾ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه سمع رجلا وَهُوَ يتَنَاوَل بعض الْمُهَاجِرين فَقَرَأَ عَلَيْهِ ﴿للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين﴾ الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ فَمنهمْ أَنْت قَالَ: لَا ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان﴾ الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَار أفأنت مِنْهُم قَالَ: لَا ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ﴾ الْآيَة ثمَّ قَالَ: أَفَمَن هَؤُلَاءِ أَنْت قَالَ: أَرْجُو قَالَ: لَا لَيْسَ من هَؤُلَاءِ من يسب هَؤُلَاءِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخرعن ابْن عمر أَنه بلغه أَن رجلا نَالَ من عُثْمَان فَدَعَاهُ فأقعده بَين يَدَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ ﴿للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين﴾ الْآيَة قَالَ: من هَؤُلَاءِ
113
أَنْت قَالَ: لَا
ثمَّ قَرَأَ ﴿وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ﴾ الْآيَة قَالَ: من هَؤُلَاءِ أَنْت قَالَ: أرجوا أَن أكون مِنْهُم
قَالَ: لَا وَالله مَا يكون مِنْهُم من يتناولهم وَكَانَ فِي قلبه الغل عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ / رَبنَا لَا تجْعَل فِي قُلُوبنَا غلاً للَّذين آمنُوا /
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ النَّسَائِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَينا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يطلع الْآن رجل من أهل الْجنَّة فَأطلع رجل من الْأَنْصَار تنطف لحيته مَاء من وضوئِهِ مُعَلّق نَعْلَيْه فِي يَده الشمَال فَلَمَّا كَانَ من الْغَد
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يطلع عَلَيْكُم الْآن رجل من أهل الْجنَّة فَاطلع ذَلِك الرجل على مثل مرتبته الأولى فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل ذَلِك فَأطلع ذَلِك الرجل فَلَمَّا قَامَ الرجل أتبعه عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالَ: إِنِّي لاحيت أبي فأقسمت أَن لَا أَدخل عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِن رَأَيْت أَن تؤويني إِلَيْك حَتَّى تحل يَمِيني فعلت
قَالَ: نعم قَالَ أنس: فَكَانَ عبد بن عَمْرو يحدث أَنه بَات مَعَه لَيْلَة فَلم يره يقوم من اللَّيْل شَيْئا غير أَنه كَانَ إِذا تقلب على فرَاشه ذكر الله وَكبر حَتَّى يقوم لصَلَاة الْفجْر فيسبغ الْوضُوء غير أَنِّي لَا أسمعهُ يَقُول إِلَّا خيرا فَلَمَّا مَضَت اللَّيَالِي الثَّلَاث وكدت احتقر عمله قلت: يَا عبد الله إِنَّه لم يكن بيني وَبَين وَالِدي غضب وَلَا هِجْرَة وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَك ثَلَاث مَرَّات فِي ثَلَاث مجَالِس يطلع عَلَيْكُم الْآن رجل من أهل الْجنَّة فأطلعت أَنْت تِلْكَ المرات الثَّلَاث فَأَرَدْت أَن آوي إِلَيْك فَأنْظر مَا عَمَلك فَإِذا مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْت فَانْصَرَفت عَنهُ فَلَمَّا وليت دَعَاني فَقَالَ: مَا هُوَ إلاّ مَا قد رَأَيْت غير أَنِّي لَا أجد فِي نَفسِي غلاً لأحد من الْمُسلمين وَلَا أحسده على خير أعطَاهُ الله إِيَّاه فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عَمْرو: هَذِه الَّتِي بلغت بك وَهِي الَّتِي لَا نطيق
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ: بلغنَا أَن رجلا صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا انْصَرف قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا الرجل من أهل الْجنَّة
قَالَ عبد الله بن عمروا: فَأَتَيْته فَقلت: يَا عماه الضِّيَافَة قَالَ نعم فَإِذا لَهُ خيمة وشَاة ونخل فَلَمَّا أَمْسَى خرج من خيمته فاحتلب العنز واجتنى لي رطبا ثمَّ وَضعه فَأكلت
114
مَعَه فَبَاتَ نَائِما وَبت قَائِما وَأصْبح مُفطرا وأصبحت صَائِما فَفعل ذَلِك ثَلَاث لَيَال فَقلت لَهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِيك: إِنَّك من أهل الْجنَّة فَأَخْبرنِي مَا عَمَلك فَائت الَّذِي أخْبرك حَتَّى يُخْبِرك بعملي فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ائته فمره أَن يُخْبِرك فَقلت: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرك أَن تُخبرنِي
قَالَ: أما الْآن فَنعم فَقَالَ: لَو كَانَت الدُّنْيَا لي فَأخذت مني لم أَحْزَن عَلَيْهَا وَلَو أعطيتهَا لم أفرح بهَا وأبيت وَلَيْسَ فِي قلبِي غل على أحد قَالَ عبد الله: لكني وَالله أقوم اللَّيْل وَأَصُوم النَّهَار وَلَو وهبت لي شَاة لفرحت بهَا وَلَو ذهبت لحزنت عَلَيْهَا وَالله لقد فضلك الله علينا فضلا بَينا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا﴾ قَالَ عبد الله بن أبيّ بن سلول وَرِفَاعَة بن تَابُوت وَعبد الله بن نَبْتَل وَأَوْس بن قيظي وإخوانهم بَنو النَّضِير
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن رهطاً من بني عَوْف بن الْحَارِث مِنْهُم عبد الله بن أُبي بن سلول ووديعة بن مَالك وسُويد وداعس بعثوا إِلَى بني النَّضِير أَن اثبتوا وتمنعوا فَإنَّا لَا نسلمكم وَإِن قوتلتم قاتلنا مَعكُمْ وَإِن خَرجْتُمْ خرجنَا مَعكُمْ فتربصوا ذَلِك من نَصرهم فَلم يَفْعَلُوا وَقذف الله الرعب فِي قُلُوبهم فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجليهم ويكف عَن دِمَائِهِمْ على أَن لَهُم مَا حملت الإِبل من أَمْوَالهم إِلَّا الْحلقَة فَفعل فَكَانَ الرجل مِنْهُم يهدم بَيته فيضعه على ظهر بعيره فَينْطَلق بِهِ فَخَرجُوا إِلَى خَيْبَر وَمِنْهُم من سَار إِلَى الشَّام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قدأسلم نَاس من أهل قُرَيْظَة وَالنضير وَكَانَ فيهم مُنَافِقُونَ وَكَانُوا يَقُولُونَ لأهل النَّضِير: لَئِن أخرجتم لَنخْرجَنَّ مَعكُمْ فَنزلت فيهم هَذَا الْآيَة ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا يَقُولُونَ لإِخوانهم﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا﴾ قَالَ: عبد الله بن أبي سلول وَرِفَاعَة بن تَابُوت وَعبد الله بن نَبْتَل وَأَوْس بن قيظي ﴿يَقُولُونَ لإِخوانهم﴾ قَالَ: النَّضِير ﴿بأسهم بَينهم شَدِيد﴾ قَالَ: بالْكلَام ﴿تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى﴾ قَالَ: المُنَافِقُونَ يُخَالف دينهم دين النَّضِير ﴿كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا﴾ قَالَ: كفار قُرَيْش يَوْم بدر
115
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى﴾ قَالَ: كَذَلِك أهل الْبَاطِل مُخْتَلفَة شَهَادَتهم مُخْتَلفَة أهواؤهم مُخْتَلفَة أَعْمَالهم وهم مجتمعون فِي عَدَاوَة أهل الْحق ﴿كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا﴾ قَالَ: هم بَنو النَّضِير
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى﴾ قَالَ: هم الْمُشْركُونَ
وَأخرج الديلمي عَن عَليّ قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ بَعضهم لبَعض نصحاء وادّون وَإِن افْتَرَقت مَنَازِلهمْ والفجرة بَعضهم لبَعض غششة خونة وَإِن اجْتمعت أبدانهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا﴾ قَالَ: هم كفار قُرَيْش يَوْم بدر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة ﴿كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا﴾ قَالَ: هم بَنو النَّضِير
الْآيَة ١٥ - ٢٠
116
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا ﴾ قال عبدالله بن أبيّ بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبدالله بن نبتل وأوس بن قيظي وإخوانهم بنو النضير.
وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أن رهطاً من بني عوف بن الحارث منهم عبدالله بن أبيّ بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لا نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله الرعب في قلوبهم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإِبل من أموالهم إلا الحلقة، ففعل، فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قد أسلم ناس من أهل قريظة والنضير، وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير : لئن أخرجتم لنخرجن معكم، فنزلت فيهم هذه الآية ﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإِخوانهم ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا ﴾ قال : عبدالله بن أبيّ بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبدالله بن نبتل وأوس بن قيظي ﴿ يقولون لإِخوانهم ﴾ قال : النضير ﴿ بأسهم بينهم شديد ﴾ قال : بالكلام ﴿ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ﴾ قال : المنافقون يخالف دينهم دين النضير ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : كفار قريش يوم بدر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ﴾ قال : كذلك أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : هم بنو النضير.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ﴾ قال : هم المشركون.
وأخرج الديلمي عن علي قال : المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادّون وإن افترقت منازلهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة خونة وإن اجتمعت أبدانهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : هم كفار قريش يوم بدر.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : هم بنو النضير.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا ﴾ قال عبدالله بن أبيّ بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبدالله بن نبتل وأوس بن قيظي وإخوانهم بنو النضير.
وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أن رهطاً من بني عوف بن الحارث منهم عبدالله بن أبيّ بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لا نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله الرعب في قلوبهم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإِبل من أموالهم إلا الحلقة، ففعل، فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قد أسلم ناس من أهل قريظة والنضير، وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير : لئن أخرجتم لنخرجن معكم، فنزلت فيهم هذه الآية ﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإِخوانهم ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا ﴾ قال : عبدالله بن أبيّ بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبدالله بن نبتل وأوس بن قيظي ﴿ يقولون لإِخوانهم ﴾ قال : النضير ﴿ بأسهم بينهم شديد ﴾ قال : بالكلام ﴿ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ﴾ قال : المنافقون يخالف دينهم دين النضير ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : كفار قريش يوم بدر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ﴾ قال : كذلك أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : هم بنو النضير.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ﴾ قال : هم المشركون.
وأخرج الديلمي عن علي قال : المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادّون وإن افترقت منازلهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة خونة وإن اجتمعت أبدانهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : هم كفار قريش يوم بدر.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ قال : هم بنو النضير.

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن رَاهَوَيْه وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم صَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن رجلا كَانَ يتعبد فِي صومعة وَأَن امْرَأَة كَانَ لَهَا إخْوَة فَعرض لَهَا شَيْء فَأتوهُ بهَا فزينت لَهُ نَفسه فَوَقع عَلَيْهَا فَجَاءَهُ الشَّيْطَان
116
فَقَالَ: اقتلها فَإِنَّهُم إِن ظَهَرُوا عَلَيْك افتضحت فَقَتلهَا ودفنها فجاؤوه فَأَخَذُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَبَيْنَمَا هم يَمْشُونَ إذاجاءه الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنِّي أَنا الَّذِي زينت لَك فاسجد لي سَجْدَة أنجيك فَسجدَ لَهُ فَذَلِك قَوْله: ﴿كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر﴾ الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كَمثل الشَّيْطَان﴾ الْآيَة قَالَ: كَانَ رَاهِب من بَين إِسْرَائِيل يعبد الله فَيحسن عِبَادَته وَكَانَ يُؤْتِي من كل أَرض فَيسْأَل عَن الْفِقْه وَكَانَ عَالما وَإِن ثَلَاثَة إخْوَة لَهُم أُخْت حسناء من أحسن النَّاس وَإِنَّهُم أَرَادوا أَن يسافروا وَكبر عَلَيْهِم أَن يدعوها ضائعة فعمدوا إِلَى الراهب فَقَالُوا: إِنَّا نُرِيد السّفر وَإِنَّا لَا نجد أحد أوثق فِي أَنْفُسنَا وَلَا آمن عندنَا مِنْك فَإِن رَأَيْت جعلنَا أُخْتنَا عنْدك فَإِنَّهَا شَدِيدَة الوجع فَإِن مَاتَت فَقُمْ عَلَيْهَا وَإِن عاشت فَأصْلح إِلَيْهَا حَتَّى ترجع فَقَالَ: أكفيكم إِن شَاءَ الله فَقَامَ عَلَيْهَا فداواها حَتَّى بَرِئت وَعَاد إِلَيْهَا حسنها وَإنَّهُ اطلع إِلَيْهَا فَوَجَدَهَا متصنعة وَلم يزل بِهِ الشَّيْطَان حَتَّى وَقع عَلَيْهَا فَحملت ثمَّ ندمه الشَّيْطَان فزين لَهُ قَتلهَا وَقَالَ: إِن لم تفعل افتضحت وَعرف أَمرك فَلم يكن لَك معذره فَلم يزل بِهِ حَتَّى قَتلهَا فَلَمَّا قدم إخوتها سَأَلُوهُ مَا فعلت قَالَ: مَاتَت فدفنتها
قَالُوا: أَحْسَنت
فَجعلُوا يرَوْنَ فِي الْمَنَام ويخبرون أَن الراهب قَتلهَا أَنَّهَا تَحت شَجَرَة كَذَا وَكَذَا وَأَنَّهُمْ عَمدُوا إِلَى الشَّجَرَة فَوَجَدَهَا قد قتلت فعمدوا إِلَيْهِ فَأَخَذُوهُ فَقَالَ الشَّيْطَان: أَنا الَّذِي زينت لَك الزِّنَا وزينت لَك قَتلهَا فَهَل لَك أَن تطيعني وأنجيك قَالَ: نعم قَالَ: قَالَ فاسجد لي سَجْدَة وَاحِدَة فَسجدَ لَهُ ثمَّ قتل فَذَلِك قَول الله: ﴿كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَت امْرَأَة ترعى الْغنم وَكَانَ لَهَا أَرْبَعَة إخْوَة وَكَانَت تأوي بِاللَّيْلِ إِلَى صومعة رَاهِب فَنزل الراهب ففجر بهَا فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: اقتلها ثمَّ ادفنها فَإنَّك رجل مُصدق يسمع قَوْلك فَقَتلهَا ثمَّ دَفنهَا فَأتى الشَّيْطَان إخوتها فِي الْمَنَام فَقَالَ لَهُم: إِن الراهب فجر بأختكم فَلَمَّا أحبلها قَتلهَا ثمَّ دَفنهَا فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلم أصبح قَالَ رجل مِنْهُم: لقد رَأَيْت البارحة كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الآخر: وَأَنا وَالله لقد رَأَيْت كَذَلِك فَقَالَ الآخر: وَأَنا وَالله لقد رَأَيْت كَذَلِك قَالُوا: فوَاللَّه مَا هَذَا إِلَّا لشَيْء فَانْطَلقُوا
117
فَاسْتَعدوا ملكهم على ذَلِك الراهب فَأتوهُ فأنزلوه ثمَّ انْطَلقُوا بِهِ فَلَقِيَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنِّي أَنا الَّذِي أوقعتك فِي هَذَا وَلنْ ينجيك مِنْهُ غَيْرِي فاسجد لي سَجْدَة وَاحِدَة وأنجيك مِمَّا أوقعتك فِيهِ فَسجدَ لَهُ فَلَمَّا أَتَوا بِهِ ملكهم تَبرأ مِنْهُ وأُخِذَ فقُتِل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبيد بن رِفَاعَة الدَّارمِيّ يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ رَاهِب فِي بني إِسْرَائِيل فَأخذ الشَّيْطَان جَارِيَة فخنقها فَألْقى فِي قُلُوب أَهلهَا أَن دواءها عِنْد الراهب فَأتي بهَا الراهب فَأبى أَن يقبلهَا فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى قبلهَا فَكَانَت عِنْده فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فوسوس لَهُ وزين لَهُ فَلم يزل بِهِ حَتَّى وَقع عَلَيْهَا فَلَمَّا حملت وسوس لَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: الْآن تفتضح يَأْتِيك أَهلهَا فَاقْتُلْهَا فَإِن أتوك فَقل: مَاتَت
فَقَتلهَا ودفنها فَأتى الشَّيْطَان أَهلهَا فوسوسإليهم وَألقى فِي قُلُوبهم أَنه أحبلها ثمَّ قَتلهَا فَأَتَاهُ أَهلهَا فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: مَاتَت
فَأَخَذُوهُ فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: أَنا الَّذِي ألقيت فِي قُلُوب أَهلهَا وَأَنا الَّذِي أوقعتك فِي هَذَا فأطعني تنج واسجد لي سَجْدَتَيْنِ
فَسجدَ لَهُ سَجْدَتَيْنِ فَهُوَ الَّذِي قَالَ الله: ﴿كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر والخرائطي فِي اعتلال الْقُلُوب من طَرِيق عدي بن ثَابت عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رَاهِب فِي بني إِسْرَائِيل متعبداً زَمَانا حَتَّى كَانَ يُؤْتى بالمجانين فَيقْرَأ عَلَيْهِم ويعودهم حَتَّى يبرؤوا فَأتى بِامْرَأَة فِي شرف قد عرض لَهَا الْجُنُون فجَاء إخواتها إِلَيْهِ ليعوذها فَلم يزل بِهِ الشَّيْطَان يزين لَهُ حَتَّى وَقع عَلَيْهَا فَحملت فَلَمَّا عظم بَطنهَا لم يزل الشَّيْطَان يزين لَهُ حَتَّى قَتلهَا ودفنها فِي مَكَان فجَاء الشَّيْطَان فِي صُورَة رجل إِلَى بعض إخوتها فَأخْبرهُ فَجعل الرجل يَقُول لِأَخِيهِ: وَالله لقد أَتَانِي آتٍ فَأَخْبرنِي بِكَذَا وَكَذَا حَتَّى أفْضى بِهِ بَعضهم إِلَى بعض حَتَّى رَفَعُوهُ إِلَى ملكهم فَسَار الْملك وَالنَّاس حَتَّى استنزله فَأقر واعترف فَأمر بِهِ الْملك فصلب فَأَتَاهُ الشَّيْطَان وَهُوَ على خشبته فَقَالَ: أَنا الَّذِي زينت لَك هَذَا وألقيتك فِيهِ فَهَل أَنْت مطيعي فِيمَا آمُرك بِهِ وأخلصك قَالَ: نعم
قَالَ: فاسجد لي سَجْدَة وَاحِدَة فَسجدَ لَهُ وَكفر فَقتل فِي تِلْكَ الْحَال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن طَاوُوس قَالَ: كَانَ رجل من بني إِسْرَائِيل عابداً وَكَانَ رُبمَا داوى المجانين وَكَانَت امْرَأَة جميلَة أَخذهَا الْجُنُون فجيء بهَا إِلَيْهِ فَتركت عِنْده فَأَعْجَبتهُ فَوَقع عَلَيْهَا فَحملت فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ:
118
إِن علم بِهَذَا افتضحت فَاقْتُلْهَا وادفنها فِي بَيْتك فَقَتلهَا فجَاء أَهلهَا بعد زمَان يسألونه عَنْهَا فَقَالَ: مَاتَت فَلم يتهموه لصلاحه فيهم وَرضَاهُ فَجَاءَهُمْ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنَّهَا لم تمت وَلكنهَا وَقع عَلَيْهَا فَحملت فَقَتلهَا ودفنها فِي بَيته فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فجَاء أَهلهَا فَقَالُوا: مَا نتهمك وَلَكِن أخبرنَا أَيْن دفنتها وَمن كَانَ مَعَك ففتشوا بَيته فوجدوها حَيْثُ دَفنهَا فَأخذ فسجن فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِن كنت تُرِيدُ أَن أخرجك مِمَّا أَنْت فِيهِ فَأكفر بِاللَّه فأطاع الشَّيْطَان وَكفر فَأخذ وَقتل فتبرأ مِنْهُ الشَّيْطَان حِينَئِذٍ قَالَ طَاوس: مَا أعلم إِلَّا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِيهِ ﴿كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: ضرب الله مثل الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ الَّذين كَانُوا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر﴾ قَالَ: عَامَّة النَّاس
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه كَانَ يقْرَأ فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِي النَّار خالدان فِيهَا وَالله أعلم
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله﴾ الْآيَة
أخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جرير قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ قوم مجتابي النمار متقلدي السيوف عَلَيْهِم أزر وَلَا شَيْء غَيرهَا عامتهم من مُضر فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي بهم من الْجهد والعري والجوع تغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَامَ فَدخل بَيته ثمَّ رَاح إِلَى الْمَسْجِد فصلى الظّهْر ثمَّ صعد منبره فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد ذَلِكُم فَإِن الله أنزل فِي كِتَابه ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله ولتنظر نفس مَا قدمت لغد وَاتَّقوا الله إِن الله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ لَا يَسْتَوِي أَصْحَاب النَّار وَأَصْحَاب الْجنَّة أَصْحَاب الْجنَّة هم الفائزون﴾ تصدقوا قبل أَن لَا تصدقوا تصدقوا قبل أَن يُحَال بَيْنكُم وَبَين الصَّدَقَة تصدق امْرُؤ من ديناره تصدق امْرُؤ من درهمه تصدق امْرُؤ من بره من شعيره من تمره لَا يحقرن شَيْء من الصَّدَقَة وَلَو بشق التمرة فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار بصرة فِي
119
كَفه فناولها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على منبره فَعرف السرُور فِي وَجهه فَقَالَ: من سنّ فِي الإِسلام سنة حَسَنَة فَعمل بهَا كَانَ لَهُ أجرهَا وَمثل أجر من عمل بهَا لَا ينقص من أُجُورهم شَيْئا وَمن سنّ سنة سَيِّئَة فَعمل بهَا كَانَ عَلَيْهِ وزرها وَمثل وزر من عمل بهَا لَا ينقص من أوزارهم شَيْئا فَقَامَ النَّاس فَتَفَرَّقُوا فَمن ذِي دِينَار وَمن ذِي دِرْهَم وَمن ذِي طَعَام وَمن ذِي وَمن ذِي فَاجْتمع فَقَسمهُ بَينهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿مَا قدمت لغد﴾ قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن نعيم بن مُحَمَّد الرَّحبِي قَالَ: كَانَ من خطْبَة أبي بكر الصّديق: وَاعْلَمُوا أَنكُمْ تغدون وتروحون فِي أجل قد غيب عَنْكُم علمه فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن يَنْقَضِي الْأَجَل وَأَنْتُم على حذر فافعلوا وَلنْ تستطيعوا ذَلِك إِلَّا بِإِذن الله وَإِن قوما جعلُوا أَجلهم لغَيرهم فنهاكم الله أَن تَكُونُوا أمثالهم فَقَالَ: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ﴾ أَيْن من كُنْتُم تعرفُون من إخْوَانكُمْ قد انْتَهَت عَنْهُم أَعْمَالهم ووردوا على مَا قدمُوا
أَيْن الجبارون الْأَولونَ الَّذين بنوا الْمَدَائِن وَحَصَّنُوهَا بالحوائط قد صَارُوا تَحت الصخر والآكام هَذَا كتاب الله لَا تفنى عجائبه وَلَا يطفأ نوره استضيئوا مِنْهُ الْيَوْم ليَوْم الظلمَة واستنصحوا كِتَابه وتبيانه فَإِن الله قد أفنا على قوم فَقَالَ: (كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات ويدعوننا رغباً ورهباً وَكَانُوا لنا خاشعين) (سُورَة الْأَنْبِيَاء الْآيَة ٩٠) لَا خير فِي قَول لَا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله وَلَا خر فِي مَال لَا ينْفق فِي سَبِيل الله وَلَا خير فِيمَن يغلب غَضَبه حلمه وَلَا خير فِي رجل يخَاف فِي الله لومة لائم
الْآيَة ٢١ - ٢٤
120
أخرج عبد الرزاق وابن راهويه وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن علي بن أبي طالب أن رجلاً كان يتعبد في صومعة، وأن امرأة كان لها إخوة فعرض لها شيء، فأتوه بها، فزينت له نفسه فوقع عليها، فجاءه الشيطان فقال : اقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها ودفنها، فجاءوه فأخذوه، فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان فقال : إني أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك، فسجد له، فذلك قوله :﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله :﴿ كمثل الشيطان ﴾ الآية، قال : كان راهب من بين إسرائيل يعبد الله فيحسن عبادته، وكان يؤتي من كل أرض فيسأل عن الفقه، وكان عالماً، وإن ثلاثة إخوة لهم أخت حسناء من أحسن الناس، وإنهم أرادوا أن يسافروا، وكبر عليهم أن يدعوها ضائعة، فعمدوا إلى الراهب، فقالوا : إنا نريد السفر، وإنا لا نجد أحد أوثق في أنفسنا ولا آمن عندنا منك، فإن رأيت جعلنا أختنا عندك، فإنها شديدة الوجع، فإن ماتت، فقم عليها، وإن عاشت فأصلح إليها حتى ترجع، فقال : أكفيكم إن شاء الله، فقام عليها فداواها حتى برئت وعاد إليها حسنها، وإنه اطلع إليها فوجدها متصنعة، ولم يزل به الشيطان حتى وقع عليها فحملت، ثم ندمه الشيطان فزين له قتلها وقال : إن لم تفعل افتضحت وعرف أمرك، فلم يكن لك معذرة، فلم يزل به حتى قتلها، فلما قدم إخوتها سألوه ما فعلت ؟ قال : ماتت، فدفنتها. قالوا : أحسنت. فجعلوا يرون في المنام ويخبرون أن الراهب قتلها وأنها تحت شجرة كذا وكذا، وأنهم عمدوا إلى الشجرة فوجدها قد قتلت، فعمدوا إليه فأخذوه فقال الشيطان : أنا الذي زينت لك الزنا وزينت لك قتلها، فهل لك أن تطيعني وأنجيك ؟ قال : نعم، قال : قال فاسجد لي سجدة واحدة فسجد له ثم قتل فذلك قول الله :﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في هذه الآية قال : كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعة إخوة، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب فنزل الراهب ففجر بها، فأتاه الشيطان فقال : اقتلها ثم ادفنها، فإنك رجل مصدق يسمع قولك، فقتلها ثم دفنها، فأتى الشيطان إخوتها في المنام، فقال لهم : إن الراهب فجر بأختكم، فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا، فلم أصبح قال رجل منهم : لقد رأيت البارحة كذا وكذا فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت كذلك فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت كذلك قالوا : فوالله ما هذا إلا لشيء، فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب فأتوه فأنزلوه، ثم انطلقوا به، فلقيه الشيطان فقال : إني أنا الذي أوقعتك في هذا، ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه، فسجد له فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأُخِذَ فقُتِل.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبيد بن رفاعة الدارمي يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان راهب في بني إسرائيل، فأخذ الشيطان جارية فخنقها فألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب، فأتي بها الراهب، فأبى أن يقبلها، فلم يزالوا به حتى قبلها، فكانت عنده، فأتاه الشيطان فوسوس له وزين له، فلم يزل به حتى وقع عليها، فلما حملت وسوس له الشيطان فقال : الآن تفتضح يأتيك أهلها فاقتلها، فإن أتوك، فقل : ماتت، فقتلها ودفنها فأتى الشيطان أهلها فوسوس إليهم، وألقى في قلوبهم أنه أحبلها ثم قتلها، فأتاه أهلها فسألوه فقال : ماتت، فأخذوه فأتاه الشيطان فقال : أنا الذي ألقيت في قلوب أهلها، وأنا الذي أوقعتك في هذا فأطعني تنج واسجد لي سجدتين فسجد له سجدتين فهو الذي قال الله ﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر ﴾ الآية.
وأخرج ابن المنذر والخرائطي في اعتلال القلوب من طريق عدي بن ثابت عن ابن عباس في الآية قال : كان راهب في بني إسرائيل متعبداً زماناً حتى كان يؤتى بالمجانين فيقرأ عليهم ويعودهم حتى يبرؤوا فأتى بامرأة في شرف قد عرض لها الجنون، فجاء إخوتها إليه ليعوذها، فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها فحملت، فلما عظم بطنها لم يزل الشيطان يزين له حتى قتلها ودفنها في مكان، فجاء الشيطان في صورة رجل إلى بعض إخوتها فأخبره، فجعل الرجل يقول لأخيه : والله لقد أتاني آت فأخبرني بكذا وكذا حتى أفضى به بعضهم إلى بعض حتى رفعوه إلى ملكهم، فسار الملك والناس حتى استنزله فأقر واعترف فأمر به الملك فصلب، فأتاه الشيطان وهو على خشبته فقال : أنا الذي زينت لك، هذا وألقيتك فيه، فهل أنت مطيعي فيما آمرك به وأخلصك ؟ قال : نعم. قال : فاسجد لي سجدة واحدة، فسجد له وكفر، فقتل في تلك الحال.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاووس قال : كان رجل من بني إسرائيل عابداً وكان ربما داوى المجانين وكانت امرأة جميلة أخذها الجنون فجيء بها إليه فتركت عنده، فأعجبته، فوقع عليها، فحملت، فجاءه الشيطان، فقال : إن علم بهذا افتضحت فاقتلها وادفنها في بيتك، فقتلها فجاء أهلها بعد زمان يسألونه عنها، فقال : ماتت، فلم يتهموه لصلاحه فيهم ورضاه، فجاءهم الشيطان فقال : إنها لم تمت ولكنه وقع عليها فحملت فقتلها ودفنها في بيته في مكان كذا وكذا، فجاء أهلها فقالوا : ما نتهمك، ولكن أخبرنا أين دفنتها ومن كان معك ففتشوا بيته فوجدوها حيث دفنها، فأخذ فسجن، فجاءه الشيطان فقال : إن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فأكفر بالله، فأطاع الشيطان وكفر، فأخذ وقتل فتبرأ منه الشيطان حينئذ. قال طاووس : فما أعلم إلا أن هذه الآية أنزلت فيه ﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر ﴾ الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في الآية قال : ضرب الله مثل الكفار والمنافقين الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإِنسان اكفر ﴾ قال : عامة الناس.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرأ «فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدان فيها » والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ﴾ الآية.
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن جرير قال : كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه قوم مجتابي النمار متقلدي السيوف عليهم أزر ولا شيء غيرها، عامتهم من مضر، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الذي بهم من الجهد والعري والجوع تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فدخل بيته، ثم راح إلى المسجد، فصلى الظهر ثم صعد منبره، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : أما بعد ذلكم فإن الله أنزل في كتابه ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون، لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ﴾ تصدقوا قبل أن لا تصدقوا، تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة، تصدق امرؤ من ديناره تصدق امرؤ من درهمه، تصدق امرؤ من بره، من شعيره، من تمره، لا يحقرن شيء من الصدقة ولو بشق التمرة فقام رجل من الأنصار بصرة في كفه فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على منبره فعرف السرور في وجهه، فقال : من سن في الإِسلام سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئاً فقام الناس فتفرقوا فمن ذي دينار، ومن ذي درهم، ومن ذي طعام، ومن ذي، ومن ذي فاجتمع فقسمه بينهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ ما قدمت لغد ﴾ قال : يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن نعيم بن محمد الرحبي قال : كان من خطبة أبي بكر الصديق : واعلموا أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه فإن استطعتم أن ينقضي الأجل وأنتم على حذر فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بإذن الله، وإن قوماً جعلوا أجلهم لغيرهم فنهاكم الله أن تكونوا أمثالهم، فقال :﴿ ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ﴾ أين من كنتم تعرفون من إخوانكم ؟ قد انتهت عنهم أعمالهم ووردوا على ما قدموا. أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط ؟ قد صاروا تحت الصخر والآكام هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه، ولا يطفأ نوره استضيئوا منه اليوم ليوم الظلمة، واستنصحوا كتابه وتبيانه، فإن الله قد أثنى على قوم فقال :﴿ كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ﴾ [ الأنبياء : ٩٠ ] لا خير في قول لا يبتغي به وجه الله، ولا خر في مال لا ينفق في سبيل الله، ولا خير فيمن يغلب غضبه حلمه، ولا خير في رجل يخاف في الله لومة لائم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ﴾ الآية.
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن جرير قال : كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه قوم مجتابي النمار متقلدي السيوف عليهم أزر ولا شيء غيرها، عامتهم من مضر، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الذي بهم من الجهد والعري والجوع تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فدخل بيته، ثم راح إلى المسجد، فصلى الظهر ثم صعد منبره، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : أما بعد ذلكم فإن الله أنزل في كتابه ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون، لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ﴾ تصدقوا قبل أن لا تصدقوا، تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة، تصدق امرؤ من ديناره تصدق امرؤ من درهمه، تصدق امرؤ من بره، من شعيره، من تمره، لا يحقرن شيء من الصدقة ولو بشق التمرة فقام رجل من الأنصار بصرة في كفه فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على منبره فعرف السرور في وجهه، فقال : من سن في الإِسلام سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئاً فقام الناس فتفرقوا فمن ذي دينار، ومن ذي درهم، ومن ذي طعام، ومن ذي، ومن ذي فاجتمع فقسمه بينهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ ما قدمت لغد ﴾ قال : يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن نعيم بن محمد الرحبي قال : كان من خطبة أبي بكر الصديق : واعلموا أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه فإن استطعتم أن ينقضي الأجل وأنتم على حذر فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بإذن الله، وإن قوماً جعلوا أجلهم لغيرهم فنهاكم الله أن تكونوا أمثالهم، فقال :﴿ ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ﴾ أين من كنتم تعرفون من إخوانكم ؟ قد انتهت عنهم أعمالهم ووردوا على ما قدموا. أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط ؟ قد صاروا تحت الصخر والآكام هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه، ولا يطفأ نوره استضيئوا منه اليوم ليوم الظلمة، واستنصحوا كتابه وتبيانه، فإن الله قد أثنى على قوم فقال :﴿ كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ﴾ [ الأنبياء : ٩٠ ] لا خير في قول لا يبتغي به وجه الله، ولا خر في مال لا ينفق في سبيل الله، ولا خير فيمن يغلب غضبه حلمه، ولا خير في رجل يخاف في الله لومة لائم.

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل﴾ الْآيَة قَالَ: لَو أنزلت هَذَا الْقُرْآن على جبل فَأَمَرته بِالَّذِي أَمرتكُم وخوّفته بِالَّذِي خوفتكم بِهِ إِذا يصدع ويخشع من خشيَة الله فَأنْتم أَحَق أَن تخشوا وتذلوا وتلين قُلُوبكُمْ لذكر الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: أقسم لكم لَا يُؤمن عبد بِهَذَا الْقُرْآن إِلَّا صدع قلبه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن﴾ الْآيَة قَالَ: يَقُول: لَو أَنِّي أنزلت هَذَا الْقُرْآن على جبل حَملته إِيَّاه تصدع وخشع من ثقله وَمن خشيَة الله فَأمر الله النَّاس إِذا نزل عَلَيْهِم الْقُرْآن أَن يأخذوه بالخشية الشَّدِيدَة والتخشع قَالَ: ﴿كَذَلِك يضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس لَعَلَّهُم يتفكرون﴾
وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود وعليّ مَرْفُوعا فِي قَوْله: ﴿لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل﴾ إِلَى آخر السُّورَة قَالَ: هِيَ رقية الصداع
وَأخرج الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي تَارِيخه قَالَ: أَنبأَنَا أَبُو نعيم الْحَافِظ أبنأنا أَبُو الطّيب مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف بن جَعْفَر الْمقري الْبَغْدَادِيّ يعرف بِغُلَام ابْن شنبوذ أبنأنا إِدْرِيس بن عبد الْكَرِيم الْحداد قَالَ: قَرَأت على خلف فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة ﴿لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل﴾ قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على سليم فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على الْأَعْمَش فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على يحيى بن وثاب فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضد يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على عَلْقَمَة وَالْأسود فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإنَّا قَرَأنَا على عبد الله فَلَمَّا بلغنَا هَذِه الْآيَة قَالَ: ضعا أيديكما على رؤوسكما فَإِنِّي قَرَأت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ لي: ضع يدك على رَأسك فَإِن جِبْرِيل لما نزل بهَا إليّ قَالَ لي: ضع يدك على رَأسك فَإِنَّهَا شِفَاء من كل دَاء إِلَّا السأم والسأم الْمَوْت
121
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم هُوَ الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَنه كَانَ لَهُ مربد للتمر فِي بَيته فَوجدَ المربد قد نقص فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل أبصره فَإِذا بحس رجل فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: رجل من الْجِنّ أردنَا هَذَا الْبَيْت فأرملنا من الزَّاد فأصبنا من تمركم وَلَا ينقصكم الله مِنْهُ شَيْئا فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ: إِن كنت صَادِقا فناولني يدك فَنَاوَلَهُ يَده فَإِذا بِشعر كذراع الْكَلْب فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب: مَا أصبت من تمرنا فَأَنت فِي حل أَلا تُخبرني بِأَفْضَل مَا تتعوّذ بِهِ الإِنس من الْجِنّ قَالَ: هَذِه الْآيَة آخر سُورَة الْحَشْر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ آخر سُورَة الْحَشْر ثمَّ مَاتَ من يَوْمه وَلَيْلَته كفر عَنهُ كل خَطِيئَة عَملهَا
وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر رجلا إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه أَن يقْرَأ آخر سُورَة الْحَشْر وَقَالَ: إِن متَّ متَّ شَهِيدا
وَأخرج أَبُو عَليّ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي فِي فَوَائده عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة أَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ لعَلي بن أبي طَالب: سَأَلتك بِاللَّه إِلَّا مَا خصصتني بِأَفْضَل مَا خصك بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا خصّه بِهِ جِبْرِيل مِمَّا بعث بِهِ إِلَيْهِ الرَّحْمَن قَالَ: يَا برَاء إِذا أردْت أَن تَدْعُو الله باسمه الْأَعْظَم فاقرأ من أول الْحَدِيد عشر آيَات وَآخر سُورَة الْحَشْر ثمَّ قل: يَا من هُوَ هَكَذَا وَلَيْسَ شَيْء هَكَذَا غَيره أَسأَلك أَن تفعل بِي كَذَا وَكَذَا فوَاللَّه يَا برَاء لَو دَعَوْت عليّ لخسف بِي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من تعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَرَأَ آخر سُورَة لحشر بعث الله إِلَيْهِ سبعين ألف ملك يطردون عَنهُ شياطين الإِنس وَالْجِنّ إِن كَانَ لَيْلًا حَتَّى يصبح وَإِن كَانَ نَهَارا حَتَّى يُمْسِي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله إِلَّا أَنه قَالَ: يتَعَوَّذ الشَّيْطَان عشر مَرَّات
وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معقل بن يسَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ حِين يصبح عشر مَرَّات أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم ثمَّ قَرَأَ الثَّلَاث آيَات من آخر سُورَة
122
الْحَشْر وكل الله بِهِ سبعين ألف ملك يصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِي وَإِن مَاتَ ذَلِك الْيَوْم مَاتَ شَهِيدا وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمنزلَة
وَأخرج ابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ خَوَاتِيم الْحَشْر فِي ليل أَو نَهَار فَمَاتَ فِي يَوْمه أَو ليلته فقد أوجب لَهُ الْجنَّة
وَأخرج ابْن الضريس عَن عتيبة قَالَ: حَدثنَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه من قَرَأَ خَوَاتِيم الْحَشْر حِين يصبح أدْرك مَا فَاتَهُ من ليلته وَكَانَ مَحْفُوظًا إِلَى أَن يُمْسِي وَمن قَرَأَهَا حِين يُمْسِي أدْرك مَا فَاتَهُ من يَوْمه وَكَانَ مَحْفُوظًا إِلَى أَن يصبح وَإِن مَاتَ أوجب
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن الضريس عَن الْحسن قَالَ: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من آخر سُورَة الْحَشْر إِذا أصبح فَمَاتَ من يَوْمه ذَلِك طبع بِطَابع الشُّهَدَاء وَإِن قَرَأَ إِذا مسى فَمَاتَ من ليلته طبع بِطَابع الشُّهَدَاء
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْم الله الْأَعْظَم فِي سِتَّة آيَات من آخر سُورَة الْحَشْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة﴾ قَالَ: السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَفِي قَوْله: ﴿الْمُؤمن﴾ قَالَ: الْمُؤمن خلقه من أَن يظلمهم وَفِي قَوْله: ﴿الْمُهَيْمِن﴾ قَالَ: الشَّاهِد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قي قَوْله: ﴿عَالم الْغَيْب﴾ قَالَ: مَا يكون وَمَا هُوَ كَائِن وَفِي قَوْله: ﴿القدوس﴾ قَالَ: تقدسه الْمَلَائِكَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة فِي قَوْله: ﴿القدوس﴾ قَالَ: الْمُبَارك ﴿السَّلَام الْمُؤمن﴾ قَالَ: الْمُؤمن من آمن بِهِ ﴿الْمُهَيْمِن﴾ الشَّهِيد عَلَيْهِ ﴿الْعَزِيز﴾ فِي نقمته إِذا انتقم ﴿الْجَبَّار﴾ جبر خلقه على مَا يَشَاء المتكبر عَن كل سوء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن عَليّ قَالَ: إِنَّمَا سمي نَفسه ﴿الْمُؤمن﴾ لِأَنَّهُ آمنهم من الْعَذَاب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: إِنَّمَا تسمى ﴿الْجَبَّار﴾ أَنه يجْبر الْخلق على مَا أَرَادَهُ
123

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

سُورَة الممتحنة
مَدَنِيَّة وآياتها ثَلَاث عشرَة
مُقَدّمَة سُورَة الممتحنة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الممتحنة بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
الْآيَة ١ - ٦
124
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم هو الله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان له مربد للتمر في بيته، فوجد المربد قد نقص، فلما كان الليل أبصره، فإذا بحس رجل فقال له : من أنت ؟ قال : رجل من الجن، أردنا هذا البيت فأرملنا من الزاد فأصبنا من تمركم، ولا ينقصكم الله منه شيئاً، فقال له أبو أيوب الأنصاري : إن كنت صادقاً فناولني يدك فناوله يده، فإذا بشعر كذراع الكلب، فقال له أبو أيوب : ما أصبت من تمرنا فأنت في حل، ألا تُخبرني بأفضل ما تتعوّذ به الإِنس من الجن ؟ قال : هذه الآية آخر سورة الحشر.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من قرأ آخر سورة الحشر ثم مات من يومه وليلته كفر عنه كل خطيئة عملها ».
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً إذا أوى إلى فراشه أن يقرأ آخر سورة الحشر، وقال :«إن متَّ متَّ شهيداً ».
وأخرج أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فوائده عن محمد بن الحنفية أن البراء بن عازب قال لعلي بن أبي طالب : سألتك بالله إلا ما خصصتني بأفضل ما خصك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما خصه به جبريل، مما بعث به إليه الرحمن، قال : يا براء إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أول الحديد عشر آيات وآخر سورة الحشر، ثم قل : يا من هو هكذا وليس شيء هكذا غيره أسألك أن تفعل بي كذا وكذا، فوالله يا براء لو دعوت عليّ لخسف بي.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من تعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ثم قرأ آخر سورة لحشر بعث الله إليه سبعين ألف ملك يطردون عنه شياطين الإِنس والجن إن كان ليلاً حتى يصبح، وإن كان نهاراً حتى يمسي ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال :«يتعوذ الشيطان عشر مرات ».
وأخرج أحمد والدارمي والترمذي وحسنه وابن الضريس والبيهقي في شعب الإِيمان عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«من قال حين يصبح عشر مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات ذلك اليوم مات شهيداً، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة ».
وأخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار فمات في يومه أو ليلته فقد أوجب له الجنة ».
وأخرج ابن الضريس عن عتيبة قال : حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من قرأ خواتيم الحشر حين يصبح أدرك ما فاته من ليلته وكان محفوظاً إلى أن يمسي، ومن قرأها حين يمسي أدرك ما فاته من يومه وكان محفوظاً إلى أن يصبح، وإن مات أوجب.
وأخرج الدارمي وابن الضريس عن الحسن قال : من قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر إذا أصبح فمات من يومه ذلك طبع بطابع الشهداء، وإن قرأ إذا أمسى فمات من ليلته طبع بطابع الشهداء.
وأخرج الديلمي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«اسم الله الأعظم في ستة آيات من آخر سورة الحشر ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ قال : السر والعلانية.
وفي قوله :﴿ المؤمن ﴾ قال : المؤمن خلقه من أن يظلمهم وفي قوله :﴿ المهيمن ﴾ قال : الشاهد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ عالم الغيب ﴾ قال : ما يكون وما هو كائن وفي قوله :﴿ القدوس ﴾ قال : تقدسه الملائكة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة في قوله :﴿ القدوس ﴾ قال : المبارك ﴿ السلام المؤمن ﴾ قال : المؤمن من آمن به ﴿ المهيمن ﴾ الشهيد عليه ﴿ العزيز ﴾ في نقمته إذا انتقم ﴿ الجبار ﴾ جبر خلقه على ما يشاء المتكبر عن كل سوء.
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن علي قال : إنما سمي نفسه ﴿ المؤمن ﴾ لأنه آمنهم من العذاب.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن محمد بن كعب قال : إنما تسمى ﴿ الجبار ﴾ أنه يجبر الخلق على ما أراده.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم هو الله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان له مربد للتمر في بيته، فوجد المربد قد نقص، فلما كان الليل أبصره، فإذا بحس رجل فقال له : من أنت ؟ قال : رجل من الجن، أردنا هذا البيت فأرملنا من الزاد فأصبنا من تمركم، ولا ينقصكم الله منه شيئاً، فقال له أبو أيوب الأنصاري : إن كنت صادقاً فناولني يدك فناوله يده، فإذا بشعر كذراع الكلب، فقال له أبو أيوب : ما أصبت من تمرنا فأنت في حل، ألا تُخبرني بأفضل ما تتعوّذ به الإِنس من الجن ؟ قال : هذه الآية آخر سورة الحشر.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من قرأ آخر سورة الحشر ثم مات من يومه وليلته كفر عنه كل خطيئة عملها ».
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً إذا أوى إلى فراشه أن يقرأ آخر سورة الحشر، وقال :«إن متَّ متَّ شهيداً ».
وأخرج أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فوائده عن محمد بن الحنفية أن البراء بن عازب قال لعلي بن أبي طالب : سألتك بالله إلا ما خصصتني بأفضل ما خصك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما خصه به جبريل، مما بعث به إليه الرحمن، قال : يا براء إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أول الحديد عشر آيات وآخر سورة الحشر، ثم قل : يا من هو هكذا وليس شيء هكذا غيره أسألك أن تفعل بي كذا وكذا، فوالله يا براء لو دعوت عليّ لخسف بي.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من تعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ثم قرأ آخر سورة لحشر بعث الله إليه سبعين ألف ملك يطردون عنه شياطين الإِنس والجن إن كان ليلاً حتى يصبح، وإن كان نهاراً حتى يمسي ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال :«يتعوذ الشيطان عشر مرات ».
وأخرج أحمد والدارمي والترمذي وحسنه وابن الضريس والبيهقي في شعب الإِيمان عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«من قال حين يصبح عشر مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات ذلك اليوم مات شهيداً، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة ».
وأخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار فمات في يومه أو ليلته فقد أوجب له الجنة ».
وأخرج ابن الضريس عن عتيبة قال : حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من قرأ خواتيم الحشر حين يصبح أدرك ما فاته من ليلته وكان محفوظاً إلى أن يمسي، ومن قرأها حين يمسي أدرك ما فاته من يومه وكان محفوظاً إلى أن يصبح، وإن مات أوجب.
وأخرج الدارمي وابن الضريس عن الحسن قال : من قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر إذا أصبح فمات من يومه ذلك طبع بطابع الشهداء، وإن قرأ إذا أمسى فمات من ليلته طبع بطابع الشهداء.
وأخرج الديلمي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«اسم الله الأعظم في ستة آيات من آخر سورة الحشر ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ قال : السر والعلانية.
وفي قوله :﴿ المؤمن ﴾ قال : المؤمن خلقه من أن يظلمهم وفي قوله :﴿ المهيمن ﴾ قال : الشاهد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ عالم الغيب ﴾ قال : ما يكون وما هو كائن وفي قوله :﴿ القدوس ﴾ قال : تقدسه الملائكة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة في قوله :﴿ القدوس ﴾ قال : المبارك ﴿ السلام المؤمن ﴾ قال : المؤمن من آمن به ﴿ المهيمن ﴾ الشهيد عليه ﴿ العزيز ﴾ في نقمته إذا انتقم ﴿ الجبار ﴾ جبر خلقه على ما يشاء المتكبر عن كل سوء.
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن علي قال : إنما سمي نفسه ﴿ المؤمن ﴾ لأنه آمنهم من العذاب.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن محمد بن كعب قال : إنما تسمى ﴿ الجبار ﴾ أنه يجبر الخلق على ما أراده.

Icon