مكية، عددها سبع عشرة آية كوفي
ﰡ
﴿ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ ﴾ يمتنع من الله بقوته ﴿ وَلاَ ﴾ له ﴿ نَاصِرٍ ﴾ [آية: ١٠] ينصره من الله تعالى، ثم أقسم الله تعالى، فقال: ﴿ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ ﴾ [آية: ١١] ذات المطر ﴿ وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ ﴾ [آية: ١٢] بالنبات ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾ [آية: ١٣] يقول: إن الذي وصفته في هذه السورة لقول فصل، يقول لهو قول الحق. ثم قال: ﴿ وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ ﴾ [آية: ١٤] يقول: وما هو باللعب، ثم انقطع الكلام، وأما قوله: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ﴾ [آية: ١٧] فإنهم لما رأوا النبى صلى الله عليه وسلم قد أظهر الإيمان، وآمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فلما آمن عمر، قال بعضهم لبعض: ما ترى أمر محمد إلا يزداد يوماً بيوم، ونحن في نقصان لاشك، لأنه والله يفوق جمعنا وجماعتنا، ويكثر ونقل، ولا شك إلا أنه سيغلبنا، فيخرجنا من أرضنا، ولكن قوموا بنا حتى نستشير في أمرهن فدخلوا دار الندوة منهم عتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والوليد بن المغيرة، وأبو البحترى بن هشام، وعمرو بن عمير بن مسعود الثقفي، فلما دخلوا دخل معهم إبليس في صورة رجل شيخ، فنظروا إليه، فقالوا: يا شيخ من أدخلك علينا؟ ومن أنت؟ قد علمت أنا قد دخلنا هاهنا في أمر ما نريد أن لا يعلم به أحد، قال إبليس: إني والله، لست من أرض تهامة، وإني رجل من الأزد، ويقال: من نجد، قدمت اليمن وأنا أريد العراق، في طلب حاجة، ولكني رأيتكم حسنة وجوهكم، طيبة رائحتكم، فأحببت أن أستريح وأسمع من أحاديثكم، فقال بعضهم لبعض: لا بأس علينا منه، وإنه والله ليس من أرض تهامة، قالوا: يا شيخ أغلق الباب واجلس. فقال أبو جهل بن هشام: ما تقولون في هذا الرجل الذي قد خالف ديننا وسب آلهتنا، ويدعو إلى غير ديننا وليس يزداد أمره إلا كثرة، ونحن في قلة وينبغي لنا أن نحتال؟ ثم قال: يا عمر ابن عمير ما تقول فيه؟ قال عمرو: رأيي فيه أن نردفه على بعير وناقة، فنخرجه من الحرم، فيكون شره على غيرنا. قال إبليس: عند ذلك بئس الرأي رأيت يا شيخ، تعمد إلى رجل قد ارتكب منكم ما قد ارتكب، وهو أمر عظيم، فنظر دونه فلا شك أنه يذهب فيجمع جموعاً، فيخرجكم من أرضكم. قالوا: ما تقول يا أبا البحترى؟ قال: أما والله، إن رأيي فيه ثابت، قالوا: ما هو؟ قال: ندخله في بيت فنسد بابه عليه، ونترك له ثلمة قدر ما يتناول منه طعامه وشرابه ونتربص به إلى أن يموت. قال إبليس عند ذلك: بئس والله، الرأى رأيت يا شيخ تعمدون إلى رجل هو عدو لكم فتربونه، فلا شك أن يغضب له قومه فيقاتلونكم حتى يخرجوه من أيديكم فما لكم وللشر؟ قالوا: صدق والله فما تقول: يا أبا جهل؟ قال: تعمدون إلى كل بطن من قريش فنختار منهم رجالاً فنمكنها من السيوف ويمشون كلهم بجماعتهم فيضربونه، حتى يقتلوه فلا يستطيع بنو هاشم أن تعادى قريشاً كلهم، وتؤدون ديته. قال: إبليس: صدق والله، الشاب فخرجوا على ذلك القول راضين بقتله، وسمع عمه أبو طالب، واسمه عبد العزى بن عبدالمطلب، فلم يخبر محمداً لعله أن يجزع من القتل، فيهرب فيكون مسبة عليهم، فأنزل الله عز وجل﴿ أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾[الزخرف: ٧٩]، يقول: أم أجمعوا أمراً على قتل محمد صلى الله عليه وسلم، فإنا مجمعون أمراً على قتلهم ببدر، وقال:﴿ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ ﴾[الطور: ٤٢]، وقال: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ﴾.
قال: فسمع أبو طالب ما سمع، قال: يا ابن أخي ما هذه الهينمة؟ قال: أما تعلم يا عم ما أرادت قريش؟ قال: سمعت ما سمعته يا ابن أخي، قال: نعم، قال: ومن أخبرك بذلك؟ قال: ربي، قال: أما والله، يا ابن أخي إن ربط بك لحفيظ فامض لما أمرت يا ابن أخي، فليس عليك غضاضة.