تفسير سورة سورة الليل من كتاب التفسير المظهري
.
لمؤلفه
المظهري
.
المتوفي سنة 1216 هـ
سورة الليل
مكية وهي إحدى وعشرون آية
مكية وهي إحدى وعشرون آية
ﰡ
﴿ والليل إذا يغشى ١ ﴾ الشمس أو النهار كما في قوله تعالى :﴿ يغشى ١ والنهار ﴾١ أو كل شيء يواري بظلامه والكلام في إذا يغشى كما مر في الليل إذا يغشاها من كونه متعلقا بفعل القسم أو بمضاف محذوف أي حصول الليل وكونه صفة له أو بمعنى الوقت فينسلخا عن الظرفية.
١ سورة الأعراف، الآية: ٥٤..
﴿ والنهار إذا تجلّى ٢ ﴾ أي ظهر بزوال ظلمة الليل أو بطلوع الشمس.
﴿ وما خلق الذكر والأنثى ٣ ﴾ أي القادر الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل نوع له توالد أو آدم، وحواء ويجوز أن يكون مصدرية وجواب القسم ﴿ إن سعيكم لشتّى ٤ ﴾.
﴿ إن سعيكم لشتّى ٤ ﴾
يعني إن عملكم لمختلف منكم سائغ فكاك رقبة من النار وصعود درجات القرب ومدارج الجنة ومنكم ساع في عطبها، قال البغوي عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )١.
يعني إن عملكم لمختلف منكم سائغ فكاك رقبة من النار وصعود درجات القرب ومدارج الجنة ومنكم ساع في عطبها، قال البغوي عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )١.
١ أخرجه مسلم في كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء (٢٢٣)..
ثم فصل الله سبحانه فقال ﴿ فأما من أعطى ﴾ ماله في سبيل الله أو أدى كل من وجب عليه ﴿ واتقى ﴾ عذاب ربه فاجتنب مجاريه وفي الحديث ( اتقوا النار ولو بشق ثمرة )١ رواه الشيخان عن عدي بن حاتم وأحمد عن عائشة والبزار والطبراني عن أنس في الأوسط وعن ابن عباس وأبي أمامة في الكبير والبراء عن النعمان بن بشير وأبي هريرة.
١ أخرجه البخاري في كتاب: الزكاة، باب: الصدقة قبل الرد (١٤١٣)، وأخرجه مسلم في كتاب: الزكاة، باب: الحث على الصدقة ولو بشق ثمرة أو كلمة طيبة (١٠١٦)..
ﯘﯙ
ﰅ
﴿ وصدّق بالحسنى ٦ ﴾ قال أبو عبد الرحمان السلمي والضحاك وصدق بلا إله إلا الله وهي رواية عطية عن ابن عباس وقال مجاهد بالجنة قال الله تعالى :﴿ للذين أحسنوا الحسنى ﴾١ يعني الجنة وقيل : أيقن أن الله سيخلفه وهو رواية عكرمة عن ابن عباس وقال قتادة ومقاتل والكلبي بموعود الله تعالى أن يفي به.
١ سورة يونس، الآية: ٢٦..
ﯛﯜ
ﰆ
﴿ فسنيسره ﴾ أي نسهله ونهيئه ﴿ لليسرى ﴾ أي للخلقت اليسرى التي يؤدي إلى يسر وراحة وهي العمل وما يرضى الله ودخول الجنة من يسر الفرس أو هبته المركوب باليسر بالسرج واللجام.
﴿ وأما من بخل ﴾ بالنفقة بالخير وبما أمر به الله تعالى وفي الحديث ( البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي )١ رواه الترمذي والنسائي عن علي وابن حبان والحاكم عن أنس ﴿ واستغنى ﴾ بشهوات الدنيا عن الثواب في الآخرة وعن القادر به.
١ أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، باب: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (رغم أنف رجل) (٣٥٤٦)..
ﯣﯤ
ﰈ
﴿ وكذّب بالحسنى ٩ ﴾ بالكلمة الحسنى.
ﭑﭒ
ﰉ
﴿ فسنيسره للعسرى ١٠ ﴾ أي لخصلة التي يؤدي إلى العسر والشدة وهي العمل بما يكرهه الله تعالى ودخول النار، قال مقاتل يعسر عليه أن يأتي خيرا عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة قالوا : يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟ قال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فسنيسره بعمل أهل السعادة وإما من كان من أهل الشقاوة فسنيسره بعمل أهل الشقاوة ثم قرأ :﴿ فأما من أعطى واتقى ٥ وصدّق بالحسنى ٦ فسنيسره لليسرى ﴾١ متفق عليه قال البغوي قيل : نزلت في أبي بكر الصديق اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشر أواق فأنزل الله تعالى سورة الليل إلى قوله :﴿ إن سعيكم لشتّى ٤ ﴾ سعي أبو بكر وسعي أمية، كذا روى عن ابن مسعود وأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق الحاكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذب عيال فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد إلى النخلة، ليأخذ منها الثمرة وبما يقع التمرة في أخذها صبيان الفقير فينزل من نخلة فيأخذ الثمرة من أيديهم وإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعيه يخرج التمرة من فيه فشكى ذلك الرجل يعني الفقير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اذهب ولقي النبي صلى الله عليه وسلم صاحب النخلة، فقال له أعطني نخلتك التي فرعها في دار فلان لك نخلة في الجنة، فقال الرجل لقد أعطيت وإن لي نخلا كثيرا وما فيه نخلة أعجب إليّ تمرة منها ثم ذهب الرجل ولقي رجلا كان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صاحب النخلة، فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتعطني يا رسول الله ما أعطيت الرجل يعني صاحب النخلة وإن أنا أخذتها قال : نعم فذهب الرجل فلقي صاحب النخلة ولكليهما نخل فقال له أشعرت أن محمد صلى الله عليه وسلم أعطاني بنخلتك التي في دار فلان نخلة في الجنة فقلت له لقد أعطيت ولكن يعجبني تمرها ولي نخل كثير ما فيه نخل أعجب إليّ تمرة منها، فقال له الآخر أتريد بيعها ؟ فقال : لا إلا إن أعطيتني بها ما أريد ولا أظنك تعطي، وقال فكم فيها ؟ قال : أربعين نخلة قال : لقد جئت بأمر عظيم ثم سكت عنه فقال له : أنا أعطيك أربعين نخلة قال فاشهد لي إن كنت صادقا فدعا قومه فأشهد له ثم ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله إن النخلة قد صارت لي فهي لك فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدار فقال : النخلة لك فأنزل الله تعالى :﴿ والليل إذا يغشى ١ ﴾ قال ابن كثير غريب جدا وذكر البغوي عن علي بن حجر عن إسحاق بن نجيح عن عطاء نحوه وفيه أن صاحب النخلة شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناول صبيان الجار من نخلة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بعينها بنخلة في الجنة فأبى فخرج فلقيه أبو الدحداح إلى آخر القصة قال فأنزل الله تعالى :﴿ والليل إذا يغشى ١ ﴾ إلى قوله :﴿ إن سعيكم لشتّى ٤ ﴾ والصحيح هي الرواية الأولى يعني نزلت في أبي بكر الصديق وأمية بن خلف لأن السورة مكية وقصة صاحب النخلة وأبي الدحداح يقتضي كونها مدنية وعلى تقدير صحة الرواية الثانية فنقول نزول الآية بمدح أبي الدحداح رضي الله عنه قال الله تعالى :﴿ فأما من أعطى واتقى ٥ ﴾ كأبي الدحداح ﴿ وصدّق بالحسنى ٦ ﴾ أي بما وعد النبي صلى الله عليه وسلم :﴿ فسنيسره لليسرى ٧ ﴾ يعني الجنة ولما كان حكم الآية عامّا وإن كان موردها خاصا عقبه بما يقيده من الوعيد فقال :﴿ وأما من بخل واستغنى ٨ ﴾ الآية وليست هذه الجملة للوعيد فيحق صاحب النخلة فإنه كان رجلا من الأنصار لم يكن ممن استغنى من ثواب الله تعالى ونعيم الجنة وكذب بالحسنى بل كان مصدقا بها والبخل المستوجب للنار إنما هو بمنع الزكاة المفروضة كما لا يخفى والله تعالى أعلم.
١ أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: ﴿فسنيسره لليسرى ٧﴾ (٤٦٦٣)، وأخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته (٢٦٤٧)..
﴿ وما يغني عنه ماله ﴾ الذي بخل فيه نفي أو استفهام إنكار ﴿ إذا تردّى ﴾ الظرف متعلق بيفني وتردى تفعل من الردي بمعنى الهلاك، قال مجاهد أي بات إذا المراد بالهلاك استيجاب العذاب أو بمعنى السقوط يعني تردى في حفرة القبر أو قعر جهنم قال قتادة وأبو صالح هوى في جهنم.
﴿ إن علينا ﴾ كلمة على للتأكيد يعني التزمنا الهداية بموجب قضائنا السابق أو بمقتضى كلمتنا ﴿ للهدى ﴾ أي الإرشاد إلى الحق بنصب الدلائل وبيان الشرائع، كذا قال الزجاج وقتادة، وقال الفراء معناه من سلك الهدى فعلى الله سبيله كقوله تعالى :﴿ وعلى الله قصد السبيل ﴾١ يقول من أراد الله فهو على السبيل القاصد يعني من سلك على طريق الهدى يصل إلى الله سبحانه.
١ سورة النحل، الآية: ٩..
﴿ وإن لنا للآخرة والأولى ١٣ ﴾ ملكا وخلقا وتقديم الخير للحصر فمن طلبها من غيره لكنهما فقد أخطأ الطريق أو فنعطي ثواب الهداية للمهتدين أو فلا يضرنا ترككم الاهتداء.
﴿ فأنذرتكم ﴾ أي خوفتكم والفاء للسببية فإن كون الآخرة والأولى كلاهما خالصا لله تعالى سبب للتخويف ﴿ نارا تلظّى ﴾ إحدى التائين محذوف أي تتلظّى تتوقد وتتلهب صفة للنار.
﴿ لا يصلاها ﴾ صفة أخرى ﴿ إلا الأشقى ﴾ قيل الأشقى ها هنا بمعنى الشقي فهو يعم الكافر والفاسق الغير المغفور وصفه تعالى :﴿ الذي كذّب وتولّى ﴾.
﴿ الذي كذّب ﴾ الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿ وتولّى ﴾ عن الإيمان باعتبار بعض أفراده، وليس الاحتراز بل لأن العادة مقتضى الإيمان أن لا يكون المؤمن شقيا إذ الإيمان يقتضي التقوى والسعادة والكافر المكذب هو الذي يكون شقيا عاصيا غالبا فبقيد الشقى بوصف التكذيب والتولي خرج مخرج العادة كما في قوله تعالى :﴿ وربائبكم اللاتي في حجوركم ﴾١ أو المراد بالتكذيب أعم من التكذيب صريحا وهو الكفر أو دلالة وهو ارتكاب المحرمات مع الإيمان بتحريمها أو أعم مما هو صادر عن اللسان والقلب فيكون كفرا نفاقا ومما هو صادر عن النفس الأمارة بالسوء حال كون قلبه مطمئنة بالإيمان ولسانه ما خلقنا به فيكون إيمانا مجازيا عاما، وقيل : الأشقى بمعناه للتفضيل والمراد به الكافر فإني أشقى من الفاسق لكي يصلى ههنا ليس على إطلاقه بل المراد سنة المقيد اللزوم والشدة قال البيضاوي لا يصلاها لا يلزمها مقاسيا شدتهما إلا الأشقى أي الكافر فإن الفاسق وإن دخلها إن لم يغفره لا يلؤها فلا نقض في الحصر، وقيل لا حاجة إلى هذا التكليف بل الضمير في لا يصلاها عائد إلى نارا تلظى ولا يصلى نارا تتلظى وتتلهب إلا الكافر وأما الفاسق فأدخل جهنم لا يصلى نارا تتلهب بل نارا ضعيفة بالنسبة إلى الكافر وهي الطبقة العليا من النار وعندي أن المراد بالأشقى هو الكافر كما هو الظاهر النار أيضا على عمومها فإن التلهب توصف بها النار الدنيا أيضا ونار جهنم وإن كانت ضعيفة فهي أشد من نار الدنيا البتة لكن الحصر في الآية إضافي بالنسبة إلى المؤمنين الموجودين في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، فالآية تدل على عدم دخول أحد من الصحابة في النار كيف وقد انعقد الإجماع على أن الصحابة كلهم عدول وقد قال الله تعالى :﴿ وكُلاًّ وعد الله الحسنى ﴾٢ وقال :﴿ كنتم خير أمة أُخرجت للناس ﴾٣ وقال :﴿ محمد رسول الله والذين معه ﴾٤ الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تمس النار مسلما رآني أو رأى من رآني )٥ رواه الترمذي عن جابر وقال :( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم واهتديتم ) رواه رزين عن عمر بن الخطاب فمن صدر منه معصية فهم على سبيل الندرة وفق غالبا للتوبة فإن ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )٦ رواه ابن ماجه عن ابن مسعود مرفوعا، أو أدركته الرحمة ببركة صحبة النبي صلى الله عليه وسلم كيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الصلحاء من أمته ( هم قوم لا يشقى جليسهم )٧ ولا يخاب أنيسهم في حديث في الصحيحين والترمذي عن أبي هريرة فما ظنك فيمن جالس سيد المرسلين في حين من الدهر والله تعالى أعلم. ولما كان الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منحصرين في فريقين إما مؤمن تقي أتقى الناس ممن سواهم أو كافر فلذلك ترى كلام الله مشحونا من ذكر هذين الفريقين وقلما يستفاد حال عصاة المؤمنين من القرآن لأن الكلام غالبا يبحث عن أحوال الموجودين والله تعالى أعلم فلا يجوز بهذه الآية استدلال المرجئة على أن المؤمن إن كان فاسقا لا يدخل النار وأن السيئات من الكبائر والصغائر مطلقا لا يضر مع الإيمان، لأن الحسنات مطلقا لا تنقع مع الكفر وبه قال الروافض شيعة علي ولا استدلال المعتزلة على أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار وليس بمؤمن وجه استدلالهم أن ارتكاب الكبيرة موجب لدخول النار بالإجماع وإن خالف المرجئة فلو كان مرتكب الكبيرة مؤمنا لم يكن أشقى الناس فلا يصلاها بهذه الآية وأهل السنة يؤولون هذه الآية بما ذكرنا من التأويلات جمعا بين النصوص وجريا على ما انعقد عليه الإجماع من أن الله تعالى لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء سواء تاب أو لم يتب وقال الله تعالى :﴿ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ﴾٨ وقال :﴿ يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ﴾٩ وقال :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ٧ ﴾١٠ فلا يجوز في حق المؤمن الخلود في النار وإن كان فاسقا غير مغفور وقد تواتر قوله صلى الله عليه وسلم :( من قال لا إله إلا الله دخل الجنة )١١ وقال الله تعالى :﴿ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ٨ ﴾١٢ يعني إن شاء الله أن يعذبه ولم يغفره يرى جزاء السيئة في النار ولولا مقتضى إتيان المحرمات وترك الواجبات دخول النار كما قالت المرجئة لصارت الشريعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر كلها سفسطة ولا يقولها إلا كاهن أو مجنون.
١ سورة النساء، الآية: ٢٣..
٢ سورة النساء، الآية: ٩٥..
٣ سورة آل عمران، الآية: ١١٠..
٤ سورة الفتح، الآية: ٢٩..
٥ أخرجه الترمذي في كتاب: المناقب، باب: ما جاء في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه (٣٨٦٧)..
٦ أخرجه، ابن ماجه في كتاب: الزهد، باب: ذكر التوبة (٤٢٥٠)..
٧ أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: فضل ذكر الله عز وجل (٦٤٠٨)، وأخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة، باب: فضل مجالس الذكر (٢٦٨٩)، وأخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، باب: ما جاء أن لله ملائكة سياحين في الأرض (٣٦٠٠)..
٨ سورة الزمر، الآية: ٥٣..
٩ سورة آل عمران، الآية: ١٢٩..
١٠ سورة الزلزلة، الآية: ٧..
١١ أخرجه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا (٢٦)..
١٢ سورة الزلزلة، الآية: ٨..
٢ سورة النساء، الآية: ٩٥..
٣ سورة آل عمران، الآية: ١١٠..
٤ سورة الفتح، الآية: ٢٩..
٥ أخرجه الترمذي في كتاب: المناقب، باب: ما جاء في فضل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه (٣٨٦٧)..
٦ أخرجه، ابن ماجه في كتاب: الزهد، باب: ذكر التوبة (٤٢٥٠)..
٧ أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: فضل ذكر الله عز وجل (٦٤٠٨)، وأخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة، باب: فضل مجالس الذكر (٢٦٨٩)، وأخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، باب: ما جاء أن لله ملائكة سياحين في الأرض (٣٦٠٠)..
٨ سورة الزمر، الآية: ٥٣..
٩ سورة آل عمران، الآية: ١٢٩..
١٠ سورة الزلزلة، الآية: ٧..
١١ أخرجه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا (٢٦)..
١٢ سورة الزلزلة، الآية: ٨..
ﭱﭲ
ﰐ
﴿ وسيجنّبها ﴾ عطف على لا يصلاها والسين للتحقيق ﴿ الأتقى ﴾ أي الذي اتقى الشرك الجلي والخفي والمعاصي القلبية والقالبية والنفسانية وذلك بعد تزكية النفس واطمئنانها.
﴿ الذي يؤتي ماله ﴾ الفقراء وفي فك الرقاب ووجوه الخير ﴿ يتزكّى ﴾ بدل من يؤتي ولا محل له من الإعراب أو منصوب على الحالية من فاعله أي يطلب أن يكون عند الله زاكيا لا يريد به رياء ولا سمعة أو يتفعل من الزكاة والمفهوم عندنا غير معتبر فلا تدل تلك الآية على دخول تقي في النار وكذا عند الشافعي إذ الكلام خارج مخرج الجواب في حادثة لاتفاق المفسرين على أن الآية نزلت في أبي بكر الصديق، فالغرض منه توصيف الصديق بكونه أتقى الناس أجمعين غير الأنبياء وإنما خصصنا بغير الأنبياء دلالة العقل والإجماع والنصوص وليس الغرض منه الاحتراز والحكم بدخول التقي دون أتقى في النار ولو سلمنا المفهوم فالمراد بالتقي الذي جاز دخوله في النار التقي عن الشرك فقط دون المعاصي والله تعالى أعلم.
أخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب في الله فنزلت ﴿ وسيجنّبها الأتقى ﴾ إلى آخر السورة قلت : فحينئذ اللام للعهد وأخرج حاكم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : قال أبو قحافة لأبي بكر أراك تعتق رقابا ضعفا فلو أنك أعتقت رجالا أجلد يمنعونك ويقومون دونك فقال : يا أبت إنما أريد ما عند الله فنزلت هذه الآية ﴿ فأما من أعطى واتقى ﴾ إلى آخر السورة وذكر محمد بن إسحاق قال : بلال لبعض بني جمع وهو بلال بن رباح واسم أمه حمامه وكان صادق الإسلام طاهر القلب وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول لا يزال على هذا حتى يموت أو تكفر لمحمد فيقول وهو في ذلك البلاء أحد أحد، قال محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال مر به أبو بكر يوما وهم يصنعون به ذلك وكانت دار أبي بكر في جمح فقال لأمية ألا تتقي في هذا المسكين قال : أنت أخذته فأنقذه مما ترى، قال : أفعل عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على ذلك أعطيتك قال : قد فعلت، فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذه فأعتقه ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة شهيدا وأم عميس وزبير فأصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش ما أذهب بصرها وأعتق ابنتها الهدنة وكانتا لامرأة من عبد الدار بمنزلهما وقد بعثتها سيدتها يطحنان وهي تقول والله لا أعتقكما أبدا فقال أبو بكر فلان فقالت : حلا أنت أفسدتهما فأعتقهما قال : فبكم ؟ قالت : بكذا وكذا قال : فأخذتهما وهما حرتان. ومر بجارية بني مؤمل وهي تعذب فاتبعها فأعتقها وقال سعيد بن المسيب بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال ابتعنيه قال نعم أبيعه بنسطاش عبد لأبي بكر صاحب عشر آلاف دينار وغلمان وجواري ومواش وكان حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له فأبى فأبغضه أبو بكر فلما قال له أمية أبيعه بغلامك نسطاش اغتنمه أبو بكر وباعه منه فقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليدٍ كان له عنده فأنزل الله عز وجل ﴿ وما لأحد ﴾ بلال ولا لغيره من الغلمان ﴿ عنده من نعمة تجزى ﴾ وكذا أخرج البزار عن ابن الزبير أنها نزلت في أبي بكر والجملة حال من فاعل يؤتي ماله أو مستأنفة كأنه في جواب بل كان لأحد ممن يؤتيه ماله عنده يجزي أن يكافيه عليهما ويقصد بإعطائه أو إعتاقه مجازا بها.
﴿ إلا ﴾ استثناء منقطع أي لكن يفعل ذلك أبو بكر ﴿ ابتغاء وجه ربه الأعلى ﴾ طلبا لرضاه ويجوز أن يكون متصلا عن محذوف تقديره لا يؤتى ماله لغرض من الأغراض ومكافاته لنعمة إلا لغرض ابتغاء وجه الله وطلب رضائه.
ﮆﮇ
ﰔ
﴿ ولسوف يرضى ٢١ ﴾ الله عنه بما يفعل أو يرضى عن الله تعالى بما يعطيه من الجزاء في الآخرة من الجنة والكرامة عطف على وسيجنبها وهذه الآية بأبي بكر كقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ٥ ﴾ وكون أبي بكر اتقى الناس بعد الأنبياء دليل على كونه أفضلهم لقوله تعالى :﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾١ وعليه انعقد الإجماع، عن ابن عمر قال : كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا تفاضل بينهم٢ رواه البخاري، وسأل محمد بن الحنفية عن علي أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر قال : ثم من ؟ قال : عمر رواه البخاري، وقد بسطنا الكلام في هذه المسألة وذكرنا فيها الأحاديث والآثار وروايات الإجماع والمنقول في كتابنا السيف المسلول انصراما على الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا أمال حمزة والكسائي أواخر هاتين السورتين والليل والضحى إلا قوله تعالى سجى فإن حمزة فتحها وأمال أبو عمرو للعسرى ولليسرى وما سواهما بين بين وورش جميع ذلك بين بين والباقون بإخلاص الفتح في الكل، والله تعالى أعلم.
١ سورة الحجرات، الآية: ١٣..
٢ أخرجه البخاري في كتاب: فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله عنه (٣٦٩٧)..
٢ أخرجه البخاري في كتاب: فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله عنه (٣٦٩٧)..