تفسير سورة القارعة

صفوة البيان لمعاني القرآن
تفسير سورة سورة القارعة من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن .
لمؤلفه حسنين مخلوف . المتوفي سنة 1410 هـ
مكية، وآياتها إحدى عشر.

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ القارعة ﴾ القيامة، ومبدؤها النفخة الأولى، ومنتهاها فصل القضاء بين الخلائق ؛ من القرع، وهو الضرب بشدة، بحيث يحصل منه صوت شديد. سميت القيامة بها ؛ لأنها تقرع بأهوالها. تقول العرب : قرعتهم القارعة، وفقرتهم الفاقرة : إذا وقع بهم أمر فظيع. وقيل : هي صوت النفخة يقرع الأسماع ويصكها.
﴿ ما القارعة ﴾ أي أيّ شيء هي القارعة ؟ والمراد تعظيم شأنها، والتعجب من حالها. والجملة خبر " القارعة ".
﴿ يوم يكون الناس كالفراش ﴾ أي اذكر يوم يكون الناس كالفراش، وهو الطير الرقيق الذي يقصد النار، ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق، واحده فراشة. ﴿ المبثوت ﴾ أي المنتشر المتفرق. شبه الله الناس يوم القيامة – في كثرتهم وانتشارهم وذلتهم وضعفهم واضطرابهم وتطايرهم إلى الداعي حين يدعوهم إلى المحشر – بالفراش المنتشر المتطاير إلى النار.
﴿ وتكون الجبال كالعهن المنفوش ﴾ كالصوف الذي ينفش ويفرق باليد ونحوها. أو كالصوف المصبوغ بالألوان المختلفة، الذي يندف بالمندف، في خفة طيرانه.
﴿ ثقلت موازينه ﴾ أي رجحت موزوناته، وهي أعماله الصالحة المرضية التي لها وزن وخطر عند الله. وقيل الوزن : القضاء السوي، والحكم العادل.
﴿ فهو في عيشة راضية ﴾ أعطت الرضا من نفسها، أو ذات رضا، أو راض صاحبها ؛ وهي العيشة الهنيئة.
﴿ فأمه هاوية ﴾ فمأواه جهنم. وسمى المأوى أما لأن الإنسان يأوي إليه كما يأوي إلى أمه. وسميت جهنم هاوية لغاية عمقها، وبعد مهواها. أو من قولهم إذا دعوا على الرجل : هوت أمه ؛ لأنه إذا هوى – أي سقط وهلك – فقد هوت أمه ثكلا وحزنا عليه.
﴿ وما أدراك ماهيه ﴾ الهاء للسّكت.
﴿ نار حامية ﴾ بالغة النهاية في الحرارة ؛ من الحمى، وهو اشتداد الحر. يقال : حميت الشمس والنار حميا وحموا، اشتد حرها.
والله أعلم.
Icon