ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الناشرالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، النبي الأمى العربي المكي الهادي الأمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد، قال تعالى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ف له الحمد في الأولى والآخرة اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد.
الحمد لله الذي أرسل رسله مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل.
فقد بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جميع الثقلين الإنس والجن مبلغا لهم عن الله عز وجل ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز الذي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه ندبهم إلى فهمه فقال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فيه اختلافا كثيرا وقال تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله وتفسير ذلك وطلبه من مظانه وتعلم ذلك وتعليمه.
فعلينا أيها المسلمون أن نأتمر بما أمرنا الله به من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، فعلى الله تعالى لين القلوب وهداها بالإيمان وتخليصها من الذنوب والمعاصي، والله المؤول المسئول أن يفعل بنا هذا إنه جواد كريم.
لقد دأبت المكتبة ولا تزال في نشر العلوم الإسلامية النافعة لا سيما العلوم التي تتعلق بكتاب الله عز وجل.
ولما كان علم التفسير هو من أشرف العلوم لتعلقه بأشرف كتاب سماوي أنزل من عند الله عز وجل، رأت المكتبة أن تقوم بنشر تفسير لكتاب المولى جلت قدرته وعلاه يفهمه القارئ العام والخاص. وقد قامت المكتبة بمقابلة نسخ التفسير على عدة مخطوطات، هادفة الوصول إلي نسخة موثوقة.
والمكتبة إذ تقدم إلى الأمة الإسلامية هذا التفسير راجية من المولى عز وجل أن يكتب لهذا العمل في صحائف أعمال كل من عمل به وأن يقبله الله ويجعله في ميزان الحسنات وأن ينفع المسلمين به في كل أنحاء الأرض يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا من أتى الله بقلب سليم.
مكتبة نزار مصطفى الباز ١/ ٩/ ١٤١٧ هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهد اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادي له. ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، ﷺ وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.(أما بعد) فقد جعل الله القرآن العظيم هدى من الضلالة، ونورا للقلوب، وشفاء لما في الصدور، ورحمة لقوم يؤمنون، أخرج الله به من شاء من ظلمات الغي والجهل إلى نور الإيمان والعلم.
فالقرآن هو آخر الكتب لذا فقد اشتمل على العلوم والمعارف النافعة وإن من أنفع علوم القرآن علم التفسير فبه نتدبر معانيه، والعمل بما فيه، والاهتداء بهديه، والائتمار بأوامره والبعد عن نواهيه، وتصديق أخباره، والاعتبار بقصصه.
فكان سلف الأمة يرجعون إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أشكل عليهم فيبين لهم المراد، ويوضح لهم المعنى.
عن ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، فيعلمنا القرآن والعمل جميعا.
ولما كان تفسير القرآن الكريم من أهم العلوم التي يحتاجها المسلمون علماء ومتعلمين، فقد قيض الله عز وجل في كل عصر علماء، قاموا بأعباء ذلك الأمر
ومن هؤلاء الإمام عبد الرحمن بن أبى حاتم الرازي الذي جمع في تفسيره أقوال السلف مسندة إليهم مع الدقة والأمانة في الأداء، بانتقائه أصح الأسانيد، مقتصرا على النقل المجرد من أي رأى وترجيح. فهذه ميزة عظيمة لهذا التفسير الفريد.
وفي الختام أدعو الله العلي العظيم أن يرحم مؤلف هذا التفسير وأن يسكنه فسيح جناته، إنه هو السميع العليم...
والحمد لله رب العالمين.
أسعد محمد الطيب
اسمه ونسبه:
هو عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، يكنى أبا محمد، واشتهر بابن أبى حاتم.
أصلهم من أصبهان، ثم انتقلوا إلى الري وهي بلدة كبيرة من بلاد الديلم «١».
ولادته:
ولد سنة أربعين ومائتين «٢».
نشأته:
نشأ ابن أبى حاتم في رعاية والده، الذي غرس فيه روح العلم والتقى، فحفظ القرآن الكريم في صغره.
قال ابن أبى حاتم: «لم يدعني أبي أشتغل في الحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان ثم كتب الحديث» «٣».
عبادته وتقواه
قال أبو عبد الله القزويني:
(إذا صليت مع عبد الرحمن فسلم إليه نفسك يعمل بها ما يشاء).
وقال أحمد بن عبد الله النيسابوري:
(كنا عند عبد الرحمن وهو يقرأ علينا الجرح والتعديل الذي صنفه، فدخل يوسف ابن الحسين الرازي فجلس وقال: يا أبا محمد، ما هذا؟
قال: أظهر أحوال العلماء من كان ثقة ومن كان غير ثقة.
فقال له يوسف: أما استحيت من الله تعالى تذكر أقواما قد حطوا رواحلهم في الجنة أو عند الله منذ مائة عام أو مائتي سنة، تغتابهم؟
(٢). تذكرة الحفاظ للذهبي ٣/ ٨٢٩.
(٣). سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٦٥.
يا أبا يعقوب، والله لو طرق سمعي هذا الكلام قبل أن أصنفه، ما صنفته! وارتعد وسقط الكتاب من يده ولم يقرأ في ذلك المجلس «١».
رحلاته العلمية:
قال ابن أبى حاتم:
رحل بي أبى سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتلمت بعد، فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمت، فسر أبي حيث أدركت حجة الإسلام، فسمعت في هذه السنة من محمد بن عبد الرحمن المقرئ.
فهذه كانت أول رحلة للإمام عبد الرحمن، وفي عام ستين ومائتين ذهب إلى مكة المكرمة، وفيها سمع من محمد بن حماد الطهراني.
وفي عام اثنين وستين ومائتين رحل إلى بلدان السواحل والشام ومصر.
وفي عام ٢٦٤ هـ رحل إلى أصبهان ولقى في هذه الرحلة يونس بن حبيب «٢».
تلاميذه «٣»
١- أبو حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة ٣٥٤ هـ.
٢- عبد الله بن عدي الجرجاني المتوفى سنة ٣٦٥ هـ.
٣- أبو محمد عبد الله بن محمد بن حبان (أبو الشيخ) المتوفى سنة ٣٦٩ هـ.
٤- القاضي يوسف بن القاسم الميانجي المتوفى سنة ٣٧٥ هـ.
٥- محمد بن إسحاق النيسابوري (الحاكم الكبير) المتوفى سنة ٣٧٨ هـ.
٦- محمد بن إسحاق بن مندة المتوفى سنة ٣٩٥ هـ.
تحمله الشدائد في تحصيل العلم:
قال ابن أبى حاتم:
(٢). تذكرة الحفاظ ٣/ ٣٨١، وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٦٦.
(٣). تذكرة الحفاظ ٣/ ٩٧٦، أخبار أصبهان ٢/ ٩٠.
أقوال العلماء في علمه
قال أبو يعلي الخليلي:
(أخذ أبو محمد علم أبيه وأبى زرعة، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال حتى في الفقه وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار «٢».
وقال الذهبي عنه:
(كان بحرا لا تكدره الدلاء) «٣».
وقال أحمد بن علي القرضي:
(ما رأيت أحدا ممن عرف عبد الرحمن ذكر عنه جهالة قط) «٤».
وقال ابن كثير:
(كان من العبادة والزهد والورع والحفظ على جانب كبير) «٥».
وفاته:
توفى- رحمه الله- سنة ٣٢٧ هـ بمدينة الري وبلغ من العمر ٨٧ عاما، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته «٦».
مصنفاته
١- آداب الشافعي ومناقبه- طبع.
(٢). انظر سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٤٦، وتذكرة الحفاظ ٣/ ٨٣٠، والبداية ١١/ ١٩١.
(٣). انظر سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٤٦، وتذكرة الحفاظ ٣/ ٨٣٠، والبداية ١١/ ١٩١.
(٤). انظر سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٤٦، وتذكرة الحفاظ ٣/ ٨٣٠، والبداية ١١/ ١٩١.
(٥). انظر سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٤٦، وتذكرة الحفاظ ٣/ ٨٣٠، والبداية ١١/ ١٩١.
(٦). تذكرة الحفاظ ٣/ ٨٣١.
٣- المعرفة- طبع.
٤- علل الحديث- طبع.
٥- زهد الثمانية من التابعين- طبع.
٦- المراسيل- طبع.
٧- اصول السنه واعتقاد الدين.
٨- الرد على الجهمية.
٩- فضائل الإمام أحمد.
١٠- فوائد أهل الري.
أهمية تفسير ابن أبى حاتم
١- امتاز هذا التفسير بأنه جمع بين دفتيه تفسير الكتاب بالسنة وآثار الصحابة والتابعين بالإسناد.
٢- اختار أصح الأسانيد.
٣- به روايات كثيرة لا توجد لدى غيره وبأسانيده، وانفرد بها، ويدل على هذا أنه من خلال جمع مروياته مثلا من كتاب الدر المنثور للسيوطي نجد أن السيوطي يذكر الرواية ولم ينسبها إلى غير ابن أبى حاتم، وكذلك ابن كثير.
٤- حفظ لنا تفسير ابن أبى حاتم كثيرا من التفاسير المفقودة مثل تفسير سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان وغيرهما.
٥- إن معظم التفاسير تنقل عنه كثيرا من الآثار والروايات التي أوردها، فهو مصدر أصيل معتمد لدى جمهور علماء التفسير في كل العصور بعده.
منهج ابن أبى حاتم في تفسيره
نلاحظ منهجه من مقدمة كتابه حيث قال:
تحريت إخراج التفسير بِأَصَحِّ الْأَخْبَارِ إِسْنَادًا وَأَشْبَهِهَا مَتْنًا، فَإِذَا وَجَدْتُ التفسير عن
استفادة المفسرين من ابن أبى حاتم
فقد أخذ عنه الحسين بن مسعود البغوي في كتابه معالم التنزيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، والحافظ ابن كثير نقل عنه في كتابه تفسير القرآن العظيم الشيء الكثير.
وابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري، وأما السيوطي فقال: فقد لخصت تفسير ابن أبى حاتم في كتابي، وهو الدر المنثور.
والإمام الشوكاني في فتح القدير استفاد منه كثيرا، وغير ذلك من الكتب.
منهجي في تحقيق الكتاب
القسم الأول:
(تحقيق الموجود من تفسير ابن أبي حاتم)، فالموجود من هذا التفسير ما يلي:
- من سورة الفاتحة إلى نهاية سورة الرعد.
- من سورة المؤمنون إلى نهاية العنكبوت.
١- نسخ المخطوط:
نظرا لكون الموجود نسخة واحدة كان النسخ صعبا بعض الشيء، والذي سهل علي النسخ المراجع التي نقلت من هذا التفسير كابن كثير والدر المنثور، أما السقط الموجود بالنسخة فأكملته كما يلي:
١- سقط لوحة من الأصل المصور على ميكروفيلم من سورة البقرة، فأكملته من كتاب تفسير ابن أبي حاتم- سورة البقرة، تحقيق الدكتور أحمد عبد الله الزهراني، طبعة مكتبة الدار بالمدينة المنورة- وكذلك تحقيق الدكتور حكمت بشير
٢- هنالك سقط من لوحة رقم ١١٤- ١١٥ بها آخر سورة الأعراف وأول سورة الأنفال. فأكملتها من رسالتي الأخ حمد احمد أبي بكر والدكتور عيادة الكبيسي نظرا لأن هؤلاء الأفاضل الكرام استطاعوا الحصول عليها وتصويرها من مصادرها الأصلية.
- قمت بتخريج الأحاديث المرفوعة.
- اكتفيت بتخريج الروايات والآثار من التفاسير المطبوعة التي نقل منها المؤلف مثل: تفسير عبد الرزاق، وتفسير سفيان الثوري، وتفسير مجاهد.
أما التفاسير المفقودة التي أخذ منها المؤلف، فجعلت تفسير ابن أبى حاتم هو الأصل لهذا، ولم أحل إلى التفاسير التي جاءت بعده إلا في حالة تصحيح النص.
- ذكرت الحكم علي الحديث أو الأثر بما قاله العلماء مثل: الحافظ ابن كثير في تفسيره والسيوطي، وكذلك ما قاله ابن حجر في فتح الباري، والحاكم في مستدركه، والترمذي في جامعه.
القسم الثاني:
(جمع الروايات المفقودة من التفسير) :
أ- اعتمدت في جمع الروايات علي الكتب الآتية:
١- تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
٢- الدر المنثور للسيوطي.
٣- فتح الباري لابن حجر العسقلاني.
٤- تغليق التعليق لابن حجر العسقلاني.
٥- فتح القدير للشوكاني.
اعتمدت في تحقيق تفسير ابن ابي حاتم نسخه وحيده من عدة أجزاء نسخه صورتها من معهد البحوث العلمية بجامعة أم القرى ونسخة مكررة منها وأوضح قليلا في كثير من صفحاتها من الأخ الأستاذ/ محمد بن عبد الله الحوثي جزاه الله خيرا.
١- جزء يبدأ من سورة الأنفال الى سورة الرعد عدد الأوراق ٢٦٠ ورقة في كل صفحة ٢٣ سطر وخطها مغربي وأصلها بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة برقم ٥٠ تفسير ورقمها بمعهد البحوث ١٠٨ تفسير ٢- جزء به تفسير سورة المؤمنون الى نهاية تفسير سورة العنكبوت عدد الأوراق ٢٨٤ ورقه في كل صفحه ٢٤ سطر وخطها مغربي وأصلها بدار الكتب المصرية برقم ١٥ تفسير. ورقمها بمعهد البحوث ١٠٦ تفسير.
٣- جزء يبدأ من أول المصحف الى جزء من سورة آل عمران عدد الأوراق ٢٤٨ ورقه في كل صفحه ٢٣ سطر خطها مغربي وأصلها بدار الكتب المصرية برقم ١٥ تفسير ورقمها بمعهد البحوث ١٠٤ تفسير.
٤- جزء به تفسير سورة المائدة الى بعض من سورة الأنفال عدد الأوراق ٢٤٣ ورقة في كل صفحه ٢٤ سطر خطها مغربي.
أصلها بالمكتبة المحمودية برقم ٤٩ تفسير ورقمها بمعهد البحوث ١٠٧ تفسير.
٥- جزء به تفسير سورتا آل عمران والنساء.
عدد الأوراق ٢٠٥ ورقة في كل صفحه ٢٣ سطر خطها نسخي معتاد أصلها بمكتبة أياصوفيا بتركيا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ «الْحَافِظُ» أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ الْإِمَامِ الْحَافِظِ الْكَبِيرِ أَبِى حَاتِمٍ- مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتِمِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ.
سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ ِمْن إِخْوَانِي إِخْرَاجَ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ مُخْتَصَرًا بأصح الأسانيد، وحذف الطرق والشواهد والحروف والروايات، وَتَنْزِيلِ السُّوَرِ، وَأَنْ نَقْصِدَ لِإِخْرَاجِ التَّفْسِيرِ مُجَرَّدًا دُونَ غَيْرِهِ، مُتَقَصِّينَ تَفْسِيرَ الْآيِ حَتَّى لَا نَتْرُكَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ يُوجَدُ لَهُ تَفْسِيرٌ إِلَّا أُخْرِجَ ذَلِكَ.
فَأَجَبْتُهُمْ إِلَى مُلْتَمَسِهِمْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ، وَإِيَّاهُ نَسْتَعِينُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
فَتَحَرَّيْتُ إِخْرَاجَ ذَلِكَ بِأَصَحِّ الْأَخْبَارِ إِسْنَادًا، وَأَشْبَهِهَا مَتْنًا، فَإِذَا وَجَدْتُ التَّفْسِيرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ أَذْكُرْ مَعَهُ أَحَدًا مِنَ الصِّحَابَةِ مِمَّنْ أَتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَإِذَا وَجَدْتُهُ عَنِ الصِّحَابَةِ فَإِنْ كَانُوا مُتَّفِقِينَ ذَكَرْتُهُ عَنْ أَعْلَاهُمْ دَرَجَةً بِأَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَسَمَّيْتُ مُوَافِقِيهِمْ بِحَذْفِ اْلِإْسَنادِ.
وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ وَذَكَرْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِسْنَادًا، وَسَمَّيْتُ مُوَافِقِيهِمْ بَحَذْفِ الْإِسْنَادِ، فَإِنْ لَمْ أَجِدْ عَنِ الصِّحَابَةِ وَوَجَدْتُهُ عَنِ التَّابِعِينَ عَمِلْتُ فِيمَا أَجِدُ عَنْهُمْ مَا ذَكَرْتُهُ مِنَ الْمِثَالِ فِي الصِّحَابَةِ، وَكَذَا أَجْعَلُ الْمِثَالَ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ. جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِوَجْهِهِ خاَلِصًا، وَنَفَعَ بِهِ.
فَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِلَا إِسْنَادٍ فَهُوَ مَا:
حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ الْعَسْقَلانِيُّ ثنا آدَمُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ.
حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ ثنا أَسْبَاطٌ عَنِ السدى.
وَمَا ذَكَرْنَا عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ بِلَا إِسْنَادٍ فَهُوَ مَا:
حَدَّثَنَا أَبِي ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ.
وَمَا ذَكًرْنَا فِيهِ عَنْ مُقَاتِلٍ فَهُوَ مَا:
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عن مقاتل.