ﰡ
قوله: ﴿فَعَدَلَكَ﴾ قرأ الكوفيون «عَدَلَك، مخففاً. والباقون/ مثقلاً. فالتثقيل بمعنى: جَعَلكَ متناسِبَ الأطرافِ، فلم يجعَلْ إحدى يَدَيْكَ أو رِجْلَيْكَ أطولَ، ولا إحدى عينَيْك أَوْسَعَ، فهو من التَّعْديلِ. وقراءةُ التخفيفِ تحتمل هذا، أي: عَدَلَ بعضَ أعضائِك ببعضٍ. وتحتمل أَنْ تكونَ من العُدولِ، أي: صَرَفَك إلى ما شاء من الهيئاتِ والأشكالِ والأشباهِ.
وكأنَّ الزمخشري استشعر هذا فقال: «ويكونُ في» أيّ «معنى التعجبِ، أي: فَعَدَلَكَ في أيِّ صورةٍ عجيبةٍ». وهذا لا يَحْسُنُ أَنْ يكونَ مُجَوِّزاً لِتَقَدُّمِ العاملِ على اسمِ الاستفهامِ، وإنْ دَخَلَه معنى التعجب. ألا ترى أنَّ كيف وأنَّى وإنْ دَخَلهما معنى التعجبِ لا يتقدَّم عاملُهما عليهما. وقد اختلف النحويون في اسم الاستفهام إذا قُصِدَ به الاستثباتُ: هل يجوزُ تقديمُ عاملِه أم لا؟ والصحيح أنه لا يجوزُ، وكذلك لا يجوز أن يتقدَّمَ عاملُ «كم» الخبريةِ عليها لشَبَهِها في اللفظ بالاستفهاميةِ فهذا أَوْلَى، وعلى تعلُّقِها ب «عَدَلَكَ» تكون «ما» منصوبةً ب «شاء»، أي: رَكَّبَكَ ما شاءَ من التركيبِ، أي: تركيباً حَسَناً، قاله الزمخشري، فظاهرُه أنها منصوبةٌ على المصدر.