تفسير سورة غافر

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة غافر من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
وهي مكية وقد روي في بعض آياتها أنها مدنية. وذلك ضعيف. وقد روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحواميم إنها ديباج القرآن وقال عليه الصلاة والسلام : " مثل الحواميم في القرآن مثل الحبرات في الثياب " ١ وفيها موضعان :
١ راجع ذلك في الجامع لأحكام القرآن ١٥/ ٢٨٨..

– الأول قوله تعالى :{ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم
يؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا.... } الآية :
هذه الآية فسرت المجمل من قوله تعالى في سورة الشورى ١ ﴿ ويستغفرون لمن في الأرض ﴾ [ الشورى : ٥ ] لأن هذه الآية جاءت عامة في استغفار الملائكة لأهل الأرض ٢ مؤمنهم وكافرهم فخصصت ٣ هذه الآية بقوله تعالى فيها :﴿ للذين آمنوا ﴾ الكافرين وبقيت الآية في الاستغفار للمؤمنين. هذا أحسن ما يقال في الآية. وهذا الاستغفار هو بمعنى قوله تعالى في غير هذه الآية :﴿ كان على ربك وعدا مسئولا ﴾ [ الفرقان : ١٦ ] أي سألته الملائكة. وبعض الناس – وهو وهب بن منبه –٤ يقول إن هذه الآية ناسخة لآية الشورى ٥. وهو قول ضعيف لأن الآية خبر والأخبار لا يدخل فيها النسخ. وقد يحتمل أن يقال في آية الشورى إنها على عمومها من استغفار الملائكة لأهل الأرض إلا أن استغفارهم للمؤمنين على حقيقة الاستغفار واستغفارهم للكافر بمعنى طلب المغفرة لهم وهدايتهم. وعلى هذا النحو ساق بعضهم استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه واستغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم للمنافقين ٦. وقد قال بذلك قوم. فهذه ثلاثة في الآيتين، أحدها : أن آية غافر مخصصة لآية الشورى وهو أحسن الأقوال كما قدمنا.
والثاني : أنها ناسخة لها، وهو ضعيف.
والثالث : أنها ليست ناسخة ولا مخصصة وأن هذه الآية التي في غافر في المؤمنين خاصة، والتي في الشورى للمؤمنين والكافرين، إلا أن الاستغفار للمؤمنين بخلاف الاستغفار للكفار. وقد حكي عن بعض الصلحاء أن رجلا قال له استغفر لي. فقال له تب واتبع سبيل الله يستغفر لك من هو خير مني، وتلا هذه الآية. وقال ابن الشخير ٧ وجدنا أنصح العباد للعباد الملائكة وأغش العباد للعباد الشياطين، وتلا هذه الآية ٨ وقد ذهب النقاش إلى أن في هذه الآية دليلا له على بطلان قول من زعم أنه لا يجوز للعباد أن يسألوا الله تعالى فعل ما أخبر أنه لا يفعله.
١ في (أ)، (و)، (ز): "عسق"، وفي (ب)، (د)، (هـ): "حم عسق"..
٢ في (ب)، (هـ): "لمن في الأرض"..
٣ في (ج)، (ح): "فأخرجت"..
٤ وهب بن منبه: وهو وهب بن منبه الأبناوي الصنعاني الذماري، أبو عبد الله، تابعي. من مؤلفاته قصص الأنبياء. توفي سنة ١١٤هـ/ ٧٣٢م. انظر وفيات الأعيان ٢/ ١٨٠..
٥ في (أ)، (و)، (ز): "عسق"، وفي (ب)، (د)، (هـ): "حم عسق"..
٦ في (أ): "للمؤمنين"..
٧ ابن الشخير: وهو مطرف بن عبد الله بن الشخير. سبقت ترجمته ص ١١١..
٨ راجع المحرر الوجيز ١٤/ ١١٧..
– الثاني قوله تعالى :﴿ فاصبر إن وعد الله حق ﴾ :
فهذه الآية فيها مهادنة. وقال الكلبي : نسخت بآية القتال آية الصبر حيث وقع.
Icon