تفسير سورة الدّخان

الصحيح المسبور
تفسير سورة سورة الدخان من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور المعروف بـالصحيح المسبور .
لمؤلفه حكمت بشير ياسين .

سورة الدخان
قوله تعالى (حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ)
انظر سورة القصص آية (٢) وسورة غافر آية (١).
قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ)
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة، هي ليلة القدر، كما قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، وكان ذلك في شهر رمضان، كما قال تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن).
قال الحاكم: حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا الحسين بن محمد بن زياد القباني، ثنا أبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، حدثني أبي ثنا عثمان بن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى ثم قرأ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) يعني: ليلة القدر ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل.
صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٤٤٨-٤٤٩ - ك التفسير) وصححه الذهبي وأخرجه البيهقي عن الحاكم به (شعب الإيمان ٧/٢٦١-٢٦٢ ح٣٣٨٨) وقال المحقق: إسناده رجاله ثقات.
قوله تعالى (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) قال: في ليلة القدر كل أمر يكون في السنة إلى السنة: الحياة والموت، يقدر فيها المعايش والمصائب كلها.
قوله تعالى (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ)
قال مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: كنا عند عبد الله جلوساً، وهو مضطجع بيننا، فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن قاصا عند أبواب كندة يقُص ويزعم، أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار. ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله، وجلس وهو غضبان: يا أيها الناس! اتقوا الله. مَن علم منكم شيئا، فليقل بما يعلم. ومن لم يعلم. فليقل: الله أعلم. فإنه أعلم لأحدكم أن يقول، لما لا يعلم: الله أعلم. فإن الله عز وجل قال لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) - إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رأى من الناس إدباراً. فقال: "اللهم! سبع كسبع يوسف". قال فأخذتهم سنة حصتّ كل شيء. حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع. وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان. فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد! إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم. وإن قومك قد هلكوا. فادع الله لهم. قال الله عز وجل: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) إلى قوله: (إنكم عائدون) قال: أفيُكشف عذاب الآخرة؟ (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) فالبطشة يوم بدر. وقد مضت آية الدخان: البطشة، واللزام، وآية الروم.
(الصحيح ٤/٢١٥٥-٢١٥٦ ح٢٧٩٨ - ك صفات المنافقين وأحكامهم، ب الدخان). وأخرجه البخاري (الصحيح - الاستسقاء ح١٠٠٧، والتفسير ح٤٨٠٩).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فارتقب) أي: فانتظر.
قال البخاري: حدثنا يحيى، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: قال عبد الله: إنما كان هذا لأن قريشاً لما استعصوا على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد. فأنزل الله عز وجل (فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم) قال: فأتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقيل له: يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت. قال: مضر؟ إنك لجريء، فاستسقى، فسُقوا، فنزلت (إنكم عائدون) فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) قال: يعني يوم بدر.
(الصحيح ٨/٤٣٤-٤٣٥ ح٤٨٢١ - ك التفسير - سورة الدخان، ب الآية)، وأخرجه مسلم في (صحيحه ٤/٢١٥٦-٢١٥٧).
قوله تعالى (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ)
قال البخاري: حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: دخلتُ على عبد الله فقال: إن من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم. إن الله قال لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين). إن قريشاً لما غلبوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستعصوا عليه قال: "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنةٌ أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد، حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع (قالوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا، فدعا ربه، فكشف عنهم فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر، فدلك قوله تعالى (يوم تأتى السماء بدخان مبين -إلى قوله جل ذِكْره- إنا منتقمون).
(الصحيح ٨/٤٣٥ ح٤٨٢٢ - ك التفسير - سورة الدخان، ب الآية).
قال ابن كثير: وقوله (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) أي: يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب الله وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم، كقوله (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين). وكذا قوله (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) وهكذا قال ها هنا: (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ). يقول: كيف لهم بالتذكر، وقد أرسلنا إليهم رسولاً بين الرسالة والنذارة، ومع هذا تولوا عنه وما وافقوه، بل كذبوه
وقالوا: معلم مجنون. وهذا كقوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله: (أنى لهم الذكرى) يقول: كيف لهم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (أنى لهم الذكرى) بعد وقوع البلاء.
قوله. تعالى (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) قال: تولوا عن محمد عليه الصلاة والسلام، وقالوا: معلم مجنون.
قوله تعالى (إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (إنا كاشفوا العذاب قليلا) يعني الدخان (إنكم عائدون) إلى عذاب الله.
قال الطبري: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس، قال ابن مسعود: البطشة الكبرى: يوم بدر، وأنا أقول: هي يوم القيامة.
وسنده صحيح. وذكره ابن كثير وصحح سنده.
قوله تعالى (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم) يعني: موسى.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (أن أدوا إلى عباد الله) قال: أرسلوا معي بني إسرائيل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (وأن لا تعلوا على الله) أي: لا تبغوا على الله (إني آتيكم بسلطان مبين) : أي بعذر مبين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون) أي: أن ترجمون بالحجارة.
قوله تعالى (فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون) حتى بلغ (إنهم جند مغرقون) قال: لما أخرج آخر بني إسرائيل أراد نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يضرب البحر بعصاه، حتى يعود كما كان مخافة آل فرعون أن يدركوهم، فقيل له (واترك البحر رهواً إنهم جند مغرقون).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله (واترك البحر رهوا) يقول: سمتا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (واترك البحر رهوا) كما هو طريقاً يابسا.
قوله تعالى (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (ومقام كريم) أي: حسن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ونعمة كانوا فيها فاكهين) ناعمين، قال: إي والله، أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حتى ورطه في البحر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (كذلك وأورثناها قوماً آخرين) يعني: بني إسرائيل.
قوله تعالى (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله (فما بكت عليهم السماء والأرض) قال: بقاع المؤمن التي كان يصلي عليها من الأرض تبكي عليه إذا مات، وبقاعه من السماء التي كان يرفع فيها عمله.
قوله تعالى (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين) بقتل أبنائهم، واستحياء نسائهم.
قال ابن كثير: وقوله (من فرعون إنه كان عاليا) أي: مستكبراً جباراً عنيداً، كقوله: (إن فرعون علا في الأرض) القصص آية: ٤.
قوله تعالى (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٢) وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (٣٣) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) أي: اختيروا على أهل زمانهم ذلك، ولكل زمان عالم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين) أنجاهم الله من عدوهم، ثم أقطعهم البحر، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (إن هؤلاء ليقولن إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين) قال: قد قال مشركو العرب (وما نحن بمنشرين) أي: بمبعوثين.
قوله تعالى (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله عز وجل (أهم خير أم قوم تبع) قال: الحِميريّ.
قوله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبراً عن عدله وتنزيهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل، كقوله: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار). وقال (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم).
قوله تعالى (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) يوم يفصل فيه بين الناس بأعمالهم.
قوله تعالى (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ)
تفسيرها في الآيات الثلاث التي تليها.
قوله تعالى (كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)
انظر حديث الترمذي عن أبي سعيد المتقدم عند الآية (٢٩) من سورة الكهف، وفيه تفسير (المهل) بأنه: كعكر الزيت.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله (كالمهل يغلي في البطون) يقول: أسود كمهل الزيت.
قوله تعالى (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم) قال: خذوه فادفعوه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (إلى سواء الجحيم) : إلى وسط النار.
انظر سورة الحج آية (١٩-٢٠).
قوله تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)
قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بكار بن قتيبة القاضي، ثنا صفوان بن عيسى، أنبأ ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن لله ثلاثة أثواب اتزر العزة وتسربل الرحمة وارتدأ الكبرياء فمن تعزز بغير ما أعزه الله فذلك الذي يقال له ذق إنك أنت العزيز الكريم، ومن رحم الناس برحمة الله فذلك الذي تسربل بسرباله الذي ينبغي له ومن نازع الله رداءه الذي ينبغي له فإن الله يقول لا ينبغي لمن نازعني أن أدخله الجنة.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٤٥١ - ك التفسير، وصححه الذهبي).
قوله تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (إن المتقين في مقام أمين) إي والله، أمين من الشيطان والأنصاب والأحزان.
قوله تعالى (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (٥٣) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، عن عكرمة، في قوله (من سندس وإستبرق) قال: الإستبرق: الديباج الغليظ.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله: (وزوجناهم بحور عين) قال: أنكحناهم حورا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (يدعون فيها بكل فاكهة آمنين) آمنوا من الموت والأوصاب والشيطان.
قوله تعالى (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) قال ابن كثير: وقوله (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)، هذا الاستثناء يؤكد النفي، فإنه منقطع، ومعناه: أنهم لا يذوقون فيها الموت أبداً.
كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح، ثم يقال يا أهل الجنة: خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت". وقد تقدم الحديث في سورة مريم.
قوله تعالى (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (فإنما يسرناه بلسانك) أي: هذا القرآن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فارتقب إنهم مرتقبون) أي: فانتظر إنهم منتظرون.
قال ابن كثير: (فارتقب) أي: انتظر (إنهم مرتقبون) أي: فسيعلمون لمن يكون النصر والظفر وعُلو الكلمة في الدنيا والآخرة، فإنها لك يا محمد ولإخوانك من النبيين والمرسلين ومن اتبعكم من المؤمنين، كما قال تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز).
Icon