" بسم الله " اسم لمن قامت السماوات والأرض بقدرته واستقامت الأسرار والقلوب بنصرته. . دلت الأفعال على جلال شأنه، وذلت الرقاب عند شهود سلطانه. أشرقت الأقطار بنوره في العقبى، وأشرقت الأسرار بظهوره في الدنيا، فهو المقدس بالوصف الأعلى.
ﰡ
أرسلنا نوحاً بالنبوَّةِ والرسالة. ﴿ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ ﴾ أي بأن أنذرهم وإرسالُ الرُّسُل من الله فضلٌ، وله بحق مُلْكه أن يفعل ما أراد، ولم يجبْ عليه إرسالُ الرُّسُلِ لأن حقيقته لا تقبل الوجوب.
وإرسالُ الرسلِ إلى مَنْ عَلِمَ أنه لا يَقْبَل جائز، وتكليفُهم من ناحية العقل جائز فنوحٌ - عَلِمَ منهم أَنهم لا يقبلون. . ومع ذلك بَلَّغ الرسالة وقال لهم :﴿ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾.
﴿ يغفر لكم من ذنوبكم ﴾ مِنْ هنا للجنس لا للتبعيض كقوله تعالى :﴿ فَاجْتَنِبُواْ الرِّجسَ مِنَ الأَوْثَانِ ﴾ [ الحج : ٣٠ ].
ويقال : ما عملوه دون ما هو معلوم أنهم سيفعلونه ؛ لأنه لو أخبرهم بأنه غفر لهم ذلك كان إغراءً لهم. . وذلك لا يجوز. فأبوا أن يَقْبَلوا منه، فقال :
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَاءِي إِلاَّ فِرَاراً ﴾.
وإِنِّي ما ازدَدْتُ لهم دعاءً إلا ازدادوا إصراراً واستكباراً.
ويقال : لمَّا دام بينهم إصرارُهم تَولَّدَ من الإصرار استكبارُهم، قال تعالى :
﴿ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُبُهُمْ ﴾ [ الحديد : ١٦ ].
ليعلمَ العالِمون : أَن الاستغفار قَرْعُ أبوابِ النعمة، فمن وقعت له إلى اللَّهِ حاجةُ فلن يَصِلَ إلى مرادِه إلاّ بتقديم الاستغفار.
ويقال : مَنْ أراد التَّفَضُّل فعليه بالعُذْرِ والتنصُّل.
ما لَكْم لا تخافون للَّهِ عَظَمَةً ؟ وما لكم لا ترجون ولا تؤمِّلون على توقيركم للأمرِ من اللَّهِ لُطْفاً ونعمة ؟.
يعني كبراءَهم وأغنياءَهم الذين ضلُّوا في الدنيا وهلكوا في الآخرة.
يعني كبراءَهم وأغنياءَهم الذين ضلُّوا في الدنيا وهلكوا في الآخرة.