تفسير سورة يونس

إيجاز البيان
تفسير سورة سورة يونس من كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن المعروف بـإيجاز البيان .
لمؤلفه بيان الحق النيسابوري . المتوفي سنة 553 هـ

[ قدم صدق ] ثواب واف١ بما قدموا٢.
١ في ب توابا وافيا..
٢ قاله ابن عباس، والضحاك، والربيع بن أنس، ورجحه ابن جرير الطبري. انظر جامع البيان ج١٠ ص٨١، ٨٢..
[ في ستة أيام ] ليشاهد١ الملائكة شيئا بعد شيء فيعتبرون، ولأن تصريف الخلق حالا بعد حال أحكم وأبعد من شبه٢ الاتفاق٣.
١ في ب تشاهد..
٢ في أ شبهة..
٣ يبين المؤلف هنا الحكمة في خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وعدم خلقها في لحظة مع أن الله عز وجل قادر على ذلك. انظر مزيدا من الحكم في زاد المسير ج٣ ص٢١٢..
[ وعملوا الصالحات بالقسط ] بنصيبهم وقسطهم من الثواب، وليس معناه بالعدل١، لأن العدل محمول عليه الكافر والمؤمن٢.
١ في أ العدل..
٢ في أ الكافرون والمؤمنون. وهذا المعنى ذكره الفخر الرازي في تفسيره ج١٧ ص٣٣..
٥ وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ: خص به القمر لأن حساب العامة وعلمهم بالسّنين هلاليّ، ولأن المنازل «١» تنسب إلى القمر.
والضياء أغلب من النور فجعله للشمس.
١٠ دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ: إذا اشتهوا شيئا قالوا: سبحانك اللهم فيأتيهم، وإذا فرغوا منه قالوا: الحمد لله فيذهب «٢».
وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ: ملكهم سالم من الزوال «٣».
١١ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ: يستجيب إذا دعوا على أنفسهم وأولادهم «٤».
١٦ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ: ولا أعلمكم به «٥».
١٩ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ: في أن لا يعاجل العصاة، أو لا يستعجل عن الأجل.
٢١ مَكْرٌ فِي آياتِنا: كفر وتكذيب «٦».
(١) وهي ثمانية وعشرون منزلا.
ينظر كتاب الأزمنة وتلبية الجاهلية لقطرب: ٢٣، والأنواء لابن قتيبة: ٤.
(٢) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره: ٢/ ١٨٢ عن الربيع وسفيان.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٤/ ٣٤٥، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن الربيع.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: ٤/ ١٠ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) نص هذا القول في تفسير الماوردي: ٢/ ١٨٢، وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: ٤/ ١١ عن الماوردي.
(٤) في «ج» : وأموالهم.
(٥) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ١٩٤، وأخرجه الطبري في تفسيره: ١٥/ ٤٢ عن ابن عباس، وابن زيد.
ونقله النحاس في معاني القرآن: ٣/ ٢٨٢ عن الضحاك.
(٦) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: ١/ ٢٧٦: «مجاز المكر هاهنا مجاز الجحود بها والرد لها».
وأخرج الطبري في تفسيره: ١٥/ ٤٩ عن مجاهد قال: «استهزاء وتكذيب»، ونقله النحاس في معاني القرآن: ٣/ ٢٨٥ عن مجاهد.
ونقل الماوردي في تفسيره: ٢/ ١٨٦ عن ابن بحر قال: المكر هاهنا الكفر والجحود، وعن مجاهد قال: إنه الاستهزاء والتكذيب. [.....]
٢٦ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى: أي: الجنّة «١»، فهي مأوى كلّ حسن على أفضل وجه.
وَلا يَرْهَقُ: ولا يغشى «٢»، قَتَرٌ: غبرة وسواد «٣».
٢٧ قِطَعاً: لغة في قطع «٤». ك «ظلع» و «ظلع» فلذلك وصف ب «مظلما» «٥»، وإن كان جمع قطعة ف «المظلم» حال من اللّيل، أي:
[٤٢/ ب] أغشيت قطعا من الليل حال إظلامه «٦» /.
٢٩ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً: تمييز، أي: كفى به من الشهداء.
(١) هذا قول جمهور المفسرين كما في تفسير الطبري: (١٥/ ٦٢- ٦٨)، والمحرر الوجيز:
٧/ ١٣٧، وزاد المسير: ٤/ ٢٤، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٣٠، وتفسير ابن كثير: (٤/ ١٩٨، ١٩٩) وقد ورد هذا المعنى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه:
١/ ١٦٣، كتاب الإيمان، باب «إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى»، عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟
قال: فيكشف الحجاب فما أوتوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل»
... ثم تلا هذه الآية: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ.
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٧٧، وتفسير الطبري: ١٥/ ٧٢، ومعاني الزجاج: ٣/ ١٥.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٧٧، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٩٦، والمفردات للراغب: ٣٩٣، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٣١.
وأخرج الطبري في تفسيره: ١٥/ ٧٣ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «سواد الوجوه».
(٤) بإسكان الطاء، وهي أيضا قراءة الكسائي، وابن كثير.
السبعة لابن مجاهد: ٣٢٥، والتبصرة لمكي: ٢١٩.
(٥) معاني القرآن للفراء: ١/ ٤٦٢، ومعاني الزجاج: ٢/ ١٦، والكشف لمكي: ١/ ٥١٧.
(٦) هذا التوجيه على قراءة الفتح.
قال مكي في الكشف: ١/ ٥١٧: «وفيه المبالغة في سواد وجوه الكفار».
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٧٨، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٩٦، وتفسير الطبري: (١٥/ ٧٥، ٧٦)، ومعاني القرآن للزجاج: ٣/ ١٦، وإعراب القرآن للنحاس:
٢/ ٢٥١.
أو حال، أي: وكفى الله في حال الشهادة.
٣٠ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ: ينكشف لها ما أسلفت فتختبر جزاءها «١»، كقوله «٢» : يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ: تختبر بالكشف.
٣٣ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ: وعيده «٣».
٣٥ أَمَّنْ لا يَهِدِّي: اهتدى يهتدي، وهدى يهدي، وهدي يهدى.
أما فتح الهاء والياء «٤»، فلأنه لما أدغمت التاء في الدال ألقيت حركة التاء على الهاء كقولك: «عدّ وفرّ، والأصل: اعدد» [وافرر] «٥» وأما فتح الياء وكسر الهاء «٦» فلاجتماع ساكنين بالإدغام فكسرت الهاء على أصل حركة الساكن وكسرهما لاستتباع الآخرة الأولى [أي الياء] «٧».
٤٥ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ: يعرف بعضهم بعضا ثم ينقطع التعارف لأهوالها «٨».
وقيل «٩» : يعترفون ببطلان ما كانوا عليه.
(١) في «ج» : جزاء.
(٢) سورة الطارق: آية: ٩.
(٣) معاني القرآن للزجاج: ٣/ ١٨، وزاد المسير: ٤/ ٢٩.
(٤) وهي قراءة ابن كثير، وابن عامر، وأبي عمرو، وورش عن نافع.
ينظر السبعة لابن مجاهد: ٣٢٦، وحجة القراءات: ٣٣١.
(٥) ما بين معقوفين ساقط من الأصل، والمثبت عن «ك» و «ج».
(٦) قراءة عاصم في رواية حفص.
السبعة لابن مجاهد: ٣٢٦، وحجة القراءات: ٣٣٢، والتبصرة لمكي: ٢٢٠.
(٧) ما بين معقوفين عن نسخة «ج»، وانظر توجيه القراءتين اللتين ذكرهما المؤلف في: معاني القرآن للزجاج: ٣/ ١٩، وإعراب القرآن للنحاس: (٢/ ٢٥٣، ٢٥٤)، والكشف لمكي:
١/ ٥١٨، والبحر المحيط: ٥/ ١٥٦، والدر المصون: ٦/ ١٩٩.
(٨) تفسير الطبري: ١٥/ ٩٧، ومعاني القرآن للزجاج: ٣/ ٢٢، ومعاني النحاس: ٣/ ٢٩٧، وتفسير الماوردي: ٢/ ١٩٠، وتفسير الفخر الرازي: (١٧/ ١٠٩، ١١٠)، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٤٨. [.....]
(٩) لم أقف على هذا القول، وفي تفسير الماوردي: ٢/ ١٩٠: «يعرفون أن ما كانوا عليه باطل».
٥٣ إِي وَرَبِّي: كلمة تحقيق «١»، أي: كائن لا محالة.
٥٩ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا: أي: البحيرة ونحوها «٢».
٦١ وَما يَعْزُبُ: يغيب أو يبعد «٣»، وفي الحديث «٤» :«من قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عزب»، أي: بعد عهده بما ابتدأ به.
٦٤هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
: بشارة الملائكة عند الموت «٥».
وقيل «٦» : الرؤيا الصالحة.
(١) تفسير الماوردي: ٢/ ١٩١، وزاد المسير: ٤/ ٣٩.
وقال القرطبي في تفسيره: ٨/ ٣٥١: «إي: كلمة تحقيق وإيجاب وتأكيد بمعنى نعم.
وَرَبِّي قسم، إِنَّهُ لَحَقٌّ جوابه، أي: كائن لا شك فيه»
.
(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (١٥/ ١١١، ١١٢) عن ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد.
وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٣/ ٢٥، ومعاني النحاس: ٣/ ٣٠١، وتفسير البغوي: ٢/ ٣٥٨، وزاد المسير: ٤/ ٤١.
(٣) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٧٨، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ١٩٧، ومعاني القرآن للزجاج: ٣/ ٢٦، ومعاني النحاس: ٣/ ٢٠٢، والمفردات للراغب: ٣٣٣.
قال الطبري في تفسيره: ١٥/ ١١٦: «وأصله من عزوب الرجل عن أهله في ماشيته، وذلك غيبته عنهم فيها. يقال منه: عزب الرجل عن أهله يعزب ويعزب».
(٤) الحديث في الفائق: ٢/ ٤٢٦، وغريب الحديث لابن الجوزي: ٢/ ٩١، والنهاية:
٣/ ٢٢٧، وذكره السمين الحلبي في الدر المصون: ٦/ ٢٢٩.
(٥) ذكره الطبري في تفسيره: ١٥/ ١٤٠، وقال: «كما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أن الملائكة التي تحضره عند خروج نفسه تقول لنفسه: اخرجي إلى رحمة الله ورضوانه». وعلق الشيخ محمود محمد شاكر عليه قائلا: «حديث بغير إسناد، لم أستطع أن أجده بلفظه في مكان قريب».
وأورد ابن الجوزي في زاد المسير: ٤/ ٤٤ القول الذي ذكره المؤلف، وعزاه إلى الضحاك، وقتادة، والزهري.
(٦) وهي الرؤيا التي يراها المؤمن أو ترى له.
وقد ثبت هذا المعنى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في عدة آثار أخرجها الإمام أحمد في مسنده: (١٢/ ٩، ١٠) رقم ٧٠٤٤ عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا وصحح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله- إسناده.
وهو في المسند أيضا (٥/ ٣١٥) عن عبادة بن الصامت مرفوعا، و (٦/ ٤٤٧) عن أبي الدرداء مرفوعا.
وأخرجه الترمذي في سننه: (٥/ ٢٨٦، ٢٨٧)، كتاب تفسير القرآن، باب «من سورة يونس».
وابن ماجة في سننه: ٢/ ١٢٨٣، كتاب تعبير الرؤيا، باب «الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له».
والطبري في تفسيره: (١٥/ ١٢٤- ١٣٩).
وانظر تفسير ابن كثير: (٤/ ٢١٤، ٢١٥)، والدر المنثور: (٤/ ٣٧٤، ٣٧٥).
٦٥ وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ: كسرت «إن» للاستئناف بالتذكير لما ينفي الحزن، لا لأنها بعد القول لأنها ليست حكاية عنهم «١».
٦٦ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ: يجوز «ما» في معنى «أي» «٢»، ويجوز نافية «٣»، أي: لم يتّبعوا حقيقة واتبعوا الظن في الشرك.
٧١ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً: مغطى «٤»، أي: أظهروا ما عندكم من طاعة أو معصية.
٧٨ لِتَلْفِتَنا: تصرفنا، لفتّه لفتا «٥».
(١) معاني القرآن للفراء: ١/ ٤٧١، وتفسير الطبري: ١٥/ ١٤٢، والتبيان للعكبري: ٢/ ٦٧٩، والدر المصون: ٦/ ٢٣٣.
(٢) بمعنى الاستفهام.
قال الفخر الرازي في تفسيره: ١٧/ ١٣٧: «كأنه قيل: أي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، والمقصود تقبيح فعلهم، يعني أنهم ليسوا على شيء».
وانظر الكشاف: ٢/ ٢٤٤، والتبيان للعكبري: ٢/ ٦٨٠، والدر المصون: ٦/ ٢٣٥.
(٣) مشكل إعراب القرآن: ١/ ٣٤٩، والبيان لابن الأنباري: ١/ ٤١٦، وتفسير الفخر الرازي:
١٧/ ١٣٧، والتبيان للعكبري: ٢/ ٦٨٠، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٦٠.
(٤) قال الطبري في تفسيره: (١٥/ ١٤٩، ١٥٠) :«يقول: ثم لا يكون أمركم عليكم ملتبسا مشكلا مبهما. من قولهم: غمّ على الناس الهلال، وذلك إذا أشكل عليهم فلم يتبينوه... ».
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء: ١/ ٤٧٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٨٠، وتفسير الطبري:
١٥/ ١٥٧.
٧٧ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا: تقديره: أتقولون للحق لما جاءكم إن هذا لسحر مبين، أسحر هذا «١» ؟.
٨٣ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ: جماعة كانت أمهاتهم من بني إسرائيل وآباؤهم من القبط «٢».
٨٥ لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً: لا تعذبنا بأيدي آل فرعون فيظن بنا الضلال «٣».
٨٧ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً: وذلك إذ هدم فرعون المساجد وبنى [٤٣/ أ] الكنائس يومئذ/ فأمروا أن يصلوا في بيوتهم».
٨٨ لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ: استفهام «٥»، أي: أليضلوا عن سبيلك
(١) عن معاني القرآن للزجاج: ٣/ ٢٩، ورجحه الطبري في تفسيره: (١٥/ ١٥٥، ١٥٦).
(٢) هذا قول الفراء في معانيه: ١/ ٤٧٦.
وأورده الطبري في تفسيره: ١٥/ ١٦٦، فقال: «وقد زعم بعض أهل العربية... »، ثم عقب عليه بقوله: «والمعروف من معنى «الذرية»، في كلام العرب، أنها أعقاب من نسبت إليه من قبل الرجال والنساء، كما قال الله جل ثناؤه: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ [سورة الإسراء: ٣]، وكما قال: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ، ثم قال بعد:
وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ [سورة الأنعام: ٨٤، ٨٥]، فجعل من كان من قبل الرجال والنساء من ذرية إبراهيم». [.....]
(٣) في معاني القرآن للزجاج: ٣/ ٣٠: «أي لا تهلكنا وتعذبنا فيظن آل فرعون إنا إنما عذّبنا لأننا على ضلال».
ونقل ابن الجوزي في زاد المسير: ٤/ ٥٤، القول الذي ذكره المؤلف عن مجاهد.
وانظر تفسير القرطبي: ٨/ ٣٧٠.
(٤) زاد المسير: ٤/ ٥٤، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٧١.
(٥) لم أقف على قول من قال: إن اللام هنا بمعنى الاستفهام، وذكر الفخر الرازي في تفسيره:
١٧/ ١٥٦ وجها قريبا منه وهو: «أن يكون موسى- عليه السلام- ذكر ذلك على سبيل التعجب المقرون بالإنكار، والتقدير: كأنك آتيتهم ذلك الغرض فإنهم لا ينفقون هذه الأموال إلا فيه، وكأنه قال: آتيتهم زينة وأموالا لأجل أن يضلوا عن سبيل الله، ثم حذف حرف الاستفهام».
ولعل هذا الذي ذكره المؤلف توجيه لقراءة أبي الفضل الرقاشي: «أإنك آتيت» على الاستفهام.
ذكر هذه القراءة الزمخشري في الكشاف: ٢/ ٢٥٠، وأبو حيان في البحر المحيط:
٥/ ١٨٧ وقال أبو حيان: «واللام في لِيُضِلُّوا الظاهر أنها لام «كي»، على معنى: آتيتهم ما آتيتهم على سبيل الاستدراج، فكان الإتيان لكي يضلوا.
ويحتمل أن تكون لام الصيرورة والعاقبة كقوله: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً... ».
أعطيتهم ذلك كله؟.
اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ: أذهب نورها وبهجتها «١».
وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا: خرج على الدعاء من موسى عليهم، ومعناه: فلا آمنوا «٢».
٨٩ وَلا تَتَّبِعانِّ: بتشديد النون وتخفيفها «٣»، وهما نونا التوكيد انكسرت فيهما لمشابهتهما نون «يفعلان» في الخبر بوقوعهما بعد الألف واجتماع ساكنين.
قوله تعالى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ: نلقيك على نجوة «٤» من الأرض بدرعك «٥».
(١) قال الزجاج في معانيه: ٣/ ٣١: «وتأويل تطميس الشيء إذهابه عن صورته والانتفاع به على الحال الأولى التي كان عليها».
وانظر المفردات للراغب: ٣٠٧، وزاد المسير: ٤/ ٥٦، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٧٤.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء: ١/ ٤٧٧، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٢٨١، ومعاني القرآن للزجاج: ٣/ ٣١، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٧٥.
(٣) بتشديد النون قراءة الجمهور وعليها القراء السبعة إلا ابن عامر فقد نقل عنه التخفيف.
ينظر السبعة لابن مجاهد: ٣٢٩، والتبصرة لمكي: ٢٢٠.
(٤) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: ١/ ٢٨١: «نلقيك على نجوة، أي ارتفاع».
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ١٩٩: «والنّجوة والنّبوة: ما ارتفع من الأرض».
(٥) ذكره النحاس في معانيه: ٣/ ٣١٥، ونقل الماوردي في تفسيره: ٢/ ١٩٨ عن أبي صخر قال: كان له درع من حديد يعرف بها».
وقال الأخفش في معاني القرآن: ٢/ ٥٧٤: «وليس قولهم: «إن البدن ها هنا الدرع بشيء ولا له معنى».
وانظر تفسير البغوي: ٢/ ٣٦٧، وزاد المسير: ٤/ ٦٢، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٨٠.
[ فاليوم ننجيك ببدنك ] نلقيك على نجوة١ من الأرض بدرعك٢.
٩٢ [ لتكون لمن خلفك آية ] ليرى قدرة الصادق في الربوبية على الكاذب، ولم ير في الغرقى غير فرعون٣.
١ النجوة: المكان المرتفع من الأرض. لسان العرب مادة "نجا" ج١٥ ص٣٠٥..
٢ قاله أبو صخر. وقال مجاهد: بجسدك، وقال الأحفش: "وليس قولهم إن البدن ها هنا الدرع بشيء، ولا له معنى". انظر جامع البيان ج١١ ص١٦٥، ومعاني القرآن للأخفش ج٢ ص٣٤٨..
٣ انظر البحر المحيط ج٥ ص١٨٩..
لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً: ليرى قدرة الصادق في الربوبية على الكاذب، ولم ير في الغرقى غير فرعون «١».
٩٣ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ: الفرائض والأحكام «٢»، أي:
كانوا على الكفر، فلما جاءهم العلم من جهة الرسول والكتاب اختلفوا فآمن فريق وكفر فريق.
وقيل «٣» : كانوا على الإقرار بمحمد- عليه السّلام- قبل مبعثه بصفته فما اختلفوا حتى جاءهم معلوم العلم به.
٩٤ فَإِنْ كُنْتَ: أيها السامع، فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ: على لسان نبينا فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ.
ومن قال إن الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم فذلك على قسمة الكلام وقضية الخطاب «٤».
(١) ذكره النحاس في معاني القرآن: ٣/ ٣١٥.
(٢) فيكون المراد ببني إسرائيل هنا الذين كانوا قبل موسى عليه السلام ثم عاصروه.
وقد ذكر الفخر الرازي نحو هذا القول في تفسيره: ١٧/ ١٦٥ فقال: «والمراد أن قوم موسى عليه السلام بقوا على ملة واحدة ومقالة واحدة من غير اختلاف حتى قراء التوراة، فحينئذ تنبهوا للمسائل والمطالب ووقع الاختلاف بينهم. ثم بين تعالى أن هذا النوع من الاختلاف لا بد وأن يبقى في دار الدنيا، وأنه تعالى يقضي بينهم يوم القيامة».
(٣) ذكره الفراء في معاني القرآن: ١/ ٤٧٨، والطبري في تفسيره: ١٥/ ١٩٩، ونقله الماوردي في تفسيره: ٢/ ١٩٨ عن ابن بحر وابن جرير الطبري.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٤/ ٦٣ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وانظر المحرر الوجيز: (٧/ ٢١٦، ٢١٧)، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٨١.
(٤) لعله يريد أن الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام، والمراد به غيره من الشاكين وقد ذكر ابن قتيبة هذا القول في تأويل مشكل القرآن: (٢٧٠- ٢٧٢)، ورجحه وقال: «لأن القرآن نزل عليه بمذاهب العرب كلهم، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره، ولذلك يقول متمثلهم: إياك أعني واسمعي يا جارة.
ومثله قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمراد بالوصية والعظة المؤمنون، يدلك على ذلك أنه قال:
وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ولم يقل: «بم تعمل خبيرا»
. ورجح الزجاج هذا القول في معاني القرآن: ٣/ ٣٢، وابن عطية في المحرر الوجيز: ٧/ ٢١٧، والفخر الرازي في تفسيره: ١٧/ ١٦٧.
١٠٠ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ: بعلمه أو بتمكينه وإقداره، وأصل «الإذن» «١» الإطلاق في الفعل «٢».
١٠١ قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: أي: من العبر باختلاف اللّيل والنّهار، ومجرى النجوم والأفلاك، ونتاج الحيوان، وخروج الزرع والثمار، ووقوف السماوات والأرض بغير عمد.
وَما تُغْنِي الْآياتُ: «ما» يجوز نافية «٣»، ويجوز استفهاما، أي: أيّ شيء يغنى عنهم إذا لم يستدلوا بها؟.
١٠٩ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ: يأمرك بالهجرة والجهاد.
(١) في «ج» : على الأصل في الإذن الإطلاق في الفعل.
(٢) التعريفات للجرجاني: ١٦. [.....]
(٣) قال أبو حيان في البحر المحيط: ٥/ ١٩٤: «و «ما» الظاهر أنها للنفي، ويجوز أن تكون استفهاما، أي: وأيّ شيء تغني الآيات، وهي الدلائل، وهو استفهام على جهة التقرير، وفي الآية توبيخ لحاضري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المشركين».
وانظر المحرر الوجيز: ٧/ ٢٢٦، وتفسير الفخر الرازي: ١٧/ ١٧٧، والتبيان للعكبري:
٢/ ٦٨٦، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٨٦، والدر المصون: ٦/ ٢٧١.
Icon