تفسير سورة العصر

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة العصر من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة العصر، وهي ثلاث آيات.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ والعصر ﴾، أي : الدهر، أو بصلاة العصر، أو بوقته.
﴿ إن الإنسان ﴾ : كلهم، ﴿ لفي خسر١، في مساعيهم.
١ اعلم أن هذه الآية كالتنبيه على أن الأصل في الإنسان أن يكون في الخسران، والخيبة، وتقرير أن سعادة الإنسان في حب الآخرة، والإعراض عن الدنيا، ثم إن الأسباب الداعية إلى حب الآخرة خفية، وإن الأسباب الداعية إلى حب الدنيا ظاهرة، وهي الحواس الخمس، والشهوة، والغضب، فلهذا السبب صار أكثر الخلق مشتغلين بحب الدنيا، مستغرقين في طلبها، فكانوا في الخسران والبوار/١٢ كبير..
﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾، فإنهم فازوا، وربحوا ؛ لأنهم اشتروا الآخرة الباقية بالدنيا الفانية، ﴿ وتواصوا ﴾ : أوصى بعضهم بعضا، ﴿ بالحق ﴾ : بالقرآن أو بما هو الخير، ﴿ وتواصوا بالصبر١ : على المصائب، أو عن المعاصي، يعني : يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحكى عن بعض الأكابر أنه قال : فهمت معنى سورة ﴿ والعصر ﴾ عن بائع ثلج، يقول : ارحموا على من رأس ماله يذوب٢
اللهم وفقنا لمرضاتك٣.
١ هذه الآية وعيد شديد، وذلك لأنه تعالى حكم بالخسارة على جميع الناس إلا من كان آتيا بهذه الأشياء وهي الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فدل ذلك على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور/١٢ كبير..
٢ أي أنه تأمل كلام هذا الرجل فقاس خسران الإنسان بذهاب عمره هباء الذي هو رأس ماله بذهاب رأس مال هذا الرجل هباء وهو الثلج، وهذه النكتة مناسبة حدا لإقسامه سبحانه بالعصر، ففيه إشارة إلى قيمة الوقت والزمن الذي هو رأس مال الإنسان..
٣ وفي النسخة (ن): بإرضائك..
Icon