تفسير سورة الهمزة

الدر المصون
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون المعروف بـالدر المصون .
لمؤلفه السمين الحلبي . المتوفي سنة 756 هـ

قوله: ﴿هُمَزَةٍ﴾ : أي: كثيرُ الهَمْزِ، وكذلك «اللُّمَزَة» الكثيرُ اللَّمْزِ. وتقدَّم معنى الهَمْزِ في ن، واللَّمْزِ في براءة. والعامَّةُ على فتحِ ميمِها على أنَّ المرادَ الشخصُ الذي كَثُرَ منه ذلك الفعلُ. قال زياد الأعجم:
٤٦٤٠ - تُدْلِي بِوْدِّيْ إذا لا قَيْتَني كَذِباً وإنْ أُغَيَّبْ فأنتَ الهامِزُ اللُّمَزَةْ
وقرأ الباقر بالسكون، وهو الذي يَهْمِزُ وَيَلْمِزُ، أي: يأتي بما يَهْمِزُ به ويَلْمِزُ كالضُّحَكَة لِمَنْ يَكْثُرُ ضَحِكُه، والضُّحْكة لِمَنْ يأتي بما
105
يُضْحَكُ منه. وهو مُطَّرِدٌ، أعني أنَّ فُعَلَة بفتح العين لمَنْ يَكْثُرُ منه الفِعْلُ، وبسكونِها لمَنْ يكونُ الفعلُ بسببه.
106
قوله: ﴿الذى جَمَعَ﴾ : يجوزُ جرُّه بدلاً، ونصبُه ورفعُه على القطع. ولا يجوزُ جَرُّه نعتاً ولا بياناً لتغايُرِهما تعريفاً وتنكيراً. وقولُه: «جَمَعَ» قرأ الأخَوان وابن عامر بتشديدِ الميم على المبالغةِ والتكثيرِ، ولأنَّه يوافِقُ «عَدَّدَه» والباقون «جمَعَ» مخففاً وهي محتمِلَةٌ للتكثيرِ وعدمِه.
قوله: «وعَدَّدَه» العامَّةُ على تثقيل الدالِ الأول، وهو أيضاً للمبالغةِ. وقرأ الحسن والكلبُّي بتخفيفِها. وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّ المعنى: جَمَعَ مالاً وعَدَدَ ذلك المالَ، أي: وجَمَعَ عَدَدَه، أي: أحصاه. والثاني: أنَّ المعنى: وجَمَعَ عَدَدَ نفسِه مِنْ عَشِيرَتِهِ وأقاربِه، و «عَدَدَه» على هَذَيْنِ التأويلَيْنِ اسمٌ معطوفٌ على «مالاً» أي: وجَمَعَ عَدَدَ المالِ أو عَدَدَ نفسِه. الثالث: أنَّ «عَدَدَه» فعلٌ ماضٍ بمعنى عَدَّه، إلاَّ أنَّه شَذَّ في إظهارِه كما شَذَّ في قولِه:
٤٦٤١ -......................
106
إني أَجُوْدُ لأَِقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا
107
قوله: ﴿يَحْسَبُ﴾ : يجوزُ أَنْ تكونَ مستأنفةً، وأنْ تكونَ حالاً مِنْ فاعل «جَمَعَ» و «أَخْلَدَه» يعني يُخْلِدُه، فأوقع الماضيَ موقعَ المضارعِ. وقيل: هو على أصلِه، أي: أطال عُمْرَه.
قوله: ﴿لَيُنبَذَنَّ﴾ : جوابُ قسمٍ مقدرٍ. وقرأ عليُّ رضي الله عنه والحسن بخلافٍ عنه وابنُ محيصن وأبو عمروٍ في روايةٍ «ليُنْبَذانِّ» بألفِ التثنيةِ، أي: ليُنْبَذانِّ، أي: هو ومالُه. وعن الحسن أيضاً: «لَيُنْبَذُنَّ» بضمِّ الذالِ، وهو مُسْنَدٌ لضميرِ جماعةٍ، أي: لنَطْرَحَنَّ الهُمَزَةَ وأنصارَه.
والحُطَمَةُ: الكثيرُ الحَطْمِ. يقال: رجلٌ حُطَمَةٌ، أي: أَكُولٌ وحَطَمْتُه: كَسَرْتُه. والحُطام منه قال:
٤٦٤٢ - قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ... وقال آخر:
107
قوله: «نارُ الله»، أي: هي نارُ الله.
108
قوله :" نارُ الله "، أي : هي نارُ الله.
قوله: ﴿التي تَطَّلِعُ﴾ يجوزَ أَنْ تكونَ تابعةً ل «نارُ الله»، وأَنْ تكونَ مقطوعةً...
قوله: ﴿فِي عَمَدٍ﴾ : قرأ الأخَوان وأبو بكر بضمتين جمعَ «عَمُود» نحو: «رَسُول ورُسُل». وقيل: جمعُ عِماد نحو: كِتاب وكُتُب. ورُوي عن أبي عمروٍ الضمُّ والسكونُ، وهو تخفيفٌ لهذهِ القراءةِ. والباقون «عَمَد» بفتحتَيْن. فقيل: اسمُ جَمْعٍ لعَمود. وقيل: بل هو جمعٌ له، قال الفراء: كأَدِيْم وأَدَم «وقال ابو عبيدة:» هو جمعُ عِماد «و» في عَمَدٍ «يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ الضميرِ في» عليهم «، أي: مُوْثَقِين، وأَنْ يكونَ خبراً لمبتدأ مُضمرٍ، أي: هم في عَمَدٍ، وأَنْ يكونَ صفةٌ لمُؤْصَدَة، قال أبو البقاء» يعني: فتكون النارُ داخلَ العَمَدِ «.
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
٤٦٤٣ - إنَّا حَطَمْنا بالقضيبِ مُصْعَباً يومَ كسَرْنا أَنْفَه لِيَغْضَبا