تفسير سورة المؤمنون

الدر المنثور
تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :« كان إذا نزل على رسول الله صلى الله وعليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسري عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه فقال : اللهم زدنا ولا تُنْقِِِِِِِِصْنَا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا ارضنا، ثم قال : لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر ».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة، كيف كان خلق رسول الله صلى الله وعليه وسلم؟ قالت : كان خلقه القرآن. ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنون ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ فقرأ حتى بلغ العشر فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله وعليه وسلم «.
واخرج ابن عدي والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس قال : قال رسول الله ﷺ »
خلق الله جنة عدن، وغرس أشجارها بيده وقال لها : تكلمي. فقالت ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ «.
وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه من حديث ابن عباس مثله.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ قال : قال كعب : لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة : خلق آدم بيده، والتوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده ثم قال : تكلمي.. فقالت :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ لما علمت فيها من الكرامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لما غرس الله الجنة نظر إليها فقال :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : لما خلق الله الجنة قال ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ وأنزل الله به قرآناً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ يعني : سعد المصدقون بتوحيد الله.
وأخرج عبد بن حميد عن طلحة بن مصرف أنه كان يقرأ ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ برفع أفلح.
وأخرج عن عاصم أنه قرأ بنصب ( أفلح ).
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ قال : فازوا وسعدوا. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول لبيد :
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله وعليه وسلم كان إذا صلى يرفع بصره إلى السماء، فنزلت ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في مراسيله وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من وجه آخر عن ابن سيرين قال :« كان النبي صلى الله وعليه وسلم إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا يميناً وشمالاً، فنزلت ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ فحنى رأسه ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال :« كان أصحاب رسول الله ﷺ يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ويلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ فقالوا برؤوسهم، فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً ولا شمالاً ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال « كان رسول الله ﷺ ربما ينظر إلى الشيء في الصلاة فرفع بصره حتى نزلت آية، إن لم تكن هذه فلا أدري ما هي ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ فوضع رأسه ».
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي ﷺ « كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه ».
وأخرج ابن مردوية عن ابن عمر في قوله ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ قال : كانوا إذا قاموا في الصلاة اقبلوا على صلاتهم، وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، وعلموا أن الله يقبل عليهم فلا يلتفتون يميناً ولا شمالاً.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن علي أنه سئل عن قوله ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وإن تلين كنفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ قال : خائفون، ساكنون.
وأخرج الحكيم الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله ﷺ « تعوذوا بالله من خشوع النفاق. قالوا يا رسول الله وما خشوع النفاق؟ قال : خشوع البدن، ونفاق القلب ».
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : استعيذوا بالله من خشوع النفاق.
184
قيل له : وما خشوع النفاق؟ قال : إن ترى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : الخشوع في القلب هو الخوف، وغض البصر في الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جريرعن إبراهيم ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب. وقال : ساكتون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ قال : كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا لذلك الجناح.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهزي ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ قال : هو سكون المرء في صلاته.
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : الخشوع في الصلاة السكوت فيها.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن مجاهد عن عبدالله بن الزبير. أنه كان يقوم للصلاة كأنه عود، وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل ذلك. وقال مجاهد : هو الخشوع في الصلاة.
واخرج الحكيم الترمذي من طريق القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان والدة عائشة قالت : رآني أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتميل في صلاتي، فزجرني زجرة كدت أنصرف من صلاتي قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« إذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه، لا يتميل تميل اليهود فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة ».
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ « أنه رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته فقال : لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه ».
وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة قال : سألت مسلم بن يسار عن الخشوع في الصلاة فقال : تضع بصرك حيث تسجد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت :« سألت رسول الله ﷺ عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنه قال في مرضه « اقعدوني، اقعدوني، فإن عندي وديعة أودعتها رسول الله ﷺ قال : لا يلتفت أحدكم في صلاته، فإن كان لا بد فاعلاً ففي غير ما افترض الله عليه ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق عطاء قال « سمعت أبا هريرة يقول : إذا صليت فإن ربك أمامك وأنت مناجيه فلا تلتفت. قال عطاء : وبلغني أن الرب يقول : يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ أنا خير لك ممن تلتفت إليه ».
185
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : إياكم والالتفات في الصلاة فإنه لا صلاة للملتفت، وإذا غلبتم على تطوع فلا تغلبوا على المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : إن الله لا يزال مقبلاً على العبد ما دام في صلاته ما لم يحدث، أو يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبدالله بن منقذ قال : إذا قام الرجل إلى الصلاة أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت أعرض عنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : إذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ما لم يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال : إن من تمام الصلاة أن لا تعرف من عن يمينك ولا من عن شمالك.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير بن عوف بن مالك أن رسول الله ﷺ « نظر إلى السماء يوماً فقال : هذا أوان ما يرفع العلم، فقال له رجل من الأنصار يقال له ابن لبيد : يا رسول الله، كيف يرفع وقد أثبت في الكتب، ووعته القلوب؟ فقال : إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة، ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله قال : فلقيت شداد بن أوس فحدثته فقال : صدق عوف ألا أخبرك بأول ذلك. قلتُ : بلى. قال : الخشوع حتى لا ترى خاشعاً ».
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال « كنا مع رسول الله ﷺ فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء فقال زياد بن لبيد : يا رسول الله وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نساءنا وآباءنا فقال : ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذا التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا يغني عنهم، فلقيت عبادة بن الصامت فقلت له : ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ وأخبرته. فقال صدق وإن شئت لأحَدِّثَنَّكَ بأول علم يرفع من الناس، الخشوع. يوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحاكم وصححه عن حذيفة قال : أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة. ولَتَنْقُضَنَّ عُرا الإسلام عروة عروة، ولْيُصَلِّيَنَّ النساء وهن حيض، ولَتَسْلُكَنَّ طريق من كان قبلكم حذو القِذة بالقذة، وحذو النعل بالنعل، لا تخطو طريقهم ولا تخطىء بكم حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة تقول إحداهما : ما بال الصلاة الخمس، لقد ضل من كان قبلنا إنما قال الله ﴿ أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل ﴾ [ هود : ١٤٤ ] لا تصلوا إلا ثلاثاً. وتقول الأخرى : إنما المؤمنون بالله كإيمان الملائكة لا فينا كافر ولا منافق حق على الله أن يحشرهما مع الدجال.
186
وأخرج أحمد عن أبي اليسر أن رسول الله ﷺ قال :« منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر ».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن ماجة عن جابر بن سمرة قال :« قال رسول الله ﷺ : لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أنس بن مالك « أن النبي ﷺ قال : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد في ذلك حتى قال : لينتهن عن ذلك أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارُهم ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : أما يخشى أحدكم إذا رفع بصره إلى السماء أن لا يرجع إليه بصره يعني وهو في الصلاة.
187
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ والذين هم عن اللغو معرضون ﴾ قال : الباطل.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله ﴿ والذين هم عن اللغو ﴾ قال : عن المعاصي.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة في قوله ﴿ والذين هم عن اللغو معرضون ﴾ قال : أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم عن الباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ والذين هم للزكاة فاعلون ﴾ يعني : الأموال ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون ﴾ يعني : الفواحش ﴿ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ يعني. ولائدهم ﴿ فإنهم غير ملومين ﴾ قال : لا يلامون على جماع أزواجهم وولائدهم ﴿ فمن ابتغى وراء ذلك ﴾ يعني : فمن طلب الفواحش بعد الأزواج والولائد طلب مالم يحل ﴿ فأولئك هم العادون ﴾ يعني : المعتدين في دينهم ﴿ والذين هم لأماناتهم ﴾ يعني : بهذا ما ائتمنوا عليه فيما بينهم وبين الناس ﴿ وعهدهم ﴾ قال : يوفون العهد ﴿ راعون ﴾ قال : حافظوْن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ إلا على أزواجهم ﴾ يعني. إلا من امرأته ﴿ أو ما ملكت أيمانهم ﴾ قال : أمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : كل فرج عليك حرام إلا فرجين. قال الله ﴿ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ﴾ يقول : من تعدى الحلال أصابه الحرام.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن في قوله ﴿ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ﴾ قال : الزنا.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة قال : سئلت عائشة عن متعة النساء فقالت : بيني وبينكم كتاب الله وقرأت ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا.
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال : إني لا أرى تحريمها في القرآن، ثم تلا ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال : تسرت امرأة غلاماً لها فذكرت لعمر رضي الله عنه فسألها : ما حملك على هذا؟ فقالت : كنت أرى أنه يحل لي ما يحل للرجل من ملك اليمين. فاستشار عمر رضي الله عنه فيها أصحاب النبي ﷺ فقالوا : تأولت كتاب الله غير تأويله. فقال عمر : لا جرم، والله لا أُحِلُّكِ لحر بعده أبداً. كأنه عاقبها بذلك ودرأ الحد عنها، وأمر العبد أن لا يقربها.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي بكر بن عبدالله أنه سمع أباه يقول : حضرت عمر بن عبد العزيز جاءته إمرأة من العرب بغلام لها رومي فقالت : إني استسريته فمنعني بنو عمي، وإنما أنا بمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها، فأبى علي بنو عمي فقال لها عمر : أتزوجت قبله؟ قالت : نعم.
188
قال : أما والله لولا منزلتك من الجهالة لرجمتك بالحجارة.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أحلت جاريتها لزوجها فقال : لا يحل لك أن تطأ فرجاً إلا فرجاً، إن شئت بعت، وإن شئت وهبت، وإن شئت أعتقت.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن وهب قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : إن أمي كانت لها جارية وأنها أحلتها إلي أطوف عليها. فقال : لا تحل لك إلا أن تشتريها أو تهبها لك.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : إذا أحلت امرأة الرجل، أو ابنته، أو أخته، له جاريتها فليصبها وهي لها.
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس أنه قال : هو أحل من الطعام، فإن ولدت فولدها للذي أحلت له، وهي لسيدها الأول.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : كان يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه، وابنه، وأخيه، وأبيه، والمرأة لزوجها، ولقد بلغني أن الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : الفرج لا يعار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : لا يعار الفرج.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ والذين هم على صلواتهم يحافظون ﴾ قال : أي على وضوئها، ومواقيتها، وركوعها، وسجودها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن مسروق قال : ما كان في القرآن ﴿ يحافظون ﴾ فهو على مواقيت الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن ﴿ الذين هم على صلاتهم دائمون ﴾ [ المعارج : ٢٣ ] ﴿ والذين هم على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذاك على مواقيتها. قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها الكفر.
واخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله ﴿ والذين هم على صلواتهم يحافظون ﴾ قال : المكتوبة. والذي في سأل، التطّوع.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله ﴿ والذين هم على صلواتهم يحافظون ﴾ قال : على المكتوبة.
189
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله ﴿ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله.
وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ « ما منكم من أحد إلا وله منزلان، منزل في الجنة، ومنزل في النار. فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله ﴿ أؤلئك هم الوارثون ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد عن أنس أن الربيع بنت النضر أتت رسول الله ﷺ وكان ابنها الحارث بن سراقة أصيب يوم بدر أصابه سهم غرب فقالت : أخبرني عن حارثة فإن كان أصاب الجنة احتسبت وصبرت، وإن كان لم يصب الجنة اجتهدت في الدعاء؟ فقال النبي ﷺ :« يا أم حارثة انها جنان في جنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى، والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها ».
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴾ قال بدء آدم خلق من طين ﴿ ثم جعلناه نطفة ﴾ قال : ذرية آدم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴾ قال : هو الطين إذا قبضت عليه خرج ماؤه من بين أصابعك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة ﴾ قال : استل استلالاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ من سلالة ﴾ قال : السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ من سلالة ﴾ قال : من مني آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : الإنسان خلق من طين، وإنما تلين القلوب في الشتاء.
وأخرج عبد الزراق وابن جرير عن قتادة في الآية قال : استل آدم من طين، وخلقت ذريته من ماء مهين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة.
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس مرفوعاً « النطفة التي يخلق منها الولد ترعد لها الأعضاء والعروق كلها، إذا خرجت وقعت في الرحم ».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : سألنا ابن عباس عن العزل فقال : اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني واخبروني، فسألوا ثم اخبروه أنهم قالوا أنها الموءودة الصغرى وتلا هذه الآية ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة ﴾ حتى فرغ منها، ثم قال : كيف تكون من الموءودة حتى تمر على هذه الخلق؟.
وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن عزل النساء فقال : ذلك الوأد الخفي.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال في العزل : هي الموءودة الخفية.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ﴿ فخلقنا المضغة عظاماً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ « فخلقنا المضعة عظماً فكسونا العظام لحماً ».
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ « فخلقنا المضغة عظما » بغير ألف « فكسونا العظم » على واحده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : جعل فيه الروح.
191
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وعكرمة مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ﴿ ثم أشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الأسنان، والشعر، قيل أليس قد يولد وعلى رأسه الشعر؟ قال : فأين العانة والإِبط؟.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : نزلت هذه الآية على النبي ﷺ ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴾ إلى قوله ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ فقال « والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت يا عمر ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : قال عزير : يارب أمرت الماء فجمد في وسط الهواء فجعلت منه سبعاً وسميتها السموات، ثم أمرت الماء ينفتق على التراب، وأمرت التراب أن يتميز من الماء فكان كذلك، فسميت ذلك جميع الأرضين وجميع الماء البحار، ثم خلقت من الماء أعمى عين بصرته، ومنها أصم آذان أسمعته، ومنها ميت أنفس أحييته، خلقت ذلك بكلمة واحدة، منها ما عيشه الماء ومنها ما لا صبر له على الماء خلقاً مختلفاً في الأجسام والألوان، جنسته أجناساً، وزوجته أزواجاً، وخلقت أصنافاً، وألهمته الذي خلقته، ثم خلقت من التراب والماء دواب الأرض وماشيتها وسباعها ﴿ فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ﴾ [ النور : ٤٥ ] ومنهم العظم الصغير ثم وعظته بكتابك وحكمتك، ثم قضيت عليه الموت لا محالة. ثم أنت تعيده كما بدأته وقال عزير : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك، ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد تسقى بماء واحد، فجاء على مشيئتك، ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد تسقى بماء واحد، فجاء على مشيئتك مختلفاً أكله ولونه وريحه وطعمه، منه الحلو، ومنه الحامض، والمر، والطيب ريحه، والمنتن، والقبيح، والحسن، وقال عزير : يارب إنما نحن خلقك وعمل يديك، خلقت أجسادنا في أرحام أمهاتنا، وصورتنا كيف تشاء بقدرتك. جعلت لنا أركاناً، وجعلت فيها عظاماً، وفتقت لنا أسماعاً وأبصاراً، ثم جعلت لنا في تلك الظلمة نوراً، وفي ذلك الضيق سعة، وفي ذلك الفم روحاً، ثم هيأت لنا من فضلك رزقاً متفاوتاً على مشيئتك، لم تأن في ذلك مؤنة ولم تعي منه نصباً، كان عرشك على الماء، والظلمة على الهواء، والملائكة يحملون عرشك ويسبحون بحمدك، والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يرى فيه نور إلا نورك، ولا يسمع فيه صوت إلا سمعك، ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلاً ونهاراً يختلفان بأمرك.
وأخرج بن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : خلق الله آدم كما شاء ومما شاء، فكان كذلك ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ خلق من التراب والماء، فمنه شعره ولحمه ودمه وعظامه وجسده، فذلك بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم، ثم جعلت فيه النفس فيها يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدواب، ويتقي ما تتقي ثم جعلت فيه الروح، فيه عرف الحق من الباطل، والرشد من الغي، وبه حذر وتقدم واستتر وتعلم ودبر الأمور كلها فمن التراب يبوسته، ومن الماء رطوبته، فهذا بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم كما أحب أن يكون، ثم جعلت فيه من هذه الفطر الأربع أنواعاً من الخلق أربعة في جسد ابن آدم، فهي قوام جسده وملاكه بإذن الله وهي : الْمِرَّةُ السوداء، والْمِرَّةُ الصفراء، والدم، والبلغم، فيبوسته وحرارته من النفس ومسكنها في الدم، وبرودته من قبل الروح ومسكنه في البلغم، فإذا اعتدلت هذه الفطر في الجسد فكان من كل واحد ربع كان جسداً كاملاً، وجسماً صحيحاً، أو إن كثر واحد منها على صاحبه قهرها وعلاها وأدخل عليها السقم من ناحيته، وإن قل عنها وأخذ عنها غلبت عليه وقهرته ومالت به وضعفت عن قوتها وعجزت عن طاقتها وأدخل عليها السقم من ناحيته، فالطبيب العالم بالداء يعلم من الجسد حيث أتي سقمه، أمن نقصان أم من زيادة.
192
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : إذا نمت النطفة أربعة أشهر بعث إليها ملك فنفح فيها الروح في الظلمات الثلاث، فذلك قوله ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ يعني نفخ الروح فيه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ يقول : خرج من بطن أمه بعد ما خلق فكان من بدء خلقه الآخر أن استهل، ثم كان من خلقه أن دله على ثدي أمه، ثم كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه إلى أن قعد، إلى أن حبا، إلى أن قام على رجليه، إلى أن مشى، إلى أن فطم، تعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام، إلى أن بلغ الحلم، إلى أن بلغ أن يتقلب في البلاد.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : يقول بعضهم هو نبات الشعر، وبعضهم يقول : هو نفخ الروح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ قال : يصنعون، ويصنع الله والله خير الصانعين.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ قال : عيسى ابن مريم يخلق.
وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع. قلت : يا رسول الله لو صليت خلف المقام. فأنزل الله ﴿ واتخذوا من مقام إبراهيم مُصَلَّى ﴾
193
[ البقرة : ١٢٥ ] وقلت : يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البر والفاجر. فأنزل الله ﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبي ﷺ : لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجاً خيراً منكن. فأنزلت ﴿ عسى ربه إن طلقكن ﴾ [ التحريم : ٥ ]. ونزلت ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴾. إلى قوله ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾.
وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى عليّ رسول الله ﷺ هذه الآية ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴾ إلى قوله ﴿ خلقاً آخر ﴾ فقال معاذ بن جبل فتبارك الله أحسن الخالقين، فضحك رسول الله ﷺ فقال له معاذ : ما أضحكك يا رسول الله؟ قال : إنها ختمت ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾.
194
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ﴾ قال : السموات السبع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وما كنا عن الخلق غافلين ﴾ قال : لو كان الله مغفلاً شيئاً أغفل ما تسفي الرياح من هذه الآثار يعني الخطا.
أخرج ابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال :« أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار : سيحون، وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة، والفرات وهما نهرا العراق، ونهر مصر. أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة، من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل فاستودعها الجبال، وأجرها إلى الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم. فذلك قوله ﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل فيرفع من الأرض القرآن والعلم كله، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء. فذلك قوله ﴿ وإنا على ذهاب به لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عطاف قال : إن الله أنزل أربعة أنهار : دجلة، والفرات، وسيحون، وجيحون، وهو الماء الذي قال الله :﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه ﴿ فأنشأنا لكم به جنات ﴾ قال : هي البساتين.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ من طور سيناء ﴾ قال : هو الجبل الذي نودي منه موسى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وشجرة تخرج ﴾ قال : هي الزيتون من ﴿ طور سيناء ﴾ قال : جبل حسن ﴿ تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ﴾ قال : جعل الله فيها دهناً وأدماً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ من طور سيناء ﴾ قال : المبارك ﴿ تنبت بالدهن ﴾ قال : تثمر الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس ﴿ وشجرة تخرج من طور سيناء ﴾ قال : هي الزيتون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه ﴿ وشجرة ﴾ قال : هي شجرة الزيتون تنبت بالزيت فهو دهن يدهن به، وهو صبغ للآكلين يأكله الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي رضي الله عنه قال : سيناء اسم الأرض.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الطور، الجبل، وسينا، الحجارة. وفي لفظ وسينا، الشجر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي ﴿ طور سيناء ﴾ قال : جبل ذو شجر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ تنبت بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
وأخرج ابن جرير وابن حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ﴾ قال : يتادمون به، ويصبغون به.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ « من طور سيناء » بنصب السين ممدودة مهموزة الألف « تنبت » بنصب التاء ورفع الباء.
وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن عبد الملك أنه كان يقرأ « تنبت بالدهن » بنصب التاء ورفع الباء.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وإن لكم في الأنعام ﴾ قال : الابل، والبقر، والضأن، والمعز، ﴿ ولكم فيها منافع ﴾ قال : ما تنتج ومنها مركب ولبن ولحم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله ﴿ وعلى الفلك ﴾ قال : السفن.
أخرج ابن جرير عن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فاسلك فيها ﴾ الآية. يقول : اجعل معك في السفينة من كل زوجين إثنين.
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ « أنزلني منزلاً » بنصب الميم وخفض الزاي.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وقل ربي انزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ﴾ قال : يعلمكم كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم، أما عند الركوب ﴿ فسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ﴾ [ الزخرف : ١٣ ] و ﴿ بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ﴾ [ هود : ٤١ ] وعند النزول ﴿ رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ﴾.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ﴾ قال : أي ابتلى الناس قبلكم.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ﴿ قرناً ﴾ قال : أمة.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ هيهات هيهات ﴾ قال : بعيد بعيد.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ هيهات لما توعدون ﴾ قال : تباعد ذلك في أنفسهم يعني. البعث بعد الموت.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فجعلناهم غثاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ فجعلناهم غثاء ﴾ قال : هو الشيء البالي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فجعلناهم غثاء ﴾ قال : كالرميم الهامد الذي يحتمل السيل ثمود احتملوا كذلك.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ثم أرسلنا رسلنا تترى ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على أثر بعض.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد وقتادة رضي الله عنه مثله والله أعلم.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ وكانوا قوماً عالين ﴾ قال : علوا على رسلهم، وعصوا رسلهم، ذلك علوهم. وقرأ ﴿ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ﴾ [ القصص : ٨٣ ].
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وجعلنا ابن مريم وأمه آية ﴾ قال : ولدته مريم من غير أب هو له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله ﴿ وجعلنا ابن مريم وأمه آية ﴾ قال : عبرة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه ﴿ وآويناهما ﴾ قال : عيسى وأمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وآويناهما ﴾ قال : عيسى وأمه حين أويا إلى الغوطة وما حولها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ الآية. قال :﴿ الربوة ﴾ المستوى ﴿ والمعين ﴾ الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله ﴿ قد جعل ربك تحتك سَرياًّ ﴾ [ مريم : ٢٤ ].
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهي أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذات قرار ﴾ ذات خصب ﴿ ومعين ﴾ ماء ظاهر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ إلى ربوة ﴾ قال : مستوية ﴿ ذات قرار ومعين ﴾ قال : ماء جار.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال ﴿ الربوة ﴾ المكان المرتفع وهو لبيت المقدس ﴿ والمعين ﴾ الماء الظاهر.
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : كنا نحدث أن الربوة بيت المقدس ﴿ ذات قرار ﴾ ذات ثمر كثير ﴿ ومعين ﴾ ماء جار.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي مصر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : وليس الربى إلى بمصر.
والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى لولا الربى لغرقت تلك القرى.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن مسلم رضي الله عنه ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي الإسكندرية.
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن عيسى ابن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلاً حتى بلغ ما يبلغ الغلمان الذي أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان، فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه إلى رجل يعلمه كما يعلم الغلمان فلا يعلمه شيئاً إلا بدره عيسى إلى علمه قبل أن يعلمه إياه فعلمه أبا جاد فقال عيسى : ما أبو جاد؟ قال المعلم : لا أدري. فقال عيسى : كيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم : إذن فعلمني.
207
فقال له عيسى : فقم من مجلسك فقَام. فجلس عيسى مجلسه فقال : سلني؟ فقال المعلم : ما أبو جاد؟ فقال عيسى : ألف، آلاء الله باءِ بهاء الله، جيم بهجة الله وجماله، فعجب المعلم فكان أول من فسر أبا جاد عيسى عليه السلام، وكان عيسى يرى العجائب في صباه إلهاماً من الله، ففشا ذلك اليهود وترعرع عيسى فهمت به بنو إسرائيل فخافت أمه عليه، فأوحى الله إليها : أن تنطلق به إلى أرض مصر فذلك قوله ﴿ وجعلنا ابن مريم وأمه آية ﴾ فسئل ابن عباس : ألا قال آيتان، وهما آيتان : فقال ابن عباس : إنما قال آية، لأن عيسى من آدم ولم يكن من أب لم يشاركها في عيسى أحد فصار ( آية واحدة ) ﴿ وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ﴾ قال : يعني أرض مصر.
وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي في فضائل النبوّة وابن عساكر بسند صحيح عن ابن عباس في قوله ﴿ إلى ربوة ﴾ قال : أنبئنا بأنها دمشق.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام في قوله :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي دمشق.
وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن سخبرة الصحابي قال : دمشق هي الربوة المباركة.
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أبي أمامة عن النبي ﷺ أنه تلا هذه الآية ﴿ وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ﴾ « قال : أتدرون أين هي؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : هي بالشام بأرض يقال لها الغوطة، مدينة يقال لها دمشق هي خير مدن الشام ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن المسيب ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي دمشق.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن عساكر عن مرة البهزي سمعت رسول الله ﷺ يقول :« الرملة الربوة ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم وابن عساكر عن أبي هريرة في قوله ﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي الرملة في فلسطين، وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً.
وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر من طرق عن الأقرع بن شفي العكي رضي الله عنه قال « دخل عليَّ النبي ﷺ في مرض يعودني فقلت : لا أحسب إلا أني ميت من مرضي. قال :» كلا لتبقين، ولتهاجرن منها إلى أرض الشام وتموت وتدفن بالربوة من أرض فلسطين. فمات في خلافة عمر رضي الله عنه ودفن في بالرملة «.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة عن الحسن في قوله ﴿ وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ﴾ قال : هي أرض ذات أشجار وأنهار يعني أرض دمشق. وفي لفظ قال : ذات ثمار وكثرة ماء هي دمشق.
208
أخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ « يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ﴿ واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم ﴾ وقال ﴿ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ﴾ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي من الحرام، يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب، فأنى يستجاب لذلك ».
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس أنها « بعثت إلى النبي ﷺ بقدح لبن عند فطره وهو صائم، فرد إليها رسولها، أنى لك هذا اللبن؟ قالت : من شاة لي. فرد إليها رسولها، انى لك الشاة؟ فقالت : اشتريتها من مالي. فشرب منه. فلما كان من الغد أتته أم عبد الله فقالت : يا رسول الله بعثت إليك بلبن فرددت إلي الرسول فيه فقال لها : بذلك أُمِرَتْ الرسل قبلي أن لا تأكل إلا طيباً ولا تعمل إلا صالحاً ».
وأخرج عبدان في الصحابة عن حفص بن أبي جبلة « عن النبي ﷺ في قوله تعالى ﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ﴾ الآية. قال : ذاك عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمه » مرسل حفص تابعي.
وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري مثله موقوفاً عليه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحيلة عن أبي ميسرة عن عمر بن شرحبيل في قوله ﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ﴾ قال : كان عيسى ابن مريم عليه السلام يأكل من غزل أمه.
وأخرج البيهقي في الشعب عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن عبد الوهاب بن أبي حفص قال : أمسى داود عليه السلام صائماً، فلما كان عند إفطاره أتى بشربة لبن فقال : من أين لكم هذا اللبن؟ قالوا : من شاتنا. قال : ومن أين ثمنها؟ قالوا : يا نبي الله من أين تسأل؟ قال : إنا معاشر الرسل أُمِرْنا أن نأكل من الطيبات ونعمل صالحاً.
وأخرج الحكيم الترمذي عن حنظلة قال : قال رسول الله ﷺ « ما جاءني جبريل إلا أمرني بهاتين الدعوتين. اللهم ارزقني طيباً، واستعملني صالحاً ».
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ﴾ قال : هذه للرسل ثم قال للناس عامة و ﴿ إن هذه أمتكم أمة واحدة ﴾ [ الأنبياء : ٩٢ ] يعني. دينكم دين واحد.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا ﴾ قال : كتباً قال : وقال الحسن : تقطعوا كتاب الله بينهم فحرفوه وبدلوه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا ﴾ قال : كتب الله، حيث فرقوها قطعاً ﴿ كل حزب ﴾ يعني : كل قطعة، وهؤلاء أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد ﴿ فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا ﴾ قال : هذا ما اختلفوا فيه من الأديان ﴿ كل حزب ﴾ كل قوم ﴿ بما لديهم فرحون ﴾ معجبون برأيهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ فذرهم في غمرتهم ﴾ قال : في ضلالتهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ فذرهم في غمرتهم ﴾ قال : في ضلالتهم ﴿ حتى حين ﴾ قال : الموت.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل ﴿ فذرهم في غمرتهم حتى حين ﴾ قال : يوم بدر.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ أيحسبون ﴾ قال : قريش. ﴿ إنما نمدهم به ﴾ قال : نعطيهم ﴿ من مال وبنين، نسارع لهم في الخيرات ﴾ نزيد لهم في الخير بل نملي لهم في الخير ولكن لا يشعرون.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين، نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ قال : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم، فلا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبروهم بالإِيمان والعمل الصالح.
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قرأ « نسارع لهم في الخيرات ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن الحسن؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك، فأخذ عمر سواريه فرمى بهما إلى سراقة، فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغتا منكبيه فقال : الحمد لله سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم، أَعرابي من بني مدلج. ثم قال : اللهم إني قد علمت أن رسولك قد كان حريصاً على أن يصيب ما لا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظراً منك وخياراً، اللهم إني أعوذ بك أن يكون هذا مكراً منك بعمر ثم تلا ﴿ أيحسبون أَنما نمدهم به من مال وبنين، نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ميسرة قال : أجد فيما أنزل الله على موسى، أيفرح عبدي المؤمن أن ابسط له الدنيا وهو أبعد له مني، أو يجزع عبدي المؤمن أن أقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني، ثم تلا ﴿ أيحسبون أَنما نمدهم به من مال وبنين ﴾ ﴿ نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة ثم تلا ﴿ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ﴾ إلى قوله ﴿ إنهم إلى ربهم راجعون ﴾ وقال المنافق ﴿ إنما أوتيته على علم عندي ﴾ [ القصص : ٧١ ].
وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة قالت : قلت :« يا رسول الله. قول الله ﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله؟ قال : لا ولكن الرجل يصوم، ويتصدق، ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ».
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة رضي الله عنها :« يا رسول الله ﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ﴾ أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي؟ وفي لفظ : هو الذي يذنب وهو وجل منه؟ قال : لا، ولكن هم الذين يصلون، ويصومون، ويتصدقون، وقلوبهم وجلة ».
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله ﴿ والذين يؤتون ما آتوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ﴾ قال : يعطون ما أعطوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ﴾ قال : يعملون خائفين.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر في قوله ﴿ والذين يؤتون ما آتوا ﴾ قال : الزكاة.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة ﴿ والذين يؤتون ما آتوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ﴿ والذين يؤتون ما آتوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ﴿ والذين يؤتون ما آتوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا ﴿ وقلوبهم وجلة ﴾ قال : مما يخافون بين أيديهم من الموقف وسوء الحساب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ والذين يؤتون ما آتوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا ﴿ وقلوبهم وجلة ﴾ قال المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن وقتادة أنهما كانا يقرآن ﴿ يؤتون ما آتوا ﴾ قال : يعملون ما علموا من الخيرات، ويعطون ما أعطوا على خوف من الله تعالى.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن ﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ﴾ قال : كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر، ويخافون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله.
212
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي ملكية قال : قالت : عائشة رضي الله عنها : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحب إليّ من حُمُرِ النِعَمْ. فقال لها ابن عباس : ما هي؟ قالت :﴿ الذين يؤتون ما أتوا ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن عائشة عن النبي ﷺ أنه قرأ ﴿ والذين يؤتون ما أتوا ﴾ مقصور من المجيء.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أشته وابن الأنباري معاً في المصاحف والدارقطني في الإِفراد والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة « كيف كان رسول الله ﷺ يقرأ هذه الآية ﴿ والذين يؤتون ما أتوا، أو الذين يؤتون ما آتوا؟ ﴾ فقالت : أيتهما أحب إليك؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحداهما أحب إليّ من الدنيا جميعاً. قالت : أيهما؟ قلت :﴿ الذين يأتون ما أتوا ﴾ فقالت : أشهد أن رسول الله ﷺ كذلك كان يقرأها، وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله.
213
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ﴾ يعني بالغمرة الكفر والشك ﴿ ولهم أعمال من دون ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هم لها عاملون ﴾ قال : لا بد لهم من أن يعملوها.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ﴾ قال : في عمي من هذا القرآن ﴿ ولهم أعمال ﴾ قال : خطايا ﴿ من دون ذلك هم لها عاملون ﴾ قال : لا بد لهم أن يعملوها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ﴾ قال : في غفلة من أعمال المؤمنين ﴿ ولهم أعمال من دون ذلك ﴾ قال : هي شر من أعمال المؤمنين، ذكر الله ﴿ الذين هم من خشية ربهم مشفقون ﴾ [ المؤمنون : ٥٧ ] والذين والذين، ثم قال للكافرين ﴿ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال ﴾ من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين.
أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله ﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ﴾ الآية. قال : هم أهل بدر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ﴾ قال : ذكر لنا أنها نزلت في الذين قتل الله يوم بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ﴾ قال : بالسيوف يوم بدر ﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : الذين بمكة.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ﴾ قال : بالسيف يوم بدر.
وأخرج ابن ابي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله ﴿ أخذنا مترفيهم ﴾ قال : مستكبريهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون. وفي قوله ﴿ سامرا تهجرون ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ تنكصون ﴾ قال : تستأخرون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ مستكبرين به ﴾ قال : بالبيت الحرام ﴿ سامرا ﴾ قال : كان سامرهم لا يخاف مما اعطوا من الأمن، وكانت العرب تخاف سامرهم ويغزو بعضهم بعضاً، وكان أهل مكة لا يخافون ذلك بما أعطوا من الأمن ﴿ تهجرون ﴾ قال : يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم الله وعند بيته قال : وكان الحسن يقول :﴿ سامرا تهجرون ﴾ كتاب الله ونبي الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن ﴿ مستكبرين به ﴾ قال : بحرمي ﴿ سامراً تهجرون ﴾ قال : القرآن وذكري ورسولي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ مستكبرين به ﴾ قال : بحرم الله، إنه لا يظهر عليهم فيه أحد.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك ﴿ مستكبرين به سامراً تهجرون ﴾ قال : مستكبرين بحرمي، ﴿ سامراً ﴾ فيه مما لا ينبغي من القول.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي جاتم عن مجاهد ﴿ مستكبرين به ﴾ قال : بمكة بالبلد ( سامرا ) قال : مجالساً ﴿ تهجرون ﴾، بالقول السيء في القرآن.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي صالح، ﴿ مستكبرين به ﴾ قال : بالقرآن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ سامراً تهجرون ﴾ قال : كانوا يهجرون على اللهو والباطل، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت الشاعر يقول :
فاعقلي إن كنت ما تعقلي ولقد أفلح من كان عقل
وباتو بشعب لهم سامراً إذا خب نيرانهم أوقدوا
وأخرج سعيد سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به، ويفتخرون به، فأنزل الله ﴿ مستكبرين به سامراً تهجرون ﴾.
215
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ سامراً تهجرون ﴾ قال : كانت قريش يستحلقون حلقاً يتحدثون حول البيت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس « أن رسول الله ﷺ كان يقرأ ﴿ مستكبرين به سامراً تهجرون ﴾ قال : كان المشركون يهجرون رسول الله ﷺ في القول في سمرهم ».
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ سامراً تهجرون ﴾ بنصب التاء ورفع الجيم.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه قرأ ﴿ سامراً تهجرون ﴾ وكانوا إذا سمروا هجروا في القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ سامراً تهجرون ﴾ قال : تهجرون الحق.
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر ﴿ تهجرون ﴾ قال : كانوا يهجرونه ولا يعمرونه.
216
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ أفلم يدبروا القول ﴾ قال : إذاً والله كانوا يجدون في القرآن زاجراً عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله ﴿ أم لم يعرفوا رسولهم ﴾ قال : عرفوه، ولكن حسدوه وفي قوله ﴿ ولو اتبع الحق أهواءهم ﴾ قال : الحق الله عزوجل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ بل أتيناهم بذكرهم ﴾ قال : بينا لهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ بل أتيناهم بذكرهم ﴾ قال : هذا القرآن، وفي قوله ﴿ أم تسألهم أجراً ﴾ يقول : أم تسألهم على ما أتيناهم به جعلاً.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ خرجاً ﴾ قال : أجراً.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : الخرج وما قبلها من القصة لكفار قريش.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ « أم تسألهم خَرَجاً » بغير ألف « فخراج ربك » بالألف.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن أنه قرأ « أم تسألهم خراجاً فخراج ربك خير ».
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ﴾ قال : ما فيه عوج. ذكر لنا أن نبي الله ﷺ لقي رجلاً فقال له « أسلم. فتعصب له ذلك وكبر عليه. فقال له النبي ﷺ : أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث فلقيت رجلاً تعرف وجهه وتعرف نسبه فدعاك إلى طريق واسع سهل أكنت تتبعه؟ قال : نعم. قال : فوالذي نفس محمد بيده إنك لفي أوعر من ذلك الطريق لو كنت فيه. وإني لأدعوك إلى أسهل من ذلك الطريق لو دعيت إليه » وذكر لنا أن النبي ﷺ « لقي رجلاً فقال له أسلم. فصعده ذلك فقال له النبي ﷺ : أرأيت فتييك أحدهما إن حدث صدقك وإن أمنته أدى إليك؟ والآخر إن حدث كذبك وإن ائتمنته خانك؟ قال : بلى. فتاي الذي إذا حدثني صدقني وإذا أمنته أدى إلي. قال نبي الله ﷺ : كذاكم أنت عند ربكم ».
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ﴿ وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحق عادلون.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله ﴿ ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ﴾ قال : الجوع.
أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي قي الدلائل عن ابن عباس قال :« جاء أبو سفيان إلى النبي ﷺ فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز- يعني الوبر - بالدم. فأنزل الله ﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ﴾.
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس؛ أن ثمامة بن أنال الحنفي »
لما أتى النبي ﷺ فأسلم وهو أسير فخلى سبيله، لحق باليمامة فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى النبي ﷺ فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قال : بلى. قال : فقد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع. فأنزل الله ﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ﴾ «.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب ﴾ قال : بالسنة والجوع.
وأخرج العسكري في المواعظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله ﴿ فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ﴾ أي : لم يتواضعوا في الدعاء، ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : إذا أصاب الناس من قبل السلطان بلاء فإنما هي نقمة، فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ولكن استقبلوها بالاستغفار، واستكينوا وتضرعوا إلى الله، وقرأ هذه الآية ﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ﴾.
واخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد ﴾ قال : قد مضى كان يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ﴿ حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد ﴾ قال : يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ﴿ حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد ﴾ قال : لكفار قريش الجوع وما قبلها من القصة لهم أيضاً.
أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال : في مصحف أبي بن كعب ﴿ سيقولون لله ﴾ كلهن بغير ألف.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عاصم الجحدري قال : في الإمام مصحف عثمان بن عفان. قال : الذي كتب للناس لله لله كلهن بغير ألف.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن زيد قال : في مصحف عثمان بن عفان « سيقولون لله » ثلاثتهن بغير ألف.
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن عتيق قال : رأيت في مصحف الحسن لله لله بغير ألف في ثلاثة مواضع.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ( لله ) بغير ألف كلهن.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال : بالسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : نعمت والله الجرعة تتجرعها وأنت مظلوم، فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل، ولا قوّة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال : قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، يقول إن كنت كاذباً فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقاً فأنا أسأل الله أن يغفر لي.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : أتى رجل النبي ﷺ فقال :« يا رسول الله إن لي قرابة، أصلهم ويقطعون، وأحسن إليه ويسيئون إليَّ، ويجهلون عليّ وأحلم عنهم. قال : لئن كان كما تقول كأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ».
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :« كان رسول الله ﷺ يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع : بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ وأعوذ بك رب أن يحضرون ﴾ قال : يحضرون في شيء من أمري.
وأخرج أحمد عن خالد بن الوليد أنه قال « يا رسول الله إني أجد وحشة؟ قال : إذا أخذت مضجعك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يضرك وبالحري أن لا يضرك ».
أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا وضع الكافر في قبره فيرى مقعده من النار قال :﴿ رب ارْجعُونِ ﴾ حتى أتوب، أعمل صالحاً، فيقال : قد عمرت ما كنت معمراً. فيضيق عليه قبره فهو كالمنهوش ينام ويفزع، تهوي إليه هوام الأرض؛ حيّاتها وعقاربها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه يضربانه حتى يلتقان في وسطه. فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله ﴿ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾.
وأخرج ابن جرير وابنأبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ قال رب ارجعون ﴾ قال : هذا حين يعاين قبل أن يذوق الموت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبي ﷺ قال لعائشة « إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا؟ فيقول : إلى دار الهموم والأحزان؟ بل قُدُماً إلى الله. وأما الكافر فيقولون له : نرجعك؟ فيقول :﴿ رب ارجعون، لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ».
وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ « إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحق فيحول بين عينيه، فعند ذلك يقول ﴿ رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ قال : لعلي أقول لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله ﴿ لعلي أعمل صالحاً ﴾ قال : أقول لا إله إلا الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في قوله ﴿ ومن ورائهم برزخ ﴾ قال : أمامهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الحيلة عن مجاهد في قوله ﴿ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾ قال : هو ما بين الموت إلى البعث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال :﴿ البرزخ ﴾ الحاجز ما بين الدنيا والآخرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾ قال : حاجز بين الميت والرجوع إلى الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال :﴿ البرزخ ﴾ ما بين الدنيا والآخرة. ليس مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية قال :﴿ البرزخ ﴾ بين الدنيا والآخرة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال :﴿ البرزخ ﴾ بقية الدنيا.
222
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ومن ورائهم برزخ ﴾ قال : أهل القبور في برزخ ما بين الدنيا والآخرة، هم فيه إلى يوم يبعثون.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع قال :﴿ البرزخ ﴾ القبور.
وأخرج بن أبي حاتم عن أبي صخر قال :﴿ البرزخ ﴾ المقابر. لا هم في الدنيا ولا هم في الآخرة، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وسمويه في فوائده عن أبي أمامة أنه شهد جنازة، فلما دفن الميت قال : هذا برزخ إلى يوم يبعثون.
وأخرج هناد عن أبي محلم قال : قيل للشعبي مات فلان قال : ليس هو في الدنيا ولا في الآخرة. هو في البرزخ.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ ومن ورائهم برزخ ﴾ قال : ما بعد الموت.
223
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ قال : حين ينفخ في الصور فلا يبقى حي إلا الله تعالى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ قال : في النفخة الأولى.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : ليس أحد من الناس يسأل أحداً بنسبه ولا بقرابته شيئاً.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئاً ولا ينمي إليه برحم.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ وقوله ﴿ وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ﴾ [ الصفات : ٢٧ ] فقال : إنها مواقف. فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من وجه إلى آخر عن ابن عباس أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله ﴿ ولا يتساءلون ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء. وأما قوله ﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ﴾ [ الصافات : ٢٧ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين - وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤؤس الأوّلين والآخرين - ثم ينادي مناد ألا إن هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه - فيفرح - والله - المرء أن يكون له الحق على والده أو زوجته وإن كان صغيراً. ومصداق ذلك في كتاب الله ﴿ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعرفه مخافة أن يدور له على شيء، ثم قرأ ﴿ يوم يفر المرء من أخيه ﴾ [ عبس : ٣٤ ].
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله ﷺ « إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي، وسببي، وصهري ».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ « كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ».
أخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ تلفح وجوههم النار ﴾ قال تنقح.
وأخرج ابن مردويه والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال « قال رسول الله ﷺ في قوله ﴿ تلفح وجوههم النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعصابهم ».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردوية وأبو نعيم في الحيلة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال :« إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقتهم بعنق، فلفحتهم لفحة فلم تدع لحماً على عظم إلا ألقته على العرقوب ».
وأخرج أبو نعيم في الحيلة عن ابن مسعود في قوله ﴿ تلفح وجوههم النار ﴾ قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن أبي الدنيا في صفة النار وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحيلة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله ﷺ في قوله ﴿ تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ﴾ قال « تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن مغيث بن سمي قال : إذا جيء بالرجل إلى النار قيل انتظر حتى نتحفك، فيؤتى بكأس من سم الأفاعي والأساود إذا أدناها من فيه نثرت اللحم على حدة والعظم على حدة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله ﴿ وهم فيها كالحون ﴾ قال : كلوح الرأس النضيج، بدأت أسنانهم وتقلصت شفاههم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ﴾ قال : شقوتهم التي كتبت عليهم.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن. أنه كان يقرأ « غلبت علينا شقاوتنا ».
وأخرج عبد بن حميد عن إسحق قال : في قراءة عبد الله « شقاوتنا ».
أخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ﷺ « يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا ذنت من وجوههم شوت وجوههم، وإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم، فيقولون : ادعوا خزنة جهنم فيدعون خزنة جهنم إن ﴿ ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب ﴾ [ غافر : ٤٩ ] فيقولون ﴿ أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ﴾ [ غافر : ٥٠ ] فيقولون ادعوا مالكاً فيقولون ﴿ يا مالك ليقض علينا ربك ﴾ [ الزخرف : ٧٧ ] فيجيبهم ﴿ إنكم ماكثون ﴾ فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم، فيقولون ﴿ ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ [ المؤمنون : ١٠٦-١٠٧ ] فيجيبهم ﴿ اخسئوا فيها ولا تُكَلِّمون ﴾ فعند ذلك يئسوا من كل خير، وعند ذلك أخذوا في الزفير والحسرة والويل ».
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن أهل جهنم ينادون مالكاً ﴿ يا مالك ليقض علينا ربك ﴾ فيذرهم أربعين عاماً لا يجيبهم ثم يجيبهم ﴿ إنكم ماكثون ﴾ ثم ينادون ربهم ﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فانا ظالمون ﴾ فيذرهم مثلي الدنيا لا يجيبهم ثم يجيبهم ﴿ اخسئوا فيها ولا تُكَلِّمون ﴾ قال : فيئس القوم بعدها، وما هو إلا الزفير والشهيق.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن محمد بن كعب قال : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله في أربعة، فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبداً يقولون ﴿ ربنا أمتَّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ﴾ [ غافر : ١١ ] فيجيبهم الله ﴿ ذلكم بأنه إذا دعيَ الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم الله العلي الكبير ﴾ [ غافر : ١٢ ] ثم يقولون ﴿ ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً انا موقنون ﴾ [ السجدة : ١٢ ] فيجيبهم الله ﴿ فذقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا انا نسيانكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ﴾ [ السجدة : ١٤ ] ثم يقولون ﴿ ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ﴾ [ ابراهيم : ٤٤ ] فيجيبهم الله ﴿ أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ﴾ ثم يقولون ﴿ ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل ﴾ [ فاطر : ٣٧ ] فيجيبهم الله ﴿ أو لو نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ﴾
227
[ فاطر : ٣٧ ] ثم يقولون ﴿ ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فانا ظالمون ﴾ [ المؤمنون : ١٠٦ ] فيجيبهم الله ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ فلا يتكلمون بعدها أبداً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم أن ﴿ ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب ﴾ [ غافر : ٤٩ ] فلم يجيبوهم ما شاء الله، فلما أجابوهم بعد حين قالوا لهم ﴿ ادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ﴾ [ غافر : ٥٠ ] ثم نادوا ﴿ يا مالك ﴾ لخازن النار ﴿ ليقض علينا ربك ﴾ [ الزخرف : ٧٧ ] فسكت عنهم مالك مقدار أربعين سنة ثم أجابهم فقال ﴿ إنكم ماكثون ﴾ ثم نادى الأشقياء ربهم فقالوا ﴿ ربنا أخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون ﴾ [ فسكت عنهم.. مقدار الدنيا ثم أجابهم بعد ذلك ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾.
وأخرج عبد بن حميدعن الحسن في الآية قال : تكلموا قبل ذلك وخاصموا فلما كان آخر ذلك قال ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ قال : منعوا الكلام آخر ما عليهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن زياد بن سعد الخراساني في قوله ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ قال : فتنطبق عليهم فلا يسمع منها إلا مثل طنين الطست.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ﴿ اخسئوا ﴾ قال : اصغروا.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ قال : هذا قول الرب تعالى حين انقطع كلامهم منه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة أن النبي ﷺ قال :« إن الله إذا قال لأهل النار ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ عادت وجوهم قطعة لحم ليس فيها أفواه ولا مناخير تردد النفس في أجوافهم ».
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : ليس بعد الآية خروج ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾.
228
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ فاتَّخذتموهم سخرياً ﴾ قال : هما مختلفان.
سخرياً وسخرياً يقول الله ﴿ ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ﴾ [ الزخرف : ٣٢ ] قال : يسخرونهم والآخرون الذين يستهزون سخرياً.
أخرج ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي قال : قال رسول الله ﷺ « إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار قال لأهل الجنة ﴿ كم لبثتم في الأرض عدد سنين ﴾ قالوا :﴿ لبثنا يوماً أو بعض يوم ﴾ قال : لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم، رحمتي ورضواني وجنتي اسكنوا فيها خالدين مخلدين، ثم يقول : يا أهل النار ﴿ كم لبثتم في الأرض عدد سنين ﴾ قالوا ﴿ لبثنا يوماً أو بعض يوم ﴾ فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم. ناري وسخطي امكثوا فيها خالدين » وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ فاسأل العادين ﴾ قال : الحساب.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ فاسأل العادين ﴾ قال : الملائكة.
أخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن السني في عمل يوم وليلة وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مصاب ﴿ افحسبتم أنما خلقناكم عبثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرأ فقال رسول الله ﷺ :« ماذا قرأت في أذنه؟ فأخبره. فقال رسول الله ﷺ : نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأها على جبل لزال ».
وأخرج ابن السني وابن منده وأبو نعيم في المعرفة بسند حسن من طريق محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله ﷺ في سرية وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا ﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا والله أعلم.
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ لا برهان له ﴾ قال : لا بينة له.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ لا برهان له ﴾ قال : لا بينة له.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ﴿ لا برهان له ﴾ قال : لا حجة.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ( إنه لا يفلح الكافرون ) بكسر الألف في إنه.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قرأ ( أنه لا يفلح الكافرون ) بنصب الألف في انه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ﴾ قال : ذاك حساب الكافر عند الله إنه لا يفلح.
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء ادعوا به في صلاتي قال : قل « اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً وأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ».
Icon