تفسير سورة الليل

تفسير النسفي
تفسير سورة سورة الليل من كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل المعروف بـتفسير النسفي .
لمؤلفه أبو البركات النسفي . المتوفي سنة 710 هـ
سورة الليل احدى وعشرون آية مكية

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)
﴿والليل إِذَا يغشى﴾ المغشي أما الشمس من قوله والليل إذا يغشاها أو النهار من قوله يغشى الليل النهار أو كل شئ يواريه بظلامه من قوله إذا وقب
وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢)
﴿والنهار إذا تجلى﴾ ظهر بزول ظلمة الليل
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)
﴿وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى﴾ والقادر العظيم القدرة الذى قدر على خلق الذكروالانثى من ماء واحد وجوب القسم
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)
﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى﴾ إن عملكم لمختلف وبيان الاختلاف فيما فصل على أثره
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)
﴿فَأَمَّا مَنْ أعطى﴾ حقوق ماله ﴿واتقى﴾ ربه فاجتنب محارمه
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)
﴿وصدق بالحسنى﴾ ملة الحسنى وهي ملة الإسلام أو بالمثوبة الحسنى وهى الحنة أو بالكلمة وهي لا إله إلا الله
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)
﴿فسنيسره لليسرى﴾ فسنهيث للخلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه ربه
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨)
﴿وَأَمَّا مَن بَخِلَ﴾ بماله ﴿واستغنى﴾ عن ربه فلم يتقه أواستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩)
﴿وَكَذَّبَ بالحسنى﴾ بالإسلام أو الجنة
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)
﴿فَسَنُيَسّرُهُ للعسرى﴾ للخلة المؤدية إلى النار فتكون الطاعة أعسرشئ عليه واشداو سمى طريقة الخير باليسرى لأن عاقبتها اليسرى وطريقة الشر بالعسرى لأن عاقبتها العسر أو أراد بهما طريقي الجنة والنار
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)
﴿وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى﴾ ولم ينفع ماله إذا هلك وتردى تفعّل من الردى وهو الهلاك أوتردى فى القبر أوفى قعر جهنم أي سقط
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)
﴿إِنَّ عَلَيْنَا للهدى﴾ إن علينا الإرشاد إلى الحق بنصب الدلائل وبيان الشرائع
وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)
﴿وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى﴾ فلا يضرنا ضلال من ضل ولا ينفعنا اهتداء من اهتدى أو أنهما لنا فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ الطريق
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤)
﴿فأنذرتكم﴾ خوفتكم ﴿نارا تلظى﴾ نتلهب
لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)
﴿لاَ يصلاها﴾ لا يدخلها للخلود فيها ﴿إِلاَّ الأشقى الذى كَذَّبَ وتولى﴾ إلا الكافر الذي كذب الرسل وأعرض عن الإيمان
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧)
﴿وَسَيُجَنَّبُهَا﴾ وسيبعد منها ﴿الأتقى﴾ المؤمن
الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨)
﴿الذي يؤتي ماله﴾ للفقراء ﴿يتزكى﴾ من الزكاة أي يطلب أن يكون عند الله زاكياً لا يريد به رياء ولا سمعة أو يتفعل من الزكاة ويتزكى إن جعلته بدلاً من يؤتى فلا محل له لأنه داخل فى حكم الصلة والصلات لا محل لها وإن جعلته حالاً من الضمير في يؤتى فمحله النصب قال أبو عبيدة الأشقى بمعنى الشقي وهو الكافر والأتقى بمعنى التقى وهو المؤمن لأنه لا يختص بالمصلى أشقى الأشقياء ولا بالنجاة أتقى الأتقياء وإن زعمت أنه نكر النار فأراد ناراً مخصوصة بالأشقى فما تصنع بقوله وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى لأن الاتقى يجنب تلك النار المخصوصة لا الأتقى منهم
651
خاصة وقيل الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين فأريد أن يبالغ فى صفتيهما فقيل الأشقى وجعل مختصا بالمصلى كأن النار لم تخلق إلا له وقيل الاتقى وجعل مختصا بالنجاة كأن الحنة لم تخلق إلا له وقيل هما أبو جهل وأبو بكر وفيه بطلان زعم المرجئة لأنهم يقولون لا يدخل النار إلا كافر
652
وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠)
﴿وَمَا لاِحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَةٍ تجزى إِلاَّ ابتغاء وَجْهِ رَبّهِ﴾ أي وما لأحد عند الله نعمة يجازيه بها إلا أن يفعل فعلا يبتغى به وجه فيجازيه عليه ﴿الأعلى﴾ هو الرفيع بسلطانه المنيع في شأنه وبرهانه ولم يرد به العلو من حيث المكان فذا آية الحدثان
وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)
﴿وَلَسَوْفَ يرضى﴾ موعد بالثواب الذي يرضيه ويقرّ عينه وهو كقوله تعالى لنبيه عليه السلام ولسوف يعطيك ربك فترضى
652
سورة الضحى مكية وهى إحدى عشر آية

بسم الله الرحمن الرحيم

653
Icon