ﰡ
الكلام في ﴿ق والقرآن المجيد بل عجبوا﴾ كالكلام في ص والرآن ذى الذكر بل الذين كفروا سوءا بسوءا لالتقائهما في أسلوب واحد والمجيد ذو المجد والشرف على غير ممن الكتب ومن أحاط علماً بمعانيه وعمل بما فيه مجد عند الله وعند الناس وقوله بَلْ عَجِبُواْ أي كفار مكة ﴿أَن جَآءَهُمْ منذر منهم﴾ ان محمد ﷺ إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب وهو أن ينذرهم بالمخوف رجل منهم قد عرفوا عدالته وأمانته ومن كان كذلك لم يكن إلا ناصحاً لقومه خائفاً أن ينالهم مكروه وإذا علم ان مخوفا اظلمهم لزمه أن ينذرهم فكيف بما هو غاية المخاوف وإنكار لتعجبهم مما أنذرهم به من البعث مع علمهم
بقدرة الله تعالى على خلق السموات والأرض وما بينهما وعلى اختراع كل شيء وإقرارهم بالنشأة الأولى مع شهادة العقل بأنه لا بد من الجزاء ثم عول على أحد الإنكارين بقوله ﴿فَقَالَ الكافرون هذا شَىْءٌ عجيب﴾
﴿أئذا متنا وكنا ترابا﴾ دلالة على تعجبهم من البعث أدخل في الاستبعاد وأحق بالانكار ووضع الكافرون موضع الضمير للشهادة على أنهم في قولهم هذا مقدمون على الكفر العظيم وهذا اشارة الى
﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ﴾ رد لاستبادهم الرجع لأن من لطف علمه حتى علم ما تنقص من الأرض من أجساد الموتى وتأكله من لحومهم وعظامهم كان قادراً على رجعهم أحياء كما كانوا ﴿وَعِندَنَا كتاب حَفِيظٌ﴾ محفوظ من الشياطين ومن التغير وهو اللوح المحفوظ أو حافظ لما أودعه وكتب فيه
﴿بَلْ كَذَّبُواْ بالحق لَمَّا جَآءَهُمْ﴾ إضراب أتبع الإضراب الأول للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوة الثابتة بالمعجزات في أول وهلة من غير تفكر ولا تدبر ﴿فَهُمْ فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ﴾ مضطرب يقال مرج الخاتم في الإصبع إذا اضطرب من سعته فيقولون تارة شاعر وطوراً ساحر ومرة كاهن لا يثبتون على شيء واحد وقيل الحق القرآن وقيل الإخبار بالبعث ثم دلهم على قدرته على البعث فقال
﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوآ﴾ حين كفروا بالبعث ﴿إِلَى السمآء فَوْقَهُمْ﴾ إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم ﴿كَيْفَ بنيناها﴾ رفعناها بغير عمد ﴿وزيناها﴾ بالنيرات ﴿وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ﴾ من فتوق وشقوق أي أنها سليمة من العيوب لافتق فيها ولا صداع ولا خلل
﴿والأرض مددناها﴾ دحوناها ﴿وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رواسي﴾ جبالاً ثوابت لولا هي لمالت ﴿وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ صنف ﴿بَهِيجٍ﴾ يبتهج به لحسنه
﴿تبصرة وذكرى﴾ لتبصر به وتذكر ﴿لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ﴾ راجع إلى ربه مفكر في بدائع خلقه
﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السمآء مَآءً مباركا﴾ كثير المنافع ﴿فَأَنبَتْنَا بِهِ جنات وَحَبَّ الحصيد﴾ أي
وحب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالحنط والشعير وغيرهما
﴿والنخل باسقات﴾ طوالاً في السماء ﴿لَّهَا طَلْعٌ﴾ هو كل ما يطلع من ثمر النخيل ﴿نضيد﴾ منضور بعضه فوق بعض لكثرة الطلع وتراكمه أو لكثرة ما فيه من الثمر
﴿رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ﴾ أي أنبتناها رزقاً للعباد لأن الإنبات في معنى الرزق فيكون رِزْقاً مصدراً من غير لفظه أو هو مفعول له أي أنبتناها لرزقهم ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ﴾ بذلك الماء ﴿بَلْدَةً مَّيْتاً﴾ قد جف نباتها ﴿كذلك الخروج﴾ أي كما حييت هذه البلدة الميتة كذلك تخرجون أحياء بعد موتكم لأن إحياء الموات كإحياء الأموات والكاف في محل الرفع على الابتداء
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾ قبل قريش ﴿قَوْمُ نُوحٍ وأصحاب الرس﴾ هو بئر لم تطووهم قوم باليمامة وقبل أصحاب الأخدود ﴿وَثَمُودُ﴾
﴿وعاد وفرعون﴾ اراد بفرعون قومه كفوله من فرعون ملئهم لأن المعطوف عليه قوم نوح والمعطوفات جماعات ﴿وإخوان لوط﴾
﴿وأصحاب الأيكة﴾ سماهم إخوانه لأن بينهم وبينه نسباً قريباً ﴿وَقَوْمُ تُّبَّعٍ﴾ هو ملك باليمن أسلم ودعا قومه إلى الإسلام فكذبوه وسمي به لكثرة تبعه ﴿كُلٌّ﴾ أي كل واحد منهم ﴿كَذَّبَ الرسل﴾ لأن من كذب رسولاً واحداً فقد كذب جميعهم ﴿فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ فوجب وحل وعيدى وفيه تسلية لرسول الله ﷺ وتهديد لهم
﴿أفعيينا﴾ عي بالامر اذا يهتد لوجه عمله والهمزة للإنكار
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ الوسوسة الصوت الخفي ووسوسة النفس ما يخطر ببال الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس والباء مثلها في قوله صوت بكذا ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ﴾ المراد قرب علمه منه ﴿مِنْ حَبْلِ الوريد﴾ هو مثل في فرط القر والوريد عرق في باطن العنق والحبل العرق والإضافة للبيان كقولهم بعير سانية
﴿إِذْ يَتَلَقَّى المتلقيان﴾ يعني الملكين الحافظين ﴿عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ﴾ التلقي
التلقن بالحفظ والكتابة والقعيد المقاعد كالجليس بمعنى المجالس وتقديره عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد من المتلقيين فترك أحدهما لدلالة الثاني عليه كقوله
رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئاً ومن أجل الطوى رماني
أي رماني بأمر كنت منه بريئاً وكان والدي منه بريئاً واذا منصوب باقرب لما فيه منى يقرب والمعنى إنه لطيف يتوصل علمه إلى خطرات النفس ولا شيء أخفى منه وهو أقرب من الإنسان من كل قريب حين يتلقى الحفيظان ما يتلفظ به إيذاناً بأن استحفاظ الملكين أمر هو غني عنه وكيف لا يستغني عنه وهو مطلع على أخفى الخفيات وانما ذلك الحكمة وهى مافى كتبة الملكين وحفظهما وعرض صحائف العمل يوم القيامة من زيادة لطف له في الانتهاء عن السيئات والرغبة في الحسنات
﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ﴾ ما يتكلم به وما يرمي به من فيه ﴿إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ﴾ حافظ ﴿عَتِيدٌ﴾ حاضر ثم قيل يكتبان كل شيء حتى أنينه في مرضه وقيل لا يكتبان إلا ما فيه أجر أو وزر وقيل إن الملكين لا يجتنبانه إلا عند الغائط ولاجماع لما ذكر إنكارهم البعث واحتج عليهم بقدرته وعلمه اعلمهم ان ما انكروه هم لا قوة عن قريب عند موتهم وعند قيام الساعة ونبه على اقتراب ذلك بأن عبر عنه بلفظ الماضى هو قوله
﴿وجاءت سكرة الموت﴾ اى شدته الذاهبة بالفعل ملتبسة ﴿بالحق﴾ أي بحقيقة الأمر أو بالحكمة ﴿ذلك ما كنت منه﴾ الاشار إلى الموت والخطاب للإنسان في قوله وَلَقَدْ خلقنا الانسان على طريق الالتفات ﴿تحيد﴾ تنفرد وتهرب
﴿وَنُفِخَ فِى الصور﴾ يعني نفخة البعث ﴿ذَلِكَ يَوْمَ الوعيد﴾ أي وقت ذلك يوم الوعيد على حذف المضاف الاشارة إلى مصدر نفخ
﴿وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ أي ملكن احدها يسوقه إلى المحشر والآخر يشهد عليه بعمله ومحل مَّعَهَا سَائِقٌ النصب على الحال من كُلٌّ لتعرفه بالإضافة إلى ما هو في حكم المعرفة
﴿لَّقَدْ كُنتَ﴾ أي يقال لها لقد كنت ﴿فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هذا﴾ النازل بك اليوم ﴿فكشفنا عنك غطاءك﴾ اى فأنزلنا غفلتك بما تشاهد ﴿فبصرك اليوم حديد﴾ جعلت الغلة كأنها غطاء غطي به جسده كله أو غشاوة غطي بها عينيه فهو لا يبصر شيئاً فإذا كان يوم القيامة تيقظ وزالت عنه الغفلة وغطاؤها فيبصر ما لم يبصره من الحق ورجع بصره الكليل عن الإبصار لغفلته حديداً لتيقظه
﴿وَقَالَ قَرِينُهُ﴾ الجمهور على أنه الملك الكاتب الشهيد عليه ﴿هذا﴾ أي ديوان عمله مجاهد شيطانه الذي قيض له في قوله نُقَيّضْ له شيطانا فهو له
لديّ عتيد ثم يقول الله تعالى
﴿أَلْقِيَا﴾ والخطاب للسائق والشهيد أو لمالك وكأن الأصل ألقِ ألقِ فناب ألقيا عن ألق ألق لان الفاعل كالجزء من الفعل فكانت تثنة الفاعل نائبة عن تكرار الفعل وقيل أصله ألقين والألف بدل من النون إجراء للوصل مجرى الوقف دليله قراءة الحسن ألقين ﴿فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ﴾ بالنعم والمنعم ﴿عَنِيدٍ﴾ معاند مجانب للحق معاد لأهله
﴿مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ﴾ كثير المنع للمال عن حقوقه أو مناع لجنس الخير أن يصل إلى اهله ﴿معتد﴾ ظالم متخبط للحق ﴿مُرِيبٍ﴾ شاك في الله وفي دينه
﴿الذي جعل مع الله إلها آخر﴾ مبتدأ متضمن معنى الشرط خبره ﴿فألقياه فِى العذاب الشديد﴾ أو بدل من كُلَّ كَفَّارٍ فألقياه تكرير للتوكيد ولا يجوز أن يكون صفة لكفار لأن النكرة لا توصف بالموصول
﴿قَالَ قرِينُهُ﴾ أي شيطانه الذي قرن به وهو شاهد لمجاهد وإنما أخليت هذه الجملة عن الواو دون الأولى لأن الأولى واجب عطفها للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول أعني مجيء كل نفس مع الملكين وقول قرينه ما قال له واما هذه نهى مستأنفة كما نستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول كما في مقاولة موسى وفرعون فكأن الكافر قال رب هو أطغاني فقال قرينه ﴿رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ ولكن كَانَ فِى ضلال بَعِيدٍ﴾ أي ما أوقعته في الطغيان ولكنه طغى واختار الضلالة على الهدى
﴿قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ﴾ هو استئناف مثل قوله تعالى قَالَ قرِينُهُ كأن قائلاً قال فماذا قال الله فقيل قال لا تختصموا ﴿لَدَىَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد﴾
﴿مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ﴾ أي لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي بإدخال الكفار في النار ﴿وَمَا أَنَاْ بظلام لّلْعَبِيدِ﴾ فلا أعذب عبداً بغير ذنب وقال بظلام على لفظ المبالغة لأنه من قولك هو ظالم لعبده وظلام لعبيده
﴿يوم﴾ نصب بظلام او بمضمر هو اذكر وانذر ﴿يقول﴾ نافع واو بكرى أي يقول الله ﴿لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ وهو مصدر كالمجيد أي أنها تقول بعد امتلائها هل من مزيد اى هل تقى فيّ موضع لم يمتليء يعني قد امتلأت أو أنها تستزيد وفيها موضع للمزيد وهذا على تحقيق القول من جهنم وهو غير مستنكر كانطاق الجوارح والسؤال لتوبخ الكفرة لعلمه
تعالى بأنها امتلأت أم لا
﴿وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ غير نصب على الظرف أي مكاناً غير بعيد أو على الحال وتذكيره لأنه على زنة المصدر كالصليل والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث أو على حذف الموصوف أي شيئاً غيربعيد ومعناه التوكيد كما تقول هو قريب غير بعيد وعزيز غير ذليل
﴿هذا﴾ مبتدأ وهو إشارة إلى الثواب أو الى مصدر ازلفت ﴿ما توعدون﴾ صفة وبالياء مكى ﴿لكل أواب﴾ رجاع الى ذكره الله خبره ﴿حَفِيظٍ﴾ حافظ لحدوده جاء في الحديث من حافظ على أربع ركعات في اول النهار كان اوابا حفيطا
﴿مَّنْ﴾ مجرور المحل بدل من أَوَّاب أو رفع بالابتداء وخبره ادخلوها على تقدير يقال لهم ادخلوها بسلام لأن من في معنى الجمع ﴿خَشِىَ الرحمن﴾ الخشية انزعاج القلب عند ذكر الخطيئة وقرن الخشية اسمه الدال على سعة الرحمة للثناء البليغ على الخاشي وهو خشيته مع علمه أنه الواسع الرحمة كما أثنى عليه بأنه خاشٍ مع ان المختشى منه غائب ﴿بالغيب﴾ حال من المعفول أي خشيه وهو غائب أو صفة لمصدر خشي أي خشيه خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه وهو غائب الحسن إذا أغلق الباب وأرخى الستر ﴿وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ راجع إلى الله وقيل بسريرة مرضية وعقيدة صحيحة
﴿ادخلوها بِسَلامٍ﴾ أي سالمين من زوال النعم وحلول النقم ﴿ذلك يَوْمُ الخلود﴾ أي يوم تقدير الخلود كفوله فادخلوها خالدين اى مقدرين الخلود
﴿لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد﴾ على ما يشتهون الجمهور على أنه رؤية الله تعالى بلا كيف
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ﴾ قبل قومك ﴿مِّن قَرْنٍ﴾ من القرون الذين كذبوا رسلهم ﴿هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم﴾ من قومك ﴿بَطْشاً﴾ قوة وسطوة ﴿فَنَقَّبُواْ﴾ فخرقوا ﴿فِى البلاد﴾ وطافوا والتنقيب التنقير عن الأمر والبحث والطلب ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله هم اشد منهم بشطا أي شدة بطشهم أقدرتهم على التنقيب وقوّتهم عليه ويجوز أن يراد فنقب أهل مكة ة في أسفارهم ومسايرهم في بلاد القرون فهل رأوا لهم محيصاً حتى يؤملوا مثله لأنفسهم ويدل عليه قراءة من قرأ فنقبواعلى الأمر ﴿هَلْ مِن مَّحِيصٍ﴾ مهرب من الله أو من الموت
﴿إن في ذلك﴾ المذكور ﴿الذكرى﴾ تذكرة وموعظة ﴿لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ إعياء قيل نزلت في اليهود لعنت تكذيباً لقولهم خلق الله السموات والأرض في ستة
أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش وقالوا إن الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود ومنهم أخذ وأنكر اليهود التربيع في الجلوس وزعموا أنه جلس تلك الجلسة يوم السبت
﴿فاصبر على مَا يَقُولُونَ﴾ أي على ما يقول اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه أو على ما يقول المشركون في أمر البعث فإن من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منهم ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ حامداً ربك والتسبيح محمول على طاهرة أو على الصلاة فالصلاة ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشمس﴾ القمر ﴿وقبل الغروب﴾ الظهر والعصر
﴿ومن الليل فسبحه﴾ العشا آن أو التهجد ﴿وأدبار السجود﴾ التسبيح في آثار الصلوات والسجود والركوع يعبر بهما عن الصلاة وقيل النوافل بعد المكتوبات أو الوتر بعد العشاء والأدبار جمع دبر وإدبار حجازي وحمزة وخلف من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت ومعناه وقت انقضاء السجود كقولهم آتيك خفوق النجم
﴿واستمع﴾ لما أخبرك به من حال يوم القيامة وفى ذاك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به وقد وقف يعقوب عليه وانتصب ﴿يَوْمَ يُنَادِ المناد﴾ بما دل عليه ذَلِكَ يَوْمُ الخروج أي يوم ينادي المنادي يخرجون من القبور وقيل تقديره واستمع حديث يوم ينادي المنادي المنادي بالياء في
﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة﴾ بدل من يَوْمٍ يُنَادِى الصيحة النفخة الثانية ﴿بالحق﴾ متعلق بالصيحة والمراد به البعث والحشر للجزاء ﴿ذلك يَوْمُ الخروج﴾ من القبور
﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيىِ﴾ الخلق ﴿وَنُمِيتُ﴾ أي نميتهم في الدنيا ﴿وَإِلَيْنَا المصير﴾ أي مصيرهم
﴿يوم تشقق﴾ خفيف كوفي وأبو عمرو وغيرهم بالتشديد ﴿الأرض عَنْهُمْ﴾ أي تتصدع الأرض فتخرج الموتى من صدوعها ﴿سِرَاعاً﴾ حال من المجرور أي مسرعين ﴿ذلك حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾ هين وتقديم الظرف يدل على الاختصاص أي لا يتيسر مثل ذلك الامر العظيم الاعلى القادر الذي لا يشغله شأن عن شأن
﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ﴾ فيك وفينا تهديد لهم وتسلية لرسول الله ﷺ ﴿وما أنت عليهم بجبار﴾ كقوله بمسيطر اى
سورة الذاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
ما أنت بمسلط عليهم إنما أنت داعٍ وباعث قيل هو من جبره على الأمر بمعنى أجبره أي ما أنت بوال عليهم تجبرهم على الايمان ﴿فذكر بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ كقوله إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ من يخشاها لأنه لا ينفع إلا فيه والله أعلمبسم الله الرحمن الرحيم