ﰡ
" ق " إذا جُعل اسما للسورة، فهو خبر مبتدإ محذوف، أي هذه ق، بالمعنى السابق في ص.
وإن جُعل قَسَماً فجوابه مع ما عُطف عليه محذوف، تقديره : لتُبعثُنّ( ١ )، بدليل قوله :﴿ ذلك رجع بعيد ﴾ [ ق : ٣ ] أو لقد أرسلنا محمدا، بدليل قوله :﴿ بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم ﴾.
أو هو قوله :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ [ ق : ٤ ] حُذفت منه اللام لطول الكلام.
أو هو قوله :﴿ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ﴾ [ ق : ١٨ ].
إن قلتَ : فيه إضافة الشيء إلى نفسه، وهي ممتنعة، لأن الإضافة تقتضي المغايرة بين المضاف والمضاف إليه ؟
قلت : ليست ممتنعة مطلقا، بل هي جائزة عند اختلاف اللفظين، كما في قوله :﴿ حقّ اليقين ﴾ [ الواقعة : ٩٥ ] و﴿ حبل الوريد ﴾ [ ق : ١٦ ] و " دار الآخرة ".
وبتقدير امتناعها مطلقا، فالتقدير : حبّ الزرع أو النبات الحصيد( ١ ).
إن قلتَ : كيف قال ﴿ قعيد ﴾ ولم يقل : قعيدان، إذ إنه وصف للملكين المذكورين ؟
قلتُ : معناه عن اليمين قعيد، وعن الشمال قعيد، لكنه حُذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، أو أن " فعيلا " يستوي فيه الواحد، والاثنان، والجمع، قال تعالى :﴿ والملائكة بعد ذلك ظهير ﴾ [ التحريم : ٤ ] أو قال ذلك رعاية للفواصل.
قاله هنا بالواو، وقاله بعدُ بدونها( ١ )، لأن الأولى خطاب للإنسان من قرينه ومتعلّق به، فناسب ذكر الواو، والثاني استئناف خطاب من الله، غير متعلّق بما قبله، فناسب حذفها.
قوله تعالى :﴿ ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ﴾ [ ق : ٢٣ ].
إن قلتَ : كيف ثنى الفاعل مع أنه واحد، وهو مالك خازن النار ظ
قلتُ : بل الفاعل مثنى، وهما الملكان اللذان مرّ ذكرهما، بقوله :﴿ وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ﴾ [ ق : ٢١ ]، أو أن تثنية الفاعل أُقيمت مقام ( تكرّر الفعل ) للتأكيد، واتحادهما حكما، فكأنه قال : أَلْقِ، ألقِ، كقول امرئ القيس : قفا نبك، أو أن العرب أكثر ما يوافق الرجل منهم اثنين، فكثر على ألسنتهم خطابهما فقالوا، خليليّ، وصاحبيّ، وقفا، ونحوها.
إن قلتَ : لم لم يقل : غير بعيدة، لكونه وصفا للجنة ؟
قلتُ : لأن " فعيلا " يستوي فيه المذكر والمؤنث، أو لأنه صفة لمذكر محذوف أي مكانا غير بعيد.
فإن قلتَ : ما فائدة قوله :﴿ غير بعيد ﴾ بعد قوله :﴿ وأزلفت ﴾ بمعنى قرّبت ؟
قلتُ : فائدته التأكيد، كقولهم : هو قريب غير بعيد، وعزيز غير ذليل.