ﰡ
قوله تعالى: ﴿فاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ﴾:
رَوَى ابنُ جبير عن قتادةَ أن هذا منسوخٌ لقوله ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَحَيْثُ وَجَدتُمُوهُمْ﴾، وكذلك رُوِيَ عن ابن عباسٍ في قوله: ﴿وأَعْرِضْ عَنالمُشْرِكِين﴾ [الحجر: ٩٤]، قال: نَسَخَها الأَمْرُ بالقتال.
سورةُ (الحِجْرِ) مِن السُّوَر المكية، وقد سعَتْ هذه السورةُ إلى إقامةِ الحُجَّة على الكافرين في سنَّةِ الله في إرسال الرُّسُل، الذين أوضَحوا طريق الحقِّ والهداية ودعَوْا إليه، وبيَّنُوا طريقَ الغَوايةِ وحذَّروا منه، وجاءت هذه السورةُ بأمرٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بالاستمرار في طريق الدعوة، والدَّلالة على الله عز وجل؛ فالله ناصرُه وكافيه: {فَاْصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94].
سورةُ (الحِجْرِ):
سُمِّيتْ سورةُ (الحِجْرِ) بذلك؛ لذِكْرِ (الحِجْرِ) فيها، ولم يُذكَرْ في أيِّ سورة أخرى.
جاءت موضوعاتُ السورة على النحو الآتي:
1. سُنَّة الله تعالى في إرسال الرسل (١-١٥).
2. إقامة الحُجة على الكافرين (١٦- ٢٥).
3. بيان أصل الغَواية والهِداية (٢٦- ٤٨).
4. مَصارِعُ الغابرين (٤٩-٨٤).
5. الخطاب للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمُضيِّ في أمرِ الدعوة (٨٥- ٩٩).
ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /93).
مِن مقاصدِ السورة: وصفُ الكتاب بأنه في الذِّروة من الجمعِ للمعاني، الموضِّحةِ للحق من غير اختلافٍ أصلًا، وأقرَبُ ما فيها وأمثَلُه وأشبَهُه بهذا المعنى: قصةُ أصحاب (الحِجْرِ).
وكذا مِن مقاصدها: تثبيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتظارُ ساعة النَّصر، وأن يَصفَحَ عن الذين يؤذونه، ويَكِلَ أمرهم إلى الله، ويشتغِلَ بالمؤمنين، وأن اللهَ كافِيهِ أعداءَه.
ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /20) ، "التَّحرير والتنوير" لابن عاشور (14 /7).