تفسير سورة الأعراف

جهود ابن عبد البر في التفسير
تفسير سورة سورة الأعراف من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير .
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

٢٢٢- أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ، قال : حدثنا محمد بن الجهم، قال : حدثنا روح بن عبادة، قال : حدثنا موسى بن عبيدة، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي في قوله – عز وجل- :﴿ كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ﴾، قال : من ابتدأ الله خلقه للضلالة، صيره إلى الضلالة- وإن عمل بأعمال الهدى، ومن ابتدأ الله خلقه على الهدى صيره الله إلى الهدى وإن عمل بأعمال الضلالة ابتدأ خلق إبليس على الضلالة وعمل بعمل السعادة مع الملائكة، ثم رده الله إلى ما ابتدأ عليه خلقه من الضلالة، قال : وكان من الكافرين. وابتدأ خلق السحرة على الهدى وعملوا بعمل الضلالة، ثم هداهم الله إلى الهدى والسعادة وتوفاهم عليها مسلمين، وبهذا الإسناد عن محمد بن كعب في قوله :﴿ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم ﴾١، يقول : فأقروا له بالإيمان ومعرفة الأرواح قبل أن تخلق أجسادها.
اخبرنا سعيد بن نصر، وأحمد بن محمد، قالا : حدثنا وهب بن مسرة، قال : حدثنا محمد بن عبد السلام، قال : حدثنا محمد بن بشار، قال : حدثنا عبد الرحمان ابن مهدي، قال : حدثنا محمد بن أبي وضاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : كما كتب عليكم تكونوا، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : شقيا وسعيدا، وقال ورقاء بن إياس عن مجاهد :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : يبعث المسلم مسلما، والكافر كافرا.
وقال الربيع بن أنس، عن أبي العالية :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : عادوا إلى علمه فيهم :﴿ فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ﴾.
١ - سورة الأعراف: ١٧٢..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:٢٢٢- أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ، قال : حدثنا محمد بن الجهم، قال : حدثنا روح بن عبادة، قال : حدثنا موسى بن عبيدة، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي في قوله – عز وجل- :﴿ كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ﴾، قال : من ابتدأ الله خلقه للضلالة، صيره إلى الضلالة- وإن عمل بأعمال الهدى، ومن ابتدأ الله خلقه على الهدى صيره الله إلى الهدى وإن عمل بأعمال الضلالة ابتدأ خلق إبليس على الضلالة وعمل بعمل السعادة مع الملائكة، ثم رده الله إلى ما ابتدأ عليه خلقه من الضلالة، قال : وكان من الكافرين. وابتدأ خلق السحرة على الهدى وعملوا بعمل الضلالة، ثم هداهم الله إلى الهدى والسعادة وتوفاهم عليها مسلمين، وبهذا الإسناد عن محمد بن كعب في قوله :﴿ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم ﴾١، يقول : فأقروا له بالإيمان ومعرفة الأرواح قبل أن تخلق أجسادها.
اخبرنا سعيد بن نصر، وأحمد بن محمد، قالا : حدثنا وهب بن مسرة، قال : حدثنا محمد بن عبد السلام، قال : حدثنا محمد بن بشار، قال : حدثنا عبد الرحمان ابن مهدي، قال : حدثنا محمد بن أبي وضاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : كما كتب عليكم تكونوا، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : شقيا وسعيدا، وقال ورقاء بن إياس عن مجاهد :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : يبعث المسلم مسلما، والكافر كافرا.
وقال الربيع بن أنس، عن أبي العالية :﴿ كما بدأكم تعودون ﴾، قال : عادوا إلى علمه فيهم :﴿ فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ﴾.
١ - سورة الأعراف: ١٧٢..

٢٢٣- الزينة المأمور بها في قول الله – عز وجل- :﴿ خذوا زينتكم عند كل مسجد ﴾، هي الثياب الساترة للعورة ؛ لأن الآية نزلت من أجل الذين كانوا يطوفون بالبيت عراة، وهذا مالا خلاف فيه بين العلماء.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال : حدثنا حمزة بن محمد، قال : أنبأنا أحمد بن شعيب، قال : أنبأنا محمد بن بشار، قال : حدثنا غندر١، عن شعبة، عن سلمة، قال : سمعت مسلما البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله٢
فنزلت :﴿ يا بني ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد ﴾. ( ت : ٦/٣٧٦-٣٧٧. وانظر س : ٥/٤٢٧ )
١ - هو محمد بن جعفر الحافظ، المجود، الثبت، أبو عبد الله الهذلي مولاهم البصري الكرابيسي، التاج، أحد المتقنين. روى عن ابن جريج، ومعمر، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة فأكثر عنه.. وعنه علي بن المديني، وأحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين، ومحمد بن بشار، وآخرون. توفي سنة: ١٩٤هـ انظر طبقات ابن سعد: ٧/٢٩٦، وسير أعلام النبلاء: ٩/٩٨-١٠٢..
٢ - أورده ابن جرير في معرض تفسيره لهذه الآية. انظر جامع البيان: ٨/١٥٩-١٦٠..
٢٢٤- يعني الحلال. ( س : ١٧/١٥٩-١٦٠ )
٢٢٥- يعني أخاهم في النسب. ( الإنباء على قبائل الرواة : ٣٠ )
٢٢٦- في قول الله – عز وجل- :﴿ فإن استقر مكانه فسوف تراني ﴾، دلالة واضحة لمن أراد الله هداه، أنه يرى إذا شاء، ولم يشأ ذلك في الدنيا بقوله :﴿ لا تدركه الأبصار ﴾١.
وقد شاء ذلك في الجنة بقوله :﴿ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ﴾٢.
ولو كان لا يراه أهل الجنة لما قال :﴿ فإن استقر مكانه فسوف تراني ﴾، وفي هذا بيان أنه لا يرى في الدنيا، لأن أبصار الخلائق لم تعط في الدنيا تلك القوة. والدليل على أنه ممكن أن يرى في الآخرة بشرطه في الرؤية ما يمكن من استقرار الجبل، ولا يستحيل وقوعه، ولو كان محالا كون الرؤية، ليقدها بما يستحيل وجوده، كما فعل بدخول الكافرين الجنة، قيد قبل ذلك بما يستحيل من دخول الجمل في سم الخياط٣. ولا يشك مسلم أن موسى كان عارفا بربه، وما يجوز عليه، فلو كان عنده مستحيلا، لم يسأله ذلك، ولكان بسؤاله إياه كافرا، كما لو سأله أن يتخذ شريكا، أو صاحبة، وإذا امتنع أن يرى في الدنيا بما ذكرناه، لم يكن لقوله :﴿ إلى ربها ناظرة ﴾، وجه إلا النظر إليه في القيامة على ما جاء في الآثار الصحاح٤ عن النبي – صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وأهل اللسان.
وجعل الله –عز وجل- الرؤية لأوليائه يوم القيامة، ومنعها من أعدائه، الم تسمع إلى قوله –عز وجل- :﴿ كلا إنهم عن ربهم لمحجوبون ﴾٥. ( ت : ٧/١٥٣-١٥٤ )
٢٢٧- في قول الله- عز وجل :﴿ فلما تجلى ربه للجبل ﴾، دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليا للجبل، وفي ذلك ما يفسر معنى حديث التنزيل. ٦
ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله- عز وجل- :﴿ فلما تجلى ربه للجبل ﴾، فلينظر في تفسير بقي بن مخلد، ومحمد بن جرير، وليقف على ما ذكرا من ذلك، ففيما ذكرا منه كفاية، وبالله العصمة والتوفيق. ( ت : ٧/١٥٣ )
١ - سورة الأنعام: ١٠٤..
٢ - سورة القيامة: ٢١-٢٢..
٣ - يشير إلى قوله تعالى: ﴿إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين﴾ الأعراف: ٣٩..
٤ - أخرج الإمام مسلم قال: حدثنا زهير بن حرب، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، حدثنا قيس بن أبي حازم، قال: سمعت جرير بن عبد الله وهو يقول: كنا جلوسا عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: (أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)- الحديث: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما: ١/٤٣٩..
٥ - سورة المطففين: ١٥..
٦ - هو قوله- صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء: ١٣٠-١٣١..
٢٢٨- هذا عند أهل العلم عند سماع القرآن في الصلاة، فأوجب تبارك وتعالى الاستماع والإنصات على كل مصل جهر إمامه بالقراءة، ليسمع القراءة. ومعلوم أن هذا في صلاة الجهر دون صلاة السر ؛ لأنه مستحيل أن يريد بالإنصات والاستماع من لا يجهر إمامه. ( ت : ١١/٣٠. وانظر س : ٤/٢٣٠-٢٣٤ )
٢٢٩- قال أبو عمر : في قول الله –عز وجل :﴿ وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ﴾ مع إجماع أهل العلم أن مراد الله من ذلك في الصلوات المكتوبة- أوضح الدلائل على أن المأموم إذا جهر إمامه في الصلاة، أنه لا يقرأ معه بشيء، وأن يستمع له وينصت. ( ت : ١١/٣٠-٣١ )
Icon