تفسير سورة الحج

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
تفسير سورة سورة الحج من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور .
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ

قوله تعالى ﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : وما بينه هنا من شدة أهوال الساعة، وعظم زلزلتها بينه في غير هذا الموضع كقوله تعالى ﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها ﴾ وقوله تعالى ﴿ وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ﴾ وقوله تعالى ﴿ إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا ﴾...
قال ابن حبان : أخبرنا الحسن بن سفيان، قال : حدثنا محمود بن غيلان، قال حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر، عن قتادة عن أنس بن مالك، قال نزلت ﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له، فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه، ثم قال : أتدرون أي يوم هذا ؟ يوم يقول الله عز وجل لآدم يا آدم، قُم فابعث بعث النار من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين، فكبُر ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " سدّدوا وقاربوا وأبشروا، فوالذي نفسي بيده، ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير، أو كالرقمة في ذراع الدابة، وإن معكم لخليقتين ما كانتا مع شيء قط إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج، ومن هلك من كفرة الجن والإنس ".
( الإحسان١٦/٣٥٦ ح٧٣٥٤ )وقال محققه : إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الحاكم في ( المستدرك٤/٥٦٦-ك الأهوال من طريق إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق به ). وقال : هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وعزاه الهيثمي لأبي يعلى وقال : ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن مهدي وهو ثقة ( مجمع الزوائد١٠/٣٩٤ ).
قال الحاكم : أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي : ثنا سعيد ابن مسعود، ثنا عبيد الله بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله قال : أول سورة نزلت فيها السجدة الحج، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد وسجد الناس إلا رجل أخذ التراب فسجد عليه، فرأيته قتل كافرا.
( المستدرك١/٢٢٠-٢٢١-ك الصلاة ) قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
انظر حديث ابن عباس المتقدم عند الآية ( ١١٧-١١٨ ) من سورة المائدة.
قوله تعالى ﴿ يوم ترونها تذهل كل مُرضعة عمّا أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سُكارى وما هم بسُكارى ولكن عذاب الله شديد ﴾
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص حدثنا أُبي حدثنا الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم، فيقول لبيك ربنا وسعديك. فينادى بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار، قال : يا رب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف -أراه قال- تسعمائة وتسعة وتسعين. فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. فشقّ ذلك عل الناس حتى تغيرت وجوههم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين، ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، وإني لأرجو أن تكونوا ربُع أهل الجنة، فكبّرنا ثم قال : ثلث أهل الجنة، فكبرنا. ثم قال : شطر أهل الجنة، فكبرنا ". قال أبو أسامة عن الأعمش :﴿ { ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ﴾ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين. وقال جرير وعيسى ابن يونس وأبو معاوية ﴿ سكرى وما هم بسكرى ﴾
( صحيح البخاري ٨/٢٩٥ح٤٧٤١-ك التفسير-سورة الحج، ب ﴿ وترى الناس سكارى ﴾ )
قوله تعالى ﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ﴾. ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن بعض الجهال كالكفار يجادل في الله بغير علم : أي يخاصم فيه بغير مستند من علم بينه في غير هذا الموضع كقوله في هذه السورة الكريمة ﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله ﴾ الآية وقوله تعالى في لقمان ﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ﴾ فقوله في آية لقمان هذه : أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير، كقوله في الحج ﴿ كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ﴾. ومن الآيات الدالة على مجادلة الكفار في الله بغير علم قوله تعالى ﴿ أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ﴾ وقوله في أول النحل ﴿ خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين ﴾...
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ كتب عليه أنه من تولاه ﴾ قال : الشيطان اتبعه.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى في هذه الآية الكريمة ﴿ ويهديه إلى عذاب السعير ﴾ يدل على أن الهدى كما أنه يستعمل في الإرشاد والدلالة على الخير، يستعمل أيضا في الدلالة على الشر، لأنه قال ﴿ ويهديه إلى عذاب السعير ﴾ ونظير ذلك في القرآن قوله تعالى ﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ وقوله تعالى ﴿ وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ﴾ الآية، لأن الإمام هو من يُقتدى به في هديه وإرشاده.
قوله تعالى ﴿ يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مُخلقة لنبين لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نُخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يُتوفى ومنكم من يُردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : هذه الآية الكريمة والآيات التي بعدها، تدل على أن جدال الكفار المذكور في قوله :﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ﴾ يدخل فيه جدالهم في إنكار البعث، زاعمين أنه جل وعلا لا يقدر أن يحيي العظام الرميم، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا...
انظر حديث ابن مسعود في سورة الرعد آية ( ٨ ).
وانظر سورة المؤمنون آية ( ١٢-١٤ ) لبيان خلق أطوار الإنسان.
وانظر حديث البخاري عن ابن عمر المتقدم عند الآية ( ٨ ) من سورة الرعد. وهو حديث : " مفاتيح خمسة... ".
قال الطبري : حدثنا أبو كريب، قال : ثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله قال : إذا وقعت النطفة في الرحم، بعث الله ملكا فقال : يا رب مخلقة، أو غير مخلقة ؟ فإن قال : غير مخلقة مجتها الأرحام دما وإن قال : مخلقة، قال : يا رب فما صفة هذه النطفة أذكر أم أنثى ما رزقها ما أجلها أشقي أو سعيد ؟ قال : فيقال له : انطلق إلى أم الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة. قال : فينطلق الملك فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.
( التفسير١٧-١١٧، وأخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير٣/٢٠٧ )من طريق داود به، ورجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن أبا معاوية قد يهم في غير حديث الأعمش. والحديث له حكم الرفع لأنه لا مدخل للرأي فيه، وسيأتي بعضه في حديث الصحيحين من طريق زيد بن وهب عن ابن مسعود مرفوعا عند الآية ( ١٢-١٤ ) من سورة المؤمنين ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قول الله ﴿ مخلقة وغير مخلقة ﴾ قال : تامة وغير تامة.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ﴾ قال : التمام.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ اهتزت وربت ﴾ قال : حسنت، وعرفت الغيث في ربوها.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ وأنبتت من كل زوج بهيج ﴾ قال : حسن.
قوله تعالى ﴿ ومن الناس من يُجادل في الله بغير علم ولا هُدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليُضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونُذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ﴾
انظر الآية رقم ( ٣ ) من السورة نفسها لبيان الجدال بغير علم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله :﴿ ثاني عطفه ﴾ يقول : مستكبرا في نفسه.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ ثاني عطفه ﴾ قال : رقبته.
قوله تعالى ﴿ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ﴾
قال البخاري : حدثني إبراهيم بن الحارث حدثنا يحيى بن أبي بُكير حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :﴿ ومن الناس من يعبد الله على حرف ﴾ قال : كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاما ونُتجت خيله قال : هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تُنتج خيله قال : هذا دين سوء.
( صحيح البخاري٨/٢٩٦-ك التفسير-سورة الحج-ب ( الآية )ح٤٧٤٢ ).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ على حرف ﴾ قال : على شك ﴿ فإن أصابه خير ﴾ رخاء وعافية ﴿ اطمأن به ﴾ : استقر ﴿ وإن أصابته فتنة ﴾ عذاب ومصيبة ﴿ انقلب ﴾ ارتد ﴿ على وجهه ﴾ كافرا.
قوله تعالى ﴿ ولبئس العشير ﴾
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله ﴿ ولبئس العشير ﴾ قال : الوثن.
قوله تعالى ﴿ من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ﴾
قال الطبري : حدثنا أبو كريب، ثنا بن عطية، قال : ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، قال : قلت لابن عباس أرأيت قوله :﴿ من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ﴾ قال : من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا، فليربط حبلا في سقف، ثم ليختنق به حتى يموت.
( التفسير١٧/١٢٦-١٢٧ )، وأخرجه الحاكم في ( المستدرك٢/٣٨٦ ) من طريق سفيان، عن أبي إسحاق به مختصرا، ولفظه :﴿ من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا ) وصححه ووافقه الذهبي، وعلقه البخاري في صحيحه مختصرا بصيغة جزم، فقال : وقال ابن عباس { بسبب ﴾ : بحبل إلى سقف البيت ). قال ابن حجر : وصله عبد بن حميد من طريق أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس... ) فذكره بقريب من لفظ الطبري. { البخاري مع الفتح٨/٤٣٨-٤٤١-ك التفسير-سورة الحج ).
أخرج عبد الرزاق والطبري بسنديهما الصحيح عن قتادة ﴿ من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة ﴾ قال : من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ﴿ فليمدد بسبب ﴾ يقول :﴿ بحبل إلى سماء البيت { ثم ليقطع ﴾ يقول : ثم ليختنق فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله ﴿ أن لن ينصره الله ﴾ قال : يرزقه الله ﴿ فليمدد بسبب ﴾ قال : بحبل ﴿ إلى السماء ﴾ سماء ما فوقك ﴿ ثم ليقطع ﴾ ليختنق، هل يذهبن كيده ذلك خنقه أن لا يرزق.
قوله تعالى ﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ﴾
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة، في قوله ﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا ﴾ قال : الصابئون : قوم يعبدون الملائكة ويصلون القبلة ويقرؤن الزبور، والمجوس : يعبدون الشمس والقمر والنيران. والذين أشركوا : يعبدون الأوثان. والأديان ستة : خمسة للشيطان، وواحد للرحمن.
وانظر سورة البقرة آية ( ٦٢ ) قول قتادة ومجاهد وزياد بن أبيه.
قوله تعالى ﴿ ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدّواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يُهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ﴾
انظر حديث مسلم المتقدم عند الآية ( ٢٠٦ ) من سورة الأعراف. وهو حديث : " إذا قرأ بن آدم السجدة... ".
وانظر سورة الرعد آية ( ١٥ ) قول قتادة.
قوله تعالى ﴿ هذان خصمان اختصموا في ربهم ﴾
قال البخاري : حدثنا بن منهال حدثنا هُشيم أخبرنا أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي ذر رضي الله عنه ( أنه كان يُقسم فيها قسما : إن هذه الآية ﴿ هذان خصمان اختصموا في ربهم ﴾ نزلت في حمزة وصاحبيه وعُتبة وصاحبيه يوم برزوا في يوم بدر ). رواه سفيان عن أبي هاشم. وقال عثمان عن جرير عن منصور عن أبي هاشم عن أبي مجلز... قوله.
( صحيح البخاري ٨/٢٩٧-٢٩٨-ك التفسير، سورة الحج، ب ( الآية ) ح٤٧٤٣ ). ( صحيح مسلم٤/٢٣٢٣بنحوه-ك التفسير-ب في قوله تعالى ﴿ هذان خصمان اختصموا في ربهم ﴾ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله ﴿ هذان خصمان اختصموا في ربهم ﴾ قال مثل المؤمن والكافر اختصامهما في البعث.
قال البخاري : حدثنا حجاج بن منهال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عُباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال( أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة } قال قيس : وفيهم نزلت ﴿ هذان خصمان اختصموا في ربهم ﴾ قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعُبيدة وشيبة بن ربيعة وعُتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
( صحيح البخاري٨/٢٩٧-٢٩٨ ك التفسير، سورة الحج، ب ( الآية )ح٤٧٤٤ ). ( صحيح مسلم٤/٢٣٢٣ بنحوه- ك التفسير- باب في قوله تعالى ﴿ هذان خصمان اختصموا في ربهم ﴾ ).
قوله تعالى ﴿ فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود، ولهم مقامع من حديد ﴾ ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة، من أنواع عذاب أهل النار جاء مبينا في آيات أخر من كتاب الله، فقوله هنا ﴿ قطعت لهم ثياب من نار ﴾ أي قطع الله لهم من النار ثيابا، وألبسهم إياها تتقد عليهم كقوله فيهم ﴿ سرابيلهم من قطران ﴾ والسرابيل : هي الثياب التي هي القمص، كما قدمنا إيضاحه، وكقوله ﴿ لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ﴾ والغواشي : جمع غاشية : وهي غطاء كاللحاف، وذلك هو معنى قوله هنا ﴿ قطعت لهم ثياب من نار ﴾ وقوله تعالى هنا ﴿ يصب من فوق رؤوسهم الحميم ﴾ ذكره أيضا في غير هذا الموضع كقوله ﴿ ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾ والحميم : الماء البالغ شدة الحرارة، وكقوله تعالى ﴿ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ﴾ الآية.
وقوله هنا ﴿ يصهر به ما في بطونهم ﴾ أي يذاب بذلك الحميم إذا سقوه فوصل إلى بطونهم كل ما في بطونهم من الشحم والأمعاء وغير ذلك، كقوله تعالى ﴿ وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم... ﴾.
قال الترمذي : حدثنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن ابن حجيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان ).
( السنن٤/٧٠٥ح٢٥٨٢-ك صفة جهنم ) البستي في تفسيره ما جاء في صفة شراب أهل النار. قال الترمذي : حسن صحيح غريب. وأخرجه أحمد ( المسند٢/٣٧٤ ) من طريق إبراهيم. والحاكم في( المستدرك٢/٣٨٧ )من طريق عبدان، كلاهما عن عبد الله بن المبارك به. قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وحسنه الشيخ أحمد شاكر( حاشية المسند ح٨٨٥١ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قال : الكفار قطعت لهم ثياب من نار، والمؤمن يدخل جنات تجري من تحتها الأنهار وقوله ﴿ يصب من فوق رءوسهم الحميم ﴾ يقول : يصب على رءوسهم ماء مغلي.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله :﴿ يصهر به ﴾ قال : يذاب به إذابة.
قوله تعالى ﴿ إن الله يُدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يُحلون فيها من أساور من ذهب ولُؤلؤا ولباسُهم فيها حرير ﴾
انظر سورة البقرة آية ( ٢٥ ).
قال البخاري : حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال، سمعت أنس بن مالك، قال شعبة، فقلتُ أعن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال شديدا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة ".
( الصحيح١٠/٢٩٦ح٥٨٣٢-ك اللباس-ب لبس الحرير للرجال... )، وأخرجه مسلم ( الصحيح٣/١٦٤١، بعد حديث٢٠٦٩- ك اللباس والزينة، ب تحريم استعمال إناء الذهب.. والحرير على الرجل، من حديث عبد الله بن الزبير به ).
وانظر سورة الكهف آية ( ٣١ ) وفي سورة الإنسان أساور من فضة أيضا.
قوله تعالى ﴿ وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ وهدوا إلى الطيب من القول ﴾ قال : ألهموا. وقوله ﴿ وهدوا إلى صراط الحميد ﴾ يقول جل ثناؤه : وهداهم ربهم في الدنيا إلى طريق الرب الحميد.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ وهدوا إلى الطيب من القول ﴾ قال : ألهموا. وقوله ﴿ وهدوا إلى صراط الحميد ﴾ يقول : جل ثناؤه : وهداهم ربهم في الدنيا إلى طريق الرب الحميد.
قوله تعالى ﴿ إن الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله ﴿ سواء العاكف فيه البارد ﴾ يقول : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ سواء العاكف فيه ﴾ قال : الساكن، والباد الجانب سواء حق الله عليهما فيه.
قوله تعالى ﴿ ومن يُرد فيه بإلحاد بظُلم نذقه من عذاب أليم ﴾
قال البخاري : حدثنا أبو اليمان أخبرنا شُعيب عن عبد الله بن أبي حسين حدثنا نافع بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبغض الناس إلى الله ثلاثة : مُلحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومُطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه ".
( صحيح البخاري ١٢/٢١٩-ك الديات، ب من طلب دم امرئ بغير حق ح٦٨٨٢ ).
قال الحاكم : حدثناه أبو الحسن محمد بن موسى بن عمران الفقيه من أصل كتابه، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا أبو هاشم زياد بن أيوب، أنبأ يزيد بن هارون، أنبأ شعبة عن السدي، عن مرة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قول الله عز وجل ﴿ ومن يرد فيه إلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ﴾ قال : لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين لأذاقه الله عذابا أليما.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ( المستدرك٢/٣٨٨-ك التفسير ) وصححه الذهبي ). وقال ابن كثير : حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ( التفسير٥/٤٠٧ )، وأخرجه أحمد من طريق يزيد بن هارون به ( المسند١/٤٢٨ ) وعزاه الهيثمي إلى أحمد وأبي يعلى والبزار وقال رجال أحمد رجال الصحيح ( مجمع الزوائد٧/٧٠ ) وصححه أحمد شاكر في( حاشية المسند ح٤٠٧١ ) وحسنه محققو المسند بإشراف أ. د عبد الله التركي ( المسند٧/١٥٥ح٤٠٧١ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله ﴿ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ﴾ يقول : بشرك.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ﴾ قال : يعمل فيه عملا سيئا.
قوله تعالى ﴿ وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ﴾
قال الحاكم : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا حميد بن عياش الرملي، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي رضي الله عنه قال : لما أُمر إبراهيم عليه السلام ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر، فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس فكلمه فقال يا إبراهيم، ابن على ظلي -أو على قدري- ولا تزد ولا تنقص، فلما بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر وذلك حيث يقول الله عز وجل :﴿ وإذ بوأنا إبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ﴾.
( المستدرك٢/٥٥١-ك التاريخ ) قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ).
انظر سورة آل عمران آية ( ٩٦-٩٧ ) حديث البخاري عن أبي ذر.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ طهرا بيتي ﴾ قال : من أهل الشرك وعبادة الأوثان.
وانظر سورة البقرة آية ( ١٢٥ ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة، و ﴿ القائمين ﴾ قال : القائمون : المصلون.
قوله تعالى ﴿ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ﴾
قال الطبري : ثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له :﴿ أذن في الناس بالحج ﴾ قال : رب وما يبلغ صوتي ؟ قال أذّن وعليّ البلاغ. فنادى إبراهيم : أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فحجوا. قال فسمعه ما بين السماء والأرض، أفلا ترى الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون.
( التفسير( ١٧/١٤٤ )، وأخرجه الحاكم ( المستدرك٢/٣٨٨ ) من طريق جرير به. وقال ( صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ). وقال الأرناؤوط : حديث موقوف حسن ( حاشية العواصم والقواصم٧/١٦ ).
قال البخاري حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب ن سالم بن عبد الله أأن سالم بن عبد الله أخبره أن ابن عمر رضي الله عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب راحلته بذي الحُليفة ثم يُهل حتى تستوى به قائمة.
( صحيح البخاري٣/٤٤٣ح١٥١٤-ك الحج، ب قول الله تعالى ﴿ يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ﴾ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ يأتوك رجالا ﴾ قال : على أرجلهم.
أخرج البستي بسنده الحسن عن سعيد ابن جبير :﴿ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ﴾ قال : فوقرت في كل قلب، كل ذكر وأنثى.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ فج عميق ﴾ قال : مكان بعيد }.
قوله تعالى ﴿ ليشهدوا منافع لهم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ليشهدوا منافع لهم ﴾ قال : التجارة وما يرضي الله من أمر الدنيا والآخرة.
قوله تعالى ﴿ ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ﴾
قال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة قال حدثنا شعبة عن سليمان عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه، قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد، إلا رجل خرج يُخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ".
( صحيح البخاري٢/٥٣٠- ك العيدين- ب فضل العمل في أيام التشريق ح٩٦٩ ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ في أيام معلومات ﴾ قال : أيام العشر، والمعدودات أيام التشريق.
قوله تعالى ﴿ ... فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ﴾
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. جميعا عن حاتم قال أبو بكر : حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : دخلنا على جابر بن عبد الله... فساق الحديث الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قوله : ثم انصرف إلى المنحر. فنحر ثلاثا وستين بيده. ثم أعطى عليا. فنحر ما غبر. وأشركه في هديه. ثم أمر من كل بدنة ببضعة. فجعلت في قدر. فطبخت فأكلا من لحمهما وشربا من مرقها. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت. فصلى بمكة الظهر. فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم. فقال : " انزعوا بني عبد المطلب ! فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم " فناولوه دلوا فشرب منه.
( الصحيح٢/٨٩٢ح١٢١٨- ك الحج- ب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ).
قال البخاري : حدثنا بن كثير أخبرنا سفيان قال أخبرني ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فقمت على البدن، فأمرني فقسمت لحومها، ثم أمرني فقسمت جلالها وجلودها.
( الصحيح٣/٦٤٩-ك الحج، ب لا يعطى الجزار من الهدي شيئا )، وأخرجه مسلم ( الصحيح٢/٩٥٤ ح١٣١٧-ك الحج، ب في الصدقة بلحوم الهدي... ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ البائس الفقير ﴾ الذي يمد إليك يديه.
قوله تعالى ﴿ ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليّطوفوا بالبيت العتيق ﴾
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ثم ليقضوا تفثهم ﴾ قال : حلق الرأس، وحلق العانة، وقص الأظفار، وقص الشارب، ورمي الجمار، وقص اللحية.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله :﴿ ثم ليقضوا تفثهم ﴾ قال : يعني بالتفث : وضع إحرامهم من حلق الرأس ولبس الثياب، وقص الأظفار ونحو ذلك.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ وليوفوا نذورهم ﴾ نذر الحج والهدى، وما نذر الإنسان من شيء يكون في الحج.
قال ابن خزيمة : ثنا سعيد بن عبد الرحمان المخزومي، ثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاووس، عن ابن عباس قال : الحِجْر من البيت، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من ورائه، وقال الله ﴿ وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾.
( الصحيح٤/٢٢٢-ك الحج، ب الطواف من راء الحجر ح٢٧٤٠ )، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك١/٤٦٠ )، وأخرجه البيهقي في ( سننه٥/٩٠ ) كلاهما من طريق سفيان به، قال محقق ابن خزيمة : إسناده صحيح، وله شواهد صحيحة ( انظر إرواء الغليل ٤/٣٠٥-٣٠٧ ح١١٠٦ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله :﴿ البيت العتيق ﴾ قال : أعتقه الله من الجبابرة يعني الكعبة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله ﴿ وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾ يعني : زيارة البيت.
قوله تعالى ﴿ ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ﴾
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله ﴿ وذلك ومن يعظم حرمات الله ﴾، قال : الحرمة : مكة والحج والعمرة، وما نهى الله عنه من معاصيه كلها.
قوله تعالى ﴿ وأُحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم ﴾ لم يبين هنا هذا الذي يتلى عليهم المستثنى من حلية الأنعام، ولكنه بينه بقوله في سورة الأنعام ﴿ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به ﴾ وهذا الذي ذكرنا هو الصواب...
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ إلا ما يتلى عليكم ﴾ قال : إلا الميتة، وما لم يذكر اسم الله عليه.
قوله تعالى ﴿ فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ﴾
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله بشر من المفضل حدثنا الجُريري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ".
( صحيح البخاري١١/٦٩- ك الاستئذان، ب من اتكأ بين يدي أصحابه ح٦٢٧٣ ).
قال البخاري : حدثنا مسدد حدثنا بشر مثله وكان متكئا فجلس، فقال : " ألا وقول الزور، فما زال يُكرّرها حتى قلنا ليته سكت ".
( صحيح البخاري١١/٦٩- ك الاستئذان، ب من اتكأ بين يدي أصحابه ح٦٢٧٤ ).
قال البخاري : حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ". قال أحمد : أفهمني رجل إسناده.
( صحيح البخاري١٠/٤٨٨ ح٦٠٥٧- ك الأدب- ب قول الله تعالى ﴿ واجتنبوا قول الزور ﴾ ).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله :﴿ قول الزور ﴾، قال : الكذب.
قوله تعالى ﴿ حنفاء غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ﴾
انظر سورة البينة آية ( ٥ ) وسورة البقرة آية ( ١٣٥ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ فكأنما خر من السماء ﴾ قال : هذا مثل ضربه الله لمن أشرك في بعده من الهدى وهلاكه ﴿ فتخطفه الطير، أو تهوي به الريح في مكان سحيق ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله ﴿ في مكان سحيق ﴾ قال : بعيد.
قوله تعالى ﴿ ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ﴾
قال ابن ماجة : حدثنا محمد بن بشار. ثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، وعبد الرحمن وأبو داود، وابن أبي عدي، وأبو الوليد، قالوا : ثنا شعبة، سمعت سليمان بن عبد الرحمن، قال : سمعت عُبيد بن فيروز قال : قلت للبراء بن عازب : حدثني بما كره أو نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضاحي. فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هكذا بيده. ويدي أقصر من يده : " أربع لا تُجزئُ في الأضاحي : العوراء البيّن عورها.
والمريضة البيّن مرضها. والعرجاء البيّن ضلعها. والكسيرة التي لا تُنفى ".
( السنن- الأضاحي، ب ما يكره أن يضحي به ح٣١٤٤ )، أخرجه أحمد ( المسند ٤/٢٨٤ )، والنسائي ( السنن ٧/٢١٤ )، وأبو داود ( السنن ٣/٢٣٥ ح٢٨٠٢ )، والترمذي( السنن٤/٨٥ح١٤٩٣ )، والحاكم ( المستدرك١/٤٦٧-٤٦٨ )من طرق عن عبيد بن فيروز به نحوه، وقال الترمذي : حسن صحيح. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الإمام أحمد : ما أحسنه من حديث ( انظر خلاصة البدر المنير٢/٣٧٩ ) وقال الألباني : إسناده صحيح ( انظر الإرواء٤/٣٦١ ).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ ومن يعظم شعائر الله ﴾، قال : استعظام البدن، واستسمانها، واستحسانها.
قوله تعالى ﴿ لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلّها إلى البيت العتيق ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله ﴿ لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ﴾ قال : في البدن لحومها وألبانها وأشعارها وأوبارها وأصوافها قبل أن تسمى هديا.
قال مسلم : وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا محمد بن بكر. أخبرنا ابن جريج. أخبرني عطاء. قال : كان ابن عباس يقول : لا يطوف بالبيت حاج غير حاج إلا حلَّ. قلت لعطاء : من أين يقول ذلك ؟ قال : من قول الله تعالى :﴿ ثم محلها إلى البيت العتيق ﴾ قال : قلت : فإن ذلك بعد المعرّف فقال : كان ابن عباس يقول : هو بعد المعرّف وقبله. وكان يأخذ ذلك من أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين أمرهم أن يحلّوا في حجة الوداع.
( صحيح مسلم٢/٩١٣- ك الحج- ب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام ح١٢٤٥ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ثم محلها إلى البيت العتيق ﴾ يعني محل البدن حين تسمى إلى البيت العتيق.
قوله تعالى ﴿ ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلمُوا وبشّر المُخبتين ﴾
قال البخاري : حدثنا آدم بن أبي إياس : حدثنا شعبة : حدثنا قتادة، عن أنس قال : ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده.
( الصحيح ١٠/٢٠ ح٥٥٥٨- ك الأضاحي، ب من ذبح الأضاحي بيده ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ولكل أمة جعلنا منسكا ﴾ قال : إهراق الدماء ﴿ ليذكروا اسم الله على ما رزقهم ﴾.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله :﴿ وبشر المخبتين ﴾ قال : المطمئنين.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة، في قوله :﴿ وبشر المخبتين ﴾ قال : المتواضعين.
وانظر الآية التالية لمعرفة صفات المخبتين.
قوله تعالى ﴿ الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ﴾
في هذه الآية بيان صفات المخبتين، وانظر سورة الأنفال الآية( ٤-٢ ).
قوله تعالى ﴿ والبُدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمُعترّ كذلك سخّرناها لكم لعلّكم تشكرون ﴾
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن زياد بن جبير قال : رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها، قال : ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
( الصحيح٣/٦٤٦ ح١٧١٣- ك الحج- ب من نحر الإبل مقيدة )، وأخرجه مسلم ( الصحيح-ك الحج، ب نحر البدن مقيدة ح١٣٢٠ ).
قال ابن ماجة : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب، ثنا عبد الله ابن عياش، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كان له سعة، ولم يضحّ، فلا يقربن مصلانا ".
( السنن٢/١٠٤٤- ح٣١٢٣- ك الأضاحي- ب الأضاحي واجبة هي أم لا ؟ ) وأخرجه أحمد ( المسند٢/٣٢١ )عن أبي الرحمن، والحاكم ( المستدرك٢/٣٨٩ ) من طريق زيد بن الحباب، كلاهما عن عبد الله بن عياش به. قال الحاكم : صحيح ولم يخرجاه. وقال الألباني : حسن( صحيح ابن ماجه ح٢٥٣٢ ). وقد ذكر بعض النقاد أنه موقوف { انظر نصب الراية ٤/٢٠٧ ) وقد روي موقوفا، وقال الطحاوي الموقوف أشبه بالصواب ( نظر فتح الباري ١٠/٣ ).
أخرج البستي بسنده الصحيح عن مجاهد : ليست البدن إلا من الإبل.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله ﴿ لكم فيها خير ﴾ قال : أجر ومنافع في البدن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله ﴿ صواف ﴾ قال : قائمة، قال : يقول : الله أكبر، ولا إله إلا الله اللهم منك ولك.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ صواف ﴾ قال : قيام صواف على ثلاث قوائم.
أخرج الطبري عن الحسن أنه قال :﴿ صوافي ﴾ : خالصة لله.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قال : من قرأها ﴿ صوافن ﴾ قال : معقول. قال ومن قرأها ﴿ صواف ﴾ قال : تصف بين يديها.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ فإذا وجبت جنوبها ﴾ سقطت على الأرض.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله :﴿ القانع والمعتر ﴾ يقول : القانع المتعفف، والمعتز : يقول : السائل.
أخرج البستي بسنده الحسن عن مجاهد في قوله -جل ذكره- ﴿ فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ﴾ قال : إن شاء أكل، وإن شاء لم يأكل هي بمنزلة :﴿ وذا حللتم فاصطادوا ﴾.
قوله تعالى ﴿ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها.. ﴾
انظر حديث جابر المتقدم من رواية مسلم عند الآية ( ٢ ) من سورة المائدة.
قوله تعالى ﴿ إن الله يدافع عن الذين أمنوا ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ إن الله يدافع عن الذين آمنوا ﴾ بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه يدفع السوء عن عباده الذين آمنوا به إيمانا حقا، ويكفيهم شر أهل السوء، وقد أشار على هذا المعنى في غير هذا الموضع كقوله تعالى ﴿ ومن يتوكل على الله فهو حسبه ﴾ الآية. وقوله ﴿ أليس الله بكاف عبده ﴾ وقوله تعالى ﴿ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ﴾ وقوله تعالى ﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا ﴾ الآية. وقوله ﴿ وكان حقا علينا نصر المؤمنين ﴾.
قوله تعالى ﴿ أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ﴾
قال الترمذي : حدثنا سفيان بن وكيع. حدثنا أبي وإسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما أُخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال : أبو بكر أخرجوا نبيهم ليهلكن فأنزل الله ﴿ أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير ﴾ الآية، فقال أبو بكر لقد علمت أنه سيكون قتال.
قال : هذا حديث حسن.
وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير مرسل ليس فيه عن ابن عباس.
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير مرسلا ليس فيه عن ابن عباس.
( السنن٥/٣٢٥- ك التفسير، ب سورة الحج ح٣١٧١ ). وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي )، وأخرجه النسائي ( السنن٦/٢ ك الجهاد، ب وجوب الجهاد ) من طريق محمد بن سلام، وأحمد من طريق الأعمش به وصححه أحمد شاكر ح١٧٦٥. وابن حبان في صحيحه ( الإحسان١١/٨ ح٤٧١٠ ) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، والحاكم ( المستدرك٢/٦٦- ك الجهاد )، من طريق محمد بن سنان القزاز، كلهم عن إسحاق الأزرق به، وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال محقق الإحسان : إسناده صحيح على شرط مسلم.
قوله تعالى ﴿ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ﴾ يقول : دفع بعضهم بعضا في الشهادة، وفي الحق، وفيما يكون من قبل هذا، يقول : لولاهم لأهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ لهدمت صوامع ﴾ قال : صوامع الرهبان.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قال ﴿ وبيع ﴾ قال : وكنائس.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ لهدمت صوامع ﴾ قال : هي للصابئين ﴿ وبيع ﴾ للنصارى ﴿ وصلوات ﴾ قال : كنائس اليهود ﴿ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ﴾ قال : المساجد : مساجد المسلمين يذكر فيها اسم الله كثيرا.
قوله تعالى ﴿ ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ﴾ بين الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه أقسم لينصرن من ينصره، ومعلوم أن نصر الله إنما هو بإتباع ما شرعه وبامتثال أوامره، واجتناب نواهيه ونصرة رسله وإتباعهم ونصرة دينه وجهاد أعدائه وقهرهم حتى تكون كلمته جل وعلا هي العليا، وكلمة أعدائه السفلى. ثم إن الله جل وعلا بين صفات الذين وعدهم بنصره ليميزهم من غيرهم فقال مبينا من أقسم أنه ينصره، لأنه ينصر الله جل وعلا ﴿ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ﴾ الآية وما دلت عليه هذه الآية الكريمة : من أن من نصر الله نصره الله جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ﴾ وقوله تعالى ﴿ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم المنصورون إن جندنا لهم الغالبون ﴾...
قوله تعالى ﴿ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن أبي العالية، في قوله :﴿ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ﴾ قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الإخلاص لله وحده، ولا شريك له، ونهيهم عن المنكر، أنهم نهوا عن عبادة الأوثان، وعبادة الشيطان، قال : فمن دعا إلى الله من الناس كلهم فقد أمر بالمعروف، ومن نهى عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان فقد نهى عن المنكر.
قوله تعالى ﴿ فكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عُروشها وبئر معطّلة وقصر مشيد ﴾
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ خاوية ﴾ قال : خربة ليس فيها أحد.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ وبئر معطلة ﴾ قال : أعطلها أهلها، تركوها.
أخرج الطبري بالإسناد الثابت عن السدي ومجاهد ﴿ مشيد ﴾ بمحصص.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ وقصر مشيد ﴾ قال : كان أهله شيدوه وحصنوه، فهلكوا وتركوه.
قوله تعالى ﴿ ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده ﴾ ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم تعجيل العذاب الذي يعدهم به طغيانا وعنادا ؟ والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة في القرآن كقوله تعالى ﴿ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ﴾ وقوله ﴿ يستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب ﴾ الآية.
قوله تعالى ﴿ وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾
قال ابن ماجة : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. ثنا محمد بن بشر عن محمد ابن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم. خمسمائة عام ".
( سنن ابن ماجة ٢/١٣٨٠ )- ك الزهد، ب منزلة الفقراء ح٤١٢٢ ). ورواه الترمذي والنسائي من طريق الثوري عن محمد بن عمرو به، وقال الترمذي : حسن صحيح، ( السنن- أبواب الزهد، ب ما جاء في فضل الفقر وانظر تفسير ابن كثير٥/٤٣٧ ). وقال الألباني : حسن صحيح ( صحيح ابن ماجة٢ /٣٩٦ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ وإن يوما عند ربك كألف سنة ﴾ قال : من أيام الآخرة.
قوله تعالى ﴿ وكأيّن من قرية أمليتُ لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإليّ المصير ﴾
انظر سورة الأعراف آية ( ٤ ).
قوله تعالى ﴿ والذين سعوا في آياتنا مُعاجزين أولئك أصحاب الجحيم ﴾
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ في آياتنا معاجزين ﴾ قال : كذبوا بآيات الله، فظنوا أنهم يعجزون الله، ولن يعجزوه.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله :﴿ معجزين ﴾ قال : مبطئين يبطئون الناس عن إتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يُلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله :﴿ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ﴾ يقول : إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
أي يسمع الكفار ما ألقى الشيطان ولا يسمعه المؤمنون لأنه ليس للشيطان على المؤمنين من سلطان.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ فينسخ الله ما يلقي الشيطان ﴾ فيبطل الله ما ألقى الشيطان.
قوله تعالى ﴿ ليجعل ما يُلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظّالمين لفي شقاق بعيد ﴾
انظر سورة البقرة آية ( ١٠و١٣٧ ).
قوله تعالى ﴿ وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين أمنوا إلى صراط مستقيم ﴾
انظر آخر آية ( ٣٤ ) من السورة نفسها.
انظر سورة الفاتحة لبيان أن الصراط المستقيم : هو الإسلام.
قوله تعالى ﴿ أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ﴾
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله ﴿ عذاب يوم عقيم ﴾ قال : هذا يوم بدر. ذكره عن أبي بن كعب.
قوله تعالى ﴿ ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله ﴾
انظر حديث الحاكم المتقدم تحت الآية رقم ( ٢٣ ) من سورة يونس.
وانظر سورة النحل الآية ( ١٢٦ ) وفيها حديث البخاري والحاكم.
وانظر سورة البقرة آية ( ١٩٤ ).
قوله تعالى ﴿ ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ﴾
انظر سورة آل عمران آية ( ٢٧ ).
قوله تعالى ﴿ ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم ﴾
انظر سورة فاطر آية ( ٤١ )، وسورة البقرة آية الكرسي آية ( ٢٥٥ ) ﴿ وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤده حظهما ﴾.
قوله تعالى ﴿ وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور ﴾
انظر سورة البقرة آية ( ٢٨ ). وسورة غافر آية ( ١١ ) وسورة الروم آية ( ٤٠ ) وسورة الجاثية آية ( ٢٦ ).
قوله تعالى ﴿ لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله ﴿ لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ﴾ يقول : عيدا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ هم ناسكوه ﴾ قال : إهراق دماء الهدي.
قوله تعالى ﴿ يكادون يسطون ﴾.
أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله :﴿ يكادون يسطون ﴾ يقول : يبطشون.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله :﴿ يكادون يسطون ﴾ قال : يبطشون كفار قريش.
قوله تعالى ﴿ يا أيها الناس ضُرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذُبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضَعُفَ الطالب والمطلوب ﴾
قال البخاري : حدثنا محمد ابن العلاء : حدثنا ابن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله عز وجل : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة ".
( الصحيح ١٣-٥٣٧ح٧٥٥٩- ك التوحيد، ب قول الله تعالى ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ ).
وأخرجه مسلم( الصحيح- ك اللباس والزينة، ب تحريم تصوير صورة الحيوان-ح٢١١١ ).
قوله تعالى ﴿ وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النّصير ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ وما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾، الحرج : الضيق كما أوضحناه في أول سورة الأعراف. وقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة : أن الحنيفة السمحة التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنها مبنية على التخفيف والتيسير، لا على الضيق والحرج، وقد رفع الله فيها الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا. وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة ذكره جل وعلا في غير هذا الموضع كقوله تعالى ﴿ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ﴾، وقوله ﴿ يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ﴾
قال النسائي : أنا هشام بن عمار، نا محمد بن شعيب، أنبأني معاوية بن سلام، أن أخاه زيد بن سلام أخبره، عن أبي سلام، أنه أخبره قال : أخبرني الحارث الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم. قال رجل " يا رسول الله وإن صام وصلى ؟ قال : نعم، وإن صام وصلى، فادعوا بدعوى التي سمّاكم الله بها : المسلمين المؤمنين، عباد الله ".
( التفسير٢/٩٤ح٣٦٩ ) وهذا الإسناد حسن. وهذا الحديث جزء من حديث طويل أخرجه الطياليسي في مسنده ( رقم١١٦١، ١١٦٢ ) ومن طريقه الترمذي ( ٥/١٤٨ ح٢٨٦٣ )، وابن خزيمة في صحيحه ( ٣/١٩٥ح١٨٩٥ )، والحاكم في المستدرك ( ١/٤٢١ )، وأخرجه أحمد في المسند ( ٤/١٣٠ ) وأبو يعلى في مسنده ( ٣/١٤٠ ح١٥٧١ )، والطبراني في الكبير –مختصرا-( ٣/٣٢٧ح٣٤٣١ )، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان٨/٤٣ ح٦٢٠٠ )، كلهم من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام به، وأول الحديث : إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات... " فذكره مطولا، وفي آخره قوله صلى الله عليه وسلم : " وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن : الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله... " الحديث، وفيه " ومن دعا بدعوى الجاهلية... " إلخ قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن كثير- وقد ساقه من رواية الإمام أحمد : هذا حديث حسن ( التفسير١/٥٨-عند الآية ( ٢٢ ) من سورة البقرة ). وصححه الشيخ الألباني ( صحيح الترمذي رقم ٢٢٩٨ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله :﴿ هو سماكم المسلمين ﴾ يقول : الله سماكم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله تعالى ﴿ هو سماكم المسلمين ﴾ قال : الله سماكم المسلمين من قبل.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى ﴿ هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم ﴾ أنه قد بلغكم أنتم ﴿ وتكونوا ﴾ أنتم ﴿ شهداء على الناس ﴾ أن الرسل قد بلّغتهم.
Icon