تفسير سورة الفتح

جهود ابن عبد البر في التفسير
تفسير سورة سورة الفتح من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير .
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

٤٣٨- قال أبو عمر : قال معمر عن قتادة : نزلت عليه :﴿ إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾، مرجعه من الحديبية، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- :( قد نزلت علي آية أحب إلي مما على الأرض )١، ثم قرأ عليهم، فقالوا : هنيئا مريئا، يا رسول الله، قد بين الله لك ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا. فنزلت :﴿ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ﴾، إلى قوله :﴿ فوزا عظيما ﴾٢. ( ت : ٣/٢٦٧ )
٤٣٩- اختلفوا في قوله :﴿ فتحا مبينا ﴾، فقال قوم : خيبر، وقال آخرون : الحديبية منحره ومحلقه. ( س : ٨/٧٦ )
١ أخرجه الإمام البخاري في التفسير، سورة الفتح: ١. ولفظه: (هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس). انظر صحيحه بشرح الكرماني: ١٨/٩٤-٩٥..
٢ انظر جامع البيان: ٢٦/٧٠..
٤٤٠- ذكر سنيد عن حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله :﴿ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ﴾، قال : نزلت يوم الحديبية، قال ابن جريج بايعوه على الإسلام، ولم يبايعوه على الموت. ( ت : ١٦/٣٥١ )
٤٤١- في قوله-عز وجل- :﴿ فإن تطيعوا يِؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ﴾، أوضح الدلائل على وجوب طاعة أبي بكر وإمامته، وعد الله المخلفين عن رسوله إذا أطاعوا الذي يدعوهم بعده، بالأجر الحسن، وأوعدهم بالعذاب الأليم إن تولوا عنه.
وللعلماء في قول الله- عز وجل- :﴿ قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم ﴾، قولان لا ثالث لهما، أحدهما : أنهم قالوا : أراد بقوله :﴿ إلى قوم أولي بأس شديد ﴾، أهل اليمامة مع مسيلمة، وقال آخرون أراد فارس ؛ فإن كان كما قالوا- أهل اليمامة، فأبو بكر هو الذي دعاهم إلى قتالهم، وإن كانوا فارس، فعمر دعا إلى قتالهم، وعمر إنما استخلفه أبو بكر، فعلى أي الوجهين كان، فالقرآن يقتضي بما وصفناه إمامة أبي بكر وخلافته وإن كان أراد فارس، فهو دليل إمامة عمر وخلافته، وقد قال من لا علم له بتأويل القرآن : إنهم هوازن وحنين، وهذا ليس بشيء ؛ لقول الله :﴿ قل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ﴾١، وقوله :﴿ ذرونا نتبعكم يردون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ﴾٢، ومعلوم أن من واسى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وصحبه أخيرا، لا يلحق في الفضل بمن واساه ونصره وصحبه أولا، قال الله- عز وجل- :﴿ لا يستوي منكم من اتفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ﴾٣. وكان أبو بكر أول الناس عزر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونصره وآمن به وصدقه وصابر على الأذى، فاستحق بذلك الفضل العظيم ؛ لأن كل ما صنعه غيره بعده قد شاركه فيه، وفاتهم وسبقهم بما تقدم إليه، فلفضله ذلك استحق الإمامة، إذ شأنها أن ( ت : ٢٢/١٣٠-١٣١ )
تكون في الفاضل أبدا ما وجد إليه السبيل.
١ سورة التوبة: ٨٤- والتلاوة: ﴿فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا﴾..
٢ سورة الفتح: ١٥..
٣ سورة الحديد/ ١٠. وتمامها: ﴿وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير﴾..
٤٤٢- روى عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة، عن أبيه١، قال : بيننا نحن قائلون نادى مناد : أيها الناس البيعة البيعة، فثرنا إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو تحت الشجرة، فبايعناه فذلك قول الله عز وجل- :﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم ﴾٢-الآية. ( الاستيعاب : ٢/٦٤٠ )
٤٤٣- قال أبو عمر : قال الله- عز وجل- في أهل الحديبية :﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما ﴾، فلم يختلف العلماء في أنها البيعة بالحديبية. وعلم ما في قلوبهم من الرضا بأمر البيعة على أن لا يفروا واطمأنت بذلك نفوسهم، ﴿ فأثابهم فتحا قريبا ﴾، خيبر، ووعدهم المغانم فيها ﴿ مغانم كثيرة يأخذونها ﴾. وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد في قوله :﴿ وعدكم الله مغانم كثيرة ﴾، أنها المغانم التي تكون إلى يوم القيامة.
١ هو سلمة بن الأكوع، هكذا يقول جماعة أهل الحديث، ينسبونه إلى جده، وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع، والأكوع هو سنان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن الأقصى الأسلمي. يكنى أبا غياس بابنه إياس، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن بالربذة، وتوفي بالمدينة سنة ٧٤هـ وهو معدود في أهلها. وكان شجاعا راميا سخيا خيرا فاضلا. الاستيعاب: ٢/٦٣٩..
٢ أخرجه ابن جرير بسنده إلى سلمة بن الأكوع، انظر جامع البيان: ٢٦/٨٦..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:٤٤٢- روى عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة، عن أبيه١، قال : بيننا نحن قائلون نادى مناد : أيها الناس البيعة البيعة، فثرنا إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو تحت الشجرة، فبايعناه فذلك قول الله عز وجل- :﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم ﴾٢-الآية. ( الاستيعاب : ٢/٦٤٠ )

٤٤٣-
قال أبو عمر : قال الله- عز وجل- في أهل الحديبية :﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما ﴾، فلم يختلف العلماء في أنها البيعة بالحديبية. وعلم ما في قلوبهم من الرضا بأمر البيعة على أن لا يفروا واطمأنت بذلك نفوسهم، ﴿ فأثابهم فتحا قريبا ﴾، خيبر، ووعدهم المغانم فيها ﴿ مغانم كثيرة يأخذونها ﴾. وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد في قوله :﴿ وعدكم الله مغانم كثيرة ﴾، أنها المغانم التي تكون إلى يوم القيامة.
١ هو سلمة بن الأكوع، هكذا يقول جماعة أهل الحديث، ينسبونه إلى جده، وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع، والأكوع هو سنان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن الأقصى الأسلمي. يكنى أبا غياس بابنه إياس، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن بالربذة، وتوفي بالمدينة سنة ٧٤هـ وهو معدود في أهلها. وكان شجاعا راميا سخيا خيرا فاضلا. الاستيعاب: ٢/٦٣٩..
٢ أخرجه ابن جرير بسنده إلى سلمة بن الأكوع، انظر جامع البيان: ٢٦/٨٦..

وقالوا في قوله :﴿ وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ﴾، فارس والروم وما افتتحوا إلى اليوم. وقال عبد الرحمان بن أبي ليلى : قال : وقوله :﴿ فتحا قريبا ﴾، خيبر. ( الدرر في اختصار المغازي والسير : ٢٠٩ )
٤٤٤- قال عطاء : في الحرم نحر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هدية يومئذ١، وكان عطاء يقول : إذا بلغ الهدي الحرم، فقد بلغ محله.
قال أبو عمر : ظاهر قول الله- عز وجل- :﴿ والهدي معكوفا أن يبلغ محله ﴾ يرد قول عطاء – والله أعلم- وقد قال الله- عز وجل- :﴿ ثم محلها إلى البيت العتيق ﴾٢. ( ت : ١٢/١٥٠ )
١ أي يوم الحديبية. لما قام المشركون بمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الدخول إلى المسجد الحرام، انظر جامع البيان: ٢٦/٩٥-١٠١..
٢ سورة الحج: ٣١..
٤٤٥- قال الله تعالى ذكره :﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ﴾-الآية، فهذه صفة من بادر إلى تصديقه والإيمان به، وآزره ونصره، ولصق به وصحبه، وليس كذلك جميع من رآه ولا جميع من آمن به. ( الاستيعاب : ١/٢ ).
Icon