تفسير سورة عبس

جهود ابن عبد البر في التفسير
تفسير سورة سورة عبس من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير .
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

٥٢٢- روى وكيع، عن هشام، عن أبيه عروة في قوله عز وجل :﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾. قال : نزلت في ابن أم مكتوم، وقال معمر بن قتادة، قال : جاء ابن أم مكتوم إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو يكلم يومئذ أبي بن خلف، فأعرض عنه، فنزلت الآية :﴿ عبس وتولى ﴾، فكان بعد ذلك يكرمه، أخبرنا يحيى بن يوسف، حدثنا يوسف بن أحمد، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن عيسى الترمذي، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد، قال : حدثنا أبي، قال : مما عرضنا على هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت : أنزلت :﴿ عبس وتولى ﴾، في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجعل يقول : يا رسول الله استدنني وعند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول : أترى بما أقول بأسا ؟ فيقول : لا، ففي هذا أنزلت :﴿ عبس وتولى ﴾، وأخبرنا عثمان بن أحمد. قال : حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا الحسن بن إبراهيم، قال : حدثنا أبو عيسى محمد ابن عيسى- فذكره. وأخبرنا خلف ابن القاسم، قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن محمد الخصيب القاضي بمصر، قال : حدثنا أبو محمد الهيثم بن خلف ابن عبد الرحمن بن مجاهد الغطوطي الدوري قال : حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال : حدثنا أحمد بن بشير، حدثنا أبو البلاد، عن مسلم بن صحيح، عن مسروق، قال : دخلت على عائشة- وعندها رجل مكفوف تقطع له الأترج وتطعمه إياه بالعسل، فقلت : من هذا يا أم المؤمنين ؟ فقالت : ابن أم مكتوم الذي عاتب الله فيه نبيه- صلى الله عليه وسلم- : أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- وعنده عقبة١ وشيبة، فأقبل عليهم، فنزلت ﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾، وذكر حجاج عن ابن جريج، قال : قال ابن عباس : جاءه ابن أم مكتوم، وعنده رجل من قريش، فقال له : علمني مما علمك الله، فأعرض عنه وعبس في وجهه، وأقبل على القوم يدعوهم إلى الإسلام، فأنزلت :﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا نظر إليه بعد ذلك- مقبلا، بسط رداءه حتى يجلسه عليه، وكان إذا خرج من المدينة استخلفه يصلي بالناس حتى يرجع.
١ الصحيح عتبة أخو شيبة وهما ابنا ربيعة، انظر جامع البيان: ٣٠/٥٣..
وقال ابن جريج عن مجاهد في قوله :﴿ أما من استغنى ﴾، قال : عتبة وشيبة ابنا ربيعة، ﴿ فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى ﴾، قال ابن جريج : ابن أم مكتوم، ﴿ كلا إنها تذكرة ﴾، قال ابن جريج : قال ابن عباس : تذكرة الغني والفقير. قال سنيد : وقال غير ابن جريج :﴿ أما من استغنى فأنت له تصدى ﴾، قال : تقبل عليه بوجهك.
﴿ وما عليك ألا تزكى ﴾، قال : ألا يصلح.
﴿ وأما من جاءك يسعى ﴾، بعمل من الخير، وهو يخشى الله.
﴿ فأنت عنه تلهى ﴾، قال : تعرض.
وقال ابن جريج عن مجاهد في قوله :﴿ أما من استغنى ﴾، قال : عتبة وشيبة ابنا ربيعة، ﴿ فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى ﴾، قال ابن جريج : ابن أم مكتوم، ﴿ كلا إنها تذكرة ﴾، قال ابن جريج : قال ابن عباس : تذكرة الغني والفقير. قال سنيد : وقال غير ابن جريج :﴿ أما من استغنى فأنت له تصدى ﴾، قال : تقبل عليه بوجهك.
ثم وعظه فقال :﴿ كلا ﴾، لا تقبل على من استغنى وتعرض عن من يخشى، ﴿ إنها تذكرة ﴾، قال : موعظة.
﴿ فمن شاء ذكره ﴾، قال : القرآن، من شاء فهم القرآن وتدبره واتعظ به. ( ت : ٢٢/٣٢٤-٣٢٦، وانظر س : ٨/٧١-٧٧ ).
Icon