تفسير سورة سورة نوح من كتاب أوضح التفاسير
المعروف بـأوضح التفاسير
.
لمؤلفه
محمد عبد اللطيف الخطيب
.
المتوفي سنة 1402 هـ
ﰡ
﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ﴾ بالعذاب الموعود على التكذيب. ونوح: هو أبو البشر الثاني، ومن أولي العزم. وأبناؤه: سام، وحام، ويافث.
﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ هو يوم القيامة، أو هو الموت
﴿فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِي﴾ لهم بالإيمان ﴿إِلاَّ فِرَاراً﴾ من الحق، ومن الإيمان
﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ﴾ إلى معرفتك ﴿لِتَغْفِرَ لَهُمْ﴾ ذنوبهم السابقة ﴿جَعَلُواْ﴾ وضعوا ﴿أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾ ليحولوا بين استماعها لعظاتي وكلامي ﴿وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ﴾ تغطوا بها، ليحجبوا بصرهم عن رؤيتي ﴿وَأَصَرُّواْ﴾ على كفرهم ﴿وَاسْتَكْبَرُواْ﴾ عن الإيمان
﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً﴾ ظاهراً في غير خفاء
﴿ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ﴾ بأعلى صوتي، وصحت فيهم مجتمعين بالذي أمرتني به ﴿وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً﴾ حاولت نصحهم في السر فرادى؛ فقد يكون ذلك أدعى لاقتناعهم
﴿يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً﴾ بالمطر (انظر آية ٥٢ من سورة هود)
﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ﴾ بساتين في الدنيا ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾ جارية: تسقون منها وتستقون. أو أريد بذلك جنات القيامة، وما فيها من أنهار ونعيم مقيم
﴿مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً﴾ أي ما لكم لا تسعون في توقيره وتعظيمه
﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً﴾ خلقكم أولاً نطفاً، ثم علقاً، ثم مضغاً، ثم عظاماً ولحماً، ثم إنساناً كاملاً، ناطقاً، سميعاً بصيراً
﴿أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً﴾ بعضها فوق بعض
﴿وَاللَّهُ أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً﴾ بخلق أبيكم آدم منها
﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا﴾ بعد موتكم ﴿وَيُخْرِجُكُمْ﴾ منها ﴿إِخْرَاجاً﴾ عند بعثكم
﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطاً﴾ منبسطة كالبساط
﴿سُبُلاً فِجَاجاً﴾ طرقاً واسعة، أو طرقاً مختلفة
﴿قَالَ نُوحٌ﴾ عندما رأى إصرار قومه على الكفر، وعزوفهم عن الإيمان، وتمسكهم بعبادة الأصنام ﴿رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾ واستهانوا برسالتي وشريعتك ﴿وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً﴾ إلا طغياناً وكفراً؛ وهم الأغنياء
﴿وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً﴾ مكراً عظيماً كبيراً
﴿وَقَالُواْ﴾ أي قال السادة والأغنياء؛ للضعفاء والفقراء ﴿لاَ تَذَرُنَّ﴾ لا تتركن ﴿آلِهَتَكُمْ﴾ التي تعبدونها ﴿وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً﴾ هي أسماء أصنام كانوا يعبدونها؛ وكان «وداً» على صورة رجل، و «سواعاً» على صورة امرأة «ويغوث» على صورة أسد و «يعوق» على صورة فرس و «نسراً» على صورة نسر. لعنهم الله تعالى أنى يؤفكون ﴿وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾
الكافرين ﴿إِلاَّ ضَلاَلاً﴾ على ضلالهم. وقد طلب لهم العقوبة من جنس أعمالهم؛ لأنهم
﴿وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً﴾
﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً﴾ أي بسبب خطاياهم أغرقوا بالطوفان، وأدخلوا النيران
﴿رَّبِّ لاَ تَذَرْ﴾ لا تترك ﴿عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾ الديار: كل من يسكن الديار، أو هو كل من يدور: أي يمشي على وجه الأرض
﴿إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ﴾ إن تتركهم بلا تعذيب، ولا إهلاك ﴿يُضِلُّواْ عِبَادَكَ﴾ بصرفهم عن الإيمان، وبتعذيبهم. يقال: أضله: إذا أضاعه وأهلكه ﴿وَلاَ يَلِدُواْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً﴾ رب قائل يقول: ومن أين لنوح أن يقطع بأن قومه لا يلدوا إلا فاجراً كفاراً؟ والجواب على ذلك: أنه علم ذلك من قوله تعالى: ﴿أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ﴾
﴿وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾ الكافرين
﴿إِلاَّ تَبَاراً﴾ هلاكاً.
713
سورة الجن
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
713