تفسير سورة النحل

الدر المنثور
تفسير سورة سورة النحل من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة النحل بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
وأخرج النحاس من طريق مجاهد، عن ابن عباس قال : سورة النحل نزلت بمكة سوى ثلاث آيات من آخرها فانهن نزلن بين مكة والمدينة في منصرف رسول الله ﷺ من أحد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت ﴿ أتى أمر الله ﴾ ذعر أصحاب رسول الله، حتى نزلت ﴿ فلا تستعجلوه ﴾ فسكنوا.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن أبي بكر بن حفص قال : لما نزلت ﴿ أتى أمر الله ﴾ قاموا فنزلت ﴿ فلا تستعجلوه ﴾.
وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك، عن ابن عباس ﴿ أتى أمر الله ﴾ قال : خروج محمد ﷺ.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال : دخلت المسجد فصليت فقرأت سورة النحل، وجاء رجلان فقرآ خلاف قراءتنا، فأخذت بأيديهما فأتيت رسول الله ﷺ فقلت :« يا رسول الله، استقرئ هذين فقرأ أحدهما فقال : أصبت. ثم استقرأ الآخر فقال : أصبت. فدخل قلبي أشدّ مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب، فضرب رسول الله ﷺ صدري فقال : أعاذك الله من الشك والشيطان. فتصببت عرقاً، قال : أتاني جبريل فقال : اقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت : إن أمتي لا تستطيع ذلك، حتى قال : سبع مرات. فقال لي : اقرأ على سبعة أحرف، بكل ردة رددتها مسألة ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾ قال رجال من المنافقين بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن أمر الله قد أتى فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نراه نزل. فنزلت ﴿ اقترب للناس حسابهم.... ﴾ الآية. فقالوا : إن هذا يزعم مثلها أيضاً، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نراه نزل شيء، فنزلت ﴿ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدوة.... ﴾ [ هود : ٨ ] الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله ﷺ :« » تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب مثل الترس، فما تزال ترتفع في السماء حتى تملأ السماء، ثم ينادي مناد :
يا أيها الناس، فيقبل الناس بعضهم على بعض : هل سمعتم؟ فمنهم من يقول : نعم. ومنهم من يشك. ثم ينادي الثانية : يا أيها الناس، فيقول الناس : هل سمعتم؟ فيقولون : نعم. ثم ينادي : أيها الناس ﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾ « قال رسول الله ﷺ » فوالذي نفسي بيده، إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه، وإن الرجل ليملأ حوضه فما يسقي فيه شيئاً، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه ويشغل الناس « ».
118
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله ﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾ قال : الأحكام والحدود والفرائض.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ ينزل الملائكة بالروح ﴾ قال : بالوحي.
وأخرج آدم بن أبي أياس وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس قال :﴿ الروح ﴾ أمر من أمر الله وخلق من خلق الله، وصورهم على صورة بني آدم. وما ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح، ثم تلا ﴿ يوم يقوم الروح والملائكة صفاً ﴾ [ النبأ : ٣٨ ].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن مجاهد في قوله ﴿ ينزل الملائكة بالروح من أمره ﴾ قال : إنه لا ينزل ملك إلا ومعه روح كالحفيظ عليه، لا يتكلم ولا يراه ملك ولا شيء مما خلق الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ ينزل الملائكة بالروح من أمره ﴾ قال : بالوحي والرحمة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله ﴿ ينزل الملائكة بالروح ﴾ قال : بالنبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن الضحاك في قوله ﴿ ينزل الملائكة بالروح ﴾ قال : القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الربيع بن أنس في قوله ﴿ ينزل الملائكة بالروح ﴾ قال : كل شيء تكلم به ربنا فهو روح ﴿ من أمره ﴾ قال : بالرحمة والوحي على من يشاء من عباده، فيصطفي منهم رسلاً. ﴿ أن أنذروا أنه لا اله إلا أنا فاتقون ﴾ قال : بها بعث الله المرسلين أن يوحد الله وحده، ويطاع أمره ويجتنب سخطه.
وأخرج ابن سعد وأحمد وابن ماجة والحاكم وصححه، عن يسر بن جحاش قال : بصق رسول الله ﷺ في كفه ثم قال :« يقول الله أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سوّيتك فعدلتك مشيت بين برديك، وللأرض منك وئيد. فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : أتصدق وأنى أوان الصدقة ».
119
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ لكم فيها دفء ﴾ قال : الثياب ﴿ ومنافع ﴾ قال : ما تنتفعون به من الأطعمة والأشربة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ لكم فيها دفء ومنافع ﴾ قال : نسل كل دابة.
وأخرج الديلمي عن أنس، أن النبي ﷺ قال :« البركة في الغنم، والجمال في الإبل ».
وأخرج ابن ماجة عن عروة البارقي، أن النبي ﷺ قال :« الابل عزّ لأهلها، والغنم بركة ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله ﴿ ولكم فيها جمال حين تريحون ﴾ قال : إذا راحت كأعظم ما يكون أسنمة، وأحسن ما تكون ضروعاً ﴿ وحين تسرحون ﴾ قال : إذا سرحت لرعيها. قال قتادة : وذكر لنا أن نبي الله ﷺ، سئل عن الإِبل فقال :« هي عز لأهلها ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ وتحمل أثقالكم إلى بلد ﴾ قال يعني مكة ﴿ لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ﴾ قال : لو تكلفتموه لم تطيقوه إلا بجهد شديد.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ إلا بشق الأنفس ﴾ قال : مشقة عليكم.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال :« إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله تعالى إنما سخرها لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم ».
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس، عن أبيه : أن النبي ﷺ مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال لهم :« اركبوا هذه الدواب سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبه خير من راكبها، وأكثر ذكراً لله تعالى منه ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن دينار قال : قال رسول الله ﷺ :« لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي لأحاديثكم، فرب راكب مركوبة هي خير منه وأطوع لله منه وأكثر ذكراً ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن حبيب قال : كان يكره طول الوقوف على الدابة، وأن تضرب وهي محسنة.
وأخرج أحمد والبيهقي، عن أبي الدرداء، عن النبي ﷺ قال :« لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم كثير ».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ لتركبوها وزينة ﴾ قال : جعلها لتركبوها وجعلها زينة لكم.
120
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة : أن أبا عياض كان يقرؤها ﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ﴾ يقول : جعلها زينة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت الخيل وحشية، فذللها الله لإِسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن وهب بن منبه قال : بلغني أن الله لما أراد أن يخلق الفرس قال لريح الجنوب : إني خالق منك خلقاً، أجعله عزاً لأوليائي، ومذلة لأعدائي، وحمى لأهل طاعتي، فقبض من الريح قبضة، فخلق منها فرساً، فقال : سميتك فرساً وجعلتك عربياً، الخير معقود بناصيتك والغنائم محازة على ظهرك، والغنى معك حيث كنت، ارعاك لسعة الرزق على غيرك من الدواب، وجعلتك لها سيداً، وجعلتك تطير بلا جناحين، فأنت للطلب، وأنت للهرب، وسأحمل عليك رجالاً يسبحوني، فتسبحني معهم إذا سبحوا، ويهللوني، فتهللني معهم إذا هللوا، ويكبروني، فتكبرني معهم إذا كبروا، فلما صهل الفرس؛ قال : باركت عليك، أرهب بصهيلك المشركين، أملأ منه آذانهم، وأرعب منه قلوبهم، وأذل به أعناقهم، فلما عرض الخلق على آدم وسماهم، قال الله تعالى : يا آدم، اختر من خلقي من أحببت، فاختار الفرس، فقال الله اخترت عزك، وعز ولدك باق فيهم ما بقوا، وينتج منه أولادك أولاداً، فبركتي عليك وعليهم، فما من تسبيحة ولا تهليلة ولا تكبيرة تكون من راكب الفرس إلا والفرس تسمعها وتجيبه مثل قوله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن سعيد بن جبير قال : سأل رجل ابن عباس، عن أكل لحوم الخيل، فكرهها وقرأ ﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يكره لحوم الخيل ويقول : قال الله ﴿ والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ﴾ فهذه للأكل ﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها ﴾ فهذه للركوب.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد أنه سئل عن لحوم الخيل؟ فقال ﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن الحكم في قوله ﴿ والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ﴾ فجعل منه الأكل، ثم قرأ ﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ﴾ قال : لم يجعل لكم فيها أكلاً وكان الحكم يقول : الخيل والبغال والحمير حرام في كتاب الله.
وأخرج أبو عبيد وأبو داود والنسائي وابن المنذر، عن خالد بن الوليد قال :« نهى رسول الله ﷺ أكل كل ذي ناب من السباع، وعن لحوم الخيل والبغال والحمير ».
وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال : طعمنا رسول الله ﷺ لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر الأهلية.
121
وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله أنهم ذبحوا يوم خيبر الحمير والبغال والخيل، فنهاهم النبي - ﷺ - عن الحمير والبغال، ولم ينههم عن الخيل.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن جرير وابن مردويه من طريق عطاء، عن جابر قال : كنا نأكل لحم الخيل على عهد رسول الله ﷺ. قلت : والبغال؟ قال : أما البغال فلا.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر، عن أسماء قالت : نحرنا على عهد رسول الله ﷺ فرساً، فأكلناه.
وأخرج أحمد، عن دحية الكلبي قال :« قلت يا رسول الله، أحمل لك حماراً على فرس، فينتج لك بغلاً وتركبها؟ قال :» إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون « ».
وأخرج الخطيب في تاريخه، وابن عساكر، عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ في قوله ﴿ ويخلق ما لا تعلمون ﴾ قال البراذين.
وأخرج ابن عساكر، عن مجاهد في قوله ﴿ ويخلق ما لا تعلمون ﴾ قال السوس في الثياب.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« إن مما خلق الله لأرضاً من لؤلؤة بيضاء مسيرة ألف عام عليها جبل من ياقوتة حمراء محدق بها، في تلك الأرض ملك قد ملأ شرقها وغربها، له ستمائة رأس، في كل رأس ستمائة وجه، في كل وجه ستون ألف فم. في كل فم ستون ألف لسان، يثني على الله ويقدسه ويهلله ويكبره، بكل لسان ستمائة ألف وستين ألف مرة، فإذا كان يوم القيامة نظر إلى عظمة الله، فيقول وعزتك ما عبدتك حق عبادتك » فذلك قوله ﴿ ويخلق ما لا تعلمون ﴾.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات، عن الشعبي قال إن لله عباداً من وراء الأندلس، كما بيننا وبين الأندلس، ما يرون أن الله عصاه مخلوق، رضراضهم الدر والياقوت، وجبالهم الذهب والفضة، لا يحرثون ولا يزرعون ولا يعملون عملاً، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم، وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن وهب أنه قيل له : أخبرنا من أتى سعالة الريح، وانه رأى بها أربع نجوم كأنها أربعة أقمار؟ فقال وهب :﴿ ويخلق ما لا تعلمون ﴾.
122
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ وعلى الله قصد السبيل ﴾ يقولون البيان ﴿ ومنها جائر ﴾ قال الأهواء المختلفة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وعلى الله قصد السبيل ﴾ يقول : على الله يبين الهدى والضلالة، ﴿ ومنها جائر ﴾ قال السبيل المتفرقة.
واخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ وعلى الله قصد السبيل ﴾ قال طريق الحق على الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ وعلى الله قصد السبيل ﴾ قال : على الله بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته ﴿ ومنها جائر ﴾ قال : على السبيل ناكب عن الحق وفي قراءة ابن مسعود « ومنكم جائر ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف، عن علي أنه كان يقرأ هذه الآية « فمنكم جائر ».
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد في قوله ﴿ وعلى الله قصد السبيل ﴾ قال طريق الهدى، ﴿ ومنها جائر ﴾ قال : من السبل جائر عن الحق، وقرأ ﴿ ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ﴾ [ الأنعام : ١٥٣ ] ﴿ ولو شاء لهداكم أجمعين ﴾ لقصد السبيل الذي هو الحق وقرأ ﴿ ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعاً ﴾ [ يونس : ٩٩ ] ﴿ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ﴾ [ السجدة : ١٣ ] والله أعلم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ فيه تسيمون ﴾ قال ترعون فيه أنعامكم.
وأخرج الطستي، عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ فيه تسيمون ﴾ قال فيه ترعون. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول :
ومشى القوم بالعماد إلى الدو حاء أعماد المسيم بن المساق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ وما ذرأ لكم في الأرض ﴾ قال ما خلق لكم في الأرض مختلفاً : من الدواب، والشجر، والثمار. نعم من الله متظاهرة، فاشكروها لله تعالى، والله أعلم بالصواب.
أخرج ابن أبي حاتم، عن مطر أنه كان لا يرى بركوب البحر بأساً، وقال : ما ذكره الله في القرآن إلا بخير.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر : أنه كان يكره ركوب البحر إلا لثلاث : غازٍ أو حاج أو معتمر.
وأخرج عبد الرزاق، عن علقمة بن شهاب القرشي قال : قال رسول الله ﷺ :« من لم يدرك الغزو معي فليغز في البحر، فإن أجر يوم في البحر كأجر يوم في البر وإن القتل في البحر، كالقتلتين في البر، وإن المائد في السفينة، كالمتشحط في دمه، وان خيار شهداء أمتي أصحاب الكف، قالوا. وما أصحاب الكف يا رسول الله؟ قال : قوم تتكفأ بهم مراكبهم في سبيل الله ».
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص، عن كعب الأحبار : إن الله قال للبحر الغربي حين خلقه : قد خلقتك فأحسنت خلقك وأكثرت فيك من الماء وإني حامل فيك عباداً لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني، فكيف تعمل بهم؟ قال : أغرقهم، قال الله : إني أحملهم على كفي، وأجعل بأسك في نواحيك، ثم قال للبحر الشرقي : قد خلقتك فأحسنت خلقك، وأكثرت فيك من الماء، وإني حامل فيك عباداً لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني، فكيف أنت فاعل بهم؟ قال أكبرك معهم، وأحملهم بين ظهري وبطني، فأعطاه الله الحلية والصيد الطيب.
وأخرج البزار، عن أبي هريرة قال : كلم الله البحر الغربي، وكلم الشرقي، فقال للبحر الغربي : إني حامل فيك عباداً من عبادي، فما أنت صانع بهم؟ قال : أغرقهم. قال : بأسك في نواحيك، وحرمه الحلية والصيد وكلم هذا البحر الشرقي، فقال : إني حامل فيك عباداً من عبادي، فما أنت صانع بهم؟ قال : أحملهم على يدي، وأكون لهم كالوالدة لولدها، فأثابه الحلية والصيد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً ﴾ يعني حيتان البحر ﴿ وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ﴾ قال هذا اللؤلؤ.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله ﴿ لتأكلوا منه لحماً طرياً ﴾ قال هو السمك وما فيه من الدواب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة : إنه سئل عن رجل قال لامرأته : إن أكلت لحماً فأنت طالق؟ فأكلت سمكاً، قال : هي طالق. قال الله ﴿ لتأكلوا منه لحماً طرياً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عطاء قال : يحنث قال الله ﴿ لتأكلوا منه لحماً طرياً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي جعفر قال : ليس في الحلي زكاة، ثم قرأ ﴿ وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ وترى الفلك مواخر ﴾ قال جواري.
124
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وترى الفلك مواخر فيه ﴾ قال تمخر السفن الرياح، ولا تمخر الريح من السفن، إلا الفلك العظام.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة ﴿ وترى الفلك مواخر فيه ﴾ قال تشق الماء بصدرها.
وأخرج ابن ألمنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله ﴿ وترى الفلك مواخر فيه ﴾ قال السفينتان تجريان بريح واحدة؛ كل واحدة مستقبلة الأخرى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ وترى الفلك مواخر فيه ﴾ قال تجري بريح واحدة مقبلة ومدبرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله ﴿ ولتبتغوا من فضله ﴾ قال هو التجارة والله أعلم بالصواب.
125
أخرج ابن عبد حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق قتادة، عن الحسن عن قيس بن عباد قال : إن الله لما خلق الأرض جَعَلتْ تَمور، فقالت الملائكة ما هذه بمُقِرَّة على ظهرها أحداً، فأصبحت صبحاً، وفيها رواسيها، فلم يدروا من أين خلقت، فقالوا ربنا هل من خلقك شيء أشد من هذا؟ قال : نعم، الحديد، فقالوا : هل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال : نعم، النار. قالوا : ربنا، هل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال : نعم! الماء. قالوا : ربنا، هل من خلقك شيء هو أشد من الماء؟ قال : نعم الريح. قالوا : ربنا، هل من خلقك شيء هو أشد من الريح؟ قال : نعم الرجل. قالوا : ربنا، هل من خلقك شيء هو أشد من الرجل؟ قال : نعم المرأة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ رواسي ﴾ قال : الجبال ﴿ أن تميد بكم ﴾ قال : أثبتها بالجبال، ولولا ذلك ما أقرت عليها خلقاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ رواسي أن تميد بكم ﴾ قال : حتى لا تميد بكم. كانوا على الأرض تمور بهم لا يستقر بها، فأصبحوا صبحاً، وقد جعل الله الجبال، وهي الرواسي أوتاداً في الأرض.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ أن تميد بكم ﴾ قال : أن تكفأ بكم، وفي قوله وأنهاراً قال بكل بلدة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله ﴿ وسبلاً ﴾ قال : السبل هي الطرق بين الجبال.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم و الخطيب في كتاب النجوم، عن قتادة في قوله ﴿ وسبلاً ﴾ قال : طرقاً ﴿ وعلامات ﴾ قال : هي النجوم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله ﴿ وعلامات ﴾ قال : أنهار الجبال.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن الكلبي في قوله ﴿ وعلامات ﴾ قال : الجبال.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله ﴿ وعلامات ﴾ يعني معالم الطرق بالنهار ﴿ وبالنجم هم يهتدون ﴾ يعني بالليل.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن إبراهيم ﴿ وعلامات ﴾ قال : هي الاعلام التي في السماء ﴿ وبالنجم هم يهتدون ﴾ قال : يهتدون به في البحر في أسفارهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله ﴿ وعلامات وبالنجم هم يهتدون ﴾ قال منها ما يكون علامة، ومنها ما يهتدى به.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد أنه كان لا يرى بأساً أن يتعلم الرجل منازل القمر.
وأخرج ابن المنذر، عن إبراهيم، أنه كان لا يرى بأساً أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ أفمن يخلق كمن لا يخلق ﴾ قال : الله هو الخالق الرازق، وهذه الأوثان التي تعبد من دون الله تُخْلَقُ ولا تخلقُ شيئاً، ولا تملك لأهلها ضراً ولا نفعاً.
126
قال الله ﴿ أفلا تذكرون ﴾ وفي قوله ﴿ والذين يدعون من دون الله ﴾ الآية. قال : هذه الأوثان التي تعبد من دون الله أموات لا أرواح فيها، ولا تملك لأهلها خيراً ولا نفعاً ﴿ إلهكم إله واحد ﴾ قال : الله إلهنا ومولانا وخالقنا ورازقنا ولا نعبد ولا ندعو غيره. ﴿ الذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ﴾ يقول منكرة لهذا الحديث ﴿ وهم مستكبرون ﴾ قال مستكبرون عنه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس في قوله ﴿ لا جرم ﴾ يقول بلى.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك في قوله ﴿ لا جرم ﴾ يعني الحق.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله ﴿ لا جرم ﴾ قال لا كذب.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ إنه لا يحب المستكبرين ﴾ قال : هذا قضاء الله الذي قضى ﴿ إنه لا يحب المستكبرين ﴾ وذكر لنا، « أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال : يا نبي الله، إنه ليعجبني الجمال، حتى أود أن علاقة سوطي، وقبالة نعلي حسن، فهل ترهب عليّ الكبر؟ فقال نبي الله ﷺ : كيف تجد قلبك؟ قال : أجده عارفاً للحق مطمئناً إليه. قال : فليس ذاك بالكبر، ولكن الكبر أن تبطر الحق وتغمص الناس، فلا ترى أحداً أفضل منك، وتغمص الحق، فتجاوزه إلى غيره ».
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وعبد بن حميد وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الحسين بن علي، أنه كان يجلس إلى المساكين ثم يقول :﴿ إنه لا يحب المستكبرين ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن علي قال : ثلاث من فعلهن لم يكتب مستكبراً : من ركب الحمار ولم يستنكف، ومن اعتقل الشاة واحتلبها، وأوسع للمسكين وأحسن مجالسته.
وأخرج مسلم والبيهقي في الشعب، عن عياض بن حمار المجاشعي أن النبي ﷺ قال : في خطبته « إن الله أوحى إليّ، أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد ».
وأخرج البيهقي، عن عمر بن الخطاب رفعه إلى النبي ﷺ قال : يقول الله :« من تواضع لي هكذا - وأشار بباطن كفه إلى الأرض وأدناه من الأرض - رفعته هكذا - وأشار بباطن كفه إلى السماء - ورفعها نحو السماء.
وأخرج الخطيب والبيهقي، عن عمر أنه قال على المنبر : يا أيها الناس تواضعوا، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول :»
من تواضع لله رفعه الله وقال : انتعش رفعك الله، فهو في نفسه صغير، وفي أعين الناس عظيم، ومن تكبر، وضعه الله، وقال : اخسأ خفضك الله، فهو في أعين الناس صغير، وفي نفسه كبير، حتى لهو أهون عليهم من كلب أو خنزير «.
127
وأخرج البيهقي، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« ما من آدمي إلا وفي رأسه سلسلتان - سلسلة في السماء وسلسلة في الأرض - وإذا تواضع العبد، رفعه الملك الذي بيده السلسلة من السماء، وإذا تجبر جذبته السلسلة التي في الأرض ».
وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« ما من أدمي إلا وفي رأسه حكمة - الحكمة بيد ملك - فإن تواضع قيل للملك : ارفع حكمته، وإن ارتفع، قيل للملك : ضع حكمته ».
وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« من تكبر تعظماً وضعه الله، ومن تواضع لله تخشعاً رفعه الله ».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :« » لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان «. فقال رجل : يا رسول الله، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً؟ فقال :» إن الله جميل يحب الجمال، الكبر من بطر الحق وغمص الناس « ».
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي، عن أبي ريحانة سمعت رسول الله ﷺ يقول :« » لا يدخل شيء من الكبر الجنة « قال قائل : يا رسول الله، إني أحب أن أتجمل بعلاقة سوطي وشسع نعلي؟ فقال : إن ذلك ليس بالكبر » إن الله جميل يحب الجمال، إنما الكبر من سفه الحق، وغمص الناس بعينيه « » وأخرجه البغوي في معجمه والطبراني، عن سوار بن عمرو الأنصاري قال :« قلت يا رسول الله، إني رجل حبب إلي الجمال، وأعطيت منه ما ترى، فما أحب أن يفوقني أحد في شسع افمِنَ الكبر ذاك؟ قال : لا. قلت : فما الكبر يا رسول الله؟ قال :» من سفه الحق وغمص الناس « ».
وأخرج البغوي والطبراني، عن سوار بن عمرو الأنصاري قال :« سأل رجل رسول الله ﷺ، فقال : يا رسول الله، إني رجل حبب إلي الجمال، حتى إني لا أحب أحداً يفوقني بشراك، افمن الكبر ذاك؟ قال : لا. » ولكن الكبر من غمص الناس وبطر الحق « ».
وأخرج ابن عساكر، عن ابن عمر، عن أبي ريحانة قال :« يا رسول الله، إني لأحب الجمال حتى في نعلي وعلاقة سوطي، أفمن الكبر ذلك؟ قال :» إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، الكبر من سفَّه الحق، وغمص الناس أعمالهم « ».
128
وأخرج ابن عساكر، عن خريم بن فاتك أنه قال : يا رسول الله، إني لأحب الجمال، حتى إني لأحبه في شراك نعلي، وجلاد سوطي، وإن قومي يزعمون أنه من الكبر، فقال « ليس الكبر أن يحب أحدكم الجمال، ولكن الكبر أن يسفه الحق ويغمص الناس ».
وأخرج سمويه في فوائده، والباوردي، وابن قانع، والطبراني، عن ثابت بن قيس بن شماس قال : ذكر الكبر عند رسول الله ﷺ، فقال :« إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً، فقال رجل من القوم : والله يا رسول الله، إن ثيابي لتغسل، فيعجبني بياضها، ويعجبني علاقة سوطي، وشراك نعلي، فقال النبي :- ﷺ - ليس ذاك من الكبر، إنما الكبر : أن تسفه الحق وتغمص الناس ».
وأخرج الطبراني، عن أسامة قال : أقبل رجل من بني عامر فقال : يا رسول الله، بلغنا أنك شددت في لبس الحرير والذهب، وإني لأحب الجمال، فقال رسول الله :- ﷺ - « إن الله جميل يحب الجمال، إنما الكبر من جهل الحق وغمص الناس بعينيه ».
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« أتى رجل النبي ﷺ، فقال : إني رجل حبب إليَّ الجمال، وأعطيت منه ما ترى؛ حتى ما أحب أن يفوقني أحد بشراك، أو شسع، أفمن الكبر هذا؟ قال :» لا، ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس « ».
وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه مثله، وفيه : إن الرجل مالك الرهاوي، وقال البغي بدل الكبر.
وأخرج أحمد في الزهد، عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« أوصى نوح ابنه، فقال : إني موصيك بوصية وقاصرها عليك حتى لا تنسى، أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، فأما اللتان أوصيك بهما، فإني رأيتهما يكثران الولوج على الله تعالى، ورأيت الله تبارك وتعالى يستبشر بهما، وصالح خلقه، قل : سبحان الله وبحمده، فإنها صلاة الخلق وبها يرزق الخلق، وقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فإن السموات والأرض لو كُنَّ حلقة لقصمتها، ولو كُنَّ في كفةٍ لرجحت بهن، وأما اللتان أنهاك عنهما، فالشرك والكبر، فقال عبد الله بن عمرو : يا رسول الله، الكبر أن يكون لي حلة حسنة ألبسها؟ قال :» لا إن الله جميل يحب الجمال « قال : فالكبر أن يكون لي دابة صالحة أركبها؟ قال : لا، قال : فالكبر أن يكون لي أصحاب يتبعوني وأطعمهم؟ قال : لا، قال : فأيما الكبر يا رسول الله؟ قال :» أن تسفه الحق وتغمص الناس « ».
129
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن عمرو قال : لا يدخل حظيرة القدس متكبر.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : المتكبرون يجعلون يوم القيامة في توابيت من نار فتطبق عليهم.
وأخرج أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو يعلى وابن حبان والحاكم، عن ثوبان، عن النبي ﷺ قال :« من فارق الروح جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة، الكبر والدين والغلول » قال ابن الجوزي : في جامع المسانيد كذا روى لنا الكبر، وقال الدارقطني إنما هو الكنز بالنون والزاي.
وأخرج الطبراني عن السائب بن يزيد، عن النبي ﷺ قال :« » لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر « قالوا يا رسول الله هلكنا وكيف لنا أن نعلم ما في قلوبنا من دأب الكبر؟ وأين هو؟ فقال :» من لبس الصوف، أو حلب الشاة، أو أكل مع من ملكت يمينه، فليس في قلبه إن شاء الله الكبر « ».
وأخرج تمام في فوائده وابن عساكر، عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :« من لبس الصوف وانتعل المخصوف وركب حماره وحلب شاته وأكل معه عياله، فقد نحى الله عنه الكبر. أنا عبد ابن عبد أجْلِس جلسة العبد وآكل أكل العبد، أني قد أوحي إلي أن تواضعوا ولا يبغ أحد على أحد، أن يد الله مبسوطة في خلقه، فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضع نفسه رفعه الله، ولا يمشي امرؤ على الأرض شبراً يبتغي سلطان الله الا أكبه الله ».
وأخرج أحمد في الزهد عن يزيد بن ميسرة قال : قال عيسى عليه السلام : ما لي لا أرى فيكم أفضل العبادة؟ قالوا : وما أفضل العبادة يا روح الله؟ قال : التواضع لله.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي، عن عائشة رضي الله عنها قالت : إنكم لتدعون أفضل العبادة : التواضع.
وأخرج البيهقي عن يحيى بن أبي كثير قال : أفضل العمل الورقع، وخير العبادة التواضع.
وأخرج ابن ابي شيبة والبيهقي، عن ابن عمرو أنه سمع رسول الله ﷺ يقول :« من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، كبّه الله على وجهه في النار ».
وأخرج البيهقي عن النعمان بن بشير : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« إن للشيطان مصالي وفخوخاً، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله والفخر بعطاء الله والكبر على عباد الله واتباع الهوى في غير ذات الله تعالى ».
130
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال :« ألا أنبئكم بأهل النار؟ كل فظ غليظ مستكبر. الا أنبئكم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف ذي طمرين، لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره ».
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي، عن جبير بن مطعم قال : يقولون في التيه : وقد ركبت الحمار ولبست الشملة وحلبت الشاة. وقد قال رسول الله ﷺ « من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء ».
وأخرج أحمد في الزهد، عن عبد الله بن شداد رفع الحديث قال : من لبس الصوف واعتقل الشاة وركب الحمار وأجاب دعوة الرجل الدون أو العبد، لم يكتب عليه من الكبر شيء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والحاكم وصححه والبيهقي، عن عبد الله بن سلام أنه رؤي في السوق على رأسه حزمة حطب، فقيل له : أليس قد أوسع الله عليك؟ قال : بلى، ولكني أردت أن أدفع الكبر، وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول :« لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ».
وأخرج البيهقي عن جابر قال :« كنا مع النبي ﷺ فأقبل رجل، فلما رآه القوم أثنوا عليه، فقال النبي ﷺ : إني لأرى على وجهه سفعة من النار. فلما جاء وجلس قال : أنشدك بالله، أجئت وأنت ترى أنك أفضل القوم؟ قال : نعم ».
وأخرج البيهقي عن ابن المبارك، أنه سئل عن التواضع فقال : التكبر على الأغنياء.
وأخرج البيهقي عن ابن المبارك قال : من التواضع أن تضع نفسك عند من هو دونك في نعمة الدنيا، حتى تعلمه أنه ليس لك فضل عليه لدنياك، وأن ترفع نفسك عند من هو فوقك في دنياه، حتى تعلمه أنه ليس لدنياه فضل عليك.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : من خضع لغني ووضع له نفسه اعظاماً له وطمعاً فيما قبله، ذهب ثلثا مروءته وشطر دينه.
وأخرج أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله قال : قال عبد الله بن مسعود : لا يبلغ عبد حقيقة الإِيمان حتى يحل بذروته، ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى والتواضع أحب إليه من الشرف، وحتى يكون حامده وذامّه سواء. قال : ففسرها أصحاب عبد الله قالوا : حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغني في الحرام. وحتى يكون التواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله، وحتى يكون حامده وذامّه في الحق سواء.
131
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : اجتمعت قريش فقالوا : إن محمداً رجل حلو اللسان، إذا كلمه الرجل ذهب بعقله، فانظروا أناساً من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم، فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس كل ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده فردوه عنه. فخرج ناس منهم في كل طريق، فكان إذا أقبل الرجل وافداً لقومه ينظر ما يقول محمد فينزل بهم. قالوا له : أنا فلان ابن فلان. فيعرفه بنسبه ويقول : أنا أخبرك عن محمد، فلا يريد أن يعني إليه، هو رجل كذاب، لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه. وأما شيوخ قومه وخيارهم، فمفارقون له فيرجع أحدهم. فذلك قوله ﴿ وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأوّلين ﴾ فإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشاد فقالوا له مثل ذلك في محمد، قال : بئس الوافد انا لقومي إن كنت جئت، حتى إذا بلغت إلا مسيرة يوم، رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل. وانظر ما يقول : وآتي قومي ببيان أمره، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم : ماذا يقول محمد؟ فيقولون :﴿ خيراً للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ﴾ [ النحل : ٣٠ ] يقول : مال ﴿ ولدار الآخرة خير ﴾ [ النحل : ٣٠ ] وهي الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال إن أناساً من مشركي العرب كانوا يقعدون بطريق من أتى نبي الله ﷺ فإذا مروا سألوهم فأخبروهم بما سمعوا من النبي ﷺ فقالوا إنما هو أساطير الأوّلين.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ﴾ يقول : يحملون مع ذنوبهم ذنوب الذين يضلونهم بغير علم وذلك مثل قوله ﴿ وأثقالاً مع أثقالهم ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة... ﴾ الآية. قال : حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئاً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس في قوله ﴿ ليحملوا أوزارهم كاملة... ﴾ الآية. قال : قال النبي « أيما داعٍ دعا إلى ضلالة فاتبع، كان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. وأيما داع إلى هدى فاتبع، فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء ».
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم، أنه بلغه أنه يتمثل للكافر عمله في صورة أقبح ما خلق الله وجهاً وأنتنه ريحاً، فيجلس إلى جنبه. كلما أفزعه شيء زاده، وكلما تخوّف شيئاً زاده خوفاً، فيقول : بئس الصاحب أنت، ومن أنت؟ فيقول : وما تعرفني!؟ فيقول : لا. فيقول : أنا عملك... كان قبيحاً فلذلك تراني قبيحاً، وكان منتناً فلذلك تراني منتناً... طأطئ إليَّ اركبك، فطالما ركبتني في الدنيا. فيركبه. وهو قوله ﴿ ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ﴾ والله أعلم.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله ﴿ قد مكر الذين من قبلهم ﴾ قال : هو نمرود بن كنعان حين بنى الصرح.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير، عن زيد بن أسلم قال : أول جبار كان في الأرض نمرود، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق. وارحم الناس به من جمع يديه فضرب بهما رأسه، وكان جباراً أربعمائة سنة فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه، ثم أماته الله. وهو الذي كان بَنَى صرحاً إلى السماء الذي قال الله ﴿ فأتى الله بنيانهم من القواعد ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله ﴿ قد مكر الذين من قبلهم ﴾ قال : مكر نمرود بن كنعان الذي حاج إبراهيم في ربه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد ﴾ قال : أتاها أمر الله من أصلها ﴿ فخر عليهم السقف من فوقهم ﴾ و ﴿ السقف ﴾ عالي البيوت فائتفكت بهم بيوتهم، فأهلكهم الله ودمرهم ﴿ وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس في قوله ﴿ تشاقون فيهم ﴾ يقول : تخالفوني.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ وقيل للذين اتقوا ﴾ قال : هؤلاء المؤمنون، يقال لهم ﴿ ماذا أنزل ربكم ﴾ فيقولون ﴿ خيراً للذين أحسنوا ﴾ أي آمنوا بالله وكتبه وأمروا بطاعته، وحثوا عباد الله على الخير ودعوهم إليه.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ﴾ قال : أحياء وأمواتاً، قدر الله ذلك لهم.
وأخرج ابن مالك وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، وأبو القاسم بن منده في كتاب الأحوال، والبيهقي في شعب الإِيمان، عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا استفاقت نفس العبد المؤمن، جاءه الملك فقال : السلام عليك يا ولي الله، الله يقرأ عليك السلام. ثم نزع بهذه الآية ﴿ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ﴾.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله ﴿ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة ﴾ قال : بالموت. وقال في آية أخرى ﴿ ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة ﴾ [ الأنفال : ٥٠ ]. وهو ملك الموت، وله رسل ﴿ أو يأتي أمر ربك ﴾ وذاك يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة ﴾ يقول : عند الموت، حين تتوفاهم ﴿ أو يأتي أمر ربك ﴾ قال : ذلك يوم القيامة.
أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن مسعود، أنه قرأ ﴿ فإن الله لا يهدي ﴾ بفتح الياء ﴿ من يضل ﴾ بضم الياء.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الأعمش قال : قال لي الشعبي : يا سليمان، كيف تقرأ هذا الحرف؟ قلت ﴿ لا يهدي من يضل ﴾ فقال : كذلك سمعت علقمة أنه كان يقرأ ﴿ لا يهدي من يضل ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن علقمة أنه كان يقرأ ﴿ لا يهدي من يضل ﴾.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن إبراهيم، أنه قرأ ﴿ لا يهدي من يضل ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه كان يقرأ هذا الحرف ﴿ فإن الله لا يهدي من يضل ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ فإن الله لا يهدي من يضل ﴾ قال : من يضله الله لا يهديه أحد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي العالية قال : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه، فكان فيما تكلم به والذي أرجوه بعد الموت، أنه لكذا وكذا. فقال له المشرك : إنك لتزعم أنك تبعث من بعد الموت... فأقسم بالله جهد يمينه : لا يبعث الله من يموت. فأنزل الله :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت... ﴾ الآية.
وأخرج ابن مردويه عن علي في قوله :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ﴾ قال : نزلت في.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي هريرة قال :« قال الله : سبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يسبني، وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني. فأما تكذيبه إياي فقال :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ﴾ وقلت :﴿ بلى وعداً عليه حقاً ﴾ وأما سبه إياي فقال :﴿ إن الله ثالث ثلاثة ﴾ وقلت ﴿ هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ﴾ [ الصمد ] ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ليبين لهم الذي يختلفون فيه ﴾ قال : للناس عامة، والله أعلم.
أخرج أحمد والترمذي وحسنه، وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان - واللفظ له - عن أبي ذر، عن رسول الله قال :« يقول الله : يا ابن آدم، كلكم مذنب إلا من عافيت.. فاستغفروني أغفر لكم. وكلكم فقراء إلا من أغنيت، فسلوني أُعْطِكُم. وكلكم ضال إلا من هديت، فسلوني الهدى أهدكم. ومن استغفرني وهو يعلم أني ذو قدرة على أن أغفر له، غفرت له ولا أبالي. ولو أن أوّلكم وآخركم وحيّكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب أشقى واحد منكم، ما نقص ذلك من سلطاني مثل جناح بعوضة. ولو أن أوّلكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب أتقى واحد منكم، ما زادوا في سلطاني مثل جناح بعوضة. ولو أن أوّلكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم سألوني حتى تنتهي مسألة كل واحد منكم، فأعطيتهم ما سألوني ما نقص ذلك مما عندي كغرز إبرة غمسها أحدكم في البحر، وذلك أني جواد ماجد واجد عطائي كلام، وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له ﴿ كن فيكون ﴾ ».
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ﴾ قال : إنهم قوم من أهل مكة، هاجروا إلى رسول الله ﷺ بعد ظلمهم، ظَلَمَهُمُ المشركون.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم، عن داود بن أبي هند قال : نزلت ﴿ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا.... ﴾ إلى قوله :﴿ وعلى ربهم يتوكلون ﴾ في أبي جندل بن سهيل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ﴾ قال : هؤلاء أصحاب محمد، ظلمهم أهل مكة فأخرجوهم من ديارهم، حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة، ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة، وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين ﴿ ولأجر الآخرة أكبر ﴾ قال : أي والله لما يثيبهم عليه من جنته ونعمته ﴿ أكبر لو كانوا يعلمون ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي في قوله :﴿ لنبوّئنهم في الدنيا حسنة ﴾ قال : المدينة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ لنبوّئنهم في الدنيا حسنة ﴾ قال : لنرزقنهم في الدنيا رزقاً حسناً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبان بن تغلب قال : كان الربيع بن خثيم يقرأ هذا الحرف في النحل ﴿ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ﴾ ويقرأ في العنكبوت ( لَنَثْويَنَّهُمْ من الجنة غرفا ) [ العنكبوت : ٥٨ ] ويقول : التَّنَبُّؤ في الدنيا والثواء في الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن عمر بن الخطاب : أنه كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاء يقول : خذ... بارك الله لك، هذا ما وعدك الله في الدنيا وما ادّخر لك في الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : لما بعث الله محمداً رسولاً أنكرت العرب ذلك، ومن أنكر منهم قالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد. فأنزل الله :﴿ أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم ﴾ [ يونس : ٢ ] وقال :﴿ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾ يعني فاسألوا أهل الذكر والكتب الماضية : أبشرا كانت الرسل الذين أتتهم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أتتكم، وإن كانوا بشراً فلا تنكروا أن يكون رسولاً. ثم قال :﴿ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم من أهل القرى ﴾ [ يوسف : ١٠٩ ] أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً ﴾ قال : قالت العرب ﴿ لولا أنزل علينا الملائكة ﴾ [ المائدة : ٧٣ ] قال الله : ما أرسلت الرسل إلا بشراً ﴿ فاسألوا ﴾ يا معشر العرب ﴿ أهل الذكر ﴾ وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، الذين جاءتهم قبلكم ﴿ إن كنتم لا تعلمون ﴾ أن الرسل الذين كانوا من قبل محمد كانوا بشراً مثله، فإنهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشراً مثله.
وأخر الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس ﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾ يعني مشركي قريش، أن محمداً رسول الله في التوراة والإنجيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾ قال : نزلت في عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة، وكانوا أهل كتب يقول : فاسألوهم ﴿ إن كنتم لا تعلمون ﴾ أن الرجل ليصلي ويصوم ويحج ويعتمر، وأنه لمنافق. قيل : يا رسول الله، بماذا دخل عليه النفاق؟ قال : يطعن على إمامه، وإمامه من قال الله في كتابه :﴿ فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله ﷺ :« لا ينبغي للعالم أن يسكت عن علمه، ولا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله. وقد قال الله ﴿ فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون ﴾ فينبغي للمؤمن أن يعرف عمله على هدى أم على خلافه ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ بالبينات ﴾ قال : الآيات ﴿ والزبر ﴾ قال : الكتب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله :﴿ بالبينات والزبر ﴾ قال :﴿ البينات ﴾ الحلال والحرام الذي كانت تجيء به الأنبياء ﴿ والزبر ﴾ كتب الأنبياء ﴿ وأنزلنا إليك الذكر ﴾ قال : هو القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ قال : ما أحل لهم وما حرم عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ قال : أرسله الله إليهم ليتخذ بذلك الحجة عليهم.
141
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله :﴿ ولعلهم يتفكرون ﴾ قال : يطيعون.
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قام فينا رسول الله ﷺ مقاماً أخبرنا بما يكون إلى قيام الساعة، عقله منا من عقله ونسيه من نسيه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ أفأمن الذين مكروا السيئات ﴾ قال : هو نمرود بن كنعان وقومه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ أفأمن الذين مكروا السيئات ﴾ أي الشرك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله :﴿ أفأمن الذين مكروا السيئات ﴾ قال : تكذيبهم الرسل وأعمالهم بالمعاصي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ أو يأخذهم في تقلبهم ﴾ قال : في اختلافهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ أو يأخذهم في تقلبهم ﴾ قال : إن شئت أخذته في سفره. وفي قوله :﴿ أو يأخذهم على تخوف ﴾ يقول : إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه. وتخوف بذلك.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ أو يأخذهم في تقلبهم ﴾ قال : في أسفارهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله :﴿ أو يأخذهم في تقلبهم ﴾ يعني على أي حال كانوا بالليل والنهار ﴿ أو يأخذهم على تخوف ﴾ يعني أن يأخذ بعضاً بالعذاب ويترك بعضاً، وذلك أنه كان يعذب القرية فيهلكها ويترك الأخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أو يأخذهم على تخوف ﴾ قال : ينقص من أعمالهم.
وأخرج ابن جرير من طريق عطاء الخراساني، عن ابن عباس في قوله :﴿ أو يأخذهم على تخوف ﴾ قالوا : ما نرى إلا أنه عند تنقص ما نردده من الآيات، فقال عمر : ما أرى إلا أنه على ما تنتقصون من معاصي الله. فخرج رجل ممن كان عند عمر فلقي أعرابياً فقال : يا فلان، ما فعل ربك. فقال : قد تخيفته. يعني تنقصته. فرجع إلى عمر فأخبره فقال : قدر الله ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ أو يأخذهم على تخوف ﴾ قال : يأخذهم بنقص بعضهم بعضاً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله :﴿ أو يأخذهم على تخوف ﴾ قال : كان يقال : التخوف، هو التنقص... تنقصهم من البلد والأطراف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤُا ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً لله ﴾ قال : ظل كل شيء فيه، وظل كل شيء سجوده. ﴿ فاليمين ﴾ أول النهار ﴿ والشمائل ﴾ آخر النهار.
142
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله :﴿ أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤُا ظلاله ﴾ قال : إذا فَاءَ الْفَيءُ توجه كل شيء ساجداً لله قِبَلَ القبلة من بيت أو شجر. قال : فكانوا يستحبون الصلاة عند ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن الضحاك في الآية قال : إذا فاء الفيء، لم يبق شيء من دابة ولا طائر إلا خر لله ساجداً.
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وأبو الشيخ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« أربع قبل الظهر بعد الزوال تحسب بمثلين من صلاة السحر ». قال رسول الله ﷺ :« وليس من شيء إلا وهو يسبح الله تلك الساعة » ثم قرأ ﴿ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً لله... ﴾ الآية كلها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن إبراهيم قال : صلوا صلاة الآصال حتى يفيء الفيء قبل النداء بالظهر، من صلاها فكأنما تهجد بالليل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : فيء كل شيء ظله، وسجود كل شيء فيه سجود الخيال فيها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية في قوله :﴿ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل ﴾ قال : الغدو والآصال، إذا فاء ظل كل شيء. أما الظل بالغداة فعن اليمين، وأما بالعشي فعن الشمائل. إذا كان بالغداة سجدت لله، وإذا كان بالعشي سجدت له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غالب الشيباني قال : أمواج البحر صلاته.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ داخرون ﴾ قال : صاغرون.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله ﴿ وهم داخرون ﴾ قال : صاغرون.
143
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة ﴾ قال : لم يدع شيئاً من خلقه إلا عبده له طائعاً أو كارهاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : يسجد من في السموات طوعاً، ومن في الأرض طوعاً وكرهاً.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس في قوله :﴿ يخافون ربهم من فوقهم ﴾ قال : مخافة الإجلال.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه، عن أبي هريرة قال :« مر النبي ﷺ بسعد وهو يدعو بأصبعيه فقال له : يا سعد، أحد أحد ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : كانوا إذا رأوا إنساناً يدعو بأصبعيه، ضربوا إحداهما وقالوا :﴿ إنما هو إله واحد ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : إن الله يحب أن يدعى هكذا، وأشارت بأصبع واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : هو الإخلاص، يعني الدعاء بالاصبع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الدعاء هكذا - وأشار بأصبع واحدة - مقمعة الشيطان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : الإخلاص هكذا. وأشار بأصبعيه والدعاء هكذا يعني ببطون كفيه. وللاستخارة هكذا، ورفع يديه وولى ظهرهما وجهه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وله الدين واصباً ﴾ قال :﴿ الدين ﴾ الإخلاص ﴿ واصباً ﴾ دائماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ وله الدين واصباً ﴾ قال : لا إله إلا الله.
واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وله الدين واصباً ﴾ قال : دائماً.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وله الدين واصباً ﴾ قال : واجباً.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :﴿ وله الدين واصباً ﴾ ما الواصب؟ قال : الدائم. قال فيه أمية بن أبي الصلت :
وله الدين واصباً وله الملك وحمد له على كل حال
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في الآية قال : إن هذا الدين دين واصب... شغل الناس وحال بينهم وبين كثير من شهواتهم، فما يستطيعه من إلا من عرف فضله ورجا عاقبته.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ فإليه تجأرون ﴾ قال : تتضرعون دعاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ فإليه تجأرون ﴾ يقول : تضجون بالدعاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ ثم إذا كشف الضر عنكم... ﴾ الآية، قال : الخلق كلهم يُقِرُّونَ لله أنه ربهم ثم يشركون بعد ذلك.
144
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله :﴿ فتمتعوا فسوف تعلمون ﴾ قال : هو وعيد.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله :﴿ ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً مما رزقناهم ﴾ قال : يعلمون أن الله خلقهم ويضرهم وينفعهم، ثم يجعلون لما يعلمون أنه يضرهم ولا ينفعهم نصيباً مما رزقناهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً ﴾ قال : هم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيباً مما رزقهم الله، وجزأوا من أموالهم جزءاً فجعلوه لأوثانهم وشياطينهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً مما رزقناهم ﴾ هو قولهم هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا.
145
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ ويجعلون لله البنات... ﴾ الآيات. يقول : يجعلون له البنات، يرضونهن له ولا يرضونهن لأنفسهم. وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا ولد للرجل منهم جارية أمسكها على هون أو دسّها في التراب وهي حية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله :﴿ ولهم ما يشتهون ﴾ قال : يعني به البنين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ﴾ قال : هذا صنيع مشركي العرب، أخبرهم الله بخبث صنيعهم. فأما المؤمن، فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له، وقضاء الله خير من قضاء المرء لنفسه. ولعمري ما ندري أنه لخير لرب جارية خير لأهلها من غلام، وإنما أخبركم الله بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه، فكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كانت العرب يقتلون ما ولد لهم من جارية فيدسونها في التراب وهي حية حتى تموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ على هون ﴾ أي هوان بلغة قريش.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله :﴿ أم يدسه في التراب ﴾ قال : يئد ابنته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ألا ساء ما يحكمون ﴾ قال : بئس ما حكموا. يقول : شيء لا يرضونه لأنفسهم، فكيف يرضونه لي.... ؟
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ولله المثل الأعلى ﴾ قال : شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس في قوله :﴿ ولله المثل الأعلى ﴾ قال : يقول ليس كمثله شيء.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ﴾ قال : ما سقاهم المطر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : إذا قحط المطر لم يبق في الأرض دابة إلا ماتت.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله :﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ﴾ قال : قد فعل الله ذلك في زمان نوح، أهلك الله ما على ظهر الأرض من دابة إلا ما حملت سفينة نوح.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود قال : ذنوب ابن آدم قتلت الجعل في جحره، ثم قال : أي والله... ومن غرق قوم نوح عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود قال : كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم، ثم قرأ ﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات، عن أنس بن مالك قال : كاد الضب أن يموت في جحره هولاً من ظلم ابن آدم.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والبيهقي في الشعب، عن أبي هريرة أنه سمع رجلاً يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه. فقال أبو هريرة : بلى. والله، إن الحبارى لتموت هزلاً وكرهاً من ظلم الظالم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« لو أن الله يؤاخذني وعيسى ابن مريم بذنونبا، » وفي لفظ :« بما جنت هاتان - الإبهام والتي تليها - لعذبنا ما يظلمنا شيئاً ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله :﴿ ويجعلون لله ما يكرهون ﴾ قال : يقول : تجعلون لي البنات وتكرهون ذلك لأنفسكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ويجعلون لله ما يكرهون ﴾ قال : وهن الجواري.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى ﴾ قال : قول كفار قريش لنا البنون ولله البنات.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وتصف ألسنتهم الكذب ﴾ أي يتكلمون بأن ﴿ لهم الحسنى ﴾ الغلمان.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ وأنهم مفرطون ﴾ قال : مسيئون.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ وأنهم مفرطون ﴾ قال : متروكون في النار ينسون فيها أبداً.
147
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله :﴿ وأنهم مفرطون ﴾ قال : قد فرطوا في النار أي معجلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله :﴿ وأنهم مفرطون ﴾ قال : معجل بهم إلى النار.
وأخرج ابن مردويه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي كبشة، عن أبيه، عن جده أن رسول الله ﷺ قال :« ما شرب أحد لبناً فيشرق؛ إن الله يقول ﴿ لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي حاتم، عن ابن سيرين. إن ابن عباس لبناً فقال له مطرف : ألا تمضمضت؟ فقال : ما أباليه بالة، اسمح يسمح لك. فقال قائل : إنه يخرج من بين فرث ودم. فقال ابن عباس : قد قال الله ﴿ لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ﴾.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن مردويه والحاكم وصححه، عن ابن عباس أنه سئل عن قوله :﴿ تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ﴾ قال : السكر ما حرم من ثمرتها، والرزق الحسن ما حل من ثمرتها.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في الآية قال : السكر الحرام منه، والرزق الحسن زبيبه وخله وعنبه ومنافعه.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في الآية قال : السكر النبيذ، والرزق الحسن، فنسختها هذه الآية ﴿ إنما الخمر والميسر ﴾ [ المائدة : ٩٠ ].
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير، عن أبي رزين في الآية قال : نزل هذا وهم يشربون الخمر قبل أن ينزل تحريمها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في الآية قال : السكر الخل، والنبيذ وما أشبهه. والرزق الحسن : الثمر والزبيب وما أشبهه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن ابن عباس في قوله :﴿ تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ﴾ قال : فحرم الله بعد ذلك السكر، مع تحريم الخمر، لأنه منه، ثم قال :﴿ ورزقاً حسناً ﴾ فهو الحلال من الخل والزبيب والنبيذ وأشباه ذلك، فأقره الله وجعله حلالاً للمسلمين.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ﴾ قال : إن الناس يسمون الخمر سكراً، وكانوا يشربونها، ثم سماها الله بعد ذلك الخمر حين حرمت، وكان ابن عباس يزعم أن الحبشة يسمون الخل السكر. وقوله ﴿ ورزقاً حسناً ﴾ يعني بذلك الحلال التمر والزبيب، وكان حلالاً لا يسكر.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن ابن مسعود قال : السكر خمر.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن سعيد بن جبير والحسن والشعبي وإبراهيم وأبي رزين مثله.
وأخرج عبد الرزاق وابن الأنباري في المصاحف والنحاس، عن قتادة في قوله :﴿ تتخذون منه سكراً ﴾ قال : خمور الأعاجم، ونسخت في سورة المائدة.
وأخرج النسائي عن سعيد بن جبير قال : السكر الحرام، والرزق الحسن الحلال.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله :﴿ تتخذون منه سكراً ﴾ قال : ذكر الله نعمته عليهم في الخمر قبل أن يحرمها عليهم.
وأخرج ابن الأنباري والبيهقي، عن إبراهيم والشعبي في قوله :﴿ تتخذون منه سكراً ﴾ قالا : هي منسوخة.
وأخرج الخطيب، عن أبي هريرة قال : قال رسول ﷺ :« لكم في العنب أشياء تأكلونه عنباً، وتشربونه عصيراً ما لم ييبس، وتتخذون منه زبيباً ورباً والله أعلم ».
148
أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وأوحى ربك إلى النحل ﴾ قال : ألهمها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن قال : النحل دابة أصغر من الجندب، ووحيه إليها قذف في قلوبها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ وأوحى ربك إلى النحل ﴾ قال : ألهمها إلهاماً، ولم يرسل إليها رسولاً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي، عن ابن عباس في قوله :﴿ وأوحى ربك إلى النحل ﴾ قال : أمرها أن تأكل من كل الثمرات، وأمرها أن تتبع سبل ربها ذللاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ فاسلكي سبل ربك ذللاً ﴾ قال : طرقاً لا يتوعر عليها مكان سلكته.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله :﴿ فاسلكي سبل ربك ذللاً ﴾ قال : مطيعة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد في الآية قال : الذلول الذي يقاد ويذهب به حيث أراد صاحبه. قال : فهم يخرجون بالنحل وينتجعون بها. ويذهبون وهي تتبعهم. وقرأ ﴿ أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لهم مالكون وذللناها لهم ﴾ [ يس : ٧١-٧٢ ] الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ فاسلكي سبل ربك ذللاً ﴾ قال : ذليلة لذلك. وفي قوله :﴿ يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه ﴾ قال : هذا العسل ﴿ فيه شفاء للناس ﴾ يقول : فيه شفاء الأوجاع التي شفاؤها فيه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ﴾ يعني العسل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ﴾ قال : هو العسل فيه الشفاء، وفي القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن العسل فيه شفاء من كل داء، والقرآن شفاء لما في الصدور.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن مسعود قال : عليكم بالشفاءين : العسل والقرآن.
وأخرج ابن ماجه وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :« عليكم بالشفاءين العسل والقرآن ».
وأخرج البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال :« الشفاء في ثلاثة : في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنا أنهي أمتي عن الكي ».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
149
« أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله، إن أخي استطلق بطنه، فقال :» اسقه عسلاً « فسقاه عسلاً، ثم جاء فقال : ما زاده إلا استطلاقاً : قال :» اذهب فاسقه عسلاً « فسقاه عسلاً، ثم جاء فقال : ما زاده إلا استطلاقاً! قال رسول الله ﷺ :» صدق الله وكذب بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلاً « فذهب فسقاه فبرأ ».
وأخرج ابن ماجه وابن السني والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء ».
وأخرج البيهقي في الشعب، عن عامر بن مالك قال : بعثت إلى النبي ﷺ من وعك كان بي ألتمس منه دواء أو شفاء، فبعث إليّ بعَكَّة من عسل.
وأخرج حميد بن زنجويه، عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان لا يشكو قرحة ولا شيئاً إلا جعل عليه عسلاً حتى الدُّمَّلَ إذا كان به طلاه عسلاً، فقلنا له : تداوي الدُمَّلَّ بالعسل؟ فقال أليس يقول الله :﴿ فيه شفاء للناس ﴾.
وأخرج أحمد والنسائي، عن معاوية بن خديج قال : قال رسول الله ﷺ :« إن كان في شيء شفاء ففي شرطة من محجم أو شربة من عسل أو كية بنار تصيب ألماً، وما أحب أن أكتوى ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن حشرم المجمري : أن ملاعب الأسنة عامر بن مالك بعث إلى النبي ﷺ يسأله الدواء والشفاء من داء نزل به؟ فبعث إليه النبي ﷺ بعسل أو بعكة من عسل.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن عمر وقال : مثل المؤمن كمثل النحلة تأكل طيبا وتضع طيباً.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الزهري قال : نهى النبي ﷺ عن قتل النمل والنحل.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« مثل بلالٍ كمثل النحلة، غدت تأكل من الحلو والمر، ثم هو حلو كله ».
وأخرج الحاكم وصححه، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش وسوء الجوار وقطيعة الرحم، ثم قال : إنما مثل المؤمن كمثل النحلة رتعت فأكلت طيباً ثم سقطت فلم تؤذ ولم تكسر ».
وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد الساعدي : أن النبي ﷺ : نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع.
وأخرج الخطيب في تاريخه، عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله ﷺ عن قتل أربع من الدواب : النملة والنحلة والهدهد والصرد.
150
وأخرج أبو يعلى عن أنس قال : قال رسول الله - ﷺ - « عمر الذباب أربعون يوماً، والذباب كله في النار، إلا النحل ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف من طريق مجاهد، عن عبيد بن عمير أو ابن عمر، عن النبي ﷺ قال :« كل الذباب في النار إلا النحل » وكان ينهى عن قتلها.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال :« الذباب كلها في النار إلا النحل ».
وأخرج ابن جرير، عن علي رضي الله عنه في قوله :﴿ ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ﴾ قال : خمس وسبعون سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ﴾ الآية. أرذل العمر هو الخوف.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة قال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، ثم قرأ ﴿ لكي لا يعلم بعد علم شيئاً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن طاوس قال : إن العالم لا يخرف.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الملك بن عمير قال : كان يقال أن أبقى الناس عقولاً قراء القرآن.
وأخرج البخاري وابن مردويه، عن أنس : أن رسول الله ﷺ كان يدعو، « أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا وفتنة الممات ».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن مسعود قال : كان دعاء رسول الله ﷺ « أعوذ بالله من دعاء لا يسمع ومن قلب لا يخشع ومن علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع، اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع. ومن الخيانة فإنها بئست البطانة. وأعوذ بك من الكسل والهرم والبخل والجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدجال وعذاب القبر ».
وأخرج ابن مردويه، عن سعد بن أبي وقاص عن النبي ﷺ، أنه كان يدعو « اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر ».
وأخرج ابن مردويه، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ﷺ :« المولود حتى يبلغ الحنث ما يعمل من حسنة أثبت لوالده أو لوالديه، وإن عمل سيئة لم تكتب عليه ولا على والديه، فإذا بلغ الحنث وجرى عليه القلم أمر الملكان اللذان معه فحفظاه وسددا، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام، آمنه الله من البلايا الثلاثة : من الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ الخمسين ضاعف الله حسناته، فإذا بلغ ستين رزقه الله الانابة إليه فيما يحب، فإذا بلغ سبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ تسعين سنة غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفعه في أهل بيته وكان اسمه عنده أسير الله في أرضه، فإذا بلغ إلى أرذل العمر ﴿ لكي لا يعلم بعد علم شيئاً ﴾ كتب الله له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير، وإن عمل سيئة لم تكتب عليه ».
151
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ والله فضل بعضكم على بعض في الرزق ﴾ الآية. يقول : لم يكونوا يشركون عبيدهم في أموالهم ونسائهم، وكيف تشركون عبيدي معي في سلطاني؟.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في الآية قال : هذا مثل الآلهة الباطل مع الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ والله فضل بعضكم على بعض في الرزق ﴾ الآية. قال : هذا مثل ضربه الله، فهل منكم من أحد يشارك مملوكه في زوجته وفي فراشه؟! أفتعدلون بالله خلقه وعباده؟ فإن لم ترض لنفسك هذا، فالله أحق أن تبرئه من ذلك، ولا تعدل بالله أحداً من عباده وخلقه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عطاء الخراساني في الآية. قال : هذا مثل ضربه الله في شأن الآلهة، فقال كيف تعدلون بي عبادي، ولا تعدلون عبيدكم بأنفسكم، وتردون ما فضلتم به عليهم فتكونون أنتم وهم في الرزق سواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن البصري قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري، اقنع برزقك في الدنيا، فإن الرحمن فضل بعض عباده على بعض في الرزق، بلاء يبتلى به كلا، فيبتلي به من بسط له، كيف شكره فيه، وشكره لله أداؤه الحق الذي افترض عليه مما رزقه وخوله.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ﴾ قال : خلق آدم ثم خلق زوجته منه.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه، عن ابن مسعود في قوله :﴿ بنين وحفدة ﴾ قال الحفدة الأختان.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : الحفدة الأصهار.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : الحفدة الولد وولد الولد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : الحفدة بنو البنين.
وأخرج الطستي، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى :﴿ وحفدة ﴾ قال : ولد الولد وهم الأعوان قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول :
حفد الولائد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة الاجمال
وأخرج ابن جرير، عن أبي حمزة قال : سئل ابن عباس عن قوله :﴿ بنين وحفدة ﴾ قال : من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة الاجمال
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : الحفدة بنو امرأة الرجل ليسوا منه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي مالك قال : الحفدة الأعوان.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن عكرمة قال : الحفدة الخدم.
وأخرج ابن جرير، عن الحسن قال : الحفدة البنون وبنو البنين، ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ أفبالباطل يؤمنون ﴾ قال : الشرك.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله :﴿ أفبالباطل يؤمنون ﴾ قال : الشيطان ﴿ وبنعمة الله ﴾ قال : محمد.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض ﴾ قال : هذه الأوثان التي تعبد من دون الله، لا تملك لمن يعبدها رزقاً ولا ضراً ولا نفعاً ولا حياة ولا نشوراً ﴿ فلا تضربوا لله الأمثال ﴾ فإنه أحد صمد ﴿ لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ﴾ [ الإخلاص : ٣ ].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ فلا تضربوا لله الأمثال ﴾ يعني اتخاذهم الأصنام. يقول : لا تجعلوا معي إلهاً غيري، فإنه لا إله غيري.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ﴾ يعني الكافر، إنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله ﴿ ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً ﴾ يعني المؤمن وهو المثل في النفقة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً ﴾ قال : هذا مثل ضربه الله للكافر رزقه الله مالاً فلم يقدم فيه خيراً ولم يعمل فيه بطاعة الله. ﴿ ومن رزقناه منا رزقاً حسناً ﴾ قال : هو المؤمن أعطاه الله مالاً رزقاً حلالاً، فعمل فيه بطاعة الله، وأخذه بشكر ومعرفة حق الله، فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة. قال الله :﴿ هل يستويان مثلاً ﴾ قال : لا والله لا يستويان.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقاً حسناً ﴾ و ﴿ رجلين أحدهما أبكم ﴾ ﴿ ومن يأمر بالعدل ﴾ قال : كل هذا مثل إله الحق، وما يدعون من دونه الباطل.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج، عن ابن عباس في قوله :﴿ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ﴾ قال : يعني بذلك الآلهة التي لا تملك ضراً ولا نفعاً، ولا تقدر على شيء. ينفعها ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً قال علانية المؤمن الذي ينفق سراً وجهراً لله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله :﴿ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ﴾ قال الصنم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس قال : إن الله ضرب الأمثال على حسب الأعمال، فليس عمل صالح، إلا له المثل الصالح، وليس عمل سوء، إلا له مثل سوء، وقال : إن مثل العالم المتفهم، كطريق بين شجر وجبل، فهو مستقيم لا يعوّجه شيء، فذلك مثل العبد المؤمن الذي قرأ القرآن وعمل به.
154
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر. عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية ﴿ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ﴾ في رجل من قريش وعبده، في هشام بن عمر، وهو الذي ينفق ماله سراً وجهراً، وفي عبده أبي الجوزاء الذي كان ينهاه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : ليس للعبد طلاق إلا بإذن سيده. وقرأ ﴿ عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ﴾.
وأخرج البيهقي في سننه. عن ابن عباس أنه سئل عن المملوك يتصدق بشيء؟ قال :﴿ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ﴾ لا يتصدق بشيء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ ضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم ﴾ إلى آخر الآية. يعني بالأبكم الذي ﴿ هو كل على مولاه ﴾ الكافر. وبقوله :﴿ ومن يأمر بالعدل ﴾ المؤمن. وهذا المثل في الأعمال.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية ﴿ وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم ﴾ في رجلين أحدهما عثمان بن عفان، ومولى له كافر، وهو أسيد بن أبي العيص، كان يكره الإسلام، وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤنة، وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة، عن ابن عباس في قوله :﴿ ومن يأمر بالعدل ﴾ قال : عثمان بن عفان.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في الآية قال : هذا مثل ضربه الله للآلهة أيضا. أما الأبكم فالصنم، فإنه أبكم لا ينطق ﴿ وهو كل على مولاه ﴾ ينفقون عليه وعلى من يأتيه، ولا ينفق عليهم ولا يرزقهم ﴿ هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل ﴾ وهو الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله :﴿ أحدهما أبكم ﴾ قال : هو الوثن ﴿ هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل ﴾ قال : الله.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ كل ﴾ قال : الكل العيال. كانوا إذا ارتحلوا حملوه على بعير ذلول، وجعلوا معه نفراً يمسكونه خشية أن يسقط، فهو عناء وعذاب وعيال عليهم ﴿ هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ﴾ يعني نفسه.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه قرأ خبر.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وما أمر الساعة إلا كلمح البصر ﴾ هو أن يقول : كن أو أقرب، فالساعة ﴿ كلمح البصر أو أقرب ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ كلمح البصر ﴾ يقول : كلمح ببصر العين من السرعة. أو ﴿ أقرب ﴾ من ذلك إذا أردنا.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله :﴿ وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ﴾ قال : هو أقرب، وكل شيء في القرآن أو، فهو هكذا ( مائة ألف أو يزيدون ) والله أعلم.
155
أخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم ﴾ قال : من الرحم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ﴾ قال : كرامة أكرمكم الله بها، فاشكروا نعمه.
وأخرج أحمد وابن ماجه وابن حبان والطبراني وابن مردويه، عن حبة وسواء ابنَيْ خالد أنهما أتيا النبي ﷺ : وهو يعالج بناء، فقال لهما : هلم، فعالجا معه، فعالجا فلما فرغ، أمر لهما بشيء وقال لهما :« لا تَيْأَسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما. فإنه ليس من مولود يولد من أمة إلا أحمر ليس عليه قشرة ثم يرزقه الله ».
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ في جوّ السماء ﴾ في كبد السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ في جو السماء ﴾ قال : جوف السماء ﴿ ما يمسكهن إلا الله ﴾ قال : يمسكه الله على كل ذلك والله أعلم بالصواب.
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ والله جعل لكم من بيوتكم سكناً ﴾ قال : تسكنون فيها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ جعل لكم من بيوتكم سكناً ﴾ قال : تسكنون وتقرون فيها ﴿ وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً ﴾ وهي خيام الأعراب ﴿ تستخفونها ﴾ يقول في الحمل ﴿ ومتاعا إلى حين ﴾ قال : إلى الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ تستخفونها يوم ظعنكم ﴾ قال بعض : بيوت السيارة في ساعة وفي قوله :﴿ وأوبارها ﴾ قال : الإبل ﴿ وأشعارها ﴾ قال : الغنم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ أثاثاً ﴾ قال : الأثاث المال ﴿ ومتاعاً إلى حين ﴾ يقول تنتفعون به إلى حين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن عطاء قال : إنما أنزل القرآن على قدر معرفة العرب. ألا ترى إلى قوله :﴿ ومن أصوافها وأوبارها ﴾ وما جعل الله لهم من غير ذلك أعظم منه وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر. ألا ترى إلى قوله :﴿ والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكناناً ﴾ وما جعل من السهل أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب جبال. ألا ترى إلى قوله :﴿ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر ﴾ وما يقي البرد أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب حر. ألا ترى إلى قوله :( من جبال فيها من برد ) يعجبهم بذلك، وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا لا يعرفونه.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ومتاعاً إلى حين ﴾ قال : إلى أجل، وبلغة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ والله جعل لكم مما خلق ظلالاً ﴾ قال : من الشجر ومن غيرها ﴿ وجعل لكم من الجبال أكناناً ﴾ قال : غارات يسكن فيها. ﴿ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر ﴾ من القطن والكتان والصوف ﴿ وسرابيل تقيكم بأسكم ﴾ من الحديد ﴿ كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ﴾ ولذلك هذه السورة تسمى سورة النعم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الكسائي، عن حمزة عن الأعمش وأبي بكر وعاصم، أنهم قرأوا ﴿ لعلكم تسلمون ﴾ برفع التاء من أسلمت.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ سرابيل تقيكم الحر ﴾ قال : يعني الثياب ﴿ وسرابيل تقيكم بأسكم ﴾ قال : يعني الدروع والسلاح ﴿ كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ﴾ يعني من الجراحات. وكان ابن عباس يقرؤها ﴿ تسلمون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه : أن أعرابياً أتى النبي ﷺ فسأله؟ فقرأ عليه رسول الله ﷺ ﴿ والله جعل لكم من بيوتكم سكناً ﴾ قال : الأعرابي نعم، قال :﴿ وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها ﴾ قال : الأعرابي نعم ثم قرأ عليه، كل ذلك يقول نعم، حتى بلغ ﴿ كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ﴾ فولى الأعرابي، فأنزل الله ﴿ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ﴾ قال : هي المساكن والأنعام وما ترزقون منها، وسرابيل من الحديد والثياب، تعرف هذا كفار قريش، ثم تنكره بأن تقول : هذا كان لآبائنا فورثونا إياه.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في الآية قال : يعلمون أن الله خلقهم وأعطاهم، بعدما أعطاهم يكفرون، فهو معرفهم نعمته، ثم إنكارهم إياها كفرهم بعد.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عون بن عبد الله في قوله :﴿ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ﴾ قال : انكارهم إياها، أن يقول الرجل : لولا فلان أصابني كذا وكذا، ولولا فلان لم أصب كذا وكذا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ﴾ قال محمد :- ﷺ - ولفظ ابن أبي حاتم قال : هذا في حديث أبي جهل والأخنس، حين سأل الأخنس أبا جهل عن محمد : فقال : هو نبي.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ويوم نبعث من كل شهيداً ﴾ قال : شهيدها نبيها على أنه قد بلغ رسالات ربه. قال الله :﴿ وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ﴾ قال : ذكر لنا أن نبي الله - ﷺ - كان إذا قرأ هذه الآية، فاضت عيناه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العالية في قوله :﴿ وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون ﴾ قال : هذا، كقوله :﴿ هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ فألقوا إليهم القول ﴾ قال : حدثوهم.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله :﴿ وألقوا إلى الله يومئذ السلم ﴾ قال : استسلموا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ وألقوا إلى الله يومئذ السلم ﴾ يقول : ذلوا واستسلموا يومئذ.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد بن السري وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور، عن ابن مسعود في قوله :﴿ زدناهم عذاباً فوق العذاب ﴾ قال : زيدوا عقارب لها أنياب كالنخل الطوال.
وأخرج ابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص، عن البراء أن النبي ﷺ - سئل عن قول الله :﴿ زدناهم عذاباً فوق العذاب ﴾ قال :« عقارب أمثال النخل الطوال ينهشونهم في جهنم ».
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : أفاعي في النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية : إن أهل النار إذا جزعوا من حرها استغاثوا بضحضاح في النار، فإذا أتوه تلقاهم عقارب كأنهن البغال الدهم، وأفاع كأنهن البخاتي فضربنهم، فذلك الزيادة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن عبيد بن عمير قال : إن في جهنم لجبابا فيها حيات أمثال البخت وعقارب أمثال البغال، يستغيث أهل النار من تلك الجباب إلى الساحل، فتثب إليهم فتأخذ جباههم وشفارهم فكشطت لحومهم إلى أقدامهم فسيتغيثون منها إلى النار، فتتبعهم حتى تجد حرها فترجع وهي في أسراب.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : إن لجهنم سواحل فيها حيات وعقارب، أعناقها كأعناق البخت.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأعمش، عن مالك بن الحارث قال : إذا طرح الرجل في النار هوى فيها، فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل : مكانك حتى تتحف، فيسقى كأساً من سم الأساود والعقارب، فيتميز الجلد على حدة والشعر على حدة والعصب على حدة والعروق على حدة.
160
وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ زدناهم عذاباً فوق العذاب ﴾ قال : خمسة أنهار من نار صبها الله عليهم، يعذبون ببعضها بالليل وببعضها بالنهار.
وأخرج ابن مردويه عن جابر، عن النبي ﷺ قال :« الزيادة خمسة أنهار تجري من تحت العرش على رؤوس أهل النار، ثلاثة أنهار على مقدار الليل ونهران على مقدار النهار، فذلك قوله :﴿ زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال : قال ابن عباس : أتدري ما سعة جهنم؟ قلت : لا. قال : إن ما بين شحمة أذن أحدهم وبين عاتقه مسيرة سبعين خريفاً، تجري أودية القيح والدم. قلت له : الأنهار؟ قال : لا... بل الأودية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن مسعود قال : إن الله أنزل في هذا الكتاب تبياناً لكل شيء، ولقد عملنا بعضاً مما بين لنا في القرآن. ثم تلا ﴿ ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في كتاب الله والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن مسعود قال : من أراد العلم فليتنوّر القرآن، فإنه فيه علم الأوّلين والآخرين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لا تهذوا القرآن كهذا الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : إن هذا القرآن مأدبة الله، فمن دخل فيه فهو آمن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : إن هذه القلوب أوعية، فأشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ تبياناً لكل شيء ﴾ قال : مما أمروا به ونهوا عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي رضي الله عنه في قوله :﴿ ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء ﴾ قال : بالسنة.
وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال : كنت عند رسول الله ﷺ جالساً إذ شخص بصره فقال :« أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة » ﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان.... ﴾ إلى قوله :﴿ تذكرون ﴾.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب، وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« بينما رسول الله ﷺ بفناء بيته جالساً، إذ مر به عثمان بن مظعون رضي الله عنه، فجلس إلى رسول الله ﷺ، فبينما هو يحدثه إذ شخص بصره إلى السماء، فنظر ساعة إلى السماء فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض، فتحرف رسول الله ﷺ عن جليسه عثمان إلى حيث وضع رأسه فأخذ ينفض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له، فلما قضى حاجته شخص بصر رسول الله ﷺ إلى السماء كما شخص أول مرة، فاتبعه بصره حتى توارى في السماء فأقبل إلى عثمان كجلسته الأولى، فسأله عثمان رضي الله عنه فقال : أتاني جبريل آنفاً. قال : فما قال لك؟ قال :﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان... ﴾ إلى قوله :﴿ تذكرون... ﴾ قال عثمان :- رضي الله عنه - فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمداً ﷺ ».
161
وأخرج الباوردي وابن السكن وابن منده وأبو نعيم في معرفة الصحابة، عن عبد الملك بن عمير رضي الله عنه قال :« بلغ أكتم بن صيفي مخرج رسول الله ﷺ، فأراد أن يأتيه. فأتى قومه فانتدب رجلين فأتيا رسول الله ﷺ فقالا : نحن رسل أكتم، يسألك من أنت وما جئت به؟ فقال النبي ﷺ » أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله « ثم تلا عليهما هذه الآية ﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ﴾ إلى ﴿ تذكرون ﴾ قالا : ردد علينا هذا القول. فردده عليهما حتى حفظاه، فأتيا أكتم فأخبراه. فلما سمع الآية قال : إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤوساء، ولا تكونوا فيه أذناباً » ورواه الأموي في مغازيه وزاد، فركب متوجهاً إلى النبي ﷺ فمات في الطريق : قال : ويقال نزلت فيه هذه الآية ﴿ ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت ﴾ [ النساء : ١٠٠ ] الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ إن الله يأمر بالعدل ﴾ قال : شهادة أن لا إله إلا الله، ﴿ والإحسان ﴾ قال : أداء الفرائض، ﴿ وإيتاء ذي القربى ﴾ قال : إعطاء ذوي الرحم الحق الذي أوجبه الله عليك بسبب القرابة والرحم ﴿ وينهى عن الفحشاء ﴾ قال : الزنا ﴿ والمنكر ﴾، قال : الشرك ﴿ والبغي ﴾ قال : الكبر والظلم :﴿ يعظكم ﴾ يوصيكم ﴿ لعلكم تذكرون ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب، ومحمد بن نصر في الصلاة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه في شعب الإيمان، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أعظم آية في كتاب الله تعالى ﴿ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ [ آل عمران : ٢ ] وأجمع آية في كتاب الله للخير والشر - الآية التي في النحل - ﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ﴾ وأكثر آية في كتاب الله تفويضاً ﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾ [ الطلاق : ٢-٣ ] وأشد آية في كتاب الله رجاء
162
﴿ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ﴾ [ الزمر : ٥٣ ] الآية.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ﴾ إلى آخرها ثم قال : إن الله تعالى جمع لكم الخير كله، والشر كله في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئا إلا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا جمعه.
وأخرج ابن النجار في تاريخه من طريق العكلي، عن أبيه قال : مر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوم يتحدثون فقال : فيم أنتم؟! فقالوا : نتذاكر المروءة، فقال : أو ما كفاكم الله تعالى ذاك في كتابه؟! إذ يقول الله :﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ﴾ فالعدل، الانصاف. والاحسان، التفضل، فما بقي بعد هذا؟.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ﴾ الآية. قال : ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويعظمونه ويخشونه إلا أمر الله به وليس من خلق سيء كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدم فيه، وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : دعاني عمر بن عبد العزيز فقال : صف لي العدل، فقلت : بخ... سألت عن أمر جسيم، كُنْ لصغير الناس أباً ولكبيرهم ابناً، وللمثل منهم أخاً وللنساء كذلك، وعاقب الناس على قدر ذُنوبهم وعلى قدر أجسادهم ولا تضربن بغضبك سوطاً واحداً متعدياً فتكون من العادين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : قال عيسى ابن مريم : إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك والله أعلم.
163
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن مزيدة بن جابر في قوله :﴿ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ﴾ قال : نزلت هذه الآية في بيعة النبي ﷺ، كان من أسلم بايع على الإسلام فقال :﴿ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ﴾ فلا تحملنكم قلة محمد وأصحابه وكثرة المشركين أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ﴾ قال : تغليظها في الحلف :﴿ وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ﴾ قال : وكيلاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله :﴿ ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ﴾ يقول : بعد تشديدها وتغليظها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ﴾ يعني، بعد تغليظها وتشديدها ﴿ وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ﴾ يعني في العهد شهيداً، والله أعلم بالصواب.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص قال : كانت سعيدة الأسدية مجنونة تجمع الشعر والليف، فنزلت هذه الآية ﴿ ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها... ﴾ الآية.
وأخرج ابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس : يا عطاء، ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فأراني حبشية صفراء، فقال :« هذه أتت رسول الله ﷺ فقالت : إن بي هذه الموتة - يعني الجنون - فادع الله أن يعافيني. فقال لها رسول الله ﷺ : إن شئت دعوت الله فعافاك، وإن شئت صبرت واحتسبت ولك الجنة، فاختارت الصبر والجنة »
قال : وهذه المجنونة سعيدة الأسدية، وكانت تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية ﴿ ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها... ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في قوله :﴿ ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها ﴾ قال : خرقاء كانت بمكة تنقضه بعدما تبرمه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها ﴾ قال : كانت امرأة بمكة، كانت تسمى خرقاء مكة كانت تغزل فإذا أبرمت غزلها تنقضه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها ﴾ قال : نقضت حبلها بعد إبرامها إياه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في الآية : لو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم : ما أحمق هذه... ! وهذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده. وفي قوله :﴿ تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم ﴾ قال : خيانة وغدراً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ أن تكون أمة هي أربى من أمة ﴾ قال : ناس أكثر من ناس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ أن تكون أمة هي أربى من أمة ﴾ قال : كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز فينقضون حلف هؤلاء، ويحالفون هؤلاء الذين هم أعز فنهوا عن ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال : ولا تكونوا في نقض العهد بمنزلة التي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً، يعني بعد ما أبرمته ﴿ تتخذون أيمانكم ﴾ يعني العهد ﴿ دخلاً بينكم ﴾ يعني بين أهل العهد، يعني مكراً أو خديعة ليدخل العلة فيستحل به نقض العهد ﴿ أن تكون أمة هي أربى من أمة ﴾ يعني أكثر ﴿ إنما يبلوكم الله به ﴾ يعني بالكثرة ﴿ وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ﴾ يعني المسلمة والمشركة ﴿ أمة واحدة ﴾ يعني ملة الإسلام وحدها ﴿ ولكن يضل من يشاء ﴾ يعني عن دينه، وهم المشركون ﴿ ويهدي من يشاء ﴾ يعني المسلمين ﴿ ولتسألن ﴾ يوم القيامة ﴿ عما كنتم تعملون ﴾ ثم ضرب مثلاً آخر للناقض العهد فقال :﴿ ولا تتخذوا أيمانكم ﴾ يعني العهد ﴿ دخلاً بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها ﴾ يقول : إن ناقض العهد يزل في دينه كما يزل قدم الرجل بعد الاستقامة ﴿ وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ﴾ يعني العقوبة ﴿ ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً ﴾ يعني عرضاً من الدنيا يسيراً ﴿ إنما عند الله ﴾ يعني الثواب ﴿ هو خير لكم ﴾ يعني أفضل لكم من العاجل ﴿ ما عندكم ينفد ﴾ يعني ما عندكم من الأموال يفنى ﴿ وما عند الله باق ﴾ يعني وما عند الله في الآخرة من الثواب دائم لا يزول عن أهله، وليجزين ﴿ الذين صبروا بأحسن ما كانوا يعملون ﴾ في الدنيا ويعفو عن سيئاتهم.
165
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني، عن ابن مسعود قال : إياكم وأرأيت فإنما هلك من كان قبلكم بأرأيت، ولا تقيسوا الشيء بالشيء ﴿ فتزل قدم بعد ثبوتها ﴾ وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم فليقل : لا أعلم، فإنه ثلث العلم.
166
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سئل عن هذه الآية ﴿ من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ﴾ قال : الحياة الطيبة، الرزق الحلال في هذه الحياة الدنيا. وإذا صار إلى ربه جازاه بأحسن ما كان يعمل.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله :﴿ فلنحيينه حياة طيبة ﴾ قال : الحياة الطيبة، الرزق الحلال في هذه الحياة الدنيا، وإذا صار إلى ربه جازاه بأحسن ما كان يعمل.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله :﴿ فلنحييه حياة طيبة ﴾ قال : يأكل حلالاً ويشرب حلالاً ويلبس حلالاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ حياة طيبة ﴾ قال : الكسب الطيب والعمل الصالح.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ حياة طيبة ﴾ قال : السعادة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فلنحيينه حياة طيبة ﴾ قال : القنوع. قال : وكان رسول الله ﷺ يدعو :« اللهم قنّعني بما رزقتني وبارك لي فيه، واخلف على كل غائبة لي بخير ».
وأخرج وكيع في الغرر، عن محمد بن كعب القرظي في قوله :﴿ فلنحيينه حياة طيبة ﴾ قال : القناعة.
وأخرج وكيع عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ :« القناعة مال لا ينفد ».
وأخرج مسلم عن ابن عمرو، أن رسول الله ﷺ قال :« قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه ».
وأخرج الترمذي والنسائي عن فضالة بن عبيد، أنه سمع رسول الله ﷺ يقول :« قد أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به ».
وأخرج وكيع في الغرر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« القناعة مال لا ينفد ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ حياة طيبة ﴾ قال : ما تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ﴾ قال : هذا دليل من الله دل عليه عباده.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر، عن عطاء قال : الاستعاذة واجبة لكل قراءة في الصلاة أو غيرها، من أجل قوله :﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه، عن جبير بن مطعم :« أن النبي لما دخل في الصلاة كبر ثم قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان يتعوذ يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأخرج أبو داود والبيهقي، عن أبي سعيد قال :« كان رسول الله إذا قام من الليل فاستفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله إلا غيرك، ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ».
وأخرج أبو داود والبيهقي، عن عائشة رضي الله عنها في ذكر الإفك قالت :« جلس رسول الله ﷺ وكشف عن وجهه وقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ﴿ إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم... ﴾ [ النور : ١١ ] الآيات ».
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سفيان الثوري في قوله :﴿ إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا ﴾ قال : ليس له سلطان على أن يحملهم على ذنب لا يغفر لهم.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله ﴿ إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا ﴾ قال : ليس له سلطان على أن يحملهم على ذنب لا يغفر لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ إنما سلطانه على الذين يتولونه ﴾ قال : حجته على الذين يتولونه ﴿ والذين هم به مشركون ﴾ قال : يعدلونه برب العالمين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ إنما سلطانه على الذين يتولونه ﴾ يقول : سلطان الشيطان على من تولى الشيطان وعمل بمعصية الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : إن عدو الله إبليس حين غلبت عليه الشقاوة قال :﴿ لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ [ ص : ٨٢-٨٣ ] فهؤلاء الذين لم يجعل للشيطان عليهم سبيل، وإنما سلطانه على قوم اتخذوه ولياً فأشركوه في أعمالهم.
أخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه والحاكم وصححه، عن ابن عباس في قوله :﴿ وإذا بدلنا آية مكان آية ﴾ وقوله :﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ﴾ [ النحل : ١١٠ ] قال : عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان يكتب لرسول الله ﷺ فأزله الشيطان فلحق بالكفار. وأمر به رسول الله ﷺ أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان رسول الله ﷺ فأجاره.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وإذا بدلنا آية مكان آية ﴾ قال : هو كقوله ﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها ﴾ [ البقرة : ١٠٦ ].
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ وإذا بدلنا آية مكان آية ﴾ قال : هذا في الناسخ والمنسوخ. قال : إذا نسخنا آية وجئنا بغيرها. قالوا ما بالك؟ قلت : كذا وكذا، ثم نقضته أنت تفتري. قال الله :﴿ والله أعلم بما ينزل ﴾.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف، عن ابن عباس قال : كان رسول الله ﷺ يعلم قيناً بمكة اسمه بلعام، وكان عجمي اللسان فكان المشركون يرون رسول الله ﷺ يدخل عليه ويخرج من عنده، فقالوا : إنما يعلمه بلعام فأنزل الله ﴿ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر... ﴾ الآية.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس في قوله :﴿ إنما يعلمه بشر ﴾ قال : قالوا إنما يعلم محمداً عبدة بن الحضرمي - وهو صاحب الكتب - فقال الله :﴿ لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ﴾.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان النبي ﷺ يقرئ غلاماً لبني المغيرة أعجمياً، يقال له مقيس. وأنزل الله ﴿ ولقد نعلم أنهم يقولون... ﴾ الآية.
وأخرج آدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن مجاهد ﴿ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ﴾ قال : قول قريش : إنما يعلم محمداً بن الحضرمي وهو صاحب كتب ﴿ لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ﴾ يتكلم بالرومية ﴿ وهذا لسان عربي مبين ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يقولون إنما يعلم محمداً عبدة بن الحضرمي كان يسمى مقيس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في الآية قال : كانوا يقولون : إنما يعلمه سلمان الفارسي، وأنزل الله ﴿ لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب :« إن الذي ذكر الله في كتابه أنه قال :﴿ إنما يعلمه بشر ﴾ إنما افتتن من أنه كان يكتب الوحي لرسول الله ﷺ، فكان يملي عليه سميع عليم، أو عزيز حكيم أو نحو ذلك من خواتيم الآية، ثم يشتغل عنه رسول الله ﷺ فيقول :» يا رسول الله، أعزيز حكيم أو سميع عليم؟ فيقول : أي ذلك كتبت فهو كذلك، فافتتن وقال : إن محمداً ليكل ذلك إلي فأكتب ما شئت « فهذا الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان رسول الله ﷺ إذا آذاه أهل مكة، دخل على عبد لبني الحضرمي يقال له : أبو يسر، كان نصرانياً وكان قد قرأ التوراة والإنجيل، فساءله وحدثه. فلما رآه المشركون يدخل عليه قالوا : يعلمه أبو اليسر. قال الله :﴿ هذا لسان عربي مبين ﴾ ولسان أبي اليسر عجمي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن معاوية بن صالح قال : ذكر الكذب عند أبي أمامة فقال : اللهم عفواً، أما تسمعون الله يقول :﴿ إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ﴾.
171
وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق وابن عساكر في تاريخه، عن عبد الله بن جراد أنه سأل النبي ﷺ :« هل يزني المؤمن؟ قال : قد يكون ذلك. قال : هل يسرق المؤمن؟ قال : قد يكون ذلك. قال : هل يكذب المؤمن؟ قال : لا. ثم أتبعها نبي الله ﷺ ﴿ إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون ﴾ ».
وأخرج الخطيب في تاريخه، عن عبد الله بن جراد قال : قال أبو الدرداء « يا رسول الله، هل يكذب المؤمن؟ قال : لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر من إذا حدث كذب ».
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل أن النبي ﷺ قال :« أخوف ما أخاف عليكم ثلاثاً : رجل آتاه الله القرآن، حتى إذا رأى بهجته وتردى الإسلام، أعاره الله ما شاء، اخترط سيفه، وضرب جاره، ورماه بالكفر. قالوا : يا رسول الله، أيهما أولى بالكفر، الرامي أو المرمي به؟ قال : الرامي، وذو خليفة قبلكم آتاه الله سلطاناً فقال : من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، وكذب ما جعل الله خليفة حبه دون الخالق، ورجل استهوته الأحاديث كلما كذب كذبة وصلها بأطول منها، فذاك الذي يدرك الدجال فيتبعه ».
172
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس قال :« لما أراد رسول الله ﷺ أن يهاجر إلى المدينة، قال لأصحابه : تفرقوا عني، فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل، ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل، فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض، فالحقوا بي. فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت، فأصبحوا بمكة فأخذهم المشركون وأبو جهل، فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى، فجعلوا يضعون درعاً من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه، فإذا ألبسوها إياه قال : أحد.. أحد.. وأما خباب، فجعلوا يجرونه في الشوك، وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقيةً، وأما الجارية، فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحربة في قلبها حتى قتلها، ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار، فلحقوا برسول الله ﷺ فأخبروه بالذي كان من أمرهم، واشتد على عمار الذي كان تكلم به. فقال له رسول الله ﷺ : كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت : أكان منشرحاً بالذي قلت أم لا؟ قال : لا. قال : وأنزل الله ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه قال :« أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي ﷺ وذكر آلهتهم. بخير، ثم تركوه فلما أتى رسول الله ﷺ قال : شر ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال : كيف تجد قلبك؟ قال : مطمئن بالايمان. قال : إن عادوا فعد. فنزلت ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ ».
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين :« إن النبي لقي عماراً وهو يبكي، فجعل يمسح عن عينيه ويقول : أخذك الكفار فغطوك في الماء فقلت كذا وكذا... فإن عادوا فقل ذلك لهم ».
وأخرج ابن سعد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله :﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ قال : ذلك عمار بن ياسر، وفي قوله :﴿ ولكن من شرح بالكفر صدراً ﴾ قال : ذاك عبد الله بن أبي سرح.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن أبي مالك في قوله :﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ قال : نزلت في عمار بن ياسر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ قال : نزلت في عمار.
وأخرج ابن جرير عن السدي، أن عبد الله بن أبي سرح أسلم ثم ارتد فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وخباب عند ابن الحضرمي، أو ابن عبد الدار فأخذوهما وعذبوهما حتى كفرا، فنزلت ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾.
173
وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر وابن مردويه، عن أبي المتوكل الناجي أن رسول الله ﷺ بعث عمار بن ياسر إلى بئر للمشركين يستقي منها، وحولها ثلاث صفوف يحرسونها، فاستقى في قربة ثم أقبل، فأخذوه فأرادوه على أن يتكلم بكلمة الكفر، فأنزلت هذه الآية فيه ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ نزلت في عمار بن ياسر، أخذه بنو المغيرة فغطوه في بئر وقالوا : اكفر بمحمد ﷺ. فاتبعهم على ذلك وقلبه كاره فنزلت...
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : نزلت هذه الآية ﴿ إلا من أكره ﴾ في عياش بن أبي ربيعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا، فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة : أن هاجروا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا إلينا، فخرجوا يريدون المدينة فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم، فكفروا مكرهين، ففيهم نزلت هذه الآية.
وأخرج ابن سعد عن عمر بن الحكم قال : كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول، وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول، وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول، وبلال وعامر وابن فهيرة وقوم من المسلمين، وفيهم نزلت هذه الآية ﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق علي، عن ابن عباس في قوله :﴿ من كفر بالله ﴾ الآية، قال : أخبر الله سبحانه أن ﴿ من كفر بالله من بعد إيمانه ﴾ فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، فأما من أكره، فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه، فلا حرج عليه، لأن الله سبحانه إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا في سورة النحل ﴿ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ﴾ ثم نسخ واستثنى من ذلك فقال :﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ﴾ وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله ﷺ فأزله الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به النبي ﷺ أن يقتل يوم فتح مكة، فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان فأجاره النبي ﷺ.
174
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله :﴿ إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا... ﴾ الآية، قال : ذكر لنا أنه لما أنزل الله أن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا، كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة فخرجوا فأدركهم المشركون فردوهم، فأنزل الله ﴿ الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ﴾ [ العنكبوت : ١-٢ ] فكتب بهذا أهل المدينة إلى أهل مكة، فلما جاءهم ذلك تبايعوا على أن يخرجوا، فإن لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم، فمنهم من قتل ومنهم من نجا. فأنزل الله ﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا... ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي نحوه.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب النبي ﷺ ﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام، فنزلت فيهم ﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا... ﴾ الآية، فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجاً فاخرجوا. فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه، « أن عيوناً لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما، فقال لأحدهما : أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال : نعم. قال : أتشهد أني رسول الله؟ فأهوى إلى أذنيه فقال : إني أَصَمّ. فأمر به فقتل. وقال للآخر : أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال : نعم. قال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : نعم. فأرسله... فأتى النبي ﷺ فأخبره فقال :» أما صاحبك فمضى على إيمانه، وأما أنت فأخِذْتَ الرخصة «.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ﴾ قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة، أحد بني مخزوم، وكان أخا أبي جهل لأمه، وكان يضربه سوطاً وراحلته سوطاً.
وأخرج ابن جرير عن أبي إسحق في قوله :﴿ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ﴾ قال : نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد رضي الله عنهم.
175
أخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن كعب قال : كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : خوفنا يا كعب، فقلت : يا أمير المؤمنين، أوليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله؟ قال : بلى، ولكن خوفنا، قلت : يا أمير المؤمنين، لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبياً لازدريت عملك مما ترى. قال : زدنا. قلت : يا أمير المؤمنين، لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب، لغلا دماغه حتى يسيل من حرّها. قال : زدنا. قلت : يا أمير المؤمنين، إن جهنم لتزفر زفرة يوم القيامة، لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثياً على ركبتيه، حتى أن إبراهيم خليله ليخرّ جاثياً على ركبتيه، فيقول : ربّ نفسي... نفسي... لا أسألك اليوم إلا نفسي فأطرق عمر ملياً. قلت : يا أمير المؤمنين، أوليس تجدون هذا في كتاب الله؟ قال : كيف؟ قلت : قول الله في هذه الآية ﴿ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون ﴾.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة... ﴾ الآية. قال : يعني مكة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في قوله :﴿ وضرب الله مثلاً قرية ﴾ قال : هي مكة، ألا ترى أنه قال :﴿ ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ قرية كانت آمنة ﴾ قال : مكة. ألا ترى إلى قوله :﴿ ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب ﴾ قال : أخذهم الله بالجوع والخوف والقتل الشديد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ﴾ قال : فأخذهم الله بالجوع والخوف والقتل. وفي قوله :﴿ ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه ﴾ قال : أي والله يعرفون نسبه وأمره.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سليم بن عمر قال : صحبت حفصة زوج النبي ﷺ وهي خارجة من مكة إلى المدينة، فأخبرت أن عثمان قد قتل فرجعت. وقالت : ارجعوا بي، فوالذي نفسي بيده إنها للقرية التي قال الله :﴿ قرية كانت آمنة مطمئنة... ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب. قال : القرية التي قال الله :﴿ كانت آمنة مطمئنة ﴾ هي يثرب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ إنما حرم عليكم الميتة ﴾ قال : إن الإسلام دين مطهر، طهره الله من كل سوء وجعل لك فيه يا ابن آدم سعة إذا اضطررت إلى شيء من ذلك.
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ﴾ قال : هي البحيرة والسائبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال : قرأت هذه الآية في سورة النحل ﴿ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام... ﴾ إلى آخر الآية، فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : عسى رجل أن يقول إن الله أمر بكذا ونهى عن كذا، فيقول الله تعالى له : كذبت. ويقول : إن الله حرم كذا وأحل كذا، فيقول الله تعالى له : كذبت.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله :﴿ وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل ﴾ قال : في سورة الأنعام.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل ﴾ قال : ما قص الله ذكره في سورة الأنعام، حيث يقول :﴿ وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر... ﴾ [ الأنعام : ١٤٦ ] إلى قوله :﴿ وإنا لصادقون ﴾ [ الأنعام : ١٤٦ ].
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، عن ابن مسعود أنه سئل : ما الأمة؟ قال : الذي يعلم الناس الخير. قالوا : فما القانت؟ قال : الذي يطيع الله ورسوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إن إبراهيم كان أمة قانتاً ﴾ قال : كان على الإسلام ولم يكن في زمانه من قومه أحد على الإسلام غيره، فلذلك قال الله :﴿ كان أمة قانتاً ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ إن إبراهيم كان أمة ﴾ قال : إماماً في الخير ﴿ قانتاً ﴾ قال : مطيعاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ إن إبراهيم كان أمة ﴾ قال : كان مؤمناً وحده والناس كفار كلهم.
وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : لم يبق في الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض ويخرج بركتها، إلا زمن إبراهيم فإنه كان وحده.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ﷺ :« ما من عبد يشهد له أمة إلا قبل الله شهادتهم. والأمة، الرجل فما فوقه إن الله يقول :﴿ إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ﴾ ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ إن إبراهيم كان أمة ﴾ قال : إمام هدى يقتدى به وتتبع سنته.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وآتيناه في الدنيا حسنة ﴾ قال : لسان صدق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وآتيناه في الدنيا حسنة ﴾ قال : فليس من أهل دين إلا يرضاه ويتولاه.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة معاً في المصنف، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن ابن عمرو قال : صلى إبراهيم الظهر والعصر والمغرب بعرفات ثم وقف، حتى إذا غابت الشمس دفع. ثم صلى المغرب والعشاء بجمع، ثم صلى به الفجر كأسرع ما يصلي أحد من المسلمين، ثم وقف به حتى إذا كان كأبطأ ما يصلي أحد من المسلمين، دفع ثم رمى الجمرة ثم ذبح وحلق، ثم أفاض به إلى البيت فطاف به فقال الله لنبيه :﴿ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ﴾ والله تعالى أعلم.
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ﴾ قال : أراد الجمعة فأخذوا السبت مكانه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ﴾ قال : إن الله فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا : يا موسى، إنه لم يخلق يوم السبت شيئاً فاجعل لنا السبت، فلما جعل عليهم السبت استحلوا فيه ما حرم عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله :﴿ إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ﴾ قال : بإستحلالهم إياه، رأى موسى عليه السلام رجلاً يحمل حطباً يوم السبت فضرب عنقه.
وأخرج الشافعي في الأم والبخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يوم الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد ».
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة وحذيفة قالا : قال رسول الله ﷺ :« أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق والله أعلم ».
أخرج ابن مردويه عن أبي ليلى الأشعري، أن رسول الله ﷺ قال :« تمسكوا بطاعة أئمتكم ولا تخالفوهم، فإن طاعتهم طاعة الله معصيتهم معصية الله، فإن الله إنما بعثني أدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، فمن خالفني في ذلك فهو من الهالكين وقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله، ومن ولي من أمركم شيئاً فعمل بغير ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وجادلهم بالتي هي أحسن ﴾ قال : أعرض عن أذاهم إياك.
أخرج الترمذي وحسنه وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً، ومن المهاجرين ستة، منهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لَنُربِيَنَّ عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله :﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ﴾ فقال رسول الله ﷺ :« نصبر ولا نعاقب... كفوا عن القوم إلا أربعة ».
وأخرج ابن سعد والبزار وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة :« أن النبي ﷺ وقف على حمزة حين استشهد، فنظر إلى منظر لم يَرَ شيئاً قط كان أوجع لقلبه منه، ونظر إليه قد مثل به فقال : رحمة الله عليك فإنك كنت ما علمت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات، ولولا حزن من بعدك عليك لسّرني أن أتركك حتى يحشرك الله من أرواح شتى، أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك. فنزل جبريل والنبي ﷺ واقف بخواتيم النحل ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم... ﴾ الآية. فكفّر النبي عن يمينه وأمسك عن الذي أراد وصبر ».
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ يوم قتل حمزة ومثل به :« لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلاً منهم. فأنزل الله ﴿ وإن عاقبتم... ﴾ الآية. فقال رسول الله ﷺ : بل نصبر يا رب » فصبر ونهى عن المثلة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير، عن الشعبي قال :« لما كان يوم أحد وانصرف المشركون فرأى المسلمون بإخوانهم مثله، جعلوا يقطعون آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم. فقال أصحاب رسول الله ﷺ : لئن أنالَنَا الله منهم لنفعلن ولنفعلن... فأنزل الله ﴿ وإن عاقبتم... ﴾ الآية. فقال رسول الله ﷺ » بل نصبر « ».
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت سورة النحل كلها بمكة إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة يوم أحد حيث قتل حمزة ومثل به، فقال رسول الله ﷺ :« لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلاً منهم فلما سمع المسلمون ذلك قالوا : والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط » فأنزل الله { وإن عاقبتم فعاقبوا.
184
.. } إلى آخر السورة.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾ قال : هذا حين أمر الله نبيه أن يقاتل من قاتله، ثم نزلت براءة وانسلاخ الأشهر الحرم. قال : فهذا من المنسوخ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد قال : كانوا قد أمروا بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذو منعة، فقالوا : يا رسول الله، لو أذن الله لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب. فنزلت هذه الآية، ثم نسخ ذلك بالجهاد.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله :﴿ إن الله من الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴾ قال : اتقوا فيما حرم الله عليهم وأحسنوا فيما افترض عليهم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن هرم بن حيان أنه لما نزل به الموت قالوا له : أوص. قال : أوصيكم بآخر سورة النحل ﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة... ﴾ إلى آخر السورة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾ قال : لا تعتدوا.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن محمد بن سيرين في قوله :﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾ قال : إن أخذ منك رجل شيئاً فخذ منه مثله.
185
Icon