ﰡ
وقوله تعالى :﴿ قُلْ هُوَ الذي أَنشَأَكُمْ ﴾ أي ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة ﴾ أي العقول والإدرك، ﴿ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ أي قلّما تستعملون هذه القوى، التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره وترك زاجره، ﴿ قُلْ هُوَ الذي ذَرَأَكُمْ فِي الأرض ﴾ أي بثكم ونشركم في أقطار الأرض، منع اختلاف ألسنتكم ولغاتكم وألوانكم، ﴿ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ أي تجمعون بعد هذا التفرق والشتات، يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم، ثم قال تعالى مخبراً عن الكفار، المنكرين للمعاد، المستبعدين وقوعه ﴿ وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ؟ أي متى يقع هذا الذي تخبرنا عنه، ﴿ قُلْ إِنَّمَا العلم عِنْدَ الله ﴾ أي لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلاّ الله عزَّ وجلَّ، لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه ﴿ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ أي وإنما عليَّ البلاغ وقد أديته إليكم، قال الله تعالى :﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ ﴾ أي لما قامت القيامة وشاهدها الكفّار، ورأَوا أن الأمر كان قريباً، فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك، وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ولا حساب، ﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ ﴾ [ الزمر : ٤٧ ]، ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ﴿ هذا الذي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ﴾ أي تستعجلون.