تفسير سورة العلق

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة العلق من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة العلق مكية
وهي تسع عشرة آية.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ اقرأ ﴾ أي : القرآن ﴿ باسم ﴾ أي : مفتتحا باسم ﴿ ربك الذي خلق ﴾ أي : الخلائق
﴿ خلق الإنسان ﴾ : الذي هو أشرف المخلوقات ﴿ من علق ﴾ : جمع علقة، جمعه لأن الإنسان في معنى الجمع.
﴿ اقرأ ﴾ تكرير للمبالغة ﴿ وربك الأكرم ﴾ : الزائد في الكرم على كل كريم بنعم على العباد، ويحلم عنهم فلا يعالجهم بالعقوبة مع كفرهم، وتناهي جحودهم.
﴿ الذي علم ﴾ أي : الخط الذي هو من جلائل النعم١
١ ولولاه لما دونت العلوم والكتب السماوية، وما استقامت أمور الدنيا والدين/١٢ وجيز..
﴿ علم الإنسان ما لم يعلم ﴾ أي : ما لا يقدر على تعلمه لولا١ تعليم الله، وقد صح أن هذه السورة إلى هذه الآية، أول آيات نزلت٢ في جبل حراء.
١ مثل ما لا يتعلق به علم تصوري ولا تصديقي، كالمجهول المطلق/١٢ وجيز..
٢ في الصحيحين وغيرهما، وهو قول أكثر المفسرين، كما قاله البغوي، لا كما قاله الزمخشري/١٢ منه..
﴿ كلا ﴾ ردع لمن كفر بنعمه بسبب طغيانه، وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه ﴿ إن الإنسان ليطغى ﴾ : ليتجاوز عن حده.
﴿ أن رآه ﴾ : رأى نفسه، لولا أن الرؤية بمعنى العلم، لامتنع أن يكون مرجع المفعول مرجع ضمير الفاعل ﴿ استغنى ﴾ أي : رأى نفسه غنيا ذا مال، وهو ثاني مفعولي رأى.
﴿ إن إلى ربك ﴾ يا إنسان، التفات للتهديد ﴿ الرجعى ﴾ : الرجوع فيجازي طغيانك.
﴿ أرأيت الذي ينهى ﴾ أي : أبا جهل.
﴿ عبدا ﴾ : هو أشرف العباد صلى الله عليه وسلم ﴿ إذا صلى ﴾ قال عليه اللعنة١ : لئن رأيته ساجدا لأطأن على عنقه.
١ ذكر معنى هذا الحديث في الفتح، وقال: أخرجه أحمد ومسلم، والنسائي والبيهقي/١٢..
﴿ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ أخبرني، يا من له أدنى تمييز عن حال من ينهى١ عبدا من العباد إذا صلى، إن كان على طريقة سديدة في نهيه عن عبادة الله، أو كان آمرا بالتقوى، فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يزعم، ألم يعلم بأن الله يرى حاله، فيجازيه ؟ أخبرني عن هذا الذي ينهى المصلي إن كان على التكذيب للحق، والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن، ألم يعلم بأن الله يرى فيجازيه ؟ فعلى هذا " أرأيت " الثاني تكرار للأول للتأكيد، وأما الثالث فمستقل للتقابل بين الشرطين، وحذف جواب الأول لدلالة " ألم يعلم " الذي هو جواب الثالث عليه عند من يجوز أن يكون الإنشاء جوابا للشرط بلا فاء، وعند من لم يجوز يكون جواب الأول والثالث محذوفا بقرينة " ألم يعلم "، أو " أرأيت : الأولى فأختاها متوجهات إلى " ألم يعلم "، وهو مقدر عند الأولين٢، والحذف للاختصار، أو معناه ما أعجب ممن ينهى عبدا عن الصلاة، إن كان المنهي على الهدى آمرا بالتقوى، والناهي مكذب متول، أو معناه أخبرني إن كان الكافر على الهدى، أو آمرا بالتقوى، أما كان خيرا له ؟ أو معناه أخبرني يا كافر إن كان المنهي على الهدى في فعله، أو آمرا بالتقوى في قوله، فما ظنك وأنت تزجره، على هذين الوجهين جواب الشرط٣ الثاني فقط قوله :" ألم يعلم "،
١ حاصله أنه من قبيل كلام المنصف، وإرخاء العنان لغاية التبكيت، ولهذا ما ذكر تعظيم نبيه، وقال: عبدا "والخطاب بقوله:" أرأيت" لكل من يصلح أن يكون مخاطبا على الوجه الأول/١٢ منه..
٢ أي: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، ألم يعلم بأن الله يرى، أرأيت إذا كان على الهدى، أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى، وهذا كما تقول: أخبرني عن زيد إن وفدت عليه، أخبرني عنه إن استجرته، أخبرني عنه إن توسلت إليه، أما يوجب حقي ؟/١٢ منه..
٣ أي: "إن كذب وتولى"، وجواب الشرط الأول أي: "إن كان على الهدى" محذوف فتأمل/١٢ منه..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:﴿ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ أخبرني، يا من له أدنى تمييز عن حال من ينهى١ عبدا من العباد إذا صلى، إن كان على طريقة سديدة في نهيه عن عبادة الله، أو كان آمرا بالتقوى، فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يزعم، ألم يعلم بأن الله يرى حاله، فيجازيه ؟ أخبرني عن هذا الذي ينهى المصلي إن كان على التكذيب للحق، والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن، ألم يعلم بأن الله يرى فيجازيه ؟ فعلى هذا " أرأيت " الثاني تكرار للأول للتأكيد، وأما الثالث فمستقل للتقابل بين الشرطين، وحذف جواب الأول لدلالة " ألم يعلم " الذي هو جواب الثالث عليه عند من يجوز أن يكون الإنشاء جوابا للشرط بلا فاء، وعند من لم يجوز يكون جواب الأول والثالث محذوفا بقرينة " ألم يعلم "، أو " أرأيت : الأولى فأختاها متوجهات إلى " ألم يعلم "، وهو مقدر عند الأولين٢، والحذف للاختصار، أو معناه ما أعجب ممن ينهى عبدا عن الصلاة، إن كان المنهي على الهدى آمرا بالتقوى، والناهي مكذب متول، أو معناه أخبرني إن كان الكافر على الهدى، أو آمرا بالتقوى، أما كان خيرا له ؟ أو معناه أخبرني يا كافر إن كان المنهي على الهدى في فعله، أو آمرا بالتقوى في قوله، فما ظنك وأنت تزجره، على هذين الوجهين جواب الشرط٣ الثاني فقط قوله :" ألم يعلم "،
١ حاصله أنه من قبيل كلام المنصف، وإرخاء العنان لغاية التبكيت، ولهذا ما ذكر تعظيم نبيه، وقال: عبدا "والخطاب بقوله:" أرأيت" لكل من يصلح أن يكون مخاطبا على الوجه الأول/١٢ منه..
٢ أي: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، ألم يعلم بأن الله يرى، أرأيت إذا كان على الهدى، أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى، وهذا كما تقول: أخبرني عن زيد إن وفدت عليه، أخبرني عنه إن استجرته، أخبرني عنه إن توسلت إليه، أما يوجب حقي ؟/١٢ منه..
٣ أي: "إن كذب وتولى"، وجواب الشرط الأول أي: "إن كان على الهدى" محذوف فتأمل/١٢ منه..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:﴿ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ أخبرني، يا من له أدنى تمييز عن حال من ينهى١ عبدا من العباد إذا صلى، إن كان على طريقة سديدة في نهيه عن عبادة الله، أو كان آمرا بالتقوى، فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يزعم، ألم يعلم بأن الله يرى حاله، فيجازيه ؟ أخبرني عن هذا الذي ينهى المصلي إن كان على التكذيب للحق، والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن، ألم يعلم بأن الله يرى فيجازيه ؟ فعلى هذا " أرأيت " الثاني تكرار للأول للتأكيد، وأما الثالث فمستقل للتقابل بين الشرطين، وحذف جواب الأول لدلالة " ألم يعلم " الذي هو جواب الثالث عليه عند من يجوز أن يكون الإنشاء جوابا للشرط بلا فاء، وعند من لم يجوز يكون جواب الأول والثالث محذوفا بقرينة " ألم يعلم "، أو " أرأيت : الأولى فأختاها متوجهات إلى " ألم يعلم "، وهو مقدر عند الأولين٢، والحذف للاختصار، أو معناه ما أعجب ممن ينهى عبدا عن الصلاة، إن كان المنهي على الهدى آمرا بالتقوى، والناهي مكذب متول، أو معناه أخبرني إن كان الكافر على الهدى، أو آمرا بالتقوى، أما كان خيرا له ؟ أو معناه أخبرني يا كافر إن كان المنهي على الهدى في فعله، أو آمرا بالتقوى في قوله، فما ظنك وأنت تزجره، على هذين الوجهين جواب الشرط٣ الثاني فقط قوله :" ألم يعلم "،
١ حاصله أنه من قبيل كلام المنصف، وإرخاء العنان لغاية التبكيت، ولهذا ما ذكر تعظيم نبيه، وقال: عبدا "والخطاب بقوله:" أرأيت" لكل من يصلح أن يكون مخاطبا على الوجه الأول/١٢ منه..
٢ أي: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، ألم يعلم بأن الله يرى، أرأيت إذا كان على الهدى، أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى، وهذا كما تقول: أخبرني عن زيد إن وفدت عليه، أخبرني عنه إن استجرته، أخبرني عنه إن توسلت إليه، أما يوجب حقي ؟/١٢ منه..
٣ أي: "إن كذب وتولى"، وجواب الشرط الأول أي: "إن كان على الهدى" محذوف فتأمل/١٢ منه..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:﴿ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ أخبرني، يا من له أدنى تمييز عن حال من ينهى١ عبدا من العباد إذا صلى، إن كان على طريقة سديدة في نهيه عن عبادة الله، أو كان آمرا بالتقوى، فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يزعم، ألم يعلم بأن الله يرى حاله، فيجازيه ؟ أخبرني عن هذا الذي ينهى المصلي إن كان على التكذيب للحق، والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن، ألم يعلم بأن الله يرى فيجازيه ؟ فعلى هذا " أرأيت " الثاني تكرار للأول للتأكيد، وأما الثالث فمستقل للتقابل بين الشرطين، وحذف جواب الأول لدلالة " ألم يعلم " الذي هو جواب الثالث عليه عند من يجوز أن يكون الإنشاء جوابا للشرط بلا فاء، وعند من لم يجوز يكون جواب الأول والثالث محذوفا بقرينة " ألم يعلم "، أو " أرأيت : الأولى فأختاها متوجهات إلى " ألم يعلم "، وهو مقدر عند الأولين٢، والحذف للاختصار، أو معناه ما أعجب ممن ينهى عبدا عن الصلاة، إن كان المنهي على الهدى آمرا بالتقوى، والناهي مكذب متول، أو معناه أخبرني إن كان الكافر على الهدى، أو آمرا بالتقوى، أما كان خيرا له ؟ أو معناه أخبرني يا كافر إن كان المنهي على الهدى في فعله، أو آمرا بالتقوى في قوله، فما ظنك وأنت تزجره، على هذين الوجهين جواب الشرط٣ الثاني فقط قوله :" ألم يعلم "،
١ حاصله أنه من قبيل كلام المنصف، وإرخاء العنان لغاية التبكيت، ولهذا ما ذكر تعظيم نبيه، وقال: عبدا "والخطاب بقوله:" أرأيت" لكل من يصلح أن يكون مخاطبا على الوجه الأول/١٢ منه..
٢ أي: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، ألم يعلم بأن الله يرى، أرأيت إذا كان على الهدى، أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى، وهذا كما تقول: أخبرني عن زيد إن وفدت عليه، أخبرني عنه إن استجرته، أخبرني عنه إن توسلت إليه، أما يوجب حقي ؟/١٢ منه..
٣ أي: "إن كذب وتولى"، وجواب الشرط الأول أي: "إن كان على الهدى" محذوف فتأمل/١٢ منه..

﴿ كلا ﴾، ردع للناهي، ﴿ لئن لم ينته ﴾، عما هو فيه، ﴿ لنسفعا ﴾ : لنأخذن، وكتابتها في المصحف بالألف على حكم الوقف، ﴿ بالناصية ﴾ : بناصيته، فلنجرّنه إلى النار.
﴿ ناصية كاذبة خاطئة ﴾، بدل من الناصية أسند الكذب والخطأ إليها، وهما لصاحبها مجاز المبالغة.
﴿ فليدع ناديه ﴾ أهل ناديه، يعني : قومه وعشيرته فليستعن١ بهم.
١ لما قال عليه اللعنة: لأطأن رقبته، كما ذكرناه توعده رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سمع توعده، قال: أيتوعدني محمد؟ والله ما بالوادي أعظم ناديا مني، فهذا إشارة إلى مفاخرته/١٢ وجيز..
﴿ سندع الزبانية ﴾ ملائكة العذاب ليجروه إلى النار، قال عليه اللعنة : واللات والعزى١، لئن رأيته يصلي لأطأن على رقبته، فلما رآه جاءه فإذا هو نكص على عقبيه ويتقي بيديه، فقيل له : مالك ؟ قال إن بيني وبينه خندقا من نار، وهولا وأجنحة، فقال عليه السلام :" لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا ".
١ أخرجه أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر وابن مردويه، وأبو النعيم والبيهقي/١٢ در منثور..
﴿ كلا ﴾، أي : ليس الأمر على ما عليه أبو جهل، ﴿ لا تطعه ﴾ : يا محمد ودم على طاعتك، ﴿ واسجد واقترب ﴾ : ودم على السجود والتقرب إلى الله حيث شئت، ولا تباله.
والحمد لله.
Icon