تفسير سورة المجادلة

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة المجادلة من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه محمد ثناء الله المظهري . المتوفي سنة 1225 هـ

سورة المجادلة
مدنية وهى اثنتان وعشرون اية وثلث ركوعات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت تبارك الذي وسع سمعه كل شىء انى لا سمع كلام خولة ابن ثعلبة ويخفى على بعضه وهى تشتكى زوجها الى الرسول - ﷺ - وهى تقول يا رسول الله أكل مالى ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سنى وانقطع ولدي ظاهر منى اللهم انى أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبرئيل بهؤلاء الآيات
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ أدغمت حمزة والكسائي وابو عمر وهشام الدال فى السين وكلمة قد لتقريب الماضي الى الحال ويشعر بان الرسول - ﷺ - او المرأة يتوقع ان الله يسمع مجادلتها وشكواها ويفرج عنها كربها قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وهو أوس بن الصامت والمجادلة الشدة فى الخصومة والمراد هاهنا شدتها فى مراجعة الكلام مثل شدة الخصمين وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ عطف على تجادلك وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما ط تراجعكما الكلام وهو على تغليب الخطاب إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ للاقوال بَصِيرٌ بالأحوال قال البغوي نزلت فى خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن صامت وكانت حسنة الجسم وكان به لمم فارادها فابت فقال لها أنت على كظهر أمي ثم ندم على ما قال كان الظهار والإيلاء من طلاق الجاهلية فقال لها ما أظنك الا قد حرمت على فقالت والله ما ذاك طلاق فاتت رسول الله - ﷺ - وعائشة رض تغسل شق راسه فقالت يا رسول الله ان زوجى أوس بن الصامت تزوجنى وانا شابة غنية ذات مال واهل حتى أكل مالى وأفنى شبابى وتفرق أهلي وكبرت سنى ظاهر منى وقد ندم فهل من شىء يجمعنى وإياه تنعشنى به فقال رسول الله - ﷺ - حرمت عليه فقالت أشكو الى الله فافتى ووحدتي قد طالت صحبتى ونفضت له بطني فقال رسول الله - ﷺ - ما أراك الا حرمت عليه ولم اومر فى شانك بشىء فجعلت تراجع رسول الله - ﷺ - وإذا قال - ﷺ - حرمت عليه امتنعت وقالت أشكو الى الله فاقتى وشدة حالى وان بي صبية صغار ان ضممتهم اليه ضاعوا وان ضممتهم الىّ جاعوا وجعلت ترفع راسها الى الله وتقول اللهم انى أشكو إليك اللهم فانزل على لسان نبيك وكان هذا أول ظهار فى الإسلام فقامت عائشة تغسل شق راسه الاخر فقالت انظر فى امرى جعلنى الله فداك يا نبي الله فقالت عائشة اقصرى حديثك ومجادلتك اما ترين وجه رسول الله - ﷺ - وكان رسول الله - ﷺ - إذا انزل عليه اخذه السبات فلما قضى الوحى
ادعى زوجك فجاء فتلى عليه رسول الله - ﷺ - قد سمع الله قول التي تجادلك فى زوجها الآيات قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه الأصوات ان المرأة لتحاور رسول الله - ﷺ - وانا فى ناحية البيت اسمع بعض كلامها ويخفى على بعضه إذ انزل الله تعالى قد سمع الله الاية.
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ قرأ عاصم فى الموضعين بضم الياء وتخفيف الظاء والف بعدها وكسر الهاء من المفاعلة وابن عامر وحمزة والكسائي بفتح الياء وتشديد الظاء والف بعدها من الافاعل أصله يتظاهرون ادغم التاء فى الظاء والباقون من غير الالف من الافعل أصله تفعل- والظهار ان يقول الرجل لامرأته أنت على كظهر أمي كان ذلك طلاقا فى الجاهلية مثبتا للحرمة المؤبدة فنقله الشرع الى الحرمة المنتهية بالكفارة مشتق من الظهر والحق به الفقهاء تشبيها بجزء منها لا يحل له النظر اليه كان يقول أنت على كظهر أمي او فخذها او كفرجها وعند الشافعي لو شبهها بجزء لا يحرم نظره اليه كاليد والعين يكون الظهار ايضا كذا لو شبهها بالجدة او العمة او الخالة او البنت او بامرأة اخرى محرمة عليه بالتابيد وشرط الشافعي ان يكون تحريمها غير طارية فلاظهار عند الشافعي لو قال أنت على كظهر مرضعتى وزوجة ابى وعند ابى حنيفة يكون ظهارا لانها فى الحرمة المؤبدة كالام وكذا لو شبه من امرأته جزءا شايعا او جزأ يعبر به عن الكل كان قال راسك على كظهر أمي او فرجك او وجهك او رقبتك او بدنك او جسمك او روحك او نفسك او نصفك او ثلثك لانها اما يعبر بها عن جميع البدن او يثبت الحكم فى الشائع فيتعدى الى الكل وان قال يدك او رجلك على كظهر أمي لا يكون ظهارا خلافا للشافعى فى اظهر أقواله وان قال أنت على كامى او مثل أمي يرجع الى نيته لينكشف حكمه فان قال نويت الكرامة صدق لان التكريم بالتشبيه فاش فى الكلام وان قال أردت الظهار يكون ظهارا لانه تشبيه بجميعها وفيه تشبيه بالعضو لكنه ليس بصريح فيفتقر الى النية وان قال أردت الطلاق كان طلاقا بائنا لانه تشبيه بالأم فى الحرمة فكانه قال أنت على حرام ونوى به الطلاق وان لم ينو أصلا فليس بشىء لاحتمال الكرامة وقال محمد ظهار والله تعالى اعلم (مسئله) لو قال أنت على كظهر أمي الى شهر مثلا لا يكون ظهارا عند الشافعي فى رواية بل لغوا وفى رواية عنه يكون ظهارا وبه قال ابو حنيفة واحمد ويلزم الكفارة على هذا القول بالعزم على الوطي فى المدة وان لم يعزم حتى مضت المدة فلا كفارة عليه غير انه عند احمد ولو وطى المظاهر المظاهر منها فى المدة قبل الكفارة يا ثم ويستقر عليه الكفارة وعند ابى حنيفة يأثم ولا تستقر عليه الكفارة بل لو عزم الوطي
209
ثانيا فى المدة كفر ولو مضت المدة حلت عليه بلا كفارة ولو أبانها فى المدة لا كفارة عليه وعند مالك وهو رواية عن الشافعي انه ظهار موبد وفى الباب حديث سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال كنت امرا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يوت غيرى فلما دخل رمضان تظهرت من امراتى حتى ينسلخ رمضان فرقا من ان أصيب وفى ليلتى شيئا فاتتابع فى ذلك حتى يدركنى النهار وانا لا اقدر ان انزع فبينما هى تخدمنى إذ تكشف منها شىء فوثبت عليها فلما أصبحت غدوت على قومى فاخبرتهم خبرى وقلت انطلقوا معى الى رسول الله - ﷺ - فاخبروه بامرى فقالوا لا والله لا تفعل نتخرف ان ينزل فينا القران او يقول فينا رسول الله - ﷺ - مقالة يبقى علينا عارها ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدأ لك فخرجت حتى أتيت النبي - ﷺ - فاخبرته خبرى فقال لى أنت بذاك فقلت انا بذاك قال أنت بذاك فقلت انا بذاك قال أنت بذاك قلت نعم فقال لى أنت بذاك فقلت انا بذاك فامض فى حكم الله عز وجل فانى صابر له قال أعتق رقبه قال فضربت صفحة رقبتى بيدي فقلت لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت املك غيرها قال فصم شهرين قلت يا رسول الله وهل اصلبني ما أصابني الا فى الصيام قال فتصدق فقلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشيا ما لنا عشا قال اذهب الى صاحبه صدقة بنى زريق فقل له فليدفعها إليك فاطعم عنك منها وستامن تمر ستين مسكينا ثم استعن سايرها عليك وعلى عيالك قال فرجعت الى قومى فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله - ﷺ - السعة والبركة قد أمرني بصدقتكم الى فادفعوها الى رواه احمد والحاكم واصحاب السنن الا النسائي وأعله عبد الحق بالانقطاع وابن
سليمان لم يدرك سلمة حكى ذلك الترمذي عن البخاري ورواه الحاكم والبيهقي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وابى سلمة بن عبد الرحمن بلفظ ان سلمة بن صخر جعل امرأته على نفسه كظهر أمي ان غشيها حتى يمضى رمضان فذكر ذلك لرسول الله - ﷺ - فقال أعتق رقبة الحديث احتج ابن الجوزي لهذا الحديث على كون الظهار الموقت موقتا وعلى انه إذا وطى المظاهر قبل التكفير اثم واستقرت الكفارة فى ذمته وليس فى الحديث حجة على كونها الظهار الموقت لكنه حجة على انه لا يلغو سواء كان فى الشرع موقتا او مويدا ثم احتجاج ابن الجوزي لا يخلو عن المصادرة على المطلوب فانه لو قلنا ان الظهار الموقت لا يكون موقتا بل يكون مويدا فلا يكون الحديث حجة على استقرار الكفارة بالوطى قبل الكفارة لجواز ان النبي - ﷺ - امره بالكفارة لتحصيل الحل بعد رمضان ولفظنا ان الكفارة لا تستقر فى الذمة بالوطى قبل التكفير بل التكفير انما هى لرفع الحرمة الثابتة بالظهار والوطي قبل التكفير موجب للاثم فقط والحرمة باقية
210
بعد ذلك ولا يحتاج الى التكفير الا من عزم على الوطي وأراد الاستباحة بعد ذلك واما من طلقها بعد الوطي فلا حاجة الى الكفارة كما هو مذهب ابى حنيفة رح فالحديث حجة على كون الظهار الموقت موبدا لانه - ﷺ - امره بصيام شهرين ان صيام شهرين لا يتصور منه الا بعد انقضاء رمضان الذي ظاهر فيه موقة الى انسلاخه فلو كان حرمة الظهار منتهية بانتهاء رمضان لا يحتاج الى الكفارة بعد ذلك فلا يصح قول ابى حنيفة فى الظهار الموقت ان يكون موقتا والله تعالى اعلم (مسئله) الظهار المعلق بشرط يصح احتج الرافعي بحديث سلمة بن صخر المذكور على صحة تعليق الظهار وتعقبه ابن الرافعة بان الذي فى السنن لا حجة فيه على جواز التعليق وانما هو ظهار موقت لا تعليق فيه لكن اللفظ المذكور عند البيهقي يشهد بما قال الرافعي (مسئله) لو علق الظهار بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط فى العدة لا يصير مظاهرا كذا قال ابن همام (مسئله) يصح الظهار بشرط النكاح عند ابى حنيفة فاذا قال لاجنبية ان تزوجتك فانت على كظهر أمي فتزوجها ولزم كفارة الظهار ولو قال أنت على كظهر أمي فى رجب ورمضان وكفر فى رجب أجزأه عنها (مسئله) لو ظاهر فجن ثم أفاق فهو على حكم الظهار ولا يكون عائدا بالافاقة ما لم يعزم على الوطي خلافا لاجد الوجهين للشافعى والله تعالى اعلم- (مسئله) من قال لنسائه أنتن على كظهر أمي كان مظاهرا منهن جميعا اجماعا وهل يتعدد الكفارة فعند ابى حنيفة والشافعي يتعدد بتعدد هن وبه قال الحسن والطبراني والثوري وغيرهم وقال مالك واحمد كفارة واحدة روى ذلك عن عمر رواه البيهقي من رواية سعيد بن المسيب عنه ومن رواية مجاهد عن ابن عباس عنه وكذا روى عن على وعروة وطاؤس اعتبروه باليمين بالله فى الإيلاء قلنا الكفارة لرفع الحرمة الثابتة بالظهار وهى متعددة بتعدد هن وكفارة اليمين لهتك حرمة اسم الله تعالى وهى واحدة (مسئله) لو كرر الظهار من امرأة واحدة فى مجلس واحد او مجالس متعددة يتكرر الكفارة عند ابى حنيفة وغيره لان الظهار يثبت الحرمة والنكاح باق فيصح الظهار الثاني والثالث ولا منافاة فى اجتماع اسباب الحرمة كالخمر يحرم على الصائم بعينها وللصوم واليمين الا انه إذا نوى بما بعد الاول تأكيدا فيصدق قضاء وديانة بخلاف الطلاق بانه لو نوى تأكيد الا يصدق قضاء لان حكم الظهار بينه وبين الله تعالى وأورد عليه انه لما ثبت بالظهار الاول الحرمة فلا يثبت بالثاني والا يلزم تحصيل الحاصل والأسباب إذا كانت من جنس واحد لا يستدعى تعدد الحرمة فلا بد ان ترتفع حرمة الظهارات المتعددة بكفارة واحدة
211
كما ان الحدث الثابت بأسباب متعددة ترفع بوضوء واحد والله تعالى اعلم مِنْكُمْ حال من فاعل تظاهرون وفيه تهجين لعادة العرب فانه كان من ايمان اهل الجاهلية قيل التقييد بقوله منكم يفيد انه لا يصح الظهار من الذمي وبه قال ابو حنيفة ومالك خلافا للشافعى واحمد وهى رواية البرامكة عن ابى حنيفة لان الكافر ليس منا والحاقة بالقياس متعذر لان الظهار جناية حكمها تحريم يرتفع بالكفارة وشرك الكافر يمنع من رفع اثر الجنابة عنه بالكفارة ولانه ليس أهلا للكفارة لانها عبادة حتى اشترطت النية فلا يصح من
الكافر فيبقى تحريما مؤبدا او هو غير حكمه بالنص ولقائل ان يقول ان هذه الاية غير موجبة للتحريم ولا للكفارة بل تقتضى اثم المظاهر وارتكابه منكرا من القول وزورا وانما يوجب التحريم والكفارة الاية التالية اعنى قوله تعالى الذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا وليس فيه التقييد بقوله منكم ويلزم منه صحة ظهار الذمي فالاولى ان يقال ان الحرمة بالظهار لا يمكن إثباتها الا حقا للشرع وهم غير مخاطبين بحقوق الشرع فلا يصح ظهاره كما يجوز نكاحه بلا شهودا وفى عدة كافر وإذا لم يثبت الحرمة وقت الظهار لكفره فان اسلم بعد ذلك لا يثبت الحرمة بفقد سببه والله تعالى اعلم- مِنْ نِسائِهِمْ التقييد بالنساء المضافة الى المظاهرين يفيد انه لاظهار الا بالمنكوحة دون الامة المملوكة موطؤة كانت او غيرها وهو مذهبنا ومذهب الشافعي واحمد وجمع كثير من الصحابة والتابعين خلافا لمالك والثوري فى الامة مطلقا وسعيد بن جبير وعكرمة وطاؤس وقتادة والزهري فى الامة الموطوءة لنا ان اطلاق نسائهم على الإماء وان صح لغة لكن صحة الإطلاق لا يستلزم الحقيقة بل اضافة النساء الى رجل او رجال حقيقة انما يتحقق فى الزوجات لانه المتبادر ولانه يصح ان يقال لهؤلاء جواريه لا نساءه ولانه قال الله تعالى يايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن والمراد بنساء المؤمنين الزوجات دون الإماء فان أولاء الجلباب على الإماء غير واجب كيف وقد قال عمر رض ألقي عنك الخمار يا دفار أتشبهين بالحرائر ولان الظهار كان فى الجاهلية طلاقا فنقل عنه الى تحريم منته بالكفارة ولاطلاق فى الامة ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ ط على الحقيقة حتى يحرمن عليكم كما تحرم الأمهات إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وقرأ قالون وقنبل هاهنا وفى الأحزاب والطلاق اللاء بالهمزة من غير ياء وورش اللائي بياء مختلفة الكسر خلفا عن الهمزة وإذا وقف صيرها ياء ساكنة والبذي وابو عمرو بياء ساكنة بدلا من الهمزة فى الحالين والباقون بالهمزة وياء بعدها
212
فى الحالين وحمزة إذا وقف ساكنة والبذي ساكنة بدلا من الهمزة فى الحالين والباقون جعل الهمزة بين بين على أصله وَلَدْنَهُمْ تعليل لقوله ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ... وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ فان الشرع أنكره وَزُوراً ط كذبا فان قيل الزور الكذب انما يطلق على الخبر والظهار إنشاء للتحريم لا يحتمل الصدق والكذب قلنا الظهار وان كان إنشاء لكنه فى الأصل اخبار لزعمه حرمة مويدة اطلق على قوله بالزور والله تعالى اعلم وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ لما سلف منه مطلقا وإذا أنيب عليه.
وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ الاختلاف فيه كما مر مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا اختلف اهل العلم فى معنى الاية فقال اهل الظاهر معنى الاية يعودون لما قالوا من لفظ الظهار يعنى كرر والفظ الظهار فلا يجب الكفارة عندهم الا بتكرار اللفظ وهو قول ابى العالية وهذا القول يرده الإجماع والأحاديث الواردة فى الباب فانه لم يرد فيه شىء من الأحاديث تعليق الكفارة بتكرار اللفظ وقال مجاهد انهم كانوا فى الجاهلية يظاهرون فمن ظاهر بعد الإسلام فقد عاد الى ما قاله فى الجاهلية اما حقيقة او حكما فانه من اعتقد هذا القول فكانه قاله ويرد على هذا القول ان العطف يقتضى التغاير وكلمة ثم يوجب التراخي فكيف يقال العود هو الظهار بنفسه وفسر ابن عباس العود بالندم يعنى ندموا لما قالوا وأرادوا التحليل وانما فسر العود بالندم لان معنى العود الرجوع الى الشيء بعد الانصراف عنه كذا فى الصحاح والرجل كان راضيا بالحل ثم إذا انصرف عنه الى التحريم فاذا ندم عن التحريم فكانه رجع الى الحالة الاصلية من الرضاء بالحل وقال اكثر المفسرين الاية مصروفة عن الظاهر فقيل اللام بمعنى عن ومعنى يعودون لما قالوا يرجعون عما قالوا والرجوع عن هذا القول انما هو ارادة التحصيل فالمعنى أرادوا التحليل وقيل المضاف محذوف والتقدير يعودون لنقض ما قالوا ولتدارك ما قالوا او لضد ما قالوا قال البيضاوي ويعودون لما قالوا اى الى قولهم بالتدارك ومنه مثل عاد الغيث على ما أفسدوا معنى العود على هذا التقديرات الصيرورة عن حال اعنى عن حال السخط الى حالة الرضا كما فى قوله تعالى حتى عاد كالعرجون القديم وحاصل معنى الاية حينئذ ثم يريدون التحليل قال الفراء يقال عاد فلان لما قال اى فيما قال وفى نقض ما قال وهذا القول يحتمل التأويلين المذكورين وعن ثعلب معناه ثم يعودون لتحليل ما حرموا وعلى هذا التقدير ايضا المضاف محذوف غير انه أراد بما قالوا ما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلا للقول بمنزلة المقول فيه كقوله تعالى ونرثه ما يقول أراد المقول فيه وهو المال لولد وقال ابو مسلم يعودون الى المقول منها بامساكها واستباحتها ثم العود والرجوع عن القول المذكور يحصل بالوطى
213
على قول الحسن وقتادة والزهري وطاؤس قالوا لا كفارة عليه ما لم يطاها كما ان لا كفارة بعد اليمين ما لم يحنث وهذا القول يرده قوله تعالى من قبل ان يتماسا فانه يوجب الكفارة قبل الوطي وعند الشافعي رحمه الله تعالى إذ أمسكها عقيب الظهار زمانا يمكنه ان يفارقها ولم يطلقها فقد عاد ورجع عن القول المذكور ووجب عليه الكفارة وان علقها عقيب الظهار فى الحال او مات أحد فى الوقت فلا كفارة عليه لان العود للقول هو المخالفة وانه قصد بالظهار التحريم فاذا أمسكها فقد خالف قوله ورجع عما قاله فيلزمه الكفارة حتى قال لو ظاهر عن امرأته الرجعية ينعقد ظهاره ولا كفارة عليه حتى يراجعها فان راجعها صار عايدا ولزمه الكفارة قلنا لا نسلم ان مقتضى الظهار التحريم بالطلاق عقيبه حتى يكون عدم إتيانه بالطلاق وإمساكها على النكاح نقضا المقتضى الظهار كما قال ومخالفته لمقتضى الظهار بل كان مقتضى الظهار فى الجاهلية الحرمة المطلقة المنافية للحل الثابت بالنكاح كما هو مقتضى الطلاق ثم صار فى الشرع مقتضاه حرمة الوطي مع بقاء النكاح المنتهية بالكفارة وشرع الكفارة رفع ذلك الحرمة فالسكوت بعد الظهار إرادته استباحة المرأة والعزم على وطيها ويمكن ان يقال المراد بالعود الوطي كما قال الحسن ومن معه لكن لما جعل الله تعالى الكفارة شرطا لحل الوطي لقوله تعالى من قبل ان يتماسا ظهران معنى قوله تعالى ثم يعودون لما قالوا يريدون العود لما قالوا كما فى قوله تعالى إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ المعنى إذا أردتم القيام الى الصلاة فلا يجوز القول بانه لا كفارة عليه مالم يطاها فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ اى فعليهم تحرير رقبة شرطا للوطى والفاء للتعقيب المجرد دون السببية وقال اكثر العلماء انها للسببية واختلفوا فى ان سبب وجوب كفارة الظهار ماذا فقال الشافعي هو الظهار والعود يعنى إمساكها عقب الظهار زمانا يمكنه ان يفارقها شرط لان فى الاية ترتب الحكم على الامرين والكفارة يتكرر بتكرر الظهار فهو السبب وقالت الحنفية الظهار لا يصلح سببا للكفارة لانها عبادة او يغلب فيها العبادة والظهار منكر من القول وزورا ولا يكون
الحظور سببا للعبادة والله سبحانه علق وجوبها بالأمرين الظهار والعود فالسبب مجموعهما والظهار معصية يصلح ان يكون سببا للعقوبة والعود الذي هو إمساك بالمعروف عبادة والكفارة دايرة بين العقوبة والعبادة مجموع الامرين يصلح ان يكون سببا لها وقال فى المحيط سبب وجوبها العود فقط فانه هو المستأخر من المذكورين وعليه رتب الكفارة والظهار شرط وإذا أمكن البساطة فى العلة صير إليها لانها الأصل بالنسبة الى التركيب والحكم قد يتكرر بتكرر الشرط كما يتكرر صدقة الفطر وسببها راس يمونه ويلى عليه ويرد هاهنا انه لو كان العزم على الوطي فقط سببا
214
لوجوب الكفارة او الظهار والعزم مجموعهما سببا للوجوب لزم ان يجب الكفارة على من ظاهر ثم عزم على الوطي ثم أبانها او ماتت بعد العزم لوجوب السبب لكن لا يجب إذ لو وجبت لما سقطت وقد نص فى المبسوط انه لو أبانها او ماتت بعد العزم لا كفارة عليه والتحقيق ان اطلاق الواجب فى مثل هذا المقام انما هو مجازى وقد ذكر فى اصول الفقه فى تعريف الحكم انه خطاب الله تعالى المتعلق بافعال المكلفين للاقتضاء او التخيير او الوضع فخطاب الاقتضاء الإيجاب او الندب وخطاب التخيير الإباحة وخطاب الوضع جعل الشيء شرطا لشىء او سببا له او ركنا له او مانعا عنه وخطاب الوضع دون الاقتضاء فان الله سبحانه جعل بهذه الكفارة سببا لرفع الحرمة الثابتة بالظهار وشرطا لاباحة الوطي كما جعل بقوله تعالى إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الوضوء شرطا لاباحة الصلاة وسببا للطهارة عن الحدث وبقوله تعالى إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجولكم صدقة الصدقة شرطا لاباحة المناجاة فليس الظهار فى الحقيقة سببا لوجوب الكفارة بل هو سبب لرفع حرمة الوطي ولا ارادة الوطي سبب لها بل النكاح سبب لوجوب حقوق الزوجية ومنها الوطي والحرمة الثابتة بالظهار مانع عنها وما هو مانع عن الحقوق الواجبة يجب إزالتها فالنكاح كما هو سبب لوجوب حقوق الزوجية سبب لازالة ما هو مانع عنها والكفارة سبب لازالة الحرمة فالنكاح السابق صار بعد الظهار سببا لوجوب الكفارة كما ان اليمين سبب للمنع عن المحلوف عليه وبعد الحنث يكون سببا للكفارة وبهذه العلاقة يطلق على الظهار انه سبب للكفارة كما يطلق على الحنث انه سبب للكفارة ولا تزوج ثان حتى لو طلقها بعد الظهار ثلاثا فعادت عليه بعد زوج اخر او كانت امة فملكها بعد ما ظهر منها لا يحل قربانها حتى يكفر فيها- (مسئله) يحرم على المظاهر دواعى الوطي ايضا كالقبلة واللمس عندنا وعند مالك والشافعي قولان الجديد الاباحة وعن احمد روايتان اظهرهما التحريم لنا ان الوطي إذا حرم حرم بدواعيه كيلا يقع فيه كما فى الاستبراء والإحرام بخلاف الحائض والصائم لانه يكثر وجودهما ولو حرم الدواعي يفضى الى الحرج ولا كذلك الظهار والاستبراء والإحرام ولان الحرمة الثابتة بالظهار مشابهة بحرمة المحارم فيحرم الدواعي ايضا كما فيهن (مسئله) للمرأة ان يطالبه بالوطى وعليها ان تمنعه من الاستمتاع بها حتى يكفر وعلى القاضي ان يجره على التكفير دفعا للضرب عنها بحبسه فان ابى يضربه ولا يضرب فى الدين ولو قال قد كفرت صدق مالم يعرف بالكذب كذا فى الفتح القدير (مسئله) يجزء الرقبة الكافرة والمسلمة والذكر والأنثى والصغيرة والكبيرة لاطلاق الرقبة وقال مالك والشافعي واحمد فى رواية لا يجزى اعتاق الرقبة الكافرة
215
حملا للمطلق هاهنا على المقيد الوارد فى كفارة القتل قلنا المطلق يجرى على إطلاقه والمقيد على تقييده ولا وجه لحمل أحدهما على الاخرى وبسط هذا الكلام فى اصول الفقه (مسئله) لا يجزى العميا ولا مقطوعة اليدين او الرجلين او يد ورجل من جهة واحدة او مقطوعة ابهامى اليدين او مقطوعة ثلث أصابع سوى الإبهام من كل يد ومقطوعة احدى اليدين واحدي الرجلين من خلاف والصماء التي تسمع إذا صيح يجزى والا لا والحاصل ان فائت جنس المنفعة لا يجزى والمختلة تجزى (مسئله) لا يجوز عتق المدبر من الكفارة ولا أم الولد لكون رقهما ناقصا وكذا المكاتب الذي ادى بعض كتابت وان لم يرد شيئا جاز خلافا للشافعى (مسئله) من اشترى أباه او ابنه ينوى بالشراء الكفارة جاز عنها وكذا لو وهب له ونوى عند قبول الهبة خلافا للشافعى ولو ورث ونوى عند موت مورثه لا يجوز اتفاقا
والحاصل انه إذا دخل فى ملكه بصنعه ونوى عند صنعه ذلك انه للكفارة اجزاء والا لا مسئله لو قال ان دخلت الدار فانت حرونوى عن الكفارة فان نوى وقت اليمين جاز وان نوى وقت الدخول لا يجوز مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا الضمير يرجع الى ما دل عليه الكلام من المظاهر والمظاهر منها المراد بالتماس المجامعة وفيه دليل على ان الكفارة شرط لحل الاستمتاع وان الظهار يوجب الحرمة ذلِكُمْ اى الحكم بالكفارة قبل المسيس تُوعَظُونَ بِهِ أيزيل الحرمة الثابتة بالظهار او لئلا يعودوا الى الظهار مخافة الفرقة او لان إيجاب الكفارة دليل على ارتكاب الجناية فيتعظوا بايجاب الكفارة عن ارتكاب الظهار وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ الرقبة ولا يقدر على اكتسابها بالشراء اما بفقد قيمتها او بفقد رقبة يمكن تملكها بالشراء او لكون ماله مشغولا بالدين او محتاجا اليه لنفقته او لنفقة عياله عند ابى حنيفة والشافعي واحمد خلافا لمالك والأوزاعي فعندهما من ملك قيمة رقبة ويمكنه شراها يلزمه الاعتاق وان كانت قيمة مشغولة بدينه او محتاجا اليه لنفقته ولا يجوز له الانتقال الى الصوم لنا انه مشغول بحاجة الاصلية فكانه ليس فى ملكه (مسئله) ومن كانت له رقبة لكنه محتاج الى خدمته فعند الشافعي واحمد له ان ينتقل الى الصوم اعتبارا بالماء المعد للعطش يجوز له التيمم والمال المشغول بالدين وعندنا يلزمه الاعتاق ولا يجوز الانتقال الى الصوم والفرق لنا ان الماء مامور بامساكه لعطشه واستعماله محظور عليه وكذا الدين مامور بادائه بخلاف الخادم فانه غير مامور بامساكه لخدمته (مسئله) المعتبر اليسار والعسار وقت التكفير اى الأداء وبه قال مالك وقال احمد والظاهرية وقت الوجوب وللشافعى اقوال كالقولين والثالث يعتبرا غلظ الحالين فَصِيامُ شَهْرَيْنِ
216
اى فعليه صيام شهرين ليس فيها رمضان ولا يوم الفطر والنحر وايام التشريق لان صوم رمضان لا يقع من الظهار لما فيه من ابطال ما أوجبه الله وصوم الأيام المنهية لا ينوب عن الوجوب الكامل وقد قيد الله تعالى مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ط فان فاتت التتابع بعذرا وبلا عذر يجب الاستيناف اجماعا وان وطى المظاهر فى خلال الشهرين ليلا عامدا او نهارا ناسيا لا يجب الاستيناف عند الشافعي وابى يوسف رحمهما الله تعالى وهى رواية عن احمد لعدم فوات التتابع وهو الشرط وان كان تقديمه على المسيس شرطا ففى عدم الاستيناف تقديم البعض وفى الاستيناف تأخيرا لكل عنه وقال ابو حنيفة ومالك واحمد فى اظهر رواية يستانف لان الشرط فى الصوم ان يكون قبل المسيس وان يكون خاليا عن الجماع فيستانف فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الصيام لمرض او كبرا وفرط شهوة لا يصبر عن الجماع او خوف حدوث مرض فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ط كل مسكين مدان عند اهل العراق وهو نصف صاع من اى جنس كان قال البغوي يروى ذلك عن عمرو على وعند ابى حنيفة نصف صاع من بر او صاع من شعيرا وتمرو هو قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والحاكم ومجاهد والكرخي بإسناده الى مجاهد انه قال كل كفارة فى القران فهو نصف صاع من برو قال مالك مد وهو رطلان بالبغدادي وقال احمد مد بغدادى من حنطة او دقيق ومدان من شعيرا وتمر ورطلان من خبزاى خبز حنطة وقال الشافعي مد بمد النبي - ﷺ - وهو رطل وثلث رطل من غالب قوت البلد روى ابن الجوزي فى التحقيق بسنده عن سليمان بن يسار قال أدركت الناس وهم يعطون فى طعام المساكين مدا مدا ويروى ان ذلك يجزى عنهم والحجة لابى حنيفة مامر من حديث سلمة بن صخر وفيه اطعم منك وسقا من تمر ستين مسكينا لكن الحديث منقطع كما ذكرنا وقد روى الترمذي من حديث ابى سلمة ان سلمة بن صخر البياضي جعل امرأته كظهر امه حتى يمضى رمضان الحديث وفيه قال اطعم ستين مسكينا قال لا أجد قال رسول الله - ﷺ - لعروة بن عمر واعطه الفرق وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعا ليطعم ستين مسكينا ويمكن ان يقال ان قوله وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعا او ستة عشر صاعا من كلام الراوي والمرفوع انما هو أعطه الفرق والفرق فى اللغة الزنبيل سواء كان صغيرا او كبيرا وعند الطبراني فى حديث أوس
بن الصامت قال فاطعم ستين مسكينا ثلثين صاعا قال لا املك ذلك الا ان تعينينى فاعانه النبي - ﷺ - بخمسة عشر صاعا وأعانه الناس حتى بلغ ثلثين صاعا وروى ابو داود عن خولة بنت مالك قالت ظاهر منى زوجى أوس بن الصامت فجئت رسول الله - ﷺ - أشكو اليه ورسول الله - ﷺ - يجادلنى فيه ويقول اتقى الله
217
فانه ابن عمك فما برحت حتى نزل القران قد سمع الله قول التي تجادلك الاية فقال يعتق رقبة فقلت لا يجد فقال يصوم شهرين متتابعين قلت يا رسول الله انه شيخ كبير ما به من صيام قال فيطعم ستين مسكينا قلت ما عنده شىء يتصدق به قال فانى ساعينه بفرق من تمر قلت يا رسول الله وانى ساعينه بفرق من تمر قلت يا رسول الله انى ساعينه بفرق اخر قال قد أحسنت فاذهبى فاطعمى هما عنه ستين مسكينا وارجعي الى ابن عمك قال والفرق ستون صاعا وقيل هو مكتل يسع ثلثين صاعا قال ابو داود وهذا أصح قال ابن همام وجه الاصحية انه لو كان ستين لم يحتج الى معاونتها بفرق اخرى فى الكفارة واحتج الشافعي ومن معه بحديث ابى هريرة فى كفارة الصوم جاء رجل الى النبي - ﷺ - أفطر فى رمضان الحديث قال فاتى بفرق قدر خمسة عشر صاعا قال كله أنت وأهلك وصم يوما واستغفر الله رواه ابو داود من طريق هشام بن سعد عن ابى سلمة بن عبد الرحمن عنه وهشام بن سعد ضعفه النسائي وغيره ورواه ابو داود من حديث اسمعيل قال وقعت امرأتى الحديث وفيه قال خمسة عشر صاعا وكذا وقع فى رواية ابن ابى حفصة ومومل قال البخاري منكر الحديث لكن قال الذهبي ومحمد بن ابى حفصة او سلمة ضعفه النسائي وغيره وقواه غير واحد وفى رواية حجاج بن ارطاة عن الزهري عند الدارقطني بخمسة عشر صاعا فقال أطعمه ستين مسكينا وحجاج بن ارطاة ضعيف مدلس وروى عبد الله بن احمد عن أبيه عن يحى انه لم ير الزهري ويؤيد هذا الحديث حديث على رض عند الدارقطني يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدو فيه فان بخمسة عشر صاعا فقال أطعمه ستين قلنا قال البخاري فى الحديث اضطراب ففى بعض الروايات خمسة عشر صاعا وعند ابن خزيمة من طريق مهران خمسة عشر او عشرون فى الصحيحين ذكر حديث ابى هريرة وليس فيه تقدير الصيعان بل فيه اتى بفرق فيه تمرو الفرق المكتل الضخم وفى مرسل سعيد بن المسيب ما بين خمسة عشر الى عشرين وفيه عطاء الخراسانى ذكره العقيلي فى الضعفاء وقال البخاري عامة أحاديثه مقلوبة وفى بعض الروايات عشرون صاعا بالجزم كذا عند الدارمي فى مرسل سعيد بن المسيب وفى حديث عائشة عند ابن خزيمة اتى بفرق فيه عشرون صاعا وهذه الأحاديث واردة فى كفارة الصوم ما احتج به ابو حنيفة وارد فيما نحن فيه والشافعي رحمه الله تعالى ذهب الى اقل ما ورد فى مقدار الطعام احتياطا ولكن أصح ما ورد فى تقدير طعام المسكين حديث كعب بن عجرة الذي ذكرناه فى سورة البقر فى تفسير قوله تعالى فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ او نسك رواه الشيخان فى الصحيحين وفيه امره رسول الله - ﷺ -
218
ان يطعم فرقا بين ستة مساكين او يهدى شاة او يصوم ثلثة ايام والفرق ثلثة أصوع وفى هذا الحديث عند الطبراني لكل مسكين نصف صاع تمر ولاحمد عن نهر نصف صاع طعام ولبشر بن عمر عن شعبة نصف صاع حنطة ورواية الحكم عن ابن ابى ليلى يقتضى نصف صاع من زبيب فانه قال يطعم فرقا من زبيب بين ستة مسالكين قال ابن حزم لا بد من ترجيح احدى الروايات لانها قصة واحدة فى مقام واحد قال الحافظ المحفوظ عن شعبة نصف صاع من طعام والاختلاف على كونه تمر او حنطة لعله من تصرف الرواة اما الزبيب فلم أره الا فى رواية الحكم وقد أخرجها ابو داود وفى اسناده ابو اسحق وهو فى المغازي لا فى الاحكام إذا خالف وقيل المحفوظ رواية التمر فقد وقع الجزم بها عند مسلم من طريق ابى قلابة ولم يختلف فيه على ابى قلابة وكذا اخرج الطبراني من طريق الشعبي عن كعب وقال الحافظ وما وقع فى بعض النسخ عند مسلم لكل مسكين صاع تحريف فمن دون مسلم
والصواب ما فى النسخ الصحيحة لكل مسكين نصف صاع ولما كان الإطعام فى الاية مجملا فى مقدار الواجب وما ورد من الأحاديث فى باب الظهار والصوم مضطربة فى المقدار فالحمل على هذا الحديث الصحيح المتفق عليه اولى من الحمل على صدقة الفطر فان الأمر فيه بالأداء دون الإطعام فعلى هذا مذهب اهل العراق أقوى ومذهب ابى حنيفة أحوط والله تعالى اعلم (مسئله) لو غداهم وعشاهم اكلتين مشبعتين بخبز حنطة ولو بغير ادام او بخبز شعير بادام سواء كانت غداء وعشاء او غدائين او عشائين بعد اتحاد ستين جاز ولو غدا ستين وعشا آخرين لم يجز ولو كان ممن اطعم صبيا فطيما او رجلا شبعان لم يجز ويشترط الإشباع قليلا أكلوا او كثيرا ولا يشترط التمليك خلافا للشافعى ولو اعطى مسكينا واحدا ستين يوما جاز عند ابى حنيفة خلافا للجمهور وقد مرت المسائل اختلافا واستدلالا فى كفارة اليمين فى سورة المائدة (فائدة) لم يذكر الله تعالى قيد من قبل ان يتماسا فى الإطعام كما ذكر فى أخويه ومن هاهنا قال ابو حنيفة انه جامع المظاهر التي ظاهر منها فى خلال الإطعام لا يجب عليه الاستيناف لان الله سبحانه ما شرط فى الإطعام ان يكون قبل المسيس ونظر الى عدم تقيد الإطعام بقبلية المسيس قال مالك انه من أراد التكفير بالاطعام جاز له الوطي والجمهور على انه لا يجوز له ذلك والوطي قبله الجمهور على انه يجوز له ذلك والوطي قبل التكفير حرام مطلقا لان الظهار موجب للحرمة والكفارة سبب لازالة الحرمة فما لم توجد الكفارة لا يحل له الوطي سواء كانت بالاطعام او غير ذلك لعموم قوله - ﷺ - فاعتزلها حتى يكفر فيما روى اصحاب السنن الاربعة عن ابن عباس رض ان رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل ان يكفر فقال عليه السلام ما حملك
219
على هذا قال رايت خلخالها فى ضوء القمر وفى لفظ بياض ساقيها قال فاعتزلها حتى تكفر قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب قال المنذر رجاله ثقات مشهور سماع بعضهم عن بعض قال البغوي الإطلاق فى الطعام محمول على المقيد فى العتق والصيام وهذا مبنى على أصلهم من حمل المطلق على المقيد قلت قوله تعالى من قبل ان يتماسا فى الاعتاق والصيام ليس شرطا لجواز الكفارة وإلا لزم ان من جامع امرأته بعد الظهار قبل الكفارة ثم كفر بعد ذلك لا يجوز كفارته ولا تحل له المرأة بل هو بيان لحرمة الوطي قبل الكفارة ولعله سبحانه ترك القيد بعد الإطعام حذرا من التطويل واكتفاء بما سبق فى أخويه ولم يقتصر على أحدهما لدفع توهم اختصاصه بالخصلة الاولى لو اقتصر عليه معها وتوهم اختصاصه لو اقتصر معها فذكره مرتين تنبيه على ارادة تكريره مطلقا والله تعالى اعلم (مسئله) لو جامع المظاهر قبل التكفير استغفر الله لوقوعه فى الحرم ويكفر بعد ذلك ليحصل له الحل بعد ذلك ويرتفع الحرمة الثابتة بالظهار ولا يجب عليه بالجماع قبل التكفير كفارة اخرى وقال بعض اهل العلم يجب عليه كفارتان لنا ما مر من حديث سلمة بن صخران النبي - ﷺ - أمرها بكفارة واحدة بعد ما جامعها قبل التكفير وحديث ابن عباس مثل ذلك وروى الترمذي وابن ماجة حديث سلمة بن صخر عن النبي - ﷺ - فى مظاهر يواقع قبل ان يكفر قال كفارة واحدة وقال الترمذي حديث حسن غريب وقال مالك فى المؤطأ فيمن يظاهر ثم يمسها قبل ان يكفر يكف عنها حتى يستغفر الله ويكفر ثم قال وذلك احسن ما سمعت ذلِكَ منصوب بفعل مقدر اى بينا ذلك الاحكام لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ط ذكر الله سبحانه الايمان وأراد به شرايعه كما فى قوله تعالى ان الله لا يضيع ايمانكم اى صلوتكم يعنى لتعملوا بشرائع الإسلام ترفضوا ما كنتم عليه فى الجاهلية وَتِلْكَ الكفارات حُدُودُ اللَّهِ ط يمتنع بها المكلف عن إتيان المحرمات من الظهار ونحوه او المعنى تلك الاحكام حدود الله لا يجوز تعديها وَلِلْكافِرِينَ الذين لا يقبلون احكام الله تعالى ولا يمتنعون عن المحرمات ويتجاوزون عن حدوده عَذابٌ أَلِيمٌ وهو نظير قوله تعالى ومن كفر فان الله غنى عن العالمين.
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى يعادون الله ورسوله ويشاقون ويخالفون أمرهما فان كلا من المتعادين فى حد غير حد الاخر والمعنى يضعون او يختارون حدودا غير حدودهما كُبِتُوا قال فى القاموس كبته يكبته صرعه وأخزاه وصرفه وكسره ورد العد وبغيظه إذ له المكت الممتلى غما كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الكفار الأمم الماضية وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ دالة على صدق الرسول - ﷺ - وَلِلْكافِرِينَ
عَذابٌ مُهِينٌ
يذهب عزهم وتكبرهم.
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ منصوب بالظرف المستقر اعنى للكافرين او بمهين او باضمارا ذكر تعظيما لليوم جَمِيعاً تأكيد للضمير المنصوب فى يبعثهم او حال منه اى مجتمعين فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا ط على رؤس الاشهاد تفضيحا لهم وتقريرا لعذابهم أَحْصاهُ اللَّهُ يعنى أحاط الله ما عملوا علما لم يغب منه شىء وَنَسُوهُ ط لكثرته او لتهاونهم به عند ارتكابه وانما يحفظ من الأمور ما يستعظم وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ع لا يعزب عنه شىء.
أَلَمْ تَرَ استفهام انكار بمعنى تعلم أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ط كليا وجزئيا ما يَكُونُ من كان التامة اى ما يقع مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ قرأ ابو جعفر تكون بتاء التأنيث نجوى والباقون بالياء لاجل الفصل بمن الزائدة والنجوى اسم مصدر كذا فى القاموس مشتق من النجوة وهى ما ارتفع من الأرض فان السرائر مرفوع الى الذهن لا يتيسر لكل أحد ان يطلع عليه والمعنى ما يقع من تناجى من الرجال ويجوز ان يقدر مضاف او باول نجرى بمتناجين ويجعل صفة لها إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ استثناء مفرغ حال من ثلثة يعنى فى حال من الأحوال إلا حال كون الله تعالى جاعلهم اربعة من حيث انه معهم معية غير متكيفة وشريكهم فى الاطلاع وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ تخصيص العددين اما لخصوص الواقعة فان الاية نزلت فى تناجى المنافقين او لان الله وترو الله يحب الوتر والثلاثة أول الأوتار التي يمكن فيها التشاور لان التشاور لا بد له غالبا من المتنازعين وواحد يتوسط بينهما ويرجح راى أحدهما والمتنازعين اما يكون من كل جانب واحدا فالمجموع ثلثة واما يكون جماعة وادنى الجماعات اثنان فالمجموع خمسة فذكر العددين وأشار الى غيرهما من الاعداد بقوله وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ يعنى اقل عددا من الثلاثة كالاثنين وَلا أَكْثَرَ من الثلاثة او من الخمسة كالاربعة والستة وما فوقها قرأ يعقوب بالرفع عطفا على محل نجوى قبل دخول من او محل ادنى ان جعلت لا لنفى الجنس إِلَّا هُوَ يعنى الله سبحانه مَعَهُمْ معية غير متكيفة مقتضية للاطلاع على ما يجرى بينهم أَيْنَ ما كانُوا ج فان علمه تعالى ليس لقرب المكاني حتى يتفاوت باختلاف الامكنة ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ ط تفضيحا لهم وتقريرا لما يستحقونه من الجزاء إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فانه تعالى هو الخالق للذات والصفات من العلوم وغيرها والمقلب للاحوال اخرج ابن ابى حاتم عن مقاتل بن حبان قال كان بين اليهود وبين النبي - ﷺ - موادعة
فكانوا إذا مر بهم رجل من اصحاب جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن انهم يتناجون بقتله او بما يكره وذكر البغوي نحوه وزاد وان المؤمنين حين يرونهم يتناجون كانوا يقولون ما نريهم الا وقد بلغتهم من إخواننا الذين خرجوا فى السرايا بقتل او موت او هزيمة فيقع ذلك فى قلوبهم فيحزنهم فلما طال ذلك وكثر شكوا الى رسول الله - ﷺ - فنهاهم النبي - ﷺ - عن النجوى فلم ينتهوا فانزل الله تعالى.
أَلَمْ تَرَ الم تنظرنا يا محمد إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى اى المناجاة ثُمَّ يَعُودُونَ مضارع بمعنى الماضي اى عادوا عطف على نهوا وإيراد صيغة المضارع لاستحضار صورة العود الشنيعة لِما نُهُوا عَنْهُ ولم ينتهوا يَتَناجَوْنَ عطف على يعودون قرأ حمزة يتنجون وهو يفتعلون من النجوى والباقون على وزن يتفاعلون بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ اى بما هو اثم عند الله وعدوان على المؤمنين وتواص بمعصية الرسول وكان نفس النجوى ايضا معصية للرسول فانه عليه الصلاة والسلام نهاهم عنه اخرج احمد والبزاز بسند جيد عن ابن عمران اليهود كانوا يقولون لرسول الله - ﷺ - سام عليكم ثم يقولون فى أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول فنزلت هذه الاية وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وهو قولهم السام عليكم والسام الموت وهم يوهمونه انهم يقولون السلام عليكم وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ يعنى فيما بينهم إذا خرجوا من عند النبي - ﷺ - او يقولون فى قلوبهم لَوْلا هلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ من التحية وانه ليس نبى ان كان نبيا لعذبنا الله به قال الله عز وجل حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ ج عذابا يَصْلَوْنَها ج حال من ضمير حسبهم فَبِئْسَ الْمَصِيرُ جهنم عن عائشة قالت استاذن رهط من اليهود على النبي - ﷺ - فقال السام عليكم فقلت بل عليكم السام واللعنة فقال يا عائشة ان الله رفيق يحب الرفق فى الأمر كله قلت او لم تسمع ما قالوا قال قد قلت وعليكم وفى رواية عليكم ولم يذكر الواو متفق عليه وفى رواية البخاري قالت ان اليهود أتوا النبي - ﷺ - فقالوا السام عليكم قال وعليكم فقالت عائشة السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم فقال رسول الله - ﷺ - مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش قالت او لم تسمع ما قالوا قال او لم تسمعى ما قلت رددت عليهم فيستجاب لى فيهم ولا يستجاب لهم فى وفى رواية لمسلم لا تكونى فاحشة فان الله لا يحب الفحش وعن ابن عمر قال قال رسول الله - ﷺ - إذ اسلم عليكم اليهود فانما يقول أحدهم السام عليكم فقل وعليك متفق عليه وعن انس قال قال رسول الله - ﷺ - إذا سلم عليكم اهل الكتاب فقولوا وعليكم متفق عليه.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قال مقاتل يعنى الذين
أمنوا بألسنتهم دون قلوبهم وهم المنافقون وقال عطاء يريد الذين أمنوا بزعمهم إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ كما يفعله اليهود وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ بأداء الفرائض والطاعات وما يتضمن خير المؤمنين وَالتَّقْوى ج اى الاحتراز من معصية الرسول وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فيما تفعلون وتتركون فانه مجازيكم اخرج ابن جرير عن قتادة قال كان المنافقون يتناجون بينهم وكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم فانزل الله تعالى.
إِنَّمَا النَّجْوى الذي يأتونه لغيظ المؤمنين وحزنهم مِنَ الشَّيْطانِ فانه المزين لها وحاملهم عليها لِيَحْزُنَ متعلق بفعل محذوف تقديره يتناجون ليحزن او يزين الشيطان النجوى ليحزن او متعلق بالظرف المستقر يعنى كاين من الشيطان ليحزن الَّذِينَ آمَنُوا بتوهمهم لوصول مكروه وَلَيْسَ النجوى او الشيطان بِضارِّهِمْ اى المؤمنين شَيْئاً من الضرر- إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ط اى بقضائه ومشيته الجملة حال من فاعل الظرف المستقر وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ الفاء فى فليتوكل جواب اما المحذوفة تقديره واما على الله فليتوكل المؤمنون ولا يبالوا بنجوهم عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا كنتم ثلثة فلا تتناجى اثنان دون الثالث الا باذنه فان ذلك يحزنه رواه البغوي وروى احمد والشيخان والترمذي وصححه وابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعا إذا كنتم ثلثة فلا تتناجى رجلان دون الاخرى حتى يختلطوا بالناس فان ذلك يحزنه قال البغوي قال مقاتل بن حبان كان النبي - ﷺ - يكرم اهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء الناس منهم يوما وقد سبقوا الى المجلس فقاموا حيال النبي - ﷺ - فرد عليهم ثم سلموا على القوم فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون ان يوسع لهم فلم يفسحوا لهم فشق ذلك على النبي - ﷺ - فقال لمن حوله قم يا فلان وأنت يا فلان فاقام من المجلس بقدر النفر الذين قاموا بين يديه من اهل بدر فشق ذلك من أقيم من مجلسه وعرف النبي - ﷺ - الكراهية فى وجوههم فانزل الله تعالى.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ الاية واخرج ابن ابى حاتم عنه انها أنزلت يوم جمعة وقد جاء ناس من اهل بدر فذكر نحوه وقال البغوي قال الكلبي نزلت فى ثابت بن قيس بن شماس وقد ذكر فى سورة الحجرات قصته واخرج ابن جرير عن قتادة قال كانوا إذا راوا من جائهم مقبلا بمجلسهم عند رسول الله - ﷺ - فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا توسعوا وليقسحوا بعضكم عن بعض من قولهم افسح عنى
223
اى تنح فِي الْمَجالِسِ قرأ عاصم على صيغة الجمع بالألف والباقون المجلس بغير الف على التوحيد والمراد بالمجلس حينئذ الجنس او مجلس رسول الله - ﷺ - فانهم كانوا يتنافسون على القرب من النبي ويحرصون على استماع كلامه فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ج مجزوم فى جواب الأمر اى يوسع الله لكم فيما تريدون الوسعة من المكان والرزق والصدر ويوسع لكم الجنة روى البغوي بسنده عن عبد الله ابن عمر قال قال رسول الله - ﷺ - لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يخلفه فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا وروى ايضا من طريق الشافعي عن جابر بن عبد الله ان النبي - ﷺ - قال لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا وقال ابو العالية والقرظي والحسن هذا فى مجالس الحرب ومقاعد القتال كان الرجل يأتي القوم فى الصف فيقول توسعوا فيابون عليه لحرصهم على القتال ورغبتهم فى الشهادة وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا قرأ نافع وابن عمرو وعاصم بخلاف عن ابى بكر بضم الشين فيها ويبتدون بهمزة الوصل والباقون بكسر الشين ويبتدون بكسر الهمزة والمعنى ارفعوا عن مواضعكم حتى توسعوا لاخوانكم وقال البغوي قال عكرمة والضحاك كان رجال يتناقلون عن الصلاة إذا نودى بها فانزل الله هذه الاية معناه إذا نودى للصلوة فانهضوا لها وقال مجاهد واكثر المفسرين معناه إذا قيل لكم انهضوا الى الصلاة والى الجهاد والى كل خير وحق فقوموا لها ولا تقصروا يَرْفَعِ اللَّهُ مجزوم فى جواب الأمر الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ بالنصر وحسن الذكر ومهابتهم فى أعين الناس وغير ذلك فى الدنيا وايوائهم فى غرف الجنان فى الاخرة الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ العلماء منهم خاصة دَرَجاتٍ ط تميز من نسبة الرفع الى المفعول تقديره يرفع الله درجات الذين أمنوا فى الجنة بما جمعوا من العلم والعمل فان العمل إذا صدر من اهل العلم يوتى من الاجر ما لا يوتى غيره لانه يقتدى به دون الجاهل فله اجره واجر من يقتدى به من غير ان ينقص من أجورهم شيئا قال رسول الله - ﷺ - من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها من بعده من غير ان ينقص من أجورهم شى الحديث رواه مسلم من حديث جرير قال عليه الصلاة والسلام فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وان العلماء ورثة الأنبياء وان الأنبياء لم يورثوا دينار او لا درهما وانما ورثوا العلم فمن اخذه أخذ بحظ وافر رواه احمد واصحاب السنن عن كثير بن قيس وسماه الترمذي قيس ابن كثير قال قال عليه الصلاة والسلام فضل العالم على العابد كفضل الأعلى على أدناكم رواه الترمذي
224
من حديث ابى امامة الباهلي عن عبد الله بن عمر ان رسول الله - ﷺ - من مجلسين فى مسجده فقال كلاهما على خير واحدهما أفضل من صاحبه اما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون اليه فان شاء أعطاهم وإنشاء منعهم اما هؤلاء فيتعمون الفقه او العلم ويعلمون الجاهل فهم أفضل وانما بعثت معلما ثم جلس فيهم رواه الدارمي قال الحسن قرأ ابن مسعود هذه الاية وقال ايها الناس افهموا هذه الاية ولترغبكم فى العلم فان الله يقول يرفع الله المؤمن العالم فوق الذي لا يعلم درجات وفى هذه الاية اشارة الى ان النفر من اهل بدر مستحقون لما عوملوا من الإكرام والنبي - ﷺ - مصيب فيما امر وأولئك المؤمنون مثابون فيما ايتمروا وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فيجازيكم عليه فيه ترغيب لمن عمل وتهديد لمن لم يمتثل الأمر واستكرهه اخرج ابن ابى حاتم عن طريق على بن ابى طلحة عن ابن عباس ان مسلمين أكثروا المسائل على رسول الله - ﷺ - حتى شقوا عليه فاراد الله ان يخفف عن نبيه فانزل الله تعالى.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ اى إذا أردتم مناجاته فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ الرسول صَدَقَةً ط قال البغوي قال مقاتل بن حبان نزلت فى الأغنياء وذلك انهم يأتون النبي - ﷺ - فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتى كره النبي - ﷺ - طول جلوسهم ومناجاتهم وقال ابن عباس فى رواية ابن ابى حاتم انه لما نزلت هذه الاية صبر كثير من الناس وكفوا عن المسألة قال البغوي انتهوا عن مناجاته فاما اهل العسرة فلم يجدوا شيئا واما اهل اليسرة فضنوا واشتد ذلك على اصحاب رسول الله - ﷺ - فنزلت الرخصة قال مجاهد نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه الا على رض تصدق بدينار وناجاه ثم نزلت الرخصة وكان على يقول اية فى كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلى ولا يعمل أحد بعدي وهى اية المناجاة وروى ابن ابى شيبة فى مصنفه والحاكم فى المستدرك عن على رض ان فى كتاب الله اية فما عمل بها أحد غيرى كان بي دينارا فصرفته فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم وذكر فى المدارك عن على رض عنه قال كنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم وسالت رسول الله - ﷺ - عشر مسائل فاجابتنى عنها قلت يا رسول ما الوفا قال التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله قلت ما الفساد قال الكفر بالله والشرك قلت ما الحق قال الإسلام والقران والولاية وإذا اهتبت إليك قلت ما الحيلة قال ترك الحيلة قلت ما علىّ قال طاعة الله ورسوله قلت وكيف ادعو الله قال بالصدق واليقين قلت وماذا أسأل قال العافيه قلت ما اصنع لنجاة نفسى قال كل حلالا
وقل صدقا قلت ما السرور قال الجنة قلت ما الراحة قال لقاء الله فلما فرغت منها نزلت نسخها ذلِكَ التصدق خَيْرٌ لَكُمْ من حب المال وَأَطْهَرُ ط لذنوبكم فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الصدقة لاجل الفقر فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ رخص للفقراء وأجاز لهم المناجاة من غير تصدق كان هذه الجملة مخصص لما سبق من عموم الحكم واخرج الترمذي وحسنه عن على رض قال لما نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً قال لى النبي - ﷺ - ما ترى دينار قلت لا يطيقونه قال فنصف دينار قلت لا يطيقونه قال فكم قلت شعيرة قال انك لزهيه فنزلت.
أَأَشْفَقْتُمْ الاستفهام للتقرير والمعنى خفتم الفقر من أَنْ تُقَدِّمُوا او المعنى خفتم التقديم لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ط ما جمع الصدقات لجمع المخاطبين او لكثرة التناجي قال على فيما روى الترمذي عنه فخفف الله عن هذه الاية فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا التصدق لاجل الفقر او البخل وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ تجاوز عنكم ولم يعاقبكم او المعنى رجع بكم عنها وخفف بنسخ الصدقة ورخص لكم ان لا تفعلوه وفيه اشعار بان اشفاقكم ذنب تجاوز الله عنه وإذ هنا بمعناه وقيل تقدير الكلام فاذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم تجاوز عنكم ونسخ الصدقة قال مقاتل بن حبان كان ذلك عشر ليال وقال الكلبي ما كانت الا ساعة من النهار- فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ المكتوبة وَآتُوا الزَّكاةَ المفروضة ولا تهاونوا فى أدائها وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى ساير الأوامر ودوموا عليها فان القيام بها كالجابر للتفريط فى ذلك وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ع ظاهرا وباطنا فيجازيكم عليه روى احمد والبزاز وابن جرير والطبراني والحاكم من حديث ابن عباس رض انه ﷺ كان فى حجرة من حجراته وفى رواية كان فى ظل حجرة وقد كان الظل يتقلص فقال يدخل عليكم رجل جبار وفى رواية قلبه قلب جبار وينظر بعيني الشيطان فاذا جاءكم فلا تكلموه فلم يلبثوا ان طلع عليهم رجل ازرق اعور فدعاه رسول الله - ﷺ - فقال حين راه على ما تشتمتى أنت وأصحابك فقال ذرنى آتك فانطلق فدعاهم فحلفوا له ما قالوا وما فعلوا فانزل الله هذه الاية.
أَلَمْ تَرَ اى تنظر استفهام للانكار وانكار النفي تقدير للاثبات إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ط والمراد بالموصول المنافقون وهم عبد الله ابن نبتل وأصحابه وبقوم غضب الله عليهم اليهود فهم والوا اليهود وناصحوهم ونقلوا أسراء النبي - ﷺ -
ما هُمْ يعنى المنافقين مِنْكُمْ فى الدين والولاية وَلا مِنْهُمْ اى اليهود جملة ما هم منكم حال من الموصول وَيَحْلِفُونَ عطف على تولوا عَلَى الْكَذِبِ وهو ادعاء الإسلام وَهُمْ يَعْلَمُونَ ج حال من فاعل يحلفون يعنى يحلفون عالمين بانهم كاذبون لا كمن يحلف خطاء زعما منه انه صادق فيما يقول قال السدى ومقاتل نزلت فى عبد الله المنافق كان يجالس رسول الله - ﷺ - ثم يرفع حديثه الى اليهود فبينما رسول الله - ﷺ - فى حجرة فذائر نحو حديث ابن عباس المذكور وفيه فحلف بالله ما فعل وجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه.
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً ط نوعا من العذاب متفاقما إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ج فى الماضي فتحزنوا على سوء العمل وأصروا عليه.
اتَّخَذُوا جملة مستانفة او حال من فاعل يحلفون بتقدير قد أَيْمانَهُمْ الكاذبة جُنَّةً وقاية لدمائهم وأموالهم فَصَدُّوا الناس فى خلال امنهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن طاعته والايمان به وقيل المعنى فصدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وعيد ثان بوصف اخر بعذابهم او وعيد اخر بعذابهم فوق عذابهم الاول لكفرهم والثاني لصدهم كما فى قوله تعالى الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب وقيل الاول عذاب القبر وهذا عذاب الاخرة.
لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ يوم القيمة أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ اى من عذابه شَيْئاً ط من الإغناء جملة لن تغنى صفة اخرى بعذاب بحذف الرابط تقديره لهم عذاب مهين لن تغنى عنهم فى دفعه أموالهم او مستانفة أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً الظرف متعلق بقوله فلهم عذاب مهين فَيَحْلِفُونَ لَهُ اى لله تعالى يقولون والله ربنا ما كنا مشركين كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ انهم منكم وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ ط من الحيلة للنجاة ويزعمون ان الايمان الكاذبة ترفع على الله كما تروح عليكم فى الدنيا أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ البالغون الغاية فى الكذب فانهم يكذبون مع عالم الغيب حيث لا ينفعهم الكذب.
اسْتَحْوَذَ غلب واستولى عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ جملة مستانفة فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ط واغفلهم عند تعالى بحيث لا يخافون عذاب الله ولا يزعمون ان الله مجازيهم وانه يعلم سرهم وخفاياهم أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ ط جنوده واتباعه أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ لانهم فوتوا حظهم وبدلوا نصيبهم من الجنة بالنار الموبدة وقد ورد فى الحديث الطويل عن ابى هريرة مرفوعا ان الكافر فى القبر يفرج له فرجه قبل الجنة فينظر الى زهرتها
وما فيها فيقال له انظر الى ما صرفه الله عنك ثم يفرج له فرجة الى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له هذا مقعدك رواه ابن ماجة وعنه قال قال رسول الله - ﷺ - ما منكم من أحد إلا له منزلان منزل فى الجنة ومنزل فى النار فاذا مان فدخل النار ورث اهل الجنة منزلته فذلك قوله تعالى أولئك هم الوارثون.
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ اى فى جملة من هو أذل خلق الله تعالى لا يرى أحد أذل منهم.
كَتَبَ اللَّهُ فى اللوح قضاء ثابتا لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي قرأ نافع وابن عامر بفتح الياء والباقون بالإسكان قوله لاغلبن جواب قسم محذوف او يقر لما كان كتب لافادة اللزوم بمعنى القسم أورد فى جواب اللام قال الزجاج غلبة الرسل على نوعين من بعث منهم بالحرب فهو غالب فى الحرب ومن لم يومر بالحرب فهو غالب بالحجة إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ لا يمتنع عنه ما يريد عَزِيزٌ لا يغلب عليه أحد.
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مفعول ثان لتجدلن كان بمعنى العلم وان كان بمعنى المصادفة فهو حال او صفة مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ هذه الاية تدل على ان ايمان المؤمن يفسد بموادة الكافرين وان المؤمن لا يوالى الكفار وان كان قريبه قيل نزلت الاية فى ابى حاطب بن بلتعة حين كتب الى اهل مكة وسياتى القصة فى سورة الممتحنة إنشاء الله تعالى واخرج ابن المنذر عن ابى جريج قال حدثنا ان أبا قحافة سب النبي - ﷺ - فصكه ابو بكر صكة فسقط فذكر ذلك للنبى - ﷺ - فقال أفعلت يا أبا بكر فقال والله لو كان السيف قريبا منى لضربته به فنزلت لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ ورسوله وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ اخرج ابن ابى حاتم عن ابن شودة قال نزلت هذه الاية فى ابى عبيدة بن الجراح حين قتل أباه يوم الهدر وأخرجه الطبراني والحاكم فى المستدرك بلفظ جعل والد أبي عبيدة بن الجراح يتصدى لابى عبيدة يوم بدر وجعل ابو عبيدة تحيد عنه فلما كثر قصده ابو عبيدة فقتله فنزلت وروى مقاتل بن حبان عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود فى هذه الاية ولو كانوا ابائهم يعنى أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد أَوْ أَبْناءَهُمْ يعنى أبا بكر دعا ابنه يوم بدر الى البراز فقال دعنى يا رسول الله أكن فى الرعلة الاولى فقال له رسول الله - ﷺ - متعناه بنفسك يا أبا بكر أَوْ إِخْوانَهُمْ يعنى مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ط يعنى عمر قتل خاله العاص بن هشام ابن المغيرة يوم بدر وعليا وحمزة وعبيدة قتلوا يوم بدر عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة أُولئِكَ الذين لم يوادوهم كَتَبَ اى اثبت فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ اى التصديق فهى موقنة لا تدخل فيها الشك وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ اى بنور من عند الله وبنصره سمى بنصره إياهم روحالان أمرهم يحيى به وقال السدى يعنى بالايمان وقال الربيع يعنى بالقران وحججه وقيل برحمة منه وقيل أيدهم لجبرئيل وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بطاعة والجملة بتقدير قد حال من فاعل يدخلهم او من مفعوله وَرَضُوا عَنْهُ بثوابه بحسبهم فى الاخرة او بما قضى الله تعالى عليهم فى الدنيا أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ وجنده وأنصار دينه يتبعون امره وينهون عما نهى عنه أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بخير الدنيا والاخرة الآمنون من كل مرهوب
Icon