ﰡ
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١١ الى ١٣]
لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣)
قوله تعالى: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [١١] يعني ملائكة الليل والنهار يعقب بعضهم بعضاً يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [١١] مقاديره على عبده من خير وشر، ويشهدون له بالوفاء، وعليه بالجفاء يوم القيامة.
قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً [١٢] قال: روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: الرعد ملك، وهو الذي تسمعون صوته، والبرق سوط من نور يزجر به الملك السحاب «١»، وكذا قال مجاهد «٢». وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: البرق مخاريق الملائكة، والرعد صوت ملك «٣». وقال قتادة: الرعد صوت السحاب.
قوله تعالى: وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ [١٣] فأفرد الملائكة ذكراً.
وقال عكرمة «٤» : الرعد ملك موكل بسحاب يسوقه، كما يسوق راعي الإبل إبله. وحكى كعب «٥» عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن الله ينشئ السحاب فينطق بأحسن النطق ويضحك بأحسن الضحك فمنطقه الرعد ومضحكه البرق» «٦» قاله أبو بكر
(٢) في المصدر السابق (أن مجاهدا كان يقول: الرعد ملك، والبرق أجنحة الملك، يسقن السحاب) وفي التاريخ الكبير ٢/ ١٠٤ أنه قال: (البرق مخاريق من نار). [.....]
(٣) في المصدر السابق أنه قال: (الرعد ملك، والبرق مخراق من حديد).
(٤) عكرمة بن عبد الله البربري المدني، مولى ابن عباس (٢٥- ١٠٥ هـ) : تابعي، كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي. روى عنه زهاء ثلاثمائة رجل. (الحلية ٣/ ٣٢٦).
(٥) كعب بن ماتع بن ذي هجن الحميري (... - ٣٢ هـ) : تابعي. كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن، وأسلم في زمن أبي بكر. أخذ عنه الصحابة وغيرهم كثيرا من أخبار الأمم الغابرة، وأخذ هو من الكتاب والسنة عن الصحابة. (الحلية ٥/ ٣٦٤، ٦/ ٣).
(٦) مسند أحمد ٥/ ٤٣٥ والفردوس بمأثور الخطاب ٥/ ٢٦٥ (رقم ٨١٣٩).
[سورة الرعد (١٣) : آية ٢٨]
الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)
قوله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [٢٨] قال: الذكر من العلم السكون، والذكر من العقل الطمأنينة. قيل: وكيف ذاك؟ قال: إذا كان العبد في طاعة الله فهو الذاكر، فإذا خطر بباله شيء فهو القاطع، وإذا كان في فعل نفسه فحضر بقلبه ما يدله على الذكر والطاعة فهو موضع العقل. ثم قال: كل من ادعى الذكر فهو على وجهين: قوم لم يفارقهم خوف الله عزَّ وجلَّ، مع ما وجدوا في قلوبهم من الحب والنشاط، فهم على حقيقة من الذكر، وهم لله والآخرة والعلم والسنة. وقوم ادعوا النشاط والفرح والسرور في جميع الأحوال، فهم للعدو والدنيا والجهل والبدعة، وهم شر الخلق.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٦]
وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦)
قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ [٣٦] سئل سهل: متى يصح للعبد مقام العبودية؟ قال: إذا ترك تدبيره ورضي بتدبير الله تعالى فيه.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٩]
يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩)
قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ [٣٩] قال: يمحو الله ما يشاء من الأسباب، ويثبت الأقدار، وعنده أم الكتاب. قال: القضاء المبرم الذي لا زيادة فيه ولا نقصان.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٤٣]
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)
قوله: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [٤٣] قال سهل: الكتاب عزيز، وعلم الكتاب أعز، والعمل به أعز، والعمل عزيز، والإخلاص في العمل أعز، والإخلاص عزيز، والمشاهدة في الإخلاص أعز، والمرافقة عزيزة، والأنس في المرافقة أعز، والأنس عزيز، وآداب محل الأنس أعز، والله سبحانه وتعالى أعلم.