تفسير سورة الطور

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الطور من كتاب تفسير القشيري المعروف بـلطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ

سورة الطّور
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» كلمة ما استولت على قلب عارف إلّا تيّمته بكشف جلاله، وما استولت على قلب متأفّف إلّا أكرمته بلطف أفضاله.. فهى كلمة قهّارة للقلوب.. ولكن لا لكلّ قلب، مذهبة للكروب.. ولكن لا لكلّ كرب.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣)
أقسم الله بهذه الأشياء (التي في مطلع السورة)، وجواب القسم قوله: «إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ». والطور هو الجبل الذي كلّم عليه موسى عليه السلام لأنه محلّ قدم الأحباب وقت سماع الخطاب. ولأنه الموضع الذي سمع فيه موسى ذكر محمد ﷺ وذكر أمّته حتى نادانا ونحن في أصلاب آبائنا فقال: أعطيتكم قبل أن تسألونى «وَكِتابٍ مَسْطُورٍ» :
مكتوب في المصاحف، وفي اللوح المحفوظ.
وقيل: كتاب الملائكة في السماء يقرءون منه ما كان وما يكون.
ويقال: ما كتب على نفسه من الرحمة لعباده.
ويقال ما كتب من قوله: سبقت رحمتى غضبى «١».
ويقال: هو قوله: «وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ» «٢».
(١) فى الحديث أن الله كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: «إن رحمتى سبقت غضبى».
(٢) آية ١٠٥ سورة الأنبياء.
ويقال: الكتاب المسطور فيه أعمال العباد يعطى لعباده بأيمانهم وشمائلهم يوم القيامة.
«فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ» «١» : يرجع إلى ما ذكرنا من الكتاب.
[سورة الطور (٥٢) : آية ٤]
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤)
فى السماء الرابعة «٢». ويقال: هو قلوب العابدين العارفين المعمورة بمحبته ومعرفته. ويقال:
هى مواضع عباداتهم ومجالس خلواتهم. وقيل: الكعبة.
[سورة الطور (٥٢) : آية ٥]
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥)
هى السماء. وقيل سماء هممهم في الملكوت.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٦ الى ٧]
وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧)
البحار المملوءة.
أقسم بهذه الأشياء: إنّ عذابه لواقع. وعذابه في الظاهر ما توعّد به عباده العاصين، وفي الباطن الحجاب بعد الحضور، والستر بعد الكشف، والردّ بعد القبول.
[سورة الطور (٥٢) : آية ٨]
ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (٨)
إذا ردّ عبدا أبرم القضاء بردّه:
إذا انصرفت نفسى عن الشيء لم تكن إليه بوجه آخر- الدهر- تقبل
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٩ الى ١٠]
يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠)
«تَمُورُ» : أي تدور بما فيها، وتسير الجبال عن أماكنها، فتسير سيرا.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١١ الى ١٢]
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢)
(١) الرق هو الصحيفة أو الجلد الذي يكتب فيه، منشور لا ختم عليه أو لائح.
(٢) يقابل الكعبة معمور بالملائكة. [.....]
الويل كلمة تقولها العرب لمن وقع في الهلاك.
«فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ» : فى باطل التكذيب يخوضون.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١٣ الى ١٥]
يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥)
يوم يدفعون إلى النار دفعا، ويقال لهم: هذه هي النار التي كنتم بها تكذّبون..
ثم يسألون: أهذا من قبيل السحر على ما قلتم أم غطّى على أبصاركم؟! قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ١٦]
اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦)
والصبر على الجزاء في العاقبة لا قيمة له، لأنّ عذابهم عقوبة لهم:
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١٧ الى ١٨]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨)
المتقون في جنات ونعيم عاجلا وآجلا «١». «فاكِهِينَ» أي معجبين بما آتاهم ربهم وما أعطاهم.
ويقال: «فاكِهُونَ» : أي ذوو فاكهة: كقولهم رجل تامر أي ذو تمر، ولابن أي ذو لبن.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ١٩]
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩)
قوم يصير لهم ذلك هنيئا بطعمه ولذّته، وقوم يصير هنيئا لهم سماع قولهم
(١) يشير القشيري إلى النعيم العاجل الذي هو الوصلة والقربة. فمن المعلوم أن الصوفية يسلكون طريقهم فى حياة وسطى فيها قيامة وحشر ونشر وثواب وعذاب، بما يشعرون من هجر ووصل، وخوف ورجاء.
ونحو ذلك من الأحوال.
عنه- سبحانه- هنيئا، وقوم يصير لهم ذلك هنيا ليّنا وهم بمشهد منه:
فاشرب على وجهها كغرّتها مدامة في الكئوس كالشّرر
[سورة الطور (٥٢) : آية ٢٠]
مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠)
يظلّون في سرور وحبور، ونصيب من الأنس موفور.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ٢١]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١)
يكمل عليهم سرورهم بأن يلحق بهم ذرّياتهم فإنّ الانفراد بالنعمة عمّن القلب مشتغل به من الأهل والولد والذرية يوجب تنغص العيش.
وكذلك كلّ من قلب الولىّ يلاحظه من صديق وقريب، ووليّ وخادم، قال تعالى فى قصة يوسف: «وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ» وفي هذا المعنى قالوا:
إنّى على جفواتها- فبربّها وبكلّ متّصل بها متوسّل
لأحبها، وأحبّ منزلها الذي نزلت به وأحب أهل المنزل
«وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ» أي ما أنقصنا من أجورهم من شىء بل وفينا ووفّرنا. وفي الابتداء نحن أولينا وزدنا على ما أعطينا.
«كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ» مطالب بعمله، يوفيّ عليه أجره بلا تأخير، وإن كان ذنبا فالكثير منه مغفور، كما أنه اليوم مستور.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٢٢ الى ٢٣]
وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣)
أي لا يجرى بينهم باطل ولا يؤثمهم كما يجرى بين الشّرب «١» فى الدنيا، ولا يذهب الشّرب بعقولهم فيجرى بينهم ما يخرجهم عن حدّ الأدب والاستقامة.
وكيف لا يكون مجلسهم بهذه الصفة ومن المعلوم من يسقيهم، وهم بمشهد منه وعلى رؤية منه؟.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ٢٤]
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤)
والقوم عن الدار وعمّن في الدار مختطفون لاستيلاء ما يستغرقهم فالشراب يؤنسهم ولكن لا بمن يجانسهم «٢» وإذا كان- اليوم- للعبد وهو في السجن في طول عمره ساعة «٣» امتناع عن سماع خطاب الأغيار، وشهود واحد من المخلوقين- وإن كان ولدا عزيزا، أو أخا شفيقا- فمن المحال أن يظن أنه يردّ من الأعلى إلى الأدنى.. إن كان من أهل القبول والجنة، ومن المحال أن يظن أنه يكون غدا موسوما بالشقاوة.
وإذا كان العبد في الدنيا يقاسى في غربته من مقاساة اللتيا والتي- فماذا يجب أن يقال إذا
(١) الشرب بالفتح القوم يشربون ويجتمعون على الشراب (الوسيط واللسان).
(٢) هكذا في م وهي أقرب إلى الصواب مما جاء في ص (يجالسهم) باللام لأن السياق يتدعم بالأولى فالأنس الحاصل يومئذ بالحق لا بالخلق.
(٣) هذه محاولة طيبة يقدمها التفسير الإشارى عند بحث قضية التنعم في الآخرة ونفى الحسيات عن هذا المتنعم لأنه إذا تصورنا أن العبد في ساعة الفناء يكون محوا فيما يشهد، وأن ذلك يحدث في الدنيا.. فها بالك في الآخرة وهم ناظرون إلى ربهم؟!
رجع إلى منزله؟ أيبقى على ما كان عليه في سفرته؟ أم يلقى غير ما كان يقاسى في سفرته، ويتجرع غير ما كان يسقى من كاسات كربته؟.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٨)
لولا أنهم قالوا: «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا» لكانوا قد لا حظوا إشفاقهم، ولكن الحقّ- سبحانه- اختطفهم عن شهود إشفاقهم حيث أشهدهم منّته عليهم حتى قالوا: «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا، وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ».
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ٢٩]
فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩)
أي أنهم يعلمون أنك ليست بك كهانة ولا جنون، وإنما قالوا ذلك على جهة التسفيه فالسّفيه يبسط لسانه فيمن يسبّه بما يعلم أنه منه برىء.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١)
نتربص به حوادث الأيام فإنّ مثل هذا لايدوم، وسيموت كما مات من قبله كهّان وشعراء.
ويقال: قالوا: إنّ أباه مات شابا، ورجوا أن يموت كما مات أبوه، فقال تعالى:
«قُلْ تَرَبَّصُوا... » فإننا منتظرون، وجاء في التفسير أنّ جميعهم ماتوا. فلا ينبغى لأحد أن يؤمّل موت أحد. فقل من تكون هذه صنعته إلّا سبقته المنيّة- دون أن يدرك ما يتمنّاه من الأمنيّة.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ٣٢]
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢)
أتأمرهم عقولهم «١» بهذا؟ أم تحملهم مجاوزة الحدّ في ضلالهم وطغيانهم على هذا؟
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤)
إذا كانوا يزعمون أنك تقول هذا القول «٢» من ذات نفسك فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين فيما رموك به! قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٣٥ الى ٣٨]
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨)
كلّا ليس الأمر كذلك، بل الله هو الخالق وهم المخلوقون.
أم هم الذين خلقوا السماوات والأرض؟ أم عندهم خزائن ربّك.
- أي خزائن أرزاقه ومقدوراته؟ أم هم المسيطرون المتسلّطون على الناس؟.
أم لهم سلّم يرتقون فيه فيستمعون ما يجرى في السماوات؟ فليأت مستمعهم بسلطان مبين.
ثم إنه سفّه أحلامهم فقال:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٣٩ الى ٤٣]
أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣)
أم تسألهم على تبليغ الرسالة أجرا فهم مثقلون من الغرم والإلزام في المال (بحيث يزهدهم ذلك في اتباعك؟.
(١) كانت قريش يدعون أهل الأحلام والنّهى- فإسناد الأحلام إلى الكفار في الآية مجاز فيه سخرية منهم.
(٢) ما بين القوسين إضافة من جانبنا كى يتضح السياق- فالقشيرى كما هو واضح في آخر السورة لا يعطى سوى كلمات مقتضبة، وإنما يهتم بالجانب الإشارى- إن وجد.
أم عندهم علم الغيب فهم يكتبون ذلك؟
أم يريدون كيدا «١» أي أن يمكروا بك مكرا فالذين كفروا هم المكيدون.
أم لهم إله غير الله يفعل شيئا مما يفعل الله؟ تنزيها له عن ذلك!.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ٤٤]
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤)
أي إن رأوا قطعة من السماء ساقطة عليهم قالوا: إنه سحاب مركوم «٢» ركم بعضه على بعض والمقصود أنهم مهما رأوا من الآيات لا يؤمنون. ولو فتحنا عليهم بابا من السماء حتى شاهدوا بالعين لقالوا: إنما سكرت أبصارنا، وليس هذا عيانا ولا مشاهدة.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦)
أي فأعرض عنهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يموتون، يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا، ولا يمنعون من عذابنا.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ٤٧]
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧)
دون يوم القيامة لهم عذاب القتل والسّبى، وما نزل بهم من الهوان والخزي يوم بدر وغيره «٣».
«وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» : أنّ الله ناصر لدينه.
قوله جل ذكره:
[سورة الطور (٥٢) : آية ٤٨]
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨).
(١) يقال هو كيدهم للرسول وللمؤمنين بدار الندوة- وقد يقصد به الكفار أجمعين.
(٢) فى ص (مكروم) وهي خطأ في النسخ.
(٣) ويقال عذاب القبر لأنه يسبق القيامة.
أنت بمرأى منّا، وفي نصرة منّا.
«فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا» «١» : فى هذا تخفيف عليه وهو يقاسى الصبر.
«وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ».
أي تقوم للصلاة المفروضة عليك.
[سورة الطور (٥٢) : آية ٤٩]
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)
قيل: المغرب والعشاء وركعتا الفجر.
وفي الآية دليل وإشارة إلى أنه أمره أن يذكره في كلّ وقت، وألا يخلو وقت من ذكره.
والصبر لحكم الله شديد، ولكن إذا عرف اطلاع الربّ عليه سهل عليه ذلك وهان.
(١) التعبير بالجمع هنا قد يفيد زيادة الرعاية في حق المصطفى صلوات الله عليه، خصوصا إذا تذكرنا أنه سبحانه قال في حق موسى عليه السلام «وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي» فالتعبير في هذه الحالة بالمفرد، والله سبحانه أعلم.
Icon