تفسير سورة المرسلات

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة المرسلات من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
( ٧٧ ) سورة المرسلات مكية
وآياتها خمسون
كلماتها : ١٨١ ؛ حروفها : ٨١٦

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ والمرسلات عرفا ( ١ ) فالعاصفات عصفا ( ٢ ) ﴾
أقسم الله تعالى بالرياح المرسلات ﴿ عرفا١ أي متتابعات أو تباعا فالشديدات الهبوب السريعات مرورا.
نقل عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ما حاصله : الرياح العواصف تأتي بالعصف، وهو ورق الزرع وحطامه، كما قال تعالى :﴿ جاءتها ريح عاصف... ﴾.
ويقال : عصف بالشيء أي أباده وأهلكه، وعصفت الحرب بالقوم أي ذهبت بهم.
١ - يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس. ويجوز أن يكون العرف بمعنى: خلاف النكر، أي: أرسلها للإحسان والمعروف، وتقابلها تلك التي تهب هبوبا سريعا فتأتي بالهلاك والدمار..
﴿ والناشرات نشرا ( ٣ ) فالفارقات فرقا ( ٤ ) فالملقيات ذكرا ( ٥ ) ﴾
وأقسم سبحانه بالملائكة التي تنزل بوحيه- تبارك اسمه- ناشرة١ أجنحتها، فتأتي شرائع ربنا فارقة بين الحق والباطل وبين الحلال والحرام، فتلقى في القلوب ذكرا لله تعالى، وخشية منه، وتذكر للقائه ووعيده، واستقامة على طاعته، وتسبيحه وتمجيده، وكل موعظة واعتبار٢.
نقل عن علماء القرآن : وجمهور المفسرين على أن المرسلات : الرياح، لكن روى عن عبد الله : هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي. وقيل : هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله، قاله ابن عباس. وعن أبي صالح : هي الرسل ترسل بالمعروف.
يقول ابن جرير : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا، وقد ترسل عرفا الملائكة، وترسل كذلك الرياح، ولا دلالة تدل على أن المعنى بذلك أحد الحزبين دون الآخر، وقد عم –جل ثناؤه- بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف، فكل من كان صفته كذلك فداخل في قسمه ذلك، ملكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسلا.
١ - مما نقل صاحي الجامع لأحكام القرآن... عن أبي صالح: إنها الملائكة تنشر كتب الله عز وجل. وروى الضحاك عن ابن عباس قال: يريد ما ينشر من الكتب وأعمال بني آدم. الضحاك: إنها الصحف تنشر على الله بأعمال العباد. وقال الربيع: إنه البعث للقيامة تنشر فيه الأرواح. والنشر قد يعني الإحياء، يقال: نشر الله الميت وأنشره، أي احياه..
٢ - نقل صاحب تفسير غرائب القرآن ما حاصله: الكلمات- يعني الآيات- الخمس في أول هذه السورة يحتمل أن يكون المراد جنسا واحدا أو أجناسا مختلفة؛ الأول: أنها الملائكة... أرسلهم بأوامره متتابعين وعقيب لأمر عصفن إلى امتثال الأمر... وعند انحطاطهن بالوحي نشرن أجنحتهن، أو نشر الشرائع... أو أحيين النفوس الميتة بما أوحين، ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرا إلى الانبياء...
الثاني: أنها الرياح. أقسم الله سبحانه برياح عذاب أرسلهن متتابعات فعصفن، ورياح رحمة نشرن السحاب ففرقن بينه... فصرن سببا في حصول الذكر، لأن الإنسان العاقل إذا شاهد ذلك التجأ إلى ذكر الله والتضرع.
الثالث: أنها القرآن وآياته أرسلت متتابعة وبكل معروف، فعصفت بسائر الملل والكتب ونسختها، ونشرن بعد ذلك آثار الحكم وأنوار الهداية ففرقن بين الحق والباطل، وألقت الذكر والشرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأمته.. المنقول عن الزجاج أن الثلاث الأولى هي الرياح والباقيتان الملائكة. أو: الأولان هما الرياح والثلاثة الأخيرة هي الملائكة. أو الأولى ملائكة الرحمة، والثانية ملائكة العذاب والباقية آيات القرآن....

﴿ عذرا أو ذرا ( ٦ ) ﴾
أرسل الله تعالى الرسل، وأنزل الملائكة بوحيه وكتبه، ليعذر سبحانه إليكم أيها الناس :﴿ .. أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير.. ﴾١ ﴿ .. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى.. ﴾٢ ﴿ .. لئلا يكون للناس على الله حجة.. ﴾٣ و﴿ أو ﴾ للتنويع لا للترديد فهي بمعنى الواو.
روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :﴿ عذرا ﴾ ما يلقيه الله جل ثناءه من معاذير أوليائه وهي التوبة ﴿ أو نذر ﴾ ينذر أعداءه- يحذرهم ويخوفهم-.
١ - سورة المائدة. من الآية ١٩..
٢ - سورة الأنعام. من الآية ١٥٧..
٣ - سورة النساء. من الآية ١٦٥..
﴿ إنما توعدون لواقع ( ٧ ) ﴾
إن الذي وعدكم الله تعالى لحاصل وآت، وسيجيء ويقع، لا شك في ذلك. واللفظ صالح لأن يراد كل موعود خيرا أو شرا عاجلا أو آجلا، لكن ربما يكون المراد به يوم القيامة، لأن الآيات التالية كلها تصف أهوال اليوم الآخر. وهذه الآية جواب ما تقدم من القسم.
يقول الألوسي :( ما ) – من ﴿ إنما ﴾ – موصولة، و[ إن ] كتبت موصولة، والعائد محذوف، أي : إن الذي توعدونه من مجيء القيامة كائن لا محالة.
﴿ فإذا النجوم طمست ( ٨ ) ﴾
هذا من أطوار انتهاء الحياة الدنيا، وخراب هذا الكون، فإذا انطفأ نور النجوم أو أذهبها الله تعالى، فذلك من يوم الصاخة يوم الطامة الكبرى.
يقال : طمس الشيء إذا درس وطمس فهو مطموس، والرياح تطمس الآثار فتكون الريح طامسة، والأثر طامسا بمعنى : مطموس.
﴿ وإذا السماء فرجت ( ٩ ) ﴾
تمزقت وفتحت وشقت وتهاوت فسقطت.
﴿ وإذا الجبال نسفت ( ١٠ ) ﴾
تطايرت صخورها وبست، وتفرقت أجزاؤها كالكثيب المهيل تذروها الرياح حتى تصير كالصوف المتناثر المتفرق، فإذا بأماكنها مسواة.
﴿ وإذا الرسل أقتت ( ١١ ) ﴾
وافت للميقات الذي وعدت ووعدته أممهم وبلغته.
﴿ لأي يوم أجلت ( ١٢ ) ﴾
استفهام يراد به التعجيب، كأن المعنى : لأي يوم أخرت أهوال الآخرة، ونكال الله بالمكذبين ؟ ! وفيه تهويل لعسر هذا اليوم وبلائه.
﴿ ليوم الفصل ( ١٣ ) ﴾
كأنه إجابة على ما تضمنته الآية السابقة من سؤال : أخرت الأهوال والنكال ليوم يقضي الله فيه بين العباد، ويفصل بينهم١.
١ - ما جاء في الأثر: إذا حشر الناس يوم القيامة قاموا أربعين عاما... شاخصة أبصارهم... ينتظرون الفصل..
﴿ وما أدراك ما يوم الفصل( ١٤ ) ﴾
تعظيم لأحوال اليوم وعسره بعد تعظيم. بمعنى : أي شيء أعلمك بيوم الحساب يوم نأخذ للمظلوم من ظالمه، وننجي المتقي بمفازته ؟ !
يقول اللغويون :﴿ ما ﴾ الأولى : مبتدأ، و﴿ أدراك ﴾ خبره، و﴿ ما ﴾ الثانية خبر مقدم، و﴿ يوم ﴾ مبتدأ مؤخر. بمعنى : يوم الفصل يوم عظيم عجيب لا يقادره قدره، ولا يكتنه كنهه، ووضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التفظيع والتهويل.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ١٥ ) ﴾
واد في جهنم لمن لم يؤمن بكلمات الله تعالى ورسالاته.
وكررت تسع مرات في هذه السورة للتوكيد والتقرير.
والويل في الأصل : مصدر الهلاك، وأريد به هنا الدعاء.
يقول أبو جعفر الطبري : الوادي الذي يسيل في جهنم من صديد أهلها للمكذبين...
ويقول أبو عبد الله القرطبي : عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل، فهو وعيد، وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب، لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم، فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشي آخر، ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره، لأنه أقبح في تكذيبه، وأعظم في الرد على الله، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك، وعلى قدر وفاقه.. ١
١ - الجزء التاسع عشر. الصفحة ١٥٨..
﴿ ألم نهلك الأولين ( ١٦ ) ﴾
ألم نقتل الأقوام السابقين الأقدمين كقوم نوح وقوم هود وقوم صالح ؟
﴿ ثم نتبعه الآخرين ( ١٧ ) ﴾
ثم أهلكنا بعدهم أقواما جاءوا من بعدهم، وعتوا كعتوهم مثل قوم لوط وقوم شعيب وقوم موسى ؟ !
﴿ كذلك نفعل بالمجرمين ( ١٨ ) ﴾
كالذي أنفذناه في أولئك نمضي بأسنا وبطشتنا وانتقامنا من كل مجرم مسيء مفسد. ﴿ سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا ﴾١.
ولعل المراد : سنتنا جارية على ذلك
١ - سورة الإسراء. الآية ٧٧..
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ١٩ ) ﴾
العذاب الغليظ يوم الحسرة للمكذبين بالرسل، والآيات الثلاث السابقات لبيان ما يحل بالمجرمين السابقين واللاحقين من خزي الدنيا.
﴿ ألم نخلقكم من ماء مهين( ٢٠ ) ﴾
أليس أصلك إذ كنت جنينا قدر يسير صغير ضعيف من ماء الأب والأم ؟ !
بلى !
﴿ جعلناه في قرار مكين ( ٢١ ) ﴾
فأقررناه- إذ نشاء- في مكان حصين يحرزه ويقيه- على ما فيه من ضعف- أن يستكن ويتطور إلى الأمد الذي نريد، وذاك القرار الحريز يكون في رحم الأم.
﴿ إلى قدر معلوم ( ٢٢ ) ﴾
إلى حين نخرجه طفلا، أو ننزله سقطا.
﴿ فقدرنا فنعم القادرون ( ٢٣ ) ﴾
فجعلنا كل طور من أطواره، وكل دور من أدوار حياته بمقدار تقتضيه الحكمة والرحمة، ودقة الصنع، وإتقانه وإبداعه، لا يساوينا في ذلك مساو.
نقل عن عكرمة : معناه : فملكنا فنعم المالكون.
وكل هذه من البرهان والعلامات على اقتدار الله تعالى وأفضاله الماثلة في الأنفس.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٢٤ ) ﴾
بالذي خلق فسوى وقدر فهدى، وبأن أصلهم من ماء مهين.
[ توبيخ وتخويف من وجهين، أحدهما : أن النعمة كلما كانت أعظم كان نكرانها أفحش والثاني : أن القادر على الإبداء أقدر على الإعادة، فالمنكر لهذا الدليل الواضح يستحق غاية التوبيخ ]١.
١ - ما بين العارضتين أورده الحسن النيسابوري..
﴿ ألم نجعل الأرض كفاتا ( ٢٥ ) أحياء وأمواتا ( ٢٦ ) ﴾
يمكن أن يراد بالاستفهام هنا التقرير : ألسنا قد صيرنا الأرض كالوعاء تضمكم أحياء وأمواتا، في الحالين هي حاوية لكم، على ظهرها أو في بطنها ؟ ! بلى.
[ ألم نجعل الأرض كفات أحياءكم وأمواتكم ؟، تكفت أحياءكم في المساكن والمنازل فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتكم في بطونها في القبور فيدفنون فيها. وجائز أن يكون عني بقوله :﴿ .. كفاتا. أحياء وأمواتا ﴾ تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم ].
و﴿ أحياء وأمواتا ﴾ ربما كان نصبهما على نزع الخافض، فكأن التركيب : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأموات، فإذا نونت ﴿ كفاتا ﴾ نصبت ما بعدها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:﴿ ألم نجعل الأرض كفاتا ( ٢٥ ) أحياء وأمواتا ( ٢٦ ) ﴾
يمكن أن يراد بالاستفهام هنا التقرير : ألسنا قد صيرنا الأرض كالوعاء تضمكم أحياء وأمواتا، في الحالين هي حاوية لكم، على ظهرها أو في بطنها ؟ ! بلى.
[ ألم نجعل الأرض كفات أحياءكم وأمواتكم ؟، تكفت أحياءكم في المساكن والمنازل فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتكم في بطونها في القبور فيدفنون فيها. وجائز أن يكون عني بقوله :﴿.. كفاتا. أحياء وأمواتا ﴾ تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم ].
و﴿ أحياء وأمواتا ﴾ ربما كان نصبهما على نزع الخافض، فكأن التركيب : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأموات، فإذا نونت ﴿ كفاتا ﴾ نصبت ما بعدها.

﴿ وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ( ٢٧ ) ﴾
وثبتنا في الأرض ما يرسيها من الجبال الطوال- حتى لا تميل وتهتز بكم- ومنحناكم السقيا ماء عذبا.
[ خلقناه في أصولها، وأجريناه لكم منها في أنهار، وأنبعناه في منابع تستمد مما استودعناه فيها، وقد يفسر بما هو أعم من ذلك، والماء المنزل من السماء ]١.
١ - أوردت ذلك الألوسي..
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٢٨ ) ﴾
العذاب لمن كذب بنعم الله تعالى العظيمة المنبثة في آفاق الكون.
﴿ انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ( ٢٩ ) ﴾
ثم عادت الآيات إلى بيان أهوال الآخرة ونكالها، عندئذ يقال للجاحدين الكافرين ويصاح بهم : سيروا مسرعين إلى العذاب الذي كنتم تجحدون تحققه وحصوله إذ كنتم أحياء.
﴿ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ( ٣٠ ) ﴾
سيروا مسرعين إلى دخان متشعب، والدخان إذا ارتفع تشعب.
مما أورد صاحب روح المعاني : وخصوصية الثلاث... لأن تكذيبهم بالعذاب يتضمن تكذيب الله تعالى وتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك ثلاثة تكذيبات ؛ واعتبر بعضهم التكذيب بالعذاب أصلا والشعب الثلاث : التكذيبان المذكوران وتكذيب العقل الصريح.
﴿ لا ظليل ولا يغني من اللهب ( ٣١ ) ﴾
ليس بمظلل لكم هذا الظل- والناس يعرفون ظل الدنيا يقي الحر- فذلك كالتهكم بهم، وليس يمنع عنهم ألسنتهم اللهب ولا يدفعها ولا يبعدها.
﴿ إنها ترمي بشرر كالقصر ( ٣٢ ) ﴾
إن النار المستعرة تقذف الكفار الفجار بقطع تتناثر منها وتتطاير، الشرارة الواحدة منها كالدار الكبيرة والبناء العالي١.
١ - أورد الفخر الرازي بحثا في عظم هذا التشبيه وعلو بلاغته، وقد ضمن بحثه عشرة وجوه منها: الجمالات متحركة كالشرارة، القصر موضع الأمن، وتشبيه الشرارة به إشارة إلى أن الكافر إنما يعذب بآفة من الموضع الذي يتوقع منه الأمن وهو دينه وملته التي ظن أنه منها على شيء. أن الشرر متتابعة كالجمال. أن العرب اعتقدوا أن الجمال في ملك الجمال، وتمام النعم في حصول النعم، ففي الآية إشارة إلى أنكم كنتم تعدون الجمال في الجمال فخذوا هذه الشرارات- وفي هذا تهكم - أن الإبل إذا نفرت وشردت متتابعة نال من وقع فيها بينها بلاء شديد، فتشبيه الشرر بها يفيد كمال الضرر. أن القصر والجمالات ذات حجم كبير وثقل عظيم، والتشبيه بها أقوى في ثبوت وصفي العظم والصفرة. أن الإنسان إنما يكون طيب العيش إذا كان وقت الانطلاق راكبا، ووقت النزول راقدا في الظل، فكأنه قد قيل في الآية- على سبيل التهكم- مركوبكم هذه الجمالات من الشرر، وظلكم في مثل هذا القصر. أن تطاير القصر في الهواء عجيب ورهيب. وأن سقوطه فظيع ومفزع..
﴿ كأنه جمالة صفر ( ٣٣ ) ﴾
وليس الشرر عظيما وكبيرا فحسب بل مع ضخامته يسرع في الاندفاع والسقوط والتفرق كأنه الإبل المصفرة أو القاتمة الضارب لونها إلى السواد.
[ وقرأ الجمهور ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ﴿ جمالات ﴾ بكسر الجيم وبالألف والتاء : جمع جمال أو جمالة بكسر الجيم فيهما، فيكون جمع الجمع، أو جمع اسم الجمع، والمعنى على ما سمعت ]١.
١ - ما بين العارضتين أورده صاحب روح المعاني..
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٣٤ ) هذا يوم لا ينطقون ( ٣٥ ) ﴾
يوم يعرضون على النار ويلقون فيها لا يتكلمون. ولا تعارض بين هذا وبين ما جاء في سورة المجادلة :﴿ يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم... ﴾١وكذا ما جاء في سورة النحل من قوله – تبارك اسمه- :﴿ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها.. ﴾٢ فإن هذا وقت دخولهم النار، وما جاء في الآيتين المشار إليهما يكون في وقت آخر من يوم القيامة، ففي أوقات منه ينطقون، وفي أوقات أخر لا ينطقون. ﴿ .. وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾٣.
١ - من الآية ١٨..
٢ - من الآية ١١١..
٣ - سورة الحج. من الآية ٤٧..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٣٤ ) هذا يوم لا ينطقون ( ٣٥ ) ﴾
يوم يعرضون على النار ويلقون فيها لا يتكلمون. ولا تعارض بين هذا وبين ما جاء في سورة المجادلة :﴿ يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم... ﴾١وكذا ما جاء في سورة النحل من قوله – تبارك اسمه- :﴿ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها.. ﴾٢ فإن هذا وقت دخولهم النار، وما جاء في الآيتين المشار إليهما يكون في وقت آخر من يوم القيامة، ففي أوقات منه ينطقون، وفي أوقات أخر لا ينطقون. ﴿.. وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾٣.
١ - من الآية ١٨..
٢ - من الآية ١١١..
٣ - سورة الحج. من الآية ٤٧..

﴿ ولا يؤذن لهم فيعتذرون ( ٣٦ ) ﴾
لا يأذن الله الواحد القهار للكفار الفجار بعد إذ صاروا في النار في الاعتذار، كما جاء في الآية الكريمة ﴿ .. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾١.
نقل عن الجنيد : أي عذر لمن أعرض عن منعمه وجحده، وكفر أياديه ونعمه ؟ ! !
وقال الفراء في قوله تعالى :﴿ ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾ الفاء نسق أي عطف على ﴿ يؤذن ﴾، وأجيز ذلك لأن أواخر الكلام بالنون... وقد قال : لا يقضي عليهم فيموتوا بالنصب وكله صواب، ومثله :﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه ﴾٢ بالنصب والرفع.
١ - سورة المؤمنون. من الآية ١٠٨..
٢ - سورة الحديد. من الآية ١١..
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٣٧ ) هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين ( ٣٨ ) ﴾
ويوم الحساب يوم الحق يقال للمعاندين الجاحدين : هذا يوم القضاء والحاقة، والواقعة الخافضة الرافعة، يتمايز المكلفون بحسب ما قدموا في دنياهم، وكلهم مجموعون ليوم الدين، الأوائل والأواخر١.
﴿ .. وحشرناهم فلم تغادر منهم أحدا ﴾٢
١ - قال ابن عباس. جمع الذين كذبوا محمدا والذين كذبوا النبيين من قبله..
٢ - سورة الكهف. من الآية ٤٧..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٣٧ ) هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين ( ٣٨ ) ﴾
ويوم الحساب يوم الحق يقال للمعاندين الجاحدين : هذا يوم القضاء والحاقة، والواقعة الخافضة الرافعة، يتمايز المكلفون بحسب ما قدموا في دنياهم، وكلهم مجموعون ليوم الدين، الأوائل والأواخر١.
﴿.. وحشرناهم فلم تغادر منهم أحدا ﴾٢
١ - قال ابن عباس. جمع الذين كذبوا محمدا والذين كذبوا النبيين من قبله..
٢ - سورة الكهف. من الآية ٤٧..

﴿ فإن كان لكم كيد فكيدون ( ٣٩ ) ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٠ ) ﴾
فإن استطعتم أن تحتالوا وتمكروا لتخرجوا مما أنتم فيه [ فاحتالوا لأنفسكم وقاووني ولن تجدوا ذلك. وقيل :﴿ فإن كان لكم كيد ﴾ أي قدرتم على حرب ﴿ فكيدوني ﴾ أي حاربوني. كذا روى الضحاك عن ابن عباس ]١.
١ - ما بين العارضتين أورده القرطبي جـ ١٩ ص ١٦٦..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٩:﴿ فإن كان لكم كيد فكيدون ( ٣٩ ) ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٠ ) ﴾
فإن استطعتم أن تحتالوا وتمكروا لتخرجوا مما أنتم فيه [ فاحتالوا لأنفسكم وقاووني ولن تجدوا ذلك. وقيل :﴿ فإن كان لكم كيد ﴾ أي قدرتم على حرب ﴿ فكيدوني ﴾ أي حاربوني. كذا روى الضحاك عن ابن عباس ]١.
١ - ما بين العارضتين أورده القرطبي جـ ١٩ ص ١٦٦..

﴿ إن المتقين في ظلال وعيون ( ٤١ ) وفواكه مما يشتهون ( ٤٢ ) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ( ٤٣ ) ﴾
وهذه الآيات المباركة الثلاثة تبشر بما أعد الله- تبارك اسمه- للمؤمنين من عز وتكريم، وسلامة ونعيم، فجاء الوعد فيها من البر الرحيم مؤكدا- ووعده لا يخلف- إن الذين توقوا غضبه ومعاصيه يتبوؤن يوم الجزاء مقاعد الصدق في ظل ظليل، ومن حولهم تنفجر العيون بالماء العذب السلسبيل، ويطعمون أحب الطعام إليهم، ويتفكهون بما يحبون من فاكهة، ويكرمون بالتهنئة من لدن الملأ الأعلى، أو من المولى سبحانه : كلوا واشربوا هانئين خالدين جزاء بعملكم الصالح الذي قدمتموه ﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾١.
١ - سورة الرعد. الآية ٢٤..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:﴿ إن المتقين في ظلال وعيون ( ٤١ ) وفواكه مما يشتهون ( ٤٢ ) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ( ٤٣ ) ﴾
وهذه الآيات المباركة الثلاثة تبشر بما أعد الله- تبارك اسمه- للمؤمنين من عز وتكريم، وسلامة ونعيم، فجاء الوعد فيها من البر الرحيم مؤكدا- ووعده لا يخلف- إن الذين توقوا غضبه ومعاصيه يتبوؤن يوم الجزاء مقاعد الصدق في ظل ظليل، ومن حولهم تنفجر العيون بالماء العذب السلسبيل، ويطعمون أحب الطعام إليهم، ويتفكهون بما يحبون من فاكهة، ويكرمون بالتهنئة من لدن الملأ الأعلى، أو من المولى سبحانه : كلوا واشربوا هانئين خالدين جزاء بعملكم الصالح الذي قدمتموه ﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾١.
١ - سورة الرعد. الآية ٢٤..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:﴿ إن المتقين في ظلال وعيون ( ٤١ ) وفواكه مما يشتهون ( ٤٢ ) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ( ٤٣ ) ﴾
وهذه الآيات المباركة الثلاثة تبشر بما أعد الله- تبارك اسمه- للمؤمنين من عز وتكريم، وسلامة ونعيم، فجاء الوعد فيها من البر الرحيم مؤكدا- ووعده لا يخلف- إن الذين توقوا غضبه ومعاصيه يتبوؤن يوم الجزاء مقاعد الصدق في ظل ظليل، ومن حولهم تنفجر العيون بالماء العذب السلسبيل، ويطعمون أحب الطعام إليهم، ويتفكهون بما يحبون من فاكهة، ويكرمون بالتهنئة من لدن الملأ الأعلى، أو من المولى سبحانه : كلوا واشربوا هانئين خالدين جزاء بعملكم الصالح الذي قدمتموه ﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾١.
١ - سورة الرعد. الآية ٢٤..

﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ( ٤٤ ) ﴾
استيقنوا أننا نجزي من أحسن مثل ذلك الجزاء العظيم لا جزاء أقل منه.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٥ ) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ( ٤٦ ) ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٧ ) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ( ٤٨ ) ﴾
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٥ ) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ( ٤٦ ) ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٧ ) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ( ٤٨ ) ﴾
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٥ ) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ( ٤٦ ) ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٧ ) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ( ٤٨ ) ﴾
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٥ ) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ( ٤٦ ) ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٧ ) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ( ٤٨ ) ﴾
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.

﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٩ ) فبأي حديث بعده يؤمنون ( ٥٠ ) ﴾
يومذاك يشتد العذاب ويمتد ويخلد ويتأبد للذين كذبوا رسل الله، وأعرضوا وصدوا عما بلغوا من أمر الله إياهم ونهيه لهم. فإذا لم يصدقوا بالقرآن الحكيم وما فيه مع صحة سلطانه، وقيام حجته وتمام برهانه، فبأي خبر يؤمنون ؟ !
يقول الطبري :.. أعلمهم- تعالى ذكره- أنهم لم يصدقوا بهذه الأخبار التي أخبرهم بها في هذا القرآن مع صحة حجته على حقيقته، لم يمكنهم الإقرار بحقيقة شيء من الأخبار التي لم يشاهدوا المخبر عنه ولم يعاينوه وأنهم إن صدقوا بشيء مما غاب عنهم لدليل قام عليهم لزمهم مثل ذلك في أخبار هذا القرآن، والله أعلم.
روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قرأ منكم ﴿ والتين والزيتون ﴾ إلى آخرها ﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ فليقل بلى وإنا على ذلكم من الشاهدين، ومن قرأ ﴿ لا أقسم بيوم القيامة ﴾ فانتهى إلى ﴿ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموت ﴾ فليقل بلى، ومن قرأ ﴿ المرسلات ﴾ فبلغ ﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾ فليقل آمنا بالله ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٩:﴿ ويل يومئذ للمكذبين ( ٤٩ ) فبأي حديث بعده يؤمنون ( ٥٠ ) ﴾
يومذاك يشتد العذاب ويمتد ويخلد ويتأبد للذين كذبوا رسل الله، وأعرضوا وصدوا عما بلغوا من أمر الله إياهم ونهيه لهم. فإذا لم يصدقوا بالقرآن الحكيم وما فيه مع صحة سلطانه، وقيام حجته وتمام برهانه، فبأي خبر يؤمنون ؟ !
يقول الطبري :.. أعلمهم- تعالى ذكره- أنهم لم يصدقوا بهذه الأخبار التي أخبرهم بها في هذا القرآن مع صحة حجته على حقيقته، لم يمكنهم الإقرار بحقيقة شيء من الأخبار التي لم يشاهدوا المخبر عنه ولم يعاينوه وأنهم إن صدقوا بشيء مما غاب عنهم لدليل قام عليهم لزمهم مثل ذلك في أخبار هذا القرآن، والله أعلم.
روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قرأ منكم ﴿ والتين والزيتون ﴾ إلى آخرها ﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ فليقل بلى وإنا على ذلكم من الشاهدين، ومن قرأ ﴿ لا أقسم بيوم القيامة ﴾ فانتهى إلى ﴿ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموت ﴾ فليقل بلى، ومن قرأ ﴿ المرسلات ﴾ فبلغ ﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾ فليقل آمنا بالله ).


مما أورد صاحب روح المعاني : لما أوجز في سورة الإنسان في ذكر أحوال الكفار في الآخرة وأطنب في وصف أحوال المؤمنين فيها عكس الأمر في هذه السورة... وتسمى سورة العرف، وهي مكية. فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه سورة ﴿ المرسلات عرفا ﴾ فإنه ليتلوها، وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها، إذ خرجت علينا حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( اقتلوها ) فابتدرناها فسبقتنا فدخلت حجرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( وقيت شركم كما وقيتم شرها )... ومناسبتها لما قبلها أنه سبحانه لما قال فيما قبل :﴿ يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ﴾ افتتح هذه بالإقسام على ما يدل على تحقيقه وذكر وقته وأشراطه، وقيل إنه سبحانه أقسم على تحقيق جميع ما تضمنته السورة السابقة من وعيد الكافرين الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
Icon