تفسير سورة الليل

تيسير التفسير
تفسير سورة سورة الليل من كتاب تيسير التفسير .
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الليل مكية وآياتها إحدى وعشرون، نزلت بعد سورة الأعلى.
وقد بدأت السورة بأقسام ثلاثة على أن أعمال الناس مختلفة : بعضها هدى وبعضها ضلال. فمن أنفق واتقى وصدّق بالجنة التي أعدّها الله للأبرار يسّره الله لليسرى. ومن بخل واستغنى وكذّب بالآخرة والجنة التي ونعيمها فمصيره الشقاء الأبديّ، ويومئذ لا يُغني عنه ماله إذا هلك. ثم حذّرت أهل مكة من عذاب الله وانتقامه، وأنذرتهم نارا حامية. وخُتمت بذكر نموذج للمؤمن الصالح الذي ينفق ماله في سبيل الله ليزكّي نفسه ويصونها من عذاب الله.

يغشى : يغطي، يعمّ ظلامه.
يقسِم الله تعالى بهذه الظواهرِ المتقابلة في الكون، وفي الناس، أنَّ سَعْيَ الناسِ مختلفٌ، وطُرُقَهم مختلفة. وهو يقسم باللّيل حين يغشَى البسيطة ويغمرها بظلامه.
تجلّى : ظهر وسطع ضوؤه.
وبالنهارِ حين يتجلّى ويظهرُ في تجلّيه كلُّ شيء.
الذكَر والأنثى : إن هذين الصنفين هما أصل حفظ النوع.
وبالله القادرِ الذي خلقَ الزوجَين : الذكر والأنثى.
إن أعمالكم أيها الناس لمختلفة، بعضها ضَلالٌ يستحقّ العذابَ، وبعضُها هدىً ونورٌ يستحق النعيم.
أعطى : بذل ماله.
اتقى : ابتعد عن الشر وعمل بما يرضي الله.
بعد أن أشار إلى اختلاف أعمالِ الناس في أنواعها وصفاتها، أَخذَ يفصّل هذا الاختلافَ ويبين عاقبَةَ كلٍ منها : فأما من أنفقَ في سبيل الله وخافَ ربَّه واتقاه.
الحسنى : كل عمل خير، والجنة.
وصدَّق بإخلاصٍ بالفضيلة الحسنى، ( وهي الإيمانُ بالله عن عِلم ).
اليسرى : ما يؤدي إلى الراحة والنعيم.
فسنهيّئُه إلى اليُسر والراحة بتوجيهِه إلى الخير. ومن يسَّره الله لليُسرى فقد وَصَل وسَلم.
استغنى : عن عبادة الله وبخل بماله.
وأما من بخِل بماله، واستغنى عن ربّه وهُداه.
وكذّب بدعوتِه ودينه.
للعسرى : كل ما يؤدي إلى العذاب.
فإن الله تعالى يُعسِّر عليه كلَّ شيء، ويَحْرِمه التيسير، ويكونُ من أهل الشقاءِ الأبدي.
تردّى : هلك.
لن ينفعَه ماله إذا هلك وهوى في نارِ جهنم.
ثم تحدّث عن مصير كل فريق، وأن ما يلاقيه كلُّ فريقٍ من عاقبة ٍومن جزاء هو عدلٌ وحق.
إن علينا بمقتضى حِكمتنا أن نبين للخلقِ طريقَ الهدى.
وإن لنا وحدَنا أمرَ التصرف في الدارَيْن : الدنيا والآخرة.
تلظّى : أصلها تتلظى، تلتهب ومنه لظى، اسم من أسماء جهنم.
فبعدَ هذا البيانِ أحذّركم من نار جهنم التي تلتهب.
يصلاها : يحترق بها.
لا يدخُلها على صفةِ الدوام إلا الكافر.
الذي كذّب بالحق وأعرضَ عن آيات ربّه.
وسيجنَّبُها الأتقى : يبعد عنها.
وسيُبْعَد عن نار جهنم التقيُّ النقيُّ المخلِص في إيمانه.
يتزكى : يتطهر.
الّذي ينفق مالَه في وجوه الخير ليطهِّر نفسَه من رِجْسِ البخل.
من نعمة تُجزى : من نعمة يكافأ بها.
وهذا المؤمنُ الصادق الإيمانِ لا ينفق شيئاً من ماله رِئاءَ الناس، وإنما يُنفق من مالِه وليس لأحد عنده يدٌ سابقة يحبُّ أن يجازيَه بها.
ابتغاء وجه ربه : طلب رضاه وثوابه.
فهو ينفق لوجهِ الله وابتغاءَ مرضاتِه.
ولسوف ينالُ من ربه ما يبتغيه على أكملِ الوجوه حتى يتحقَّق له الرضا. وهو وعدٌ كريم من ربّ رحيم..
Icon