تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن
.
لمؤلفه
حسنين مخلوف
.
المتوفي سنة 1410 هـ
مكية، وآيتها تسع
بسم الله الرحمان الرحيم
ويل لكل همزة لمزة ( ١ ) الذي جمع مالا وعدده ( ٢ ) يحسب أن ماله أخلده ( ٣ ) كلا لينبذن في الحطمة ( ٤ ) وما أدراك ما الحطمة ( ٥ )
بسم الله الرحمان الرحيم
ويل لكل همزة لمزة ( ١ ) الذي جمع مالا وعدده ( ٢ ) يحسب أن ماله أخلده ( ٣ ) كلا لينبذن في الحطمة ( ٤ ) وما أدراك ما الحطمة ( ٥ )
ﰡ
﴿ ويل ﴾ عذاب ومهلكة، أو واد في جهنم. ﴿ لكل همزة لمزة ﴾ أي مكثر من الهمز واللمز، وهو الذي دأبه أن يعيب الناس، ويثلم أعراضهم، ويطعن فيهم، ويمشى بينهم بالنميمة والإفساد. فالهمزة واللمزة بمعنى واحد، وهما من باب ضرب ونصر. وقيل : الهمزة : الذي يعيب في الحضور، واللمزة : الذي يعيب في الغيبة، وقيل بالعكس. وقيل : الهمزة : الذي يضرب باليد ويغمز بالعين، واللمزة : الذي يلمز باللسان. ومرجع هذه الأقوال إلى أصل واحد، وهو الطعن وإظهار العيب. وأصل الهمز الكسر والعض على الشيء بعنف. وأصل اللمز : الطعن، ثم خصا بما ذكر. نزلت في الوليد بن المغيرة وأضرابه من طغاة قريش، وكانوا يهمزون النبي صلى الله عليه وسلم ويعيبونه.
﴿ الذي جمع مالا وعدده ﴾ أي عده مرة بعد أخرى ؛ حبا له وشغفا به. أو أحصاه وحافظ على عدده حتى لا ينقص، فمنعه من فعل الخيرات، أو أعده وادخره لنوائب الدهر ؛ مثل كرم وأكرم.
﴿ يحسب أن ماله أخلده ﴾ أي يعمل عمل من يظن أن ماله يخلده في الدنيا فلا يموت. والخلد – بالضم - : البقاء والدوام ؛ وبابه دخل.
﴿ كلا ﴾ ردع له عن هذا الحسبان الباطل، أو عن كل ما تضمنته الآيات السابقة من الصفات القبيحة. ﴿ لينبدن في الحطمة ﴾ جواب قسم محذوف، أي والله ليطرحن بسبب أفعاله الفاسدة في النار التي تحطم كل ما يلقى فيها ؛ من الحطم، وهو كسر الشيء كالهشم. وفسرت بقوله تعالى :﴿ نار الله الموقدة ﴾
﴿ نار الله الموقدة ﴾ أي المسعرة، الشديدة اللهب التي لا تخمد أبدا.
﴿ التي تطلع على الأفئدة ﴾ أي تعلوا أوساط القلوب وتغشاها وتحيط بها. والقلوب ألطف ما في الأجسام وأشدها تألما بأدنى أذى يمسها ؛ ولذا خصت بالذكر.
﴿ إنها عليهم مؤصدة ﴾ مطبقة مغلقة لا خلاص لهم منها أبدا. يقال : آصدت الباب، أي أغلقته [ آية ٢٠ سورة البلد. ]
﴿ في عمد ﴾ بفتحتين، وقرئ بضمتين، جمع عمود، أو اسم جمع له، أو جمع عماد، وهي أوتاد الأطباق التي على أهل النار. ﴿ ممددة ﴾ مطولة ؛ أي إن الأبواب طبقت عليهم ثم شدت بأوتاد من حديد من نار، حتى يرجع عليهم حرها فلا ينفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح. وقانا الله شرها، وأجارنا منها.
والله أعلم.
والله أعلم.