ﰡ
-[٦٨٨]- ﴿ثُمَّ كَفَرُوا﴾ ظهر كفرهم بما أبدوه من نفاقهم. أو قالوا كلمة الإيمان للمؤمنين ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ ﴿فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ غطى عليها؛ فلا تقبل الإيمان؛ بسبب نفاقهم، وكفرهم بعد إيمانهم. فالطبع على قلوبهم: كان عقوبة لهم؛ لأن كفرهم سابق على طبع الله تعالى وتغطيته على قلوبهم؛ و ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾
﴿خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ﴾ لأنهم أجرام خالية من الإيمان ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ لأنهم جبناء ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾ حقيقة ﴿فَاحْذَرْهُمْ﴾ لأنهم يشيعون الذعر في صفوف الجنود، أكثر مما يشيعه الأعداء المحاربون ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ لعنهم وطردهم من رحمته ﴿أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ كيف يصرفون عن الحق مع وضوحه؟
وفرط الرغبة في إسعادهم؛ مضحين في سبيل ذلك بأوامر ربكم، وبما فرضه عليكم من الإنفاق والبذل؛ ناسين وعده بالإخلاف والأجر؛ فلا يلهكم الإنشغال بذلك ﴿عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ تذكره، وخشيته؛ وإطعام الفقير في سبيله، وإنفاق المال على حبه ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ فيتلهى بجمع المال، وحفظه للعيال ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ لأموالهم ولآخرتهم؛ بل ولأولادهم أيضاً فكم قد رأينا من أبناء الأغنياء، من أضاع ما جمعه الآباء؛ فيما يغضب الله تعالى من الملذات والشهوات. وبعد ذلك صاروا عالة على المجتمع: يتكففون الناس، ولا يجدون قوت يومهم وما ذاك إلا من سوء نيات آبائهم، وبعدهم عن مرضات ربهم وكم قد رأينا من أبناء الفقراء: من أضحوا - بين عشية وضحاها - سادة؛ بل قادة وما ذاك إلا من اتباع آبائهم لدينهم، واستماعهم لنصح ربهم وتذكر هداك الله قول الحكيم العليم ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً﴾ فاحرص - كفيت ووقيت - على إرضاء مولاك؛ فيقيك الضر والفقر، ويحفظ عليك دينك وبدنك وعيالك؛ ويقيهم المذلة من بعدك، ويحسن دنياك وآخرتك فيا سعادة من جعل ماله ذخراً له عند ربه، وجعل الله تعالى ذخراً لولده من بعده
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ