وآياتها خمسون
كلماتها : ١٨١ ؛ حروفها : ٨١٦
ﰡ
﴿ والمرسلات عرفا ( ١ ) فالعاصفات عصفا ( ٢ ) ﴾
أقسم الله تعالى بالرياح المرسلات ﴿ عرفا١ ﴾ أي متتابعات أو تباعا فالشديدات الهبوب السريعات مرورا.
نقل عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ما حاصله : الرياح العواصف تأتي بالعصف، وهو ورق الزرع وحطامه، كما قال تعالى :﴿ جاءتها ريح عاصف... ﴾.
ويقال : عصف بالشيء أي أباده وأهلكه، وعصفت الحرب بالقوم أي ذهبت بهم.
وأقسم سبحانه بالملائكة التي تنزل بوحيه- تبارك اسمه- ناشرة١ أجنحتها، فتأتي شرائع ربنا فارقة بين الحق والباطل وبين الحلال والحرام، فتلقى في القلوب ذكرا لله تعالى، وخشية منه، وتذكر للقائه ووعيده، واستقامة على طاعته، وتسبيحه وتمجيده، وكل موعظة واعتبار٢.
نقل عن علماء القرآن : وجمهور المفسرين على أن المرسلات : الرياح، لكن روى عن عبد الله : هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي. وقيل : هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله، قاله ابن عباس. وعن أبي صالح : هي الرسل ترسل بالمعروف.
يقول ابن جرير : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا، وقد ترسل عرفا الملائكة، وترسل كذلك الرياح، ولا دلالة تدل على أن المعنى بذلك أحد الحزبين دون الآخر، وقد عم –جل ثناؤه- بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف، فكل من كان صفته كذلك فداخل في قسمه ذلك، ملكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسلا.
٢ - نقل صاحب تفسير غرائب القرآن ما حاصله: الكلمات- يعني الآيات- الخمس في أول هذه السورة يحتمل أن يكون المراد جنسا واحدا أو أجناسا مختلفة؛ الأول: أنها الملائكة... أرسلهم بأوامره متتابعين وعقيب لأمر عصفن إلى امتثال الأمر... وعند انحطاطهن بالوحي نشرن أجنحتهن، أو نشر الشرائع... أو أحيين النفوس الميتة بما أوحين، ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرا إلى الانبياء...
الثاني: أنها الرياح. أقسم الله سبحانه برياح عذاب أرسلهن متتابعات فعصفن، ورياح رحمة نشرن السحاب ففرقن بينه... فصرن سببا في حصول الذكر، لأن الإنسان العاقل إذا شاهد ذلك التجأ إلى ذكر الله والتضرع.
الثالث: أنها القرآن وآياته أرسلت متتابعة وبكل معروف، فعصفت بسائر الملل والكتب ونسختها، ونشرن بعد ذلك آثار الحكم وأنوار الهداية ففرقن بين الحق والباطل، وألقت الذكر والشرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأمته.. المنقول عن الزجاج أن الثلاث الأولى هي الرياح والباقيتان الملائكة. أو: الأولان هما الرياح والثلاثة الأخيرة هي الملائكة. أو الأولى ملائكة الرحمة، والثانية ملائكة العذاب والباقية آيات القرآن....
أرسل الله تعالى الرسل، وأنزل الملائكة بوحيه وكتبه، ليعذر سبحانه إليكم أيها الناس :﴿ .. أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير.. ﴾١ ﴿ .. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى.. ﴾٢ ﴿ .. لئلا يكون للناس على الله حجة.. ﴾٣ و﴿ أو ﴾ للتنويع لا للترديد فهي بمعنى الواو.
روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :﴿ عذرا ﴾ ما يلقيه الله جل ثناءه من معاذير أوليائه وهي التوبة ﴿ أو نذر ﴾ ينذر أعداءه- يحذرهم ويخوفهم-.
٢ - سورة الأنعام. من الآية ١٥٧..
٣ - سورة النساء. من الآية ١٦٥..
إن الذي وعدكم الله تعالى لحاصل وآت، وسيجيء ويقع، لا شك في ذلك. واللفظ صالح لأن يراد كل موعود خيرا أو شرا عاجلا أو آجلا، لكن ربما يكون المراد به يوم القيامة، لأن الآيات التالية كلها تصف أهوال اليوم الآخر. وهذه الآية جواب ما تقدم من القسم.
يقول الألوسي :( ما ) – من ﴿ إنما ﴾ – موصولة، و[ إن ] كتبت موصولة، والعائد محذوف، أي : إن الذي توعدونه من مجيء القيامة كائن لا محالة.
هذا من أطوار انتهاء الحياة الدنيا، وخراب هذا الكون، فإذا انطفأ نور النجوم أو أذهبها الله تعالى، فذلك من يوم الصاخة يوم الطامة الكبرى.
يقال : طمس الشيء إذا درس وطمس فهو مطموس، والرياح تطمس الآثار فتكون الريح طامسة، والأثر طامسا بمعنى : مطموس.
تمزقت وفتحت وشقت وتهاوت فسقطت.
تطايرت صخورها وبست، وتفرقت أجزاؤها كالكثيب المهيل تذروها الرياح حتى تصير كالصوف المتناثر المتفرق، فإذا بأماكنها مسواة.
وافت للميقات الذي وعدت ووعدته أممهم وبلغته.
استفهام يراد به التعجيب، كأن المعنى : لأي يوم أخرت أهوال الآخرة، ونكال الله بالمكذبين ؟ ! وفيه تهويل لعسر هذا اليوم وبلائه.
كأنه إجابة على ما تضمنته الآية السابقة من سؤال : أخرت الأهوال والنكال ليوم يقضي الله فيه بين العباد، ويفصل بينهم١.
تعظيم لأحوال اليوم وعسره بعد تعظيم. بمعنى : أي شيء أعلمك بيوم الحساب يوم نأخذ للمظلوم من ظالمه، وننجي المتقي بمفازته ؟ !
يقول اللغويون :﴿ ما ﴾ الأولى : مبتدأ، و﴿ أدراك ﴾ خبره، و﴿ ما ﴾ الثانية خبر مقدم، و﴿ يوم ﴾ مبتدأ مؤخر. بمعنى : يوم الفصل يوم عظيم عجيب لا يقادره قدره، ولا يكتنه كنهه، ووضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التفظيع والتهويل.
واد في جهنم لمن لم يؤمن بكلمات الله تعالى ورسالاته.
وكررت تسع مرات في هذه السورة للتوكيد والتقرير.
والويل في الأصل : مصدر الهلاك، وأريد به هنا الدعاء.
يقول أبو جعفر الطبري : الوادي الذي يسيل في جهنم من صديد أهلها للمكذبين...
ويقول أبو عبد الله القرطبي : عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل، فهو وعيد، وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب، لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم، فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشي آخر، ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره، لأنه أقبح في تكذيبه، وأعظم في الرد على الله، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك، وعلى قدر وفاقه.. ١
ألم نقتل الأقوام السابقين الأقدمين كقوم نوح وقوم هود وقوم صالح ؟
ثم أهلكنا بعدهم أقواما جاءوا من بعدهم، وعتوا كعتوهم مثل قوم لوط وقوم شعيب وقوم موسى ؟ !
كالذي أنفذناه في أولئك نمضي بأسنا وبطشتنا وانتقامنا من كل مجرم مسيء مفسد. ﴿ سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا ﴾١.
ولعل المراد : سنتنا جارية على ذلك
العذاب الغليظ يوم الحسرة للمكذبين بالرسل، والآيات الثلاث السابقات لبيان ما يحل بالمجرمين السابقين واللاحقين من خزي الدنيا.
أليس أصلك إذ كنت جنينا قدر يسير صغير ضعيف من ماء الأب والأم ؟ !
بلى !
فأقررناه- إذ نشاء- في مكان حصين يحرزه ويقيه- على ما فيه من ضعف- أن يستكن ويتطور إلى الأمد الذي نريد، وذاك القرار الحريز يكون في رحم الأم.
إلى حين نخرجه طفلا، أو ننزله سقطا.
فجعلنا كل طور من أطواره، وكل دور من أدوار حياته بمقدار تقتضيه الحكمة والرحمة، ودقة الصنع، وإتقانه وإبداعه، لا يساوينا في ذلك مساو.
نقل عن عكرمة : معناه : فملكنا فنعم المالكون.
وكل هذه من البرهان والعلامات على اقتدار الله تعالى وأفضاله الماثلة في الأنفس.
بالذي خلق فسوى وقدر فهدى، وبأن أصلهم من ماء مهين.
[ توبيخ وتخويف من وجهين، أحدهما : أن النعمة كلما كانت أعظم كان نكرانها أفحش والثاني : أن القادر على الإبداء أقدر على الإعادة، فالمنكر لهذا الدليل الواضح يستحق غاية التوبيخ ]١.
يمكن أن يراد بالاستفهام هنا التقرير : ألسنا قد صيرنا الأرض كالوعاء تضمكم أحياء وأمواتا، في الحالين هي حاوية لكم، على ظهرها أو في بطنها ؟ ! بلى.
[ ألم نجعل الأرض كفات أحياءكم وأمواتكم ؟، تكفت أحياءكم في المساكن والمنازل فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتكم في بطونها في القبور فيدفنون فيها. وجائز أن يكون عني بقوله :﴿ .. كفاتا. أحياء وأمواتا ﴾ تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم ].
و﴿ أحياء وأمواتا ﴾ ربما كان نصبهما على نزع الخافض، فكأن التركيب : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأموات، فإذا نونت ﴿ كفاتا ﴾ نصبت ما بعدها.
يمكن أن يراد بالاستفهام هنا التقرير : ألسنا قد صيرنا الأرض كالوعاء تضمكم أحياء وأمواتا، في الحالين هي حاوية لكم، على ظهرها أو في بطنها ؟ ! بلى.
[ ألم نجعل الأرض كفات أحياءكم وأمواتكم ؟، تكفت أحياءكم في المساكن والمنازل فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتكم في بطونها في القبور فيدفنون فيها. وجائز أن يكون عني بقوله :﴿.. كفاتا. أحياء وأمواتا ﴾ تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم ].
و﴿ أحياء وأمواتا ﴾ ربما كان نصبهما على نزع الخافض، فكأن التركيب : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأموات، فإذا نونت ﴿ كفاتا ﴾ نصبت ما بعدها.
وثبتنا في الأرض ما يرسيها من الجبال الطوال- حتى لا تميل وتهتز بكم- ومنحناكم السقيا ماء عذبا.
[ خلقناه في أصولها، وأجريناه لكم منها في أنهار، وأنبعناه في منابع تستمد مما استودعناه فيها، وقد يفسر بما هو أعم من ذلك، والماء المنزل من السماء ]١.
العذاب لمن كذب بنعم الله تعالى العظيمة المنبثة في آفاق الكون.
ثم عادت الآيات إلى بيان أهوال الآخرة ونكالها، عندئذ يقال للجاحدين الكافرين ويصاح بهم : سيروا مسرعين إلى العذاب الذي كنتم تجحدون تحققه وحصوله إذ كنتم أحياء.
سيروا مسرعين إلى دخان متشعب، والدخان إذا ارتفع تشعب.
مما أورد صاحب روح المعاني : وخصوصية الثلاث... لأن تكذيبهم بالعذاب يتضمن تكذيب الله تعالى وتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك ثلاثة تكذيبات ؛ واعتبر بعضهم التكذيب بالعذاب أصلا والشعب الثلاث : التكذيبان المذكوران وتكذيب العقل الصريح.
ليس بمظلل لكم هذا الظل- والناس يعرفون ظل الدنيا يقي الحر- فذلك كالتهكم بهم، وليس يمنع عنهم ألسنتهم اللهب ولا يدفعها ولا يبعدها.
إن النار المستعرة تقذف الكفار الفجار بقطع تتناثر منها وتتطاير، الشرارة الواحدة منها كالدار الكبيرة والبناء العالي١.
وليس الشرر عظيما وكبيرا فحسب بل مع ضخامته يسرع في الاندفاع والسقوط والتفرق كأنه الإبل المصفرة أو القاتمة الضارب لونها إلى السواد.
[ وقرأ الجمهور ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ﴿ جمالات ﴾ بكسر الجيم وبالألف والتاء : جمع جمال أو جمالة بكسر الجيم فيهما، فيكون جمع الجمع، أو جمع اسم الجمع، والمعنى على ما سمعت ]١.
يوم يعرضون على النار ويلقون فيها لا يتكلمون. ولا تعارض بين هذا وبين ما جاء في سورة المجادلة :﴿ يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم... ﴾١وكذا ما جاء في سورة النحل من قوله – تبارك اسمه- :﴿ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها.. ﴾٢ فإن هذا وقت دخولهم النار، وما جاء في الآيتين المشار إليهما يكون في وقت آخر من يوم القيامة، ففي أوقات منه ينطقون، وفي أوقات أخر لا ينطقون. ﴿ .. وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾٣.
٢ - من الآية ١١١..
٣ - سورة الحج. من الآية ٤٧..
يوم يعرضون على النار ويلقون فيها لا يتكلمون. ولا تعارض بين هذا وبين ما جاء في سورة المجادلة :﴿ يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم... ﴾١وكذا ما جاء في سورة النحل من قوله – تبارك اسمه- :﴿ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها.. ﴾٢ فإن هذا وقت دخولهم النار، وما جاء في الآيتين المشار إليهما يكون في وقت آخر من يوم القيامة، ففي أوقات منه ينطقون، وفي أوقات أخر لا ينطقون. ﴿.. وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾٣.
٢ - من الآية ١١١..
٣ - سورة الحج. من الآية ٤٧..
لا يأذن الله الواحد القهار للكفار الفجار بعد إذ صاروا في النار في الاعتذار، كما جاء في الآية الكريمة ﴿ .. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾١.
نقل عن الجنيد : أي عذر لمن أعرض عن منعمه وجحده، وكفر أياديه ونعمه ؟ ! !
وقال الفراء في قوله تعالى :﴿ ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾ الفاء نسق أي عطف على ﴿ يؤذن ﴾، وأجيز ذلك لأن أواخر الكلام بالنون... وقد قال : لا يقضي عليهم فيموتوا بالنصب وكله صواب، ومثله :﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه ﴾٢ بالنصب والرفع.
٢ - سورة الحديد. من الآية ١١..
ويوم الحساب يوم الحق يقال للمعاندين الجاحدين : هذا يوم القضاء والحاقة، والواقعة الخافضة الرافعة، يتمايز المكلفون بحسب ما قدموا في دنياهم، وكلهم مجموعون ليوم الدين، الأوائل والأواخر١.
﴿ .. وحشرناهم فلم تغادر منهم أحدا ﴾٢
٢ - سورة الكهف. من الآية ٤٧..
ويوم الحساب يوم الحق يقال للمعاندين الجاحدين : هذا يوم القضاء والحاقة، والواقعة الخافضة الرافعة، يتمايز المكلفون بحسب ما قدموا في دنياهم، وكلهم مجموعون ليوم الدين، الأوائل والأواخر١.
﴿.. وحشرناهم فلم تغادر منهم أحدا ﴾٢
٢ - سورة الكهف. من الآية ٤٧..
فإن استطعتم أن تحتالوا وتمكروا لتخرجوا مما أنتم فيه [ فاحتالوا لأنفسكم وقاووني ولن تجدوا ذلك. وقيل :﴿ فإن كان لكم كيد ﴾ أي قدرتم على حرب ﴿ فكيدوني ﴾ أي حاربوني. كذا روى الضحاك عن ابن عباس ]١.
فإن استطعتم أن تحتالوا وتمكروا لتخرجوا مما أنتم فيه [ فاحتالوا لأنفسكم وقاووني ولن تجدوا ذلك. وقيل :﴿ فإن كان لكم كيد ﴾ أي قدرتم على حرب ﴿ فكيدوني ﴾ أي حاربوني. كذا روى الضحاك عن ابن عباس ]١.
وهذه الآيات المباركة الثلاثة تبشر بما أعد الله- تبارك اسمه- للمؤمنين من عز وتكريم، وسلامة ونعيم، فجاء الوعد فيها من البر الرحيم مؤكدا- ووعده لا يخلف- إن الذين توقوا غضبه ومعاصيه يتبوؤن يوم الجزاء مقاعد الصدق في ظل ظليل، ومن حولهم تنفجر العيون بالماء العذب السلسبيل، ويطعمون أحب الطعام إليهم، ويتفكهون بما يحبون من فاكهة، ويكرمون بالتهنئة من لدن الملأ الأعلى، أو من المولى سبحانه : كلوا واشربوا هانئين خالدين جزاء بعملكم الصالح الذي قدمتموه ﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾١.
وهذه الآيات المباركة الثلاثة تبشر بما أعد الله- تبارك اسمه- للمؤمنين من عز وتكريم، وسلامة ونعيم، فجاء الوعد فيها من البر الرحيم مؤكدا- ووعده لا يخلف- إن الذين توقوا غضبه ومعاصيه يتبوؤن يوم الجزاء مقاعد الصدق في ظل ظليل، ومن حولهم تنفجر العيون بالماء العذب السلسبيل، ويطعمون أحب الطعام إليهم، ويتفكهون بما يحبون من فاكهة، ويكرمون بالتهنئة من لدن الملأ الأعلى، أو من المولى سبحانه : كلوا واشربوا هانئين خالدين جزاء بعملكم الصالح الذي قدمتموه ﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾١.
وهذه الآيات المباركة الثلاثة تبشر بما أعد الله- تبارك اسمه- للمؤمنين من عز وتكريم، وسلامة ونعيم، فجاء الوعد فيها من البر الرحيم مؤكدا- ووعده لا يخلف- إن الذين توقوا غضبه ومعاصيه يتبوؤن يوم الجزاء مقاعد الصدق في ظل ظليل، ومن حولهم تنفجر العيون بالماء العذب السلسبيل، ويطعمون أحب الطعام إليهم، ويتفكهون بما يحبون من فاكهة، ويكرمون بالتهنئة من لدن الملأ الأعلى، أو من المولى سبحانه : كلوا واشربوا هانئين خالدين جزاء بعملكم الصالح الذي قدمتموه ﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾١.
استيقنوا أننا نجزي من أحسن مثل ذلك الجزاء العظيم لا جزاء أقل منه.
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.
تشتد حسرات الخاسرين حيث نال أعداؤهم- أهل الإيمان- ذاك الثواب العظيم، وبقواهم في العذاب الأليم، وكان يقال للذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام : كلوا وتمتعوا فإن مصيركم إلى النار، ويذكرون اليوم للتحسير والتخسير، فليس لهم إلا الويل والسعير، وكانوا إذا قيل لهم : لا إله إلا الله يستكبرون، وإذا نودوا أن تواضعوا لله واخشعوا لعظمته يأنفون ويستنكفون فلا يسلمون، ولا لأمر ربنا ينقادون.
قال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وإنما يدعون إلى السجود- هناك- كشفا لحال الناس في الدنيا، فمن كان لله يسجد تمكن من السجود، ومن كان يسجد رياء لغيره صار ظهره طبقا واحدا.
أو : إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون.
يومذاك يشتد العذاب ويمتد ويخلد ويتأبد للذين كذبوا رسل الله، وأعرضوا وصدوا عما بلغوا من أمر الله إياهم ونهيه لهم. فإذا لم يصدقوا بالقرآن الحكيم وما فيه مع صحة سلطانه، وقيام حجته وتمام برهانه، فبأي خبر يؤمنون ؟ !
يقول الطبري :.. أعلمهم- تعالى ذكره- أنهم لم يصدقوا بهذه الأخبار التي أخبرهم بها في هذا القرآن مع صحة حجته على حقيقته، لم يمكنهم الإقرار بحقيقة شيء من الأخبار التي لم يشاهدوا المخبر عنه ولم يعاينوه وأنهم إن صدقوا بشيء مما غاب عنهم لدليل قام عليهم لزمهم مثل ذلك في أخبار هذا القرآن، والله أعلم.
روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قرأ منكم ﴿ والتين والزيتون ﴾ إلى آخرها ﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ فليقل بلى وإنا على ذلكم من الشاهدين، ومن قرأ ﴿ لا أقسم بيوم القيامة ﴾ فانتهى إلى ﴿ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموت ﴾ فليقل بلى، ومن قرأ ﴿ المرسلات ﴾ فبلغ ﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾ فليقل آمنا بالله ).
يومذاك يشتد العذاب ويمتد ويخلد ويتأبد للذين كذبوا رسل الله، وأعرضوا وصدوا عما بلغوا من أمر الله إياهم ونهيه لهم. فإذا لم يصدقوا بالقرآن الحكيم وما فيه مع صحة سلطانه، وقيام حجته وتمام برهانه، فبأي خبر يؤمنون ؟ !
يقول الطبري :.. أعلمهم- تعالى ذكره- أنهم لم يصدقوا بهذه الأخبار التي أخبرهم بها في هذا القرآن مع صحة حجته على حقيقته، لم يمكنهم الإقرار بحقيقة شيء من الأخبار التي لم يشاهدوا المخبر عنه ولم يعاينوه وأنهم إن صدقوا بشيء مما غاب عنهم لدليل قام عليهم لزمهم مثل ذلك في أخبار هذا القرآن، والله أعلم.
روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قرأ منكم ﴿ والتين والزيتون ﴾ إلى آخرها ﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ فليقل بلى وإنا على ذلكم من الشاهدين، ومن قرأ ﴿ لا أقسم بيوم القيامة ﴾ فانتهى إلى ﴿ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموت ﴾ فليقل بلى، ومن قرأ ﴿ المرسلات ﴾ فبلغ ﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾ فليقل آمنا بالله ).
مما أورد صاحب روح المعاني : لما أوجز في سورة الإنسان في ذكر أحوال الكفار في الآخرة وأطنب في وصف أحوال المؤمنين فيها عكس الأمر في هذه السورة... وتسمى سورة العرف، وهي مكية. فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه سورة ﴿ المرسلات عرفا ﴾ فإنه ليتلوها، وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها، إذ خرجت علينا حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( اقتلوها ) فابتدرناها فسبقتنا فدخلت حجرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( وقيت شركم كما وقيتم شرها )... ومناسبتها لما قبلها أنه سبحانه لما قال فيما قبل :﴿ يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ﴾ افتتح هذه بالإقسام على ما يدل على تحقيقه وذكر وقته وأشراطه، وقيل إنه سبحانه أقسم على تحقيق جميع ما تضمنته السورة السابقة من وعيد الكافرين الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.