وقال عدي بن حاتم، أتيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي عنقي صليب، فقال لي :( يا عدي ألق هذا الوثن من عنقك )، وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية :﴿ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ﴾، قال : قلت يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا. قال :( بلى، أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه، ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه )، فقلت بلى، فقال :( تلك عبادتهم )٢. ( جامع بيان العلم وفضله : ٢/١٣٣ )
٢ - أخرجه الترمذي في التفسير، سورة التوبة: ٣١: ٤/٣٤٢..
قال أبو عمر : سؤال السائل لعبد الله بن عمر عن الكنز ما هو ؟ إنما كان سؤالا عن معنى قول الله تعالى :﴿ والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم( ٣٤ ) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ﴾.
وكان أبو ذر يقول : بشر أصحاب الكنوز بكي في الجباه، وكي في الجنوب، وكي في الظهور٢.
واختلف العلماء في الكنز المذكور في هذه الآية ومعناه، فجمهورهم على ما قاله ابن عمر، وعليه جماعة فقهاء الأمصار.
وأما الكنز في كلام العرب فهو المال المجتمع المخزون فوق الأرض كان أو تحتها. هذا معنى ما ذكره صاحب " العين " ٣ وغيره، ولكن الاسم الشرعي قاض على الاسم اللغوي٤. ( س : ٩/١١٩-١٢٢ )
٢ - انظر جامع البيان: ١٠/١٢٣..
٣ - انظر مادة "كنز" : ٥/٣٢١-٣٢٢.
٤ - قال ابن العربي: فنحن لا نقول: إن الشرع غير اللغة. وإنما نقول: إنه تصرف فيها تصرفها في نفسها بتخصيص بعض مسمياتها، وقصر بعض متناولاتها للأسماء، كالقارورة والدابة في بعض العقار والدواب. أحكام القرآن: ٢/٩٢٨..
قال أبو عمر : سؤال السائل لعبد الله بن عمر عن الكنز ما هو ؟ إنما كان سؤالا عن معنى قول الله تعالى :﴿ والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم( ٣٤ ) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ﴾.
وكان أبو ذر يقول : بشر أصحاب الكنوز بكي في الجباه، وكي في الجنوب، وكي في الظهور٢.
واختلف العلماء في الكنز المذكور في هذه الآية ومعناه، فجمهورهم على ما قاله ابن عمر، وعليه جماعة فقهاء الأمصار.
وأما الكنز في كلام العرب فهو المال المجتمع المخزون فوق الأرض كان أو تحتها. هذا معنى ما ذكره صاحب " العين " ٣ وغيره، ولكن الاسم الشرعي قاض على الاسم اللغوي٤. ( س : ٩/١١٩-١٢٢ )
٢ - انظر جامع البيان: ١٠/١٢٣..
٣ - انظر مادة "كنز" : ٥/٣٢١-٣٢٢.
٤ - قال ابن العربي: فنحن لا نقول: إن الشرع غير اللغة. وإنما نقول: إنه تصرف فيها تصرفها في نفسها بتخصيص بعض مسمياتها، وقصر بعض متناولاتها للأسماء، كالقارورة والدابة في بعض العقار والدواب. أحكام القرآن: ٢/٩٢٨..
٢ - أي الجهاد..
٣ - سورة التوبة: ١٢٣..
٢ - هو الجد بن قيس بن صخرين خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن تميم بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي. يكنى أبا عبد الله، كان ممن يغمص عليه النفاق من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم. انظر الاستيعاب: ١/٢٦٦..
وأما " الفقراء والمساكين " فليس في الفرق بينهما نص، ومذهبه١ يدل على أنهما عنده سواء بمعنى واحد ؛ وهم الذين يملك أحدهم ما لا يكفيه، ولا يقوم بمؤونته. وقيل : الفقير أشد حالا من المسكين، وقيل : المسكين أشد فقرا٢.
و " العاملون عليها " السعاة على الصدقات وجباتها، يدفع إليهم منها أجرة معلومة. قدر عملهم، ولا يستأجرون بجزء منها، للجهالة بقدره.
﴿ وفي الرقاب ﴾ : معناه في عتق الرقاب، فيجوز للإمام أن يشتري رقابا من مال الصدقة، ويكون ولاؤهم لجماعة المسلمين، وإن اشتراهم صاحب الزكاة وأعتقهم، جاز له، هذا تحصيل مذهب مالك. وقد روي عن مالك من رواية المدنيين وزياد عنه، أنه يعان منه المكاتب٣ في أخذ كتابته بما له، وعلى هذا أكثر العلماء في تأويل قول الله عز وجل :﴿ وفي الرقاب ﴾.
وأما ﴿ الغارمون ﴾ فهم الذين عليهم من الدين مثل ما بأيديهم من المال، أو أكثر، وهم ممن قد أدان في واجب، أو مباح، فإن كان كذلك جاز أن يعطوا من الصدقة ما يقضون به ديونهم أو بعضها، فإن لم يكن لهم أموال فهم فقراء غارمون يستحقون الأخذ بالوصفين جميعا إلا أنهم ليسوا عندنا بذوي سهمين ؛ لأن الصدقات عندنا ليست مقسومة سهاما ثمانية وغيرها، وإنما المعنى في الآية إعلام من تجوز له الصدقة، فمن وضعها في صنف من الأصناف التي ذكر الله- عز وجل- أجزأه.
وأما قوله- عز وجل- :﴿ وفي سبيل الله ﴾، فهم الغزاة وموضع الرباط، يعطون ما ينفقون في غزوهم، كانوا أغنياء أو فقراء. وهو قول أكثر العلماء، وهو تحصيل مذهب مالك- رحمه الله-، وقال ابن عمر : هم الحجاج والعمار.
﴿ وابن السبيل ﴾، كل من قطع به في سبيل بر أو سبيل سياحة، وسواء كان غنيا أو فقيرا ببلده، إذا قطع به بغير بلده دفع إليه من الصدقة ما يكفيه ويبلغه ويحل ذلك إليه، وليس عليه صرفه في وجوه الصدقة إذا عاد إلى بلده.
فهذه وجوه الصدقات المفروضات : وهي الزكاة، لا تعطى إلا لهؤلاء، ولا يجوز العدول عن جميعهم، وهم سبعة أصناف لسقوط المؤلفة، فإن فرقها صاحبها فستة أصناف، فإن قسمها عليهم، وسوى بينهم فيها كان حسنا، جائز أن يفضل منها صنف على صنف كما يجوز تفضيل شخص من الفقراء على شخص، وإن وضعها في صنف واحد غير العاملين عليها أجزاء. ( الكافي : ١١٣-١١٥. وانظر س : ٩/١٩٦-٢٢٣ )
٢ - قال ابن العربي: وأما الفقراء والمساكين، فالصحيح أنهم صنفان: ولا نبالي بما قال الناس فيهما، وهاأنا ذا أريحكم منه بعون الله؛ فإن قال قائل بأن الفقير من له شيء، والمسكين من لا شيء له، أو بعكسه، فإن من لا شيء له هو المقدم على من له شيء. فهذا المعنى ساقط لا فائدة فيه.
وأما إن قلنا: إن الفقير هو الذي لا يسأل، والمسكين هو الذي يسأل، فالذي لا يسأل أولى؛ لأن السائل أقرب إلى التفطن والغنى، والعلم به ممن لا يسأل، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا خلاف أن الزمن مقدم على الصحيح وأن المحتاج مقدم على سائر الناس، وأن المسلم مقدم على الكتابي. وقد سقط اعتبار الهجرة والتقرب بذهاب زمانهما، فلا معنى للاحتجاج على ذلك كله، والحمد لله الذي من بالمعرفة وكفانا المؤنة. أحكام القرآن: ٢/٩٧١..
٣ - الكتابة شراء العبد نفسه من سيده، بمال يكسبه العبد، فالسيد كالبائع والعبد كالمشتري وهو المكاتب. انظر القوانين الفقهية: ٣٢٦..
٢٤٥- ذكر سنيد، قال : حدثنا معمر بن سليمان عن كهمس٣، عن سعيد بن ثابت في قوله :﴿ ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ﴾-الآية، قال : إنما كان شيئا نووه في أنفسهم ولم يتكلموا به، ألم تسمع إلى قوله :﴿ أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ﴾٤. ( ت : ١١/١٩٤. وكذا في س : ١٠/٣٠٥ )
٢ - سورة التوبة: ٧٨..
٣ - هو ابن الحسن التميمي، الحنفي، البصري العابدن أبو الحسن، من كبار الثقات، حدث عن أبي الطفيل، وعبد الله بن بريدة، والحسن البصري وجماعة، وعنه ابن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع وغيرهم. توفي سنة ١٤٩هـ انظر سير أعلام النبلاء: ٦/٣١٦-٣١٧..
٤ - سورة التوبة: ٧٩..
٢ - انظر جامع البيان: ١٠/١٩-١٩٥..
وبهذين الإسنادين عن أحمد بن حنبل قال : وحدثنا هشيم عن إسماعيل ومطرف عن الشعبي، قال : هم الذين بايعوا بيعة الرضوان٢. ( المصدر السابق : ١/٣٩٢ )
٢ - أخرجه ابن جرير بسنده إلى الشعبي. انظر جامع البيان: ١١/٧..
قال أبو عمر : قد قيل إن الذنب الذي أتاه أبو لبابة، كان إشارته إلى حلفائه من بني قريظة أنه الذبح إن نزلتم على حكم سعد بن معاذ، وأشار إلى حلقه، فنزلت فيه :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم ﴾٢، ثم تاب الله عليه، فقال : يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأنخلع من مالي، فقال له رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :( يجزيك من ذلك الثلث )٣. ( المصدر السابق : ٤/١٧٤١ )
٢ - سورة الأنفال: ٢٧..
٣ - أخرجه الإمام مالك في النذور والأيمان. باب جامع الأيمان: ٢٩٩..
٢٥٠- قال أبو عمر : الأحاديث المروية في الذين يكنزون الذهب والفضة منسوخة بقوله –عز وجل- :﴿ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ﴾، قال ذلك جماعة من العلماء بتأويل القرآن، منهم : أبو عمر حفص بن عمر الضرير٤ وغيره. ( س : ٩/١٢٨-١٢٩ )
٢ - سورة البقرة: ٤٢ و٨٢ و١٠٩. والنساء: ٧٦. والنور: ٥٤. والمزمل: ١٨..
٣ - سورة فصلت: ٦..
٤ - هو حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان بن عدي بن صهبان، نزيل سامراء إمام القراء وشيخ الناس في زمانه، أول من جمع القراءات، قرأ على إسماعيل بن جعفر عن نافع، وروى عنه ابن ماجة، وأبو حاتم وغيرهما، له من التصانيف "أحكام القرآن" و"السنن"، و"ما اتفقت ألفاظه ومعانيه في القرآن"، و"فضائل القرآن"، توفي سنة ٢٤٦. انظر طبقات المفسرين للداودي: ١/١٦٥-١٦٦..
وقال ابن جريج : بنو عمرو بن عوف استأذنوا النبي- صلى الله عليه وسلم- في بنيانه، فأذن لهم، ففرغوا منه يوم الجمعة، فصلوا فيه يوم الجمعة، ويوم السبت، ويوم الأحد، وانهار يوم الاثنين في نار جهنم.
قال أبو عمر : كلام ابن جريج لا أدري ما هو ؟ والذي انهار في نار جهنم مسجد المنافقين، لا يختلف العلماء في ذلك، ولست أدري أبنو عمرو بن عوف هم، أم بنو غنم٢. وقول سعيد بن جبير في هذا مخالف لما قال ابن جريج، وسعيد بن جبير أجل. ومعلوم أن المسجد الذي كان يأتيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقباء، ليس المسجد الذي انهار في نار جهنم.
وأما قوله عز وجل :﴿ في نار جهنم ﴾، فإن أهل التفسير٣ قالوا : إنه كان يحفر ذلك الموضع الذي انهار فيخرج منه دخان. وقال بعضهم : كان الرجل يدخل فيه سعفة من سعف النخل فيخرجها سوداء محترقة، وروى عاصم بن أبي النجود، عن زرين حبيش عن ابن مسعود أنه قال : جهنم في الأرض، ثم تلا :﴿ فانهار به في جهنم ﴾.
قال أبو عمر : لا يختلفون أن مسجد الضرار بقباء، واختلفوا في المسجد الذي أسس على التقوى، وقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم- في المسجد الذي أسس على التقوى أنه مسجده٤- صلى الله عليه وسلم- وهو أثبت من جهة الإسناد عنه من قول من قال : إنه مسجد قباء. وجائز أن يكونا جميعا أسسا على تقوى الله ورضوان، بل معلوم أن ذلك كان كذلك إن شاء الله. ( س : ١٣/٢٦٦-٢٦٨ )
٢٥٢- ذكر وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، قال : أحدث قوم من أهل قباء الوضوء، وضوء الاستنجاء، فأنزل الله فيهم :﴿ وفيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾٥. ( ت : ١٣/٢٦٣-٢٦٤ )
٢٥٣- قال الشعبي : لما نزلت :﴿ فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :( يا أهل قباء ما هذا الثناء الذي أثنى الله عليكم )٦ قالوا : ما منا أحد إلا وهو يستنجي في الخلاء بالماء.
ولا خلاف أن قوله تعالى :﴿ يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، نزلت في أهل قباء لاستنجائهم بالماء ( س : ٢/٥٥ )
٢٥٤- حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المومن، قال : حدثنا محمد بن بكر الثمار، قال : حدثنا أبو داود، قال : حدثنا محمد بن العلاء، قال : حدثنا معاوية بن هشام، عن يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال :( نزلت هذه الآية في أهل قباء ) ﴿ فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، قال :( وكانوا يستنجون بالماء )٧. ( ت : ١١/٢١-٢٢ )
٢ - قال ابن جرير: وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا: خذام بن خالد بن عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب بن بني عبيد، وهو إلى بني أمية بن زيد، ومعتب ابن فشير من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة ابن الأزعر من ضبيعة بن زيد، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر وابناه، مجمع بن جارية، وزيد بن جارية، ونبتل بن الخرث، وهم من بني ضبيعة، ويخذج وهو إلى بني ضبيعة، ويجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر، جامع البيان: ١١/٢٣..
٣ - انظر جامع البيان: ١١/٣٣..
٤ - قال ابن عبد البر: حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن سلمة بن المعلى، وحدثنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا حمزة بن محمد قالا: حدثنا أحمد بن شعيب، قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قالا: أخبرنا الليث عن عمر بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد الخذري، عن أبي سعيد الخذري أنه قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم. فقال رجل: هو مسجد قباء. وقال الآخر: هو مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (هو مسجدي) التمهيد: ١٣/٢٦٨-٢٦٩..
٥ - أخرجه ابن جرير بسنده على عطاء. انظر جامع البيان: ١١/٣١..
٦ - أخرجه ابن جرير بسنده إلى الشعبي. انظر جامع البيان: ١١/٣٠.
٧ - أخرجه أبو داود في الطهارة، باب في الاستنجاء بالماء: ١/١١. والترمذي في التفسير، سورة التوبة: ١٠٩. ٤/٣٤٤..
وقال ابن جريج : بنو عمرو بن عوف استأذنوا النبي- صلى الله عليه وسلم- في بنيانه، فأذن لهم، ففرغوا منه يوم الجمعة، فصلوا فيه يوم الجمعة، ويوم السبت، ويوم الأحد، وانهار يوم الاثنين في نار جهنم.
قال أبو عمر : كلام ابن جريج لا أدري ما هو ؟ والذي انهار في نار جهنم مسجد المنافقين، لا يختلف العلماء في ذلك، ولست أدري أبنو عمرو بن عوف هم، أم بنو غنم٢. وقول سعيد بن جبير في هذا مخالف لما قال ابن جريج، وسعيد بن جبير أجل. ومعلوم أن المسجد الذي كان يأتيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقباء، ليس المسجد الذي انهار في نار جهنم.
وأما قوله عز وجل :﴿ في نار جهنم ﴾، فإن أهل التفسير٣ قالوا : إنه كان يحفر ذلك الموضع الذي انهار فيخرج منه دخان. وقال بعضهم : كان الرجل يدخل فيه سعفة من سعف النخل فيخرجها سوداء محترقة، وروى عاصم بن أبي النجود، عن زرين حبيش عن ابن مسعود أنه قال : جهنم في الأرض، ثم تلا :﴿ فانهار به في جهنم ﴾.
قال أبو عمر : لا يختلفون أن مسجد الضرار بقباء، واختلفوا في المسجد الذي أسس على التقوى، وقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم- في المسجد الذي أسس على التقوى أنه مسجده٤- صلى الله عليه وسلم- وهو أثبت من جهة الإسناد عنه من قول من قال : إنه مسجد قباء. وجائز أن يكونا جميعا أسسا على تقوى الله ورضوان، بل معلوم أن ذلك كان كذلك إن شاء الله. ( س : ١٣/٢٦٦-٢٦٨ )
٢٥٢- ذكر وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، قال : أحدث قوم من أهل قباء الوضوء، وضوء الاستنجاء، فأنزل الله فيهم :﴿ وفيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾٥. ( ت : ١٣/٢٦٣-٢٦٤ )
٢٥٣- قال الشعبي : لما نزلت :﴿ فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :( يا أهل قباء ما هذا الثناء الذي أثنى الله عليكم )٦ قالوا : ما منا أحد إلا وهو يستنجي في الخلاء بالماء.
ولا خلاف أن قوله تعالى :﴿ يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، نزلت في أهل قباء لاستنجائهم بالماء ( س : ٢/٥٥ )
٢٥٤- حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المومن، قال : حدثنا محمد بن بكر الثمار، قال : حدثنا أبو داود، قال : حدثنا محمد بن العلاء، قال : حدثنا معاوية بن هشام، عن يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال :( نزلت هذه الآية في أهل قباء ) ﴿ فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، قال :( وكانوا يستنجون بالماء )٧. ( ت : ١١/٢١-٢٢ )
٢ - قال ابن جرير: وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا: خذام بن خالد بن عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب بن بني عبيد، وهو إلى بني أمية بن زيد، ومعتب ابن فشير من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة ابن الأزعر من ضبيعة بن زيد، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر وابناه، مجمع بن جارية، وزيد بن جارية، ونبتل بن الخرث، وهم من بني ضبيعة، ويخذج وهو إلى بني ضبيعة، ويجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر، جامع البيان: ١١/٢٣..
٣ - انظر جامع البيان: ١١/٣٣..
٤ - قال ابن عبد البر: حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن سلمة بن المعلى، وحدثنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا حمزة بن محمد قالا: حدثنا أحمد بن شعيب، قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قالا: أخبرنا الليث عن عمر بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد الخذري، عن أبي سعيد الخذري أنه قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم. فقال رجل: هو مسجد قباء. وقال الآخر: هو مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (هو مسجدي) التمهيد: ١٣/٢٦٨-٢٦٩..
٥ - أخرجه ابن جرير بسنده على عطاء. انظر جامع البيان: ١١/٣١..
٦ - أخرجه ابن جرير بسنده إلى الشعبي. انظر جامع البيان: ١١/٣٠.
٧ - أخرجه أبو داود في الطهارة، باب في الاستنجاء بالماء: ١/١١. والترمذي في التفسير، سورة التوبة: ١٠٩. ٤/٣٤٤..
وقال ابن جريج : بنو عمرو بن عوف استأذنوا النبي- صلى الله عليه وسلم- في بنيانه، فأذن لهم، ففرغوا منه يوم الجمعة، فصلوا فيه يوم الجمعة، ويوم السبت، ويوم الأحد، وانهار يوم الاثنين في نار جهنم.
قال أبو عمر : كلام ابن جريج لا أدري ما هو ؟ والذي انهار في نار جهنم مسجد المنافقين، لا يختلف العلماء في ذلك، ولست أدري أبنو عمرو بن عوف هم، أم بنو غنم٢. وقول سعيد بن جبير في هذا مخالف لما قال ابن جريج، وسعيد بن جبير أجل. ومعلوم أن المسجد الذي كان يأتيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقباء، ليس المسجد الذي انهار في نار جهنم.
وأما قوله عز وجل :﴿ في نار جهنم ﴾، فإن أهل التفسير٣ قالوا : إنه كان يحفر ذلك الموضع الذي انهار فيخرج منه دخان. وقال بعضهم : كان الرجل يدخل فيه سعفة من سعف النخل فيخرجها سوداء محترقة، وروى عاصم بن أبي النجود، عن زرين حبيش عن ابن مسعود أنه قال : جهنم في الأرض، ثم تلا :﴿ فانهار به في جهنم ﴾.
قال أبو عمر : لا يختلفون أن مسجد الضرار بقباء، واختلفوا في المسجد الذي أسس على التقوى، وقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم- في المسجد الذي أسس على التقوى أنه مسجده٤- صلى الله عليه وسلم- وهو أثبت من جهة الإسناد عنه من قول من قال : إنه مسجد قباء. وجائز أن يكونا جميعا أسسا على تقوى الله ورضوان، بل معلوم أن ذلك كان كذلك إن شاء الله. ( س : ١٣/٢٦٦-٢٦٨ )
٢٥٢- ذكر وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، قال : أحدث قوم من أهل قباء الوضوء، وضوء الاستنجاء، فأنزل الله فيهم :﴿ وفيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾٥. ( ت : ١٣/٢٦٣-٢٦٤ )
٢٥٣- قال الشعبي : لما نزلت :﴿ فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :( يا أهل قباء ما هذا الثناء الذي أثنى الله عليكم )٦ قالوا : ما منا أحد إلا وهو يستنجي في الخلاء بالماء.
ولا خلاف أن قوله تعالى :﴿ يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، نزلت في أهل قباء لاستنجائهم بالماء ( س : ٢/٥٥ )
٢٥٤- حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المومن، قال : حدثنا محمد بن بكر الثمار، قال : حدثنا أبو داود، قال : حدثنا محمد بن العلاء، قال : حدثنا معاوية بن هشام، عن يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال :( نزلت هذه الآية في أهل قباء ) ﴿ فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ﴾، قال :( وكانوا يستنجون بالماء )٧. ( ت : ١١/٢١-٢٢ )
٢ - قال ابن جرير: وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا: خذام بن خالد بن عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب بن بني عبيد، وهو إلى بني أمية بن زيد، ومعتب ابن فشير من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة ابن الأزعر من ضبيعة بن زيد، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر وابناه، مجمع بن جارية، وزيد بن جارية، ونبتل بن الخرث، وهم من بني ضبيعة، ويخذج وهو إلى بني ضبيعة، ويجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر، جامع البيان: ١١/٢٣..
٣ - انظر جامع البيان: ١١/٣٣..
٤ - قال ابن عبد البر: حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن سلمة بن المعلى، وحدثنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا حمزة بن محمد قالا: حدثنا أحمد بن شعيب، قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قالا: أخبرنا الليث عن عمر بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد الخذري، عن أبي سعيد الخذري أنه قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم. فقال رجل: هو مسجد قباء. وقال الآخر: هو مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (هو مسجدي) التمهيد: ١٣/٢٦٨-٢٦٩..
٥ - أخرجه ابن جرير بسنده على عطاء. انظر جامع البيان: ١١/٣١..
٦ - أخرجه ابن جرير بسنده إلى الشعبي. انظر جامع البيان: ١١/٣٠.
٧ - أخرجه أبو داود في الطهارة، باب في الاستنجاء بالماء: ١/١١. والترمذي في التفسير، سورة التوبة: ١٠٩. ٤/٣٤٤..