تفسير سورة الإسراء

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الإسراء من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة بني إسرائيل مكية أو إلا ثمان آيات ﴿ وإن كادوا ليفتنونك ﴾ [ ٧٣ ] ﴿ سلطانا نصيرا ﴾ [ ٨٠ ] " ع ".

١ - ﴿سبحان﴾ تنزيه لله - تعالى - من السوء، أو براءة الله - تعالى - من السوء. وهو تعظيم لا يصلح لغير الله. أخذ من السبح في التعظيم وهو الجري فيه، وقيل هو هنا تعجيب أي اعجبوا للذي أسرى، لما كان مشاهدة العجب سبباً للتسبيح صار التسبيح تعجباً. ويطلق التسبيح على الصلاة. وعلى الاستثناء ﴿لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ﴾ [القلم: ٢٨]، وعلى النور " سبحات وجهه "، وعلى التنزيه، سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن التسبيح فقال: " إنزاه الله - تعالى - عن السوء ".
210
﴿بعبده﴾ : محمد [صلى الله عليه وسلم]. والسرى: سير الليل. ﴿الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ الحرم كله، أو المسجد نفسه، سرت روحه وجسده فصلى في بيت المقدس بالأنبياء ثم عرج إلى السماء ثم رجع إلى المسجد الحرام فصلى به الصبح آخر ليلته، أو لم يدخل القدس ولم ينزل عن البراق حتى عرج به ثم عاد إلى مكة، أو أسرى بروحه دون جسده فكانت رؤيا من الله - تعالى - صادقة: ﴿الأقصى﴾ لبعده من المسجد الحرام. ﴿بَارَكْنَا﴾ بالثمار ومجرى الأنهار، أو بمن جُعل حوله من الأنبياء والصالحين ﴿من آياتنا﴾ عجائبنا، أومن رأيهم من الأنبياء حتى وصفهم واحداً واحداً ﴿السَّمِيعُ﴾ لتصديقهم بالإسراء وتكذيبهم ﴿الْبَصِيرُ﴾ بما فعل من الإسراء والمعراج. ﴿وءاتينا موسى الكتاب وجعلناه هدىً لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلاً ذرّية من حملنا مع نوحٍ إنّه كان عبداً شكوراً﴾
211
٢ - ﴿وَكِيلاً﴾ : ، شريكاً، أو رباً يتوكلون عليه في أمورهم، أو كفيلاً بأمورهم.
٣ - ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا﴾ هم موسى وبنو إسرائيل: ﴿شَكُوراً﴾ نوح يحمد
211
ربه على الطعام، أو لا يستجد ثوباً إلا حمد الله على لبسه. ﴿وقضينا إلى بنى اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرّتين ولتعلنّ علوّا كبيراً فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولى بأس شديدٍ فجاسوا خلال الدّيار وكان وعداً مفعولاً ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرةٍ وليتبروا ما علوا تتبيراً عسى ربّكم أن يرحمكم وإن عدتّم عدنا وجعلنا جهنّم للكافرين حصيراً﴾
212
٤ - / ﴿وَقَضَيْنَآ﴾ أخبرنا ﴿لَتُفْسِدُنَّ﴾ بقتل الناس وأخذ أموالهم وتخريب ديارهم. ﴿عُلُوّاً﴾ : بالاستطالة والغلبة.
٥ - ﴿بَعَثْنَا﴾ خلينا بينكم وبينهم خذلاناً بظلمكم، أو أمرناهم بقتالكم ﴿عِبَاداً﴾ جالوت إلى أن قتله داود " ع " أو بختنصر، أو سنحاريب أوالعمالقة وكانوا كفاراً، أو قوم من أهل فارس يتحسسون أخبارهم. ﴿فَجَاسُواْ﴾ مشوا وترددوا بين الدور والمساكن " ع "، أو قتلوهم بين الدور والمساكن قال:
(ومنا الذي لا قى بسيف محمد فجاس به الأعداء عرض العساكر)
أو طلبوا، أو نزلوا.
٦ - ﴿الْكَرَّةَ﴾ : الظفر بهم بقتل جالوت، أو غزو ملك بابل فاستنقذوا ما بيده من الأسرى والأموال، أو أطلق لهم ملك بابل الأسرى والأموال.
212
﴿وَأَمْدَدْنَاكُم﴾ جدد عليهم النعمة فبقوا بها مائة وعشرين سنة، وبعث فيهم أنبياء.
213
٧ - ﴿لأِنفُسِكُمْ﴾ : ثواب إحسانكم ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ﴾ عاد العقاب عليكم، رغّب في الإحسان وحذر من الإساءة. ﴿وعد الآخرة﴾ : بعث عليهم بختنصر، أو انطيا خوس الرومي ملك نينوي ﴿الْمَسْجِدَ﴾ : بيت المقدس. يتبروا: يهلكوا ويدمروا، أو يهدموا ويخربوا.
٨ - ﴿يَرْحَمَكُمْ﴾ : مما حل بكم من النقمة ﴿وَإِنْ عُدتُّمْ﴾ إلى الفساد عدنا إلى الانتقام، فعادوا فبُعث عليهم المؤمنون يُذلونهم بالجزية والمحاربة إلى القيامة " ع " ﴿حصيرا﴾ فراشاً من الحصر المفترش أو حبسنا من الحصر، والملك حصير لاحتجابه. ﴿إن هذا القرءان يهدى للتى هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذاباً أليما﴾
٩ - ﴿لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ﴾ شهادة التوحيد، أو أوامره ونواهيه. وأقوم: أصوب. ﴿ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا﴾
١١ - ﴿وَيَدْعُ الإِنسَانُ﴾ إذا ضجر وغضب على نفسه وولده بالهلاك،
213
ولو أجيب كما يجاب في دعاء الخير لهلك، أو يطلب النفع عاجلاً بالضرر آجلاً. ﴿عَجُولاً﴾ بدعائه على نفسه وولده عند ضجره " ع "، أو أراد آدم نفخت الروح فيه فبلغت سرته فأراد أن ينهض عجلاً. ﴿وجعلنا الّيل والنّهار ءايتين فمحونا ءاية الّيل وجعلنا ءاية النّهار مبصرةً لتبتغوا فضلاً ومن ربّكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شىءٍ فصّلناه تفصيلاً﴾
214
١٢ - ﴿فمحونا آية الليل﴾ ظلمة الليل التي لا تبصر فيها المرئيات كما لا يبصر ما انمحى من الكتابة " ع "، أو اللطخة السوداء في القمر ليكون ضوءه أقل من ضوء الشمس ليتميز الليل من النهار. ﴿آية النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ الشمس مضيئة للإبصار، أو أهله بصراء فيه. ﴿وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلاقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضلّ فإنما يضل عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً﴾
١٣ - ﴿طائره﴾ : عمله من الخير والشر ﴿فِى عُنُقِهِ﴾ لأنه كالطوق أو حظه ونصيبه طار سهم فلان بكذا خرج نصيبه وسهمه منه.
١٤ - ﴿كِتَابَكَ﴾ كتابه: طائره الذي في عنقه ﴿حَسِيباً﴾ شاهداً، أو حاكماً عليها بعملها من خير أو شر. ولقد أنصفك من جعلك حسبياً على نفسك بعملك.
١٥ - ﴿وَلا تَزِرُ﴾ : لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، أو لا يجوز أن يعصي لمعصية غيره ﴿مُعَذِّبِينَ﴾ : في الدنيا والآخرة على شرائع الدين حتى نبعث
214
رسولاً مبيناً، أو على شيء من المعاصي حتى نبعث رسولاً داعياً. ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا﴾
215
١٦ - ﴿أَرَدْنَآ﴾ صلة تقديره إذا أهلكنا، أو حكمنا لهلاك قرية. ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ بالطاعة ﴿فَفَسَقُواْ﴾ بالمخالفة " ع " ﴿أمرنا﴾ جعلناهم أمراء مسلطين. / [٩٨ / أ] ﴿آمرنا﴾ كثرّنا عددهم، أمر القوم كثروا وإذا كثروا احتاجوا إلى أمراء ﴿مُتْرَفِيهَا﴾ الجبارون، أو الرؤساء.
١٧ - ﴿الْقُرُونِ﴾ مدة القرن مائة وعشرون سنة، أو مائة سنة، أو أربعون سنة. ﴿من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربّك وما كان عطاء ربّك محظوراً انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعضٍ وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً لا تجعل مع الله إلهاً ءاخر فتقعد مذموماً مخذولاً﴾
﴿ فتهجد ﴾ الهجود النوم، والتهجد السهر بعد النوم، ﴿ نافلة لك ﴾ فضيلة لك ولغيرك كفارة، أو مكتوبة عليك مستحبة لغيرك أو حضضه بالترغيب فيها لحيازة فضلها لكرامته عليه ﴿ محمودا ﴾ الشفاعة للناس في القيامة، أو إجلاسه على العرش يوم القيامة، أو إعطاؤه لواء الحمد يومئذ.
٢٠ - ﴿هَؤُلآءِ وَهَؤُلآءِ﴾ نمد البَر والفاجر ﴿مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ﴾ في الدنيا ﴿مَحْظُوراً﴾ منقوصاً، أو ممنوعاً.
215
﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا﴾
216
٢٣ - ﴿وَقَضَى﴾ أمر " ع " قال الضحاك: كانت في المصحف " ووصى " فألصق الكاتب الواو بالصاد فصارت وقضى قلت: هذا هوس ﴿ولا تَقُل لَّهُمَآ افٍ﴾ إذا رأيت بهما الأذى أو أمطت عنهما الخلاء فلا تضجر كما لم يضجرا في صغرك لما أماطاه عنك، أُفٍّ: كل ما غلظ وقبح من الكلام أو استقذار للنتن وتغير الرائحة، أو كلمة دالة على التبرم والضجر. ويقولون: أُف وتف فالأُف وسخ الأظفار والتف ما رفعته بيدك من الأرض من شيء حقير. ﴿كَرِيماً﴾ ليناً، أو حسناً. نزلت والتي بعدها في سعد بن أبي وقاص " ع ".
٢٥ - ﴿لِلأَوَّابِينَ﴾ المسبحون " ع "، أو المطيعون، أو مصلو الضحى، أو المصلون بين المغرب والعشاء، أو التائبون من الذنوب، أو التائب مرة بعد أخرى كلما أذنب بادر التوبة. ﴿وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً إنّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربّه كفوراً وإما تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربك ترجوها فقل لهم قولاً ميسوراً ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً إن ربّك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنّه كان بعباده خبيراً بصيراً﴾
٢٦ - ﴿القربى﴾ قرابة الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أمر الولاة بدفع حصتهم من الفيء والغنيمة، أو قرابة المرء من قبل أبويه يدفع له نفقته الواجبة، أو الوصية لهم عند الوفاة.
٢٨ - ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ﴾ عمن سألك من هؤلاء ﴿ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ﴾ طلباً لرزق الله ﴿فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً﴾ عِدْهم خيراً ورد عليهم جميلاً، أو إن
217
أعرضت حذراً أن ينفقوا ذلك في المعصية فمنعته ﴿ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ﴾ له ﴿مَّيْسُوراً﴾ ليناً سهلاً قاله ابن زيد. ﴿ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ نحن نرزقهم وأيّاكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سبيلاً ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنّه كان منصوراً﴾
218
٣١ - ﴿وَلا تَقْتُلُواْ﴾ يريد وأد البنات خوف الفقر ﴿خطا﴾ : العدول عن الصواب تعمداً والخطأ: العدول عنه سهواً، أو الخطء: ما فيه إثم والخطأ: ما لا إثم فيه.
٣٣ - ﴿بِالْحَقِّ﴾ بما يستحق به القتل. ﴿سُلْطَاناً﴾ بالقود، أو بالتخيير بين القود والدية والعفو ﴿فَلا يُسْرِف﴾ يقتل غير القاتل، أو يقتل الجماعة بالواحد ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً﴾ إن الولي، أو القتيل كان منصوراً بقتل قاتله. ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أحسن حتى يبلغ أشّده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً﴾
٣٤ - ﴿التي هِىَ أَحْسَنُ﴾ التجارة بماله، أو حفظ أصله وتثمير فرعه ﴿أَشُدَّهُ﴾ ثمان عشرة سنة، أو الاحتلام والعقل والرشد. ﴿بِالْعَهْدِ﴾ العقود بين المتعاقدين، أو الوصية بمال اليتيم، أو كل ما أمر الله به ونهي عنه ﴿مَسْئُولاً﴾ عنه الذي عهد به، أو تُسأل العهد لما نقضت كما تسأل الموءودة بأي ذنب قتلت.
٣٥ - ﴿بِالْقِسْطَاسِ﴾ : القبان، أو الميزان صغيراً أو كبيراً وهو العدل بالرومية.
218
ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسئولاً ولا تمش في الأرض مرحاً إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً كل ذلك كان سيئه عند ربّك مكروها ذلك مما أوحى إليك ربّك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلهاً ءاخر فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً}
219
٣٦ - ﴿وَلا تَقْفُ﴾ : لا تقل، أو لا ترم أحداً بما لا يعلم " ع "، أو من القيافة وهو اتباع الأثر كأنه يتبع قفا / المتقدم.
٣٧ - ﴿مَرَحاً﴾ شدة الفرح، أو الخيلاء في المشي، أو التكبر فيه، أو البطر والأشر، أو تجاوز الإنسان قدره. ﴿لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ﴾ من تحت قدمك ﴿وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ﴾ بتطاولك، زجره عن التطاول الذي لا يدرك به غرضاَ، أو يريد كما أنك لا تخرق الأرض ولا تبلغ الجبال طولاً فلذلك لا تبلغ ما تريده، بكبرك وعجبك إياساً له من بلوغ إرادته. ﴿أفأصفكم ربّكم بالبنين وأتخذ من الملائكة إناثاً إنكم لتقولون قولاً عظيماً وقد صرفنا في هذا القرءان ليذكروا وما يزيدهم إلا نفوراً قل لو كان معه ءالهه كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذى العرش سبيلاً سبحانه وتعالى عما يقولون علوّاً كبيراً تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنّه كان حليماً غفوراً﴾
٤٤ - ﴿وَإِن مِّن شَىْءٍ﴾ حي إلا يسبح دون ما ليس بحي، أو كل شيء حي أو غيره حتى صرير الباب. أو تسبيحها ما ظهر فيها من آثار الصنعة وبديع القدرة فكل من رآه سبح وقدس. {وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً وجعلنا
219
على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقراً وإذا ذكرت ربّك في القرءان وحده ولو على أدبارهم نفوراً نحن أعلم بما يستمعون به إذا يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً}
220
٤٥ - ﴿حجاباً مَّسْتُوراً﴾ شبههم في إعراضهم بمن بينهم وبينه حجاب، أو نزلت في قوم كانوا يؤذونه إذا قرأ ليلاً فحال الله - تعالى - بينهم وبين أذاه.
٤٧ - ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ : كان جماعة من قريش منهم الوليد بن المغيرة يتناجون بما ينفر الناس عن اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنجواهم قولهم: إنه ساحر أو مجنون أو يأتي بأساطير الأولين ﴿مَّسْحُوراً﴾ سُحر فاختلط عليه أمره، أو مخدوعاً، أو له سَحَرُ يعنون يأكل ويشرب فهو مثلكم وليس بملك. ﴿وقالوا أءذا كنا عظاماً ورفاتاً أءنّا لمبعوثون خلقاً جديداً قل كونوا حجارةً أو حديداً أو خلقاً ممّا يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أوّل مرةٍ فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتم إلا قليلاً﴾
٤٩ - ﴿رفاتا﴾ تراباً، أو ما أرفت من العظام مثل الفتات.
٥٠ - ﴿حِجَارَةً﴾ إن عجبتم من إنشائكم لحماً ودماً فكونوا حجارة أو
220
حديداً إن قدرتم، أو لو كنتم حجارة أو حديداً لم تفوتوا الله - تعالى - إذا أرادكم إلا أنه أخرجه مخرج الأمر لأنه أبلغ إلزاماً.
221
٥١ - ﴿مِّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ﴾ السماوات والأرض والجبال، أو الموت " ع "، أو البعث لأنه أكبر شيء عندهم، أو جميع ما تستعظمونه من خلق الله - تعالى - فإن الله يميتكم ثم يحييكم ﴿فيسنغضون﴾ يحركون رؤوسهم استهزاء.
٥٢ - ﴿يَدْعُوكُمْ﴾ الله للخروج إلى أرض المحشر بكلام تسمعه جميع العباد، أو يسمعون الصيحة فتكون داعية إلى اجتماعهم في أرض القيامة. ﴿بِحَمْدِهِ﴾ فتستجيبون حامدين بألسنتكم، أو على ما يقتضي حمده من أفعالكم. ﴿لَّبِثْتُمْ﴾ : في الدنيا لطول لبث الآخرة، أو احتقروا أمر الدنيا لما عاينوا القيامة، أو لما يرون من سرعة الرجوع يظنون قلة لبثهم في القبور، أو عبّر بذلك عن تقريب الوقت لقول الحسن - رضي الله تعالى عنه - كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل. ﴿وقل لّعبادى يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوّاً مبيناً ٥٣﴾
٥٣ - ﴿التي هي أحسن﴾ : تصديق الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأن الشيطان ينزغ في تكذيبه، أو امتثال الأوامر والنواهي " ح " أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو أن يرد خيراً على من شتمه، قيل نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه - شتمه بعض كفار قريش فهم به. {ربّكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلاً وربّك أعلم بمن في السموات والأرض ولقد فضّلنا بعض النبّين على بعضٍ وءاتينا داود
221
زبوراً}
222
٥٤ - ﴿يَرْحَمْكُمْ) {بالهدى و﴾ (يُعَذِّبْكُمْ} بالضلال، أو بالتوبة ويعذبكم بالإصرار، أو بإنجائكم من عدوكم ويعذبكم بتسليطهم عليهم. ﴿وَكِيلاً﴾ يمنعهم من الكفر، أو كفيلاً لهم يؤخذ بهم. ﴿قل أدعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلاً أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذوراً وإن مّن قريةٍ إلا نحن مهلكوها قبل يومٍ القيامة أو معذّبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطوراً وما منعنا أن نرسل بالايات إلا أن كذب بها الأولون وءاتينا ثمود النّاقة مبصرةً فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً﴾
٥٧ - ﴿أُوْلئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ نزلت فيمن عبد الجن - فأسلم الجن - ابتغاء / [٩٩ / أ] الوسيلة وبقي الإنس على كفرهم، أو الملائكة عبدها قبائل من العرب، أو عُزير
222
وعيسى وأمه " ع "، وهم المعنيون بقوله: ﴿ادعوا الذين زعمتم﴾ [٥٦]. ﴿وإذ قلنا لك إنّ ربّك أحاط بالنّاس وما جعلنا الرءيا التي أريناك إلا فتنةً للنّاس والشجرة الملعونة في القرءان ونخوّفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً﴾
223
٦٠ - ﴿أَحَاطَ﴾ علم، أو عصمك منهم أن يقتلوك حتى تبلغ الرسالة أو أحاطت بهم قدرته فهم في قبضته. ﴿فِتْنَةً لِّلنَّاسِ﴾ لما أخبرهم أنه أُسري به إلى بيت المقدس رؤيا عين ارتد جماعة من المسلمين افتتاناً بذلك، أو رأى في النوم أنه يدخل مكة فلما رجع عام الحديبية افتُتن قوم برجوعه، أو رأى قوماً ينزون على منابره نزوان القردة فساءه ذلك قاله سهل بن سعد ﴿الشجرة الْمَلْعُونَةَ﴾ شجرة الزقوم طعام الأثيم. افتتنوا بها فقال أبو جهل وشيعته: النار تأكل الشجر فكيف تنبته، أو هي الكشوث الذي يلتوي على الشجر " ع ". ﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال ءأسجد لمن خلقت طيناً قال أرءيتك هذا الذي كرّمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذريّته إلا قليلاً﴾
٦٢ - ﴿لأَحْتَنِكَنَّ﴾ لأستولين عليهم، أو لأضلنهم، أو لأستأصلنهم بالإغواء، أو لأستميلنهم، أو لأقودنهم إلى العصيان كما تُقاد الدابة بحنكها إذا
223
شد فيه حبل يجذبها، أو لأقتطعنهم إلى المعاصي. ﴿قال اذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً ٢ واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربّك وكيلاً﴾
224
٦٤ - ﴿وَاسْتَفْزِزْ﴾ استخف واستنزل ﴿بِصَوْتِكَ﴾ الغناء واللهو، أو بدعائك إلى المعصية " ع "، ﴿وَأَجْلِبْ﴾ الجلب السوق بجلبة من السائق ﴿بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ﴾ : كل راكب وماشي في المعصية ﴿وَشَارِكْهُمْ﴾ في الأموال التي أخذوها بغير حلها، أو أنفقوها في المعاصي، أو ما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي " ع "، أو ما ذبحوه لآلهتهم. ﴿الأولاد﴾ يريد أولاد الزنا، أو قتل المؤءودة " ع "، أو صبغة أولادهم في الكفر حتى هودوهم ونصروهم أو تسميتهم بعبيد الآلهة كعبد الحارث وعبد شمس وعبد العزى وعبد اللات. {ربّكم الذي يزجى لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنّه كان بكم رحيماً وإذا مسكم الضر في البحر ضلّ من تدعون إلا إيّاه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً ثمّ لا تجدوا لكم وكيلاً أم آمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً
224
من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لاتجدوا لكم علينا به تبيعاً} ٦٦ - ﴿يُزْجِى﴾ يسوق ويسير. ٦٧ - ﴿حَاصِباً﴾ حجارة من السماء، أو الحاصب الريح لرميها بالحصباء والقاصف الريح التي تقصف الشجر. ﴿ولقد كرّمنا بني ءادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً﴾ ٧٠ - ﴿كرمنا بني آدم﴾ : بالإنعام عليهم، أو بأن جعلنا منهم خير أمة أُخرجت للناس، أو بأكلهم الطعام بأيديهم وغيرهم يتناوله بفمه. ﴿يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فهن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلاً ٧١ ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً﴾
225
﴿ يُزجي ﴾ يسوق ويسير.
﴿ حاصباً ﴾ حجارة من السماء، أو الحاصب الريح لرميها بالحصباء والقاصف الريح التي تقصف الشجر.
﴿ كرَّمنا بني آدم ﴾ : بالإنعام عليهم، أو بأن جعلنا منهم خير أمة أُخرجت للناس، أو بأكلهم الطعام بأيديهم وغيرهم يتناوله بفمه.
٧١ - ﴿بِإِمَامِهِمْ﴾ : نبيهم، أو كتابهم المنزل عليهم، أو بكتب أعمالهم من خير أو شر " ع "، أو بمن اقتدوا به في الدنيا. ﴿وَإِن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفترى علينا غيره وإذاً لا تخذوك خليلاً ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً ٧٤ إذاً لأدقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً سنة من قد أرسلنا قبلك من رّسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً ١١﴾
٧٣ - ﴿وإن كادوا﴾ كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يطوف فمنعوه أن يستلم الحجر حتى يُلم بآلهتهم فحدث نفسه فقال: ما عليَّ إذ ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر والله يعلم أني كاره، فأبى الله ذلك فنزلت، أو قالت ثقيف: أجلنا سنة حتى نأخذ ما يُهدى لآلهتنا فاذا أخذناه كسرنا الآلهة وأسلمنا فهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] فإجابتهم فنزلت.
٧٥ - ﴿ضِعْفَ الْحَيَاةِ﴾ ضعف عذاب الحياة ﴿وَضِعْفَ﴾ عذاب الممات أو ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة. فلما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" اللهم لا تكلني إلى / [٩٩ / أ] نفسي طرفة عين ".
٧٦ - ﴿يستفزونك﴾ يقتلونك، أو يزعجونك باستخفاف، أراد اليهود إخراجه من المدينة فقالوا: أرض الأنبياء الشام وليست هذه أرض الأنبياء، أو أرادت قريش إخراجه من مكة قبل هجرته، أو أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة ﴿خلفك﴾ ﴿وخلافك﴾ بعدك ﴿إِلآَّ قَلِيلاً﴾ ما
226
بين إخراجهم له إلى أن قتلوا ببدر إن جعلناهم قريشاً، أو ما بين ذلك وقتل بني قريظة وإجلاء بين النضير إن جعلناهم اليهود. ﴿أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الّيل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهوداً ومن الّيل فتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً وقل ربّ أدخلني مدخل صدقٍِ وأخرجني مخرج صدقٍ واجعل لي من لّدنك سلطاناً نصيراً وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً وننزل من القرءان ما هو شفاءٌ للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً﴾
227
٧٨ - ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ غروبها يريد صلاة المغرب " ع "، أو زوالها يريد صلاة الظهر " ع " والعين تُدلك بالراحة عند الغروب لترى الشمس وعند الزوال لشدة شعاعها. ﴿غسق الليل﴾ ظهور ظلامه، أودنوه وإقباله " ع " يريد المغرب " ع "، أو العصر. ﴿وقرآن الْفَجْرِ﴾ سمى الصلاة قرآناً لتأكد القراءة في الصلاة. أو أقم القراءة في صلاة الفجر ﴿مَشْهُوداً﴾ تشهده ملائكة الليل والنهار.
٧٩ - ﴿فَتَهَجَّدْ﴾ الهجود النوم، والتهجد السهر بعد النوم، ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ فضيلة لك ولغيرك كفارة، أو مكتوبة عليك مستحبة لغيرك " ع " أو حضضه بالترغيب فيها لحيازة فضلها لكرامته عليه ﴿مَّحْمُوداً﴾ الشفاعة للناس في القيامة، أو إجلاسه على العرش يوم القيامة، أو إعطاؤه لواء الحمد يومئذ.
٨٠ - ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ دخول المدينة لما هاجر و ﴿مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ من مكة للهجرة، أو أدخلني الجنة وأخرجني من مكة إلى المدينة، أو مدخل فيما أرسلتني به من النبوة وأخرجني منه بتبليغ الرسالة مخرج صدق، أو أدخلني مكة وأخرجني منها آمناً، أو أدخلني في قبري وأخرجني منه " ع " أو أدخلني في
227
طاعتك وأخرجني من معصيتك، أو أدخلني في الإسلام وأخرجني من الدنيا. ﴿سُلْطَاناً﴾ ملكاً عزيزاً أقهر به العصاة، أو حجة بينه.
228
٨١ - ﴿الحق﴾ القرآن ﴿والباطل﴾ الشيطان، أو الحق: الجهاد والباطل: الشرك ﴿زَهُوقاً﴾ ذاهباً، ولما دخل الرسول [صلى الله عليه وسلم] الكعبة أمر بثوب فَبُل بالماء وجعل يضرب به تلك التصاوير ويمحوها ويقول ﴿جَآءَ الْحَقُّ وزهق الباطل﴾ الآية. ﴿وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤساً قل كل يعمل على شاكلته فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً﴾
٨٣ - ﴿الشَّرُّ﴾ الفقر، أو السقم.
٨٤ - ﴿شَاكِلَتِهِ﴾ حِدَتِه، أو طبيعته " ع "، أو نيته، أو دينه، أو أخلاقه.
228
﴿ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيراً قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ولقد صرفنا للناس في هذا القرءان من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفوراً﴾
229
٨٥ - ﴿الرُّوحِ﴾ جبريل عليه السلام " ع "، أو ملك له سبعون ألف وجه بكل وجه سبعون ألف لسان، يسبح الله - تعالى - بجميع ذلك قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو القرآن " ح " ﴿رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى: ٥٢]، أو روح الحيوان، سأله عنها قوم من اليهود إذ كان في كتابهم أنه إن أجاب عن الروح فليس بنبي ﴿قَلِيلاً﴾ في معلومات الله، أو قليلاً بحسب ما تدعو إليه
229
الحاجة حالاً فحالاً. ﴿وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنةٌ من نخيل وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتى بالله والملائكة قبيلاً ٣ أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً﴾
230
٩٠ - ﴿تَفْجُر﴾ تشقق، الفجر لانشقاقه عن عمود الصبح، والفجور شق الحق بالخروج إلى الفساد. ﴿يَنبُوعاً﴾ عينا ينبع منها / [١٠٠ / أ] الماء طلبوا الجنان والعيون ببلدهم إذ لم يكن ذلك ببلدهم.
٩٢ - ﴿كِسَفاً﴾ قِطعاً " ع "، كسفة الثوب قطعته، والكسوف لانقطاع النور منه. ﴿قَبِيلاً﴾ كل قبيلة على حدتها، أو مقابلة نعاينهم ونراهم، أو كفيلاً، القبيل: الكفيل تقبلت بكذا تكفلته.
٩٣ - ﴿زُخْرُفٍ﴾ الزخرف النقوش، أو الذهب " ع "، من الزخرفة وهي تحسين الصورة. سأله ذلك عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان والأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة وأبو جهل وعبد الله بن [أبي] أمية والعاص بن
230
وائل وأمية بن خلف ونبيه ومُنبه ابنا الحجاج. {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جآءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رّسولا قل لّو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزّلنا عليهم مّن السّماء ملكاً رّسولا قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيراً ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مّأواهم جهنم كلّما خبت زدناهم
231
سعيراً ذلك جزآؤهم بأنّهم كفروا باياتنا وقالوا أءذا كنّا عظاماً ورفاتاً أءنّا لمبعوثون خلقاً جديداً أولم يروا أن الله الذى خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلاً لاّ ريب فيه فأبى الظّالمون إلا كفوراً
232
٩٧ - ﴿من يهدي الله﴾ يحكم بهدايته ﴿فهو المهتدي﴾، بإخلاصه وطاعته. ﴿ومن يضلل﴾ بحكم بضلاله فلا ولي له يهديه، أو يقضي بعقوبته فلا ناصر يمنعه من عقابه ﴿عُمْياً وبكماً وصمّتا﴾ حقيقة زيادة في عقابهم ثم أبصروا لقوله: ﴿ورأى المجرمون النار﴾ [الكهف: ٥٣] وتكلموا فدعوا هنالك بالثبور، و ﴿سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ [الفرقان: ١٢]، أو لا يزول حواسهم فهم عمي عما يسرهم، بكم عما ينفعهم، صم عما يمتعهم. " عح "
232
﴿خَبَتْ﴾ سكن لهبها ﴿زِدْنَاهُمْ سَعِيراً﴾ التهاباً ولا يخف عذابهم إذا خبت. ﴿قل لّو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربى إذا لأمستكم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتوراً﴾
233
١٠٠ - ﴿لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ﴾ عام عند الجمهور، أو خاص بالمشركين ﴿لأَمْسَكْتُمْ﴾ خوف الفقر ﴿قَتُوراً﴾ مقتراً، أو بخيلاً " ع ". ﴿ولقد ءايتنا موسى تسع ءايات بينات فسئل بنى إسرآئيل إذ جآءهم فقال له فرعون إنى لأظنّك يا موسى مسحوراً قال لقد علمت مآ أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصآئر وإنى لأظنك يا فرعون مثبوراً فأراد أن يستفزّهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعاً وقلنا من بعده لبنى إسرئيل اسكنوا الأرض فإذا جآء وعد الأخرة جئنا بكم لفيفاً ١٠٤﴾
١٠١ - ﴿تسع آيات﴾ يده وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم " ع "، أو نحو من ذلك إلا آيتين [بدل] منها الطمسة والحجر، أو نحو من ذلك وزيادة السنين [ونقص من] الثمرات أو سأل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عنها قوم من اليهود فقال: لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة، ولا تفروا من الزحف، وأنتم
233
يا يهود عليكم خاصة لا تعدوا في السبت فقبلوا يده ورجله ﴿مَسْحُوراً﴾ سحرت لما تحمل عليه نفسك من هذا القول والفعل المتسعظمين، أو ساحراً لغرائب أفعالك، أو مخدوعاً، أو مغلوباً.
234
١٠٢ - ﴿مَثْبُوراً﴾ هالكاً، أو مغلوباً.
١٠٣ - ﴿يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ﴾ يزعجهم بالنفي منها، أو يهلكهم فيها بالقتل.
١٠٤ - ﴿وَعْدُ الأَخِرَةِ﴾ القيامة وهي الكرة الآخرة، أو تحويلهم إلى الشام، أو نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - ﴿لفيفا﴾ مختلطين لا يتعارضون، أو جميعاً " ع "، {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً وقرءاناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً قل ءامنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى
234
عليهم يخرّون للأذقان سجّداً ويقولون سبحان ربنّا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً}
235
١٠٦ - ﴿فَرَقْنَاهُ﴾ فرقنا فيه بين الحق والباطل و ﴿فرَّقناه﴾ أنزلناه مفرقاً آية آية ﴿مُكْثٍ﴾ تثبت وترتيل، أو كان ينزل منه شيء ثم يمكثون بعده ما شاء الله ثم ينزل شيء أخر، أو أن يمكث في قراءته عليهم مفرقاً شيئاً بعد شيء. ١٠٧ ﴿الَّذِينَ أُوتُواْ العلم﴾ أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] أو قوم من اليهود، والمتلو عليهم كتابهم إيماناً بما فيه من تصديق / [١٠٠ / ب] محمد [صلى الله عليه وسلم] [أو] القرآن، كان ناس من أهل الكتاب قالوا: ﴿سبحان ربنا﴾ الآية [١٠٨] ﴿لِلأَذْقَانِ﴾ الذقن مجتمع اللحيين، أو الوجوه ها هنا، أو اللحى " ح ". ﴿قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولىّ من الذل وكبره تكبيراً﴾
﴿ الذين أوتوا العلم ﴾ أمة محمد صلى الله عليه وسلم أو قوم من اليهود، والمتلو عليهم كتابهم إيماناً بما فيه من تصديق محمد صلى الله عليه وسلم [ أو ] القرآن، كان ناس من أهل الكتاب قالوا :﴿ سبحان ربنا ﴾ الآية [ ١٠٨ ] ﴿ للأذقان ﴾ الذقن مجتمع اللحيين، أو الوجوه ها هنا، أو اللحى " ح ".
١١٠ - ﴿أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ﴾ كان ذكر الرحمن قليلاً في القرآن كثيراً في التوراة فلما أسلم ابن سلام وأصحابه آثروا أن يكون ذكر الرحمن كثيراً في القرآن فنزلت، أو دعا الرسول [صلى الله عليه وسلم] في سجوده فقال: يا رحمن يا رحيم،
235
فقالوا: هذا يزعم أن له إلهاً واحداً وهو يدعو مثنى مثنى فنزلت " ع " ﴿بِصَلاتِكَ﴾ بدعائك أو بالصلاة المشروعة، كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يجهر في القراءة فيها بمكة فإذا سمعوه سبّوه فَنُهي عن شدة الجهر وعن المخافتة لئلا يسمع أصحابه ويبتغي بينهما سبيلاً " ع "، أو نُهي أن يجهر في الجميع ويسر في الجميع وأمر بالجهر في صلاة الليل والإسرار في صلاة النهار، أو عن الجهر يتشهد الصلاة، أو عن الجهر بفعل الصلاة، لأنه كان يجهر بها فتؤذيه قريش فخافت بها فأمر أن لايجهر بها كما كان وأن لا يخافت بها كما صارت ويتخذ بينهما سبيلاً، أو الجهر بها تحسينها رياء والمخافتة إساءتها في الخلوة، أولا يصليها رياء ولا يتركها حياء.
236
١١١ - ﴿لم يَكُن لُّهُ وَلِىٌّ﴾ لم يحالف أحداً، أو لا يطلب نصر أحد، أو لا ولي له من اليهود والنصارى لأنهم أذل الناس ﴿وَكَبِّرْهُ﴾ عن كل ما لا يجوز عليه، أو صفه بأنه أكبر من كل شيء، أو عظمه تعظيماً.
236
سورة الكهف
مكية أو إلا آية ﴿واصبر نفسك﴾ [٢٨].

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيماً لينذر بأساً شديداً من لّدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً وينذر الذين قالوا أتّخذ الله ولداً ما لهم به من علمٍ ولا لأبائهم كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً}
237
Icon